فصل: الآثار الواردة في الجد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


الآثار الواردة في الجد

1736 - مسألة‏:‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ‏,‏ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى ‏,‏ وَسُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمٍ الْبَلْخِيُّ ‏,‏ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى ، هُوَ ابْنُ الطَّبَّاعِ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ‏,‏ وَقَالَ مُعَاوِيَةُ ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَوَّارٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٍ ، هُوَ ابْنُ خَالِدٍ ثُمَّ اتَّفَقَ هُشَيْمٌ ‏,‏ وَوُهَيْبٌ ‏,‏ كِلاَهُمَا عَنْ يُونُسَ ، هُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى الْجَدَّ السُّدُسَ قَالَ مُعَاوِيَةُ فِي حَدِيثِهِ ‏:‏ لاَ نَدْرِي مَعَ مَنْ ‏,‏ وَقَالَ سُلَيْمَانُ الْبَلْخِيّ ‏:‏ أَنَا النَّضْرُ ، هُوَ ابْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ جَمَعَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ الْجَدِّ فَنَشَدَهُمْ ‏:‏ مَنْ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَدِّ شَيْئًا فَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ الْمُزَنِيّ ‏:‏ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِفَرِيضَةٍ فِيهَا جَدٌّ ‏,‏ فَأَعْطَى ثُلُثًا أَوْ سُدُسًا ‏,‏ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ ‏:‏ مَا الْفَرِيضَةُ فَقَالَ ‏:‏ لاَ أَدْرِي وَذَكَرَ الْخَبَرَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ‏:‏ إنَّ ابْنَ ابْنِي مَاتَ فَمَا لِي مِنْ مِيرَاثِهِ قَالَ ‏:‏ السُّدُسُ ‏,‏ فَلَمَّا أَدْبَرَ دَعَاهُ ‏,‏ فَقَالَ ‏:‏ لَك سُدُسٌ آخَرُ ‏,‏ فَلَمَّا أَدْبَرَ دَعَاهُ ‏,‏ فَقَالَ ‏:‏ إنَّ السُّدُسَ الآخَرَ طُعْمَةٌ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ عِمْرَانَ كَلاَمٌ وَهَذَا يَخْرُجُ أَحْسَنَ خُرُوجٍ فِي ابْنَتَيْنِ وَجَدٍّ ‏:‏ فَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ فَرِيضَةً مُسَمَّاةً ‏,‏ وَلِلْجَدِّ مَعَ الْوَلَدِ عُمُومًا السُّدُسُ فَرْضًا مُسَمًّى ‏,‏ وَلَهُ السُّدُسُ الآخَرُ بِالتَّعْصِيبِ ‏;‏ لأََنَّهُ أَوْلَى رَجُلٍ ذُكِرَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عِيسَى ، هُوَ ابْنُ عِيسَى الْحَنَّاطُ عَنْ الشَّعْبِيِّ ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ نَشَدَ النَّاسَ فِي الْجَدِّ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ ‏:‏ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ الثُّلُثَ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ مَنْ مَعَهُ قَالَ ‏:‏ لاَ أَدْرِي ‏,‏ فَقَالَ رَجُلٌ ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ السُّدُسَ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ مَنْ مَعَهُ قَالَ ‏:‏ لاَ أَدْرِي‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى الْحَنَّاطِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ النَّاسَ ‏:‏ أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْجَدِّ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ‏:‏ أَعْطَاهُ سُدُسَ مَالِهِ ‏,‏ وَقَالَ آخَرُ ‏:‏ أَعْطَاهُ ثُلُثَ مَالِهِ ‏,‏ وَقَالَ آخَرُ ‏:‏ أَعْطَاهُ نِصْفَ مَالِهِ ‏,‏ وَقَالَ آخَرُ ‏:‏ أَعْطَاهُ الْمَالَ كُلَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ يَدْرِي مَعَ مَنْ مِنْ الْوَرَثَةِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ أَجْرَؤُكُمْ عَلَى قَسْمِ الْجَدِّ أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ هَذَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَارِئُ مِنْ بَنِي الْهَوْنِ بْنِ خُزَيْمَةَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ ثِقَةٌ ابْنُ ثِقَةٍ مَا نَعْلَمُ الآنَ فِي الْجَدِّ أَثَرًا غَيْرَ هَذِهِ وَلَيْسَ فِيهَا إِلاَّ سُدُسٌ ‏,‏ وَثُلُثٌ ‏,‏ وَنِصْفٌ ‏,‏ وَكُلٌّ ‏,‏ وَبِهَا نَقُولُ ‏:‏ فَلِلْجَدِّ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ السُّدُسُ ‏,‏ وَمَعَ الْبَنَاتِ الثُّلُثُ ‏,‏ وَمَعَ الْبِنْتِ النِّصْفُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ ‏,‏ وَلاَ أُمٌّ ‏,‏ وَلاَ جَدَّةٌ ‏,‏ وَلاَ زَوْجٌ ‏,‏ وَلاَ زَوْجَةٌ ‏,‏ وَلاَ أَبٌ ‏:‏ فَلَهُ الْكُلُّ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي حُجَّةِ كُلِّ قَوْلٍ مِنْهَا لِنَعْلَمَ الْحَقَّ فَنَتَّبِعَهُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنِّهِ ‏,‏ فَوَجَدْنَا مَنْ تَوَقَّفَ فِي مِيرَاثِهِ يُمْكِنُ أَنْ يَحْتَجَّ بِمُرْسَلِ سَعِيدٍ الَّذِي أَوْرَدْنَا قَبْلَ هَذَا الْمَكَانِ بِثَلاَثَةِ أَسْطَارٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَهُوَ لاَ حُجَّةَ فِيهِ ‏;‏ لأََنَّهُ مُرْسَلٌ ‏,‏ وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْبَيَانِ لاَ يُبَيِّنُ مَا أُمِرَ بِبَيَانِهِ ثُمَّ يَتَوَعَّدُ فِيهَا بِأَنَّهُ جَرِيءٌ عَلَى النَّارِ ‏,‏ وَمَا لَمْ يُبَيِّنْهُ عَلَيْنَا فَلاَ يَلْزَمُنَا أَصْلاً ‏,‏ وَكُلُّ مَا أَلْزَمَنَا فَقَدْ بَيَّنَهُ عَلَيْنَا ‏,‏ وَإِذَا

قلنا مَا بَيَّنَهُ عَلَيْنَا فَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى النَّارِ ‏,‏ بَلْ سَلَكْنَا فِي طَرِيقِ الْجَنَّةِ‏.‏ وَلاَ يَخْلُو الْجَدُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِيرَاثٌ ‏,‏ أَوْ لاَ يَكُونَ لَهُ مِيرَاثٌ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ لاَ مِيرَاثَ لَهُ ‏,‏ فَمَانِعُهُ مُحْسِنٌ ‏,‏ وَإِنْ كَانَ لَهُ مِيرَاثٌ فَإِعْطَاؤُهُ حَقَّهُ فَرْضٌ ‏,‏ لاَ يَحِلُّ مَنْعُهُ مِنْهُ ‏,‏ فَالْجُرْأَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَرْضٌ وَاجِبٌ ‏,‏ وَلاَ بُدَّ مِنْ إعْطَائِهِ أَوْ مِنْ مَنْعِهِ ‏,‏ فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ تَكُونَ الْجُرْأَةُ فِي حُكْمِهِ فِي الْمِيرَاثِ فَرْضًا ‏,‏ يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى مَنْ تَرَكَهَا ‏,‏ ثُمَّ يَتَوَعَّدُ عَلَى فِعْلِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا بِالنَّارِ ‏,‏ وَلَكِنَّ هَذَا عَيْبُ الْمُرْسَلِ ‏,‏ وَاَللَّهِ قَطْعًا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ هَذَا الْكَلاَمَ وَهُوَ يَتْلُو كَلاَمَ رَبِّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏}‏‏.‏ وَ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الْغَيِّ‏.‏ وَلَكِنْ سَعِيدٌ إذْ أَضَافَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْهَمَ ‏,‏ وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى عَلِيٍّ وَعَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَصَحِيحٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ ‏,‏ أَوْ وَهْمٌ مِنْ دُونِ سَعِيدٍ فَأَضَافَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏ وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ ‏:‏ أَنَّهُ عَنْ عُمَرَ كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ أَوْ سَمِعَهُ سَعِيدٌ مِمَّنْ وَهَمَ فِيهِ ‏,‏ لاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ‏.‏ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ زَيْدٍ ‏,‏ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ اللَّذَيْنِ مَنَعَاهُ الْمِيرَاثَ مَعَ الْإِخْوَةِ فَوَجَدْنَا حُجَّتَهُمْ أَنْ قَالُوا ‏:‏ وَجَدْنَا مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ مَنْصُوصًا فِي الْقُرْآنِ ‏,‏ وَلَمْ نَجِدْ لِلْجَدِّ مِيرَاثًا فِي الْقُرْآنِ ‏,‏ وَوَجَدْنَا الْجَدَّ يُدْلِي بِوِلاَدَتِهِ لأََبِي الْمَيِّتِ ‏,‏ وَوَجَدْنَا الْإِخْوَةَ يُدْلُونَ بِوِلاَدَةِ أَبِي الْمَيِّتِ ‏:‏ فَهُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ‏.‏ وَقَدْ

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عِيسَى الْحَنَّاطِ عَنْ الشَّعْبِيِّ ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ زَيْدًا عَنْ الْجَدِّ فَضَرَبَ لَهُ زَيْدٌ مَثَلاً ‏:‏ شَجَرَةً خَرَجَتْ لَهَا أَغْصَانٌ ‏,‏ قَالَ الشَّعْبِيُّ ‏:‏ فَذَكَرَ شَيْئًا لاَ أَحْفَظُهُ ‏,‏ فَجَعَلَ لَهُ الثُّلُثَ ‏,‏ قَالَ سُفْيَانُ ‏:‏ بَلَغَنِي ، أَنَّهُ قَالَ ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ شَجَرَةٌ أَنْبَتَتْ كَالشُّعَبِ مِنْهَا غُصْنٌ ‏,‏ فَالشُّعَبُ مِنْ الْغُصْنِ غُصْنَانِ ‏,‏ فَمَا جُعِلَ الْغُصْنُ الأَوَّلُ أَوْلَى مِنْ الْغُصْنِ الثَّانِي وَقَدْ خَرَجَ الْغُصْنَانِ جَمِيعًا مِنْ الْغُصْنِ الأَوَّلِ ثُمَّ سَأَلَ عَلِيًّا فَضَرَبَ لَهُ مَثَلاً ‏:‏ وَادِيًا سَالَ فِيهِ سَيْلٌ ‏,‏ فَجَعَلَهُ أَخًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سِتَّةٍ ‏:‏ فَأَعْطَاهُ السُّدُسَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا اسْتَشَارَ فِي مِيرَاثٍ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ قَالَ زَيْدٌ ‏:‏ وَكَانَ رَأْيِي يَوْمَئِذٍ أَنَّ الْإِخْوَةَ أَحَقُّ بِمِيرَاثِ أَخِيهِمْ مِنْ الْجَدِّ وَعُمَرُ يَوْمَئِذٍ يَرَى الْجَدَّ أَوْلَى بِمِيرَاثِ ابْنِ ابْنِهِ مِنْ إخْوَتِهِ فَتَحَاوَرْت أَنَا وَعُمَرُ مُحَاوَرَةً شَدِيدَةً ‏,‏ فَضَرَبْت لَهُ فِي ذَلِكَ مَثَلاً ‏,‏ فَقُلْت ‏:‏ لَوْ أَنَّ شَجَرَةً تَشَعَّبَ مِنْ أَصْلِهَا غُصْنٌ ‏,‏ ثُمَّ تَشَعَّبَ مِنْ ذَلِكَ الْغُصْنِ خُوطَانِ ذَلِكَ الْغُصْنُ يَجْمَعُ الْخُوطَيْنِ دُونَ الأَصْلِ وَيَغْذُوهُمَا ‏,‏ أَلاَ تَرَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أَحَدَ الْخُوطَيْنِ أَقْرَبُ إلَى أَخِيهِ مِنْهُ إلَى الأَصْلِ قَالَ زَيْدٌ ‏:‏ فَأَنَا أُعِيدُ لَهُ ‏,‏ وَأَضْرِبُ لَهُ هَذِهِ الأَمْثَالَ ‏,‏ وَهُوَ يَأْبَى إِلاَّ أَنَّ الْجَدَّ أَوْلَى مِنْ الْإِخْوَةِ وَيَقُولُ ‏:‏ وَاَللَّهِ لَوْ أَنِّي قَضَيْته لِبَعْضِهِمْ لَقَضَيْت بِهِ لِلْجَدِّ كُلِّهِ ‏,‏ وَلَكِنِّي لَعَلِّي لاَ أُخَيِّبُ سَهْمَ أَحَدٍ ‏,‏ وَلَعَلَّهُمْ أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ ذَوِي حَقٍّ ‏,‏ وَضَرَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ‏,‏ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمَئِذٍ لِعُمَرَ مَثَلاً ‏,‏ مَعْنَاهُ ‏:‏ لَوْ أَنَّ سَيْلاً سَالَ فَخَلَجَ مِنْهُ خَلِيجٌ ‏,‏ ثُمَّ خَلَجَ مِنْ ذَلِكَ الْخَلِيجِ شُعْبَتَانِ

قال أبو محمد ‏:‏ أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ ‏:‏ مِيرَاثُ الْإِخْوَةِ مَنْصُوصٌ فِي الْقُرْآنِ وَلَيْسَ مِيرَاثُ الْجَدِّ مَنْصُوصًا فِي الْقُرْآنِ فَبَاطِلٌ ‏,‏ بَلْ مِيرَاثُ الْجَدِّ مَنْصُوصٌ فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ‏}‏ فَجَعَلَنَا بَنِينَ لأَدَمَ عليه السلام وَجَعَلَهُ أَبًا لَنَا وَهُوَ أَبْعَدُ جَدٍّ لَنَا فَالْجَدُّ أَبٌ ‏,‏

وَقَالَ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَلأََبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأَُمِّهِ الثُّلُثُ‏}‏‏.‏

وَأَمَّا كَوْنُ الْجَدِّ يُدْلِي بِوِلاَدَتِهِ لأََبِي الْمَيِّتِ ‏,‏ وَكَوْنُ الْإِخْوَةِ يُدْلُونَ بِوِلاَدَةِ أَبِي الْمَيِّتِ لَهُمْ وَلِلْمَيِّتِ ‏,‏ فَهُمْ أَقْرَبُ ‏,‏ فَلَيْسَتْ الْمَوَارِيثُ بِالْقُرْبِ ، وَلاَ بِالْبُعْدِ ‏,‏ فَهَذَا ابْنُ الْبِنْتِ أَقْرَبُ مِنْ ابْنِ الْعَمِّ الَّذِي لاَ يَلْتَقِي مَعَ الْمَيِّتِ إِلاَّ إلَى أَزْيَدَ مِنْ عِشْرِينَ أَبًا ‏,‏ وَهُوَ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ شَيْئًا ‏,‏ وَهَذِهِ الْعَمَّةُ أَقْرَبُ مِنْ ابْنِ الْعَمِّ ‏,‏ وَلاَ تَرِثُ مَعَهُ شَيْئًا ‏,‏ فَكَيْفَ وَالْجَدُّ أَقْرَبُ ‏,‏ لأََنَّ وِلاَدَتَهُ لأََبِي الْمَيِّتِ كَانَتْ قَبْلَ وِلاَدَةِ أَبِي الْمَيِّتِ لأَِخْوَةِ الْمَيِّتِ ‏,‏ فَوَلَدُ الأَبْنِ هُوَ بَعْضُ الْجَدِّ ‏,‏ فَالْجَدُّ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ أَخِيهِ ‏:‏ فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ بِيَقِينٍ‏.‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ هَذَا التَّنْظِيرُ ‏,‏ وَهَذَا التَّشْبِيهُ ‏,‏ وَهَذَا التَّمْثِيلُ ‏,‏ وَهَذَا التَّعْلِيلُ وَهَذَا الْقِيَاسُ بِهِ يَحْتَجُّ أَهْلُ الْقِيَاسِ فِي إثْبَاتِ الْقِيَاسِ ‏,‏ فَانْظُرُوا وَاعْتَبِرُوا ‏,‏ وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَقُولَ زَيْدٌ ‏,‏ أَوْ عَلِيٌّ ‏,‏ أَوْ ابْنُ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهم ، هَذِهِ الْفَضَائِحَ‏.‏ وَهَلْ رَأَى قَطُّ ذُو مَسْكَةِ عَقْلٍ أَنَّ غُصْنَيْنِ تَفَرَّعَا مِنْ غُصْنٍ مِنْ شَجَرَةٍ ‏,‏ أَوْ جَدْوَلَيْنِ تَشَعَّبَا مِنْ خَلِيجٍ مِنْ نَهْرٍ يُوجِبُ حُكْمًا فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ بِانْفِرَادِهِ دُونَهُمْ ‏,‏ أَوْ بِانْفِرَادِهِمْ دُونَهُ ‏,‏ فَكَيْفَ إنْ صِرْنَا إلَى إيجَابِ سُدُسٍ ‏,‏ أَوْ رُبْعٍ ‏,‏ أَوْ ثُلُثٍ ‏,‏ أَوْ مُعَادَةٍ ‏,‏ أَوْ مُقَاسَمَةٍ ‏,‏ وَاَللَّهِ مَا قَالَ قَطُّ زَيْدٌ ‏,‏ وَلاَ عَلِيٌّ ‏,‏ وَلاَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ التَّخَالِيطِ ‏,‏ وَهَذَا آفَةُ الْمُرْسَلِ ‏,‏ وَرِوَايَةُ الضُّعَفَاءِ سُفْيَانُ ‏:‏ أَنَّ زَيْدًا ‏,‏ وَعَلِيًّا ‏,‏ قَالاَ لِعُمَرَ بِاَللَّهِ إنَّ هَذِهِ لَطَفْرَةٌ وَاسِعَةٌ ‏,‏ وَعِيسَى الْحَنَّاطُ ‏,‏ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ‏:‏ هُمَا وَاَللَّهِ المرءان يُرْغَبُ عَنْ رِوَايَتِهِمَا ‏,‏ وَلاَ يُقْبَلاَنِ إِلاَّ مَعَ عَدْلٍ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ‏.‏ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ ‏:‏ لَيْسَ لِلْجَدِّ فَرْضٌ مَعْلُومٌ ‏,‏ إنَّمَا هُوَ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى حَسَبِ قِلَّةِ الْإِخْوَةِ وَكَثْرَتِهِمْ ‏,‏ فَوَجَدْنَاهُ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ ‏;‏ لأََنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْجَدِّ فَرْضٌ لاَزِمٌ ‏,‏ فَحَرَامٌ أَخْذُ مَالِ الْإِخْوَةِ وَإِعْطَاؤُهُ إيَّاهُ ‏,‏ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِمْ الصَّغِيرُ ‏,‏ وَالْمَجْنُونُ ‏,‏ وَالْكَارِهُ ‏,‏ وَالْغَائِبُ‏.‏ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ‏}‏‏.‏ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ‏.‏

وَقَالَ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا‏}‏‏.‏ فَإِذْ لِكُلِّ وَارِثٍ نَصِيبٌ مَفْرُوضٌ مِمَّا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَحَرَامٌ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ وَإِعْطَاؤُهُ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ نَصٍّ وَارِدٍ فِي ذَلِكَ ‏,‏ وَلَمْ نَجِدْ لِهَذَا الْقَوْلِ حُجَّةً أَصْلاً إِلاَّ الَّتِي سَلَفَتْ قَبْلُ مِمَّا قَدْ أَبْطَلْنَاهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الأَقْوَالِ الْبَاقِيَةِ مِنْ مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ الْإِخْوَةَ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ ‏,‏ أَوْ إلَى ثَمَانِيَةٍ ‏,‏ أَوْ إلَى سَبْعَةٍ ‏,‏ أَوْ إلَى سِتَّةٍ ‏,‏ أَوْ إلَى ثَلاَثَةٍ ‏:‏ فَوَجَدْنَاهَا كُلَّهَا عَارِيَّةً مِنْ الدَّلِيلِ ‏,‏ لاَ يُوجِبُ شَيْئًا مِنْهَا ‏,‏ لاَ قُرْآنٌ ‏,‏ وَلاَ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ ‏,‏ وَلاَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ ‏,‏ وَلاَ دَلِيلُ إجْمَاعٍ ‏,‏ وَلاَ نَظَرٍ ‏,‏ وَلاَ قِيَاسٍ‏.‏ ثُمَّ وَجَدْنَا أَكْثَرَهَا لاَ يَصِحُّ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏ أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عِمْرَانَ ‏,‏ وَأَبِي مُوسَى رضي الله عنهما ‏,‏ فَغَيْرُ مَعْرُوفَةٍ يَعْنِي فِي مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ اثْنَيْ عَشَرَ أَخًا لَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ‏.‏

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه‏:‏ أَنَّهُ يُقَاسِمُهُمْ إلَى سَبْعَةٍ فَيَكُونُ لَهُ الثُّمُنُ ‏,‏ فَفِيهَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ‏,‏ وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ‏.‏

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْمُقَاسَمَةِ بَيْنَ الْجَدِّ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ فَيَكُونُ لَهُ السُّبْعُ فَصَحِيحَةٌ إلَى الشَّعْبِيِّ ‏,‏ ثُمَّ لاَ يَصِحُّ لِلشَّعْبِيِّ سَمَاعٌ مِنْ عَلِيٍّ أَصْلاً ‏,‏ وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِيٍّ‏.‏

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَعَلِيٍّ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ الْإِخْوَةَ إلَى خَمْسَةٍ ‏,‏ فَيَكُونُ لَهُ السُّدُسُ ‏,‏ فَهِيَ ثَابِتَةٌ عَنْهُمْ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ عَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ‏.‏

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ لِلْجَدِّ الثُّلُثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلاَ تَصِحُّ ‏;‏ لأََنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْ قَتَادَةَ ‏:‏ أَنَّ عَلِيًّا ‏,‏ وَقَتَادَةَ ‏:‏ لَمْ يُولَدْ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ عَلِيٍّ رضي الله عنه‏.‏

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَعُثْمَانَ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ ‏:‏ بِمُقَاسَمَةِ الْجَدِّ الْإِخْوَةَ إلَى الثُّلُثِ ‏,‏ فَإِنَّمَا جَاءَتْ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ ‏,‏ وَعُثْمَانَ ‏,‏ وَأَنَّ زَيْدًا كَتَبَ إلَى مُعَاوِيَةَ وَلَمْ يُدْرِكْ يَحْيَى أَحَدًا مِنْ هَؤُلاَءِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الْمُعَلَّى الْعَطَّارِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ ‏,‏ وَعُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ عَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْهَيْثَمِ بْنِ بَدْرٍ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ التَّوْأَمِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ‏,‏ وَعُمَرَ ‏,‏ وَعُثْمَانَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ إسْرَائِيلُ ضَعِيفٌ وَجَابِرٌ سَاقِطٌ وَالْهَيْثَمُ بْنُ بَدْرٍ مَجْهُولٌ‏.‏

وَأَمَّا أَبُو الْمُعَلَّى الْعَطَّارُ ‏,‏ فَهُوَ يَحْيَى بْنُ مَيْمُونٍ مِصْرِيٌّ ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِهِ ‏,‏ فَهِيَ مِنْ طَرِيقِ جَيِّدَةٍ ‏,‏ وَإِلَيْهَا رَجَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ ‏,‏ وَعُمَرُ‏.‏

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ بِالتَّفْصِيلِ الطَّوِيلِ عَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ‏:‏ فَلاَ تَصِحُّ أَلْبَتَّةَ ‏;‏ لأََنَّهُ مُنْقَطِعٌ عَنْ عُمَرَ ‏,‏ إنَّمَا هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ‏,‏ وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ ، وَلاَ يَصِحُّ سَمَاعٌ لِعُبَيْدِ اللَّهِ ، وَلاَ لِقَبِيصَةَ مِنْ عُمَرَ أَصْلاً ‏,‏ وَلاَ لِسَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ ‏,‏ إِلاَّ نَعْيَهُ النُّعْمَانَ بْنَ مُقْرِنٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَطْ ‏,‏ مَاتَ عُمَرُ رضي الله عنه وَلِسَعِيدٍ ثَمَانِ سِنِينَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ‏:‏ أَنَّ زَيْدًا وَلَمْ يَلْقَ إبْرَاهِيمُ قَطُّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ، وَلاَ أَخْبَرَ مِمَّنْ سَمِعَهُ ‏,‏ أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ زَيْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ ‏,‏ وَالتَّرْكِ ‏,‏ وَلاَ سَبِيلَ إلَى أَنْ يُوجَدَ عَنْ زَيْدٍ مِنْ غَيْرِ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ إِلاَّ مَنْ أُسْقِطَ مِنْهُمَا إنْ وُجِدَتْ ، وَلاَ يَصِحُّ عَنْ زَيْدٍ فِي هَذَا شَيْءٌ ‏,‏ إِلاَّ قَوْلُهُ فِي أُمٍّ ‏,‏ وَجَدٍّ ‏,‏ وَأُخْتٍ ‏,‏ فَقَطْ ‏,‏ لأََنَّهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ ‏,‏ وَالشَّعْبِيُّ قَدْ لَقِيَهُ‏.‏ وَقَدْ

رُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ زَيْدًا لَمْ يَقُلْ فِي ‏"‏ الأَكْدَرِيَّةِ ‏"‏ شَيْئًا‏.‏ وَقَدْ

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ‏,‏ وَمَعْمَرٍ ‏,‏ وَهِشَامِ بْنِ حُسَامٍ ‏,‏ قَالَ سُفْيَانُ ‏,‏ وَمَعْمَرٌ ‏,‏ كِلاَهُمَا عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ‏,‏ وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ‏,‏ ثُمَّ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ ‏,‏ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ ‏:‏ سَأَلْت عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيَّ عَنْ فَرِيضَةٍ فِيهَا جَدٌّ فَقَالَ عَبِيدَةُ لَقَدْ حَفِظْت عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِيهَا مِائَةَ قَضِيَّةٍ مُخْتَلِفَةٍ ‏,‏ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ ‏:‏ فَقُلْت لِعُبَيْدَةَ عَنْ عُمَرَ قَالَ ‏:‏ عَنْ عُمَرَ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ لاَ سَبِيلَ إلَى وُجُودِ إسْنَادٍ أَصَحَّ مِنْ هَذَا وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ وَيُنْكِرُهُ ‏,‏ وَيَقُولُ ‏:‏ مُحَالٌ أَنْ يَقْضِيَ فِيهَا مِائَةَ قَضِيَّةٍ ‏,‏ وَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ هَذَا مُحَالاً ‏,‏ إذْ قَدْ يَرْجِعُ مِنْ قَوْلٍ إلَى قَوْلٍ ‏,‏ ثُمَّ إلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ ‏,‏ ثُمَّ يَعُودُ إلَى الثَّانِي مِرَارًا ‏,‏ فَهِيَ كُلُّهَا قَضَايَا مُخْتَلِفَةٌ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلاَّ قَوْلَيْنِ ‏,‏ ثُمَّ يُصَحَّحُ الْبَاطِلُ الْمُحَالُ الَّذِي لاَ يُعْقَلُ مِنْ إيجَابِ الْمُقَاسَمَةِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ إلَى سِتَّةٍ ‏,‏ أَوْ إلَى ثَلاَثَةٍ مِنْ أَجْلِ غُصْنَيْنِ تَشَعَّبَا مِنْ غُصْنٍ مِنْ شَجَرَةٍ أَوْ مِنْ أَجْلِ جَدْوَلَيْنِ مِنْ خَلِيجٍ مِنْ نَهْرٍ‏.‏ فَاعْجَبُوا لِهَذِهِ الْمَصَائِبِ ‏,‏ وَلِهَذِهِ الْإِطْلاَقَاتِ عَلَى الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فِي الدِّينِ ‏,‏ وَاعْجَبُوا لأَِنْكَارِ الْحَقِّ ‏,‏ وَتَحْقِيقِ الْبَاطِلِ الَّذِي لاَ خَفَاءَ بِهِ

قال أبو محمد ‏:‏ فَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّ قَوْلَ زَيْدٍ مَنْقُولٌ عَنْهُ نَقْلَ التَّوَاتُرِ كَذَبُوا ‏,‏ وَإِنَّمَا اشْتَهَرَتْ تِلْكَ الْمَقَالَةُ لَمَّا اتَّفَقَ أَنْ قَالَ بِهَا مَالِكٌ ‏,‏ وَسُفْيَانُ ‏,‏ وَالأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ ‏,‏ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ اشْتَهَرَتْ عِنْدَ مَنْ قَلَّدَهُمْ فَانْتَشَرَتْ عَنْ مُقَلِّدِيهِمْ ‏,‏ وَأَصْلُهَا وَاهٍ ‏,‏ وَمَخْرَجُهَا سَاقِطٌ ‏,‏ وَمَنْبَعُهَا لاَ يَصِحُّ أَصْلاً ‏,‏ وَإِنَّمَا هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَخَذُوا بِهَذِهِ الْقَوْلَةِ كَانُوا يَقُولُونَ بِالْمُرْسَلِ ‏,‏ حَاشَ الشَّافِعِيَّ ‏,‏ فَقَدْ أَقَرَّ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ فَارَقَ أَصْلَهُ فِي الْفَرَائِضِ ‏,‏ فَقَلَّدَ مَا رُوِيَ عَنْ زَيْدٍ ‏,‏ وَأَقْوَالُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَلِيلَ الْبَصَرِ بِالْفَرَائِضِ ‏,‏ وَإِلَّا فَلْيَأْتُونَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ قَالَ بِهَا كَمَا وَجَدْنَاهَا عَنْ هَؤُلاَءِ

قال أبو محمد ‏:‏ وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ قَالَ ‏:‏ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ ‏:‏ أَفْرَضُ أُمَّتِهِ ‏:‏ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ

قلنا ‏:‏ هَذِهِ رِوَايَةٌ لاَ تَصِحُّ ‏,‏ إنَّمَا جَاءَتْ إمَّا مُرْسَلَةً ‏,‏

وَأَمَّا مِمَّا حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذُرِيُّ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ أَنَا عَلِيُّ بْنُ مَكِّيِّ بْنِ عَيْسُونَ الْمُرَادِيُّ ‏,‏ وَأَبُو الْوَفَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشِّيرَازِيُّ ‏:‏ قَالَ مَكِّيٌّ ‏:‏ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْهَرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَسْنَوَيْهِ الْمُقْرِي بِنَيْسَابُورَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التِّرْمِذِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ دَاوُد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ ‏,‏ وَفِيهِ ‏:‏ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ‏,‏ وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ‏.‏ وَقَالَ أَبُو الْوَفَا ‏:‏ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ السَّقَطِيُّ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ ‏,‏ وَفِيهِ ‏:‏ وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ‏.‏ قَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ‏:‏ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ السَّمْحِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ الْكَوْثَرِ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ ‏,‏ وَفِيهِ ‏:‏ وَإِنَّ أَقْرَأَهَا لاَُبَيٌّ ‏,‏ وَإِنَّ أَفْرَضَهَا لَزَيْدٌ ‏,‏ وَإِنَّ أَقْضَاهَا لَعَلِيٌّ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ هَذِهِ أَسَانِيدُ مُظْلِمَةٌ ‏;‏ لأََنَّ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ ‏,‏ وَأَبَا حَامِدِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ مَجْهُولاَنِ وَإِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ مِثْلُهُمَا ‏,‏ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ إنْ كَانَ غُلاَمَ خَلِيلٍ فَهُوَ هَالِكٌ مُتَّهَمٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَهُوَ مَجْهُولٌ‏.‏ وَالْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ ‏,‏ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ ‏,‏ وَالْكَوْثَرُ ‏:‏ مَجْهُولُونَ‏.‏ ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا حُجَّةٌ ‏;‏ لأََنَّهُ لاَ يُوجِبُ كَوْنَهُ أَفْرَضَهُمْ أَنْ يُقَلَّدَ قَوْلُهُ ‏,‏ كَمَا لَمْ يَجِبْ عِنْدَهُمْ مَا فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ مِنْ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَقْرَؤُهُمْ ‏,‏ وَعَلِيًّا أَقْضَاهُمْ أَنْ يَقْتَصِرُوا عَلَى قِرَاءَةِ أُبَيٍّ دُونَ سَائِرِ الْقِرَاءَاتِ ‏,‏ وَلاَ عَلَى أَقْضِيَةِ عَلِيٍّ دُونَ أَقْضِيَةِ غَيْرِهِ وَهُمْ يُقِرُّونَ أَنَّ الصَّحَابَةَ خَالَفُوا زَيْدًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ‏.‏ ثُمَّ الْمَالِكِيُّونَ قَدْ خَالَفُوهُ فِي فَرَائِضِ الْجَدَّةِ ‏,‏ كَمَا ذَكَرْنَا فِي رِوَايَتِهِمْ عَنْ زَيْدٍ بِمِثْلِ هَذِهِ الَّتِي تَعَلَّقُوا بِهَا ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ يُوَرِّثُ ثَلاَثَ جَدَّاتٍ ‏,‏ وَهُمْ لاَ يُوَرِّثُونَ إِلاَّ جَدَّتَيْنِ ‏,‏ فَمَرَّةً يَكُونُ زَيْدٌ حُجَّةً ‏,‏ وَمَرَّةً لاَ يَكُونُ حُجَّةً هَذَا هُوَ التَّلاَعُبُ بِالدِّينِ‏.‏

وَأَيْضًا ‏:‏ فَإِنَّ فِي تِلْكَ الرِّوَايَاتِ الْوَاهِيَاتِ الَّتِي تَعَلَّقُوا بِهَا بَيَانًا جَلِيًّا بِأَنَّ زَيْدًا إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ لاَ عَنْ سُنَّةٍ عِنْدَهُ ‏,‏ فَلَوْ صَحَّتْ عَنْهُ لَمَا كَانَ رَأْيُهُ أَوْلَى مِنْ رَأْيِ غَيْرِهِ ‏,‏ وَهُمْ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى إنْكَارِ هَذَا أَصْلاً ‏,‏ فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ الأَخْتِلاَفُ عَنْ زَيْدٍ كَمَا أَوْرَدْنَا بِأَقْوَالٍ عَنْهُ مُخْتَلِفَةٍ ‏,‏ وَيَكْفِي مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهَا بَاطِلٌ ‏,‏ وَأَنَّ قَوْلَتَهُمْ الَّتِي قَلَّدُوا فِيهَا زَيْدًا لاَ تَصِحُّ عَنْهُ

قال أبو محمد ‏:‏ نُعِيذُ اللَّهَ زَيْدًا وَعُمَرَ مِنْ أَنْ يَقُولاَ تِلْكَ الْقَوْلَةَ الَّتِي لاَ نَعْلَمُ فِي الأَقْوَالِ أَشَدَّ تَخَاذُلاً مِنْهَا ‏;‏ لأََنَّ فِيهَا ‏:‏ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَمُوتُ وَتَتْرُكُ ‏:‏ زَوْجًا ‏,‏

وَأَمَّا ‏,‏ وَأُخْتًا شَقِيقَةً ‏,‏ وَجَدًّا ‏:‏ أَنَّ لِلزَّوْجِ ثَلاَثَةً مِنْ سِتَّةٍ ‏,‏ وَلِلْأُمِّ اثْنَيْنِ مِنْ سِتَّةٍ ‏,‏ وَلِلْجَدِّ وَاحِدًا مِنْ سِتَّةٍ ‏,‏ ثُمَّ يُعَالُ لِلْأُخْتِ بِثَلاَثَةٍ مِنْ سِتَّةٍ ‏:‏ صَارَتْ تِسْعَةً فَيَأْخُذُ الْجَدُّ السُّدُسَ الَّذِي وَجَبَ لَهُ ‏,‏ ثُمَّ يَضُمُّهُ إلَى النِّصْفِ الَّذِي وَجَبَ لِلْأُخْتِ فَيَخْلِطَانِهِ ‏,‏ ثُمَّ يَأْخُذُ الْجَدُّ ثُلُثَيْ مَا اجْتَمَعَ ‏,‏ وَالْأُخْتُ ثُلُثَ مَا اجْتَمَعَ‏.‏ فَيَا لَلْعَجَبِ إنْ كَانَتْ الأَسْهُمُ الثَّلاَثَةُ الَّتِي عِيلَ بِهَا لِلْأُخْتِ قَدْ وَجَبَتْ لِلْأُخْتِ ‏,‏ فَلَمْ يُعْطَ الْجَدُّ مِنْهَا فَلْسًا ‏,‏ وَكَيْفَ يُنْتَزَعُ حَقُّ الْأُخْتِ وَيُعْطَى لِمَنْ لاَ يَجِبُ لَهُ وَهُوَ الْجَدُّ وَلَعَلَّهَا صَغِيرَةٌ ‏,‏ أَوْ مَجْنُونَةٌ ‏,‏ أَوْ غَائِبَةٌ ‏,‏ أَوْ كَارِهَةٌ فَهُوَ ظُلْمٌ وَأَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ‏.‏ وَإِنْ كَانَتْ الثَّلاَثَةُ الأَسْهُمِ الَّتِي عِيلَ بِهَا لِلْأُخْتِ لَمْ تَجِبْ لَهَا فَلأََيِّ شَيْءٍ أَخَذُوهَا مِنْ يَدِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ وَقَالُوا ‏:‏ هَذَا سَهْمُ الْأُخْتِ وَهَذَا هُوَ الْكَذِبُ ‏,‏ فَلاَ شَكَّ أَنْ يَقُولُوا ‏:‏ هُوَ سَهْمُهَا وَلَيْسَ هُوَ سَهْمَهَا وَهَذَا ظُلْمٌ لِلزَّوْجِ وَلِلْأُمِّ ‏,‏ وَأَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ‏.‏ ثُمَّ يَقُولُونَ فِي أُخْتٍ شَقِيقَةٍ ‏,‏ وَأَخٍ لأََبٍ ‏,‏ وَجَدٍّ ‏:‏ أَنَّ الشَّقِيقَةَ تَقُولُ لِلْجَدِّ ‏:‏ هَذَا أَخِي لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَقْتَسِمَ الْمَالَ مَعِي وَمَعَك ‏,‏ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَيَقُولُ الْجَدُّ ‏:‏ كَلًّا ‏,‏ إنَّمَا هُوَ أَخٌ لِلْمَيِّتِ لأََبٍ ‏,‏ لاَ يُقَاسِمُك أَصْلاً ‏,‏ إمَّا أَنْت ذَاتُ فَرْضٍ مُسَمًّى فَتَقُولُ لَهُ الْأُخْتُ ‏:‏ مَا عَلَيْك مِنْ هَذَا هُوَ أَخُونَا فَيُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ الْجَدِّ ‏,‏ لَهُ الْخُمُسَانِ ‏,‏ وَلِلأَخِ لِلأَبِ الْخُمُسَانِ ‏,‏ وَلِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ الْخَمْسُ فَإِذَا أَخَذَ الْجَدُّ سَهْمَهُ وَوَلَّى خَاسِئًا قَالَتْ الْأُخْتُ لأََخِيهَا ‏:‏ مَكَانَك ‏,‏ خَلِّ يَدَك عَنْ الْمَالِ ‏,‏ إنَّمَا أَقَمْتُك لأَُزِيلَ عَنْ يَدِ جَدِّنَا مَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُ ‏,‏ وَأَنَا أَوْلَى بِهَذَا مِنْك فَيُنْتَزَعُ مِنْ يَدِ الأَخِ مِمَّا أَعْطَوْهُ عَلَى أَنَّهُ حَظُّهُ مِنْ الْمِيرَاثِ خُمْسًا وَنِصْفَ خَمْسٍ ‏,‏ فَتَأْخُذُهُ الْأُخْتُ ‏,‏ فَيَحْصُلُ لَهَا النِّصْفُ ‏,‏ وَلِلْجَدِّ الْخُمُسَانِ ‏,‏ وَلِلْأُخْتِ لِلأَبِ نِصْفُ الْخَمْسِ ‏,‏ فَإِنْ كَانَتَا أُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ ‏,‏ وَأَخًا لأََبٍ ‏,‏ وَجَدًّا فَعَلْنَا كَذَلِكَ ‏,‏ فَإِذَا وُلِّيَ الْجَدُّ انْتَزَعَ مَا بِيَدِ الْأُخْتِ لِلأَبِ كُلِّهِ ‏,‏ وَأَخَذَهُ الْأُخْتَانِ‏.‏ فَانْظُرُوا فِي هَذِهِ الْأُعْجُوبَةِ لَئِنْ كَانَ لِلأَخِ لِلأَبِ حَقٌّ وَاجِبٌ فَمَا يَحِلُّ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لاَ حَقَّ لَهُ فَمَا يَحِلُّ أَنْ يُقَامَ وَلِيجَةً لِيُعْطِيَ بِالأَسْمِ مَا لاَ يَأْخُذُهُ فِي الْحَقِيقَةِ ‏,‏ وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ غَيْرُهُ‏.‏ ثُمَّ يَقُولُونَ فِي ابْنَتَيْنِ ‏,‏ وَزَوْجٍ ‏,‏ وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ أَوْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ ‏,‏ أَوْ أَخٍ شَقِيقٍ ‏,‏ وَجَدٍّ ‏:‏ أَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَلِلزَّوْجِ الرُّبْعَ ‏,‏ وَلِلْجَدِّ السُّدُسَ ‏,‏ يُعَالُ لَهُ بِهِ ‏,‏ وَلاَ شَيْءَ لِلأَخِ ‏,‏ وَلاَ لِلْأُخْتِ ‏,‏ وَلاَ لِلْإِخْوَةِ ‏,‏ وَلاَ لِلأَخَوَاتِ‏.‏ فَمَرَّةً يَحْتَاطُونَ لِلْجَدِّ فَيَنْتَزِعُونَ مِنْ يَدِ الْأُخْتِ مَا يَقُولُونَ أَنَّهُ فَرْضُهَا ‏,‏ وَيَرُدُّونَ أَكْثَرَهُ عَلَى الْجَدِّ‏.‏ وَمَرَّةً يُوَرِّثُونَ الْجَدَّ وَيَمْنَعُونَ الْإِخْوَةَ جُمْلَةً‏.‏ وَمَرَّةً يَحْتَاطُونَ لِلْأُخْتِ فَيُقِيمُونَ وَلِيجَةً يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ يُوَرِّثُونَهُ وَهُمْ لاَ يُوَرِّثُونَهُ ‏,‏ إنَّمَا يُعْطُونَهُ لِلْأُخْتِ وَيَحْرِمُونَ الْجَدَّ‏.‏ هَذِهِ مُخَاتَلاَتٌ قَدْ نَزَّهَ اللَّهُ تَعَالَى زَيْدًا عَنْهَا ‏,‏ وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ أَنَّ زَيْدًا مَا قَالَهَا قَطُّ ‏,‏ وَلاَ عُمَرُ ‏,‏ كَانَ وَاَللَّهِ زَيْدٌ ‏,‏ وَعُمَرُ رضي الله عنهما أَخْوَفَ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَعْلَمَ مِنْ أَنْ يَقُولاَ هَذَا‏.‏ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ فَإِذْ قَدْ بَطَلَتْ هَذِهِ الأَقْوَالُ كُلُّهَا بِيَقِينٍ لاَ إشْكَالَ فِيهِ فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَوْلُ مَنْ قَالَ ‏:‏ إنَّهُ أَبٌ لاَ يَرِثُ مَعَهُ مَنْ لاَ يَرِثُ مَعَ الأَبِ ‏,‏ وَهُوَ قَوْلٌ قَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ‏,‏ وَعَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَابْنِ عَبَّاسٍ ‏,‏ وَابْنِ الزُّبَيْرِ‏.‏ وَجَاءَتْ عَنْ عُثْمَانَ ‏,‏ وَعَلِيٍّ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ بِأَسَانِيدَ إنْ لَمْ تَكُنْ أَحْسَنَ مِنْ أَسَانِيدِ الأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّتِي تَعَلَّقُوا بِهَا عَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَعُثْمَانَ ‏,‏ وَعَلِيٍّ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ ‏,‏ وَزَيْدٍ ‏:‏ لَمْ تَكُنْ دُونَهَا‏.‏ فَمَنْ أَعْجَبُ مِمَّنْ تَرَكَ رِوَايَةً صَحَّتْ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ‏,‏ وَرُوِيَتْ عَنْ جُمْهُورِهِمْ ‏,‏ وَجُمْهُورِ التَّابِعِينَ لِرِوَايَةٍ فَاسِدَةٍ لَمْ تَصِحَّ قَطُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ‏,‏ وَإِنَّمَا جَاءَتْ عَنْ بَعْضِهِمْ بِاخْتِلاَفٍ عَنْ الَّذِي رُوِيَتْ عَنْهُ أَيْضًا نَفْسِهِ ‏,‏ وَرُجُوعٍ مِنْ قَوْلٍ إلَى قَوْلٍ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ تَشْنِيعٍ بِاتِّبَاعِ الْجُمْهُورِ ‏,‏ وَهُمْ هَاهُنَا قَدْ خَالَفُوا الْجُمْهُورَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَهُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ ‏,‏ وَهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يُعْطَى الْجَدُّ مَعَ الْبَنِينَ الذُّكُورِ ‏,‏ وَالْبَنَاتِ مَا يُعْطَى الأَبُ مَعَهُمْ‏.‏ وَأَجْمَعُوا عَلَى تَوْرِيثِ الْجَدِّ مَعَ الْبَنِينَ الذُّكُورِ ‏,‏ وَعَلَى أَنَّ الْإِخْوَةَ لاَ يَرِثُونَ مَعَهُ هُنَالِكَ شَيْئًا‏.‏ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لاَ يُوَرِّثُوا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ مَعَ الْجَدِّ شَيْئًا ‏,‏ كَمَا لاَ يَرِثُونَ مَعَ الأَبِ وَلَيْسَ هَذَا إجْمَاعًا فِي الأَصْلِ ‏,‏ فَقَدْ جَاءَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَوْرِيثُهُمْ مَعَ الأَبِ وَمَعَ الْجَدِّ‏.‏ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لاَ يُوَرِّثُوا بَنِي الأَخِ مَعَ الْجَدِّ ‏,‏ كَمَا لاَ يُوَرِّثُونَهُمْ مَعَ الأَبِ وَلَيْسَ هَذَا إجْمَاعًا فِي الأَصْلِ ‏:‏ فَقَدْ جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ تَوْرِيثُهُمْ مَعَ الْجَدِّ‏.‏ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لاَ يُوَرِّثُوا الأَعْمَامَ مَعَ الْجَدِّ ‏,‏ كَمَا لاَ يَرِثُونَ مَعَ الأَبِ‏.‏ وَأَجْمَعُوا عَلَى ابْنِ الأَبْنِ أَنَّهُ يَرِثُ مِيرَاثَ الأَبْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ ابْنٌ ‏,‏ وَلاَ يَرِثُ إخْوَةُ الْجَدِّ مِنْهُ شَيْئًا مَعَهُمْ ثُمَّ لَمْ يَقِيسُوا عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا تَوْرِيثَ الْجَدِّ مِنْ ابْنِ ابْنِهِ دُونَ إخْوَتِهِ ‏,‏ وَلاَ قَاسُوهُ عَلَى الأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ‏.‏ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ أَبٌ فِي تَحْرِيمِ مَا نَكَحَ ‏,‏ وَفِي تَحْرِيمِ الْقَرَائِبِ ‏,‏ فَلاَ الْقِيَاسَ أَحْسَنُوا ‏,‏ وَلاَ التَّقْلِيدَ اتَّبَعُوا ‏,‏ وَلاَ النَّظَرَ الْتَزَمُوا ‏,‏ وَلاَ بِالنَّصِّ أَخَذُوا

قال أبو محمد ‏:‏ وَاَلَّذِي نَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي هَذَا هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَلأََبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأَُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأَُمِّهِ السُّدُسُ‏}‏‏.‏

وَقَوْله تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ‏}

فَصَحَّ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ ‏,‏ وَأَنَّ ابْنَ الأَبْنِ ابْنٌ ‏,‏ فَلَهُ مِيرَاثُ الأَبِ ‏;‏ لأََنَّهُ أَبٌ ‏,‏ وَلأَبْنِ الأَبْنِ مِيرَاثُ الأَبْنِ ‏;‏ لأََنَّهُ ابْنٌ وَكَفَى وَإِنَّ الْعَجَبَ لَيَعْظُمُ مِمَّنْ خَفِيَ عَلَيْهِ هَذَا وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ وَقَدْ أَتَى بَعْضُهُمْ بِآبِدَةٍ ‏,‏ وَهِيَ أَنْ قَالَ ‏:‏ لَيْسَ مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَعَلَ الْجَدَّ أَبًا ‏:‏ بَيَانَ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمِيرَاثِ ‏,‏ قَالَ ‏:‏

وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَا خَالَفَهُ عُمَرُ عَلَى تَعْظِيمِهِ أَبَا بَكْرٍ‏.‏ وَذَكَرُوا

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ الشَّعْبِيِّ ‏:‏ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ فِي ‏"‏ الْكَلاَلَةِ ‏"‏ أَقْضِي فِيهَا فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ ‏,‏ وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ ‏,‏ وَاَللَّهُ مِنْهُ بَرِيءٌ ‏:‏ هُوَ مَا دُونَ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ فَقَالَ عُمَرُ ‏:‏ إنِّي لاََسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ أَنْ أُخَالِفَ أَبَا بَكْرٍ

قال أبو محمد ‏:‏ هَذَا كُلُّهُ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ الْقَبِيحَةِ ‏:‏ أَوَّلُ ذَلِكَ ‏:‏ أَنَّ هَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ ‏,‏ أَيْنَ الشَّعْبِيُّ مِنْ عُمَرَ وَاَللَّهِ مَا وُلِدَ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ بِأَزْيَدَ مِنْ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ ثُمَّ إنَّهَا رِوَايَةٌ بَاطِلَةٌ بِلاَ شَكٍّ ‏,‏ لأََنَّ مُخَالَفَةَ عُمَرَ لأََبِي بَكْرٍ أَشْهَرُ مِنْ الشَّمْسِ ‏,‏ وَلَيْسَ تَعْظِيمُهُ إيَّاهُ بِمُوجِبٍ أَنْ لاَ يُخَالِفَهُ ‏:‏ وَأَوَّلُ ذَلِكَ ‏:‏ الْخَبَرُ الَّذِي أَوْرَدْنَا بِأَصَحِّ إسْنَادٍ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ عُمَرُ ‏:‏ إنِّي قَدْ رَأَيْت فِي الْجَدِّ رَأْيًا ‏,‏ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ ‏:‏ إنْ نَتَّبِعْ رَأْيَك فَإِنَّهُ رَأْيُ رُشْدٍ ‏,‏ وَإِنْ نَتَّبِعْ رَأْيَ الشَّيْخِ قَبْلَك ‏,‏ فَنِعْمَ ذَوِي الرَّأْيِ كَانَ قَالَ عُثْمَانُ ‏:‏ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَجْعَلُهُ أَبًا فَاعْجَبُوا لِهَذَا الْعَمَى ‏,‏ وَلِعِبَادَةِ الْهَوَى وَالْمُجَاهَرَةِ بِالْكَذِبِ ‏,‏ وَانْظُرُوا هَلْ يَحْتَمِلُ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ عُثْمَانَ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَجْعَلُ الْجَدَّ أَبًا فِي الْمِيرَاثِ‏.‏ وَقَدْ صَحَّ خِلاَفُ عُمَرَ لأََبِي بَكْرٍ فِي ‏"‏ الْكَلاَلَةِ ‏"‏ نَفْسِهَا ‏,‏ وَفِي تَرْكِ الأَسْتِخْلاَفِ وَفِي قَضَايَا كَثِيرَةٍ جِدًّا نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلاَنِ‏.‏ ثُمَّ لَوْ صَحَّ مَا قَالَ لَكَانَ لَمْ يُخَالِفْهُ عُمَرُ ‏;‏ لأََنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ ‏:‏ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْجَدَّ أَبٌ فِي الْمِيرَاثِ كَمَا أَوْرَدْنَا ‏,‏ فَلَمْ يُخَالِفْ أَبَا بَكْرٍ إذَا وَافَقَهُ فِي ذَلِكَ ‏,‏ بَلْ هُوَ آخِرُ قَوْلٍ قَالَهُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ كَمَا أَوْرَدْنَا ‏,‏ فَهُوَ أَوَّلُ أَقْوَالِ عُمَرَ وَآخِرُ أَقْوَالِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ لاَ دَاخِلَةَ فِيهِ

قال أبو محمد ‏:‏ وَمِنْ بَرَاهِينِنَا أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ‏:‏ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ فِي الْقُرْآنِ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ أَلْبَتَّةَ ‏,‏ وَلاَ مِيرَاثَ الأَخَوَاتِ إِلاَّ فِي آيَتَيْ ‏"‏ الْكَلاَلَةِ ‏"‏ فَوَجَبَ ضَرُورَةً بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنْ لاَ يَرِثَ أَخٌ ‏,‏ وَلاَ أُخْتٌ ‏,‏ إِلاَّ فِي مِيرَاثِ الْكَلاَلَةِ ‏,‏ وَوَجَبَ أَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِيرَاثُ الْكَلاَلَةِ ‏,‏ إِلاَّ مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ رَاجِعٍ إلَى النَّصِّ ‏:‏ فَوَجَدْنَا مَنْ وَرِثَهُ إخْوَةٌ ذُكُورٌ أَوْ إنَاثٌ ‏,‏ أَوْ كِلاَهُمَا أَشِقَّاءُ ‏,‏ أَوْ لأََبٍ أَوْ لأَُمٍّ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ ذَكَرٌ ‏,‏ وَلاَ وَلَدُ وَلَدٍ ذَكَرٌ ‏,‏ وَلاَ ابْنَةٌ ‏,‏ وَلاَ أَبٌ ‏,‏ وَجَدٌّ لأََبٍ ‏,‏ فَإِنَّهُ إجْمَاعٌ مَقْطُوعٌ عَلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَّةِ ‏,‏ عَلَى أَنَّهُ مِيرَاثُ كَلاَلَةٍ‏.‏ وَوَجَدْنَا السَّلَفَ مُخْتَلِفِينَ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ ‏:‏ هُوَ مِيرَاثُ كَلاَلَةٍ ‏,‏ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ ‏:‏ لَيْسَ مِيرَاثَ كَلاَلَةٍ ‏,‏ فَوَجَبَ الأَنْقِيَادُ لِلْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ ‏,‏ وَتَرْكُ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ ‏,‏ إذْ لاَ نَصَّ عِنْدَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي ذَلِكَ ‏,‏ فَوَجَبَ أَنْ لاَ مِيرَاثَ أَلْبَتَّةَ لأََخٍ ‏,‏ ، وَلاَ لأَُخْتٍ مَا دَامَ لِلْمَيِّتِ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا إِلاَّ أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ نَصٌّ فَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا النَّصِّ الآخَرِ ‏,‏ وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلاَّ فِي الأَخِ الذَّكَرِ الشَّقِيقِ ‏,‏ أَوْ لِلأَبِ مَعَ الأَبْنَةِ وَالْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا ‏,‏ وَفِي الْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ وَالْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ عَاصِبٌ ذَكَرٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

1737 - مسألة‏:‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ ‏:‏ أَخًا لأََبٍ ‏,‏ وَابْنَ أَخٍ شَقِيقٍ ‏:‏ فَالأَخُ لِلأَبِ أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ بِلاَ خِلاَفٍ ‏;‏ لأََنَّهُ أَوْلَى رَجُلٍ ذُكِرَ ‏,‏ وَابْنُ الأَخِ الشَّقِيقِ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ ابْنِ الأَخِ لِلأَبِ ‏,‏ لأََنَّهُ أَوْلَى رَجُلٍ ذُكِرَ بِلاَ خِلاَفٍ‏.‏ فَلَوْ تَرَكَ ‏:‏ ابْنَ عَمٍّ ‏,‏ وَعَمًّا ‏,‏ فَالْعَمُّ أَوْلَى مِنْ ابْنِ الْعَمِّ ‏,‏ وَابْنُ الْعَمِّ الشَّقِيقِ أَوْلَى مِنْ ابْنِ الْعَمِّ لِلأَبِ فَإِنْ تَرَكَ ابْنَيْ عَمٍّ ‏,‏ أَحَدُهُمَا ‏:‏ كَانَ أَبُوهُ شَقِيقَ أَبِي الْمَيِّتِ ‏,‏ وَالآخَرُ ‏:‏ كَانَ أَبُوهُ أَخَا أَبِي الْمَيِّتِ لأََبِيهِ ‏,‏ إِلاَّ أَنَّ هَذَا هُوَ أَخُو الْمَيِّتِ لأَُمِّهِ ‏,‏ فَالْمَالُ كُلُّهُ لأَبْنِ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِلْأُمِّ‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ ‏,‏ وَشُرَيْحٍ ‏;‏ لأََنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا فِي ابْنَيْ عَمَّيْنِ ‏,‏ أَحَدُهُمَا ‏:‏ ابْنُ شَقِيقِ أَبِي الْمَيِّتِ ‏,‏ وَالآخَرُ ‏:‏ ابْنُ أَخِي أَبِي الْمَيِّتِ لأََبِيهِ ‏:‏ أَنَّ ابْنَ شَقِيقِ أَبِي الْمَيِّتِ أَوْلَى ‏,‏ لأَسْتِوَائِهِ مَعَ أَبِي الْمَيِّتِ فِي وِلاَدَةِ جَدِّ الْمَيِّتِ ‏,‏ دُونَ ابْنِ الْعَمِّ الآخَرِ ‏,‏ وَبِالْحِسِّ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ أَنَّهُمَا قَدْ اسْتَوَيَا فِي وِلاَدَةِ جَدِّ الْمَيِّتِ أَبِي أَبِيهِ ‏,‏ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِوِلاَدَةِ جَدِّ الْمَيِّتِ لأََبِيهِ وَأَبِي الْمَيِّتِ ‏,‏ وَانْفَرَدَ الآخَرُ بِوِلاَدَةِ أُمِّ الْمَيِّتِ لَهُ ‏,‏ وَلاَ يُخَيَّلُ عَلَى أَحَدٍ أَنَّ وِلاَدَةَ الْأُمِّ أَقْرَبُ مِنْ وِلاَدَةِ الْجَدَّةِ ‏,‏ فَهُوَ أَوْلَى رَجُلٍ ذُكِرَ فَإِنْ تَرَكَتْ ‏:‏ ابْنَيْ عَمٍّ ‏,‏ أَحَدُهُمَا ‏:‏ زَوْجٌ ‏,‏ فَالنِّصْفُ لِلزَّوْجِ بِالزَّوْجِيَّةِ ‏,‏ وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَ الأَبْنَيْ عَمٍّ سَوَاءً‏.‏

1738 - مسألة‏:

وَالرَّجُلُ ‏,‏ وَالْمَرْأَةُ إذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا أَوْ أَمَةً ‏:‏ وَرِثَ مَالَ الْمُعْتَقِ إنْ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَحُطُّ بِمِيرَاثِهِ ‏,‏ أَوْ مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ‏.‏

وَكَذَلِكَ يَرِثُ مَنْ تَنَاسَلَ مِنْهُ مِنْ نَسْلِ الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِهِ ‏,‏ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ إنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَعَمَّ عليه الصلاة والسلام وَلَمْ يَخُصَّ‏.‏ وَأَعْتَقَتْ ابْنَةُ حَمْزَةَ عَبْدًا فَمَاتَ وَتَخَلَّفَ ابْنَةً ‏,‏ فَأَعْطَى عليه الصلاة والسلام ابْنَتَهُ النِّصْفَ ‏,‏ وَبِنْتَ حَمْزَةَ النِّصْفَ

وَكَذَلِكَ يَرِثُ مَنْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقَتْ وَهَكَذَا مَنْ سَفَلَ‏.‏

1739 - مسألة‏:‏

وَمَا أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ مَاتَتْ ‏,‏ وَلَهَا بَنُونَ وَعُصْبَةٌ مِنْ إخْوَةٍ ‏,‏ أَوْ بَنِي إخْوَةٍ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْ أَعْمَامٍ ‏,‏ أَوْ بَنِي أَعْمَامٍ وَإِنْ بَعُدُوا وَسَفَلُوا ‏:‏ فَمِيرَاثُ مَنْ أَعْتَقَتْ لِعُصْبَتِهَا لاَ لِوَلَدِهَا ‏,‏ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا عُصْبَتَهَا ‏,‏ كَأَوْلاَدِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا ‏,‏ أَوْ يَكُونُوا مِنْ بَنِي عَمِّهَا لاَ أَحَدَ مِنْ بَنِي جَدِّهَا ‏,‏ وَلاَ مِنْ بَنِي أَبِيهَا ‏:‏ أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْهُمْ‏.‏ وَقَالَ آخَرُونَ ‏:‏ بَلْ الْمِيرَاثُ لِوَلَدِهَا ‏,‏ وَهَذَا مَكَانٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ ‏:‏ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ‏:‏ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ‏,‏ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ‏:‏ اخْتَصَمَا إلَى عُمَرَ فِي مَوْلَى لِصَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَضَى عُمَرُ بِالْعَقْلِ عَلَى عَلِيٍّ ‏,‏ وَبِالْمِيرَاثِ لِلزُّبَيْرِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ ‏:‏ الْوَلاَءُ شُعْبَةٌ مِنْ النَّسَبِ ‏,‏ مَنْ أَحْرَزَ الْوَلاَءَ أَحْرَزَ الْمِيرَاثَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ‏:‏ أَحَقُّهُمْ بِالْوَلاَءِ أَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ الأَحَقُّ بِالْوَلاَءِ هُمْ عُصْبَتُهَا الَّذِينَ إلَيْهِمْ يَنْتَمِي الْمَوَالِي ‏,‏ فَيَقُولُونَ ‏:‏ نَحْنُ مَوَالِي بَنِي أَسَدٍ إنْ كَانَتْ هِيَ أَسْدِيَةً ‏,‏ وَلاَ يَنْتَمُونَ إلَى بَنِي تَمِيمٍ إنْ كَانَ وَلَدُهَا مِنْ تَمِيمٍ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ بِقَوْلِ عَلِيٍّ هَاهُنَا نَقُولُ ‏,‏ وَقَالَ بِقَوْلِ عُمَرَ ‏:‏ الشَّعْبِيُّ ‏,‏ وَعَطَاءٌ ‏,‏ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ‏,‏ وَأَبُو حَنِيفَةَ ‏,‏ وَمَالِكٌ ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ ‏,‏ وَأَصْحَابُهُمْ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏

برهان صِحَّةُ قَوْلِنَا ‏:‏ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ‏.‏ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام ‏:‏ مَا أَبْقَتْ الْفَرَائِضُ فَلأََوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مُضَرَ وَبَنُوهَا مِنْ الْيَمَنِ ‏:‏ فَمَوَالِيهَا مِنْ مُضَرَ ‏,‏ بِلاَ شَكٍّ‏.‏ وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ يَمَانِيٌّ يَرِثُ مُضَرِّيًا بِالتَّعْصِيبِ ‏,‏ بَلْ يَرِثُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ ‏,‏ وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ يَمَانِيٌّ أَوْلَى بِرَجُلٍ مُضَرِيٍّ‏.‏ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ‏:‏ إنْ انْقَرَضَ وَلَدُهَا عَادَ مِيرَاثُهُمْ إلَى عُصْبَةِ أُمِّهِمْ مِنْ مُضَرَ ‏,‏ لاَ إلَى عُصْبَةِ أَبْنَاءِ الْمُعْتَقَةِ ‏,‏ فَهَلْ سُمِعَ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذَا وَكَيْفَ يَرِثُونَ عَنْ أُمِّهِمْ وَلاَءً لاَ يَرِثُهُ عَنْهُمْ عُصْبَتُهُمْ ‏,‏ إنَّ هَذَا الْمُحَالَ ظَاهِرٌ ‏,‏ وَإِذَا لَمْ يُورَثُ عَنْهُمْ آخِرًا فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَرِثُوهُ هُمْ أَوَّلاً‏.‏ وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا شَغَبُوا بِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ قَالُوا ‏:‏ كَمَا يَرِثُونَ مَالَ أُمِّهِمْ كَذَلِكَ يَرِثُونَ وَلاَءَ مَوْلاَهَا الَّذِي لَوْ كَانَتْ حَيَّةً لَوَرِثَتْهُ هِيَ‏.‏

قال علي ‏:‏ وهذا بَاطِلٌ لَيْسَ مَنْ يَرِثُ الْمَالَ يَرِثُ الْوَلاَءَ ‏,‏ وَهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ مَعَنَا فِي أَنَّ امْرَأَةً لَوْ مَاتَتْ وَلَهَا مَالٌ وَمَوَالٍ ‏,‏ وَتَرَكَتْ ‏:‏ زَوْجَهَا ‏,‏ وَأُخْتَهَا ‏,‏ وَبَنِي عَمِّهَا ‏:‏ فَإِنَّ جَمِيعَ مِيرَاثِهَا لِزَوْجِهَا وَأُخْتِهَا ‏,‏ وَلاَ حَقَّ لَهُمَا فِي وَلاَءِ مَوَالِيهَا ‏,‏ وَأَنَّ وَلاَءَ مَوَالِيهَا لِبَنِي عَمِّهَا الَّذِينَ لاَ يَأْخُذُونَ مِنْ مَالِهَا شَيْئًا‏.‏

وَكَذَلِكَ ‏:‏ امْرَأَةٌ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ ‏:‏ زَوْجًا ‏,‏ وَبِنْتَيْنِ ‏,‏

وَأَمَّا ‏,‏ وَبَنِي ابْنٍ ‏:‏ فَإِنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِلزَّوْجِ وَالْبِنْتَيْنِ وَالْأُمِّ ‏,‏ وَلاَ يَأْخُذُ مِنْهُ بَنُو الأَبْنِ شَيْئًا ‏,‏ وَأَنَّ وَلاَءَ مَوَالِيهَا عِنْدَهُمْ لِبَنِي الأَبْنِ ‏,‏ وَلاَ يَرِثُ مِنْهُ الَّذِينَ وَرِثُوا الْمَالَ شَيْئًا ‏:‏ فَظَهَرَ فَسَادُ احْتِجَاجِهِمْ ‏,‏ وَبَطَلَ قَوْلُهُمْ ‏,‏ إذْ عُرِّيَ مِنْ

برهان وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ فَإِنْ مَوَّهُوا بِقَضَاءِ عُمَرَ ‏:‏ فَقَدْ قَضَى عُمَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا بِأَنَّ عُصْبَةَ وَلَدِهَا يَرِثُونَ وَلاَءَ مَوَالِيهَا عَنْ وَلَدِهَا ‏,‏ وَلاَ يَرِثُهُ إخْوَتُهَا ‏:‏ فَقَدْ خَالَفُوا عُمَرَ فِي ذَلِكَ تَحَكُّمًا بِالْبَاطِلِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1740 - مسألة‏:‏

وَمَا وُلِدَ لِلْمَمْلُوكِ مِنْ حُرَّةٍ فَإِنَّهُ لاَ يَرِثُهُ مَنْ أَعْتَقَ أَبَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ ‏,‏ وَإِنَّمَا يَرِثُ الْمَرْءُ مَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ مِنْ حَمْلٍ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ أَبَاهُ‏.‏

برهان ذَلِكَ ‏:‏ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَهَذَا الْمَوْلُودُ خُلِقَ حُرًّا ‏,‏ وَلاَ وَلاَءَ عَلَيْهِ لأََحَدٍ ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ عَلَيْهِ بَعْدَ حُرِّيَّتِهِ وَلاَءٌ لِمَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ ‏,‏ وَلاَ كَانَ ذَلِكَ الْوَلاَءُ عَلَيْهِ قَبْلُ إِلاَّ بِنَصٍّ ‏,‏ وَلاَ نَصَّ فِي ذَلِكَ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ بَعْدَ ثَبَاتِ الْوَلاَءِ عَلَى أَبِيهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ مَوْجُودًا إِلاَّ وَالْوَلاَءُ عَلَيْهِ ثَابِتٌ فَمِيرَاثُهُ لِمَوْلاَهُ‏.‏ وَقَدْ

رُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ ‏:‏ لاَ وَلاَءَ إِلاَّ لِذِي نِعْمَةٍ‏.‏

1741 - مسألة‏:‏

وَمَا وُلِدَ لِمَوْلًى مِنْ مَوْلاَةٍ لأَخَرِينَ فَوَلاَؤُهُ لِمَنْ أَعْتَقَ ‏,‏ أَبَاهُ ‏,‏ أَوْ أَجْدَادَهُ وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ‏.‏ وَمَا وَلَدَتْ الْمَوْلاَةُ مِنْ عَرَبِيٍّ فَلاَ وَلاَءَ عَلَيْهِ لِمَوَالِي أُمِّهِ ‏,‏ وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ‏.‏ وَمَا وَلَدَتْ الْمَوْلاَةُ مِنْ زَوْجٍ مَمْلُوكٍ ‏,‏ أَوْ مِنْ زِنًى ‏,‏ أَوْ مِنْ إكْرَاهٍ ‏,‏ أَوْ حَرْبِيٍّ ‏,‏ أَوْ لاَعَنَتْ عَلَيْهِ ‏,‏ فَقَدْ قَالَ قَوْمٌ ‏:‏ وَلاَؤُهُ لِمَوَالِي أُمِّهِ ، وَلاَ نَقُولُ بِهَذَا ‏,‏ بَلْ لاَ وَلاَءَ عَلَيْهِ لأََحَدٍ ‏;‏ لأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِإِيجَابِ الْوَلاَءِ عَلَيْهِ نَصٌّ ‏,‏ وَلاَ إجْمَاعٌ ‏,‏ بَلْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى كُلِّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لاَ حُكْمَ لِلْوَلاَءِ الْمُنْعَقِدِ عَلَى أُمِّهِ إنْ كَانَ أَبُوهُ مَوْلًى ‏,‏ أَوْ عَرَبِيًّا فَظَهَرَ تَنَاقُضُهُمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1742 - مسألة‏:‏

وَالْعَبْدُ لاَ يَرِثُ ‏,‏ وَلاَ يُورَثُ ‏:‏ مَالُهُ كُلُّهُ لِسَيِّدِهِ ‏,‏ هَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ ‏,‏ وَقَدْ جَاءَ بِهِ نَصٌّ نَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

وَرُوِّينَا عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ ‏:‏ أَنَّهُ يُبَاعُ فَيُعْتَقُ فَيَرِثُ وَهَذَا لاَ يُوجِبُهُ قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ‏.‏

1743 - مسألة‏:

وَالْمُكَاتَبُ إذَا أَدَّى شَيْئًا مِنْ مُكَاتَبَتِهِ فَمَاتَ ‏,‏ أَوْ مَاتَ لَهُ مُورِثٌ وَرِثَ مِنْهُ وَرَثَتُهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى فَقَطْ ‏,‏ وَوَرِثَ هُوَ أَيْضًا بِمِقْدَارِ مَا أَدَّى فَقَطْ ‏,‏ وَيَكُونُ مَا فَضَلَ عَمَّا وَرِثَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ ‏,‏ وَيَكُونُ مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهِ لِسَيِّدِهِ‏.‏ وَهَذَا مَكَانٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ ‏,‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي ‏"‏ كِتَابِ الْمُكَاتَبِ ‏"‏ وَذَكَرْنَا مَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ‏.‏ وَمَنْ مَاتَ وَبَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ عَبْدٌ ‏:‏ فَلِلَّذِي لَهُ الْوَلاَءُ مِمَّا تَرَكَ بِمِقْدَارِ مَا لَهُ فِيهِ مِنْ الْوَلاَءِ وَالْبَاقِي لِلَّذِي لَهُ الرِّقُّ سَوَاءٌ كَانَ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ كَسْبِهِ‏.‏ فِي حَيَاتِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُهُ لأََنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ مَا كَانَ يَأْخُذُ ‏:‏ مِلْكٌ لِجَمِيعِ الْمُكَاتَبِ يَأْكُلُهُ ‏,‏ وَيَتَزَوَّجُ فِيهِ ‏,‏ وَيَتَسَرَّى ‏,‏ وَيَقْضِي مِنْهُ دُيُونَهُ ‏,‏ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ ‏,‏ فَهُوَ مَالُهُ وَهُوَ مَا لَمْ يَأْخُذْهُ الَّذِي لَهُ فِيهِ بَقِيَّةٌ فَإِذَا مَاتَ فَهُوَ مَالٌ يُخَلِّفُهُ ‏,‏ لَيْسَ لِلَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ أَنْ يَأْخُذَهُ الآنَ ‏,‏ إذْ قَدْ وَجَبَ فِيهِ حَقٌّ لِلَّذِي لَهُ فِيهِ بَعْضُ الْوَلاَءِ‏.‏ وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا ‏:‏ فَقَالَ مَالِكٌ ‏:‏ مَالُهُ كُلُّهُ لِلَّذِي لَهُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الرِّقِّ

وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ ‏,‏ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ‏.‏ وَقَالَ قَتَادَةُ ‏:‏ مِيرَاثُهُ كُلُّهُ لِلَّذِي لَهُ فِيهِ شُعْبَةُ الْعِتْقِ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏:‏ يُؤَدِّي مِنْ مَالِهِ قِيمَةَ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ وَيَرِثُ الْبَاقِيَ وَرَثَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُرَقَّ بِذَلِكَ ‏:‏ فَمَالُهُ كُلُّهُ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ‏.‏ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ‏:‏ مَالُهُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ‏.‏

وقال الشافعي فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ ‏:‏ إنَّهُ يُورَثُ بِمِقْدَارِ مَا فِيهِ مِنْ الْعِتْقِ ‏,‏ وَلاَ يَرِثُ هُوَ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ‏.‏ وَقَوْلُنَا فِي ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرْنَا هُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ ‏,‏ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ‏,‏ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ ‏,‏ وَالشَّعْبِيِّ ‏,‏ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ‏,‏ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُد ‏,‏ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ ‏,‏ وَأَحَدِ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ‏.‏

1744 - مسألة‏:‏

وَوَلَدُ الزِّنَى يَرِثُ أُمَّهُ ‏,‏ وَتَرِثُهُ أُمُّهُ ‏,‏ وَلَهَا عَلَيْهِ حَقُّ الْأُمُومِيَّةِ مِنْ ‏:‏ الْبِرِّ ‏,‏ وَالنَّفَقَةِ ‏,‏ وَالتَّحْرِيمِ ‏,‏ وَسَائِرِ حُكْمِ الْأُمَّهَاتِ ‏:‏ وَلاَ يَرِثُهُ الَّذِي تَخَلَّقَ مِنْ نُطْفَتِهِ ‏,‏ وَلاَ يَرِثُهُ هُوَ ‏,‏ وَلاَ لَهُ عَلَيْهِ حَقُّ الْأُبُوَّةِ لاَ فِي بِرٍّ ‏,‏ وَلاَ فِي نَفَقَةٍ ‏,‏ وَلاَ فِي تَحْرِيمٍ ‏,‏ وَلاَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ ‏,‏ وَهُوَ مِنْهُ أَجْنَبِيٌّ ، وَلاَ نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلاَفًا إِلاَّ فِي التَّحْرِيمِ فَقَطْ‏.‏

برهان صِحَّةِ مَا

قلنا ‏:‏ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام أَيْضًا الْوَلَدُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ‏.‏ فَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْفِرَاشِ وَهِيَ الْأُمُّ وَبِصَاحِبِهِ وَهُوَ الزَّوْجُ ‏,‏ أَوْ السَّيِّدُ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلْعَاهِرِ إِلاَّ الْحَجَرَ‏.‏ وَمَنْ جَعَلَ تَحْرِيمًا بِمَا لاَ حَقَّ لَهُ فِي الْأُبُوَّةِ فَقَدْ نَاقَضَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1745 - مسألة‏:‏

وَالْمَوْلُودُونَ فِي أَرْضِ الشِّرْكِ يَتَوَارَثُونَ كَمَا يَتَوَارَثُ مَنْ وُلِدَ فِي أَرْضِ الإِسْلاَمِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِمْ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ سَوَاءٌ أَسْلَمُوا وَأَقَرُّوا مَكَانَهُمْ ‏,‏ أَوْ تَحَمَّلُوا ‏,‏ أَوْ سُبُوا فَأُعْتِقُوا‏.‏ وَهَذَا مَكَانٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ ‏:‏ فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَعُثْمَانَ ‏:‏ أَنَّهُ لاَ يَرِثُ أَحَدٌ بِوِلاَدَةِ الشِّرْكِ‏.‏ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ ‏:‏ أَدْرَكْت الصَّالِحِينَ يَذْكُرُونَ ‏:‏ أَنَّ فِي السُّنَّةِ ‏:‏ أَنَّ وِلاَدَةَ الْعَجَمِ مِمَّنْ وُلِدَ فِي أَرْضِ الشِّرْكِ ثُمَّ تَحَمَّلَ ‏:‏ أَنْ لاَ يَتَوَارَثُوا‏.‏ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ‏,‏ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ‏,‏ وَعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ‏,‏ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ ‏,‏ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ‏:‏ لاَ يُورَثُ أَحَدٌ بِوِلاَدَةِ الأَعَاجِمِ إِلاَّ أَحَدٌ وُلِدَ فِي الْعَرَبِ‏.‏ وَلاَ نَعْلَمُ يَصِحُّ عَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَعُثْمَانَ ‏:‏ شَيْءٌ مِنْ هَذَا ‏;‏ لأََنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الثِّقَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ‏.‏‏.‏ وَمِنْ طَرِيقٍ فِيهَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ وَلَمْ يُدْرِكْ أَبَانُ عُمَرَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ ‏,‏ وَعُثْمَانَ وَهَذَا أَبْعَدُ وَالزُّهْرِيُّ ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ ‏,‏ وَعُثْمَانَ وَمَا وَرِثَ عُمَرُ وَلَدُهُ عَبْدَ اللَّهِ ‏,‏ وَأُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ إِلاَّ بِوِلاَدَةِ الشِّرْكِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَيْهِ ‏:‏ أَنْ لاَ يُوَرِّثَ الْحَمِيلَ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ ‏:‏ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ‏:‏ أَنْ لاَ يَتَوَارَثَ الْحُمَلاَءُ فِي وِلاَدَةِ الْكُفْرِ فَعَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ ‏,‏ وَابْنُ سِيرِينَ ‏,‏ وَقَالُوا ‏:‏ مَا شَأْنُهُمْ أَنْ لاَ يَتَوَارَثُوا إذَا عُوفُوا وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ‏,‏ وَالْحَسَنِ ‏,‏ قَالاَ جَمِيعًا ‏:‏ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ وَرِثَ الْحَمِيلُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ ‏,‏ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ‏,‏ أَوْ أَحَدِهِمَا عَنْ الشَّعْبِيِّ ‏,‏ وَالنَّخَعِيِّ ‏,‏ قَالاَ جَمِيعًا ‏:‏ لاَ يُورَثُ الْحَمِيلُ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ

وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ ‏,‏ وَأَبِي حَنِيفَةَ ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ ‏,‏ وَأَصْحَابِهِمَا‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ يَتَوَارَثُ الْحُمَلاَءُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ ‏,‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ‏:‏ كُلُّ نَسَبٍ يُتَوَاصَلُ عَلَيْهِ فِي الإِسْلاَمِ فَهُوَ وَارِثٌ مَوْرُوثٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ‏,‏ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالاَ جَمِيعًا ‏:‏ الْحَمِيلُ يُورَثُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ الضَّبِّيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَمِيلِ ‏:‏ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ يَصِلُ مِنْهُ مَا يَصِلُ مِنْ أَخِيهِ ‏,‏ وَيَحْرِمُ مِنْهُ مَا يَحْرِمُ مِنْ أَخِيهِ ‏:‏ وَرِثَهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الأَعْمَشِ قَالَ ‏:‏ كَانَ أَبِي حَمِيلاً فَوَرَّثَهُ مَسْرُوقٌ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُذَيْنَةَ أَنَّهُ وَرَّثَ حَمِيلاً بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَنَّهُ كَانَ أَخَاهُ وَبِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ أُخْرَى أَنَّهَا سَمِعَتْهُ يَقُولُ ‏:‏ هُوَ أَخِي‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ إسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ ‏:‏ ، أَنَّهُ قَالَ ‏:‏ خَاصَمْت إلَى شُرَيْحٍ فِي مَوْلاَةٍ لِلْحَيِّ مَاتَتْ عَنْ مَالٍ كَثِيرٍ ‏,‏ فَجَاءَ رَجُلٌ فَخَاصَمَ مَوَالِيَهَا ‏,‏ وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ ‏:‏ أَخِي فَوَرَّثَهُ شُرَيْحٌ‏.‏

وقال الشافعي ‏:‏ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ وَرِثَ الْحَمِيلُ كَانَ عَلَيْهِ وَلاَءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ إقْرَارٌ فَقَطْ وَرِثَ بِهِ مَنْ لاَ وَلاَءَ عَلَيْهِ ‏,‏ وَلاَ يُورَثُ بِهِ مَنْ عَلَيْهِ وَلاَءٌ‏.‏

وقال مالك ‏:‏ لاَ يَرِثُ الْحَمِيلُ بِبَيِّنَةٍ أَصْلاً ‏,‏ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ مَدِينَةٍ أَسْلَمُوا فَشَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِمَا يُوجِبُ الْمِيرَاثَ فَإِنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ فَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا قَبْلَهُمَا قَسَّمَ هَذَا التَّقْسِيمَ ‏,‏ وَهُمَا قَوْلاَنِ مُخَالِفَانِ لِلْقُرْآنِ ‏,‏ وَالسُّنَنِ ‏,‏ وَالْأُصُولِ ‏,‏ فِي إسْقَاطِ مَالِكٍ الْحُكْمَ بِبَيِّنَةِ الْعَدْلِ فِي ذَلِكَ ‏,‏ بِخِلاَفِ جَمِيعِ الأَحْكَامِ‏.‏ وَتَفْرِيقُ الشَّافِعِيِّ ‏,‏ وَمَالِكٍ بَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ وَلاَءٌ وَبَيْنَ مَنْ لاَ وَلاَءَ عَلَيْهِ ‏,‏ وَبَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُسْلِمُونَ ‏,‏ أَوْ يُسْبَوْنَ فَيُسْلِمُوا ‏,‏ وَوَجَدْنَا الْإِقْرَارَ بِالْمَوَالِيدِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَوَارِيثِ ‏:‏ لاَ نَعْلَمُ أَلْبَتَّةَ صِحَّةَ الْمَوَالِيدِ إِلاَّ بِهِ ‏,‏ فَمَا تَصِحُّ بُنُوَّةُ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِقْرَارِ الآبَاءِ أَنَّهُ وُلِدَ ‏,‏ أَوْ بِإِقْرَارِ أَخَوَيْنِ يَقْدُمَانِ مُسَافِرَيْنِ وَيَجِبُ مِيرَاثُهُمَا‏.‏ وَبِهَذَا الْإِقْرَارِ يَتَوَارَثُ أَهْلُ الْكُفْرِ إذَا أَسْلَمُوا عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ‏,‏ فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ ذَلِكَ لاَ وَجْهَ لَهُ ‏,‏ وَبِالْإِقْرَارِ تَوَارَثَ الْمُهَاجِرُونَ فِي عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ ‏,‏ فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ ذَلِكَ خَطَأٌ لاَ خَفَاءَ بِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1746 - مسألة‏:

وَلاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ‏,‏ وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ الْمُرْتَدُّ وَغَيْرُ الْمُرْتَدِّ سَوَاءٌ إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَدَّ مُذْ يَرْتَدُّ فَكُلُّ مَا ظَفِرَ بِهِ مِنْ مَالِهِ فَلِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ رَجَعَ إلَى الإِسْلاَمِ أَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا ‏,‏ أَوْ قُتِلَ مُرْتَدًّا ‏,‏ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ مِنْ مَالِهِ حَتَّى قُتِلَ أَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا ‏:‏ فَلِوَرَثَتِهِ مِنْ الْكُفَّارِ ‏,‏ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الإِسْلاَمِ فَهُوَ لَهُ ‏,‏ أَوْ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ مَاتَ مُسْلِمًا‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ لاَ يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ ، وَلاَ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَهَذَا عُمُومٌ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ مِنْهُ شَيْءٌ‏.‏

فإن قيل ‏:‏ إنَّكُمْ تَقُولُونَ ‏:‏ إنْ مَاتَ عَبْدٌ نَصْرَانِيٌّ ‏,‏ أَوْ مَجُوسِيٌّ ‏,‏ أَوْ يَهُودِيٌّ وَسَيِّدُهُ مُسْلِمٌ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ

قلنا ‏:‏ نَعَمْ ‏,‏ لاَ بِالْمِيرَاثِ ‏,‏ لَكِنْ لأََنَّ لِلسَّيِّدِ أَخْذَهُ فِي حَيَاتِهِ فَهُوَ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَالْعَبْدُ لاَ يُورَثُ بِالْخَبَرِ الَّذِي جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِيرَاثِ الْمُكَاتَبِ فَلَمْ يَجْعَلْ لِلْجُزْءِ الْمَمْلُوكِ مِيرَاثًا لاَ لَهُ ، وَلاَ مِنْهُ‏.‏ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي بَعْضِ هَذَا ‏:‏ فَرُوِّينَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ‏,‏ وَمُعَاوِيَةَ ‏,‏ وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ ‏,‏ وَإِبْرَاهِيمَ ‏,‏ وَمَسْرُوقٍ ‏:‏ تَوْرِيثَ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ ‏,‏ وَلاَ يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ ‏:‏

وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ ‏,‏ وَهُوَ عَنْ مُعَاوِيَةَ ثَابِتٌ‏.‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يُوَرِّثُ الْمُسْلِمَ مِنْ الْكَافِرِ ‏,‏ وَلاَ يُوَرِّثُ الْكَافِرَ مِنْ الْمُسْلِمِ‏.‏ قَالَ مَسْرُوقٌ ‏:‏ مَا حَدَثَ فِي الإِسْلاَمِ قَضَاءٌ أَعْجَبُ إلَيَّ مِنْهُ

وقال أحمد بْنُ حَنْبَلٍ ‏:‏ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمٌ أَعْتَقَ كَافِرًا فَإِنَّهُ يَرِثُهُ

وَاحْتَجَّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَا لَمْ يَقُلْ ‏"‏ سَمِعْت ‏,‏ أَوْ أَنَا ‏,‏ أَوْ أَرِنَا ‏"‏ تَدْلِيسٌ ‏,‏ وَلَوْ صَحَّ فَلَيْسَ فِيهِ ‏:‏ إِلاَّ عَبْدُهُ ‏,‏ أَوْ أَمَتُهُ ‏,‏ وَلاَ يُسَمَّى الْمُعْتَقُ ‏,‏ وَلاَ الْمُعْتَقَةُ ‏:‏ عَبْدًا ‏,‏ وَلاَ أَمَةً‏.‏ وَاخْتَلَفُوا فِي مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ ‏:‏ فَصَحَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ‏:‏ أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ ‏:‏ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ جَعَلَ مِيرَاثَ الْمُرْتَدِّ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ

وَرُوِيَ مِثْلُهُ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ‏,‏ وَلَمْ يَصِحَّ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ ‏:‏ سَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ الْمُرْتَدِّ هَلْ يَرِثُ الْمُرْتَدَّ بَنُوهُ فَقَالَ ‏:‏ نَرِثُهُمْ ، وَلاَ يَرِثُونَنَا ‏,‏ قَالَ ‏:‏ وَتَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ ‏,‏ فَإِنْ قُتِلَ ‏:‏ فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ ‏:‏ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُطَيِّبُونَ مِيرَاثَ الْمُرْتَدِّ لأََهْلِهِ إذَا قُتِلَ‏.‏

وَرُوِيَ تَوْرِيثُ مَالِ الْمَقْتُولِ عَلَى الرِّدَّةِ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ‏,‏ وَالشَّعْبِيِّ ‏,‏ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ‏,‏ وَالأَوْزَاعِيُّ ‏,‏ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ‏.‏ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ‏:‏ مَا كَانَ مِنْ مَالِهِ فِي مِلْكِهِ إلَى أَنْ ارْتَدَّ فَلِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ‏,‏ وَمَا كَسَبَ بَعْدَ رِدَّتِهِ فَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ

وقال أبو حنيفة ‏:‏ إنْ رَاجَعَ الإِسْلاَمَ فَمَالُهُ فَإِنْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَمَا كَسَبَ بَعْدَ الرِّدَّةِ فَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ‏,‏ وَمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَلِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ‏,‏ وَيَقْضِي الْقَاضِي بِعِتْقِ مُدَبِّرِيهِ ‏,‏ وَأُمَّهَاتِ أَوْلاَدِهِ ‏,‏ فَإِنْ رَجَعَ إلَى أَرْضِ الإِسْلاَمِ مُسْلِمًا أَخَذَ مَا وَجَدَ مِنْ مَالِهِ بِأَيْدِي وَرَثَتِهِ ‏;‏ ، وَلاَ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ مِمَّا أَكَلُوهُ ‏,‏ أَوْ أَتْلَفُوهُ ‏,‏ وَكُلُّ مَا حَمَلَ مِنْ مَالِهِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ فَهُوَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ إذَا ظُفِرَ بِهِ ‏,‏ لاَ لِوَرَثَتِهِ ‏,‏ فَلَوْ رَجَعَ مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ إلَى أَرْضِ الإِسْلاَمِ فَأَخَذَ مَالاً مِنْ مَالِهِ فَنَهَضَ بِهِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ فَظُفِرَ بِهِ ‏,‏ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ‏,‏ فَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَمَتَانِ إحْدَاهُمَا مُسْلِمَةٌ ‏,‏ وَالْأُخْرَى كَافِرَةٌ ‏,‏ فَوَلَدَتَا مِنْهُ لأََكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ ارْتَدَّ فَأَقَرَّ بِهِمَا لَحِقَا بِهِ جَمِيعًا ‏,‏ وَوَرِثَهُ ابْنُ الْمُسْلِمَةِ ‏,‏ وَلَمْ يَرِثْهُ ابْنُ الذِّمِّيَّةِ‏.‏ قَالَ ‏:‏ وَلاَ يَرِثُ الْمُرْتَدُّ مُذْ يَرْتَدُّ إلَى أَنْ يُقْتَلَ أَوْ يَمُوتَ ‏,‏ أَوْ يُسْلِمَ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ ‏,‏ وَلاَ الْكُفَّارِ أَصْلاً‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ مِيرَاثُهُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ ‏:‏ مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ رَبِيعَةُ ‏,‏ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ ‏,‏ وَأَبُو ثَوْرٍ‏.‏

وقال مالك ‏:‏ إنْ قُتِلَ ‏,‏ أَوْ مَاتَ ‏,‏ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ‏,‏ فَهُوَ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ ‏,‏ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الإِسْلاَمِ فَمَالُهُ لَهُ ‏,‏ فَإِنْ ارْتَدَّ عِنْدَ مَوْتِهِ ‏,‏ فَإِنْ اُتُّهِمَ ‏:‏ إنَّمَا ارْتَدَّ لِيَمْنَعَ وَرَثَتَهُ فَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ ‏:‏ إنَّ مَنْ ارْتَدَّ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ تَرِثْهُ امْرَأَتُهُ ‏;‏ لأََنَّهُ لاَ يُتَّهَمُ أَحَدٌ بِأَنَّهُ يَرْتَدُّ لِيَمْنَعَ أَخْذَ الْمِيرَاثِ‏.‏ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ ‏:‏ مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ إنْ قُتِلَ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْكُفَّارِ‏.‏ وَقَالَ أَشْهَبُ ‏:‏ مَالُ الْمُرْتَدِّ مُذْ يَرْتَدُّ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ ‏:‏ فَظَاهِرُ الأَضْطِرَابِ وَالتَّنَاقُضِ كَمَا ذَكَرْنَا ‏,‏ وَحُكْمٌ بِالتُّهْمَةِ وَهُوَ الظَّنُّ الْكَاذِبُ الَّذِي حَرَّمَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ الْحُكْمَ بِهِ ‏,‏

وَأَمَّا قَوْلُ سُفْيَانَ ‏:‏ فَتَقْسِيمٌ فَاسِدٌ لاَ دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ قُرْآنٍ ‏,‏ وَلاَ سُنَّةٍ ‏,‏ وَلاَ قِيَاسٍ ‏,‏ وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَوَسَاوِسُ كَثِيرَةٌ فَاحِشَةٌ ‏:‏ مِنْهَا ‏:‏ تَفْرِيقُهُ بَيْنَ الْمُرْتَدِّ وَسَائِرِ الْكُفَّارِ‏.‏ وَمِنْهَا ‏:‏ تَوْرِيثُهُ وَرَثَتَهُ عَلَى حُكْمِ الْمَوَارِيثِ وَهُوَ حَيٌّ بَعْدُ‏.‏ وَمِنْهَا ‏:‏ قَضَاؤُهُ لَهُ إنْ رَجَعَ بِمَا وَجَدَ ‏,‏ لاَ بِمَا اسْتَهْلَكُوا ، وَلاَ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ وَجَبَ لِلْوَرَثَةِ مَا قَضَوْا لَهُمْ بِهِ ‏,‏ أَوْ لَمْ يَجِبْ لَهُمْ ‏,‏ وَلاَ سَبِيلَ إلَى ثَالِثٍ‏.‏ فَإِنْ كَانَ وَجَبَ لَهُمْ فَلأََيِّ شَيْءٍ يَنْتَزِعُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَهَذَا ظُلْمٌ وَبَاطِلٌ وَجَوْرٌ‏.‏ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَجِبْ لَهُمْ فَلأََيِّ شَيْءٍ اسْتَحَلُّوا أَنْ يَقْضُوا لَهُمْ بِهِ حَتَّى أَكَلُوهُ ‏,‏ وَوُرِثَ عَنْهُمْ ‏,‏ وَتَحَكَّمُوا فِيهِ ‏,‏ وَلَئِنْ كَانَ رَجَعَ إلَى الْمُرَاجِعِ إلَى الإِسْلاَمِ فَمَا الَّذِي خُصَّ بِرُجُوعِهِ إلَيْهِ مَا وَجَدَ دُونَ مَا لَمْ يَجِدْ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ ‏,‏ فَبِأَيِّ شَيْءٍ قَضَوْا لَهُ بِهِ إنَّ هَذَا لَضَلاَلٌ لاَ خَفَاءَ بِهِ

وأعجب شَيْءٍ اعْتِرَاضُ هَؤُلاَءِ النَّوْكَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِكَاحِهِ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ صَفِيَّةَ ‏,‏ وَجَعْلِهِ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا بِقَوْلِهِمْ السَّخِيفِ ‏:‏ لاَ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ أَمَةٌ ‏,‏ فَهَذَا لاَ يَجُوزُ ‏,‏ أَوْ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ حُرَّةٌ مُعْتَقَةٌ فَهَذَا نِكَاحٌ بِلاَ صَدَاقٍ ‏,‏ مَعَ إجَازَتِهِمْ لأََبِي حَنِيفَةَ هَذِهِ الْحَمَاقَاتِ ‏,‏ وَالْمُنَاقَضَاتِ ‏,‏ وَمَا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ ، رضي الله عنها ، إِلاَّ وَهِيَ حُرَّةٌ مُعْتَقَةٌ بِصَدَاقٍ قَدْ صَحَّ لَهَا وَتَمَّ ‏,‏ وَهُوَ عِتْقُهُ لَهَا‏.‏ ثُمَّ تَفْرِيقُ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ مَالٍ تَرَكَهُ فِي أَرْضِ الإِسْلاَمِ ‏,‏ أَوْ مَالٍ حَمَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ إلَى أَرْضِ الْكُفْرِ ‏,‏ وَمَالٍ تَرَكَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ فَحَمَلَهُ فَهَذَا مِنْ الْمُضَاعَفِ نَسْجُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ التَّخْلِيطِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الأَحْكَامَ الْفَاسِدَةَ لاَ تُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ ‏,‏ وَلاَ عَنْ أَحَدٍ غَيْرِهِ قَبْلَ مَنْ ضَلَّ بِتَقْلِيدِهِ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ ‏:‏ بِأَنَّ مِيرَاثَهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلاَ حُجَّةَ لِهَذَا الْقَوْلِ إِلاَّ التَّعَلُّقُ بِظَاهِرِ آيَاتِ الْمَوَارِيثِ ‏,‏ وَأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ مُؤْمِنًا مِنْ كَافِرٍ فَيُقَالُ لَهُمْ ‏:‏ لَقَدْ بَيَّنَتْ السُّنَّةُ ذَلِكَ ‏,‏ وَأَنْتُمْ قَدْ مَنَعْتُمْ الْمُكَاتَبَ مِنْ الْمِيرَاثِ وَالْقُرْآنُ يُوجِبُهُ لَهُ ‏,‏ وَالسُّنَّةُ كَذَلِكَ ‏,‏ وَمَنَعْتُمْ الْقَاتِلَ بِرِوَايَةٍ لاَ تَصِحُّ ‏,‏ وَمَنَعْتُمْ سَائِرَ الْكُفَّارِ مِنْ أَنْ يَرِثَهُمْ الْمُسْلِمُونَ وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ بَعْضُ السَّلَفِ وَهَذَا تَحَكُّمٌ لاَ وَجْهَ لَهُ ‏,‏ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِالْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ فَهُوَ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلُ ‏,‏ بُرْهَانُنَا عَلَى ذَلِكَ ‏:‏ أَنَّ كُلَّ مَا ظُفِرَ بِهِ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ مَالُ كَافِرٍ ‏,‏ لاَ ذِمَّةَ لَهُ ‏,‏ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ‏}‏ ، وَلاَ يُحَرَّمُ مَالُ كَافِرٍ إِلاَّ بِالذِّمَّةِ ‏,‏ وَهَذَا لاَ ذِمَّةَ لَهُ ‏,‏ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الإِسْلاَمِ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلاَّ وَقَدْ بَطَلَ مِلْكُهُ لَهُ ‏,‏ أَوْ عَنْهُ ‏,‏ وَوَجَبَ لِلْمُسْلِمِينَ ‏,‏ فَلاَ حَقَّ لَهُ فِيهِ إِلاَّ كَأَحَدِ الْمُسْلِمِينَ‏.‏

وَأَمَّا مَا لَمْ يُظْفَرْ بِهِ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مَا قَدْ ثَبَتَ وَصَحَّ مِنْ مِلْكِهِ لَهُ ‏[‏ فَهُوَ لَهُ ‏]‏ مَا لَمْ يَظْفَرْ الْمُسْلِمُونَ بِهِ ‏,‏ لاَ فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ أَهْلِ الْحَرْبِ الَّذِينَ لاَ ذِمَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ‏.‏ فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ الْكُفَّارِ خَاصَّةً ‏,‏ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ‏}‏ وَآيَاتُ الْمَوَارِيثِ الْعَامَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ ‏,‏ فَلاَ يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِهَا إِلاَّ مَا أَخْرَجَهُ نَصُّ سُنَّةٍ صَحِيحٌ‏.‏ فَإِنْ كَانُوا ذِمَّةً سَلَّمَ إلَيْهِمْ مَنْ ظَفِرَ بِهِ ‏;‏ لأََنَّهُمْ قَدْ مَلَكُوهُ بِالْمِيرَاثِ‏.‏ وَإِنْ كَانُوا حَرْبِيِّينَ أُخِذَ لِلْمُسْلِمِينَ مَتَى ظُفِرَ بِهِ‏.‏ فَإِنْ أَسْلَمَ فَهُوَ لَهُ يَرِثُهُ عَنْهُ وَرَثَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ‏.‏ وَهَذَا حُكْمُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ ‏,‏ وَمُوجَبُ الْإِجْمَاعِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏.‏

1747 - مسألة‏:

وَمَنْ مَاتَ لَهُ مَوْرُوثٌ وَهُمَا كَافِرَانِ ‏,‏ ثُمَّ أَسْلَمَ الْحَيُّ أُخِذَ مِيرَاثُهُ عَلَى سُنَّةِ الإِسْلاَمِ ، وَلاَ تُقَسَّمُ مَوَارِيثُ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِلاَّ عَلَى قَسْمِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَوَارِيثَ فِي الْقُرْآنِ‏.‏

برهان ذَلِكَ ‏:‏ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ‏}‏‏.‏

وَقَوْله تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا‏}‏‏.‏ وَلاَ أَعْجَبُ مِمَّنْ يَدَعُ حُكْمَ الْقُرْآنِ وَهُوَ يُقِرُّ أَنَّهُ الْحَقُّ ‏,‏ وَأَنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَيَحْكُمُ بِحُكْمِ الْكُفْرِ وَهُوَ يُقِرُّ أَنَّهُ حُكْمُ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ‏,‏ وَأَنَّهُ الضَّلاَلُ الْمُبِينُ ‏,‏ وَاَلَّذِي لاَ يَحِلُّ الْعَمَلُ بِهِ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ عَجِيبٌ‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ ‏:‏ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ أَنَّ يَهُودِيَّةً جَاءَتْ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَتْ ‏:‏ إنَّ ابْنِي هَلَكَ ‏,‏ فَزَعَمَتْ الْيَهُودُ أَنَّهُ لاَ حَقَّ لِي فِي مِيرَاثِهِ فَدَعَاهُمْ عُمَرُ فَقَالَ ‏:‏ أَلاَ تُعْطُونَ هَذِهِ حَقَّهَا فَقَالُوا ‏:‏ لاَ نَجِدُ لَهَا حَقًّا فِي كِتَابِنَا فَقَالَ ‏:‏ أَفِي التَّوْرَاةِ قَالُوا ‏:‏ بَلَى ‏,‏ فِي الْمُثَنَّاةِ قَالَ ‏:‏ وَمَا الْمُثَنَّاةُ قَالُوا ‏:‏ كِتَابٌ كَتَبَهُ أَقْوَامٌ عُلَمَاءُ حُكَمَاءُ فَسَبَّهُمْ عُمَرُ وَقَالَ ‏:‏ اذْهَبُوا فَأَعْطُوهَا حَقَّهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى حَيَّانَ بْنِ شُرَيْحٍ ‏:‏ أَنْ اجْعَلْ مَوَارِيثَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏:‏ مَوَارِيثُ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَقْسُومَةٌ عَلَى أَحْكَامِ دِينِهِمْ ‏,‏ إِلاَّ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا‏.‏

وقال مالك ‏:‏ تَقْسِيمُ مَوَارِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى حُكْمِ دِينِهِمْ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ

وَأَمَّا غَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ مِنْ الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ مَا أَخَذَ ‏,‏ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ‏:‏ قَسَمَ عَلَى حُكْمِ الإِسْلاَمِ

وقال الشافعي ‏,‏ وَأَبُو سُلَيْمَانَ كَقَوْلِنَا‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ أَمَّا تَقْسِيمُ مَالِكٍ ‏:‏ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ ‏;‏ لأََنَّهُ لَمْ يُوجِبْ الْفَرْقَ الَّذِي ذُكِرَ ‏:‏ قُرْآنٌ ‏,‏ وَلاَ سُنَّةٌ ‏,‏ وَلاَ رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ ‏,‏ وَلاَ دَلِيلٌ ‏,‏ وَلاَ إجْمَاعٌ ‏,‏ وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ ‏,‏ وَلاَ قِيَاسٌ ‏,‏ وَلاَ رَأْيٌ لَهُ وَجْهٌ ‏,‏ وَمَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ مَالِكٍ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا وَافَقَهُ فِيهِ مَالِكٌ ‏:‏ فَقَدْ ذَكَرْنَا إبْطَالَهُ ‏,‏ وَمَا فِي الشُّنْعَةِ أَعْظَمُ مِنْ تَحْكِيمِ الْكُفْرِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى مُسْلِمٍ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ وَمَا عَهِدْنَا قَوْلَهُمْ فِي حُكْمٍ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ إِلاَّ أَنَّهُ يُحْكَمُ فِيهِ ، وَلاَ بُدَّ بِحُكْمِ الإِسْلاَمِ إِلاَّ هَاهُنَا ‏,‏ فَإِنَّهُمْ أَوْجَبُوا أَنْ يُحْكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِحُكْمِ الشَّيْطَانِ فِي دِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ‏,‏ لاَ سِيَّمَا إنْ أَسْلَمَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ ‏,‏ فَلَعَمْرِي إنَّ اقْتِسَامَهُمْ مِيرَاثَهُمْ بِقَوْلِ ‏"‏ دكريز الْقُوطِيِّ ‏"‏ ‏"‏ وَهِلاَلٍ الْيَهُودِيِّ ‏"‏ لَعَجَبٌ ‏,‏ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ ‏,‏ عَلَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي هَذَا أَثَرَانِ يَحْتَجُّونَ بِأَضْعَفَ مِنْهُمَا ‏,‏ وَبِإِسْنَادِهِمَا نَفْسِهِ ‏,‏ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ وَهُوَ

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُد ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى قِسْمَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّ مَا أَدْرَكَ إسْلاَمٌ وَلَمْ يُقْسَمْ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الإِسْلاَمِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ‏:‏ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ كُلَّ مَا قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى قِسْمَةِ الْجَاهِلِيَّةِ ‏,‏ وَأَنَّ مَا أَدْرَكَ الإِسْلاَمُ ‏,‏ وَلَمْ يُقْسَمْ فَهُوَ عَلَى قِسْمَةِ الإِسْلاَمِ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ ضَعِيفٌ ‏,‏

وَالثَّانِي مُرْسَلٌ ‏,‏ وَلاَ نَعْتَمِدُ عَلَيْهِمَا ‏,‏ إنَّمَا حُجَّتُنَا مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1748 - مسألة‏:‏

وَمَنْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ فَخَرَجَ حَيًّا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ أَقَلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ تَمَامِ خُرُوجِهِ عَطَسَ أَوْ لَمْ يَعْطِسْ وَصَحَّتْ حَيَاتُهُ بِيَقِينٍ بِحَرَكَةِ عَيْنٍ ‏,‏ أَوْ يَدٍ ‏,‏ أَوْ نَفْسٍ ‏,‏ أَوْ بِأَيِّ شَيْءٍ صَحَّتْ ‏,‏ فَإِنَّهُ يَرِثُ وَيُورَثُ ‏,‏ وَلاَ مَعْنَى لِلأَسْتِهْلاَلِ‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ‏,‏ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ‏,‏ وَالأَوْزَاعِيِّ ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ‏.‏

برهان ذَلِكَ ‏:‏ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ‏}‏‏.‏ وَهَذَا وَلَدٌ بِلاَ شَكٍّ‏.‏

فإن قيل ‏:‏ هَلَّا وَرَّثْتُمُوهُ وَإِنْ وُلِدَ مَيِّتًا بِحَيَاتِهِ فِي الْبَطْنِ

قلنا ‏:‏ لَوْ أَيْقَنَّا حَيَاتَهُ لَوَرَّثْنَاهُ ‏,‏ وَقَدْ تَكُونُ لِحَرَكَةِ رِيحٍ وَالْجَنِينُ مَيِّتٌ وَقَدْ يَنْفُشُ الْحَمْلُ ‏,‏ وَيُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ حَمْلاً وَإِنَّمَا كَانَ عِلَّةً ‏,‏ فَإِنَّمَا نُوقِنُ حَيَاتَهُ إذَا شَاهَدْنَاهُ حَيًّا‏.‏

وقال الشافعي ‏:‏ لاَ يَرِثُ ، وَلاَ يُورَثُ حَتَّى يَخْرُجَ حَيًّا كُلَّهُ‏.‏

وَهَذَا قَوْلٌ لاَ

برهان عَلَى صِحَّتِهِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لاَ يَرِثُ ، وَلاَ يُورَثُ وَإِنْ رَضَعَ وَأَكَلَ مَا لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ‏,‏

وَاحْتَجَّ لَهُ مُقَلِّدُوهُ بِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَفْرِضُ لِلصَّبِيِّ إذَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا‏.‏ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ‏:‏ إذَا صَاحَ صُلِّيَ عَلَيْهِ‏.‏ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏:‏ إذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ وَرِثَ وَوُرِّثَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ‏:‏ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ‏:‏ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي الْمَنْفُوسِ ‏:‏ يَرِثُ إذَا سُمِعَ صَوْتُهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ عَنْ بِشْرِ بْنِ غَالِبٍ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ‏:‏ مَتَى يَجِبُ سَهْمُ الْمَوْلُودِ قَالَ ‏:‏ إذَا اسْتَهَلَّ‏.‏ وَصَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ‏:‏ إذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ وَجَبَ عَقْلُهُ وَمِيرَاثُهُ‏.‏ وَصَحَّ عَنْ شُرَيْحٍ ‏:‏ أَنَّهُ لَمْ يُوَرِّثْ مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ

وَرُوِيَ أَيْضًا ‏:‏ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ‏,‏ وَابْنِ سِيرِينَ ‏,‏ وَالشَّعْبِيِّ ‏,‏ وَالْحَسَنِ ‏,‏ وَالزُّهْرِيِّ ‏,‏ وَقَتَادَةَ

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ

وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ احْتَجَّ مَنْ قَلَّدَ هَذَأ الْقَوْلَ بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ‏.‏ وَبِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام ، أَنَّهُ قَالَ ‏:‏ صِيَاحُ الْمَوْلُودِ حِينَ يَقَعُ نَزْغَةٌ مِنْ الشَّيْطَانِ‏.‏ وَبِ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ إذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودِ وَرِثَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيّ ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ الصَّبِيُّ إذَا اسْتَهَلَّ وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ حَدَّثَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلاَنِيُّ عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ إذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوَرِثَ ، وَلاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَهِلَّ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ حَدَّثَنِي طَلْقٌ عَنْ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ إذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وَجَبَتْ دِيَتُهُ وَمِيرَاثُهُ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ‏.‏ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ ‏:‏ وَحَدَّثَنِيهِ أَيْضًا ‏:‏ مُطَرِّفٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏ قَالُوا

وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ ‏,‏ وَابْنِ عُمَرَ وَالْحُسَيْنِ ‏,‏ وَابْنِ عَبَّاسٍ ‏,‏ وَجَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ‏:‏ سِتَّةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ‏,‏ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ ‏,‏ لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ ‏:‏ هَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ ‏,‏ وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا ‏,‏ وَكُلُّهُ إمَّا لاَ شَيْءَ

وَأَمَّا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ‏.‏ أَمَّا الْخَبَرُ الصَّحِيحُ ‏:‏ فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَسْتَغْفِرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ تَمْوِيهِهِمْ بِهِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ شَيْءٌ هَلْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ حُكْمِ الْمِيرَاثِ بِنَصٍّ أَوْ بِدَلِيلٍ أَمَّا هَذَا تَقْوِيلٌ لَهُ عليه الصلاة والسلام مَا لَمْ يَقُلْ وَهَلْ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ إِلاَّ أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْخُسُهُ وَهَذَا حَقٌّ نُؤْمِنُ بِهِ ‏,‏ وَمَا خُولِفُوا قَطُّ فِي هَذَا ‏,‏ ثُمَّ فِيهِ أَنَّهُ يَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ هَذَا فَبِضَرُورَةِ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ نَدْرِي يَقِينًا أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام إنَّمَا عَنِي بِذَلِكَ مَنْ اسْتَهَلَّ مِنْهُمْ ‏,‏ وَبَقِيَ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ فَنَقُولُ لَهُمْ ‏:‏ أَخْبِرُونَا أَيُوجَدُ مَوْلُودٌ يَخْرُجُ حَيًّا ، وَلاَ يَسْتَهِلُّ أَمْ لاَ يُوجَدُ أَصْلاً

فَإِنْ قَالُوا ‏:‏ لاَ يُوجَدُ أَصْلاً كَابَرُوا الْعِيَانَ وَأَنْكَرُوا الْمُشَاهَدَةَ ‏,‏ فَهَذَا مَوْجُودٌ كَثِيرٌ لاَ يَسْتَهِلُّ إِلاَّ بَعْدَ أَزْيَدَ مِنْ سَاعَةٍ زَمَانِيَّةٍ ‏,‏ وَرُبَّمَا لَمْ يَسْتَهِلَّ حَتَّى يَمُوتَ

ثم نقول لَهُمْ ‏:‏ فَإِذْ لاَ يُوجَدُ هَذَا أَبَدًا فَكَلاَمُكُمْ وَكَلاَمُنَا فِيهَا عَنَاءٌ ‏,‏ وَبِمَنْزِلَةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيمَنْ يُولَدُ مِنْ الْفَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَحَالِّ

فَإِنْ قَالُوا ‏:‏ بَلْ قَدْ يُوجَدُ هَذَا

قلنا لَهُمْ ‏:‏ فَأَخْبِرُونَا الآنَ أَتَقُولُونَ ‏:‏ إنَّهُ لَيْسَ مَوْلُودًا فَهَذِهِ حَمَاقَةٌ وَمُكَابَرَةٌ لِلْعَيَانِ ‏,‏ أَمْ تَقُولُونَ ‏:‏ إنَّ الشَّيْطَانَ لَمْ يَنْخُسْهُ ‏,‏ فَتُكَذِّبُوا رَسُولَ اللَّهِ وَهَذَا كَمَا تَرَوْنَ أَمْ تَقُولُونَ ‏:‏ إنَّهُ نَخَسَهُ فَلَمْ يَسْتَهِلَّ فَهَذَا قَوْلُنَا ‏,‏ وَرَجَعْتُمْ إلَى الْحَقِّ مِنْ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام ذَكَرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ ‏:‏ مَنْ يَسْتَهِلُّ دُونَ مَنْ لاَ يَسْتَهِلُّ ‏,‏ وَلاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الثَّلاَثِ ‏,‏ إِلاَّ أَنَّهُ بِكُلِّ حَالٍ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِ الْمَوَارِيثِ ‏,‏ فَبَطَلَ احْتِجَاجُهُمْ بِهِ وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْخَبَرِ الآخَرِ سَوَاءً سَوَاءً‏.‏

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ‏,‏ فَلَيْسَ فِيهِ إِلاَّ ‏:‏ أَنَّهُ إذَا اسْتَهَلَّ وَرِثَ ‏,‏ وَهَكَذَا نَقُولُ ‏,‏ وَلَيْسَ فِيهِ ‏:‏ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يَرِثْ ‏,‏ فَإِقْحَامُهُ فِيهِ ‏:‏ كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ‏.‏

وَأَيْضًا ‏:‏ فَإِنَّ لَفْظَةَ ‏"‏ الأَسْتِهْلاَلِ ‏"‏ فِي اللُّغَةِ هُوَ الظُّهُورُ ‏,‏ تَقُولُ اسْتَهَلَّ الْهِلاَلُ بِمَعْنَى ظَهَرَ ‏,‏ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ ‏:‏ إذَا ظَهَرَ الْمَوْلُودُ وَرِثَ ‏,‏

وَهُوَ قَوْلُنَا‏.‏

وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ ‏,‏ فَلَمْ يَقُلْ أَبُو الزُّبَيْرِ ‏:‏ إنَّهُ سَمِعَهُ ‏,‏ فَهُوَ مُدَلِّسٌ‏.‏ وَفِي حَدِيثِ الأَوْزَاعِيِّ ‏:‏ بَقِيَّةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ‏.‏ وَحَدِيثَا ‏:‏ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ مُرْسَلاَنِ ‏,‏ وَعَبْدُ الْمَلِكِ هَالِكٌ‏.‏ فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذِهِ الآثَارِ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ ‏:‏ إنَّهُ قَوْلُ سِتَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ ‏,‏ فَكَمْ قِصَّةً مِثْلَ هَذِهِ قَدْ خَالَفُوا فِيهَا طَوَائِفَ مِنْ الصَّحَابَةِ لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ ‏,‏ كَالْقِصَاصِ فِي اللَّطْمَةِ ‏,‏ وَإِمَامَةِ الْجَالِسِ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ جِدًّا ‏,‏ وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

وَأَيْضًا ‏:‏ فَالآثَارُ الْمَذْكُورَةُ عَنْ الصَّحَابَةِ إنَّمَا فِيهَا ‏:‏ أَنَّهُ إذَا اسْتَهَلَّ وَرِثَ وَلَمْ نُخَالِفْهُمْ فِي ذَلِكَ ‏,‏ وَلَيْسَ فِيهَا إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يُورَثْ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا‏.‏ ثُمَّ نَسْأَلُهُمْ عَنْ مَوْلُودٍ وُلِدَ فَلَمْ يَسْتَهِلَّ ‏,‏ إِلاَّ أَنَّهُ تَحَرَّكَ ‏,‏ وَرَضَعَ ‏,‏ وَطَرَفَ بِعَيْنِهِ ‏,‏ ثُمَّ قَتَلَهُ قَاتِلٌ عَمْدًا ‏,‏ أَيَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ أَمْ لَيْسَ فِيهِ إِلاَّ غُرَّةٌ

فَإِنْ قَالُوا ‏:‏ فِيهِ الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ ‏:‏ نَقَضُوا قَوْلَهُمْ ‏,‏ وَأَوْجَبُوا أَنَّهُ وَلَدٌ حَيٌّ فَلِمَ مَنَعُوهُ الْمِيرَاثَ

وَإِنْ قَالُوا ‏:‏ لَيْسَ فِيهِ إِلاَّ غُرَّةٌ تَرَكُوا قَوْلَهُمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1749 - مسألة‏:‏

وَإِذَا قُسِّمَ الْمِيرَاثُ فَحَضَرَ قَرَابَةٌ لِلْمَيِّتِ ‏,‏ أَوْ لِلْوَرَثَةِ ‏,‏ أَوْ يَتَامَى ‏,‏ أَوْ مَسَاكِينُ ‏:‏ فَفُرِضَ عَلَى الْوَرَثَةِ الْبَالِغِينَ ‏,‏ وَعَلَى وَصِيِّ الصِّغَارِ ‏,‏ وَعَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ ‏:‏ أَنْ يُعْطُوا كُلَّ مَنْ ذَكَرْنَا مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ مِمَّا لاَ يُجْحِفُ بِالْوَرَثَةِ ‏,‏ وَيُجْبِرُهُمْ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ إنْ أَبَوْا‏.‏ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا‏}‏ وَأَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَرْضٌ لاَ يَحِلُّ خِلاَفُهُ

وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ ‏:‏ مِنْ السَّلَفِ ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ قَسَمَ لِي بِهَا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ فِي قوله تعالى ‏{‏وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى‏}‏ الآيَةَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَارِمٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ‏:‏ يَزْعُمُونَ ‏:‏ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَسَخَتْ ‏:‏ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى فَلاَ وَاَللَّهِ مَا نَسَخَتْ وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَا ‏,‏ هُمَا وَالِيَانِ ‏:‏ وَالٍ يَرِثُ ‏,‏ وَذَاكَ الَّذِي يُرْزَقُ ‏,‏ وَوَالٍ لاَ يَرِثُ ‏,‏ فَذَلِكَ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ ‏,‏ يَقُولُ ‏:‏ لاَ أَمْلِكُ لَك أَنْ أُعْطِيَك‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ‏}‏ قَالَ ‏:‏ هِيَ وَاجِبَةٌ يُعْمَلُ بِهَا وَقَدْ أَعْطَيْت بِهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ هُوَ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ‏,‏ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَخْبَرَاهُ ‏:‏ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَسَمَ مِيرَاثَ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏,‏ وَعَائِشَةُ يَوْمَئِذٍ حَيَّةٌ ‏,‏ فَلَمْ يَدَعْ فِي الدَّارِ مِسْكِينًا ‏,‏ وَلاَ ذَا قَرَابَةٍ إِلاَّ أَعْطَاهُمْ ‏,‏ وَتَلاَ ‏:‏ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ‏.‏ وَصَحَّ أَيْضًا ‏:‏ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ‏,‏ وَابْنِ سِيرِينَ ‏,‏ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ ‏,‏ وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ ‏,‏ وَالشَّعْبِيِّ ‏,‏ وَالنَّخَعِيِّ ‏,‏ وَالْحَسَنِ ‏,‏ وَالزُّهْرِيِّ ‏,‏ وَأَبِي الْعَالِيَةِ ‏,‏ وَالْعَلاَءِ بْنِ بَدْرٍ ‏,‏ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ‏,‏ وَمُجَاهِدٍ‏.‏

وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ‏.‏

وَرُوِيَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ ‏:‏ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏,‏ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ‏,‏ وَأَبِي مَالِكٍ ‏,‏ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ ‏,‏ وَأَبُو حَنِيفَةَ ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ ‏,‏ وَمَا نَعْلَمُ لأََهْلِ هَذَا الْقَوْلِ حُجَّةً أَصْلاً ‏,‏ بَلْ هُوَ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ ‏,‏ وَمَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مِنْ ‏:‏ افْعَلْ ‏:‏ إنْ شِئْت فَلاَ تَفْعَلْ‏.‏ وَلَيْسَ وُجُودُنَا آيَاتٍ قَامَ الْبُرْهَانُ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ ‏,‏ أَوْ مَخْصُوصَةٌ ‏,‏ أَوْ أَنَّهَا نَدْبٌ ‏,‏ بِمُوجِبِ أَنْ يُقَالَ فِيمَا لاَ دَلِيلَ بِذَلِكَ فِيهِ ‏:‏ هَذَا نَدْبٌ ‏,‏ أَوْ هَذَا مَنْسُوخٌ ‏,‏ أَوْ هَذَا مَخْصُوصٌ ‏,‏ فَيَكُونُ قَوْلاً بِالْبَاطِلِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ جُمْهُورَ السَّلَفِ ، رضي الله عنهم ، تَمَّ كِتَابُ الْفَرَائِضِ‏.‏

1750 - مسألة‏:‏

مُسْتَدْرَكَةٌ ‏:‏ وَلاَ يَصِحُّ نَصٌّ فِي مِيرَاثِ الْخَالِ ‏,‏ فَمَا فَضَلَ عَنْ سَهْمِ ذَوِي السِّهَامِ ‏,‏ وَذَوِي الْفَرَائِضِ ‏,‏ وَلَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ عَاصِبٌ ‏,‏ وَلاَ مُعْتَقٌ ، وَلاَ عَاصِبٌ مُعْتَقٌ ‏:‏ فَفِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ‏,‏ لاَ يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى ذِي سَهْمٍ ‏,‏ وَلاَ عَلَى غَيْرِ ذِي سَهْمٍ مِنْ ذَوِي الأَرْحَامِ ‏,‏ إذْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ ، وَلاَ إجْمَاعٌ‏.‏ فَإِنْ كَانَ ذَوُو الأَرْحَامِ فُقَرَاءَ أُعْطُوا عَلَى قَدْرِ فَقْرِهِمْ ‏,‏ وَالْبَاقِي فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ‏.‏ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا‏.‏