فصل: 101 - مَسْأَلَةٌ : وَأَفْعَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ فَرْضًا إلاَّ مَا كَانَ مِنْهَا بَيَانًا لاَِمْرٍ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


101 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَأَفْعَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ فَرْضًا إلاَّ مَا كَانَ مِنْهَا بَيَانًا لاَِمْرٍ فَهُوَ حِينَئِذٍ أَمْرٌ ‏,‏ لَكِنَّ الاِئْتِسَاءَ بِهِ عليه السلام فِيهَا حَسَنٌ‏.‏ وَبُرْهَانُ ذَلِكَ هَذَا الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا مِنْ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُنَا شَيْءٌ إلاَّ مَا أَمَرَنَا بِهِ أَوْ نَهَانَا عَنْهُ ‏,‏ وَأَنَّ مَا سَكَتَ عَنْهُ فَعَفْوٌ سَاقِطٌ عَنَّا ‏,‏ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ‏}‏‏.‏

102 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَلاَ يَحِلُّ لَنَا اتِّبَاعُ شَرِيعَةِ نَبِيٍّ قَبْلَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا‏}

حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي ‏:‏ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ‏,‏ وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ‏,‏ فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ ‏,‏ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لاَِحَدٍ قَبْلِي ‏,‏ وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ ‏,‏ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً فَإِذَا صَحَّ أَنَّ الأَنْبِيَاءَ عليهم السلام لَمْ يُبْعَثْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلاَّ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً ‏,‏ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ شَرَائِعَهُمْ لَمْ تَلْزَمْ إلاَّ مَنْ بُعِثُوا إلَيْهِ فَقَطْ ‏,‏ وَإِذَا لَمْ يُبْعَثُوا إلَيْنَا فَلَمْ يُخَاطِبُونَا قَطُّ بِشَيْءٍ ، وَلاَ أَمَرُونَا ، وَلاَ نَهَوْنَا وَلَوْ أَمَرُونَا وَنَهَوْنَا وَخَاطَبُونَا لَمَا كَانَ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَةٌ عَلَيْهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏ وَمَنْ قَالَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَّبَ هَذَا الْحَدِيثَ وَأَبْطَلَ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا ‏,‏ فَإِذَا قَدْ صَحَّ أَنَّهُمْ عليهم السلام لَمْ يُخَاطِبُونَا بِشَيْءٍ ‏,‏ فَقَدْ صَحَّ يَقِينًا أَنَّ شَرَائِعَهُمْ لاَ تَلْزَمُنَا أَصْلاً ‏,‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

103 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُقَلِّدَ أَحَدًا ‏,‏ لاَ حَيًّا ، وَلاَ مَيِّتًا ‏,‏ وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الاِجْتِهَادِ حَسَبَ طَاقَتِهِ ‏,‏ فَمَنْ سَأَلَ عَنْ دِينِهِ فَإِنَّمَا يُرِيدُ مَعْرِفَةَ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذَا الدِّينِ ‏,‏ فَفُرِضَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ أَجْهَلَ الْبَرِيَّةِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ مَوْضِعِهِ بِالدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏,‏ فَإِذَا دُلَّ عَلَيْهِ سَأَلَهُ ‏,‏ فَإِذَا أَفْتَاهُ قَالَ لَهُ هَكَذَا

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ فَإِنْ قَالَ لَهُ نَعَمْ أَخَذَ بِذَلِكَ وَعَمِلَ بِهِ أَبَدًا ‏,‏ وَإِنْ قَالَ لَهُ هَذَا رَأْيِي ‏,‏ أَوْ هَذَا قِيَاسٌ ‏,‏ أَوْ هَذَا قَوْلُ فُلاَنٍ ‏,‏ وَذَكَرَ لَهُ صَاحِبًا أَوْ تَابِعًا أَوْ فَقِيهًا قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا ‏,‏ أَوْ سَكَتَ أَوْ انْتَهَرَهُ أَوْ قَالَ لَهُ لاَ أَدْرِي ‏,‏ فَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ ‏,‏ وَلَكِنَّهُ يَسْأَلُ غَيْرَهُ‏.‏

بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ‏}‏ فَلَمْ يَأْمُرْنَا عَزَّ وَجَلَّ قَطُّ بِطَاعَةِ بَعْضِ أُولِي الأَمْرِ ‏,‏ فَمَنْ قَلَّدَ عَالِمًا أَوْ جَمَاعَةَ عُلَمَاءَ فَلَمْ يُطِعْ اللَّهَ تَعَالَى ، وَلاَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلاَ أُولِي الأَمْرِ ‏,‏ وَإِذَا لَمْ يَرُدَّ إلَى مَنْ ذَكَرْنَا فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَطُّ بِطَاعَةِ بَعْضِ أُولِي الأَمْرِ دُونَ بَعْضٍ‏.‏

فإن قيل ‏:‏ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ ‏:‏ ‏{‏فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ‏}

وَقَالَ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ‏}

قلنا ‏:‏ نَعَمْ ‏,‏ وَلَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ النَّافِرِ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ رَأْيُهُ ‏,‏ وَلاَ أَنْ يُطَاعَ أَهْلُ الذِّكْرِ فِي رَأْيِهِمْ ، وَلاَ فِي دِينٍ يَشْرَعُونَهُ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏,‏ وَإِنَّمَا أَمَرَ تَعَالَى بِأَنْ يَسْأَلَ أَهْلَ الذِّكْرِ عَمَّا يَعْلَمُونَهُ فِي الذِّكْرِ الْوَارِدِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ ‏,‏ لاَ عَمَّنْ قَالَهُ مَنْ لاَ سَمْعَ لَهُ ، وَلاَ طَاعَةَ ‏,‏ وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَبُولِ نِذَارَةِ النَّافِرِ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ فِيمَا تَفَقَّهَ فِيهِ مِنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي أَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ فِي دِينٍ لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

وَمَنْ ادَّعَى وُجُوبَ تَقْلِيدِ الْعَامِّيِّ لِلْمُفْتِي فَقَدْ ادَّعَى الْبَاطِلَ وَقَالَ قَوْلاً لَمْ يَأْتِ بِهِ قَطُّ نَصُّ قُرْآنٍ ، وَلاَ سُنَّةٍ ، وَلاَ إجْمَاعٌ ، وَلاَ قِيَاسٌ ‏,‏ وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ لاَِنَّهُ قَوْلٌ بِلاَ دَلِيلٍ ‏,‏ بَلْ الْبُرْهَانُ قَدْ جَاءَ بِإِبْطَالِهِ ‏,‏ قَالَ تَعَالَى ذَامًّا لِقَوْمٍ قَالُوا ‏:‏ ‏{‏إنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ‏}‏ وَالاِجْتِهَادُ إنَّمَا مَعْنَاهُ بُلُوغُ الْجَهْدِ فِي طَلَبِ دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَى عِبَادِهِ ‏,‏ وَبِالضَّرُورَةِ يَدْرِي كُلُّ ذِي حِسٍّ سَلِيمٍ أَنَّ الْمُسْلِمَ لاَ يَكُونُ مُسْلِمًا إلاَّ حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إلَهُهُ لاَ إلَهَ غَيْرُهُ ‏,‏ وَأَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الدِّينِ إلَيْهِ وَإِلَى غَيْرِهِ ‏,‏ فَإِذْ لاَ شَكَّ فِي هَذَا فَكُلُّ سَائِلٍ فِي الأَرْضِ عَنْ نَازِلَةٍ فِي دِينِهِ ‏,‏ فَإِنَّمَا يَسْأَلُ عَمَّا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ ‏,‏ فَإِذًا لاَ شَكَّ فِي هَذَا فَفُرِضَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ إذَا سَمِعَ فُتْيَا ‏:‏ أَهَذَا حُكْمُ اللَّهِ وَحُكْمُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لاَ يَعْجِزُ عَنْهُ مَنْ يَدْرِي مَا الإِسْلاَمُ ‏,‏ وَلَوْ أَنَّهُ كَمَا جُلِبَ مِنْ قوقوا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

104 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَإِذَا قِيلَ لَهُ إذَا سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ بَلَدِهِ بِالدِّينِ ‏:‏ هَذَا صَاحِبُ حَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ وَهَذَا صَاحِبُ رَأْيٍ وَقِيَاسٍ ‏:‏ فَلْيَسْأَلْ صَاحِبَ الْحَدِيثِ ‏,‏ وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ صَاحِبَ الرَّأْيِ أَصْلاً‏.‏

بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏}

وقوله تعالى ‏:‏ ‏{‏لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ‏}‏ فَهَذَا هُوَ الدِّينُ ‏,‏ لاَ دِينَ سِوَى ذَلِكَ ‏,‏ وَالرَّأْيُ وَالْقِيَاسُ ظَنٌّ وَالظَّنُّ بَاطِلٌ‏.‏

حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَالِكِ بْنِ عَائِذٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ الطَّحَاوِيَّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ ‏:‏ السُّنَّةُ لَمْ تُوضَعْ بِالْمَقَايِيسِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ أَخْبَرَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَصْرِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ حَيْوَنٍ الْحِجَازِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ ‏:‏ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ ‏:‏ الْحَدِيثُ الضَّعِيفُ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ الرَّأْيِ‏.‏

حدثنا حمام بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ ‏:‏ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ بِبَلَدٍ لاَ يَجِدُ فِيهِ إلاَّ صَاحِبَ حَدِيثٍ لاَ يَعْرِفُ صَحِيحَهُ مِنْ سَقِيمِهِ وَأَصْحَابَ رَأْيٍ ‏,‏ فَتَنْزِلُ بِهِ النَّازِلَةُ مَنْ يَسْأَلُ فَقَالَ أَبِي ‏:‏ يَسْأَلُ صَاحِبَ الْحَدِيثِ ، وَلاَ يَسْأَلُ صَاحِبَ الرَّأْيِ ‏,‏ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ أَقْوَى مِنْ رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ‏.‏

105 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَلاَ حُكْمَ لِلْخَطَإِ ، وَلاَ النِّسْيَانِ إلاَّ حَيْثُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ لَهُمَا حُكْمٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ‏}

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا‏}‏‏.‏

106 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَكُلُّ فَرْضٍ كَلَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى الإِنْسَانَ ‏,‏ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ ‏,‏ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِهِ سَقَطَ عَنْهُ ‏,‏ وَإِنْ قَوِيَ عَلَى بَعْضِهِ وَعَجَزَ عَنْ بَعْضِهِ سَقَطَ عَنْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَلَزِمَهُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ ‏,‏ سَوَاءٌ أَقَلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ‏.‏

بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا‏}‏ وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ

وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

107 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ الدِّينِ مُؤَقَّتًا بِوَقْتٍ قَبْلَ وَقْتِهِ فَإِنْ كَانَ الأَوَّلُ مِنْ وَقْتِهِ وَالآخَرُ مِنْ وَقْتِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْمَلَ قَبْلَ وَقْتِهِ ، وَلاَ بَعْدَ وَقْتِهِ‏.‏ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ‏}

وَقَالَ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا‏}‏ وَالأَوْقَاتُ حُدُودٌ ‏,‏ فَمَنْ تَعَدَّى بِالْعَمَلِ وَقْتَهُ الَّذِي حَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ‏,‏ فَقَدْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ‏.‏

حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا أحمد بْنُ فَتْحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ ‏:‏ سَأَلْت الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ ‏:‏ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ وَمَنْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَعْمَلَ عَمَلاً فِي وَقْتٍ سَمَّاهُ لَهُ فَعَمِلَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْوَقْتِ إمَّا قَبْلَ الْوَقْتِ

وَأَمَّا بَعْدَ الْوَقْتِ فَقَدْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلاَ أَمْرُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مَرْدُودٌ بَاطِلٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ ‏,‏ وَهُوَ غَيْرُ الْعَمَلِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ ‏,‏ فَإِنْ جَاءَ نَصٌّ بِأَنَّهُ يُجْزِئُ فِي وَقْتٍ آخَرَ فَهُوَ وَقْتُهُ أَيْضًا حِينَئِذٍ ‏,‏ وَإِنَّمَا الَّذِي لاَ يَكُونُ وَقْتًا لِلْعَمَلِ فَهُوَ مَا لاَ نَصَّ فِيهِ‏.‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

108 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَالْمُجْتَهِدُ الْمُخْطِئُ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْمُقَلِّدِ الْمُصِيبِ‏.‏ هَذَا فِي أَهْلِ الإِسْلاَمِ خَاصَّةً ‏,‏

وَأَمَّا غَيْرُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فَلاَ عُذْرَ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَدِلِّ ، وَلاَ لِلْمُقَلِّدِ ‏,‏ وَكِلاَهُمَا هَالِكٌ‏.‏

بُرْهَانُ هَذَا مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا بِإِسْنَادِهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَذَمَّ اللَّهُ التَّقْلِيدَ جُمْلَةً ‏,‏ فَالْمُقَلِّدُ عَاصٍ وَالْمُجْتَهِدُ مَأْجُورٌ ‏,‏ وَلَيْسَ مَنْ اتَّبَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقَلِّدًا لاَِنَّهُ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ‏.‏ وَإِنَّمَا الْمُقَلِّدُ مَنْ اتَّبَعَ مَنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَِنَّهُ فَعَلَ مَا لَمْ يَأْمُرْهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ

وَأَمَّا غَيْرُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ‏}‏‏.‏

109 - مَسْأَلَةٌ ‏:‏

وَالْحَقُّ مِنْ الأَقْوَالِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَسَائِرُهَا خَطَأٌ‏.‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلاَّ الضَّلاَلُ‏}

وَقَالَ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا‏}‏ وَذَمَّ اللَّهُ الاِخْتِلاَفَ فَقَالَ ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا‏}‏ وَقَالَ ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا‏}‏ وَقَالَ ‏:‏ ‏{‏تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ‏}

فَصَحَّ أَنَّ الْحَقَّ فِي الأَقْوَالِ مَا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِيهِ ‏,‏ وَهُوَ وَاحِدٌ لاَ يَخْتَلِفُ ‏,‏ وَأَنَّ الْخَطَأَ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الأَقْوَالَ كُلَّهَا حَقٌّ ، وَأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ ‏,‏ فَقَدْ قَالَ قَوْلاً لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ ، وَلاَ إجْمَاعٌ ، وَلاَ مَعْقُولٌ ‏,‏ وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ ‏,‏ وَيُبْطِلُهُ أَيْضًا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ فَنَصَّ عليه الصلاة والسلام أَنَّ الْمُجْتَهِدَ قَدْ يُخْطِئُ‏.‏ وَمَنْ قَالَ ‏:‏ إنَّ النَّاسَ لَمْ يُكَلَّفُوا إلاَّ اجْتِهَادَهُمْ فَقَدْ أَخْطَأَ ‏,‏ بَلْ مَا كُلِّفُوا إلاَّ إصَابَةَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ‏}‏ فَافْتَرَضَ عَزَّ وَجَلَّ اتِّبَاعَ مَا أُنْزِلَ إلَيْنَا وَأَنْ لاَ نَتَّبِعَ غَيْرَهُ وَأَنْ لاَ نَتَعَدَّى حُدُودَهُ ‏,‏ وَإِنَّمَا أُجِرَ الْمُجْتَهِدُ الْمُخْطِئُ أَجْرًا وَاحِدًا عَلَى نِيَّتِهِ فِي طَلَبِ الْحَقِّ فَقَطْ ‏,‏ وَلَمْ يَأْثَمْ إذَا حُرِمَ الإِصَابَةَ ‏,‏ فَلَوْ أَصَابَ الْحَقَّ أُجِرَ أَجْرًا آخَرَ كَمَا قَالَ عليه السلام أَنَّهُ إذَا أَصَابَ أُجِرَ أَجْرًا ثَانِيًا‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ‏,‏ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِي حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ‏,‏ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ‏.‏ وَلاَ يَحِلُّ الْحُكْمُ بِالظَّنِّ أَصْلاً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏إنْ يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا‏}‏ وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏(‏إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ‏)‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏