فصل: 264 - مَسْأَلَةٌ : وَكُلُّ دَمٍ رَأَتْهُ الْحَامِلُ مَا لَمْ تَضَعْ آخِرَ وَلَدٍ فِي بَطْنِهَا ‏,‏ فَلَيْسَ حَيْضًا ، وَلاَ نِفَاسًا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


264 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَكُلُّ دَمٍ رَأَتْهُ الْحَامِلُ مَا لَمْ تَضَعْ آخِرَ وَلَدٍ فِي بَطْنِهَا ‏,‏ فَلَيْسَ حَيْضًا ، وَلاَ نِفَاسًا ‏,‏ وَلاَ يَمْنَعُ مِنْ شَيْءٍ ‏,‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا قَبْلُ وَبُرْهَانُهُ ‏,‏ وَلَيْسَ أَيْضًا نِفَاسًا لاَِنَّهَا لَمْ تُنْفِسْ ، وَلاَ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدُ ، وَلاَ حَائِضٌ ‏,‏ وَلاَ إجْمَاعٌ بِأَنَّهُ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ ‏,‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ‏,‏ فَلاَ يَسْقُطُ عَنْهَا مَا قَدْ صَحَّ وُجُوبُهُ مِنْ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَإِبَاحَةِ الْجِمَاعِ إلاَّ بِنَصٍّ ثَابِتٍ لاَ بِالدَّعْوَى الْكَاذِبَةِ‏.‏

265 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَإِنْ رَأَتْ الْعَجُوزُ الْمُسِنَّةُ دَمًا أَسْوَدَ فَهُوَ حَيْضٌ مَانِعٌ مِنْ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالطَّوَافِ وَالْوَطْءِ‏.‏

بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ إنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا رَأَتْهُ بِتَرْكِ الصَّلاَةِ وَقَوْلُهُ عليه السلام فِي الْحَيْضِ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَهَذَا دَمٌ أَسْوَدُ وَهِيَ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ ‏,‏ وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ ، وَلاَ إجْمَاعٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا ‏,‏ كَمَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ فِي الْحَامِلِ ‏,‏

فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏وَاَللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ‏}

قلنا ‏:‏ إنَّمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُنَّ بِيَأْسِهِنَّ ‏,‏ وَلَمْ يُخْبِرْ تَعَالَى أَنْ يَأْسَهُنَّ حَقٌّ قَاطِعٌ لِحَيْضِهِنَّ ‏,‏ وَلَمْ نُنْكِرْ يَأْسَهُنَّ مِنْ الْحَيْضِ ‏,‏ لَكِنْ

قلنا ‏:‏ إنَّ يَأْسَهُنَّ مِنْ الْحَيْضِ ‏,‏ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ أَنْ يُحْدِثَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُنَّ حَيْضًا ‏,‏ وَلاَ أَخْبَرَ تَعَالَى بِأَنَّ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ ‏,‏ وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا‏}‏ فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُنَّ يَائِسَاتٌ مِنْ النِّكَاحِ ‏,‏ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ أَنْ يُنْكَحْنَ بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ ‏,‏ وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ وُرُودِ الْكَلاَمَيْنِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي اللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ وَاَللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا ‏,‏ وَكِلاَهُمَا حُكْمٌ وَارِدٌ فِي اللَّوَاتِي يَظْنُنَّ هَذَيْنِ الظَّنَّيْنِ ‏,‏ وَكِلاَهُمَا لاَ يَمْنَعُ مِمَّا يَئِسْنَ مِنْهُ ‏,‏ مِنْ الْمَحِيضِ وَالنِّكَاحِ ‏,‏ وَبِقَوْلِنَا فِي الْعَجُوزِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

266 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَأَقَلُّ الْحَيْضِ دَفْعَةً ‏,‏ فَإِذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ الدَّمَ الأَسْوَدَ مِنْ فَرْجِهَا أَمْسَكَتْ عَنْ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَحَرُمَ وَطْؤُهَا عَلَى بَعْلِهَا وَسَيِّدِهَا ‏,‏ فَإِنْ رَأَتْ أَثَرَ الدَّمِ الأَحْمَرِ أَوْ كَغُسَالَةِ اللَّحْمِ أَوْ الصُّفْرَةَ أَوْ الْكُدْرَةَ أَوْ الْبَيَاضَ أَوْ الْجُفُوفَ التَّامَّ فَقَدْ طَهُرَتْ وَتَغْتَسِلُ أَوْ تَتَيَمَّمُ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ التَّيَمُّمِ ‏,‏ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَيَأْتِيهَا بَعْلُهَا أَوْ سَيِّدُهَا ‏,‏ وَهَكَذَا أَبَدًا مَتَى رَأَتْ الدَّمَ الأَسْوَدَ فَهُوَ حَيْضٌ ‏,‏ وَمَتَى رَأَتْ غَيْرَهُ فَهُوَ طُهْرٌ ‏,‏ وَتَعْتَدُّ بِذَلِكَ مِنْ الطَّلاَقِ ‏,‏ فَإِنْ تَمَادَى الأَسْوَدُ فَهُوَ حَيْضٌ إلَى تَمَامِ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ‏,‏ فَإِنْ زَادَ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَلَيْسَ حَيْضًا ‏,‏ وَنَذْكُرُ حُكْمَ ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

بُرْهَانُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُرُودِ النَّصِّ بِأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ ‏,‏ وَمَا عَدَاهُ لَيْسَ حَيْضًا ‏,‏ وَلَمْ يَخُصَّ عليه السلام لِذَلِكَ عَدَدَ أَوْقَاتٍ مِنْ عَدَدٍ ‏,‏ بَلْ أَوْجَبَ بِرُؤْيَتِهِ أَنْ لاَ تُصَلِّيَ ، وَلاَ تَصُومَ ‏,‏ وَحَرَّمَ تَعَالَى نِكَاحَهُنَّ فِيهِ ‏,‏ وَأَمَرَ عليه السلام بِالصَّلاَةِ عِنْدَ إدْبَارِهِ وَالصَّوْمَ ‏,‏ وَأَبَاحَ تَعَالَى الْوَطْءَ عِنْدَ الطُّهْرِ مِنْهُ ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُ وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ بِذَلِكَ ‏,‏ وَمَا دَامَ يُوجَدُ الْحَيْضُ فَلَهُ حُكْمُهُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ‏,‏ حَتَّى يَأْتِيَ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا ‏,‏ وَلاَ نَصَّ ، وَلاَ إجْمَاعَ فِي أَقَلِّ مِنْ سَبْعَةَ عَشْرَ يَوْمًا ‏,‏ فَمَا صَحَّ الإِجْمَاعُ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا وُقِفَ عِنْدَهُ ‏,‏ وَانْتَقَلَتْ عَنْ حُكْمِ الْحَائِضِ وَمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ فَمَرْدُودٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عليه السلام جَعَلَ لِلدَّمِ الأَسْوَدِ حُكْمَ الْحَيْضِ ‏,‏ فَهُوَ حَيْضٌ مَانِعٌ مِمَّا ذَكَرْنَا ‏,‏ وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ ، وَلاَ إجْمَاعٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الطُّهْرِ الْمُبِيحِ لِلصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ لاَ يَكُونُ قُرْءًا فِي الْعِدَّةِ ‏,‏ فَالْمُفَرِّقُ بَيْنَ ذَلِكَ مُخْطِئٌ مُتَيَقِّنٌ الْخَطَأِ ‏,‏ قَائِلٌ مَا لاَ قُرْآنَ جَاءَ بِهِ ، وَلاَ سُنَّةَ ‏,‏ لاَ صَحِيحَةً ، وَلاَ سَقِيمَةً ‏,‏ وَلاَ قِيَاسَ ، وَلاَ إجْمَاعَ ‏,‏ بَلْ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ كِلاَهُمَا يُوجِبُ مَا

قلنا ‏:‏ مِنْ امْتِنَاعِ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ بِالْحَيْضِ ‏,‏ وَوُجُودِهِمَا بِعَدَمِ الْحَيْضِ ‏,‏ وَوُجُودِ الطُّهْرِ وَكَوْنِ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ قُرْءًا يُحْتَسَبُ بِهِ فِي الْعِدَّةِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ‏}‏ فَمَنْ حَدَّ فِي أَيَّامِ الْقُرْءِ حَدًّا فَهُوَ مُبْطِلٌ ‏,‏ وَقَافٍ مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ ‏,‏ وَمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ ، وَلاَ إجْمَاعٌ‏.‏ وَفِي هَذَا خِلاَفٌ فِي ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ ‏:‏ أَحَدُهَا أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَيْضِ ‏,‏

وَالثَّانِي أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَيْضِ ‏,‏ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِدَّةِ فِي ذَلِكَ وَبَيْنَ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ ‏,‏

فأما أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَيْضِ فَإِنَّ طَائِفَةً قَالَتْ ‏:‏ أَقَلُّ الْحَيْضِ دَفْعَةٌ تُتْرَكُ لَهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ

وَأَمَّا فِي الْعِدَّةِ فَأَقَلُّهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ ‏,‏

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ ‏:‏ أَقَلُّهُ فِي الْعِدَّةِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ أَقَلُّ الْحَيْضِ دَفْعَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالْوَطْءِ وَالْعِدَّةِ ‏,‏

وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُد وَأَصْحَابِهِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ‏,‏ وَهُوَ الأَشْهَرُ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ

وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ ‏,‏ فَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ الثَّلاَثَةِ الأَيَّامِ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ وَلَيْسَ حَيْضًا ، وَلاَ تُتْرَكُ لَهُ صَلاَةٌ ، وَلاَ صَوْمٌ ‏,‏

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَسُفْيَانَ

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ حَيْضُ النِّسَاءِ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ ‏,‏ وَهُوَ قَوْلٌ لاَِحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ أَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَتَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَبَيْنَ الْعِدَّةِ ‏,‏ فَقَوْلٌ ظَاهِرُ الْخَطَأِ ‏,‏ وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً أَصْلاً ‏,‏ لاَ مِنْ قُرْآنٍ ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ، وَلاَ سَقِيمَةٍ ، وَلاَ مِنْ إجْمَاعٍ ‏,‏ وَلاَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ ، وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ ، وَلاَ مِنْ احْتِيَاطٍ ، وَلاَ مِنْ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ ‏,‏ فَوَجَبَ تَرْكُهُ‏.‏ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ ‏:‏ حَيْضُ النِّسَاءِ يَدُورُ عَلَى سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ ‏,‏ فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ حُجَّةً إلاَّ أَنْ قَالُوا ‏:‏ هَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي النِّسَاءِ ‏,‏ وَذَكَرُوا حَدِيثًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهَا اُسْتُحِيضَتْ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلَ حَيْضَتِهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً‏.‏ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ زَكَرِيَّا بْنَ عَدِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا ‏:‏ تَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً فِي عِلْمِ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ اغْتَسِلِي ‏,‏ فَإِذَا اسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلاَثًا وَعِشْرِينَ وَأَيَّامَهَا وَصُومِي كَذَلِكَ ‏,‏ وَافْعَلِي فِي كُلِّ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ لِمِيقَاتِ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ‏.‏ وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبُو عُبَيْدٍ فَجَعَلَ هَذَا حُكْمَ الْمُبْتَدَأَةَ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ أَمَّا هَذَانِ الْخَبَرَانِ فَلاَ يَصِحَّانِ ‏,‏ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ‏.‏ كَذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ حَمَامٌ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ أَصْبَغَ ، عَنِ ابْنِ أَيْمَنَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ ‏:‏ حَدَّثْتُ ، عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ ‏,‏ وَلَمْ يَسْمَعْهُ ‏,‏ قَالَ أَحْمَدُ ‏:‏ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ أَحْمَدُ ‏:‏ وَالنُّعْمَانُ يُعْرَفُ فِيهِ الضَّعْفُ‏.‏ وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا شَرِيكٌ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَكِلاَهُمَا ضَعِيفٌ‏.‏ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ‏.‏

وَأَيْضًا فَعُمَرُ بْنُ طَلْحَةَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ‏,‏ لاَ يُعْرَفُ لِطَلْحَةَ ابْنٌ اسْمُهُ عُمَرُ‏.‏

وَأَمَّا الآخَرُ فَمِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ ‏,‏ وَقَدْ تُرِكَ حَدِيثُهُ فَسَقَطَ الْخَبَرُ جُمْلَةً‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ ‏:‏ إنَّ هَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ مِنْ حَيْضِ النِّسَاءِ فَلاَ حُجَّةَ فِي هَذَا ‏,‏ لاَِنَّهُ لَمْ يُوجِبْ مُرَاعَاةَ ذَلِكَ قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ ، وَلاَ إجْمَاعٌ ‏,‏ وَقَدْ يُوجَدُ فِي النِّسَاءِ مَنْ لاَ تَحِيضُ أَصْلاً فَلاَ يُجْعَلُ لَهَا حُكْمُ الْحَيْضِ ‏,‏ فَبَطَلَ حَمْلُهُنَّ عَلَى الْمَعْهُودِ ‏,‏ وَقَدْ يُوجَدُ مَنْ تَحِيضُ أَقَلَّ وَأَكْثَرَ ‏,‏ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ‏.‏ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ ‏:‏ أَقَلُّ الْحَيْضِ خَمْسٌ ‏,‏ فَوَجَدْنَاهُ قَوْلاً بِلاَ دَلِيلٍ ‏,‏ وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ سَاقِطٌ‏.‏ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ جَعَلَ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثَلاَثَةً أَيَّامٍ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُمَامَةَ ‏:‏ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ ‏,‏ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ‏:‏ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّهَا أَمَرَتْ أَسْمَاءَ ‏,‏ أَوْ أَسْمَاءُ حَدَّثَتْنِي أَنَّهَا أَمَرَتْهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ أَنْ تَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ الأَيَّامَ الَّتِي كَانَتْ تَقْعُدُ ثُمَّ تَغْتَسِلَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَقَالُوا ‏:‏ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ أَيَّامٍ فَثَلاَثَةٌ ‏,‏ وَبِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بُرَيْقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعٍ درخت ، حدثنا أَسَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّدَفِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ حَيْضَ أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ ، وَلاَ فَوْقَ عَشْرٍ قَالُوا ‏:‏ وَهُوَ قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏,‏ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏,‏

وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ أَفْتَتْ بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ نَهْيِهِ

وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ أَمَّا الْخَبَرُ الصَّحِيحُ فِي هَذَا مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ وَفَاطِمَةَ وَأَسْمَاءَ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ‏,‏ لاَِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ مَنْ كَانَتْ لَهَا أَيَّامٌ مَعْهُودَةٌ ‏,‏ هَذَا نَصُّ ذَلِكَ الْخَبَرِ الَّذِي لاَ يَحِلُّ أَنْ يُحَالَ عَنْهُ وَلَمْ يَأْمُرْ عليه السلام بِذَلِكَ مَنْ لاَ أَيَّامَ لَهَا‏.‏

بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ وَالْجَمُّ الْغَفِيرُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَجَرِيرٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، وَابْنُ جُرَيْجٍ والدّرَاوَرْدِيُّ وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ‏,‏ كُلَّهُمْ رَوَوْا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ ‏,‏ فَإِذَا أَدْبَرَتْ الْحَيْضَةُ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ كُلُّهُمْ رَوَوْا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ‏,‏ وَالْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عُرْوَةَ كُلُّهُمْ إذَا جَاءَتْ الْحَيْضَةُ وَإِذَا جَاءَ قُرْؤُكِ وَ إذَا جَاءَ الدَّمُ الأَسْوَدُ دُونَ ذِكْرِ أَيَّامٍ‏.‏ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ وَقُتَيْبَةُ ‏,‏ كِلاَهُمَا عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ إنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدَّمِ‏.‏ قَالَتْ عَائِشَةُ ‏:‏ رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلآنُ ‏,‏ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ اُمْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي فَهَذَا أَمْرٌ لِمَنْ كَانَتْ حَيْضَتُهَا أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ‏,‏ وَمِنْ يَوْمٍ وَأَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ أَيْضًا‏.‏ وَهَذِهِ كُلُّهَا فَتَاوَى حَقٍّ لاَ يَحِلُّ تَرْكُهَا ‏,‏ وَلاَ إحَالَةُ شَيْءٍ مِنْهَا عَنْ ظَاهِرِهَا ‏,‏

وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ مُرَادَهُ عليه السلام بِقَوْلِهِ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا ‏:‏ إنَّمَا أَرَادَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ‏,‏ فَإِنْ أَقْدَمَ عَلَى ذَلِكَ مَقْدِمٌ كَانَ كَاذِبًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِالْحَدِيثِ‏.‏

وَأَمَّا خَبَرُ مُعَاذٍ فَفِي غَايَةِ السُّقُوطِ ‏;‏ لاَِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّدَفِيِّ وَهُوَ مَجْهُولٌ ‏,‏ فَهُوَ مَوْضُوعٌ بِلاَ شَكٍّ ‏,‏ وَالْعَجَبُ مِنْ انْتِصَارِهِمْ هَهُنَا عَلَى أَنَّهُ لاَ يَقَعُ اسْمُ الأَيَّامِ إلاَّ عَلَى ثَلاَثٍ لاَ أَقَلَّ ‏,‏ وَهُمْ يَقُولُونَ ‏:‏ إنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلاُِمِّهِ السُّدُسُ‏}‏ أَنَّهُ لاَ يَقَعُ عَلَى أَخَوَيْنِ فَقَطْ فَهَلاَّ جَعَلُوا لَفْظَةَ الأَيَّامِ تَقَعُ هَهُنَا عَلَى يَوْمَيْنِ

وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِ أَنَسٍ وَعَائِشَةَ فَلاَ يَصِحُّ عَنْهُمَا ‏,‏ لاَِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ وَهُوَ ضَعِيفٌ ‏,‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَقِيلٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ ‏,‏ ثُمَّ لَوْ صَحَّ عَنْهُ وَعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ لَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ ‏,‏ لاَِنَّهُ قَدْ خَالَفَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ‏,‏ فَكَيْفَ وَإِنَّمَا أَفْتَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ مَنْ لَهَا أَيَّامٌ مَعْهُودَةٌ ‏,‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ‏,‏ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ‏.‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ ‏:‏ أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ‏,‏ فَوَجَدْنَاهُ أَيْضًا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ النُّصُوصِ ‏,‏ فَإِنْ ادَّعَى مُدَّعٍ إجْمَاعًا فِي ذَلِكَ فَهَذَا خَطَأٌ لاَِنَّ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ ‏:‏ إنَّهُ يَعْرِفُ امْرَأَةً تَطْهُرُ عَشِيَّةً وَتَحِيضُ غُدْوَةً ‏,‏

وَأَيْضًا فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ قَدْ أَوْجَبَا بِرُؤْيَةِ دَفْعَةٍ مِنْ الدَّمِ تَرْكَ الصَّلاَةِ وَفِطْرَ الصَّائِمَةِ وَتَحْرِيمَ الْوَطْءِ ‏,‏ وَهَذِهِ أَحْكَامٌ الْحَيْضِ ‏,‏ فَسَقَطَ أَيْضًا هَذَا الْقَوْلُ‏.‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ ثُمَّ نَسْأَلُهُمْ عَمَّنْ رَأَتْ الدَّمَ فِي أَيَّامِ حَيْضَتِهَا ‏:‏ بِمَاذَا تُفْتُونَهَا فَلاَ يَخْتَلِفُ مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي أَنَّهَا حَائِضٌ ، وَلاَ تُصَلِّي ، وَلاَ تَصُومُ ‏,‏ فَنَسْأَلُهُمْ ‏:‏ إنْ رَأَتْ الطُّهْرَ إثْرَهَا فَكُلُّهُمْ يَقُولُ ‏:‏ تَغْتَسِلِي وَتُصَلِّي ‏,‏ فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ ‏,‏ وَكَانَ يَلْزَمُهُمْ إذَا رَأَتْ الدَّمَ فِي أَيَّامِ حَيْضَتِهَا أَلاَّ تُفْطِرَ ، وَلاَ تَدَعَ الصَّلاَةَ وَأَلاَّ يَحْرُمَ وَطْؤُهَا إلاَّ حَتَّى تُتِمَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً فِي قَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ أَقَلَّ الْحَيْضِ ‏,‏ أَوْ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا فِي قَوْلِ مَنْ رَأَى ذَلِكَ أَقَلَّ الْحَيْضِ ‏,‏ فَإِذْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا ، وَلاَ يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فَقَدْ ظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ ‏,‏ وَصَحَّ الإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا ‏,‏ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ‏.‏

وَأَيْضًا فَإِنَّ الآثَارَ الصِّحَاحَ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا جَاءَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي دُونَ تَحْدِيدِ وَقْتٍ ‏,‏ وَهَذَا هُوَ قَوْلُنَا ‏,‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ يَكُونُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَفْتَى إذَا رَأَتْ الدَّمَ الْبَحْرَانِيَّ أَنْ تَدَعَ الصَّلاَةَ ‏,‏ فَإِذَا رَأَتْ الطُّهْرَ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَلْتَغْتَسِلْ وَتُصَلِّي‏.‏

وَأَمَّا أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَيْضِ فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ قَالاَ ‏:‏ أَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لاَ يَكُونُ أَكْثَرَ ‏,‏ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ‏:‏ أَكْثَرُ الْحَيْضِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ يَوْمًا‏.‏

وقال أبو حنيفة وَسُفْيَانُ ‏:‏ أَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ‏.‏ فَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِالأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَقَالَ ‏:‏ لاَ يَقَعُ اسْمُ أَيَّامٍ إلاَّ عَلَى عَشَرَةٍ ‏,‏ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ الْحَيْضَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ أَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ اسْمَ أَيَّامٍ لاَ يَقَعُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ فَكَذِبٌ لاَ تُوجِبُهُ لُغَةٌ ، وَلاَ شَرِيعَةٌ ‏,‏

وَقَدْ

قَالَ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏ وَهَذَا يَقَعُ عَلَى ثَلاَثِينَ يَوْمًا بِلاَ خِلاَفٍ ‏,‏ وَحَدِيثُ مُعَاذٍ قَدْ ذَكَرْنَا بُطْلاَنَهُ ‏,‏

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ ‏:‏ إنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ أَيَّامَ الْحَيْضِ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ فَهُوَ كَذِبٌ ‏,‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ مَنْ قَالَ ‏:‏ إنَّ أَيَّامَ الْحَيْضِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ‏,‏ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَقَلُّ الْحَيْضِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ ‏,‏ فَحَصَلَ قَوْلُهُمْ دَعْوَى بِلاَ بُرْهَانٍ وَهَذَا بَاطِلٌ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ حَدَّ ثَلاَثَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَكَذَلِكَ أَيْضًا ‏,‏

وَأَمَّا مَنْ قَالَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهُمْ ادَّعَوْا الإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَكُونُ حَيْضٌ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ‏.‏

قال علي ‏:‏ وهذا بَاطِلٌ ‏,‏ قَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ‏:‏ أَنَّ الثِّقَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَحِيضُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ‏,‏ وَرُوِّينَاهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ ‏:‏ أَكْثَرُ مَا سَمِعْنَا سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ‏,‏ وَعَنْ نِسَاءِ آلِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُنَّ كُنَّ يَحِضْنَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ فَإِذَا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ ‏,‏ فَوَجَبَ الاِنْقِيَادُ لِذَلِكَ ‏,‏ وَصَحَّ أَنَّهَا مَا دَامَتْ تَرَاهُ فَهِيَ حَائِضٌ لَهَا حُكْمُ الْحَيْضِ مَا لَمْ يَأْتِ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ فِي دَمٍ أَسْوَدَ أَنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا‏.‏ وَقَدْ صَحَّ النَّصُّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ دَمٌ أَسْوَدُ وَلَيْسَ حَيْضًا ‏,‏ وَلَمْ يُوَقِّتْ لَنَا فِي أَكْثَرِ عِدَّةِ الْحَيْضِ مِنْ شَيْءٍ ‏,‏ فَوَجَبَ أَنْ نُرَاعِيَ أَكْثَرَ مَا قِيلَ ‏,‏ فَلَمْ نَجِدْ إلاَّ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ‏,‏ ‏.‏

فَقُلْنَا بِذَلِكَ ‏,‏ وَأَوْجَبْنَا تَرْكَ الصَّلاَةِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ الأَسْوَدِ هَذِهِ الْمُدَّةَ لاَ مَزِيدَ فَأَقَلَّ ‏,‏ وَكَانَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إجْمَاعًا مُتَيَقَّنًا أَنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا‏.‏ وَقَالُوا ‏:‏ إنْ كَانَ الْحَيْضُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ‏,‏ فَإِنَّهُ يَجِبُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ أَكْثَرَ مِنْ الطُّهْرِ وَهَذَا مُحَالٌ ‏,‏‏.‏

‏.‏

فَقُلْنَا لَهُمْ ‏:‏ مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّهُ مُحَالٌ وَمَا الْمَانِعُ إنْ وَجَدْنَا ذَلِكَ أَلاَ يُوقَفُ عِنْدَهُ فَمَا نَعْلَمُ مَنَعَ مِنْ هَذَا قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ أَصْلاً ، وَلاَ إجْمَاعٌ ، وَلاَ قِيَاسٌ ، وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

267 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَلاَ حَدَّ لاَِقَلِّ الطُّهْرِ ، وَلاَ لاَِكْثَرِهِ ‏,‏ فَقَدْ يَتَّصِلُ الطُّهْرُ بَاقِي عُمُرِ الْمَرْأَةِ فَلاَ تَحِيضُ بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ مَعَ الْمُشَاهَدَةِ لِذَلِكَ ‏,‏ وَقَدْ تَرَى الطُّهْرَ سَاعَةً وَأَكْثَرَ بِالْمُشَاهَدَةِ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏:‏ لاَ يَكُونُ طُهْرٌ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا‏.‏ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ‏:‏ لاَ يَكُونُ طُهْرٌ أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا‏.‏

وقال مالك ‏:‏ الأَيَّامُ الثَّلاَثَةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالْخَمْسَةُ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ لَيْسَ طُهْرًا وَكُلُّ ذَلِكَ حَيْضٌ وَاحِدٌ ‏,‏

وقال الشافعي فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ‏,‏

وَالثَّانِي أَنَّهُ لاَ حَدَّ لاَِقَلِّ الطُّهْرِ ‏,‏

وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا ‏,‏

وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ ‏,‏ وَلاَ مُخَالِفَ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم‏.‏

فأما مَنْ قَالَ لاَ يَكُونُ طُهْرٌ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً يَشْتَغِلُ بِهَا أَصْلاً ‏,‏

وَأَمَّا مَنْ قَالَ ‏:‏ لاَ يَكُونُ طُهْرٌ أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا فَقَالُوا ‏:‏ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْعِدَّةَ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ لِلَّتِي تَحِيضُ وَجَعَلَ لِلَّتِي لاَ تَحِيضُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ ‏,‏ قَالُوا ‏:‏

فَصَحَّ أَنَّ بِإِزَاءِ كُلِّ حَيْضٍ وَطُهْرٍ شَهْرًا ‏,‏ فَلاَ يَكُونُ حَيْضٌ وَطُهْرٌ فِي أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَهَذَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ ‏,‏ لاَِنَّهُ قَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ اللَّهُ تَعَالَى فَنَاسِبُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَاذِبٌ ‏,‏ نَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ قَطُّ إنِّي جَعَلْتُ بِإِزَاءِ كُلِّ حَيْضَةٍ وَطُهْرٍ شَهْرًا ‏,‏ بَلْ لاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ ‏,‏ لاَِنَّنَا وَهُمْ لاَ نَخْتَلِفُ فِي امْرَأَةٍ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرَيْنِ مَرَّةً أَوْ فِي كُلِّ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ مَرَّةً ‏,‏ فَإِنَّهَا تَتَرَبَّصُ حَتَّى تَتِمَّ لَهَا ثَلاَثَةُ قُرُوءٍ ‏,‏ وَلاَ بُدَّ ‏,‏ فَظَهَرَ كَذِبُ مَنْ قَالَ ‏:‏ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ بَدَلَ كُلِّ حَيْضَةٍ وَطُهْرٍ شَهْرًا ‏,‏ بَلْ قَدْ وَجَدْنَا الْعِدَّةَ تَنْقَضِي فِي سَاعَةٍ بِوَضْعِ الْحَمْلِ ‏,‏ فَبَطَلَ كُلُّ هَذَرٍ أَتَوْا بِهِ وَكُلُّ ظَنٍّ كَاذِبٍ شَرَعُوا بِهِ الدِّينَ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَظَاهِرُ الْخَطَأِ أَيْضًا ‏,‏ لاَِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ طُهْرًا وَهُوَ يَأْمُرُهَا فِيهِ بِالصَّلاَةِ وَبِالصَّوْمِ وَيُبِيحُ وَطْأَهَا لِزَوْجِهَا ‏,‏ فَكَيْفَ لاَ يَكُونُ طُهْرًا مَا هَذِهِ صِفَتُهُ وَكَيْفَ لاَ يَعُدُّ الْيَوْمُ وَأَقَلُّ مِنْهُ حَيْضًا وَهُوَ يَأْمُرُهَا فِيهِ بِالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ وَبِتَرْكِ الصَّلاَةِ وَهَذِهِ أَقْوَالٌ يُغْنِي ذِكْرُهَا عَنْ تَكَلُّفِ فَسَادِهَا ‏,‏ وَلاَ يُعْرَفُ لِشَيْءٍ مِنْهَا قَائِلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم‏.‏

فَإِنْ قَالُوا ‏:‏ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي فِي يَوْمٍ أَوْ فِي يَوْمَيْنِ عَلَى قَوْلِكُمْ

قلنا نَعَمْ ‏,‏ فَكَانَ مَاذَا وَأَيْنَ مَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَبِيُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا وَأَنْتُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِكُمْ وَقَدْ أَرَيْنَاكُمْ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي فِي أَقَلِّ مِنْ سَاعَةٍ فَمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ

فَإِنْ قَالُوا ‏:‏ إنَّ هَذَا لاَ يُؤْمَنُ مَعَهُ أَنْ تَكُونَ حَامِلاً ‏,‏

قلنا لَهُمْ ‏:‏ لَيْسَتْ الْعِدَّةُ لِلْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ ‏,‏ لِبَرَاهِينَ ‏:‏ أَوَّلُ ذَلِكَ ‏:‏ أَنَّهُ مِنْكُمْ دَعْوَى كَاذِبَةٌ لَمْ يَأْتِ بِهَا نَصٌّ ، وَلاَ إجْمَاعٌ ‏,‏

وَالثَّانِي ‏:‏ أَنَّ الْعِدَّةَ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ تَلْزَمُ الْعَجُوزَ ابْنَةَ الْمِائَةِ عَامٍ ‏,‏ وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهَا لاَ حَمَلَ بِهَا ‏,‏ وَالثَّالِثُ ‏:‏ أَنَّ الْعِدَّةَ تَلْزَمُ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لاَ تَحْمِلُ ‏,‏ وَالرَّابِعُ ‏:‏ أَنَّهَا تَلْزَمُ مِنْ الْعَقِيمِ ‏,‏ وَالْخَامِسُ ‏:‏ أَنَّهَا تَلْزَمُ مِنْ الْخَصِيِّ مَا بَقِيَ لَهُ مَا يُولِجُهُ ‏,‏ وَالسَّادِسُ ‏:‏ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِرَ ‏,‏ وَالسَّابِعُ ‏:‏ أَنَّهَا تَلْزَمُ مَنْ وَطِئَ مَرَّةً ثُمَّ غَابَ إلَى الْهِنْدِ وَأَقَامَ هُنَالِكَ عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا ‏,‏ وَكُلُّ هَؤُلاَءِ نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهَا لاَ حَمْلَ بِهَا ‏,‏ وَالثَّامِنُ ‏:‏ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ لَكَانَتْ حَيْضَةً وَاحِدَةً تُبْرِئُ مِنْ ذَلِكَ ‏,‏ وَالتَّاسِعُ ‏:‏ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْمُطَلَّقَةَ إثْرَ نِفَاسِهَا ، وَلاَ حَمْلَ بِهَا ‏,‏ وَالْعَاشِرُ ‏:‏ أَنَّ الْمَكِّيِّينَ بِالضِّدِّ مِنْهُمْ ‏,‏ قَالُوا ‏:‏ لاَ تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ ‏,‏ وَتُصَدَّق فِي ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ ‏,‏

وقال أبو حنيفة ‏:‏ لاَ تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا ‏,‏ وَتُصَدَّقُ فِي السِّتِّينَ ‏,‏ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ‏:‏ تُصَدَّقُ فِي أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا لاَ فِي أَقَلَّ ‏,‏

وقال مالك ‏:‏ تُصَدَّقُ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا لاَ فِي أَقَلَّ‏.‏ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ‏:‏ تُصَدَّقُ فِي تِسْعَةٍ وَثَلاَثِينَ يَوْمًا لاَ أَقَلَّ ‏,‏

وقال الشافعي ‏:‏ تُصَدَّقُ فِي ثَلاَثَةٍ وَثَلاَثِينَ يَوْمًا لاَ أَقَلَّ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ وَكُلُّ هَذِهِ الْمُدَدِ الَّتِي بَنَوْهَا عَلَى أُصُولِهِمْ لاَ يُؤْمَنُ مَعَ انْقِضَاءِ وُجُودِ الْحَمْلِ ‏,‏ فَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ عِلَّتَهُمْ ‏,‏ وَكَذَّبَ دَلِيلَهُمْ ‏,‏ وَلاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُؤْمَنَ الْحَمْلُ إلاَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ‏,‏ فَكَيْفَ وَهُمْ الْمُحْتَاطُونَ بِزَعْمِهِمْ لِلْحَمْلِ وَهُمْ يُصَدِّقُونَ قَوْلَهَا ‏,‏ وَلَوْ أَنَّهَا أَفْسَقُ الْبَرِيَّةِ وَأَكْذَبَهُمْ فِي هَذِهِ الْمُدَدِ ‏,‏ أَمَّا نَحْنُ فَلاَ نُصَدِّقُهَا إلاَّ بِبَيِّنَةٍ مِنْ أَرْبَعِ قَوَابِلَ عُدُولٍ عَالِمَاتٍ ‏,‏ فَظَهَرَ مِنْ الْمُحْتَاطِ لِلْحَمْلِ ‏,‏ لاَ سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ ‏:‏ أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ ‏,‏ فَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ ‏:‏ إنَّ الْعِدَّةَ وُضِعَتْ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ ‏,‏ وَقَدْ

رُوِّينَا عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ ‏:‏ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِرَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَحَاضَتْ ثَلاَثَ حِيَضٍ فِي شَهْرٍ أَوْ خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ لَيْلَةً ‏,‏

فَقَالَ عَلِيٌّ لِشُرَيْحٍ اقْضِ فِيهَا قَالَ إنْ جَاءَتْ بِالْبَيِّنَةِ مِنْ النِّسَاءِ الْعُدُولِ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى صِدْقُهُ وَعَدْلُهُ أَنَّهَا رَأَتْ مَا يُحَرِّمُ عَلَيْهَا الصَّلاَةَ مِنْ الطَّمْثِ الَّذِي هُوَ الطَّمْثُ وَتَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ قُرْءٍ وَتُصَلِّي فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَإِلاَّ فَهِيَ كَاذِبَةٌ ‏,‏ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ‏"‏ قالون ‏"‏ مَعْنَاهَا أَصَبْتُ‏.‏ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ ‏:‏ وَهَذَا نَصُّ قَوْلِنَا ‏,‏ وَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ سُئِلَ ‏:‏ أَيَكُونُ طُهْرًا خَمْسَةُ أَيَّامٍ قَالَ ‏:‏ النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ لاَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، خِلاَفُ قَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ

وَهُوَ قَوْلُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ وَالنِّفَاسُ وَالْحَيْضُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

268 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَلاَ حَدَّ لأَقَلِّ النِّفَاسِ ‏,‏

وَأَمَّا أَكْثَرُهُ فَسَبْعَةُ أَيَّامٍ لاَ مَزِيدَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ فِي أَنَّ دَمَ النِّفَاسِ إنْ كَانَ دَفْعَةً ثُمَّ انْقَطَعَ الدَّمُ وَلَمْ يُعَاوِدْهَا فَإِنَّهَا تَصُومُ وَتُصَلِّي وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا ‏,‏ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ‏:‏ إنْ عَاوَدَهَا دَمٌ فِي الأَرْبَعِينَ يَوْمًا فَهُوَ دَمُ نِفَاسٍ ‏,‏ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ‏.‏ إنْ عَاوَدَهَا بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَيْسَ دَمَ نِفَاسٍ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَهَذِهِ حُدُودٌ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا ، وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ بَاطِلٌ‏.‏

وَأَمَّا أَكْثَرُ النِّفَاسِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ مَرَّةً ‏:‏ سِتُّونَ يَوْمًا ‏,‏ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ ‏,‏

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ‏,‏

وقال مالك ‏:‏ النِّسَاءُ أَعْلَمُ ‏,‏

وقال أبو حنيفة ‏:‏ أَكْثَرُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا‏.‏

فأما مَنْ حَدَّ سِتِّينَ يَوْمًا فَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً ‏,‏

وَأَمَّا مَنْ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا رِوَايَاتٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ طَرِيقِ مَسَّةَ الأَزْدِيَّةِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ ‏,‏ وَرِوَايَةً عَنْ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ ‏,‏ وَهُوَ كَذَّابٌ ‏,‏ وَرِوَايَةً عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ امْرَأَتَهُ رَأَتْ الطُّهْرَ بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا ‏,‏ فَاغْتَسَلَتْ وَدَخَلَتْ مَعَهُ فِي لِحَافِهِ ‏,‏ فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ وَقَالَ ‏:‏ لاَ تَغُضِّي مِنْ دِينِي حَتَّى تَمْضِيَ الأَرْبَعُونَ ‏,‏ وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا ‏,‏ وَلاَ أَسْوَأَ حَالاً مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِمَا لاَ يَرَاهُ حُجَّةً ‏,‏ وَهُوَ أَيْضًا عَنْ الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ‏.‏ وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ مِثْلُهُ ‏,‏ وَعَنْ جَابِرٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏,‏ وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إيَاسٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏:‏ تَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَدْ ذَكَرْنَا وَنَذْكُرُ مَا خَالَفُوا فِيهِ الصَّاحِبَ ‏,‏ وَالصَّحَابَةُ لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفُونَ ‏,‏ وَأَقْرَبُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهَذِهِ مِنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ ‏,‏ فَإِنَّهُمْ خَالَفُوا فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ ‏,‏ وَلاَ مُخَالِفَ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ أَصْلاً وَلَقَدْ يَلْزَمُ الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ الْمُشَنِّعِينَ بِخِلاَفِ الصَّاحِبِ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ ‏,‏ أَنْ يَقُولُوا بِمَا رُوِيَ هَهُنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ فَلَمَّا لَمْ يَأْتِ فِي أَكْثَرِ مُدَّةِ النِّفَاسِ نَصُّ قُرْآنٍ ، وَلاَ سُنَّةٍ وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ عَلَيْهَا الصَّلاَةَ وَالصِّيَامَ بِيَقِينٍ وَأَبَاحَ وَطْأَهَا لِزَوْجِهَا ‏,‏ لَمْ يَجُزْ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ إلاَّ حَيْثُ تَمْتَنِعُ بِدَمِ الْحَيْضِ لاَِنَّهُ دَمُ حَيْضٍ‏.‏ وَقَدْ

حدثنا حمام ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا الدَّبَرِيُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ ‏:‏ تَنْتَظِرُ إذَا وَلَدَتْ سَبْعَ لَيَالٍ أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي‏.‏ قَالَهُ جَابِرٌ‏.‏ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ ‏:‏ تَنْتَظِرُ أَقْصَى مَا تَنْتَظِرُ امْرَأَةٌ

وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ‏.‏ قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ‏.‏ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ ثُمَّ اتَّفَقَ قَتَادَةُ وَعَطَاءٌ ‏:‏ تَنْتَظِرُ الْبِكْرُ إذَا وَلَدَتْ كَامْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا ‏,‏ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ‏:‏ وَبِهَذَا يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَهْلِ دِمَشْقَ ‏:‏ تَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ مِنْ الْغُلاَمِ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَمِنْ الْجَارِيَةِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ إنْ كَانَ خِلاَفَ الطَّائِفَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ خِلاَفًا لِلإِجْمَاعِ ‏,‏ فَقَدْ حَصَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي خِلاَفِ الإِجْمَاعِ الشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ ‏,‏ إلاَّ أَنَّهُمْ حَدُّوا حُدُودًا لاَ يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ ، وَلاَ إجْمَاعٌ ‏,‏

وَأَمَّا نَحْنُ فَلاَ نَقُولُ إلاَّ بِمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ ‏,‏ مِنْ أَنَّهُ دَمٌ يَمْنَعُ مِمَّا يَمْنَعُ مِنْهُ الْحَيْضُ ‏,‏ فَهُوَ حَيْضٌ‏.‏ وَقَدْ

حدثنا حمام ، حدثنا يَحْيَى بْنُ مَالِكِ بْنِ عَائِذٍ ، حدثنا أَبُو الْحَسَنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي غَسَّانَ ، حدثنا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ ، حدثنا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ سَلاَّمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ سَلاَّمُ بْنُ سُلَيْمَانَ ضَعِيفٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏:‏ أَقَلُّ أَمَدِ النِّفَاسِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا‏.‏ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَقَلُّ أَمَدِ النِّفَاسِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا‏.‏

وَقَالَ أبو محمد ‏:‏ هَذَانِ حَدَّانِ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمَا ‏,‏ وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَحُدُّ مِثْلَ هَذَا بِرَأْيِهِ ، وَلاَ يُنْكِرُهُ عَلَى نَفْسِهِ ‏,‏ ثُمَّ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ وَقَفَ عِنْدَمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ إجْمَاعًا مُتَيَقَّنًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ أَنَّ دَمَ النِّفَاسِ هُوَ حَيْضٌ صَحِيحٌ ‏,‏ وَأَمَدُهُ أَمَدُ الْحَيْضِ وَحُكْمُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حُكْمُ الْحَيْضِ ‏,‏ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ ، رضي الله عنها ، أَنُفِسْتِ بِمَعْنَى حِضْتِ فَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ ‏,‏ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام فِي الدَّمِ الأَسْوَدِ مَا قَالَ مِنْ اجْتِنَابِ الصَّلاَةِ إذَا جَاءَ ‏,‏ وَهُمْ يَقُولُونَ بِالْقِيَاسِ ‏,‏ وَقَدْ حَكَمُوا لَهُمَا بِحُكْمٍ وَاحِدٍ فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ‏,‏ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا أَمَدَهُمَا وَاحِدًا‏.‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

269 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

فَإِنْ رَأَتْ الْجَارِيَةُ الدَّمَ أَوَّلَ مَا تَرَاهُ أَسْوَدَ فَهُوَ دَمُ حَيْضٍ كَمَا قَدَّمْنَا تَدَعُ الصَّلاَةَ وَالصَّوْمَ ، وَلاَ يَطَؤُهَا بَعْلُهَا أَوْ سَيِّدُهَا ‏,‏ فَإِنْ تَلَوَّنَّ أَوْ انْقَطَعَ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ فَهُوَ طُهْرٌ صَحِيحٌ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَإِنْ تَمَادَى أَسْوَدَ تَمَادَتْ عَلَى أَنَّهَا حَائِضٌ إلَى سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ‏,‏ فَإِنْ تَمَادَى بَعْدَ ذَلِكَ أَسْوَدَ فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ ثُمَّ تُصَلِّي وَتَصُومُ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا ‏,‏ وَهِيَ طَاهِرٌ أَبَدًا لاَ تَرْجِعُ إلَى حُكْمِ الْحَائِضَةِ إلاَّ أَنْ يَنْقَطِعَ أَوْ يَتَلَوَّنَ كَمَا ذَكَرْنَا ‏,‏ فَيَكُونُ حُكْمُهَا إذَا كَانَ أَسْوَدَ حُكْمَ الْحَيْضِ وَإِذَا تَلَوَّنَ أَوْ انْقَطَعَ أَوْ زَادَ عَلَى السَّبْعَ عَشْرَةَ حُكْمَ الطُّهْرِ‏.‏

فأما الَّتِي قَدْ حَاضَتْ وَطَهُرَتْ فَتَمَادَى بِهَا الدَّمُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا فِي كُلِّ شَيْءٍ ‏,‏ إلاَّ فِي تَمَادِي الدَّمِ الأَسْوَدِ مُتَّصِلاً فَإِنَّهَا إذَا جَاءَتْ الأَيَّامُ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهَا أَوْ الْوَقْتُ الَّذِي كَانَتْ تَحِيضُهُ إمَّا مِرَارًا فِي الشَّهْرِ أَوْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ أَوْ مَرَّةً فِي أَشْهُرٍ أَوْ فِي عَامٍ ‏,‏ فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ الأَمَدُ أَمْسَكَتْ عَمَّا تُمْسِكُ بِهِ الْحَائِضُ ‏,‏ فَإِذَا انْقَضَى ذَلِكَ الْوَقْتُ اغْتَسَلَتْ وَصَارَتْ فِي حُكْمِ الطَّاهِرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ ‏,‏ وَهَكَذَا أَبَدًا مَا لَمْ يَتَلَوَّنْ الدَّمُ أَوْ يَنْقَطِعُ ‏,‏ فَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الأَيَّامِ بَنَتْ عَلَى آخِرِ أَيَّامِهَا قَبْلَ أَنْ يَتَمَادَى بِهَا الدَّمُ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ وَقْتَ حَيْضِهَا لَزِمَهَا فَرْضًا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلاَةٍ وَتَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلاَةٍ ‏,‏ أَوْ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي الظُّهْرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا ‏,‏ ثُمَّ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ‏,‏ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي الْمَغْرِبَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا ‏,‏ ثُمَّ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي الْعَتَمَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ‏,‏ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ ‏,‏ وَإِنْ شَاءَتْ أَنْ تَغْتَسِلَ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَذَلِكَ لَهَا ‏,‏ وَفِي أَوَّلِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ لِلْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ ‏,‏ فَذَلِكَ لَهَا ‏,‏ وَتُصَلِّي كُلَّ صَلاَةٍ لِوَقْتِهَا ، وَلاَ بُدَّ ‏,‏ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاَةِ فَرْضٍ وَنَافِلَةٍ فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا ‏,‏ فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ ذَلِكَ وَكَانَ عَلَيْهَا فِيهِ حَرَجٌ تَيَمَّمَتْ كَمَا ذَكَرْنَا‏.‏

بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا بِإِسْنَادِهِ فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْحَيْضِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلاَةِ وَإِنْ كَانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي وَفِي بَعْضِهَا فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَتَوَضَّئِي وَفِي بَعْضِهَا فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَتَوَضَّئِي وَصَلِّي وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كِلاَهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي هَذِهِ الأَخْبَارِ إيجَابُ مُرَاعَاةِ تَلَوُّنِ الدَّمِ‏.‏ وَمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ ، حدثنا الْبُخَارِيُّ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ ‏:‏ إنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ قَالَ ‏:‏ لاَ ‏,‏ إنَّ ذَلِكَ عِرْقٌ ‏,‏ وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي‏.‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَمَدٍ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ وَقُتَيْبَةُ ‏,‏ كِلاَهُمَا عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ‏:‏ إنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدَّمِ ‏,‏ قَالَتْ عَائِشَةُ ‏:‏ رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلآنُ دَمًا ‏,‏ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اُمْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ فَفِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ إيجَابُ مُرَاعَاةِ الْقَدْرِ‏.‏ الَّذِي كَانَتْ تَحِيضُهُ قَبْلَ أَنْ يَمْتَدَّ بِهَا الدَّمُ‏.‏

وَأَمَّا الْمُبْتَدَأَةُ الَّتِي لاَ يَتَلَوَّنُ دَمُهَا عَنْ السَّوَادِ ، وَلاَ مِقْدَارَ عِنْدَهَا لِحَيْضٍ مُتَقَدِّمٍ ‏,‏ فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُجُوبِ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ عَلَيْهَا ‏,‏ وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ الدَّمَ الأَسْوَدَ مِنْهُ حَيْضٌ وَمِنْهُ مَا لَيْسَ بِحَيْضٍ ‏,‏ فَإِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلاَ يَجُوزُ لاَِحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ بِرَأْيِهِ بَعْضَ ذَلِكَ الدَّمِ حَيْضًا وَبَعْضَهُ غَيْرَ حَيْضٍ ‏,‏ لاَِنَّهُ يَكُونُ شَارِعًا فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ‏,‏ أَوْ قَائِلاً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لاَ عِلْمَ لَدَيْهِ ‏,‏ فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلاَ يَحِلُّ لَهَا تَرْكُ يَقِينِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ لِظَنٍّ فِي بَعْضِ دَمِهَا أَنَّهُ حَيْضٌ ‏,‏ وَلَعَلَّهُ لَيْسَ حَيْضًا ‏,‏ وَالظَّنُّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ‏.‏ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَدَاوُد ‏,‏ وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ ‏:‏ تَجْعَلُ لِنَفْسِهَا مِقْدَارَ حَيْضِ أُمِّهَا وَخَالَتِهَا وَعَمَّتِهَا وَتَكُونُ فِيمَا زَادَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَحَاضَةِ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ جَعَلَتْ حَيْضَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ‏,‏ وَتَكُونُ فِي بَاقِي الشَّهْرِ مُسْتَحَاضَةً تَصُومُ ‏,‏ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَطَاءٌ ‏:‏ تَجْعَلُ لِنَفْسِهَا قَدْرَ حَيْضِ نِسَائِهَا‏.‏

وقال الشافعي ‏:‏ تَقْعُدُ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَكُونُ فِيهِ حَائِضًا ‏,‏ وَبَاقِي الشَّهْرِ مُسْتَحَاضَةً تُصَلِّي وَتَصُومُ ‏,‏ وَإِلَى هَذَا مَال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ‏,‏

وقال أبو حنيفة ‏:‏ تَقْعُدُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ حَائِضًا وَبَاقِي الشَّهْرِ مُسْتَحَاضَةٌ تُصَلِّي وَتَصُومُ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ يُقَالُ لِجَمِيعِهِمْ ‏:‏ مِنْ أَيْنَ قَطَعْتُمْ بِأَنَّهَا تَحِيضُ كُلَّ شَهْرٍ ، وَلاَ بُدَّ وَفِي الْمُمَكَّنِ أَنْ تَكُونَ ضَهْيَاءَ لاَ تَحِيضُ فَتَرَكْتُمْ بِالظَّنِّ فَرْضَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا مِنْ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ ‏,‏ ثُمَّ لَيْسَ لاَِحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ ‏:‏ اُقْتُصِرَ بِهَا عَلَى أَقَلِّ مَا يَكُونُ مِنْ الْحَيْضِ لِئَلاَّ تَتْرُكَ الصَّلاَةَ إلاَّ بِيَقِينٍ ‏:‏ إلاَّ كَانَ لِلآخَرِ أَنْ يَقُولَ‏.‏ بَلْ اُقْتُصِرَ بِهَا عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ لِئَلاَّ تُصَلِّيَ وَتَصُومَ وَيَطَأَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَائِضٌ ‏,‏ وَكُلُّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يُفْسِدُ صَاحِبَهُ ‏,‏ وَهُمَا جَمِيعًا فَاسِدَانِ لاَِنَّهُمَا قَوْلٌ بِالظَّنِّ ‏,‏ وَالْحُكْمُ بِالظَّنِّ فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَجُوزُ ‏,‏ وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ لاَ شَكَّ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْمُبْتَدَأَةَ لَمْ تَحِضْ قَطُّ ‏,‏ وَأَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلاَةَ فَرْضَانِ عَلَيْهَا ‏,‏ وَأَنَّ زَوْجَهَا مَأْمُورٌ وَمَنْدُوبٌ إلَى وَطْئِهَا ‏,‏ ثُمَّ لاَ نَدْرِي ، وَلاَ نَقْطَعُ إنَّ شَيْئًا مِنْ هَذَا الدَّمِ الظَّاهِرِ عَلَيْهَا دَمُ حَيْضٍ ‏,‏ فَلاَ يَحِلُّ تَرْكُ الْيَقِينِ وَالْفَرَائِضِ اللاَّزِمَةِ بِظَنٍّ كَاذِبٍ‏.‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وَأَمَّا وُضُوءُهَا لِكُلِّ صَلاَةٍ فَقَدْ ذَكَرْنَا بُرْهَانَ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي الْوُضُوءِ وَمَا يُوجِبُهُ‏.‏

وَأَمَّا غُسْلُهَا لِكُلِّ صَلاَتَيْنِ أَوْ لِكُلِّ صَلاَةٍ فَلِمَا حَدَّثَنَاهُ حَمَامُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ حَدَّثَنَا عَلاَّنُ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ ، حدثنا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُهْرَاقُ الدَّمَ وَأَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلاَةٍ‏.‏

وبه إلى ابْنِ أَيْمَنَ ‏:‏ حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيِّ الْقَاضِي ، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ عَنْ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ ‏:‏ أَخْبَرَتْنِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهْرَاقُ الدَّمَ ‏,‏ وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ‏,‏ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ وَتُصَلِّيَ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ زَيْنَبُ هَذِهِ رَبِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَشَأَتْ فِي حِجْرِهِ عليه السلام ‏,‏ وَلَهَا صُحْبَةٌ بِهِ عليه السلام‏.‏

وبه إلى ابْنِ أَيْمَنَ ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّهَا اُسْتُحِيضَتْ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغُسْلِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ‏.‏

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابْنُ السُّلَيْمِ ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ اُسْتُحِضَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلاَةٍ‏.‏

حدثنا عبد الله بن ربيع حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلاَنِيِّ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حدثنا أَبُو دَاوُد ، حدثنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ ، حدثنا خَالِدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ اُسْتُحِيضَتْ ‏,‏ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ لِتَغْتَسِلْ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ غُسْلاً وَاحِدًا ‏,‏ وَتَغْتَسِلْ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ غُسْلاً وَاحِدًا ‏,‏ وَتَغْتَسِلْ لِلْفَجْرِ غُسْلاً وَتَتَوَضَّأْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ‏.‏ فَهَذِهِ آثَارٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ رَوَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ صَوَاحِبَ ‏:‏ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَزَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَأُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ‏.‏ وَرَوَاهَا عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ عُرْوَةُ وَأَبُو سَلَمَةَ وَرَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ‏.‏ وَرَوَاهُ عُرْوَةَ عَنْ أَسْمَاءَ ‏,‏ وَهَذَا نَقْلُ تَوَاتُرٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ‏.‏ وَقَالَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، ‏,‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ‏:‏ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اُسْتُحِيضَتْ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاَةٍ ‏,‏ فَهَذِهِ أُمُّ حَبِيبَةَ تَرَى ذَلِكَ وَعَائِشَةُ تَذْكُرُ ذَلِكَ لاَ تُنْكِرُهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَاهُ كِتَابُ امْرَأَةٍ‏.‏ قَالَ سَعِيدٌ ‏:‏ فَدَفَعَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَيَّ ‏,‏ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ ‏:‏ إنِّي امْرَأَةٌ مُسْتَحَاضَةٌ أَصَابَنِي بَلاَءٌ وَضُرٌّ ‏,‏ وَإِنِّي أَدَعُ الصَّلاَةَ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ ‏,‏ وَإِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي أَنْ أَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ ‏,‏ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏ اللَّهُمَّ لاَ أَجِدُ لَهَا إلاَّ مَا

قَالَ عَلِيٌّ ‏,‏ غَيْرَ أَنَّهَا تَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَتَغْتَسِلُ لِلْفَجْرِ غُسْلاً وَاحِدًا ‏,‏ فَقِيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ ‏:‏ إنَّ الْكُوفَةَ أَرْضٌ بَارِدَةٌ وَأَنَّهَا يَشُقُّ عَلَيْهَا ‏,‏ قَالَ ‏:‏ لَوْ شَاءَ اللَّهُ لاَبْتَلاَهَا بِأَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ‏.‏ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَذْكُرُ هَذَا ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏,‏

وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كِلاَهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ ، حدثنا أَبِي حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حدثنا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ ‏:‏ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ ‏:‏ أَرْسَلَتْ امْرَأَةٌ مُسْتَحَاضَةٌ إلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ ‏:‏ إنِّي أُفْتِيتُ أَنْ أَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلاَةٍ ‏,‏ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ ‏:‏ مَا أَجِدُ لَهَا إلاَّ ذَلِكَ ‏,‏ ثُمَّ أَرْسَلَتْ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ فَقَالاَ جَمِيعًا ‏:‏ مَا نَجِدُ إلاَّ ذَلِكَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي مِجْلَزٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ قَالَ ‏:‏ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاَةٍ ‏,‏ وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏,‏ قَالَ مُجَاهِدٌ عَنْهُ ‏:‏ تُؤَخِّرُ الظُّهْرَ وَتُعَجِّلُ الْعَصْرَ وَتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلاً وَاحِدًا ‏,‏ وَتُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلُ الْعِشَاءَ وَتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلاً وَاحِدًا ‏,‏ وَتَغْتَسِلُ لِلْفَجْرِ غُسْلاً‏.‏

وَرُوِّينَا ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ ‏:‏ تَنْتَظِرُ الْمُسْتَحَاضَةُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلاً وَاحِدًا لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ‏,‏ تُؤَخِّرُ الظُّهْرَ قَلِيلاً وَتُعَجِّلُ الْعَصْرَ قَلِيلاً ‏,‏

وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَتَغْتَسِلُ لِلصُّبْحِ غُسْلاً‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ مِثْلَ قَوْلِ عَطَاءٍ سَوَاءٌ سَوَاءٌ‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ ‏:‏ الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاَةٍ وَتُصَلِّي‏.‏ فَهَؤُلاَءِ مِنْ الصَّحَابَةِ أُمُّ حَبِيبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَابْنُ عُمَرَ ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ لاَ مُخَالِفَ لَهُمْ يُعْرَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، ‏,‏ إلاَّ رِوَايَةٌ عَنْ عَائِشَةَ ‏,‏ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ صَلاَةِ الظُّهْرِ‏.‏ وَرُوِّينَاهُ هَكَذَا مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ هَكَذَا مُبَيِّنًا ‏,‏ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ صَلاَةِ الظُّهْرِ‏.‏ وَمِنْ التَّابِعِينَ عَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالنَّخَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ ‏,‏ كُلُّ ذَلِكَ بِأَسَانِيدَ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ ‏,‏ فَأَيْنَ الْمُشَنِّعُونَ بِمُخَالَفَةِ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ وَتَقْلِيدَهُمْ مِنْ الْحَنَفِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ عَنْ هَذَا وَمَنْعُهُمْ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ فَجَاءَتْ السُّنَّةُ فِي الَّتِي تُمَيِّزُ دَمَهَا أَنَّ الأَسْوَدَ حَيْضٌ ‏,‏ وَأَنَّ مَا عَدَاهُ طُهْرٌ ‏,‏ فَوَضَحَ أَمْرُ هَذِهِ ‏,‏ وَجَاءَتْ السُّنَّةُ فِي الَّتِي لاَ تُمَيِّزُ دَمَهَا وَهُوَ كُلُّهُ أَسْوَدُ لاَِنَّ مَا عَدَاهُ طُهْرٌ لاَ حَيْضٌ وَلَهَا وَقْتٌ مَحْدُودٌ مُمَيَّزٌ كَانَتْ تَحِيضُ فِيهِ ‏:‏ أَنْ تُرَاعِيَ أَمَدَ حَيْضِهَا فَتَكُونُ فِيهِ حَائِضًا ‏,‏ وَيَكُونُ مَا عَدَاهُ طُهْرًا ‏,‏ فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَ ذَلِكَ ‏,‏ وَكَانَ حُكْمُ الَّتِي كَانَتْ أَيَّامُهَا مُخْتَلِفَةً مُنْتَقِلَةً أَنْ تَبْنِيَ عَلَى آخِرِ حَيْضٍ حَاضَتْهُ قَبْلَ اتِّصَالِ دَمِهَا ‏,‏ لاَِنَّهُ هُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ حُكْمُهَا وَبَطَلَ مَا قَبْلَهُ بِالْيَقِينِ وَالْمُشَاهَدَةِ ‏,‏ فَخَرَجَتْ هَاتَانِ بِحُكْمِهِمَا ‏,‏ وَلَمْ يَبْقَ إلاَّ الَّتِي لاَ تُمَيِّزُ دَمَهَا ، وَلاَ لَهَا أَيَّامٌ مَعْهُودَةٌ ‏,‏ وَلَمْ يَبْقَ إلاَّ الْمَأْمُورَةُ بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلاَةٍ أَوْ لِكُلِّ صَلاَتَيْنِ ‏,‏ فَوَجَبَ ضَرُورَةً أَنْ تَكُونَ هِيَ ‏,‏ إذْ لَيْسَتْ إلاَّ ثَلاَثَ صِفَاتٍ وَثَلاَثَةَ أَحْكَامٍ فَلِلصِّفَتَيْنِ حُكْمَانِ مَنْصُوصَانِ عَلَيْهِمَا ‏,‏ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الثَّالِثُ لِلصِّفَةِ الثَّالِثَةِ ضَرُورَةً ، وَلاَ بُدَّ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏

وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ غَلَّبَ حُكْمَ تَلَوُّنِ الدَّمِ وَلَمْ يُرَاعِ الأَيَّامَ ‏,‏

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَغَلَّبَ الأَيَّامَ وَلَمْ يُرَاعِ حُكْمَ تَلَوُّنِ الدَّمِ ‏,‏ وَكِلاَ الْعَمَلَيْنِ خَطَأٌ ‏,‏ لاَِنَّهُ تَرْكٌ لِسُنَّةٍ لاَ يَحِلُّ تَرْكُهَا ‏,‏

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ ، وَابْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُد فَأَخَذُوا بِالْحُكْمَيْنِ مَعًا ‏,‏ إلاَّ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَأَبَا عُبَيْدٍ غَلَّبَا الأَيَّامَ وَلَمْ يَجْعَلاَ لِتَلَوُّنِ الدَّمِ حُكْمًا إلاَّ فِي الَّتِي لاَ تَعْرِفُ أَيَّامَهَا ‏,‏ وَجَعَلاَ لِلَّتِي تَعْرِفُ أَيَّامَهَا حُكْمَ الأَيَّامِ وَإِنْ تَلَوَّنَ دَمُهَا ‏,‏

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَدَاوُد فَغَلَّبَا حُكْمَ تَلَوُّنِ الدَّمِ ‏,‏ سَوَاءٌ عَرَفَتْ أَيَّامَهَا أَوْ لَمْ تَعْرِفْهَا ‏,‏ وَلَمْ يَجْعَلاَ حُكْمَ مُرَاعَاةِ وَقْتِ الْحَيْضِ إلاَّ لِلَّتِي لاَ يَتَلَوَّنُ دَمُهَا‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ فَبَقِيَ النَّظَرُ فِي أَيِّ الْعَمَلَيْنِ هُوَ الْحَقُّ فَفَعَلْنَا ‏,‏ فَوَجَدْنَا النَّصَّ قَدْ ثَبَتَ وَصَحَّ بِأَنَّهُ لاَ حَيْضَ إلاَّ الدَّمُ الأَسْوَدُ ‏,‏ وَمَا عَدَاهُ لَيْسَ حَيْضًا ‏,‏ لِقَوْلِهِ عليه السلام إنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ

فَصَحَّ أَنَّ الْمُتَلَوِّنَةَ الدَّمِ طَاهِرَةٌ تَامَّةُ الطَّهَارَةِ لاَ مَدْخَلَ لَهَا فِي حُكْمِ الاِسْتِحَاضَةِ ‏,‏ وَأَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الدَّمِ الأَحْمَرِ وَبَيْنَ الْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ ‏,‏ وَوَجَبَ أَنَّ الدَّمَ إذَا تَلَوَّنَ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَيَّامِهَا الْمَعْهُودَةِ أَنَّهُ طُهْرٌ صَحِيحٌ ‏,‏ فَبَقِيَ الإِشْكَالُ فِي الدَّمِ الأَسْوَدِ الْمُتَّصِلِ فَقَطْ ‏,‏

فَجَاءَ النَّصُّ بِمُرَاعَاةِ الْوَقْتِ لِمَنْ تَعْرِفُ وَقْتَهَا ‏,‏ وَبِالْغُسْلِ الْمُرَدَّدِ لِكُلِّ صَلاَةٍ أَوْ لِصَلاَتَيْنِ فِي الَّتِي نَسِيَتْ وَقْتَهَا‏.‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الأَخْبَارِ سَبَبًا يَتَعَلَّقُ بِهِ ‏,‏ لاَ مِنْ قِيَاسٍ ، وَلاَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ ، وَلاَ مِنْ قُرْآنٍ ، وَلاَ سُنَّةٍ‏.‏

وقال مالك فِي بَعْضِ أَقْوَالِهِ ‏:‏ إنَّ الَّتِي يَتَّصِلُ بِهَا الدَّمُ تَسْتَظْهِرُ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ إنْ كَانَتْ حَيْضَتُهَا اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ ‏,‏ أَوْ بِيَوْمَيْنِ إنْ كَانَتْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ يَوْمًا ‏,‏ أَوْ بِيَوْمٍ إنْ كَانَتْ حَيْضَتُهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ‏,‏ وَلاَ تَسْتَظْهِرُ بِشَيْءٍ إنْ كَانَتْ حَيْضَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ

وَهَذَا قَوْلٌ لاَ يُعَضِّدُهُ قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ ‏,‏ لاَ صَحِيحَةٌ ، وَلاَ سَقِيمَةٌ ‏,‏ وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ ، وَلاَ قِيَاسٌ ، وَلاَ رَأْيٌ لَهُ وَجْهٌ ، وَلاَ احْتِيَاطٌ ‏,‏ بَلْ فِيهِ إيجَابُ تَرْكِ الصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالصَّوْمِ اللاَّزِمِ بِلاَ مَعْنًى‏.‏

وَاحْتَجَّ لَهُ بَعْضُ مُقَلِّدِيهِ بِحَدِيثِ سُوءٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيق إبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِمَا قَالَ ‏:‏ جَاءَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ مُرْشِدٍ الْحَارِثِيَّةُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ ‏,‏ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدَثَتْ لِي حَيْضَةٌ أُنْكِرُهَا ‏,‏ أَمْكُثُ بَعْدَ الطُّهْرِ ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا ‏,‏ ثُمَّ تُرَاجِعُنِي فَتُحَرِّمُ عَلَيَّ الصَّلاَةَ ‏,‏ فَقَالَ ‏:‏ إذَا رَأَيْتِ ذَلِكَ فَامْكُثِي ثَلاَثًا ثُمَّ تَطَهَّرِي الْيَوْمَ الرَّابِعَ فَصَلِّي إلاَّ أَنْ تَرَيْ دَفْعَةً مِنْ دَمٍ قَاتِمَةً‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ فَكَانَ هَذَا الاِحْتِجَاجُ أَقْبَحَ مِنْ الْقَوْلِ الْمُحْتَجِّ لَهُ بِهِ ‏,‏ لاَِنَّ هَذَا الْخَبَرَ بَاطِلٌ إذْ هُوَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ ‏,‏ وَمَالِكٌ نَفْسُهُ يَقُولُ ‏:‏ هُوَ غَيْرُ ثِقَةٍ‏.‏ فَالْعَجَبُ لِهَؤُلاَءِ الْقَوْمِ وَلِلْحَنَفِيِّينَ ‏,‏ وَقَدْ جَرَّحَ أَبُو حَنِيفَةَ جَابِرًا الْجُعْفِيَّ وَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ ‏,‏ وَمَالِكٌ جَرَّحَ حَرَامَ بْنَ عُثْمَانَ وَصَالِحًا مَوْلَى التَّوْأَمَةِ ‏,‏ ثُمَّ لاَ مُؤْنَةَ عَلَى الْمَالِكِيِّينَ وَالْحَنَفِيِّينَ إذَا جَاءَ هَؤُلاَءِ خَبَرٌ مِنْ رِوَايَةِ حَرَامٍ وَصَالِحٍ يُمْكِنُ أَنْ يُوهِمُوا بِهِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لِتَقْلِيدِهِمْ إلاَّ احْتَجُّوا بِهِ وَأَكْذَبُوا تَجْرِيحَ مَالِكٍ لَهُمْ ، وَلاَ مُؤْنَةَ عَلَى الْحَنَفِيِّينَ إذَا جَاءَهُمْ خَبَرٌ يُمْكِنُ أَنْ يُوهِمُوا بِهِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لِتَقْلِيدِهِمْ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ إلاَّ احْتَجُّوا بِهِ ‏,‏ وَيُكَذِّبُوا تَجْرِيحَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ ‏,‏ وَنَحْنُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ أَحْسَنُ مُجَامَلَةً لِشُيُوخِهِمْ مِنْهُمْ ‏,‏ فَلاَ نَرُدُّ تَجْرِيحَ مَالِكٍ فِيمَنْ لَمْ تُشْتَهَرْ إمَامَتُهُ‏.‏

قال أبو محمد ‏,‏ ثُمَّ لَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَمَا كَانَ لَهُمْ بِهِ مُتَعَلَّقٌ لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٌ ‏,‏ وَلاَ مِنْ تِلْكَ التَّقَاسِيمِ ‏,‏ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ ‏,‏ وَمُوجِبٌ لِلصَّلاَةِ إلاَّ أَنْ تَرَى دَمًا ‏,‏ فَظَهَرَ فَسَادُ احْتِجَاجِهِمْ بِهِ‏.‏

وقال بعضهم ‏:‏ قِسْنَاهُ عَلَى حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ ‏,‏ وَعَلَى أَجَلِ اللَّهِ تَعَالَى لِثَمُودَ ‏,‏ فَكَانَ هَذَا إلَى الْهَزْلِ وَالاِسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْعِلْمِ‏.‏ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلاَنِ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏

وَرُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَصُومُ وَتُصَلِّي ، وَلاَ يَطَؤُهَا زَوْجُهَا‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏,‏ وَهَذَا خَطَأٌ لاَِنَّهَا إمَّا حَائِضٌ

وَأَمَّا طَاهِرٌ غَيْرُ حَائِضٍ ‏,‏ وَلاَ سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ فِي غَيْرِ النُّفَسَاءِ ‏,‏ فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلاَ تَحِلُّ لَهَا الصَّلاَةُ ، وَلاَ الصَّوْمُ ‏,‏ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ نُفَسَاءَ ، وَلاَ حَائِضٍ فَوَطْءُ زَوْجِهَا لَهَا حَلاَلٌ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا صَائِمًا أَوْ مُحْرِمًا أَوْ مُعْتَكِفًا أَوْ كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهَا ‏,‏ فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ ‏,‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏