فصل: سورة الزخرف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.سورة الزخرف:

.تفسير الآيات (1- 9):

{حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5) وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (7) فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9)}
تقدم القول في الحروف في أوائل السور.
وقوله: {والكتاب} خفض بواو القسم. و: {المبين} يحتمل أن يكون من أبان الذي هو بمعنى بان، أي ظهر، فلا يحتاج إلى مفعول، ويحتمل أن يكون معدى من بان، فهذا لابد من مفعول تقديره: المبين الهدى أو الشرع ونحوه.
وقوله تعالى: {إنا جعلناه} معناه: سميناه وصيرناه، وهو إخبار عليه وقع القسم، والضمير في: {جعلناه} عائد على: {الكتاب}، و: {عربياً} معناه: بلسانكم لئلا يبقى لكم عذر.
وقوله: {لعلكم تعقلون} ترج بحسب معتقد البشر، أي إذا أبصر المبصر من البشر هذا الفعل منا ترجى منه أن يعقل الكلام ويفهم.
وقوله تعالى: {وإنه} عطف على قوله: {إنا جعلناه} وهذا الإخبار الثاني واقع أيضاً تحت القسم. و: {أم الكتاب} اللوح المحفوظ، وهذا فيه تشريف للقرآن وترفيع.
واختلف المتأولون كيف هو في {أم الكتاب}، فقال عكرمة وقتادة والسدي وعطية بن سعيد: القرآن بأجمعه فيه منسوخ، ومنه كان جبريل عليه السلام ينزل، وهنالك هو علي حكيم. وقال جمهور الناس: إنما في اللوح المحفوظ ذكره ودرجته ومكانته من العلو والحكمة.
وقرأ جمهور الناس: {في أُم} بضم الهمزة، وقرأها بكسر الهمزة يوسف والي العراق وعيسى بن عمر.
وقوله: {أفنضرب} بمعنى: أفنترك، تقول العرب أضربت عن كذا وضربت إذا أعرضت وتركته. و: {الذكر} هنا الدعاء إلى الله والتذكير بعذابه والتخويف من عقابه، وقال أبو صالح: {الذكر} هنا هو العذاب نفسه، وقال الضحاك ومجاهد: {الذكر} القرآن.
وقوله تعالى: {صفحاً} انتصابه كانتصاب {صنع الله} [النمل: 88]، فيحتمل أن يكون بمعنى العفو والغفر للذنب، فكأنه يقول: أفنترك تذكيركم وتخويفكم عفواً عنكم وغفراً لإجرامكم إذ كنتم أو من أجل أن كنتم قوماً مسرفين، أي هذا لا يصلح، وهذا قول ابن عباس ومجاهد، ويحتمل قوله: {صفحاً} أن يكون بمعنى مغفولاً عنه، أي نتركه يمر لا تؤخذون بقبوله ولا بتدبر ولا تنبهون عليه، وهذا المعنى نظير قول الشاعر: [الطويل]
تمر الصبا صفحاً بساكن ذي الغضا ** ويصدع قلبي إن يهب هبوبها

أي تمر مغفولاً عنها، فكأن هذا المعنى: أفنترككم سدى، وهذا هو منحى قتادة وغيره، ومن اللفظة قول كثير: [الطويل]
صفوحاً فما تلقاك إلا بخيلة ** فمن ملّ منها ذلك الوصل ملّت

وقرأ السميط بن عمرو السدوسي: {صُفحاً} بضم الصاد. وقرأ نافع وحمزة والكسائي: {إن كنتم} بكسر الألف، وهو جزاء دل ما تقدم على جوابه. وقرأ الباقون والأعرج وقتادة: {أن كنتم} بفتح الألف. بمعنى من أجل أن، وفي قراءة ابن مسعود: {إذ كنتم}. والإسراف في الآية: هو الكفر والضلال البعيد في عبادة غير الله عز وجل والتشريك به.
وقوله تعالى: {وكم أرسلنا من نبي في الأولين} الآيات تسلية لمحمد عليه السلام، وذكر إسوة له ووعيد لهم وتهديد بأن يصيبهم ما أصاب من هو أشد بطشاً. والأولون: هم الأمم الماضية كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم، والضمير في قوله: {كانوا يستهزئون} ظاهره العموم والمراد به الخصوص فيمن استهزأ، وإلا فقد كان في الأولين من لم يستهزئ، والضمير في: {منهم} عائد على قريش.
وقوله تعالى: {ومضى مثل الأولين} أي سلف أمرهم وسنتهم، وصاروا عبرة عابر الدهر.
وقوله تعالى: {ولئن سألتهم} الآية ابتداء احتجاج على قريش يوجب عليهم التناقض في أمرهم، وذلك أنهم يقرون أن الخالق الموجد لهم وللسماوات والأرض هو الله تعالى، وهم مع ذلك يعبدون أصناماً ويدعونها آلهتهم، ومقتضى جواب قريش أن يقولوا {خلقهن الله} فلما ذكر تعالى المعنى جاءت العبارة عن الله ب {العزيز العليم} ليكون ذلك توطئة لما عدد بعد من أوصافه التي ابتدأ الإخبار بها وقطعها من الكلام الذي حكى معناه عن قريش.

.تفسير الآيات (10- 14):

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14)}
هذه أوصاف فعل، وهي نعم من الله تعالى على البشر، تقوم بها الحجة على كل كافر مشرك بالله تعالى.
وقوله: {الذي جعل لكم} ليس من قول المسؤولين، بل هو ابتداء إخبار من الله تعالى.
وقرأ جمهور الناس: {مهاداً} وقرأ ابن مسعود وطلحة والأعمش: {مهداً}، والمعنى واحد، أي يتمهد ويتصرف فيها.
والسبل: الطرق. و: {تهتدون} معناه في المقاصد من بلد إلى بلد ومن قطر إلى قطر، ويحتمل أن يريد: {تهتدون} بالنظر والاعتبار.
وقوله تعالى: {من السماء} هو المطر بإجماع، واختلف المتأولون في معنى قوله: {بقدر} فقالت فرقة معناه: بقضاء وحتم في الأزل. وقال آخرون المعنى: بقدر في الكفاية للصلاح لا إكثار فيفسد ولا قلة فيقصر، بل غيثاً مغيثاً سبيلاً نافعاً. وقالت فرقة معناه: بتقدير وتحرير، أي قدراً معلوماً، ثم اختلف قائلو هذه المقالة، فقال بعضهم: ينزل كل عام ماء قدراً واحداً لا يفضل عام عاماً، لكن يكثر مرة هنا ومرة هاهنا. وقالت فرقة: بل ينزل الله تقديراً ما في عام، وينزل في آخر تقديراً آخر بحسب ما سبق به قضاؤه، لا إله غيره. و: {أنشرنا} معناه: أحيينا، يقال: نشر الميت، وأنشره الله. و: {بلدة} اسم جنس، ووصفها ب {ميتاً} دون ضمير من حيث هي واقعة موقع قطر ونحوه، إذ التأنيث فيها غير حقيقي.
وقرأ الجمهور: {ميْتاً} بسكون الياء. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع: {ميِّتاً} بياء مكسورة مشددة، وهي قراءة عيسى بن عمر، والأول أرجح لشبه لفظها: بزور، وعدل، فحسن وصف المؤنث بها.
وقرأ أكثر السبعة والأعرج وأبو جعفر: {كذلك تُخرَجون} بضم التاء وفتح الراء. وقرأ حمزة والكسائي وابن وثاب وعبد الله بن جبير المصيح: {وكذلك تَخرُجون} بفتح التاء وضم الراء.
و: {الأزواج} الأنواع من كل شيء، و{من} في قوله: {من الفلك} للتبعيض، وذلك أنه لا يركب من الأنعام غير الإبل، وتدخل الخيل والبغال والحمير فيما يركب بالمعنى. واللام في قوله: {لتستووا} لام الأمر، ويحتمل أن تكون لام كي، و{ما} في قوله: {ما تركبون} واقعة على النوع المركوب، والضمير في: {ظهوره} عائد على النوع الذي وقعت عليه {ما}.
وقد بينت آية ما يقال عند ركوب الفلك، وهو: {باسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم} [هود: 41] وإنما هذه خاصة فيما يركب من الحيوان، ويقال عند النزول منها: اللهم أنزلنا منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين. والسنة للراكب إذا ركب أن يقول: الحمد لله على نعمة الإسلام، أو على النعمة بمحمد صلى الله عليه وسلم، أو على النعمة في كل حال، وقد روي هذا اللفظ عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {سبحان الذي} الآية، وركب أبو مجلز لاحق بن حميد وقال: {سبحان الله} الآية، ولم يذكر نعمة، وسمعه الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال: ما هكذا أمرتم، قال أبو مجلز، فقلت له: كيف أقول؟ قال: قل الحمد لله الذي هدانا للإسلام، أو نحو هذا، ثم تقول بعد ذلك: {سبحان الذي} الآية، وكان طاوس إذا ركب قال: اللهم هذا من منك وفضلك، ثم يقول: {سبحان الذي} الآية، وإن قدرنا أن ذكر النعمة هو بالقلب والتذكير بدأ الراكب: ب {سبحان الذي سخر}، وهو يرى نعمة الله في ذلك وفي سواه.
والمقرن: الغالب الضابط المستولي على الأمر المطيق له. وروي أن بعض الأعراب ركب جملاً فقيل له قل: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} فقال: أما والله إني لمقرن تياه، فضرب به الجمل فوقصه فقتله.
وقوله: {وإنا إلى ربنا لمنقلبون} أمر بالإقرار بالبعث وترداد القول به، وذلك داعية إلى استشعار النظر فيه، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان إذا ركب ولم يقل هذه الآية جاءه الشيطان فقال: «تغنه، فإن اكن يحسن غنى، وإلا قال له تمنه، فيتمنى الأباطيل ويقطع زمنه بذلك».

.تفسير الآيات (15- 19):

{وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)}
الضمير في: {جعلوا} لكفار قريش والعرب، والضمير في: {له} لله تعالى: والجزء: القطع من الشيء، وهو بعض الكل، فكأنهم جعلوا جزءاً من عباده نصيباً له وحظاً، وذلك في قول كثير من المتأولين قول العرب: الملائكة بنات الله، وقال بعض أهل اللغة الجزء: الإناث، يقال أجزأت المرأة إذا ولدت أنثى، ومنه قول الشاعر: [البسيط]
إن أجزأتْ حرة يوماً فلا عجب ** قد تجزئ المرأة المذكار أحيانا

وقد قيل في هذا البيت إنه بيت موضوع. وقال قتادة: المراد بالجزء: الأصنام وفرعون وغيره ممن عبد من دون الله، أي جزءاً نداً، فعلى هذا التأويل فتعقيب الكفرة في فصلين في أمر الأصنام وفي أمر الملائكة، وعلى هذا التأويل الأول فالآية كلها في أمر الملائكة.
وقوله تعالى: {إن الإنسان لكفور} أي بلفظ الجنس العام، والمراد بعض الإنسان، وهو هؤلاء الجاعلون ومن أشبههم. و: {مبين} في هذا الموضع غير متعد.
وقوله تعالى: {أم اتخذ} إضراب وتقرير، وهذه حجة بالغة عليهم. إذ المحمود من الأولاد والمحبوب قد خوله الله بني آدم، فكيف يتخذ هو لنفسه النصيب الأدنى. {وأصفاكم} معناه: خصكم وجعل ذلك صفوة لكم، ثم قامت الحجة عليهم في هذا المعنى وبانت بقوله تعالى: {وإذا بشر} الآية. و؛ {مسوداً} خبر: {ظل}. والكظيم: الممتلئ غيظاً الذي قد رد غيظه إلى جوفه، فهو يتجرعه ويروم رده، وهذا محسوس عند الغيظ، ثم زاد توبيخهم وإفساد رأيهم بقوله: {أو من ينشأ}. و: {من} في موضع نصب بفعل يدل عليه: {جعلوا} كأنه قال: أو من ينشأ في الحلية وهو الذي خصصتم به الله ونحو هذا، والمراد به: {من} النساء، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي، و: {ينشأ} معناه: ينبت ويكبر.
وقرأ جمهور القراء: {يَنشأ} بفتح الياء. وقرأ ابن عباس وقتادة: {يُنشئ} بضم الياء على تعدية الفعل بالهمزة. وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص: {يُنشأ} بضم الياء وفتح الشين على تعدية الفعل بالتضعيف، وهي قراءة ابن عباس أيضاً والحسن ومجاهد، وفي مصحف ابن مسعود: {أومن لا ينشأ إلا في الحلية}.
و: {الحلية} الحلي من الذهب والفضة والأحجار. و: {الخصام} المحاجة ومجاذبة المحاورة، وقل ما تجد امرأة إلا تفسد الكلام وتخلط المعاني، وفي مصحف ابن مسعود: {وهو في الكلام غير مبين}. و: {مبين} في هذه الآية متعد، والتقدير {غير مبين} غرضاً أو منزعاً ونحو هذا. وقال ابن زيد: المراد ب: {من ينشأ في الحلية} الآية: الأصنام والأوثان، لأنهم كانوا يتخذون كثيراً منها من الذهب والفضة، وكانوا يجعلون الحلي على كثير منها.
ولما فرغ تعنيفهم على ما أتوا في جهة الله تعالى بقولهم: الملائكة بنات الله، بين تعالى فساداً في مقالتهم بعينها من جهة أخرى من الفساد، وذلك شنيع قولهم في عباد الله مختصين مقربين أنهم إناث.
وقرأ أكثر السبعة وابن عباس وابن مسعود وابن جبير وعلقمة: {عباد الرحمن إناثاً}. وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والحسن وأبو رجاء وأبو جعفر والأعرج وشيبة وقتادة وعمر بن الخطاب رضي الله عنه: {عند الرحمن إناثاً} وهذه القراءة أدل على رفع المنزلة وقربها في التكرمة كما قيل: ملك مقرب، وقد يتصرف المعنيان في كتاب الله تعالى في وصف الملائكة في غير هذه الآية فقال تعالى: {بل عباد مكرمون} [الأنبياء: 26]، وقال تعالى في أخرى: {فالذين عند ربك} [فصلت: 38]، وفي مصحف ابن مسعود: {وجعلوا الملائكة عبد الرحمن إناثاً}.
وقرأ نافع وحده {أَأُشهدوا} بالهمزتين وبلا مد بينهما، وبفتح الأولى وضم الثانية وتسهيلها بين الهمزة والواو، ورواها المفضل عن عاصم بتحقيق الهمزتين. وقرأ المسيبي عن نافع بمد بين الهمزتين. وقرأ أبو عمرو ونافع أيضاً وعلي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد: {أ. شهدوا} بتسهيل الثانية بلا مد. وقرأ جماعة من القراء بالتسهيل في الثانية ومدة بينهما. وقرأ آخرون: {أشهدوا} بهمزة واحدة بغير استفهام، وهي قراءة الزهري، وهي صفة الإناث، أي مشهداً خلقهم.
ومعنى الآية: التوبيخ وإظهار فساد عقولهم، وادعائهم وأنها مجردة من الحجة، وهذا نظير الآية الرادة على المنجمين وأهل البضائع، وهي قوله تعالى: {ما أشهدتم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم} [الكهف: 51] الآية.
وقرأ جمهور الناس: {ستُكتب شهادتُهم} برفع الشهادة وبناء الفعل للمفعول. وقرأ الأعرج وابن عباس وأبو جعفر وأبو حيوة. {سنكتب} بنون الجمع {شهادتَهم} بالنصب وقرأت فرقة: {سيكتب} بالياء على معنى: سيكتب الله {شهادتَهم} بالنصب. وقرأ الحسن بن أبي الحسن: {ستُكتب شهاداتُهم} على بناء الفعل للمفعول وجمع الشهادات.
وفي قوله تعالى: {ويسألون} وعيد مفصح. و: {أشهدوا} في هذه الآية معناه: أحضروا وليس ذلك من شهادة تحمل المعاني التي تطلب أن تؤدى.