فصل: 1481 - مَسْأَلَةٌ: في علة الربا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


1481 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَهُنَا أَشْيَاءُ ذَكَرَهَا الْقَائِلُونَ بِتَعْلِيلِ حَدِيثِ الرِّبَا كُلُّهُمْ، وَهِيَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْكِفَّةُ بِالْكِفَّةِ، حَتَّى خَلَصَ إلَى الْمِلْحِ‏.‏ قَالُوا‏:‏ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام ذَكَرَ غَيْرَ ذَلِكَ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا بَاطِلٌ لِوُجُوهٍ‏:‏

أَوَّلُهَا‏:‏ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمْ يَرْوِهِ إِلاَّ حَكِيمُ بْنُ جَابِرٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ‏.‏

وَالثَّانِي‏:‏ أَنَّهُ قَدْ أَسْقَطَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ ذِكْرَ الْبُرِّ، وَالتَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، فَبَطَلَ تَقْدِيرُهُمْ أَنَّهُ ذَكَرَ أَصْنَافًا لَمْ يَذْكُرْهَا غَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ‏.‏ وَالثَّالِثُ‏:‏ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِيهِ‏:‏ حَتَّى خَصَّ الْمِلْحَ فَلاَحَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ تِلْكَ الأَصْنَافِ‏.‏ وَالرَّابِعُ‏:‏ أَنَّ مِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ أَنْ يَذْكُرَ عليه السلام شَرَائِعَ مُفْتَرَضَةً فَيَسْقُطُ ذِكْرُهَا عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ أَوَّلِهِمْ عَنْ آخِرِهِمْ مِنْ غَيْرِ نَسْخٍ، هَذَا خِلاَفُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى‏}‏‏.‏ وَقَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ‏}‏‏.‏

وَلَوْ جَازَ هَذَا لَكَانَ الدِّينُ لَمْ يَكْمُلْ، وَالشَّرِيعَةُ فَاسِدَةً، قَدْ ضَاعَتْ مِنْهَا عَنَّا أَشْيَاءُ، وَلَكُنَّا مُكَلَّفِينَ مَا لاَ نَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَمَأْمُورِينَ بِمَا لاَ نَدْرِيهِ أَبَدًا، وَهَذِهِ ضَلاَلاَتٌ نَاهِيك بِهَا، وَبَاطِلٌ لاَ خَفَاءَ بِهِ‏.‏ وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جُبَيْرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ‏:‏ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبُ بِالزَّبِيبِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالسَّمْنُ بِالسَّمْنِ، وَالزَّيْتُ بِالزَّيْتِ، وَالدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، لاَ فَضْلَ بَيْنَهُمْ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ مَكْذُوبٌ لاَ تَحِلُّ رِوَايَتُهُ إِلاَّ عَلَى بَيَانِ فَضِيحَتِهِ؛ لأََنَّ مَالِكَ بْنَ أَوْسٍ لاَ يُعْرَفُ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏ وَجُبَيْرَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ، وَإِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْفَرْوِيُّ مَتْرُوكٌ وَيَزِيدَ بْنَ عِيَاضٍ، هُوَ ابْنُ جعدبة مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ وَوَضْعِ الأَحَادِيثِ‏.‏ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ فِي إيجَابِ عِلَّةٍ أَصْلاً، وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ فِيهِ زِيَادَةُ ذِكْرِ الزَّيْتِ، وَالسَّمْنِ، وَالزَّبِيبِ، فَقَطْ‏.‏

وَأَيْضًا‏:‏ فَلَوْ صَحَّ لَكَانَ الْمَالِكِيُّونَ مُخَالِفِينَ لَهُ، لأََنَّهُمْ يُجِيزُونَ الدِّرْهَمَ بِأَوْزَنَ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَعْرُوفِ وَلَكَانَ الْحَنَفِيُّونَ مُخَالِفِينَ لَهُ، لأََنَّهُمْ يُجِيزُونَ ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ بِسِتِّ تَمَرَاتٍ، وَعَشْرَ حَبَّاتِ بُرٍّ بِثَلاَثِينَ حَبَّةِ بُرٍّ وَكَذَلِكَ فِي الشَّعِيرِ، وَالْمِلْحِ، وَالزَّبِيبِ، وَالْمِلْحِ، وَلاَ يَحِلُّ تَحْرِيمُ حَلاَلٍ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ، فَيَسْتَعْجِلُ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ الْمَعْصِيَةَ، وَالْوُقُوعُ فِي الْبَاطِلِ خَوْفَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ غَيْرُهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ كَرِهَ مُدَّيْ ذُرَةٍ بِمُدِّ حِنْطَةٍ نَسِيئَةً إبْرَاهِيمُ مَتْرُوكٌ مُتَّهَمٌ وَهَذَا كَرَاهِيَةٌ لاَ تَحْرِيمٌ، وَلاَ يُدْرَى هَلْ كَرِهَ الْكَيْلَ أَوْ الطَّعَامَ

وَقَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ قَوْلٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَبَيَّنَّا خِلاَفَهُمْ لَهَا، وَأَنَّهُمْ قَالُوا فِي ذَلِكَ بِأَقْوَالٍ لاَ تُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمْ‏.‏

وأعجب شَيْءٍ مُجَاهَرَةُ مَنْ لاَ دِينَ لَهُ بِدَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى وُقُوعِ الرِّبَا فِيمَا عَدَا الأَصْنَافِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا وَهَذَا كَذِبٌ مَفْضُوحٌ مِنْ قَرِيبٍ، وَاَللَّهِ مَا صَحَّ الْإِجْمَاعُ فِي الأَصْنَافِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا فَكَيْفَ فِي غَيْرِهَا‏.‏ أَوْ لَيْسَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولاَنِ‏:‏ لاَ رِبَا فِيمَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَعَلَيْهِ كَانَ عَطَاءٌ، وَأَصْحَابُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفُقَهَاءُ أَهْلِ مَكَّةَ‏.‏ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ لاَ رِبَا فِيمَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَالْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا وَكِيعٌ أَنَا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُسَلِّمَ مَا يُكَالُ فِيمَا يُكَالُ، وَمَا يُوزَنُ فِيمَا يُوزَنُ، إنَّمَا هُوَ طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَهَذَا نَفْسُ قَوْلِنَا، وَمُخَالِفٌ لِجَمِيعِ قَوْلِ هَؤُلاَءِ‏.‏ وَقَدْ صَحَّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ إبَاحَةُ بَيْعِ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ، يُقْبَضُ أَحَدُهُمَا وَيَتَأَخَّرُ قَبْضُ الآخَرِ إلَى أَجَلٍ غَيْرِ مُسَمًّى، وَلاَ يُقَدِّرُونَ فِيمَا عَدَا السِّتَّةَ الأَصْنَافِ فِي الرِّبَا عَلَى كَلِمَةٍ، إِلاَّ عَنْ سَبْعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، مُخْتَلِفِينَ، كُلُّهُمْ مُخَالِفٌ لأََقْوَالِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، لَيْسَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ رِوَايَةٌ تُوَافِقُ أَقْوَالَ هَؤُلاَءِ صَحِيحَةٌ، وَلاَ سَقِيمَةٌ‏.‏ وَعَنْ نَحْوِ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ التَّابِعِينَ مُخْتَلِفِينَ أَيْضًا كَذَلِكَ مُخَالِفِينَ لأََقْوَالِهِمْ إِلاَّ إبْرَاهِيمُ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ وَافَقَ قَوْلَهُ أَصْلَ أَبِي حَنِيفَةَ‏.‏

وَأَيْضًا‏:‏ فَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَوَاهِيَةٌ لاَ تَصِحُّ، فَمَنْ يَجْعَلُ مِثْلَ هَذَا إجْمَاعًا إِلاَّ مِنْ لاَ دِينَ لَهُ، وَلاَ عَقْلَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ وَوَجَدْنَا لِبِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ قَوْلاً غَرِيبًا، وَهُوَ أَنَّ تَسْلِيمَ كُلِّ جِنْسٍ فِي غَيْرِ جِنْسِهِ جَائِزٌ كَالذَّهَبِ فِي الْفِضَّةِ وَالْفِضَّةِ فِي الذَّهَبِ، وَالْقَمْحِ فِي الشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ فِي الْمِلْحِ، وَكُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ، وَأَنَّ الرِّبَا لاَ يَقَعُ إِلاَّ فِيمَا بِيعَ بِجِنْسِهِ فَقَطْ‏.‏ ثُمَّ لاَ نَدْرِي أَعَمَّ كُلَّ جِنْسٍ فِي الْعَالَمِ قِيَاسًا عَلَى الْمَنْصُوصَاتِ، وَهُوَ الأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ خَصَّ الْمَنْصُوصَاتِ فَقَطْ‏.‏ وَهَذَا قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ وَجْهَ لِلأَشْتِغَالِ بِهِ‏.‏

1482 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ فَإِذْ قَدْ بَطَلَتْ هَذِهِ الأَقْوَالُ كُلُّهَا فَالْوَاجِبُ أَنْ نَذْكُرَ الْبُرْهَانَ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ أَنَا اللَّيْثُ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ أَقْبَلْتُ أَقُولُ‏:‏ مَنْ يَصْطَرِفُ الدَّرَاهِمَ فَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ‏:‏ أَرِنَا ذَهَبَك ثُمَّ جِئْنَا إذَا جَاءَ خَادِمُنَا نُعْطِك وَرِقَك فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ‏:‏ كَلًّا، وَاَللَّهِ لَتُعْطِيَنَّهُ وَرِقَةُ أَوْ لَتَرُدَّنَّ إلَيْهِ ذَهَبَهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ الْوَرِقُ بِالذَّهَبِ رِبًا، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ أَنَا أَبُو الأَشْعَثِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ، إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ بِنَحْوِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ أَنَا هَمَّامٌ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى أَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهُ وَعَيْنُهُ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرُهُ وَعَيْنُهُ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، كَيْلاً بِكَيْلٍ فَمَنْ زَادَ أَوْ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى، وَلاَ بَأْسَ بِبَيْعِ الشَّعِيرِ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ أَكْثَرُهُمَا يَدًا بِيَدٍ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ أَنْصَارِيٌّ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ، وَأَبُو الْخَلِيلِ هُوَ صَالِحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثِقَةٌ، وَمُسْلِمٌ الْمَكِّيُّ هُوَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ الْخَيَّاطُ مَوْلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه ثِقَةٌ‏.‏ وَقَدْ

رُوِّينَا هَذَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ صِحَاحٍ فَلاَ رِبَا إِلاَّ فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَأْمُورُ بِالْبَيَانِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَحَلاَلٌ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1483 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُبَاعَ قَمْحٌ بِقَمْحٍ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ كَيْلاً بِكَيْلٍ يَدًا بِيَدٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُبَاعَ شَعِيرٌ بِشَعِيرٍ إِلاَّ كَذَلِكَ‏.‏ وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُبَاعَ تَمْرٌ بِتَمْرٍ إِلاَّ كَذَلِكَ‏.‏ وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُبَاعَ مِلْحٌ بِمِلْحٍ إِلاَّ كَذَلِكَ، وَسَوَاءٌ مَعْدِنِيَّةٌ أَوْ مَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ مِنْ الْمَاءِ، كُلُّ ذَلِكَ لاَ يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إِلاَّ كَمَا ذَكَرْنَا‏.‏

وَكَذَلِكَ أَصْنَافُ الْقَمْحِ فَهِيَ كُلُّهَا قَمْحٌ الأَعْلَى، وَالأَدْنَى، وَالْوَسَطُ‏:‏ سَوَاءٌ فِيمَا‏.‏ قلنا، وَكَذَلِكَ أَقْسَامُ الشَّعِيرِ‏.‏ وَكَذَلِكَ أَقْسَامُ التَّمْرِ فَإِنْ تَأَخَّرَ قَبْضُ أَحَدِ الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ رِبًا حَرَامٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا، مَحْكُومٌ فِيهِ بِحُكْمِ الْغَصْبِ، سَوَاءٌ تَأَخَّرَ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَالْكَثِيرُ وَالْقَلِيلُ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ فِيمَا وَصَفْنَا‏.‏ وَلاَ يَحِلُّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ نَوْعِهِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَلاَ وَزْنًا بِكَيْلٍ، وَلاَ جُزَافًا بِجُزَافٍ، وَلاَ جُزَافًا بِكَيْلٍ، وَلاَ جُزَافًا بِوَزْنٍ، لأََنَّ كُلَّ هَذَا مُقْتَضَى كَلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَمَفْهُومُهُ وَمَوْضُوعُهُ فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا خَاطَبَنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وقال أبو حنيفة، وَالشَّافِعِيُّ‏:‏ جَائِزٌ أَنْ يُبَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِمُعَيَّنٍ وَبِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَجَائِزٌ أَنْ يَتَأَخَّرَ التَّقَابُضُ عَنْ وَقْتِ الْعَقْدِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَهَذَا خِلاَفُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ أَنَا يَزِيدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ‏:‏ نُبِّئْت أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ يَخْطُبُ فَقَالَ‏:‏ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ إنَّ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمِ، وَالدِّينَارَ بِالدِّينَارِ، عَيْنٌ بِعَيْنٍ، سَوَاءً سَوَاءً، مِثْلاً بِمِثْلٍ فَهَذَا عُمَرُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ لاَ يُجِيزُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إِلاَّ عَيْنًا بِعَيْنٍ، وَيَرَى أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ‏:‏ فَخَالَفُوهُ‏.‏

1485 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَجَائِزٌ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الدَّنَانِيرُ بِالدَّرَاهِمِ، أَوْ بِالْحُلِيِّ، أَوْ بِالنِّقَارِ، وَبِالدَّرَاهِمِ بِحُلِيِّ الذَّهَبِ وَسَبَائِكِهِ، وَتِبْرِهِ، وَالْحُلِيُّ مِنْ الْفِضَّةِ بِحُلِيِّ الذَّهَبِ وَسَبَائِكِهِ، وَسَبَائِكُ الذَّهَبِ وَتِبْرُهُ بِنِقَارِ الْفِضَّةِ يَدًا بِيَدٍ، وَلاَ بُدَّ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، وَلاَ بُدَّ، مُتَفَاضِلَيْنِ وَمُتَمَاثِلَيْنِ، وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَجُزَافًا بِجُزَافٍ، وَوَزْنًا بِجُزَافٍ فِي كُلِّ ذَلِكَ لاَ تَحَاشٍ شَيْئًا، وَلاَ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِي ذَلِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ، لاَ فِي بَيْعٍ، وَلاَ فِي سَلَمٍ‏.‏ وَيُبَاعُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ سَوَاءٌ كَانَ دَنَانِيرَ، أَوْ حُلِيًّا، أَوْ سَبَائِكَ، أَوْ تِبْرًا، وَزْنًا بِوَزْنٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ يَدًا بِيَدٍ، لاَ يَحِلُّ التَّفَاضُلُ فِي ذَلِكَ أَصْلاً، وَلاَ التَّأْخِيرُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، لاَ بَيْعًا، وَلاَ سَلَمًا‏.‏ وَتُبَاعُ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، دَرَاهِمَ أَوْ حُلِيًّا أَوْ نِقَارًا، وَزْنًا بِوَزْنٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، يَدًا بِيَدٍ، وَلاَ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي ذَلِكَ أَصْلاً، وَلاَ التَّأْخِيرُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، لاَ بَيْعًا، وَلاَ سَلَمًا‏.‏ وَلاَ تَجُوزُ بُرَادَةُ أَحَدِهِمَا مِثْلُهَا مِنْ نَوْعِهَا كَيْلاً أَصْلاً، لَكِنْ بِوَزْنٍ، وَلاَ بُدَّ، وَلاَ نُبَالِي كَانَ أَحَدُ الذَّهَبَيْنِ أَجْوَدَ مِنْ الآخَرِ بِطَبْعِهِ أَوْ مِثْلَهُ‏.‏

وَكَذَلِكَ فِي الْفِضَّتَيْنِ؛ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، إِلاَّ مَا ذَكَرْنَا عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَإِلَّا بَيْعَ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، أَوْ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَمَنْ وَافَقَهُمَا‏:‏ أَجَازُوا فِيهِمَا التَّفَاضُلَ يَدًا بِيَدٍ وَإِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيَّ‏:‏ أَجَازَا بَيْعَ كُلِّ ذَلِكَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَأَجَازَا تَأْخِيرَ الْقَبْضِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْ عُمَرَ قَبْلُ هَذَا بِخِلاَفِ قَوْلِهِمْ وَإِلَّا أَنَّ مَالِكًا لاَ يُجِيزُ الْجُزَافَ فِي الدَّنَانِيرِ، وَلاَ فِي الدَّرَاهِمِ، بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَيُجِيزُهُ فِي الْمَصُوغِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِالْمَصُوغِ مِنْ الآخَرِ، وَيُجِيزُ إعْطَاءَ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ وَزْنٍ مِنْهُ، عَلَى سَبِيلِ الْمُكَارَمَةِ‏.‏

فأما قَوْلُ مَالِكٍ هَذَا، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، فَلاَ حُجَّةَ لِشَيْءٍ مِنْهَا، لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ، وَلاَ مِنْ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ، وَلاَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ، بَلْ هُوَ خِلاَفُ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا مِنْ أَمْرِهِ عليه السلام أَنْ نَبِيعَ الْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْنَا يَدًا بِيَدٍ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ‏:‏ بَاعَ شَرِيكٌ لِي وَرِقًا بِنَسِيئَةٍ فَجَاءَنِي فَأَخْبَرَنِي فَقُلْتُ‏:‏ هَذَا لاَ يَصْلُحُ فَقَالَ‏:‏ قَدْ وَاَللَّهِ بِعْتُهُ فِي السُّوقِ وَمَا عَابَهُ عَلَيَّ أَحَدٌ، فَأَتَيْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ فَسَأَلْتُ فَقَالَ‏:‏ قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَنَحْنُ نَبِيعُ هَذَا الْبَيْعَ، فَقَالَ‏:‏ مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَهُوَ رِبًا ثُمَّ قَالَ لِي‏:‏ ائْتِ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ‏:‏ مِثْلَ ذَلِكَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ أَنَا سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو، هُوَ ابْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ‏:‏ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَقُولُ فِي حَدِيثٍ‏:‏ إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ‏:‏ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَخْبَرَنِي‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ‏:‏ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، لاَ رِبَا فِي يَدٍ بِيَدٍ، وَالْمَاءِ مِنْ الْمَاءِ‏.‏ وَصَحَّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ أَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ‏:‏ سَأَلْت عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ الصِّرْفِ فَقَالَ‏:‏ يَا بُنَيَّ إنْ وَجَدْتَ مِائَةَ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ نَقْدًا فَخُذْهُ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ حَدِيثُ عُبَادَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، فِي أَنَّ الأَصْنَافَ السِّتَّةَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا بِصِنْفِهِ‏:‏ رِبًا إنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا زِيَادَةٌ عَلَى وَزْنِ الآخَرِ‏:‏ هُوَ زَائِدٌ حُكْمًا عَلَى حَدِيثِ أُسَامَةَ، وَالْبَرَاءِ، وَزَيْدٍ وَالزِّيَادَةُ لاَ يَحِلُّ تَرْكُهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1486 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَجَائِزٌ بَيْعُ الْقَمْحِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالذَّهَبِ، أَوْ بِالْفِضَّةِ يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً وَجَائِزٌ تَسْلِيمُ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِالأَصْنَافِ الَّتِي ذَكَرْنَا؛ لأََنَّ النَّصَّ جَاءَ بِإِبَاحَةِ كُلِّ ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1487 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَأَمَّا الْقَرْضُ فَجَائِزٌ فِي الأَصْنَافِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَغَيْرِهَا، وَفِي كُلِّ مَا يُتَمَلَّكُ، وَيَحِلُّ إخْرَاجُهُ عَنْ الْمِلْكِ، وَلاَ يَدْخُلُ الرِّبَا فِيهِ، إِلاَّ فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ فَقَطْ، وَهُوَ اشْتِرَاطُ أَكْثَرَ مِمَّا أَقْرَضَ، أَوْ أَقَلَّ مِمَّا أَقْرَضَ، أَوْ أَجْوَدَ مِمَّا أَقْرَضَ، أَوْ أَدْنَى مِمَّا أَقْرَضَ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي الأَصْنَافِ السِّتَّةِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، كَمَا أَوْرَدْنَا بِأَنَّهُ رِبًا وَهُوَ فِيمَا عَدَاهَا شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ وَيَجُوزُ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَمُؤَخَّرًا بِغَيْرِ ذِكْرِ أَجَلٍ، لَكِنْ حَالٌّ فِي الذِّمَّةِ مَتَى طَلَبَهُ صَاحِبُهُ أَخَذَهُ‏.‏

وقال مالك‏:‏ لاَ يَأْخُذُهُ إِلاَّ بَعْدَ مُدَّةٍ يَنْتَفِعُ فِيهَا الْمُسْتَقْرِضُ بِمَا اسْتَقْرَضَ‏.‏ وَهَذَا خَطَأٌ؛ لأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ، وَلاَ رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ، وَلاَ قِيَاسٌ، وَلاَ قَوْلُ أَحَدٍ نَعْلَمُهُ قَبْلَهُ‏.‏

وَأَيْضًا‏:‏ فَإِنَّهُ حَدٌّ فَاسِدٌ؛ لأََنَّ الأَنْتِفَاعَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ فِي سَاعَةٍ فَمَا فَوْقَهَا‏.‏

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا‏}‏ وَالْقَرْضُ أَمَانَةٌ فَفُرِضَ أَدَاؤُهَا إلَى صَاحِبِهَا مَتَى طَلَبَهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1488- مَسْأَلَةٌ‏:‏

فَإِنْ كَانَ مَعَ الذَّهَبِ شَيْءٌ غَيْرَهُ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا‏:‏ مَمْزُوجٌ بِهِ، أَوْ مُضَافٌ فِيهِ، أَوْ مَجْمُوعٌ إلَيْهِ فِي دَنَانِيرَ، أَوْ فِي غَيْرِهَا‏:‏ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ مَعَ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلاَ دُونَهُ بِذَهَبٍ أَصْلاً، لاَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ، وَلاَ بِأَقَلَّ، وَلاَ بِمِثْلِهِ، إِلاَّ حَتَّى يَخْلُصُ الذَّهَبُ وَحْدَهُ خَالِصًا‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَ الْفِضَّةِ شَيْءٌ غَيْرُهَا‏:‏ كَصُفْرٍ، أَوْ ذَهَبٍ، أَوْ غَيْرُهُمَا، مَمْزُوجٌ بِهَا، أَوْ مُلْصَقٌ مَعَهَا، أَوْ مَجْمُوعٌ إلَيْهَا‏:‏ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهَا مَعَ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلاَ دُونَهُ بِفِضَّةٍ أَصْلاً دَرَاهِمَ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ دَرَاهِمَ لاَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا، وَلاَ بِأَقَلَّ، وَلاَ بِمِثْلِ وَزْنِهَا، إِلاَّ حَتَّى تَخْلُصَ الْفِضَّةُ وَحْدَهَا خَالِصَةً، سَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا‏:‏ السَّيْفُ الْمُحَلَّى، وَالْمُصْحَفُ الْمُحَلَّى، وَالْخَاتَمُ فِيهِ الْفَصُّ، وَالْحُلِيُّ فِيهِ الْفُصُوصُ، أَوْ الْفِضَّةُ الْمُذَهَّبَةُ، أَوْ الدَّنَانِيرُ فِيهَا خِلْطُ صُفْرٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ الدَّرَاهِمُ فِيهَا خِلْطٌ مَا، وَلاَ رِبَا فِي غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا أَصْلاً‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي الْقَمْحِ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِهِ مَخْلُوطٌ بِهِ، أَوْ مُضَافٌ إلَيْهِ مِنْ دَغَلٍ أَوْ غَيْرِهِ‏:‏ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلاَ دُونَهُ بِقَمْحٍ صَافٍ أَصْلاً‏.‏

وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الشَّعِيرِ فِيهِ شَيْءٌ غَيْرُهُ أَوْ مَعَهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ‏:‏ فَلاَ يَحِلُّ بَيْعُهُ بِشَعِيرٍ مَحْضٍ وَفِي التَّمْرِ يَكُونُ مَعَهُ أَوْ فِيهِ شَيْءٌ غَيْرُهُ أَوْ مَعَهُ فَلاَ يَحِلُّ بَيْعُهُ بِتَمْرٍ مَحْضٍ‏.‏

وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْمِلْحِ يَكُونُ فِيهِ أَوْ مَعَهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ‏:‏ فَلاَ يَحِلُّ بَيْعُهُ بِمِلْحٍ صَافٍ‏.‏ وَإِنَّمَا هَذَا كُلُّهُ إذَا ظَهَرَ أَثَرُ الْخِلْطِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا

وَأَمَّا مَا لَمْ يُؤَثِّرْ، وَلاَ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ عَيْنٌ، وَلاَ نَظَرٌ أَيْضًا‏:‏ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَحْضِ؛ لأََنَّ الأَسْمَاءَ إنَّمَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى حَسَبِ الصِّفَاتِ الَّتِي بِهَا تَنْتَقِلُ الْحُدُودُ‏.‏

برهان ذَلِكَ‏:‏ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ يُبَاعَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ بِشَيْءٍ مِنْ نَوْعِهِمَا، إِلاَّ عَيْنًا بِعَيْنٍ، وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَأَنْ لاَ يُبَاعَ شَيْءٌ مِنْ الأَصْنَافِ الأَرْبَعَةِ بِشَيْءٍ مِنْ نَوْعِهِ إِلاَّ كَيْلاً بِكَيْلٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَإِذَا كَانَ فِي أَحَدِ الأَنْوَاعِ الْمَذْكُورَةِ خِلْطٌ أَوْ شَيْءٌ مُضَافٌ إلَيْهِ فَلاَ سَبِيلَ إلَى بَيْعِهِ بِشَيْءٍ مِنْ نَوْعِهِ عَيْنًا بِعَيْنٍ، وَلاَ كَيْلاً بِكَيْلٍ، وَلاَ وَزْنًا بِوَزْنٍ، لأََنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ أَصْلاً‏.‏ فَقَالَ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ‏:‏ إذَا عَلِمْنَا وَزْنَهُ أَوْ كَيْلَهُ‏:‏ جَازَ بَيْعُهُ بِشَيْءٍ مِنْ نَوْعِهِ أَكْثَرَ وَزْنًا أَوْ كَيْلاً مِنْهُ، فَيَكُونُ مِقْدَارُ وَزْنِهِ بِهِ، أَوْ مِقْدَارُ كَيْلِهِ كَذَلِكَ، وَيَكُونُ الْفَضْلُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ‏:‏ مِثَالُ ذَلِكَ‏:‏ دِينَارٌ فِيهِ حَبَّةُ فِضَّةٍ فَيُبَاعُ بِدِينَارٍ ذَهَبٍ صِرْفٍ، فَيَكُونُ مِنْ هَذَا الدِّينَارِ الصِّرْفِ دِينَارٌ غَيْرُ حَبَّةٍ بِإِزَاءِ الذَّهَبِ الَّذِي فِي ذَلِكَ الدِّينَارِ الَّذِي فِيهِ حَبَّةُ فِضَّةٍ، وَيَكُونُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ذَهَبِ هَذَا الدِّينَارِ بِالْحَبَّةِ الْفِضَّةُ‏.‏

وَكَذَلِكَ الدِّرْهَمُ يَكُونُ فِيهِ رُبُعُهُ أَوْ ثُلُثُهُ أَوْ نِصْفُهُ صُفْرًا فَيُبَاعُ بِدِرْهَمِ فِضَّةٍ مَحْضَةٍ، فَيَكُونُ مَا فِي هَذَا الدِّرْهَمِ مِنْ الْفِضَّةِ بِإِزَاءِ وَزْنِهِ مِنْ ذَلِكَ الدِّرْهَمِ الآخَرِ مِنْ الْفِضَّةِ، وَيَكُونُ الصُّفْرُ الَّذِي مَعَ هَذِهِ الْفِضَّةِ بِإِزَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الآخَرِ مِنْ الْفِضَّةِ وَهَكَذَا فِي الأَرْبَعَةِ الأَصْنَافِ الْبَاقِيَةِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ ‏.‏

فَقُلْنَا‏:‏ إنْ كُنْتُمْ تَخَلَّصْتُمْ بِهَذِهِ النِّيَّةِ مِنْ الْوَزْنِ، فَلَمْ تَتَخَلَّصُوا مِنْ التَّعْيِينِ؛ لأََنَّهُ لاَ يُعْرَفُ أَيُّ فِضَّةٍ هَذَا الدِّرْهَمُ بِعْتُمْ بِفِضَّةِ ذَلِكَ الآخَرِ وَقَدْ افْتَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ ذَلِكَ إِلاَّ عَيْنًا بِعَيْنِ، فَكَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا نَصٌّ

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلاَنِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ رَبَاحٍ اللَّخْمِيَّ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ‏:‏ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِخَيْبَرَ بِقِلاَدَةٍ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ وَهِيَ مِنْ الْمَغَانِمِ تُبَاعُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلاَدَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ عليه السلام‏:‏ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ هُوَ أَبُو شُجَاعٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ‏:‏ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ بِقِلاَدَةٍ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَقَالَ‏:‏ إنَّمَا أَرَدْتُ الْحِجَارَةَ فَقَالَ عليه السلام‏:‏ لاَ، حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا، فَرَدَّهُ حَتَّى مَيَّزَ بَيْنَهُمَا‏.‏ فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى نِيَّتِهِ فِي أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ غَرَضُهُ الْخَرَزَ وَيَكُونُ الذَّهَبُ تَبَعًا، وَلاَ رَاعَى كَثْرَةَ ثَمَنٍ مِنْ قِلَّتِهِ، وَأَوْجَبَ التَّمْيِيزَ وَالْمُوَازَنَةَ، وَلاَ بُدَّ وَفِي هَذَا خِلاَفٌ نَذْكُرُ مِنْهُ طَرَفًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ أَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ حُنَيْنٍ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ يَخْطُبُ إذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ بِأَرْضِنَا قَوْمًا يَأْكُلُونَ الرِّبَا

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ وَمَا ذَلِكَ قَالَ‏:‏ يَبِيعُونَ جَامَاتٍ مَخْلُوطَةً بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِوَرِقٍ، فَنَكَّسَ عَلِيٌّ رَأْسَهُ، وَقَالَ‏:‏ لاَ أَيْ لاَ بَأْسَ بِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ السَّمَّاكِ بْنِ مُوسَى عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ أَعْطَاهُ آنِيَةً خُسْرُوَانِيَّةً مَجْمُوعَةً بِالذَّهَبِ فَقَالَ عُمَرُ‏:‏ اذْهَبْ فَبِعْهَا وَاشْتَرَطَ رِضَانَا، فَبَاعَهَا مِنْ يَهُودِيٍّ بِضِعْفِ وَزْنِهَا، ثُمَّ أَخْبَرَ عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ‏:‏ اذْهَبْ فَارْدُدْهُ، لاَ، إِلاَّ بِزِنَتِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ‏:‏ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ بَاعَ نُفَايَةَ بَيْتِ الْمَالِ زُيُوفًا بِدَرَاهِمَ دُونَ وَزْنِهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ‏:‏ كَانَ خَبَّابٌ قَيْنًا، وَكَانَ رُبَّمَا اشْتَرَى السَّيْفَ الْمُحَلَّى بِالْوَرِقِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ يَزِيدَ الدَّالاَنِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ‏:‏ كُنَّا نَبِيعُ السَّيْفَ الْمُحَلَّى بِالْفِضَّةِ وَنَشْتَرِيهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا وَكِيعٌ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِبَيْعِ السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالدَّرَاهِمِ‏.‏ فَهَؤُلاَءِ‏:‏ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَأَنَسٌ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَطَارِقٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَخَبَّابٌ، إِلاَّ أَنَّ عَلِيًّا، وَخَبَّابًا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَطَارِقًا، وَابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَخُصُّوا بِأَكْثَرَ مِمَّا فِيهَا مِنْ الْفِضَّةِ، وَلاَ أَقَلَّ وَعُمَرُ رَاعَى وَزْنَ الْفِضَّةِ وَأَلْغَى الذَّهَبَ، إِلاَّ أَنَّهُ أَجَازَ الصَّرْفَ بِخِيَارِ رِضَاهُ بَعْدَ افْتِرَاقِ الْمُتَصَارِفِينَ وَأَنَسٌ وَحْدَهُ رَاعَى أَكْثَرَ مِنْ الْوَزْنِ، وَأَجَازَ الْخِيَارَ فِي الصَّرْفِ‏.‏ وَمِمَّنْ بَعْدَهُمْ

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي غُنْيَةً سَأَلْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَسِتِّينَ دِرْهَمًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِهِ أَلْفٌ بِأَلْفٍ وَالْفَضْلُ بِالدَّنَانِيرِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَحَيُّ بْنُ عُمَرَ قَالَ مَعْمَرٌ‏:‏ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَالَ سُفْيَانُ‏:‏ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ حَيٌّ‏:‏ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، ثُمَّ اتَّفَقَ الْحَسَنُ،، وَإِبْرَاهِيمُ، وَالشَّعْبِيُّ، قَالُوا كُلُّهُمْ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِالسَّيْفِ فِيهِ الْحِلْيَةُ، وَالْمِنْطَقَةُ، وَالْخَاتَمُ أَنْ يَبْتَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ أَوْ بِأَقَلَّ وَنَسِيئَةً‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ سَأَلْت إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ عَنْ الْخَاتَمِ أَبِيعُهُ نَسِيئَةً فَقَالَ‏:‏ أَفِيه فَصٌّ فَقُلْتُ‏:‏ نَعَمْ، فَكَأَنَّهُ هَوَّنَ فِيهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ عَنْ هِشَامٍ، هُوَ ابْنُ حَسَّانٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ هِشَامٌ‏:‏ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَقَالَ سَعِيدٌ‏:‏ عَنْ قَتَادَةَ ثُمَّ اتَّفَقَ ابْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ‏:‏ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِشِرَاءِ السَّيْفِ الْمُفَضَّضِ، وَالْخِوَانِ الْمُفَضَّضِ، وَالْقَدَحِ بِالدَّرَاهِمِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ قَالَ‏:‏ سَأَلْت حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ السَّيْفِ الْمُحَلَّى يُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ فَقَالَ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِهِ

وَرُوِيَ هَذَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، وَمَكْحُولٍ أَيْضًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا هُشَيْمٌ أَنَا حُصَيْنٌ هُوَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الشَّعْبِيِّ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا بِالسَّيْفِ الْمُحَلَّى يُشْتَرَى نَقْدًا وَنَسِيئَةً وَيَقُولُ‏:‏ فِيهِ الْحَدِيدُ، وَالْحَمَائِلُ

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ‏:‏ أَنَّهُ سَأَلَ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ عَنْ السَّيْفِ الْمُحَلَّى يُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ فَقَالَ‏:‏ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَكْثَرَ مِنْ الْحِلْيَةِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ‏.‏ وَرُوِّينَا مِثْلَهُ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ‏.‏

وَرُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ قَوْلاً ثَالِثًا، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَكُونَانِ جَمِيعًا قَالَ‏:‏ لاَ يُبَاعُ إِلاَّ بِوَزْنٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ كَأَنَّهُ يُلْغِي الْوَاحِدَ، وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ‏:‏ إذَا كَانَتْ الْحِلْيَةُ تَبَعًا، وَكَانَ الْفَضْلُ فِي النَّصْلِ‏:‏ جَازَ بَيْعُهُ بِنَوْعِهِ نَقْدًا وَتَأْخِيرًا‏.‏

وقال مالك‏:‏ إنْ كَانَتْ فِضَّةُ السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالْفِضَّةِ، أَوْ الْمُصْحَفُ كَذَلِكَ، أَوْ الْمِنْطَقَةُ كَذَلِكَ، أَوْ خَاتَمُ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ‏:‏ يَقَعُ فِي الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهَا مَعَ النَّصْلِ، وَالْغِمْدِ، وَالْحَمَائِلِ، وَمَعَ الْمُصْحَفِ، وَمَعَ الْفَصِّ، وَكَانَ حُلِيُّ النِّسَاءِ مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ، يَقَعُ الْفِضَّةُ أَوْ الذَّهَبُ فِي ثُلُثِ قِيمَةِ الْجَمِيعِ مَعَ الْحِجَارَةِ فَأَقَلَّ‏:‏ جَازَ بَيْعُ كُلِّ ذَلِكَ بِنَوْعِهِ أَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ وَمِثْلَهُ، وَأَقَلَّ نَقْدًا، وَلاَ يَجُوزُ نَسِيئَةً، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ أَصْلاً‏.‏ وَهَذَا تَنَاقُضٌ عَظِيمٌ؛ لأََنَّ التَّفَاضُلَ حَرَامٌ كَالتَّأْخِيرِ، وَلاَ فَرْقَ، فَإِنْ مَنَعَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلْيَمْنَعْ مِنْ الآخَرِ وَإِنْ أَجَازَ أَحَدَهُمَا لأََنَّهُ تَبَعٌ فَلْيُجِزْ الآخَرَ أَيْضًا؛ لأََنَّهُ تَبَعٌ‏.‏ وَتَحْدِيدُهُ الثُّلُثَ عَجَبٌ آخَرُ وَمَا عَقَلَ قَطُّ أَحَدٌ أَنَّ وَزْنَ عَشَرَةِ أَرْطَالٍ فِضَّةً تَكُونُ ثُلُثَ قِيمَةِ مَا هِيَ فِيهِ يَكُونُ قَلِيلاً، وَوَزْنَ دِرْهَمٍ فِضَّةً يَكُونُ نِصْفَ قِيمَةِ مَا هِيَ فِيهِ يَكُونُ كَثِيرًا وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ الْقَوْلِ جِدًّا، وَلاَ دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ، لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ، وَلاَ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلاَ قَوْلِ أَحَدٍ قَبْلَهُ نَعْلَمُهُ، وَلاَ قِيَاسٍ، وَلاَ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ، وَلاَ احْتِيَاطٍ‏.‏ وَقَالَ أَيْضًا‏:‏ لاَ يَجُوزُ بَيْعُ غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا يَكُونُ فِيهِ فِضَّةٌ أَوْ ذَهَبٌ بِنَوْعِ مَا فِيهِ مِنْهُمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ كَالسِّكِّينِ الْمُحَلَّاةِ بِالْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ، وَالسَّرْجُ كَذَلِكَ، وَكُلُّ شَيْءٍ كَذَلِكَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَا فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ إذَا نُزِعَ لَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ شَيْءٌ لَهُ بَالٌ، فَلاَ بَأْسَ حِينَئِذٍ بِبَيْعِهِ بِنَوْعِ مَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ نَقْدًا وَبِتَأْخِيرٍ، وَكَيْفَ شَاءَ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ شَيْءٌ لَهُ بَالٌ كَلاَمٌ لاَ يَحْصُلُ، وَحَبَّةُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَهَا بَالٌ عِنْدَ الْمَسَاكِينِ، نَعَمْ، وَعِنْدَ التُّجَّارِ، وَعِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ، وَلاَ يَحِلُّ عِنْدَهُ، وَلاَ عِنْدَنَا تَزِيدُهَا فِي الْمُوَازَنَةِ فِيمَا فِيهِ الرِّبَا، ثُمَّ تَفْرِيقُهُ بَيْنَ السَّيْفِ، وَالْمُصْحَفِ، وَالْخَاتَمِ، وَالْمِنْطَقَةِ، وَحُلِيِّ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ وَبَيْنَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَالْمَهَامِيزِ، وَالسِّكِّينِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ عَجَبٌ جِدًّا‏.‏ فَإِنْ قَالُوا‏:‏ لأََنَّ مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مُبَاحٌ اتِّخَاذُهُ

قلنا‏:‏ وَالدَّنَانِيرُ مُبَاحٌ اتِّخَاذُهَا فَأَجِيزُوا بَيْعَهَا مَعَ غَيْرِهَا بِذَهَبٍ إذَا كَانَتْ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فَأَقَلَّ وَأَجَازَ مَالِكٌ بَدَلَ الدَّنَانِيرِ الْمَحْضَةِ بِالدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ بِالصُّفْرِ، أَوْ الْفِضَّةِ كَثُرَ الْغِشُّ أَمْ قَلَّ كَانَ الثُّلُثُ، أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ‏.‏

وَكَذَلِكَ أَجَازَ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ بِالصُّفْرِ وَغَيْرِهِ بِالدَّرَاهِمِ الْفِضَّةِ الْمَحْضَةِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ كَانَ الْغِشُّ الثُّلُثَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِاسْمِ الْبَيْعِ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ يَرَى فِي الْمَغْشُوشَةِ الزَّكَاةَ إذَا بَلَغَ وَزْنُهَا بِغِشِّهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، أَوْ بَلَغَ وَزْنُ الدَّنَانِيرِ عِشْرِينَ دِينَارًا، وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ أَوْ الذَّهَبُ فِيهِمَا أَقَلَّ مِنْ الْعُشْرِ‏.‏ وَهَذَا تَنَاقُضٌ آخَرُ، وَلَئِنْ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الصَّافِيَةِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا، وَكَانَتْ وَرِقًا، فَإِنَّ بَيْعَ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ جَائِزٌ؛ لأََنَّهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَوَرِقٌ وَلَئِنْ كَانَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لاَ يَجُوزُ؛ لأََنَّهَا لَيْسَتْ شَيْئًا وَاحِدًا، وَلاَ هِيَ وَرِقٌ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِيهَا لاَ تَجِبُ لِذَلِكَ سَوَاءً سَوَاءً‏.‏ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَدَلِ، وَبَيْنَ الْبَيْعِ‏:‏ عَجَبٌ آخَرُ مَا سَمِعْنَاهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَلاَ نَدْرِي مِنْ أَيْنَ قَالَهُ وَلَئِنْ كَانَ لِلْبَدَلِ هُنَا غَيْرُ حُكْمِ الْبَيْعِ لَيَجُوزَنَّ الدِّينَارُ بِالدِّينَارَيْنِ عَلَى الْبَدَلِ، لاَ عَلَى اسْمِ الْبَيْعِ، وَهَذِهِ عَجَائِبُ كَمَا تَسْمَعُ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ فَجَائِزٌ بَيْعُهُ بِنَوْعِ مَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الْمَبِيعِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ، وَلاَ يَجُوزُ بِمِثْلِ مَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ بِأَقَلَّ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَلاَ بُدَّ مِنْ قَبْضِ مَا يَقَعُ لِلْفِضَّةِ أَوْ لِلذَّهَبِ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، فَكَانَ هَذَا طَرِيفًا جِدًّا، وَمُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ‏.‏

وقال أبو حنيفة فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ‏:‏ إنْ كَانَ الثُّلُثَانِ هُوَ الصُّفْرُ، وَكَانَتْ الْفِضَّةُ الثُّلُثَ، وَلاَ يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِهَا؛ لأََنَّهُ لاَ يَدْرِي إنْ خَلَصَتْ أَيَبْقَى الصُّفْرُ أَمْ يَحْتَرِقُ فَلاَ بَأْسَ يَبِيعُهَا بِوَزْنِ جَمِيعِهَا فِضَّةً مَحْضَةً‏.‏ وَبِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِ جَمِيعِهَا أَيْضًا، وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِمِثْلِ الْفِضَّةِ الَّتِي فِيهَا، وَلاَ بِأَقَلَّ مِنْهَا‏.‏ قَالَ‏:‏ فَإِنْ كَانَ نِصْفُهَا صُفْرًا أَوْ نِصْفُهَا فِضَّةً فَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ هِيَ الْغَالِبَةُ‏:‏ جَازَ بَيْعُهَا بِوَزْنِ جَمِيعِهَا مِنْ الْفِضَّةِ الْمَحْضَةِ، وَلاَ تُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْفِضَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا غَالِيًا لِلآخَرِ جَازَ بَيْعُهَا حِينَئِذٍ بِمِثْلِ وَزْنِ جَمِيعِهَا فِضَّةً مَحْضَةً، وَبِأَكْثَرَ وَبِأَقَلَّ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِضَّةُ الثَّمَنِ أَكْثَرَ مِنْ الْفِضَّةِ الَّتِي فِي الدَّرَاهِمِ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ أَيُّ الْفِضَّتَيْنِ أَكْثَرُ الَّتِي هِيَ ثَمَنٌ أَمْ الَّتِي فِي الدَّرَاهِمِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَإِنْ كَانَ ثُلُثَا الدَّرَاهِمِ وَثُلُثُهَا صُفْرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُبَاعَ بِالْفِضَّةِ الْمَحْضَةِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، لاَ بِأَقَلَّ، وَلاَ بِأَكْثَرَ‏.‏ وَهَذِهِ وَسَاوِسُ لَوْ قَالَهَا صَبِيٌّ فِي أَوَّلِ فَهْمِهِ لَيُئِسَ مِنْ فَلاَحِهِ، وَلَوَجَبَ أَنْ يُسْتَعَدَّ لَهُ بَغْلٌ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْبَلاَءِ، وَمَا لِهَذِهِ الأَحْكَامِ وَجْهٌ أَصْلاً، لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ، وَلاَ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلاَ قِيَاسٍ، وَلاَ رَأْيٍ سَدِيدٍ، وَلاَ احْتِيَاطٍ، وَلاَ سَمِعْتُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ‏.‏ وَالْعَجَبُ‏:‏ أَنَّهُ مَرَّةً رَأَى الثُّلُثَ هَهُنَا قَلِيلاً‏.‏ وَمَرَّةً رَأَى الرُّبُعَ كَثِيرًا، فِيمَا يَنْكَشِفُ مِنْ بَطْنِ الْحُرَّةِ فِي الصَّلاَةِ‏.‏ وَمَرَّةً رَأَى مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ كَثِيرًا فِيمَا يَنْكَشِفُ مِنْ فَخِذِهَا أَوْ دُبُرِهَا‏.‏ وَمَرَّةً رَأَى النِّصْفَ قَلِيلاً‏.‏ وَمَرَّةً رَأَى مِقْدَارَ ثَلاَثَةِ أَصَابِعَ مِنْ جَمِيعِ الرَّأْسِ كَثِيرًا‏.‏ وَهَذِهِ تَخَالِيطُ لاَ تُعْقَلُ، وَتَحَكُّمٌ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْبَاطِلِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِنَا عَنْ طَوَائِفَ مِنْ السَّلَفِ‏:‏ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيِّ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِأَرْضِ فَارِسٍ‏:‏ لاَ تَبِيعُوا سُيُوفًا فِيهَا حَلْقَةُ فِضَّةٍ بِالدَّرَاهِمِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ حَدَّثَنِي يَحْيَى الطَّوِيلُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ يَكْسُدُ عَلَيَّ الْوَرِقُ أَفَأَصْرِفُهُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ قَالَ‏:‏ ذَلِكَ الرِّبَا الْعَجْلاَنُ

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ السَّمَّانِينَ قَالَ‏:‏ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ‏:‏ إذَا كَانَ لأََحَدِكُمْ دَرَاهِمُ لاَ تُنْفَقُ فَلْيَبْتَعْ بِهَا ذَهَبًا، وَلْيَبْتَعْ بِالذَّهَبِ مَا شَاءَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ‏:‏ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ بَاعَ نُفَايَةَ بَيْتِ الْمَالِ زُيُوفًا وَقِسْيَانَ بِدَرَاهِمَ دُونَ وَزْنِهَا فَنَهَاهُ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ‏:‏ أَوْقِدْ عَلَيْهَا حَتَّى يَذْهَبَ مَا فِيهَا مِنْ حَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ وَتَخْلُصَ، ثُمَّ بِعْ الْفِضَّةَ بِوَزْنِهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عَامِرَ بْنَ يَحْيَى الْمَعَافِرِيَّ أَخْبَرَهُمْ عَنْ حَنَشِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ فِي غَزْوَةٍ فَطَارَتْ لِي وَلأََصْحَابِي قِلاَدَةٌ فِيهَا ذَهَبٌ وَوَرِقٌ وَجَوْهَرٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهَا، فَسَأَلْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ فَقَالَ‏:‏ انْزِعْ ذَهَبَهَا فَاجْعَلْهُ فِي كِفَّةٍ وَاجْعَلْ ذَهَبَكَ فِي كِفَّةٍ، ثُمَّ لاَ تَأْخُذَنَّ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏.‏ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ‏:‏ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَبِيعُ سَرْجًا، وَلاَ سَيْفًا فِيهِ فِضَّةٌ حَتَّى يَنْزِعَهُ ثُمَّ يَبِيعَهُ وَزْنًا بِوَزْنٍ‏:‏ فَهَؤُلاَءِ‏:‏ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمِنْ التَّابِعِينَ‏:‏ كَمَا رُوِّينَا عَنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُشْتَرَى السَّيْفُ الْمُحَلَّى بِفِضَّةٍ، وَيَقُولُ‏:‏ اشْتَرِهِ بِالذَّهَبِ يَدًا بِيَدٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ‏:‏ كَانَ يَكْرَهُ شِرَاءَ السَّيْفِ الْمُحَلَّى إِلاَّ بِعَرَضٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا هُشَيْمٌ أَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ إذَا كَانَتْ الْحِلْيَةُ فِضَّةً اشْتَرَاهَا بِالذَّهَبِ، وَإِنْ كَانَتْ الْحِلْيَةُ ذَهَبًا اشْتَرَاهَا بِالْفِضَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ ذَهَبًا وَفِضَّةً فَلاَ يَشْتَرِيهَا بِذَهَبٍ، وَلاَ فِضَّةٍ وَاشْتَرَاهَا بِعَرَضٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا هُشَيْمٌ أَنَا الشَّيْبَانِيُّ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ أَتَى بِطَوْقٍ ذَهَبٍ فِيهِ جَوْهَرٌ، فَقَالَ شُرَيْحٌ‏:‏ أَزِيلُوا الذَّهَبَ مِنْ الْجَوْهَرِ فَبِيعُوا الذَّهَبَ يَدًا بِيَدٍ وَبِيعُوا الْجَوْهَرَ كَيْفَ شِئْتُمْ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَنَا زَكَرِيَّا، هُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏:‏ سُئِلَ شُرَيْحٌ عَنْ طَوْقِ ذَهَبٍ فِيهِ فُصُوصٌ، أَتُبَاعُ بِدَنَانِيرَ قَالَ‏:‏ تُنْزَعُ الْفُصُوصُ ثُمَّ يُبَاعُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، قَالَ قَتَادَةُ‏:‏ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، ثُمَّ اتَّفَقَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيُّ، قَالاَ جَمِيعًا‏:‏ يُكْرَهُ أَنْ يُبَاعَ الْخَاتَمُ فِيهِ فِضَّةٌ بِالْوَرِقِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُشْتَرَى ذَهَبٌ، وَفِضَّةٌ بِذَهَبٍ، وَقَالَ حَمَّادٌ‏:‏ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ‏:‏ لاَ، وَلَكِنْ اشْتَرِ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَيْرَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَكُلُّ مَا‏.‏ قلنا فَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1489 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

فَإِنْ كَانَ ذَهَبٌ وَشَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ الْفِضَّةِ مَعَهُ أَوْ مُرَكَّبًا فِيهِ جَازَ بَيْعُهُ كَمَا هُوَ مَعَ مَا هُوَ مَعَهُ وَدُونَهُ بِالدَّرَاهِمِ يَدًا بِيَدٍ، وَلاَ يَجُوزُ نَسِيئَةً‏.‏

وَكَذَلِكَ الْفِضَّةُ مَعَهَا شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ الذَّهَبِ أَوْ مُرَكَّبًا فِيهَا، أَوْ هِيَ فِيهِ‏:‏ جَازَ بَيْعُهَا مَعَ مَا هِيَ مَعَهُ أَوْ دُونَهُ بِالدَّنَانِيرِ يَدًا بِيَدٍ، وَلاَ يَجُوزُ نَسِيئَةً‏.‏

وَكَذَلِكَ الْقَمْحُ مَعَهُ تَمْرٌ أَوْ مِلْحٌ أَوْ شَيْءٌ آخَرُ‏:‏ فَجَائِزٌ بَيْعُهُ مَعَ الآخَرِ أَوْ دُونَهُ بِشَعِيرٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلاَ يَجُوزُ نَسِيئَةً‏.‏

وَكَذَلِكَ الشَّعِيرُ مَعَهُ تَمْرٌ أَوْ مِلْحٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ‏:‏ فَجَائِزٌ بَيْعُهُ وَمَا مَعَهُ أَوْ دُونَهُ بِقَمْحٍ نَقْدًا، لاَ نَسِيئَةً

وَكَذَلِكَ التَّمْرُ مَعَهُ شَعِيرٌ أَوْ مِلْحٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ‏:‏ فَجَائِزٌ بَيْعُهُ مَعَهُ أَوْ دُونَهُ بِقَمْحٍ نَقْدًا، لاَ نَسِيئَةً‏.‏

وَكَذَلِكَ الْمِلْحُ مَعَهُ قَمْحٌ أَوْ شَعِيرٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ‏:‏ فَجَائِزٌ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ نَقْدًا، لاَ بِنَسِيئَةٍ‏.‏

برهان ذَلِكَ‏:‏ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَسَقَطَتْ الْمُوَازَنَةُ، وَالْمُكَايَلَةُ، وَالْمُمَاثَلَةُ، وَبَقِيَ النَّقْدُ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ‏:‏ أَنَّ أَبَاهُ اشْتَرَى مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ دِيبَاجَةً مُلْحَمَةً بِذَهَبٍ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ بِنِسَاءٍ فَأَحْرَقَهَا فَأَخْرَجَ مِنْهَا قِيمَةَ عِشْرِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ‏.‏ وَأَجَازَ رَبِيعَةُ بَيْعَ سَيْفٍ مُحَلَّى بِفِضَّةٍ بِذَهَبٍ إلَى أَجَلٍ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ لاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مِمَّا تَنَاقَضَ فِيهِ الْمَالِكِيُّونَ‏:‏ وَالْحَنَفِيُّونَ فَخَالَفُوا عَمَلَ عَلِيٍّ وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم‏.‏

1490 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ الْمَنْقُوشَةُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَغْشُوشَةُ فَإِنَّهُ إنْ تَبَايَعَ اثْنَانِ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً قَدْ ظَهَرَ الْغِشُّ فِيهَا بِدَرَاهِمَ مَغْشُوشَةٍ قَدْ ظَهَرَ الْغِشُّ فِيهَا‏:‏ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا تَعَاقَدَا الْبَيْعَ، عَلَى أَنَّ الصُّفْرَ الَّذِي فِي هَذِهِ بِالْفِضَّةِ الَّتِي فِي تِلْكَ، وَالْفِضَّةَ الَّتِي فِي هَذِهِ بِالصُّفْرِ الَّذِي فِي تِلْكَ‏:‏ فَهَذَا جَائِزٌ حَلاَلٌ، سَوَاءٌ تَبَايَعَا ذَلِكَ مُتَفَاضِلاً، أَوْ مُتَمَاثِلاً، أَوْ جُزَافًا بِمَعْلُومٍ، أَوْ جُزَافًا بِجُزَافٍ، لأََنَّ الصُّفْرَ بِالْفِضَّةِ حَلاَلٌ‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ تَبَايَعَا دَنَانِيرَ مَغْشُوشَةً بِدَنَانِيرَ مَغْشُوشَةٍ قَدْ ظَهَرَ الْغِشُّ فِي كِلَيْهِمَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَإِنْ تَبَايَعَا ذَهَبَ هَذِهِ بِفِضَّةِ تِلْكَ وَذَهَبَ تِلْكَ بِفِضَّةِ هَذِهِ‏:‏ فَهَذَا أَيْضًا حَلاَلٌ مُتَمَاثِلاً، وَمُتَفَاضِلاً، وَجُزَافًا نَقْدًا، وَلاَ بُدَّ لأََنَّهُ ذَهَبٌ بِفِضَّةٍ، فَالتَّفَاضُلُ جَائِزٌ، وَالتَّنَاقُدُ فَرْضٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏