فصل: المنحة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


المنحة

1649 - مسألة‏:

وَالْمِنْحَةُ جَائِزَةٌ ‏,‏ وَهِيَ فِي الْمُحْتَلَبَاتِ فَقَطْ ‏,‏ يَمْنَحُ الْمَرْءُ مَا يَشَاءُ مِنْ إنَاثِ حَيَوَانِهِ مَنْ شَاءَ لِلْحَلْبِ‏.‏ وَكَدَارٍ يُبِيحُ سُكْنَاهَا ‏,‏ وَدَابَّةٍ يَمْنَحُ رُكُوبَهَا ‏,‏ وَأَرْضٍ يَمْنَحُ ازْدِرَاعَهَا ‏,‏ وَعَبْدٍ يَخْدُمُهُ ‏,‏ فَمَا حَازَهُ الْمَمْنُوحُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ ‏,‏ لاَ طَلَبَ لِلْمَانِحِ فِيهَا ‏,‏ وَلِلْمَانِحِ أَنْ يَسْتَرِدَّ عَيْنَ مَا مَنَحَ مَتَى شَاءَ سَوَاءٌ عَيَّنَ مُدَّةً أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ ‏,‏ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ ‏;‏ لأََنَّهُ لاَ يَحِلُّ مَالُ أَحَدٍ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ إِلاَّ بِنَصٍّ ‏,‏ وَلاَ نَصَّ فِي هَذَا ‏,‏ وَتَعْيِينُهُ الْمُدَّةَ ‏:‏ عِدَّةٌ‏.‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ ‏"‏ الْوَعْدَ ‏"‏ لاَ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ فِي ‏"‏ بَابِ النُّذُورِ ‏,‏ وَالأَيْمَانِ ‏"‏ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ‏,‏ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ‏.‏ وَالْإِزْرَاعُ ‏,‏ وَالْإِسْكَانُ ‏,‏ وَالْإِفْقَارُ ‏,‏ وَالْإِمْتَاعُ ‏,‏ وَالْإِطْرَاقُ ‏,‏ وَالْإِخْدَامُ ‏,‏ وَالْإِعْرَاءُ ‏,‏ وَالتَّصْيِيرُ ‏:‏ حُكْمُ مَا وَقَعَ بِهَذِهِ الأَلْفَاظِ كَحُكْمِ الْمِنْحَةِ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا ‏,‏ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ ، وَلاَ فَرْقَ‏.‏ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ ‏,‏ وَدَاوُد ‏,‏ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِمْ‏.‏ فَالْإِزْرَاعُ يَكُونُ فِي الأَرْضِ ‏,‏ يَجْعَلُ الْمَرْءُ لأَخَرَ أَنْ يَزْرَعَ هَذِهِ الأَرْضَ مُدَّةً يُسَمِّيهَا ‏,‏ أَوْ طُولَ حَيَاتِهِ وَالْإِسْكَانُ يَكُونُ فِي الْبُيُوتِ ‏,‏ وَفِي الدُّورِ ‏,‏ وَالدَّكَاكِينِ كَمَا ذَكَرْنَا‏.‏ وَالْإِفْقَارُ ‏:‏ يَكُونُ فِي الدَّوَابِّ الَّتِي تُرْكَبُ‏.‏ وَالْإِطْرَاقُ ‏:‏ يَكُونُ فِي الْفُحُولِ تُحْمَلُ عَلَى الْإِنَاثِ‏.‏ وَالْإِخْدَامُ ‏:‏ يَكُونُ فِي الرَّقِيقِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ‏.‏ وَالْإِمْتَاعُ ‏:‏ يَكُونُ فِي الأَشْجَارِ ذَوَاتِ الْحَمْلِ ‏,‏ وَفِي الثِّيَابِ ‏,‏ وَفِي جَمِيعِ الأَثَاثِ ‏,‏

وَكَذَلِكَ التَّصْيِيرُ‏.‏

وَكَذَلِكَ الْجُعْلُ وَالْإِعْرَاءُ ‏:‏ يَكُونُ فِي حَمْلِ النَّخْلِ ‏,‏ فَكُلُّ هَذَا مَا قَبَضَهُ الْمَجْعُولُ لَهُ ذَلِكَ ‏,‏ فَلاَ رُجُوعَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ فِيهِ ‏,‏ وَمَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْمَجْعُولُ لَهُ كُلُّ ذَلِكَ ‏,‏ فَلِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ اسْتِرْجَاعُ رَقَبَةِ مَالِهِ ‏,‏ وَمَنْعُ الْمَجْعُولِ لَهُ مِمَّا جَعَلَ لَهُ‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ نِعْمَ الْمَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً ‏,‏ وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ تَرُوحُ بِإِنَاءٍ وَتَغْدُو بِإِنَاءٍ‏.‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ عليه الصلاة والسلام مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ نَا ابْنُ وَهْبٍ نَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ ‏:‏ قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ ‏,‏ وَكَانَ الأَنْصَارُ أَهْلَ الأَرْضِ وَالْعَقَارِ ‏,‏ فَقَاسَمَهُمْ الأَنْصَارُ ، رضي الله عنهم ، عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَارَ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ ‏,‏ وَيَكْفُوهُمْ الْعَمَلَ وَالْمُؤْنَةَ‏.‏ وَكَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَعْطَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِذَاقًا فَأَعْطَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلاَتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ‏,‏ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمْ الَّتِي كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ ‏,‏ فَرَدَّ عليه السلام إلَى أُمِّ سُلَيْمٍ عِذَاقَهَا ‏,‏ وَأَعْطَى عليه الصلاة والسلام أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ‏.‏

وَأَمَّا الأَرْتِجَاعُ مَتَى شَاءَ ‏,‏ فَإِنَّهُ لَمْ يَهَبْ الأَصْلَ ‏,‏ وَلاَ الرَّقَبَةَ ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ مِنْ مَالِهِ إِلاَّ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ ‏,‏ فَمَا دَامَ طَيِّبَ النَّفْسِ فِيمَا يُحْدِثُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَالِهِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِ ‏,‏ فَإِذَا أَحْدَثَ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا فِي مَالِهِ لَمْ تَطِبْ بِهِ نَفْسُهُ فَهُوَ مَالُهُ ‏,‏ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ ‏,‏ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام ‏:‏ إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ وَإِنَّمَا طِيبُ النَّفْسِ حِينَ وُجُودِ الشَّيْءِ ‏,‏ لاَ قَبْلَ خَلْقِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏