فصل: أَحْكَامُ الْوَطْء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


أَحْكَامُ الْوَطْء

1919 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَالأَسْتِتَارُ بِالْجِمَاعِ فَرْضٌ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ‏}‏ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ وَالْحَدِيثُ بِذَلِكَ لاَ يَجُوزُ‏.‏

1920 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَحَلاَلٌ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ كُلَّ شَيْءٍ حَاشَ الْإِيلاَجَ فَقَطْ، وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ‏:‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَهُوَ الْبَاهِلِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ‏:‏ كُنَّا نُضَاجِعُ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَفِي الْفُرُشِ وَاللُّحُفِ مِنْ قِلَّةٍ، فأما إذْ وَسَّعَ اللَّهَ الْفُرُشَ وَاللُّحُفَ فَاعْتَزِلُوهُنَّ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا أَبُو إسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا مَنْبُوذٌ الْمَكِّيُّ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ‏:‏ كُنَّا عِنْدَ مَيْمُونَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَتْ لَهُ مَيْمُونَةُ‏:‏ أَيْ بُنَيَّ مَا لِي أَرَاك شَعِثَ الرَّأْسِ فَقَالَ‏:‏ إنَّ مُرَجِّلَتِي حَائِضٌ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ‏.‏

وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ‏}‏ وَبِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ أُمِّ دُرَّةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ‏:‏ كُنْت إذَا حِضْت نَزَلْت عَنْ الْمِثَالِ إلَى الْحَصِيرِ فَلَمْ نَقْرَبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ نَدْنُ مِنْهُ حَتَّى نَطْهُرَ وَهَذَا لاَ شَيْءَ، لأََنَّهُ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ دُرَّةَ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ لاَ تُدْرَى وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ لَهُ مِنْ السُّرَّةِ فَصَاعِدًا فَقَطْ، وَلَيْسَ لَهُ مَا دُونَ ذَلِكَ‏.‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمٍ الْبَجَلِيِّ أَنَّ نَفَرًا سَأَلُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ حَائِضًا فَقَالَ عُمَرُ‏:‏ لَك مَا فَوْقَ الْإِزَارِ، لاَ تَطَّلِعَنَّ عَلَى مَا تَحْتَهُ حَتَّى تَطْهُرَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ‏:‏ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَرْسَلَ إلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ يَسْتَفْتِيهَا فِي الْحَائِضِ يُبَاشِرُهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ‏:‏ نَعَمْ، تَجْعَلُ عَلَى سِفْلَتِهَا ثَوْبًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ قَوْلٌ‏:‏ لَك مَا فَوْقَ السُّرَّةِ‏.‏ قَالَ مَعْمَرٌ‏:‏ وَسَمِعْت قَتَادَةَ يَقُولُ‏:‏ لَك مَا فَوْقَ الْإِزَارِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ‏:‏ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ حَرَامٌ‏.‏

وبه إلى ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ تُبَاشِرُ الْحَائِضُ زَوْجَهَا إذَا كَانَ عَلَى جَزْلَتِهَا السُّفْلَى إزَارٌ، سَمِعْنَا ذَلِكَ‏.‏

وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏

وَأَمَّا مَا لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَمَا فَوْقَ الْإِزَارِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا خَبَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ إلَى رَجُلٍ يُسَمَّى عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو الْبَجَلِيَّ الْكُوفِيَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَاصِمٌ هَذَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُمَرَ، لأََنَّنَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عُمَرَ وَعُمَيْرٌ هَذَا مَجْهُولٌ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْمَذْكُورِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ سَأَلُوا عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ وَبِخَبَرٍ آخَرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ حِزَامِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمِّهِ‏:‏ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ‏:‏ لَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ‏.‏ وَهَذَا لاَ يَصِحُّ، لأََنَّ حِزَامَ بْنَ حَكِيمٍ ضَعِيفٌ، وَهُوَ الَّذِي رَوَى غَسْلَ الْأُنْثَيَيْنِ مِنْ الْمَذْيِ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا‏.‏ وَبِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْيَزَنِيُّ حَدَّثَنِي بَقِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَلِيدِ عَنْ سَعِيدٍ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَغْطَشُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الأَزْدِيُّ قَالَ هِشَامٌ، وَ، هُوَ ابْنُ قِرْطٍ الأَزْدِيُّ أَمِيرُ حِمْصَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ‏:‏ مَا هُوَ فَوْقَ الْإِزَارِ، وَالتَّعَفُّفُ عَنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ وَهَذَا خَبَرٌ لاَ يَصِحُّ، لأََنَّهُ مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَغْطَشِ وَهُوَ مَجْهُولٌ لاَ يُعْرَفُ‏.‏ وَبِخَبَرٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كُرَيْبٍ عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ مَاذَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا قَالَ‏:‏ سَمِعْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنْ كَانَ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَذَلِكَ‏:‏ لاَ يَحِلُّ لَهُ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ وَهَذَا حَدِيثٌ كَمَا تَرَى غَيْرُ مُسْنَدٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ يَعْنِي الْحَائِضَ قَالَ‏:‏ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ‏.‏ وَهَذَا لاَ يَصِحُّ، لأََنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْعُمَرِيِّ الصَّغِيرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏.‏ وَقَدْ جَاءَ خَبَرٌ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ عَنْ نُدْبَةَ مَوْلاَةِ مَيْمُونَةَ عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبَاشِرُ الْحَائِضَ مِنْ نِسَائِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهَا إزَارٌ يَبْلُغُ أَنْصَافَ الْفَخْذَيْنِ أَوْ الرُّكْبَتَيْنِ مُحْتَجِزَةً‏.‏ وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ‏:‏ بَلَغَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ أُمَّيْ الْمُؤْمِنِينَ مِثْلُ هَذَا، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَعَنْ نُدْبَةَ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ وَلَوْ صَحَّ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ، وَلاَ مُتَعَلِّقَ لأََحَدٍ، لأََنَّهُ فِعْلٌ لاَ أَمْرٌ‏.‏ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ إلَى أَنَّهُ لاَ يُبَاشِرُهَا إِلاَّ وَبَيْنَهُمَا ثَوْبٌ‏.‏

رُوِّينَا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ‏:‏ سَأَلْت عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيَّ مَا لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ فَقَالَ‏:‏ الْفِرَاشُ وَاحِدٌ وَاللِّحَافُ شَتَّى، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا مِنْ طَرَفِ ثَوْبِهِ رَدَّ عَلَيْهَا‏.‏

وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مَخْرَمَةُ، هُوَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْطَجِعُ مَعِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ثَوْبٌ‏.‏ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ هُوَ مَوْلَى بَنِي جُمَحَ نَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا كَانَتْ تَنَامُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَائِضٌ وَبَيْنَهُمَا ثَوْبٌ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ سَمَاعُ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ لاَ يَصِحُّ‏:‏ كَمَا، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّيْدَلاَنِيُّ، حَدَّثَنَا الْعُقَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ قَالَ‏:‏ أَخْرَجَ إلَيَّ مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ كِتَابًا وَقَالَ لِي‏:‏ هَذِهِ كُتُبُ أَبِي لَمْ أَسْمَعْ مِنْهَا شَيْئًا‏.‏

وَأَمَّا خَبَرُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَفِيهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَمْ يُوَثِّقْهُ أَحَدٌ‏.‏ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمَالِكٌ، وَمَنْ قَلَّدَهُ إلَى أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ، وَمَا تَحْتَ الرُّكْبَةِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَمَا نَعْلَمُ لِهَذَا الْقَوْلِ مُتَعَلَّقًا أَصْلاً، فَوَجَبَ تَرْكُهُ‏.‏ وَلاَ يُمَوِّهَنَّ مُمَوِّهٌ بِالأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ الْحَائِضَ مِنْ نِسَائِهِ أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرَهَا، فَإِنَّ الْإِزَارَ قَدْ يَبْلُغُ إلَى الْكَعْبَيْنِ، وَقَدْ يَبْلُغُ إلَى أَنْصَافِ الْفَخِذَيْنِ‏.‏ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى مِثْلِ قَوْلِنَا‏:‏ كَمَا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ عِقَالٍ سَأَلْت أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ مَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ إذَا كَانَ صَائِمًا قَالَتْ‏:‏ فَرْجُهَا قُلْت‏:‏ فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْهَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا قَالَتْ‏:‏ فَرْجُهَا‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ كُلُّ شَيْءٍ، إِلاَّ مَخْرَجَ الدَّمِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏:‏ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ الْحَائِضَ إذَا كَفَّ عَنْهَا الأَذَى‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ‏:‏، أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَائِضِ‏:‏ لاَ بَأْسَ أَنْ يَأْتِيَهَا زَوْجُهَا فِيمَا دُونَ الدَّمِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَائِضِ‏:‏ لاَ بَأْسَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ فَرْجَهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُدْخِلْهُ يَعْنِي عَلَى فَرْجِهَا‏.‏

وبه إلى وَكِيعٍ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا أَنْ يُقَلِّبَ بَيْنَ فَخِذَيْ الْحَائِضِ‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَجَمِيعِ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الشَّافِعِيِّ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ قَدْ بَيَّنَّا سُقُوطَ جَمِيعِ الأَقْوَالِ الَّتِي قَدَّمْنَا إِلاَّ هَذَا الْقَوْلَ، وَقَوْلَ مَنْ تَعَلَّقَ بِالآيَةِ فَنَظَرْنَا فِي هَذَا الْقَوْلِ فَوَجَدْنَا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ نَا ثَابِتٌ هُوَ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا، وَفِيهِ‏:‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ‏}‏ إلَى آخِرِ الآيَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ فَهَذَا خَبَرٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، وَهُوَ بَيَانٌ لِلآيَةِ، بَيَّنَ عليه الصلاة والسلام إثْرَ نُزُولِهَا مُرَادَ رَبِّهِ تَعَالَى فِيهَا‏.‏ وَصَحَّ بِهَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ الْعُلَمَاءِ‏:‏ إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فِي الْمَحِيضِ‏}‏ إنَّمَا هُوَ مَوْضِعُ الْحَيْضِ، وَلاَ شَكَّ فِي هَذَا لأََنَّهُ عليه الصلاة والسلام بَيَّنَ مُرَادَ رَبِّهِ تَعَالَى فِي الآيَةِ، وَلَمْ يَنْسَخْهَا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ‏}‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1921 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَمَنْ وَطِئَ حَائِضًا عَامِدًا أَوْ جَاهِلاً‏:‏ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى فِي الْعَمْدِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لاَ صَدَقَةٌ، وَلاَ غَيْرُهَا، إِلاَّ التَّوْبَةُ وَالأَسْتِغْفَارُ‏.‏ وَقَدْ قَالَ قَائِلُونَ فِي ذَلِكَ بِكَفَّارَةٍ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنْ وَطِئَهَا فِي الدَّمِ فَدِينَارٌ، وَإِنْ وَطِئَهَا فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ فَنِصْفُ دِينَارٍ‏.‏ وَعَنْ قَتَادَةَ‏:‏ إنْ كَانَ وَاجِدًا فَدِينَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَنِصْفُ دِينَارٍ‏.‏ وَعَنْ عَطَاءٍ مَنْ وَطِئَ حَائِضًا يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ‏:‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ‏:‏ وَرَأَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ دِينَارٍ أَوْ نِصْفَ دِينَارٍ وَوَجَدْنَا أَهْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ يَحْتَجُّونَ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُسْنَدًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِقْسَمٌ ضَعِيفٌ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرِيكٌ، وَخُصَيْفٌ ضَعِيفَانِ وَمِنْ طَرِيقٍ فِيهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْمَكْفُوفِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَوْطٍ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُسْنَدًا، وَعَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَيُّوبَ هَالِكَانِ وَالْمَكْفُوفُ مَجْهُولٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ الْفَرَجِ عَنْ السَّبِيعِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ‏:‏ تَصَدَّقْ بِدِينَارٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ هَالِكٌ وَالسَّبِيعِيُّ مَجْهُولٌ، وَلاَ يَظُنُّ جَاهِلٌ أَنَّهُ أَبُو إِسْحَاقَ مَاتَ أَبُو إِسْحَاقَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ أَصْبَغُ بِدَهْرٍ وَهُوَ أَيْضًا مُرْسَلٌ وَقَدْ رَوَاهُ الأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا مُرْسَلاً، وَفِيهِ‏:‏ تَصَدَّقْ بِخُمْسَيْ دِينَارٍ‏.‏ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ أَنَّ عَلَيْهِ مِثْلَ كَفَّارَةِ مَنْ وَطِئَ فِي رَمَضَانَ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى نَا الْمُعْتَمِرُ، هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ قَالَ‏:‏ قَرَأْت عَلَى فَضْلٍ عَنْ أَبِي حَرِيزٍ‏:‏ أَنَّ أَيْفَعَ حَدَّثَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ صَوْمُ شَهْرٍ، أَوْ إطْعَامُ ثَلاَثِينَ مِسْكِينًا‏:‏ قُلْت‏:‏ وَمَنْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ سَمِعَ أَذَانَ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ يُجْمِعْ لَيْسَ لَهُ عُذْرٌ قَالَ‏:‏ كَذَلِكَ عِتْقُ رَقَبَةٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ، هُوَ ابْنُ حَسَّانٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ يَقِيسُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْحَائِضِ بِاَلَّذِي يَقَعُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ‏.‏

وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ تَمِيمٍ السُّلَمِيِّ قَالَ‏:‏ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ بَذِيمَةَ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ وَقِيمَةُ الرَّقَبَةِ يَوْمَئِذٍ دِينَارٌ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا‏:‏ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ بِإِسْنَادِهِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ تَمِيمٍ ضَعِيفَانِ فَسَقَطَ كُلُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ أَنْ يَقِيسُوا وَاطِئَ الْحَائِضِ عَلَى الْوَاطِئِ فِي رَمَضَانَ، لأََنَّهُمَا مَعًا وَطِئَا فَرْجًا حَلاَلَ الْعَيْنِ، لَمْ يَحْرُمْ إِلاَّ بِحَالِ الصَّوْمِ، أَوْ حَالِ الْحَيْضِ فَقَطْ، وَلَكِنْ هَذَا مِمَّا تَنَاقَضُوا فِيهِ، لاَ سِيَّمَا وَهُمْ يَحْتَجُّونَ بِأَضْعَفَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ‏.‏

وَأَمَّا نَحْنُ فَلَوْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْ كُلِّ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقُلْنَا بِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ لَمْ يَجِبْ مِنْهُ شَيْءٌ، لأََنَّهُ شَرْعٌ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ‏.‏ وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِنَا ابْنُ سِيرِينَ صَحَّ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَصَحَّ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَمَكْحُولٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابِهِمْ‏.‏

1922 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَإِذَا رَأَتْ الْحَائِضُ الطُّهْرَ فَإِنْ غَسَلَتْ فَرْجَهَا فَقَطْ، أَوْ تَوَضَّأَتْ فَقَطْ، أَوْ اغْتَسَلَتْ كُلَّهَا، فَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَتْ حَلَّ وَطْؤُهَا لِزَوْجِهَا، إِلاَّ أَنَّهَا لاَ تُصَلِّي حَتَّى تَغْتَسِلَ كُلُّهَا بِالْمَاءِ وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا‏:‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لاَ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا إِلاَّ حَتَّى تَغْسِلَ جَمِيعَ جَسَدِهَا‏.‏

رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمَكْحُولٍ، وَالْحَسَنِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ‏.‏ وَرُوِّينَاهُ عَنْ عَطَاءٍ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِمَا وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، إلَى أَنَّ الْحَائِضَ إنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا عَشْرَةً، فَإِنَّهَا بِانْقِضَاءِ الْعَشَرَةِ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا وَإِنْ لَمْ تَغْسِلْ فَرْجَهَا، وَلاَ تَوَضَّأَتْ، وَلاَ اغْتَسَلَتْ فَإِنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ، فَإِنَّهَا إذَا رَأَتْ الطُّهْرَ لَمْ يَحِلَّ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا إِلاَّ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ‏:‏ إمَّا أَنْ تَغْتَسِلَ كُلُّهَا،

وَأَمَّا أَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلاَةٍ فَإِنْ مَضَى لَهَا وَقْتُ صَلاَةٍ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ، وَلاَ غَسَلَتْ فَرْجَهَا، وَلاَ تَوَضَّأَتْ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ لاَ قَوْلَ أَسْقَطُ مِنْ هَذَا، لأََنَّهُ تَحَكُّمٌ بِالْبَاطِلِ بِلاَ دَلِيلٍ أَصْلاً، وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلاَ بَعْدَهُ، إِلاَّ مَنْ قَلَّدَهُ‏.‏ وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى مِثْلِ قَوْلِنَا‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٌ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ، ثُمَّ اتَّفَقَ عَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ، فَقَالاَ جَمِيعًا فِي الْحَائِضِ إذَا رَأَتْ الطُّهْرَ فَإِنَّهَا تَغْسِلُ فَرْجَهَا وَيُصِيبُهَا زَوْجُهَا‏.‏

وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الطُّهْرَ فَتَوَضَّأَتْ حَلَّ وَطْؤُهَا لِزَوْجِهَا

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعِ أَصْحَابِنَا‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ رُبَّمَا يُمَوِّهُ مُمَوِّهٌ بِالْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَإِنْ أَتَاهَا يَعْنِي الْحَائِضَ وَقَدْ أَدْبَرَ الدَّمُ عَنْهَا وَلَمْ يَغْتَسِلْ فَنِصْفُ دِينَارٍ فَقَدْ‏.‏

قلنا‏:‏ إنْ مِقْسَمًا ضَعِيفٌ وَلَمْ يَلْقَ عَبْدُ الْكَرِيمِ مِقْسَمًا، فَهُوَ لاَ شَيْءَ، وَلاَ سِيَّمَا وَالْمَالِكِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا الْخَبَرِ‏.‏ وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَحْتَجَّ الْمَرْءُ بِخَبَرٍ هُوَ أَوَّلُ مُبْطِلٍ لَهُ، وَلَعَلَّهُمْ أَنْ يَقُولُوا‏:‏ لاَ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا إِلاَّ أَنْ تَجُوزَ لَهَا الصَّلاَةُ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا خَطَأٌ، لأََنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ مُعَلَّقًا بِالصَّلاَةِ، فَقَدْ تَكُونُ الْمَرْأَةُ جُنُبًا فَيَحِلُّ وَطْؤُهَا، وَلاَ تَحِلُّ لَهَا الصَّلاَةُ، وَتَكُونُ مُعْتَكِفَةً، وَمُحْرِمَةً وَصَائِمَةً فَتُصَلِّي، وَلاَ يَحِلُّ وَطْؤُهَا‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ فَإِذْ لاَ بَيَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا إِلاَّ فِي الآيَةِ، فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ‏}‏ فَوَجَدْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُبِحْ وَطْءَ الْحَائِضِ إِلاَّ بِوَجْهَيْنِ اثْنَيْنِ‏:‏ وَهِيَ أَنْ تَطْهُرَ، وَأَنْ تَطْهُرَ، لأََنَّ الضَّمِيرَ الَّذِي فِي ‏"‏ تَطَهَّرْنَ ‏"‏ رَاجِعٌ بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ إلَى الضَّمِيرِ الَّذِي فِي ‏"‏ يَطْهُرْنَ ‏"‏ وَالضَّمِيرُ الَّذِي فِي ‏"‏ يَطْهُرْنَ ‏"‏ رَاجِعٌ إلَى الْحَيْضِ، فَكَانَ مَعْنَى ‏"‏ يَطْهُرْنَ ‏"‏ هُوَ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ وَظُهُورُ الطُّهْرِ، لأََنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْفِعْلَ إلَيْهِنَّ، وَكَانَ مَعْنَى ‏"‏ يَطْهُرْنَ ‏"‏ فِعْلاً يَفْعَلْنَهُ، لأََنَّهُ رَدَّ الْفِعْلَ إلَيْهِنَّ، فَوَجَبَ حَمْلُ الآيَةِ عَلَى مُقْتَضَاهَا وَعُمُومِهَا، لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَلاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا، وَلاَ الأَخْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا دُونَ كُلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِالدَّعْوَى الْكَاذِبَةِ، فَيَكُونُ إخْبَارًا عَنْ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ مُرَادِهِ، وَهَذَا حَرَامٌ وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ بَعْضَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ ‏"‏ تَطَهَّرْنَ ‏"‏ دُونَ سَائِرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ لاََخْبَرْنَا بِهِ، وَلَبَيَّنَهُ عَلَيْنَا، وَلَمَا وَكَلَنَا إلَى التَّكَهُّنِ وَالظُّنُونِ‏.‏

وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ‏}‏ فَقَدْ فَصَّلَ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا مِنْ وَطْءِ الْحَائِضِ وَأَنَّهُ حَرَامٌ مَا لَمْ يَطْهُرْنَ فَيَطَّهَّرْنَ‏.‏

فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ ‏"‏ الطُّهْرِ ‏"‏ بَعْدَ أَنْ ‏"‏ يَطْهُرْنَ ‏"‏ فَقَدْ حَلَلْنَ بِهِ، وَالْوُضُوءُ تَطَهُّرٌ بِلاَ خِلاَفٍ، وَغَسْلُ الْفَرْجِ بِالْمَاءِ تَطَهُّرٌ كَذَلِكَ، وَغَسْلُ جَمِيعِ الْجَسَدِ تَطَهُّرٌ، فَبِأَيِّ هَذِهِ الْوُجُوهِ تَطَهَّرَتْ الَّتِي رَأَتْ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضِ فَقَدْ حَلَّ بِهِ لَنَا إتْيَانُهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏