فصل: تفسير الآيات (213- 214):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (213- 214):

{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)}
قال أبي بن كعب وابن زيد: المراد ب {الناس} بنو آدم حين أخرجهم الله نسماً من ظهر آدم، أي كانوا على الفطرة.
وقال مجاهد: الناس آدم وحده.
وقال قوم: آدم وحواء.
وقال ابن عباس وقتادة: {الناس} القرون التي كانت بين آدم ونوح، وهي عشرة، كانوا على الحق حتى اختلفوا فبعث الله تعالى نوحاً فمن بعده.
وقال قوم: الناس نوح ومن في سفينته، كانوا مسلمين ثم بعد ذلك اختلفوا.
وقال ابن عباس أيضاً: كان الناس أمة واحدة كفاراً، يريد في مدة نوح حين بعثه الله، و{كان} على هذه الأقوال هي على بابها من المضي المنقضي، وتحتمل الآية معنى سابعاً وهو أن يخبر عن الناس الذين هم الجنس كله أنهم أمة واحدة في خلوهم عن الشرائع وجهلهم بالحقائق. لولا منّ الله عليهم وتفضله بالرسل إليهم، ف {كان} على هذا الثبوت لا تختص بالمضي فقط، وذلك كقوله تعالى: {وكان الله غفوراً رحيماً} [النساء: 96-99-100-152، الفرقان: 70، الأحزاب: 5- 59، الفتح: 14]، والأمة الجماعة على المقصد الواحد، ويسمى الواحد أمة إذا كان منفرداً بمقصد، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في قس بن ساعدة: «يحشر يوم القيامة أمة وحده»، وقرأ أبي كعب {كان البشر أمة واحدة}، وقرأ ابن مسعود {كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث}، وكل من قدر {الناس} في الآية مؤمنين قدر في الكلام فاختلفوا، وكل من قدرهم كفاراً كانت بعثة {النبيين} إليهم، وأول الرسل على ما ورد في الصحيح في حديث الشفاعة نوح، لأن الناس يقولون له: أنت أول الرسل، والمعنى إلى تقويم كفار وإلا فآدم مرسل إلى بنيه يعلمهم الدين والإيمان، و{مبشرين} معناه بالثواب على الطاعة، و{منذرين} معناه من العقاب على المعاصي، ونصب اللفظتين على الحال، و{الكتاب} اسم الجنس، والمعنى جميع الكتب.
وقال الطبري: الألف واللام في الكتاب للعهد، والمراد التوارة، و{ليحكم} مسند إلى الكتاب في قول الجمهور.
وقال قوم: المعنى ليحكم الله، وقرأ الجحدري {ليُحَكم} على بناء الفعل للمفعول، وحكى عنه مكي {لنحكم}.
قال القاضي أبو محمد: وأظنه تصحيفاً لأنه لم يحك عنه البناء للمفعول كما حكى الناس، والضمير في {فيه} عائد على {ما} من قوله: {فيما}، والضمير في {فيه} الثانية يحتمل العود على الكتاب ويحتمل على الضمير الذي قبله، والذين أوتوه أرباب العلم به والدراسة له، وخصهم بالذكر تنبيهاً منه تعالى على الشنعة في فعلهم والقبح الذي واقعوه. و{البينات} الدلالات والحجج، و{بغياً} منصوب على المفعول له، والبغي التعدي بالباطل، و{هدى} معناه أرشد، وذلك خلق الإيمان في قلوبهم، وقد تقدم ذكر وجوه الهدى في سورة الحمد، والمراد ب {الذين آمنوا}.
من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم.
فقالت طائفة: معنى الآية: أن الأمم كذب بعضهم كتاب بعض فهدى الله أمة محمد التصديق بجميعها.
وقالت طائفة: إن الله هدى المؤمنين للحق فيما اختلف فيه أهل الكتابين من قولهم: إن إبراهيم كان يهودياً أو نصرانياً.
وقال ابن زيد: من قبلتهم، فإن قبلة اليهود إلى بيت المقدس والنصارى إلى المشرق، ومن يوم الجمعة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له، فلليهود غد، وللنصارى بعد غد»، ومن صيامهم وجميع ما اختلفوا فيه.
وقال الفراء: في الكلام قلب، واختاره الطبري، قال: وتقديره فهدى الله الذين آمنوا للحق مما اختلفوا فيه. ودعاه إلى هذا التقدير خوف أن يحتمل اللفظ أنهم اختلفوا في الحق فهدى الله المؤمنين لبعض ما اختلفوا فيه وعساه غير الحق في نفسه، نحا إلى هذا الطبري في حكايته عن الفراء.
قال القاضي أبو محمد: وادعاء القلب على لفظ كتاب الله دون ضرورة تدفع إلى ذلك عجز وسوء نظر، وذلك أن الكلام يتخرج على وجهه ورصفه، لأن قوله: {فهدى} يقتضي أنهم أصابوا الحق، وتم المعنى في قوله: {فيه}، وتبين بقوله: {من الحق} جنس ما وقع الخلاف فيه.
قال المهدوي: وقدم لفظ الخلاف على لفظ الحق اهتماماً، إذ العناية إنما هي بذكر الاختلاف.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وليس هذا عندي بقوي، وفي قراءة عبد الله بن مسعود لما اختلفوا عنه من الحق أي عن الإسلام.
و{بإذنه} قال الزجّاج: معناه بعلمه، وقيل: بأمره، والإذن هو العلم والتمكين، فإن اقترن بذلك أمر صار أقوى من الإذن بمزية، وفي قوله تعالى: {والله يهدي من يشاء} رد على المعتزلة في قولهم إن العبد يستبد بهداية نفسه.
وقوله تعالى: {أم حسبتم} الآية، {أم} قد تجيء لابتداء كلام بعد كلام وإن لم يكن تقسيم ولا معادلة ألف استفهام، وحكى بعض اللغويين أنها قد تجئ بمثابة ألف الاستفهام يبتدأ بها، و{حسبتم} تطلب مفعولين، فقال النحاة {أن تدخلوا} تسد مسد المفعولين لأن الجملة التي بعد {أن} مستوفاة المعنى، ويصح أن يكون المفعول الثاني محذوفاً، تقديره أحسبتم دخولكم الجنة واقعاً، و{لما}، ولا يظهر أن يتقدر المفعول الثاني في قوله: {ولمّا يأتكم} بتقدير أحسبتم دخولكم الجنة خلواً من أن يصيبكم ما أصاب من قبلكم، لأن {خلوا} حال، والحال هنا إنما تأتي بعد توفية المفعولين، والمفعولان هما الابتداء والخبر قبل دخول حسب، و{البأساء}: في المال، و{الضراء}: في البدن: و{خلوا} معناه انقرضوا، أي صاروا في خلاء من الأرض.
وهذه الآية نزلت في قصة الأحزاب حين حصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة، هذا قول قتادة والسدي وأكثر المفسرين.
وقالت فرقة: نزلت الآية تسلية للمهاجرين الذين أصيبت أموالهم بعدهم في بلادهم وفتنوا هم قبل ذلك، و{مثل} معناه شبه، فالتقدير شبه آتى الذين {خلوا}، والزلزلة شدة التحريك، تكون في الأشخاص وفي الأحوال، ومذهب سيبويه أن زلزل رباعي ك دحرج.
وقال الزجّاج: هو تضعيف في زل فيجيء التضعيف على هذا في الفاء، وقرأ الأعمش {وزلزلوا ويقول الرسول} بالواو بدل حتى، وفي مصحف ابن مسعود {وزلزلوا ثم زلزلوا ويقول الرسول}، وقرا نافع {يقولُ} بالرفع، وقرأ الباقون {يقولَ} بالنصب، ف {حتى} غاية مجردة تنصب الفعل بتقدير إلى أن، وعلى قراءة نافع كأنها اقترن بها تسبيب فهي حرف ابتداء ترفع الفعل، وأكثر المتأولين على أن الكلام إلى آخر الآية من قول الرسول والمؤمنين، ويكون ذلك من قول الرسول على طلب استعجال النصر لا على شك ولا ارتياب، و{الرسول} اسم الجنس، وذكره الله تعظيماً للنازلة التي دعت الرسول إلى هذا القول، وقالت طائفة: في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير حتى يقول الذين آمنوا متى نصر الله فيقول الرسول {ألا إن نصر الله قريب}، فقدم الرسول في الرتبة لمكانته ثم قدم قول المؤمنين لأنه المتقدم في الزمان.
قال القاضي أبو محمد: وهذا تحكم، وحمل الكلام على وجهه غير متعذر، ويحتمل أن يكون {ألا إن نصر الله قريب} إخباراً من الله تعالى مؤتنفاً بعد تمام ذكر القول.

.تفسير الآيات (215- 216):

{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)}
السائلون هم المؤمنون، والمعنى يسألونك ما هي الوجوه التي ينفقون فيها وأين يضعون ما لزم إنفاقه، و{ما} يصح أن تكون في موضع رفع على الابتداء، و{ذا} خبرها، فهي بمعنى الذي، و{ينفقون} صلة، وفيه عائد على {ذا} تقديره ينفقونه، ويصح أن تكون {ماذا} اسماً واحداً مركباً في موضع نصب ب {ينفقون}، فيعرى من الضمير، ومتى كانت اسماً مركباً فهي في موضع نصب لا ما جاء من قول الشاعر: [الطويل].
وَمَاذا عَسَى الْوَاشُون أَنْ يَتَحَدَّثُوا ** سِوَى أَنْ يَقُولُوا إنّني لَكِ عاشقُ

فإن عسى لا تعمل، فماذا في موضع رفع وهو مركب إذ لا صلة لذا.
قال قوم: هذه الآية في الزكاة المفروضة، وعلى هذا نسخ منها الوالدان ومن جرى مجراهما من الأقربين.
وقال السدي: نزلت هذه الآية قبل فرض الزكاة، ثم نسختها الزكاة المفروضة، ووهم المهدوي على السدي في هذا فنسب إليه أنه قال إن الآية في الزكاة المفروضة، ثم نسخ منها الوالدان، وقال ابن جريج وغيره: هي ندب، والزكاة غير هذا الإنفاق، فعلى هذا لا نسخ فيها، واليتم فقد الأب قبل البلوغ، وتقدم القول في المسكين و{ابن السبيل}، و{ما تفعلوا} جزم بالشرط، والجواب في الفاء، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: {يفعلوا} بالياء على الغائب، وظاهر الآية الخبر، وهي تتضمن الوعد بالمجازاة، و{كتب} معناه فرض، وقد تقدم مثله، وهذا هو فرض الجهاد، وقرأ قوم {كتب عليكم القتل}.
وقال عطاء بن أبي رباح: فرض القتال على أعيان أصحاب محمد، فلما استقر الشرع وقيم به صار على الكفاية، وقال جمهور الأمة: أول فرضه إنما كان على الكفاية دون تعيين.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: واستمر الإجماع على أن الجهاد على أمة محمد فرض كفاية، فإذا قام به من قام من المسلمين سقط عن الباقين، إلا أن ينزل العدو بساحة للإسلام، فهو حينئذ فرض عين، وذكر المهدوي وغيره عن الثوري أنه قال: الجهاد تطوع. وهذه العبارة عندي إنما هي على سؤال سائل وقد قيم بالجهاد. فقيل له: ذلك تطوع وال {كُره} بضم الكاف الاسم، وفتحها المصدر.
وقال قوم {الكَره} بفتح الكاف ما أُكره المرء عليه، والكُره ما كرهه هو.
وقال قوم: هما بمعنى واحد.
وقوله تعالى {وعسى أن كرهوا شيئاً} الآية، قال قوم {عسى} من الله واجبة، والمعنى عسى أن تكرهوا ما في الجهاد من المشقة {وهو خير لكم} في أنكم تغلبون وتظهرون وتغنمون وتؤجرون، ومن مات مات شهيداً، {وعسى أن تحبوا} الدعة وترك القتال {وهو شر لكم} في أنكم تغلبون وتذلون ويذهب أمركم، وفي قوله تعالى {والله يعلم} الآية قوة أمر.
وقوله تعالى {يسألونك عن الشهر الحرام} الآية، نزل في قصة عمرو بن الحضرمي، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية عليها عبد الله بن جحش الأسدي مقدمه من بدر الأولى، فلقوا عمرو بن الحضرمي ومعه عثمان بن عبد الله بن المغيرة وأخوه نوفل المخزوميان والحكم بن كيسان في آخر يوم من رجب على ما ذكر ابن إسحاق، وفي آخر يوم من جمادى الآخرة على ما ذكره الطبري عن السدي وغيره. والأول أشهر، على أن ابن عباس قد ورد عنه أن ذاك كان في أول ليلة من رجب والمسلمون يظنونها من جمادى، وأن القتل في الشهر الحرام لم يقصدوه، وأما على قول ابن إسحاق فإنهم قالوا إن تركناهم اليوم دخلوا الحرم فأزمعوا قتالهم، فرمى واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، وأسر عثمان بن عبد الله والحكم، وفر نوفل فأعجزهم، واستسهل المسلمون هذا في الشهر الحرام خوف فوتهم، فقالت قريش: محمد قد استحل الأشهر الحرم، وعيروا بذاك، وتوقف النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ما أمرتكم بقتال في الأشهر الحرم، فنزلت هذه الآية.
وذكر المهدوي أن سبب هذه الآية أن عمرو بن أمية الضمري قتل رجلين من بني كلاب في رجب فنزلت، وهذا تخليط من المهدوي. وصاحبا عمرو كان عندهما عهد من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمرو قد أفلت من قصة بئر معونة، وذكر الصاحب بن عباد في رسالته المعروفة بالأسدية أن عبد الله بن جحش سمي أمير المؤمنين في ذلك الوقت، لكونه مؤمراً على جماعة من المؤمنين، و{قتال} بدل عند سيبويه، وهو بدل الاشتمال.
وقال الفراء: هو خفض بتقدير عن.
وقال أبو عبيدة هو خفض على الجوار، وقوله هذا خطأ، وفي مصحف عبد الله بن مسعود {يسألونك عن الشهر الحرام عن قتال فيه} بتكرير عن، وكذلك قرأها الربيع والأعمش، وقرأ عكرمة {عن الشهر الحرام قتل فيه قل قتل} دون ألف فيهما، و{الشهر} في الآية اسم الجنس، وكانت العرب قد جعل الله لها {الشهر الحرام} قواماً تعتدل عنده، فكانت لا تسفك دماً ولا تغير في الأشهر الحرم، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وروى جابر بن عبد الله النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يغزو فيها إلا أن يغزى، فذلك قوله تعالى {قل قتال فيه كبير}، و{صد} مبتدأ مقطوع مما قبله، والخبر {أكبر}، و{المسجد} معطوف على {سبيل الله}، وهذا هو الصحيح.
وقال الفراء: {صد} عطف على {كبير}، وذلك خطأ، لأن المعنى يسوق إلى أن قوله: {وكفر به} عطف أيضاً على {كبير}، ويجيء من ذلك أن إخراج أهل المسجد منه أكبر من الكفر عند الله، هذا بين فساده، ومعنى الآية على قول الجمهور: إنكم يا كفرا قريش تستعمظون علينا القتال في الشهر الحرام، وما تفعلون أنتم من الصد عن سبيل الله لمن أراد الإسلام ومن كفركم بالله وإخراجكم أهل المسجد عنه كما فعلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أكبر جرماً عند الله.
وقال الزهري ومجاهد وغيرهما: قوله: {قل قتال فيه كبير} منسوخ بقوله: {وقاتلوا المشركين كافة} [التوبة: 36]، وبقوله: {فاقتلوا المشركين} [التوبة: 5].
وقال عطاء: لم تنسخ، ولا ينبغي القتال في الأشهر الحرم، وهذا ضعيف.
وقوله تعالى: {والفتنة أكبر من القتل} المعنى عند جمهور المفسرين، والفتنة التي كنتم تفتنون المسلمين عن دينهم حتى يهلكوا أشد اجتراماً من قتلكم في الشهر الحرام، وقيل: المعنى والفتنة أشد من أن لو قتلوا ذلك المفتون، أي فعلكم على كل إنسان أشد من فعلنا.
وقال مجاهد وغيره: {الفتنة} هنا الكفر أي كفركم أشد من قتلنا أولئك.