فصل: 2204 - مَسْأَلَةٌ : حَدُّ الزِّنَى

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


2204 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

حَدُّ الزِّنَى

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً‏}

وَقَالَ تَعَالَى ‏{‏وَلاَ يَزْنُونَ‏}‏ الآيَةَ‏.‏ فَحَرَّمَ تَعَالَى الزِّنَى وَجَعَلَهُ مِنْ الْكَبَائِرِ ‏,‏ تَوَعَّدَ فِيهِ بِالنَّارِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ غَزْوَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ لاَ يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ‏,‏ وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ‏,‏ وَلاَ يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ‏,‏ وَلاَ يَقْتُلُ حِينَ يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ‏.‏ قَالَ عِكْرِمَةُ قُلْت لأَبْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ يُنْتَزَعُ الْإِيمَانُ مِنْهُ قَالَ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا فَإِنْ تَابَ عَادَ إلَيْهِ هَكَذَا ‏,‏ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا آدَم ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ هُوَ أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ‏,‏ وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ‏,‏ وَلاَ يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ‏.‏ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ التَّمِيمِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمَرْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ أَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ ‏:‏ ثني سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ‏,‏ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ‏,‏ كُلُّهُمْ حَدَّثُونِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ‏,‏ وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ‏,‏ وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ‏,‏ وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ فَيَرْفَعُ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ‏.‏

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ الْإِيمَانُ هُوَ جَمِيعُ الطَّاعَةِ ‏,‏ فَأَيُّ طَاعَةٍ أَطَاعَ الْعَبْدُ بِهَا رَبَّهُ فَهِيَ إيمَانٌ وَهُوَ بِفِعْلِهِ إيَّاهَا مُؤْمِنٌ ‏,‏ وَأَيُّ مَعْصِيَةٍ عَصَى بِهَا الْعَبْدُ رَبَّهُ فَلَيْسَتْ إيمَانًا ‏,‏ فَهُوَ بِفِعْلِهِ إيَّاهَا غَيْرُ مُؤْمِنٍ ‏,‏ وَالْإِيمَانُ وَالطَّاعَةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ ‏,‏ فَمَعْنَى لَيْسَ مُؤْمِنًا ‏:‏ لَيْسَ مُطِيعًا لِلَّهِ تَعَالَى ‏,‏ وَلَوْ كَانَ نَفْيُ الْإِيمَانِ هَاهُنَا إيجَابًا لِلْكُفْرِ لَوَجَبَ قَتْلُ السَّارِقِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ عَلَى الرِّدَّةِ هَذَا لاَ يَقُولُهُ أَحَدٌ ‏,‏ وَلاَ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ فِي إحْدَى ثَلاَثٍ ‏:‏ رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إيمَانِهِ ‏,‏ أَوْ زَنَى بَعْدَ إحْصَانِهِ ‏,‏ أَوْ نَفْسٌ بِنَفْسٍ‏.‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه ، أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فِي الدَّارِ ‏:‏ بِمَ تَقْتُلُونِي وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ ‏:‏ رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إيمَانٍ ‏,‏ أَوْ زَنَى بَعْدَ إحْصَانٍ ‏,‏ أَوْ قَتَلَ نَفْسًا فَقُتِلَ بِهَا‏.‏

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَعَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ الزِّنَى عَلَى بَعْضٍ ‏,‏ وَكُلُّهُ عَظِيمٌ ‏,‏ وَلَكِنَّ الْمَعَاصِيَ بَعْضَهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ ‏,‏ فَعَظَّمَ اللَّهُ الزِّنَى بِحَلِيلَةِ الْجَارِ ‏,‏ وَبِامْرَأَةِ الْمُجَاهِدِ ‏,‏ وَزِنَى الشَّيْخِ‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ ‏:‏ سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ ‏:‏ أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ ‏,‏ قُلْتُ ‏:‏ ثُمَّ أَيُّ قَالَ ‏:‏ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يُطْعَمَ مَعَكَ ‏,‏ قُلْتُ ‏:‏ ثُمَّ أَيُّ قَالَ ‏:‏ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ‏.‏ وَبِهِ إلَى مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ ‏,‏ وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلاً مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إِلاَّ وَقَفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ ‏,‏ فَمَا ظَنُّكُمْ ‏.‏

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْت رِبْعِيٍّ بْنِ حِرَاشٍ يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ رَفَعَهُ إلَى زِرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ ثَلاَثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ ‏,‏ وَثَلاَثَةٌ يُبْغِضُهُمْ ‏:‏ الثَّلاَثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ ‏:‏ الشَّيْخُ الزَّانِي ‏,‏ وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ ‏,‏ وَالْغَنِيُّ الظَّلُومُ‏.‏

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ‏:‏ شَيْخٌ زَانٍ ‏,‏ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ ‏,‏ وَعَامِلٌ مُسْتَكْبِرٌ‏.‏ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ ‏,‏ وَقَالَ فِيهِ ‏:‏ الشَّيْخُ الزَّانِي ‏,‏ وَالْإِمَامُ الْكَذَّابُ ‏,‏ وَالْعَامِلُ الْمُخْتَالُ‏.‏

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا أَبُو دَاوُد الْحِزَامِيُّ ، حَدَّثَنَا عَارِمٌ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ أَرْبَعَةٌ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ ‏:‏ الْبَيَّاعُ الْحَلَّافُ ‏,‏ وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ ‏,‏ وَالشَّيْخُ الزَّانِي ‏,‏ وَالْإِمَامُ الْجَائِرُ‏.‏

2205 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

مَا الزِّنَى

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ‏}‏ إلَى قَوْلِهِ ‏{‏فَأُولَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ‏}‏ وَصَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ‏,‏ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ

وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ‏.‏ فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ الْوَطْءُ إِلاَّ مُبَاحًا لاَ يُلاَمُ فَاعِلُهُ ‏,‏ أَوْ عَهَرًا فِي غَيْرِ الْفِرَاشِ وَهَاهُنَا وَطْآنِ آخَرَانِ ‏:‏ أَحَدُهُمَا مَنْ وَطِئَ فِرَاشًا مُبَاحًا فِي حَالٍ مُحَرَّمَةٍ ‏,‏ كَوَاطِئِ الْحَائِضِ ‏,‏ وَالْمُحْرِمَةِ ‏,‏ وَالْمُحْرِمِ ‏,‏ وَالصَّائِمِ فَرْضًا ‏,‏ وَالصَّائِمَةِ كَذَلِكَ ‏,‏ وَالْمُعْتَكِفِ ‏,‏ وَالْمُعْتَكِفَةِ ‏,‏ وَالْمُشْرِكَةِ فَهَذَا عَاصٍ وَلَيْسَ زَانِيًا بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا ‏,‏ إِلاَّ أَنَّهُ وَطِئَ فِرَاشًا حُرِّمَ بِوَجْهٍ مَا ‏,‏ فَإِذَا ارْتَفَعَ ذَلِكَ الْوَجْهُ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا‏.‏

وَالثَّانِي مَنْ جَهِلَ ‏,‏ فَلاَ ذَنْبَ لَهُ ‏,‏ وَلَيْسَ زَانِيًا فَبَعْدَ هَذَيْنِ الْوَطْأَيْنِ فَلَيْسَ إِلاَّ مَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ الْمُبَاحَةَ بِعَقْدِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ ‏,‏ أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ صَحِيحٍ يَحِلُّ فِيهِ الْوَطْءُ ‏,‏ أَوْ عَاهِرٌ وَهُوَ مَنْ وَطِئَ مَنْ لاَ يَحِلُّ النَّظَرُ إلَى مُجَرَّدِهَا ‏,‏ وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ ‏:‏ فَهَذَا هُوَ الْعَاهِرُ الزَّانِي وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

2206 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

حَدُّ الزِّنَى ‏:‏

قَالَ عَلِيٌّ رحمه الله ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ‏}‏ الآيَةَ إلَى قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا‏}

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ فَصَحَّ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ مَنْسُوخَانِ بِلاَ شَكٍّ ‏,‏ ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ ‏:‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ إنَّ قوله تعالى ‏{‏وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا‏}‏ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ ‏{‏وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ‏}‏ إلَى قوله تعالى ‏{‏أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً‏}‏ وَحَمَلَ مَنْ قَالَ هَذَا قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ‏}‏ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ‏.‏ وَقَالَ آخَرُونَ ‏:‏ لَيْسَ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ نَاسِخًا لِلآخَرِ ‏,‏ لَكِنَّ قوله تعالى ‏{‏فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ‏}‏ هَذَا كَانَ حُكْمَ الزَّوَانِي مِنْ النِّسَاءِ ثَيِّبَاتُهُنَّ وَأَبْكَارُهُنَّ

وَقَوْله تَعَالَى ‏{‏وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا‏}‏ هَذَا حُكْمُ الزَّانِينَ مِنْ الرِّجَالِ خَاصَّةً الثَّيِّبَ مِنْهُمْ وَالْبِكْرَ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ ‏:‏ كَمَا ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْجَعْفَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الإدفوي الْمُقْرِي ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ النَّحْوِيُّ ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏{‏وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ‏}‏ ‏.‏ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ إذَا زَنَتْ تُحْبَسُ فِي الْبَيْتِ حَتَّى تَمُوتَ‏.‏ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ ‏{‏الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ‏}‏ وَإِنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ رُجِمَا ‏,‏ فَهَذَا السَّبِيلُ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَهُمَا‏.‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏:‏

وَقَوْله تَعَالَى ‏{‏وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا‏}‏ فَكَانَ الرَّجُلُ إذَا زَنَى أُوذِيَ بِالتَّعْيِيرِ وَضَرْبِ النِّعَالِ ‏,‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا ‏{‏الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ‏}‏ فَإِنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ رُجِمَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْجَعْفَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ الْأُدْفُوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَا سَلَمَةُ ، هُوَ ابْنُ شَيْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏{‏فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً‏}‏ قَالَ ‏:‏ نَسَخَتْهَا الْحُدُودُ وَقَالَ قَتَادَةُ أَيْضًا ‏:‏ فِي قوله تعالى ‏{‏وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا‏}‏ نَسَخَتْهَا الْحُدُودُ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ ‏,‏ لأََنَّ قوله تعالى ‏{‏وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ‏}‏ إلَى قَوْلِهِ ‏{‏فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً‏}‏ إنَّمَا فِيهِ حُكْمُ النِّسَاءِ فَقَطْ ‏,‏ وَلَيْسَ فِيهَا حُكْمُ الرِّجَالِ أَصْلاً‏.‏ ثُمَّ عَطَفَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا مُتَّصِلاً بِهَا قوله تعالى ‏{‏وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَأَذُوهُمَا‏}‏ فَكَانَ هَذَا حُكْمًا زَائِدًا لِلرِّجَالِ مُضَافًا إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ حُكْمِ النِّسَاءِ ‏,‏ وَلاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ ‏:‏ إنَّهُ مَنْسُوخٌ بِكَذَا ‏,‏ وَلاَ أَنَّهُ نَاسِخٌ لِكَذَا إِلاَّ بِيَقِينٍ ‏,‏ لأََنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى ‏,‏ وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى مِنَّا ‏,‏ إِلاَّ بِنَصِّ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏,‏ فَإِنَّهَا بِوَحْيٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ‏,‏ أَوْ بِإِجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ مِنْ جَمِيعِ الصُّحْبَةِ رضي الله تعالى عنهم قَالُوهُ عَنْ تَوْقِيفٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ ذَلِكَ ‏,‏ أَوْ بِضَرُورَةٍ ‏,‏ وَهُوَ أَنْ يَتَيَقَّنَ تَأْخِيرَ أَحَدِ النَّصَّيْنِ بَعْدَ الآخَرِ ‏,‏ وَلاَ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُمَا جَمِيعًا ‏:‏ فَنَدْرِي حِينَئِذٍ بِيَقِينٍ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبْطَلَ حُكْمَ الأَوَّلِ بِالنَّصِّ الآخَرِ

وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ، وَلاَ فَرْقَ‏.‏ فَمَنْ أَخْبَرَ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَّا بِشَيْءٍ مِنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ أَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَقَدْ أَخْبَرَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لاَ عِلْمَ لَهُ ‏,‏ وَهَذَا هُوَ الْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِلاَ شَكٍّ ‏:‏ أَخْبَرَ عَنْهُ بِمَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ‏.‏ فَصَحَّ يَقِينًا ‏:‏ أَنَّ حُكْمَ النِّسَاءِ الزَّوَانِي كَانَ الْحَبْسَ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَمُتْنَ ‏,‏ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً بِحُكْمٍ آخَرَ ، وَأَنَّ حُكْمَ الرِّجَالِ الزُّنَاةِ كَانَ الأَذَى ‏,‏ هَذَا مَا لاَ شَكَّ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ ‏,‏ ثُمَّ نُسِخَ هَذَا كُلُّهُ بِالْحُدُودِ بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ ‏,‏ وَلَيْسَ مَعَنَا يَقِينٌ بِأَنَّ حَبْسَ الزَّوَانِي مِنْ النِّسَاءِ نُسِخَ بِالأَذَى ‏,‏ ثُمَّ نُسِخَ عَنْهُنَّ الأَذَى بِالْحَدِّ ‏,‏ هَذَا مَا لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ ‏,‏ وَلاَ سُنَّةٌ ، وَلاَ إجْمَاعٌ ‏,‏ وَلاَ أَوْجَبَتْهُ ضَرُورَةٌ فَلَمْ يَجُزْ الْقَوْلُ بِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ فَلَمَّا صَحَّ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّ الْحَبْسَ وَالأَذَى مَنْسُوخَانِ عَنْ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ بِالْيَقِينِ الَّذِي لاَ شَكَّ فِيهِ بِالْحُدُودِ وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي النَّاسِخِ مَا هُوَ فَوَجَدْنَا النَّاسَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحُرَّ الزَّانِيَ ‏,‏ وَالْحُرَّةَ الزَّانِيَةَ إذَا كَانَا غَيْرُ مُحْصَنَيْنِ فَإِنَّ حَدَّهُمَا مِائَةُ جَلْدَةٍ ثُمَّ اخْتَلَفُوا ‏:‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ وَمَعَ الْمِائَةِ جَلْدَةٍ نَفْيُ سَنَةٍ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ هَذَا عَلَى الرَّجُلِ ‏,‏

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلاَ نَفْيَ عَلَيْهَا‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ لاَ نَفْيَ فِي ذَلِكَ ‏,‏ لاَ عَلَى رَجُلٍ ، وَلاَ امْرَأَةٍ ‏,‏ ثُمَّ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ ‏,‏ حَاشَ مَنْ لاَ يُعْتَدُّ بِهِ بِلاَ خِلاَفٍ ‏,‏ وَلَيْسَ هُمْ عِنْدَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ‏,‏ فَقَالُوا ‏:‏ إنَّ عَلَى الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ إذَا زَنَيَا وَهُمَا مُحْصَنَانِ الرَّجْمَ حَتَّى يَمُوتَا ثُمَّ اخْتَلَفُوا ‏:‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ عَلَيْهِمَا مَعَ الرَّجْمِ الْمَذْكُورِ جَلْدُ مِائَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ لَيْسَ عَلَيْهِمَا إِلاَّ الرَّجْمُ ‏,‏ وَلاَ جَلْدَ عَلَيْهِمَا‏.‏ وَقَالَتْ الأَزَارِقَةُ مِنْ الْخَوَارِجِ ‏:‏ لَيْسَ عَلَيْهِمَا إِلاَّ الْجَلْدُ فَقَطْ ‏,‏ وَلاَ رَجْمَ عَلَى زَانٍ أَصْلاً‏.‏ ثُمَّ وَجَدْنَا الْأُمَّةَ قَدْ اتَّفَقَتْ بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ ‏:‏ عَلَى أَنَّ الأَمَةَ إذَا أُحْصِنَتْ فَعَلَيْهَا خَمْسُونَ جَلْدَةً

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَلاَ نَدْرِي أَحَدًا أَوْجَبَ عَلَيْهَا مَعَ ذَلِكَ الرَّجْمَ ‏,‏ وَلاَ يُقْطَعُ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ رَجْمِهَا إجْمَاعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏ ثُمَّ اخْتَلَفُوا ‏:‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ عَلَيْهَا نَفْيُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ الْجَلْدِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ لاَ نَفْيَ عَلَيْهَا مَعَ ذَلِكَ أَصْلاً‏.‏ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الأَمَةِ إذَا لَمْ تُحْصَنْ وَزَنَتْ ‏:‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ عَلَيْهَا خَمْسُونَ جَلْدَةً وَنَفْيُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ لَيْسَ عَلَيْهَا إِلاَّ خَمْسُونَ جَلْدَةً فَقَطْ ، وَلاَ نَفْيَ عَلَيْهَا‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ لاَ شَيْءَ عَلَيْهَا ‏,‏ لاَ جَلْدَ ، وَلاَ نَفْيَ أَصْلاً‏.‏ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْعَبْدِ إذَا زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ أَوْ غَيْرُ مُحْصَنٍ ‏:‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ حَدُّهُ كَحَدِّ الأَمَةِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلاَفِهِمْ فِي النَّفْيِ مَعَ الْجَلْدِ ‏,‏ أَوْ إسْقَاطِ النَّفْيِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ حَدُّهُ كَحَدِّ الْحُرِّ الرَّجْمُ أَوْ النَّفْيُ‏.‏ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ عَبْدٌ إذَا زَنَى مِنْ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ ‏:‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ حَدُّهُ حَدُّ الْعَبْدِ التَّامِّ الرِّقُّ ‏,‏ أَوْ الرَّجْمُ وَالنَّفْيُ ‏,‏ وَالأَمَةِ التَّامَّةِ الرِّقُّ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ عَلَيْهِ مِنْ الْجَلْدِ وَالنَّفْيِ بِحِسَابِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَبِحِسَابِ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَنَحْنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذَاكِرُونَ جَمِيعَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَسْأَلَةً مَسْأَلَةً وَمُتَقَصُّونَ مَا احْتَجَّتْ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ لِقَوْلِهَا ‏,‏ وَمُبَيِّنُونَ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى صَوَابَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ بِالْبَرَاهِينِ مِنْ الْقُرْآنِ ‏,‏ وَالسُّنَّةِ ‏,‏ كَمَا فَعَلْنَا فِي سَائِرِ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَبِهِ تَعَالَى نَسْتَعِينُ ‏,‏ وَنَعْتَصِمُ‏.‏

2207 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

حَدُّ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ غَيْرِ الْمُحْصَنَيْنِ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ‏}

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏

فَجَاءَ النَّصُّ كَمَا تَرَى ‏,‏ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِي أَنَّ الْجَلْدَ حُكْمُ الزَّانِي الْحُرِّ غَيْرِ الْمُحْصَنِ ‏,‏ وَالزَّانِيَةِ الْحُرَّة غَيْر الْمُحْصَنَةِ ‏,‏ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَلْ عَلَيْهِمَا نَفْيٌ كَمَا ذَكَرْنَا أَمْ لاَ وَهَذَا بَابٌ قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ فِي أَبْوَابٍ مَجْمُوعَةٍ صَدَّرْنَا بِهَا قَبْلُ كَلاَمَنَا فِي الْمُرْتَدِّينَ ذَكَرْنَا فِيهَا كُلَّ حُكْمٍ يَخْتَصُّ بِهِ حَدَّانِ مِنْ الْحُدُودِ فَصَاعِدًا وَتَقَصَّيْنَا هُنَالِكَ الآثَارَ بِأَسَانِيدِهَا ‏,‏ وَنَذْكُرُ هَاهُنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى جُمْلَةً مُخْتَصَرَةً مِنْ ذَلِكَ‏.‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ فَنَقُولُ ‏:‏ إنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ‏.‏ وَصَحَّ عَنْهُ عليه السلام مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ ‏:‏ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ بِجَلْدِ مِائَةٍ وَتَغْرِيبِ عَامٍ‏.‏ وَعَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ‏,‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ بِأَنْ يُنْفَى عَامًا مَعَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ‏.‏ وَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لِلَّذِي زَنَى ابْنُهُ بِامْرَأَةِ مُسْتَأْجَرَةٍ ‏:‏ عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ ‏,‏ وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمُ‏.‏ وَصَحَّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَلَدَ امْرَأَةً زَنَتْ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَغَرَّبَهَا عَامًا ‏"‏‏.‏

وَرُوِيَ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، خِلاَفُ ذَلِكَ إِلاَّ رِوَايَةً عَنْ عَلِيٍّ ‏:‏ لَيْسَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ نَفْيٌ وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْبِكْرَيْنِ يَزْنِيَانِ ‏:‏ حَسْبُهُمَا مِنْ الْفِتْنَةِ أَنْ يُنْفَيَا‏.‏ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏:‏ مَنْ زَنَى جُلِدَ وَأُرْسِلَ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ فَلَيْسَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏"‏ مَنْ زَنَى جُلِدَ وَأُرْسِلَ ‏"‏ دَلِيلاً عَلَى أَنَّهُ لاَ يُوجِبُ النَّفْيَ عِنْدَهُ ‏,‏ بَلْ قَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ ‏"‏ وَأُرْسِلَ ‏"‏ يُرِيدُ بِهِ أَنْ يُرْسَلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ‏.‏

وَكَذَلِكَ قَوْلُ عَلِيٍّ ‏"‏ حَسْبُهُمَا مِنْ الْفِتْنَةِ أَنْ يُنْفَيَا ‏"‏ يَخْرُجُ عَلَى إيجَابِ النَّفْيِ ‏,‏ وَأَنَّ ذَلِكَ حَسْبُهُمَا مِنْ الْبَلاَءِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ‏}‏ إلَى قوله تعالى ‏{‏وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ‏}‏ وَالرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لاَ تُنْفَى إذَا زَنَتْ لاَ تَصِحُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَكِلاَ الْقَوْلَيْنِ دَعْوَى بِلاَ

برهان‏.‏

وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا أَنْ يَجْعَلُوا الأَرْبَعِينَ الَّتِي زَادَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي حَدِّ الْخَمْرِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْزِيرِ حَدًّا وَاجِبًا مُفْتَرَضًا ‏,‏ وَهُوَ رضي الله عنه يَجْلِدُ مَرَّةً أَرْبَعِينَ ‏,‏ وَمَرَّةً سِتِّينَ ‏,‏ وَمَرَّةً ثَمَانِينَ‏.‏

وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ بَعْدَهُ ‏,‏ وَعَلِيٌّ ‏,‏ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، ثُمَّ يَأْتُونَ إلَى حَدٍّ افْتَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَجْعَلُونَهُ تَعْزِيرًا ‏,‏ كُلُّ ذَلِكَ جُرْأَةٌ عَلَى الدَّعْوَى بِلاَ برهان ‏,‏ وَادَّعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَمْ يَقُلْ ‏"‏ فَلْيَنْفِهَا ‏"‏ دَلِيلاً عَلَى نَسْخِ التَّغْرِيبِ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَهَذَا مِنْ الْبَاطِلِ الْمَحْضِ ‏,‏ لأََنَّ هَذَا خَبَرٌ مُجْمَلٌ أَحَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَيْرِهِ ‏,‏ فَلَمْ يَذْكُرْ نَفْيًا ‏,‏ وَلاَ عَدَدَ الْجَلْدِ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ دَلِيلاً عَلَى إسْقَاطِ التَّغْرِيبِ فَهُوَ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى إسْقَاطِ عَدَدِ مَا يُجْلَدُ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلاً عَلَى إسْقَاطِ عَدَدِ مَا يُجْلَدُ ‏,‏ لأََنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ ‏,‏ فَلَيْسَ أَيْضًا دَلِيلاً عَلَى نَسْخِ النَّفْيِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ ‏,‏ وَالأَخْبَارُ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ ‏,‏ وَأَحْكَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامُ رَسُولِهِ عليه السلام كُلُّهَا حَقٌّ ، وَلاَ يَحِلُّ تَرْكُ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ ‏,‏ بَلْ الْوَاجِبُ ضَمُّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ وَاسْتِعْمَالُ جَمِيعِهَا

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏

وَأَمَّا إسْقَاطُ مَالِكٍ النَّفْيَ عَنْ الْعَبِيدِ ‏,‏ وَالْإِمَاءِ ‏,‏ وَالنِّسَاءِ ‏,‏ وَإِثْبَاتُهُ إيَّاهُ عَلَى الْحُرِّ ‏,‏ فَتَفْرِيقٌ لاَ دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ ‏,‏ لأََنَّ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرَهُ قَدْ وَرَدَ عُمُومًا بِالنَّفْيِ عَلَى كُلِّ مَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ ‏,‏ وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنْ رَجُلٍ ‏,‏ وَلاَ عَبْدًا مِنْ حُرٍّ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا‏.‏ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْإِمَاءِ ‏{‏فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ‏}‏ ‏.‏

فَصَحَّ أَنَّ عَلَيْهِنَّ مِنْ النَّفْيِ نِصْفُ مَا يَنْفِي الْمُحْصَنَ ‏,‏

وَكَذَلِكَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُقَامَ الْحَدُّ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِنِسْبَةِ مَا أَدَّى مِنْ حَدِّ الْحُرِّ ‏,‏ وَبِنِسْبَةِ مَا لَمْ يُؤَدِّ مِنْ حَدِّ الْعَبْدِ‏.‏ فَبَطَلَ كُلُّ مَا خَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

حَدُّ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ الْمُحْصَنَيْنِ

2208 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ قَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ الْحُرُّ وَالْحُرَّةُ إذَا زَنَيَا وَهُمَا مُحْصَنَانِ فَإِنَّهُمَا يُرْجَمَانِ حَتَّى يَمُوتَا‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ يُجْلَدَانِ ثُمَّ يُرْجَمَانِ حَتَّى يَمُوتَا‏.‏

فأما الأَزَارِقَةُ فَلَيْسَ مِنْ فِرَقِ الإِسْلاَمِ ‏,‏ لأََنَّهُمْ الَّذِينَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا ‏:‏ لاَ رَجْمَ أَصْلاً وَإِنَّمَا هُوَ الْجَلْدُ فَقَطْ‏.‏

فأما مَنْ رُوِيَ عَنْهُ الرَّجْمُ فَقَطْ دُونَ جَلْدٍ ‏:‏ فَكَمَا ،

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ني يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ السَّقَّا عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه وَعُمَرَ ‏:‏ رَجَمَا وَلَمْ يَجْلِدَا‏.‏ وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ‏:‏ إنَّ عُمَرَ رَجَمَ وَلَمْ يَجْلِدْ‏.‏ وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ ‏:‏ يَرْجُمُ ، وَلاَ يَجْلِدُ‏.‏ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الْجَلْدَ مَعَ الرَّجْمِ وَبِهِ يَقُولُ الأَوْزَاعِيِّ ‏,‏ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ‏,‏ وَأَبُو حَنِيفَةَ ‏,‏ وَمَالِكٌ ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ ‏,‏ وَأَبُو ثَوْرٍ ‏,‏ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ‏,‏ وَأَصْحَابُهُمْ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ رُوِيَ عَنْهُ الرَّجْمُ وَالْجَلْدُ مَعًا ‏:‏ فَكَمَا ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ ، حَدَّثَنَا جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ ‏:‏ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ جَلَدَ شُرَاحَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ‏,‏ فَقَالَ ‏:‏ أَجْلِدُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ ‏,‏ وَأَرْجُمُهَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ أَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ‏:‏ رَأَيْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ دَعَا بِشُرَاحَةَ فَجَلَدَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ‏,‏ فَقَالَ ‏:‏ جَلَدْتهَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَرَجَمْتهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَنَّهُ قَالَ ‏:‏ أَجْلِدُهَا بِالْكِتَابِ ‏,‏ وَأَرْجُمُهَا بِالسُّنَّةِ‏.‏ وَعَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، أَنَّهُ قَالَ ‏:‏ فِي الثَّيِّبِ تَزْنِي أَجْلِدُهَا ثُمَّ أَرْجُمُهَا‏.‏ وَبِهِ يَقُولُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ‏:‏ كَمَا ، حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أَنَا الدَّبَرِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ ‏:‏ أُوحِيَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ‏,‏ الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ ‏,‏ وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ ‏,‏ وَكَانَ الْحَسَنُ يُفْتِي بِهِ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ ‏,‏ وَابْنُ رَاهْوَيْهِ ‏,‏ وَأَبُو سُلَيْمَانَ ‏,‏ وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا‏.‏ هَاهُنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ ‏:‏ أَنَّ الثَّيِّبَ إنْ كَانَ شَيْخًا جُلِدَ وَرُجِمَ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ شَابًّا رُجِمَ وَلَمْ يُجْلَدْ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ ‏:‏ الشَّيْخَانِ يُجْلَدَانِ وَيُرْجَمَانِ ‏,‏ وَالثَّيِّبَانِ يُرْجَمَانِ ‏,‏ وَالْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ‏.‏ وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ ‏:‏ يُجْلَدُونَ ‏,‏ وَيُرْجَمُونَ ، وَلاَ يُجْلَدُونَ ‏,‏ وَيُجْلَدُونَ ، وَلاَ يُرْجَمُونَ وَفَسَّرَهُ قَتَادَةُ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ الشَّيْخُ الْمُحْصَنُ يُجْلَدُ وَيُرْجَمُ إذَا زَنَى ‏,‏ وَالشَّابُّ الْمُحْصَنُ يُرْجَمُ إذَا زَنَى ‏,‏ وَالشَّابُّ إذَا لَمْ يُحْصَنْ جُلِدَ‏.‏ وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ ‏:‏ الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ ‏,‏ وَالثَّيِّبَانِ يُرْجَمَانِ ، وَلاَ يُجْلَدَانِ ‏,‏ وَالشَّيْخَانِ يُجْلَدَانِ وَيُرْجَمَانِ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَهَذِهِ أَقْوَالٌ كَمَا تَرَى ‏:‏

فأما قَوْلُ مَنْ لَمْ يَرَ الرَّجْمَ أَصْلاً فَقَوْلٌ مَرْغُوبٌ عَنْهُ ‏,‏ لأََنَّهُ خِلاَفُ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ كَانَ نَزَلَ بِهِ قُرْآنٌ وَلَكِنَّهُ نُسِخَ لَفْظُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ ‏:‏

حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ ‏:‏ قَالَ لِي أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ ‏:‏ كَمْ تَعُدُّونَ سُورَةَ الأَحْزَابِ قُلْت ‏:‏ إمَّا ثَلاَثًا وَسَبْعِينَ آيَةً ‏,‏ أَوْ أَرْبَعًا وَسَبْعِينَ آيَةً ‏,‏ قَالَ ‏:‏ إنْ كَانَتْ لَتُقَارِنُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ ‏,‏ أَوْ لَهِيَ أَطْوَلُ مِنْهَا ‏,‏ وَإِنْ كَانَ فِيهَا لاَيَةُ الرَّجْمِ قُلْت ‏:‏ أَبَا الْمُنْذِرِ وَمَا آيَةُ الرَّجْمِ قَالَ ‏:‏ إذَا زَنَى الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاَللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ‏"‏

قال علي ‏:‏ هذا إسْنَادٌ صَحِيحٌ كَالشَّمْسِ لاَ مَغْمَزَ فِيهِ‏.‏ وَحَدَّثَنَا أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الأَشْعَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ ، هُوَ ابْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ هُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَنْصُورٍ ، هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ ‏:‏ قَالَ لِي أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ ‏:‏ كَمْ تَعُدُّونَ سُورَةَ الأَحْزَابِ قُلْت ‏:‏ ثَلاَثًا وَسَبْعِينَ ‏,‏ فَقَالَ أُبَيٌّ ‏:‏ إنْ كَانَتْ لَتَعْدِلُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ أَوْ أَطْوَلَ ‏,‏ وَفِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ ‏"‏ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاَللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ‏"‏ فَهَذَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ‏,‏ وَمَنْصُورٌ ‏:‏ شَهِدَا عَلَى عَاصِمٍ وَمَا كَذَبَا ‏,‏ فَهُمَا الثِّقَتَانِ ‏,‏ الْإِمَامَانِ ‏,‏ الْبَدْرَانِ وَمَا كَذَبَ عَاصِمٌ عَلَى زِرٍّ ‏,‏ وَلاَ كَذَبَ زِرٌّ عَلَى أُبَيٍّ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَلَكِنَّهَا نُسِخَ لَفْظُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا ‏,‏ وَلَوْ لَمْ يُنْسَخْ لَفْظُهَا لاََقْرَأَهَا أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ زِرًّا بِلاَ شَكٍّ ‏,‏ وَلَكِنَّهُ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْدِلُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ ‏,‏ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ ‏:‏ إنَّهَا تَعْدِلُ الآنَ فَصَحَّ نَسْخُ لَفْظِهَا‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مِنْ طُرُقٍ ‏,‏ مِنْهَا ‏:‏ مَا ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ‏:‏ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إذَا زَنَى الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ قَالَ عُمَرُ ‏:‏ لَمَّا نَزَلَتْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ ‏:‏ أَكْتِبْنِيهَا قَالَ شُعْبَةُ ‏:‏ كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ ‏:‏ أَلاَ تَرَى أَنَّ الشَّيْخَ إذَا لَمْ يُحْصَنْ جُلِدَ ‏,‏ وَأَنَّ الشَّابَّ إذَا زَنَى وَقَدْ أَحْصَنَ رُجِمَ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ رحمه الله ‏:‏ وَهَذَا إسْنَادٌ جَيِّدٌ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ وَقَدْ تَوَهَّمَ قَوْمٌ أَنَّ سُقُوطَ آيَةِ الرَّجْمِ إنَّمَا كَانَ لِغَيْرِ هَذَا ‏,‏ ظَنُّوا أَنَّهَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ نَسْخٍ وَاحْتَجُّوا بِمَا ‏:‏ ناه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلْمَنْكِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ ،

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ‏,‏ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ‏,‏ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏,‏ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ ‏,‏ ثُمَّ اتَّفَقَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ‏,‏ وَعَمْرَةُ ‏,‏ كِلاَهُمَا عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ ‏:‏ لَقَدْ نَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ وَالرَّضَاعَةِ ‏,‏ فَكَانَتَا فِي صَحِيفَةٍ تَحْتَ سَرِيرِي ‏,‏ فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشَاغَلْنَا بِمَوْتِهِ فَدَخَلَ دَاجِنٌ فَأَكَلَهَا

قال أبو محمد ‏:‏ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى مَا ظَنُّوا ‏,‏ لأََنَّ آيَةَ الرَّجْمِ إذْ نَزَلَتْ حُفِظَتْ ‏,‏ وَعُرِفَتْ ‏,‏ وَعَمِلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْهَا نُسَّاخُ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ ‏,‏ وَلاَ أَثْبَتُوا لَفْظَهَا فِي الْقُرْآنِ ‏,‏ وَقَدْ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ذَلِكَ كَمَا أَوْرَدْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى ذَلِكَ‏.‏ فَصَحَّ نَسْخُ لَفْظِهَا وَبَقِيَتْ الصَّحِيفَةُ الَّتِي كُتِبَتْ فِيهَا كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ ، رضي الله عنها ، فَأَكَلَهَا الدَّاجِنُ ‏,‏ وَلاَ حَاجَةَ بِأَحَدٍ إلَيْهَا‏.‏ وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي آيَةِ الرَّضَاعَةِ ، وَلاَ فَرْقَ‏.‏

وبرهان هَذَا ‏:‏ أَنَّهُمْ قَدْ حَفِظُوهَا كَمَا أَوْرَدْنَا ‏,‏ فَلَوْ كَانَتْ مُثْبَتَةً فِي الْقُرْآنِ لَمَا مَنَعَ أَكْلُ الدَّاجِنِ لِلصَّحِيفَةِ مِنْ إثْبَاتِهَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ حِفْظِهِمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ فَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّهُ لاَ يَخْتَلِفُ مُسْلِمَانِ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ التَّبْلِيغَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَدْ بَلَّغَ كَمَا أُمِرَ ‏,‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ‏}‏ ‏.‏

وَقَالَ تَعَالَى ‏{‏إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ‏}‏ ‏.‏

وَقَالَ تَعَالَى ‏{‏سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ‏}

وَقَالَ تَعَالَى ‏{‏مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا‏}

فَصَحَّ أَنَّ الآيَاتِ الَّتِي ذَهَبَتْ لَوْ أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبْلِيغِهَا لَبَلَّغَهَا ‏,‏ وَلَوْ بَلَّغَهَا لَحُفِظَتْ ‏,‏ وَلَوْ حُفِظَتْ مَا ضَرَّهَا مَوْتُهُ ‏,‏ كَمَا لَمْ يَضُرَّ مَوْتُهُ عليه السلام كُلَّ مَا بَلَّغَ فَقَطْ مِنْ الْقُرْآنِ ‏,‏ وَإِنْ كَانَ عليه السلام لَمْ يُبَلِّغْ ‏,‏ أَوْ بَلَّغَهُ فَأُنْسِيه هُوَ وَالنَّاسُ ‏,‏ أَوْ لَمْ يَنْسَوْهُ ‏,‏ لَكِنْ لَمْ يَأْمُرْ عليه السلام أَنْ يُكْتَبَ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِيَقِينٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى ‏,‏ لاَ يَحِلُّ أَنْ يُضَافَ إلَى الْقُرْآنِ‏.‏

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَقَدْ رَوَى الرَّجْمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ ‏:‏ كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ ني مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ ‏:‏ إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ آيَةُ الرَّجْمِ ‏,‏ فَقَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا ‏,‏ وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ‏,‏ وَأَخْشَى إنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ ‏:‏ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَتْرُكُ فَرِيضَةً أَنْزَلَهَا اللَّهُ ‏,‏ وَأَنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إذَا أَحْصَنَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ‏,‏ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ ‏,‏ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ‏,‏ أَوْ الأَعْتِرَافُ‏.‏ وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ‏:‏ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ ‏:‏ قَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ ‏:‏ مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّ بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ‏,‏ أَلاَ وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إذَا أَحْصَنَ ‏,‏ وَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ ‏,‏ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ‏,‏ أَوْ الأَعْتِرَافُ ‏,‏ وَقَدْ قَرَأْنَاهَا الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ‏.‏

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ‏,‏ الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ ‏,‏ وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ جَدِّي ، حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ‏,‏ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ أَتَى رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏,‏ إنِّي زَنَيْتُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ‏,‏ وَفِيهِ ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فَهَلْ أَحْصَنْتَ قَالَ ‏:‏ نَعَمْ ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ‏.‏

2209 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

حَدُّ الأَمَةِ الْمُحْصَنَةِ قال أبو محمد ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ‏}‏ فَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ فَإِذَا تَزَوَّجْنَ وَوُطِئْنَ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْحَرَائِرِ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ‏,‏ وَالْحُرَّةُ الْمُحْصَنَةُ فَإِنَّ عَلَيْهَا جِلْدَ مِائَةٍ وَالرَّجْمَ ‏,‏ وَبِالضَّرُورَةِ نَدْرِي أَنَّ الرَّجْمَ لاَ نِصْفَ لَهُ ‏,‏ فَبَقِيَ عَلَيْهِنَّ نِصْفُ الْمِائَةِ ‏,‏ فَوَجَبَ عَلَى الأَمَةِ الْمُحْصَنَةِ جَلْدُ خَمْسِينَ فَقَطْ‏.‏

فإن قيل ‏:‏ فَمِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهَا نَفْيَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ‏,‏ أَمِنْ هَذِهِ الآيَةِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ فَجَوَابُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ‏:‏ أَنَّ الْقَائِلِينَ إنَّ عَلَى الأَمَةِ نَفْيُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَالُوا ‏:‏ إنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِنَّ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ‏.‏ وَقَالُوا ‏:‏ إنَّ ‏"‏ الْإِحْصَانَ ‏"‏ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الْحُرَّةِ الْمُطَلَّقَةِ فَقَطْ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ هَذَا كَمَا قَالُوا فَالنَّفْيُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَاءِ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ ‏,‏ لأََنَّ مَعْنَى الآيَةِ ‏:‏ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْحَرَائِرِ مِنْ الْعَذَابِ ‏,‏ وَعَلَى الْحَرَائِرِ هُنَا مِنْ الْعَذَابِ جَلْدُ مِائَةٍ ‏,‏ وَمَعَهُ نَفْيُ سَنَةٍ ‏,‏ أَوْ رَجْمٌ ‏,‏ وَالرَّجْمُ يَنْتَصِفُ أَصْلاً ‏,‏ لأََنَّهُ مَوْتٌ ‏,‏ وَالْمَوْتُ لاَ نِصْفَ لَهُ أَصْلاً

وَكَذَلِكَ الرَّجْمُ ‏,‏ لأََنَّهُ قَدْ يَمُوتُ الْمَرْجُومُ مِنْ رَمْيَةٍ وَاحِدَةٍ ‏,‏ وَقَدْ لاَ يَمُوتُ مِنْ أَلْفِ رَمْيَةٍ ‏,‏ وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلاَ يُمْكِنُ ضَبْطُ نِصْفِهِ أَبَدًا ‏,‏ وَإِذْ لاَ يُمْكِنُ هَذَا فَقَدْ أَمِنَّا أَنْ يُكَلِّفَنَا اللَّهُ تَعَالَى مَا لاَ نُطِيقُ لقوله تعالى ‏{‏لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا‏}‏ ‏.‏ وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ إذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ أَوْ كَمَا قَالَ عليه السلام ‏,‏ فَسَقَطَ الرَّجْمُ وَبَقِيَ الْجَلْدُ وَالنَّفْيُ سَنَةٍ وَكِلاَهُمَا لَهُ نِصْفٌ ‏,‏ فَعَلَى الأَمَةِ نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ مِنْهَا

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَإِنْ كَانَ ‏"‏ الْإِحْصَانُ ‏"‏ لاَ يَقَعُ فِي اللُّغَةِ إِلاَّ عَلَى الْحُرَّةِ فَقَطْ ‏,‏ فَالنَّفْيُ لاَ يَجِبُ عَلَى الْإِمَاءِ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ وَمَا نَعْلَمُ ‏"‏ الْإِحْصَانَ ‏"‏ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالشَّرِيعَةِ يَقَعُ إِلاَّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ ‏:‏ عَلَى الزَّوَاجِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْوَطْءُ فَهَذَا إجْمَاعٌ لاَ خِلاَفَ فِيهِ وَعَلَى الْعَقْدِ فَقَطْ ‏,‏ وَلاَ نَعْلَمُهُ يَقَعُ عَلَى الْحُرَّةِ الْمُطَلَّقَةِ فَقَطْ ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ فِي الدِّينِ إِلاَّ بِيَقِينٍ ‏;‏ لأََنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى ‏,‏ وَلاَ يَحِلُّ لِمَنْ لَهُ تَقْوَى أَوْ عَقْلٌ ‏:‏ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى إِلاَّ بِيَقِينٍ ‏,‏ وَلَسْنَا وَاَللَّهِ نَحْنُ كَمَنْ يَقُولُ ‏:‏ إنَّ الدِّينَ مَأْخُوذٌ بِالظُّنُونِ فَقَطْ ‏,‏ وَلَكِنَّ ‏"‏ النَّفْيَ ‏"‏ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَاءِ إذَا زَنَيْنَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ ‏,‏ وَهُوَ الْخَبَرُ الَّذِي ‏:‏ ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ إذَا أَصَابَ الْمُكَاتَبُ حَدًّا أَوْ مِيرَاثًا وَرِثَ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ‏.‏ وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدِّمَشْقِيُّ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ‏,‏ وَقَتَادَةَ ‏,‏ قَالَ قَتَادَةُ ‏:‏ عَنْ خِلاَسِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ‏,‏ وَقَالَ أَيُّوبُ ‏:‏ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏,‏ ثُمَّ اتَّفَقَا ‏:‏ عَلِيٌّ ‏,‏ وَابْنُ عَبَّاسٍ ‏,‏ كِلاَهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ الْمُكَاتَبُ يُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى ‏,‏ وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ ‏,‏ وَيَرِثُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَهَذَا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ ‏,‏ فَوَجَبَ ضَرُورَةً أَنْ يَكُونَ حَدُّ الأَمَةِ بِنِسْبَتِهِ مِنْ حَدِّ الْحُرَّةِ عُمُومًا فِي جَمِيعِ مَا لَهُ نِصْفٌ مِنْ حَدِّ الْحُرَّةِ ‏,‏ فَوَجَبَ ضَرُورَةً أَنَّ حَدَّ الأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ نِصْفُ حَدِّ الْحُرَّةِ ‏,‏ مِنْ النَّفْيِ وَالْجَلْدِ وَأَنْ لاَ يُخَصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ‏,‏ لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ ‏,‏ وَلاَ أَحَدٌ مِنْ الأَمَةِ أَجْمَعَ عَلَى تَخْصِيصِهِ ‏,‏ وَلاَ جَاءَ الْقُرْآنُ بِتَخْصِيصِهِ ‏,‏ فَوَجَبَ نَفْيُهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ ‏,‏ وَجَلْدُهَا خَمْسُونَ جَلْدَةً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

2210 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

حَدُّ الْمَمْلُوكِ إذَا زَنَى ‏,‏ وَهَلْ عَلَيْهِ وَعَلَى الأَمَةِ الْمُحْصَنَةِ رَجْمٌ أَمْ لاَ

قال أبو محمد ‏:‏ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمَمْلُوكِ الذَّكَرِ إذَا زَنَى ‏:‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ إنَّ حَدَّهُ حَدُّ الْحُرِّ مِنْ الْجَلْدِ وَالنَّفْيِ وَالرَّجْمِ ‏:‏ كَمَا ،

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ الأَوْدِيُّ ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ ‏:‏ قَدِمْت الْمَدِينَةَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى عَبْدٍ زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ بِحُرَّةٍ أَنَّهُ يُرْجَمُ ‏,‏ إِلاَّ عِكْرِمَةُ فَإِنَّهُ قَالَ ‏:‏ عَلَيْهِ نِصْفُ الْحَدِّ‏.‏ قَالَ مُجَاهِدٌ ‏:‏ وَإِحْصَانُ الْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْحُرَّةَ ‏,‏ وَإِحْصَانُ الأَمَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْحُرُّ وَبِهَذَا يَأْخُذُ أَصْحَابُنَا كُلُّهُمْ‏.‏ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ ‏:‏ الأَمَةُ الْمُحْصَنَةُ وَالْعَبْدُ الْمُحْصَنُ عَلَيْهِمَا الرَّجْمُ ‏,‏ إِلاَّ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ إجْمَاعٌ‏.‏ وَقَالَ الأَوْزَاعِيِّ ‏:‏ إذَا أُحْصِنَ الْعَبْدُ بِزَوْجَةٍ حُرَّةٍ فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ يُعْتَقْ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ أَمَةٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الرَّجْمُ إنْ زَنَى وَإِنْ عَتَقَ

وَكَذَلِكَ قَالَ أَيْضًا ‏:‏ إذَا أُحْصِنَتْ الأَمَةُ بِزَوْجٍ حُرٍّ فَعَلَيْهَا الرَّجْمُ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ تُعْتَقْ ‏,‏ وَلاَ تَكُونُ مُحْصَنَةً بِزَوْجِ عَبْدٍ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏,‏ وَمَالِكٌ ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ ‏,‏ وَأَحْمَدُ ‏:‏ حَدُّ الْعَبْدِ الْمُحْصَنِ ‏,‏ وَغَيْرِ الْمُحْصَنِ ‏,‏ وَالأَمَةِ ‏:‏ لاَ رَجْمَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ

قال أبو محمد ‏:‏ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا لِقَوْلِهِمْ ‏,‏ فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي الآيَةَ‏.‏

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ ‏,‏ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ‏.‏ قَالُوا ‏:‏ فَجَاءَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ بِعُمُومٍ لاَ يَحِلُّ أَنْ يُخَصَّ مِنْهُ إِلاَّ مَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ عليه السلام ‏,‏ فَوَجَدْنَا النَّصَّ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ قَدْ صَحَّ بِتَخْصِيصِ الْإِمَاءِ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْحُكْمِ بِأَنَّ عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْهُنَّ نِصْفَ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرِ ‏,‏ وَكَذَلِكَ النَّصُّ الْوَارِدُ فِي الأَمَةِ الَّتِي لَمْ تُحْصَنْ ‏,‏ فَخَصَّصْنَا الْإِمَاءَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ ‏,‏ وَبَقِيَ الْعَبْدُ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا‏.‏ وَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَخُصَّ الْعَبِيدَ لَذَكَرَهُمْ كَمَا ذَكَرَ الْإِمَاءَ ‏,‏ وَلَمَا أَغْفَلَ ذَلِكَ ‏,‏ وَلاَ أَهْمَلَهُ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ ‏,‏ وَدَعْوَى بِلاَ

برهان‏.‏ وَكُلُّ مَا يَشْغَبُونَ بِهِ فِي إثْبَاتِ الْقُرْآنِ فَحَتَّى لَوْ صَحَّ لَهُمْ وَهُوَ لاَ يَصِحُّ لَهُمْ مِنْهُ شَيْءٌ أَصْلاً لَمَا كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ إيجَابُ تَخْصِيصِ الْقُرْآنِ بِهِ ‏,‏ وَلاَ إبَاحَةُ الْإِخْبَارِ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى ‏,‏ إذْ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْرَفَ مَغِيبُ أَحَدٍ بِقِيَاسٍ‏.‏ قَالُوا ‏:‏ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْعَبْدِ كَحُكْمِ الْحُرِّ فِي حَدِّ الزِّنَى‏.‏

ثم نقول لأََصْحَابِ الْقِيَاسِ ‏:‏ قَدْ أَجْمَعْتُمْ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْعَبْدِ كَحَدِّ الْحُرِّ فِي الرِّدَّةِ ‏,‏ وَفِي الْمُحَارَبَةِ ‏,‏ وَفِي قَطْعِ السَّرِقَةِ ‏,‏ فَيَلْزَمُكُمْ عَلَى أُصُولِكُمْ فِي الْقِيَاسِ أَنْ تَرُدُّوا مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ حُكْمِهِ فِي الزِّنَى إلَى مَا اتَّفَقْتُمْ فِيهِ مِنْ حُكْمِهِ فِي الرِّدَّةِ ‏,‏ وَالْمُحَارَبَةِ ‏,‏ وَالسَّرِقَةِ ‏:‏ بِالْقَتْلِ رَجْمًا ‏,‏ وَالْقَتْلِ صَلْبًا أَوْ بِالسَّيْفِ ‏:‏ أَشْبَهَ بِالْقَتْلِ رَجْمًا بِالْجَلْدِ ‏,‏ قَالُوا ‏:‏ لاَ ‏,‏ وَلاَ سِيَّمَا الْمَالِكِيُّونَ الْمُشْغِبُونَ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ‏,‏ وَهَذَا إجْمَاعٌ إِلاَّ عِكْرِمَةُ قَدْ خَالَفُوهُ‏.‏

فَإِنْ قَالُوا ‏:‏ إنَّ رَاوِيَ هَذَا الْخَبَرِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ

قلنا لَهُمْ ‏:‏ رُبَّ خَبَرٍ احْتَجَجْتُمْ فِيهِ لأََنْفُسِكُمْ بِلَيْثٍ وَمَنْ هُوَ دُونَ لَيْثٍ ‏,‏ كَجَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ لاَ يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا وَلَيْثٌ أَقْوَى مِنْ جَابِرٍ بِلاَ شَكٍّ‏.‏ ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو ثَوْرٍ فَوَجَدْنَا مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ قَالَ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ‏}

قلنا ‏:‏ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمُخَالَفَةِ بَيْنَ حَدِّ الأَمَةِ وَحَدِّ الْحُرَّةِ فِيمَا لَهُ نِصْفٌ ‏,‏ وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلاَّ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ فَقَطْ ‏,‏

وَأَمَّا الرَّجْمُ فَلاَ نِصْفَ لَهُ أَصْلاً ‏,‏ فَلَمْ يَكُنْ لِلرَّجْمِ فِي هَذِهِ الآيَةِ دُخُولٌ أَصْلاً ، وَلاَ ذِكْرٌ‏.‏

وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذِكْرٌ فِي قوله تعالى ‏{‏وَالزَّانِيَةُ وَالزَّانِي‏}‏ الآيَةَ‏.‏ وَوَجَدْنَا الرَّجْمَ قَدْ جَاءَتْ بِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ أُحْصِنَ‏.‏

وَكَذَلِكَ جَاءَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَغَيْرِهِ ‏,‏ مِنْ الصَّحَابَةِ ‏:‏ الرَّجْمُ عَلَى مَنْ أُحْصِنَ جُمْلَةً ‏,‏ وَلَمْ يَخُصَّ حُرًّا مِنْ عَبْدٍ ‏,‏ وَلاَ حُرَّةً مِنْ أَمَةٍ‏.‏ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّجْمُ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ مَنْ أُحْصِنَ مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ‏,‏ أَوْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ ‏,‏ بِالْعُمُومِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ ‏,‏ إِلاَّ أَنَّ جَلْدَ الأَمَةِ نِصْفُ جَلْدِ الْحُرَّةِ ‏,‏ وَنَفْيُهَا نِصْفُ أَمَدِ الْحُرَّةِ‏.‏

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏

فَنَظَرْنَا فِي هَذَيْنِ الأَحْتِجَاجَيْنِ فَوَجَدْنَاهُمَا صَحِيحَيْنِ ‏,‏ إذْ لَمْ يَرِدْ نَصٌّ صَحِيحٌ يُعَارِضُهُمَا

فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ‏,‏ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ ‏:‏ إذَا أَصَابَ الْمُكَاتَبُ حَدًّا أَوْ مِيرَاثًا وَرِثَ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ ‏,‏ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ

وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا مُتَّصِلاً بِهِ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ‏.‏ فَاقْتَضَى لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُكْمُهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ حُكْمَ الْمَمَالِيكِ فِي الْحَدِّ بِخِلاَفِ حُكْمِ الأَحْرَارِ جُمْلَةً إذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ سَوَاءً لَمَا كَانَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ مَعْنًى أَصْلاً ‏,‏ وَلَكَانَ الْمُكَاتَبُ الَّذِي عَتَقَ بَعْضُهُ كَأَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ ‏,‏ هَذَا خِلاَفُ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ فَإِذْ قَدْ صَحَّ أَنَّ حُكْمَ أَهْلِ الرِّدَّةِ فِي الْحُدُودِ خِلاَفُ حُكْمِ الْحُرِّ ‏,‏ فَلَيْسَ إِلاَّ أَحَدُ وَجْهَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا ‏,‏ وَلاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا ‏:‏ إمَّا أَنْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمَمَالِيكِ حَدٌّ أَصْلاً ‏,‏ وَهَذَا بَاطِلٌ بِمَا أَوْرَدْنَاهُ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ فِي الْبَابِ الْمُتَّصِلِ بِهَذَا الْبَابِ وَإِسْنَادُهُ ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمٍ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى التَّغْلِبِيَّ عَنْ مَيْسَرَةَ ، هُوَ ابْنُ جَمِيلَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَانَ هَذَا عُمُومًا مُوجِبًا لِوُقُوعِ الْحُدُودِ عَلَى الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ‏.‏

وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَمَالِيكِ حَدٌّ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ حُدُودِ الأَحْرَارِ ‏,‏ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ ‏,‏ إذْ قَدْ بَطَلَ الْوَجْهُ الآخَرُ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ هَذَا ‏,‏ وَالْحَقُّ فِي أَحَدِهِمَا ، وَلاَ بُدَّ مَعَ وُرُودِ هَذَيْنِ النَّصَّيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوبِ إقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُنَا ‏,‏ وَأَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ بِخِلاَفِ حُدُودِ الأَحْرَارِ ‏,‏ فَإِذْ قَدْ وَجَبَ هَذَا بِلاَ شَكٍّ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَحْدِيدِ حَدِّ الْمَمَالِيكِ بِخِلاَفِ حُكْمِ الأَحْرَارِ فِي الْحُدُودِ ‏,‏ فَقَدْ صَحَّ إجْمَاعُ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ وَهُمْ أَهْلُ الْحَقِّ ‏:‏ عَلَى أَنَّ الْمَمَالِيكَ فِي الْحَدِّ نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ ‏,‏ فَكَانَ هَذَا حُجَّةً صَحِيحَةً مَعَ صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ عَلَى إطْبَاقِ جَمِيعِ أَهْلِ الإِسْلاَمِ ‏:‏ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْعَبْدِ وَالأَمَةِ لَيْسَ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَدِّ الْحُرِّ ‏,‏ وَلاَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ حَدِّ الْحُرِّ ‏,‏ وَلَمْ يَأْتِ بِهَذَا نَصٌّ قَطُّ فَهَذَا إجْمَاعٌ صَحِيحٌ مُتَيَقَّنٌ عَلَى إبْطَالِ الْقَوْلِ بِأَنْ يَكُونَ حَدُّ الْمَمْلُوكِ أَوْ الْمَمْلُوكَةِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَدِّ الْحُرِّ ‏,‏ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ حَدِّ الْحُرِّ فَبَطَلَ بِالنُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ فَلَوْلاَ نَصُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُنَا لَكَانَتْ الْحُدُودُ عَنْهُمْ سَاقِطَةً جُمْلَةً ‏,‏ فَإِذْ قَدْ صَحَّتْ الْحُدُودُ عَلَيْهِمْ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا إِلاَّ مَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ ‏,‏ وَلاَ نَصَّ ، وَلاَ إجْمَاعَ بِوُجُوبِ الرَّجْمِ عَلَيْهِمْ ‏,‏ وَلاَ بِإِيجَابِ أَزْيَدَ مِنْ خَمْسِينَ جَلْدَةً وَنَفْيِ نِصْفِ سَنَةٍ ‏,‏ فَوَجَبَ الأَخْذُ بِمَا أَوْجَبَهُ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ وَإِسْقَاطُ مَا لاَ نَصَّ فِيهِ ، وَلاَ إجْمَاعَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ فَصَحَّ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ‏{‏وَالزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا‏}‏ الآيَةَ إنَّمَا عَنَى بِلاَ شَكٍّ الأَحْرَارَ وَالْحَرَائِرَ ‏,‏

وَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ إنَّمَا عَنَى بِهِ عليه السلام الأَحْرَارَ وَالْحَرَائِرَ لاَ الْعَبِيدَ ، وَلاَ الْإِمَاءَ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُصَحِّحْ الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ وَلَمْ يُصَحَّحْ الْحُكْمُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ وَلَمْ يَعْتَمِدْ فِي الرَّجْمِ إِلاَّ عَلَى الأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي رَجْمِ مَاعِزٍ ‏,‏ وَالْغَامِدِيَّةِ ‏,‏ وَالْجُهَيْنِيَّةِ ، رضي الله عنهم ، فَإِنَّهُ لاَ مُخَلِّصَ لَهُمْ مِنْ دَلِيلِ أَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِنَا ‏,‏ وَلاَ نَجِدُ أَلْبَتَّةَ دَلِيلاً عَلَى إسْقَاطِ الرَّجْمِ عَنْ الأَمَةِ الْمُحْصَنَةِ وَالْعَبْدِ الْمُحْصَنِ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْقِيَاسِ فَقَالَ ‏:‏ أَقِيسُ الْعَبْدَ عَلَى الأَمَةِ قِيلَ لَهُ ‏:‏ الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ ‏,‏ وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَمَا كَانَ لَكُمْ هَاهُنَا وَجْهٌ مِنْ الْقِيَاسِ تَتَعَلَّقُونَ بِهِ فِي إسْقَاطِ الرَّجْمِ أَصْلاً ‏,‏ لأََنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ‏{‏فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ‏}‏ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ ، وَلاَ دَلِيلٌ عَلَى إسْقَاطِ الرَّجْمِ عَنْهَا ‏,‏ وَلاَ نَجِدُ دَلِيلاً عَلَى إسْقَاطِهِ أَصْلاً ‏,‏ وَلاَ سِيَّمَا مَنْ قَالَ ‏:‏ إحْصَانُهَا هُوَ إسْلاَمُهَا ‏,‏ وَأَنَّهُ أَيْضًا يَلْزَمُهُ أَنْ تَكُونَ كُلُّ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ مُحْصَنَةً ، وَلاَ بُدَّ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ قَطُّ ‏,‏ لأََنَّ إحْصَانَهَا أَيْضًا إسْلاَمُهَا‏.‏ وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ إسْلاَمُ الأَمَةِ إحْصَانًا لَهَا ‏,‏ وَلاَ يَكُونُ إسْلاَمُ الْحُرَّةِ إحْصَانًا لَهَا ‏,‏ فَإِذَا وَجَبَ هَذَا ، وَلاَ بُدَّ ‏,‏ فَوَاجِبٌ أَنْ تَكُونَ الآيَةُ الْمَذْكُورَةُ ‏,‏ يَعْنِي قوله تعالى ‏{‏فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ‏}‏ اللَّوَاتِي لَمْ يَتَزَوَّجْنَ مِنْ الْإِمَاءِ وَالْحَرَائِرِ ‏;‏ لأََنَّ أَهْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لاَ يَرَوْنَ الْمُحْصَنَاتِ هَاهُنَا إِلاَّ الْحَرَائِرَ اللَّوَاتِي لَمْ يَتَزَوَّجْنَ فَهُنَّ عِنْدَهُمْ اللَّوَاتِي لِعَذَابِهِنَّ نِصْفٌ‏.‏

وَأَمَّا الرَّجْمُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُمْ عَذَابُ الْمُتَزَوِّجَاتِ فَقَطْ عَذَابُ عَلَيْهِنَّ عِنْدَهُمْ غَيْرُهُ ‏,‏ فَلاَ نِصْفَ لَهُ ‏,‏ فَإِذَا لَزِمَهُمْ هَذَا وَاقْتَضَاهُ قَوْلُهُمْ ‏,‏ فَوَاجِبٌ أَنْ تَبْقَى الأَمَةُ الْمُحْصَنَةُ بِالزَّوَاجِ وَالْحُرَّةُ الْمُحْصَنَةُ بِالزَّوَاجِ ‏:‏ عَلَى وُجُوبِ الرَّجْمِ الَّذِي إنَّمَا وَجَبَ عِنْدَهُمْ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ مَنْ أُحْصِنَ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

2211 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وُجِدَتْ امْرَأَةٌ وَرَجُلٌ يَطَؤُهَا فَقَالَتْ ‏:‏ هُوَ زَوْجِي وَقَالَ هُوَ ‏:‏ هِيَ زَوْجَتِي وَذَلِكَ لاَ يُعْرَفُ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا ‏:‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ لاَ حَدَّ عَلَيْهِمَا كَمَا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ يَزِيدَ الزَّعَاوِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً وَامْرَأَةً وُجِدَا فِي ‏"‏ حَرْبِ مِرْدَاسٍ ‏"‏ فَرُفِعَا إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ ‏:‏ ابْنَةُ عَمِّي تَزَوَّجْتهَا ‏,‏ فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ ‏:‏ مَا تَقُولِينَ فَقَالَ لَهَا النَّاسُ ‏:‏ قُولِي نَعَمْ ‏,‏ فَقَالَتْ ‏:‏ نَعَمْ ‏,‏ فَدَرَأَ عَنْهُمَا‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ‏,‏ وَحَمَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَنَّهُمَا قَالاَ فِي الرَّجُلِ يُوجَدُ مَعَ الْمَرْأَةِ فَيَقُولُ ‏:‏ هِيَ امْرَأَتِي ‏:‏ أَنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْهِ قَالَ شُعْبَةُ ‏:‏ فَذَكَرْت ذَلِكَ لأََيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ‏,‏ فَقَالَ ‏:‏ ادْرَءُوا الْحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏.‏

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ ‏:‏ كَمَا ،

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الرَّجُلِ يُوجَدُ مَعَ الْمَرْأَةِ فَيَقُولُ ‏:‏ هِيَ امْرَأَتِي ‏,‏ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ ‏:‏ إنْ كَانَ كَمَا يَقُولُ لَمْ يُقَمْ عَلَى فَاجِرٍ حَدٌّ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الرَّجُلِ يُوجَدُ مَعَ الْمَرْأَةِ فَيَقُولُ ‏:‏ هِيَ امْرَأَتِي قَالَ ‏:‏ عَلَيْهِ الْحَدُّ‏.‏

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ ‏:‏ سَأَلْت ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الرَّجُلِ يُوجَدُ مَعَ الْمَرْأَةِ فَيَقُولُ ‏:‏ تَزَوَّجْتهَا فَقَالَ ‏:‏ يَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ ‏,‏ فَإِنْ جَاءَ بِبَيِّنَتِهِ وَإِلَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ ‏,‏ مَالِكٌ ‏,‏ وَأَصْحَابُهُ‏.‏ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ ‏:‏ إنْ كَانَا لاَ يُعْرَفَانِ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِمَا ‏,‏ فَإِنْ كَانَا مَعْرُوفَيْنِ فَإِنْ كَانَ يُرَى قَبْلَ ذَلِكَ يُدْخَلُ إلَيْهَا وَيُذْكَرُ ذَلِكَ ‏,‏ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ‏.‏

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ ‏:‏ فَوَجَدْنَا مَنْ قَالَ ‏:‏ لاَ حَدَّ عَلَيْهِمَا يَحْتَجُّ بِأَنْ قَالَ ‏:‏ هُوَ قَوْلٌ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ ، وَلاَ مُخَالِفَ لَهُ مِنْهُمْ ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ تَعَدِّيه‏.‏ وَقَالُوا ‏:‏ ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ وَأَوْجَبَ هَذِهِ شُبْهَةً قَوِيَّةً‏.‏ وَقَالُوا ‏:‏ لاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّ رَجُلاً لَوْ وُجِدَ يَطَأُ أَمَةً مَعْرُوفَةً لِغَيْرِهِ فَقَالَ الَّذِي عُرِفَ مِلْكُهَا لَهُ ‏:‏ قَدْ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنِّي ‏,‏ وَقَالَ هُوَ كَذَلِكَ ‏,‏ وَأَقَرَّتْ هِيَ بِذَلِكَ ‏:‏ أَنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْهِمَا فَهَذَا مِثْلُهُ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا ‏,‏ وَكُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ‏:‏ أَمَّا قَوْلُهُمْ ‏:‏ إنَّهُ قَوْلٌ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ‏,‏ فَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ‏,‏ لأََنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا لاَ يَلْزَمُنَا‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ ‏:‏ ‏"‏ ادْرَءُوا الْحُدُودَ مَا أَمْكَنَكُمْ ‏"‏ فَقَدْ ثَبَتَ بُطْلاَنُ هَذَا الْقَوْلِ ‏,‏ وَأَنَّهُ لاَ يَحِلُّ دَرْءُ حَدٍّ بِشُبْهَةٍ ، وَلاَ إقَامَتُهُ بِشُبْهَةٍ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى ‏,‏ وَإِنَّمَا هُوَ الْحَقُّ وَالْيَقِينُ فَقَطْ ‏,‏ وَيَكْفِي مِنْ بُطْلاَنِ قَوْلِ مَنْ قَالَ ‏"‏ ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ ‏"‏ أَنَّهُ قَوْلٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ وَإِنَّمَا جَاءَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ بِتَحْرِيمِ دَمِ الْمُسْلِمِ وَبَشَرَتِهِ حَتَّى يَثْبُتَ عَلَيْهِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ‏,‏ فَإِذَا ثَبَتَ لَمْ يَحِلَّ دَرْؤُهُ أَصْلاً ‏,‏ فَيَكُونُ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي تَنْظِيرِهِمْ ذَلِكَ بِالأَمَةِ الْمَعْرُوفَةِ لأَِنْسَانٍ فَيُوجَدُ مَعَهَا رَجُلٌ فَيَقُولُ ‏:‏ قَدْ صَارَتْ إلَيَّ وَمَلَكْتهَا ‏,‏ وَيَقُولُ سَيِّدُهَا بِذَلِكَ ‏,‏ وَدَعْوَاهُمْ الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ ‏:‏ قَوْلٌ بِالظَّنِّ لاَ يَصِحُّ ‏,‏ وَمَا عَهِدْنَا قَوْلَ مَالِكٍ الْمَشْهُورِ فِيمَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ حِرْزِهِ مَالاً مُسْتَتِرًا بِذَلِكَ ‏,‏ فَادَّعَى أَنَّ صَاحِبَ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَمَرَهُ بِذَلِكَ ‏,‏ أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهُ ‏,‏ وَأَقَرَّ صَاحِبُ الْمَالِ بِذَلِكَ ‏:‏ بِأَنَّهُ لاَ يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ ‏:‏ بَلْ تُقْطَعُ يَدُهُ ، وَلاَ بُدَّ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ ‏:‏ أَنَّ مَنْ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ يَطَؤُهَا وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِالْوَطْءِ ‏,‏ فَقَالَ هُوَ ‏:‏ إنَّهَا امْرَأَتِي ‏,‏ أَوْ قَالَ ‏:‏ أَمَتِي ‏,‏ فَصَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ ‏,‏ فَإِنْ كَانَا غَرِيبَيْنِ ‏,‏ أَوْ يُعْرَفَانِ ‏,‏ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِمَا ‏,‏ وَلاَ يُعْرَضُ لَهُمَا ، وَلاَ يُكْشَفَانِ عَنْ شَيْءٍ ‏,‏ لأََنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ صَحَّ بِنَقْلِ الْكَوَافِّ ‏:‏ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُهَاجِرُونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْذَاذًا وَمُجْتَمِعِينَ ‏,‏ مِنْ أَقَاصِي الْيَمَنِ ‏,‏ وَمِنْ جَمِيعِ بِلاَدِ الْعَرَبِ بِأَهْلِيهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَإِمَائِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ فَمَا حِيلَ بَيْنَ أَحَدٍ وَبَيْنَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ ‏,‏ وَلاَ كُلِّفَ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً‏.‏ ثُمَّ عَلَى هَذَا إجْمَاعُ جَمِيعِ أَهْلِ الإِسْلاَمِ ‏,‏ وَجَمِيعِ أَهْلِ الأَرْضِ مِنْ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى يَوْمِنَا هَذَا لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَرْحَلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَإِمَائِهِمْ وَرَقِيقِهِمْ ‏,‏ وَلاَ يُكَلَّفُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ ‏,‏ بَلْ تُصَدَّقُ أَقْوَالُهُمْ فِي ذَلِكَ مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ كُفَّارًا فَإِذْ قَدْ صَحَّ النَّصُّ بِهَذَا وَالْإِجْمَاعُ فَلاَ يَجُوزُ مُخَالَفَةُ ذَلِكَ ‏,‏ فَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً فِي الْبَلَدِ ‏,‏ وَمَعْرُوفٌ أَنَّهُ لاَ زَوْجَ لَهَا ‏,‏ فَإِنْ أَمْكَنَ مَا يَقُولُ ‏,‏ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِمَا ‏,‏ لأََنَّ أَصْلَ دِمَائِهِمَا وَأَبْشَارِهِمَا عَلَى التَّحْرِيمِ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ فَلاَ يَجُوزُ إبَاحَةُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى إِلاَّ بِيَقِينٍ لاَ شَكَّ فِيهِ وَإِنْ كَانَ كِذْبُهُمَا فِي ذَلِكَ مُتَيَقَّنًا فَالْحَدُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا وَإِنْ قَالَ ‏:‏ هِيَ أَمَتِي ‏,‏ وَصَدَّقَهُ صَاحِبُهَا الَّذِي عُرِفَ مِلْكُهَا لَهُ ‏,‏ وَأَقَرَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ وَهَبَهَا لَهُ ‏,‏ أَوْ كَانَ بَاعَهَا مِنْهُ ‏:‏ صُدِّقَ ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ ‏,‏ فَإِنْ كَذَّبَهُ حُدَّ ‏,‏ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ ‏,‏ فَلَوْ قَالَ ‏:‏ هِيَ أَمَتِي ‏,‏ وَقَالَتْ هِيَ ‏:‏ بَلْ أَنَا زَوْجَتُهُ ‏,‏ أَوْ قَالَ ‏:‏ هِيَ زَوْجَتِي ‏,‏ وَقَالَتْ هِيَ ‏:‏ بَلْ أَنَا أَمَتُهُ ‏,‏ أَوْ قَالَتْ ‏:‏ بَلْ أُمُّ وَلَدِهِ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى صِحَّةِ الْفِرَاشِ فَلاَ حَدَّ فِي ذَلِكَ ‏,‏ وَهِيَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ حَتَّى يُقِيمَ هُوَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ لَهَا ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَلَفَ لَهَا فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الزَّوْجِيَّةِ ‏,‏ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ‏,‏ لأََنَّ الْمِلْكَ قَدْ بَطَلَ إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ ‏,‏ وَالنَّاسُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ حَتَّى يَصِحَّ الرِّقُّ ‏,‏ وَالزَّوْجِيَّةُ لَمْ تَثْبُتْ لاَ بِإِقْرَارِهِمَا ، وَلاَ بِبَيِّنَةٍ وَإِنَّمَا يُحْكَمُ عَلَيْهِمَا مِنْ الآنَ ‏,‏

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً مَعْرُوفَةً لأَِنْسَانٍ ‏,‏ فَأَنْكَرَ سَيِّدُهَا خُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ إلَى الَّذِي وُجِدَ مَعَهَا ‏,‏ فَالْحَدُّ عَلَيْهَا وَعَلَى الَّذِي وُجِدَ مَعَهَا ‏,‏ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ ‏,‏ وَلَهُ عَلَى سَيِّدِهَا الْيَمِينُ ، وَلاَ بُدَّ‏.‏

2212 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

فِيمَنْ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ فَشَهِدَ لَهُ أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا بِالزَّوْجِيَّةِ

قال أبو محمد رحمه الله ‏:‏ فَلَوْ وُجِدَ يَطَأُ امْرَأَةً مَعْرُوفَةً وَهُوَ مَجْهُولٌ أَوْ مَعْرُوفٌ فَادَّعَى هُوَ وَهِيَ الزَّوْجِيَّةَ ‏,‏ وَشَهِدَ لَهُمَا بِذَلِكَ أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ ‏:‏ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ ‏,‏ وَقَالَ أَصْحَابُنَا ‏:‏ إنْ كَانَ اللَّذَانِ شَهِدَا لَهُمَا عَدْلَيْنِ صَحَّ الْعَقْدُ ‏,‏ وَبَطَلَ الْحَدُّ وَبِهَذَا نَأْخُذُ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ ‏,‏ فَالْحَدُّ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ بَيِّنَةٌ ‏,‏ أَوْ اسْتِفَاضَةٌ ‏,‏ لأََنَّ الْيَقِينَ صَحَّ أَنَّهُمَا غَيْرُ زَوْجَيْنِ ‏,‏ وَأَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ ‏,‏ فَلاَ يَنْتَقِلُ التَّحْرِيمُ إلَى التَّحْلِيلِ ‏,‏ وَلاَ يَنْتَقِلاَنِ إلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ إِلاَّ بِيَقِينٍ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ اسْتِفَاضَةٍ‏.‏