فصل: سورة الفتح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.سورة الفتح:

.تفسير الآيات (1- 4):

{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)}
قال قوم فيما حكى الزهراوي {فتحنا لك} يريد به فتح مكة، وحكاه الثعلبي أيضاً، ونسبه النقاش إلى الكلبي. وأخبره تعالى به على معنى: قضينا به. والفتاح: القاضي بلغة اليمن، وقيل المراد: {إنا فتحنا لك} بأن هديناك إلى الإسلام ليغفر. وقال جمهور الناس: والصحيح الذي تعضده قصة الحديبية أن قوله: {إنا فتحنا لك} إنما معناه: إن ما يسر الله لك في تلك الخرجة فتح مبين تستقبله، ونزلت السورة مؤنسة للمؤمنين، لأنهم كانوا استوحشوا من رد قريش لهم ومن تلك المهادنة التي هادنهم النبي عليه السلام فنزلت السورة مؤنسة لهم في صدهم عن البيت ومذهبه: ما كان في قلوبهم، ومنه حديث عمر الشهير وما قاله للنبي عليه السلام ولأبي بكر واستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك السفرة أنه هادن عدوه ريثما يتقوى هو، وظهرت على يديه آية الماء في بئر الحديبية حيث وضع فيه سهمه وثاب الماء حتى كفى الجيش، واتفقت بيعة الرضوان وهي الفتح الأعظم، قاله جابر بن عبد الله والبراء بن عازب. وبلغ هديه محله، قاله الشعبي واستقبل فتح خيبر، وامتلأت أيدي المؤمنين خيراً، ولم يفتحها إلا أهل الحديبية ولم يشركهم فيها أحد.
قال القاضي أبو محمد: وفيه نظر، لأن أصحاب السفينة مع جعفر بن أبي طالب شاركوهم في القسم، فينبغي أن يقال لم يشاركهم أحد من المتخلفين عن الحديبية، واتفقت في ذلك الوقت ملحمة عظيمة بين الروم وفارس ظهرت فيها الروم، فكانت من جملة الفتح على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسر بها هو والمؤمنون لظهور أهل الكتاب على المجوس وانخضاد الشوكة العظمة من الكفر.
ثم عظم الله أمر نبيه بأن نبأه أنه غفر له {ما تقدم} من ذنبه {وما تأخر}، فقوله: {ليغفر} هي لام كي، لكنها تخالفها في المعنى والمراد هنا أن الله فتح لك لكي يجعل ذلك أمارة وعلامة لغفرانه لك، فكأنها لام صيرورة، ولهذا قال عليه السلام: «لقد أنزلت عليَّ الليلة سورة هي أحب إليّ من الدنيا». وقال الطبري وابن كيسان المعنى: {إنا فتحنا لك} فسبح بحمد ربك واستغفره ليغفر لك، وبنيا هذه الآية مع قوله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح} [النصر: 1] السورة إلى آخرها.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف من وجهين أحدهما: أن سورة، {إذا جاء نصر الله والفتح} [النصر: 1] إنما نزلت من أخر مدة النبي عليه السلام ناعية له نفسه حسبما قال ابن عباس عندما سأل عمر عن ذلك. والآخر: أن تخصيص النبي عليه السلام بالتشريف كان يذهب، لأن كل أحد من المؤمنين هو مخاطب بهذا الذي قال الطبري، أي سبح واستغفر لكي يغفر الله، ولا يتضمن هذا أن الغفران قد وقع، وما قدمناه أولاً يقتضي وقوع الغفران للنبي عليه السلام، ويدل على ذلك قول الصحابة له حين قام حتى تورمت قدماه: أتفعل هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: «أفلا أكون عبداً شكوراً» فهذا نص في أن الغفران قد وقع. وقال منذر بن سعيد المعنى: مجاهدتك بالله المقترنة بالفتح هي ليغفر. وحكى الثعلبي عن الحسن بن الفضل أن المعنى: {إنا فتحنا لك} فاستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات {ليغفر لك} الآية، وهذا نحو قول الطبري.
وقوله: {ما تقدم من ذنبك وما تأخر} قال سفيان الثوري: {ما تقدم} يريد قبل النبوءة. {وما تأخر} كل شيء لم تعلمه وهذا ضعيف، وإنما المعنى التشريف بهذا الحكم ولو لم تكن له ذنوب البتة، وأجمع العلماء علىعصمة الأنبياء عليهم السلام من الكبائر ومن الصغائر التي هي رذائل، وجوز بعضهم الصغائر التي ليست برذائل، واختلفوا هل وقع ذلك من محمد عليه السلام أو لم يقع، وحكى الثعلبي عن عطاء الخراساني أنه قال: {ما تقدم} هو ذنب آدم وحواء، أي ببركتك {وما تأخر} هي ذنوب أمتك بدعائك. قال الثعلبي: الإمامية لا تجوز الصغائر على النبي ولا على الإمام، والآية ترد عليهم. وقال بعضهم: {وما تقدم} هو قوله يوم بدر: «اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد». {وما تأخر} هو قوله يوم حنين: «لن نغلب اليوم من قلة».
قال القاضي أبو محمد: وإتمام النعمة عليه، هو إظهاره وتغلبه على عدوه والرضوان في الآخرة.
وقوله تعالى: {ويهديك صراطاً مستقيماً} معناه: إلى صراط، فحذف الجار فتعدى الفعل، وقد يتعدى هذا بغير حرف جر، والنصر العزيز: هو الذي معه غلبة العدو والظهور عليه، والنصر غير العزيز: هو الذي مضمنه الحماية ودفع العدو فقط. وإنزال السكينة في قلوب المؤمنين: وهي فعلية من السكون هو تسكينها لتلك الهدنة مع قريش حتى اطمأنت، وعلموا أن وعد الله على لسان رسوله حق فازدادوا بذلك إيماناً إلى إيمانهم الأول وكثر تصديقهم. قال ابن عباس: لما آمنوا بالتوحيد زادهم العبادات شيئاً شيئاً. فكانوا يزيدون إيماناً حتى قال لهم: {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] فمنحهم أكمل إيمان أهل السماوات والأرض لا إله إلا الله. وفسر ابن عباس {السكينة} بالرحمة.
وقوله: {ولله جنود السماوات والأرض} إشارة إلى تسكين النفوس أيضاً وأن تكون مسلمة، لأنه ينصر متى شاء وعلى أي صورة شاء مما لا يدبره البشر، ومن جنده: {السكينة} التي أنزلها في قلوب أصحاب محمد فثبت بصائرهم.
وقوله تعالى: {وكان الله} أي كان ويكون، فهي دالة على الوجود بهذه الصفة لا معينة وقتاً ماضياً. والعلم والإحكام: صفتان مقتضيتان عزة النصر لمن أراد الموصوف بهما نصره.

.تفسير الآيات (5- 7):

{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7)}
قوله تعالى: {ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم} [الفتح: 4] معناه: فازدادوا وتلقوا ذلك. فتمكن بعد ذلك قوله: {ليدخل المؤمنين} أي بتكسبهم القبول لما أنزل الله عليهم. ويروى في معنى هذه الآية أنه لما نزلت: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} [الأحقاف: 9] تكلم فيها أهل الكتاب وقالوا: كيف نتبع من لا يدري ما يفعل به وبالناس معه؟ فبين الله في هذه السورة ما يفعل به بقوله: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [الفتح: 2] فلما سمعها المؤمنون، قالوا: هنيئاً مريئاً، هذا لك يا رسول الله، فما لنا؟ فنزلت هذه الآية: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار} إلى قوله: {وساءت مصيراً} فعرفه الله تعالى ما يفعل به وبالمؤمنين والكافرين. وذكر النقاش أن رجلاً من عك قال: هذه لك يا رسول الله، فما لنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هي لي ولأمتي كهاتين» وجمع بين أصبعيه.
وقوله: {ويكفر عنهم سيئاتهم} فيه ترتيب الجمل في السرد لا ترتيب وقوع معانيها، لأن تكفير السيئات قبل إدخالهم الجنة.
وقوله: {الظانين بالله ظن السوء} قيل معناه من قولهم: {لن ينقلب الرسول} [الفتح: 12]، فكأنهم ظنوا بالله ظن السوء في جهة الرسول والمؤمنين، وقيل: ظنوا بالله ظن سوء، إذ هم يعتقدونه بغير صفاته، فهي ظنون سوء من حيث هي كاذبة مؤدية إلى عذابهم في نار جهنم.
وقوله تعالى: {عليهم دائرة السوء} كأنه يقوي التأويل الآخر، أي أصابهم ما أرادوه بكم، وقرأ جمهور القراء: {دائرة السَوء} كالأول، ورجحها الفراء، وقال: قل ما تضم العرب السين. قال أبو علي: هما متقاربان، والفتح أشد مطابقة في اللفظ. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: {ظن السَوء} بفتح السين. و: {دائرة السُوء} بضم السين، وهو اسم، أي {دائرة السُوء} الذي أرادوه بكم في ظنهم السوء. وقرأ الحسن: بضم السين في الموضعين، وروى ذلك عن أبي عمرو ومجاهد، وسمى المصيبة التي دعا بها عليهم: {دائرة}، من حيث يقال في الزمان إنه يستدير، ألا ترى أن السنة والشهر كأنها مستديرات، تذهب على ترتيب، وتجيء من حيث هي تقديرات للحركة العظمى، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: {إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض} فيقال الأقدار والحوادث التي هي في طي الزمان دائرة، لأنها تدور بدوران الزمان، كأنك تقول: إن أمراً كذا يكون في يوم كذا من سنة كذا، فمن حيث يدور ذلك اليوم حتى يبرز إلى الوجود تدور هي أيضاً فيه، وقد قالوا: أربعاء لا تدور، ومن هذا قول الشاعر: [الرجز]
ودائرات الدهر قد تدور

ومنه قول الآخر: [الطويل]
ويعلم أن النائبات تدور

وهذا كثير ويحسن أن تسمى المصيبة دائرة من حيث كمالها أن تحيط بصاحبها كما يحيط شكل الدائرة على السواء من النقطة، وقد أشار النقاش إلى هذا المعنى {وغضب الله} تعالى متى قصد به الإرادة فهو صفة ذات، ومتى قصد به ما يظهر من الأفعال على المغضوب عليه فهي صفة فعل. {ولعنهم} معناه: أبعدهم من رحمته، وقال تعالى في هذه {وكان الله عزيزاً حكيماً} فذكر صفة العزة من حيث تقدم الانتقام من الكفار، وفي التي قبل قرن بالحكمة والعلم من حيث وعده بمغيبات، وقرن باللفظتين ذكر جنود الله تعالى التي منها السكينة ومنها نقمة من المنافقين والمشركين، فلكل لفظ وجه من المعنى، وقال ابن المبارك في كتاب النقاش: جنود الله في السماء، الملائكة، وفي الأرض الغزاة في سبيل الله. قال عبد الحق: وهذا بعض من كل.

.تفسير الآيات (8- 10):

{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)}
من جعل الشاهد محصل الشهادة من يوم يحصلها، فقوله: {شاهداً} حال واقعة. ومن جعل الشاهد مؤدي الشهادة، فهي حال مستقبلة. وهي التي يسميها النحاة المقدرة، المعنى: {شاهداً} على الناس بأعمالهم وأقوالهم حين بلغت إليهم الشرع {ومبشراً} معناه: أهل الطاعة برحمة الله {ونذيراً} معناه: أهل الكفر تنذرهم من عذاب الله.
وقرأ جمهور الناس في كل الأمصار: {لتؤمنوا بالله} على مخاطبة الناس، على معنى قل لهم، وكذلك الأفعال الثلاثة بعد، وقرأ أبو عمرو بن العلاء وابن كثير وابو جعفر: {ليؤمنوا} بالياء على استمرار خطاب محمد عليه السلام، وكذلك الأفعال الثلاثة بعد. وقرأ الجحدري: {وتَعْزُروه} بفتح التاء وسكون العين وضم الزاي. وقرأ محمد بن السميفع اليماني وابن عباس: {وتعززوه} بزاءين، من العزة. وقرأ جعفر بن محمد: {وتَعْزِروه} بفتح التاء وسكون العين وكسر الزاي ومعنى: {تعزروه} تعظموه وتكبروه، قاله ابن عباس: وقال قتادة معناه: تنصروه بالقتال وقال بعض المتأولين: الضمائر في قوله: {وتعزروه وتوقروه وتسبحوه} هي كلها لله تعالى. وقال الجمهور: {تعزروه وتوقروه} هما للنبي عليه السلام، {وتسبحوه} هي لله، وهي صلاة البردين.
وقرأ عمر بن الخطاب: {وتسبحوا الله}، وفي بعض ما حكى أبو حاتم: وتسبحون الله، بالنون، وقرأ ابن عباس: {ولتسبحوا الله}. والبكرة: الغدو. والأصيل: العشي.
وقوله تعالى: {إن الذين يبايعونك} يريد في بيعة الرضوان، وهي بيعة الشجرة حين أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأهبة لقتال قريش لما بلغه قتل عثمان بن عفان رسوله إليهم، وذلك قبل أن ينصرف من الحديبية، وكان في ألف وأربعمائة رجل. قال النقاش: وقيل كان في ألف وثمانمائة، وقيل وسبعمائة، وقيل وستمائة، وقيل ومائتين.
قال القاضي أبو محمد: وبايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصبر المتناهي في قتال العدو إلى أقصى الجهد، حتى قال سلمة بن الأكوع وغيره: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت، وقال عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا نفر.
والمبايعة في هذه الآية مفاعلة من البيع، لأن الله تعالى اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، وبقي اسم البيعة بعد معاقدة الخلفاء والملوك، وعلى هذا سمت الخوارج أنفسهم الشراة، أي اشتروا بزعمهم الجنة بأنفسهم. ومعنى: {إنما يبايعون الله} أن صفقتهم إنما يمضيها ويمنح ثمنها الله تعالى.
وقرأ تمام بن العباس بن عبد المطلب: {إنما يبايعون الله}. قال أبو الفتح: ذلك على حذف المفعول لدلالة الأول عليه وقربه منه.
وقوله تعالى: {يد الله} قال جمهور المتأولين: اليد، بمعنى: النعمة، أي نعمة الله في نفس هذه المبايعة لما يستقبل من محاسنها. {فوق أيديهم} التي مدوها لبيعتك. وقال آخرون: {يد الله} هنا، بمعنى: قوة الله فوق قواهم، أي في نصرك ونصرهم، فالآية على هذا تعديد نعمة عليهم مستقبلة مخبر بها، وعلى التأويل الأول تعديد نعمة حاصلة تشرف بها الأمر. قال النقاش {يد الله} في الثواب.
وقوله: {فمن نكث} أي فمن نقض هذا العهد فإنما يجني على نفسه وإياها يهلك، فنكثه عليه لا له.
وقرأ جمهور القراء: {بما عاهد عليه الله} بالنصب على التعظيم. وقرأ ابن أبي إسحاق: {ومن أوفى بما عاهد عليه اللهُ} بالرفع، على أن الله هو المعاهد. وقرأ حفص عن عاصم: {عليهُ} مضمومة الهاء، وروي ذلك عن ابن أبي إسحاق. والأجر العظيم: الجنة، لا يفنى نعيمها ولا ينقضي أمرها.
وقرأ عاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي والعامة: {فسيؤتيه} بالياء. وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: {فسنؤتيه} بالنون. وفي مصحف ابن مسعود: {فسيؤتيه الله}.