فصل: زَكَاةُ الْغَنَمِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


زَكَاةُ الْغَنَمِ

669 - مَسْأَلَةٌ

الْغَنَمُ فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا خَاطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الضَّأْنِ وَالْمَاعِزِ‏,‏ فَهِيَ مَجْمُوعٌ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ

وَكَذَلِكَ أَصْنَافُ الْمَاعِزِ وَالضَّأْنِ‏,‏ كَضَأْنِ بِلاَدِ السُّودَانِ وَمَاعِزِ الْبَصْرَةِ وَالنَّفَدِ وَبَنَاتِ حَذَفٍ وَغَيْرِهَا‏.‏

وَكَذَلِكَ الْمَقْرُونُ الَّذِي نِصْفُهُ خِلْقَةُ مَاعِزٍ‏,‏ وَنِصْفُهُ ضَأْنٍ‏,‏ لأَِنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ الْغَنَمِ‏,‏ وَالذُّكُورِ وَالإِنَاثِ سَوَاءٌ‏.‏

وَاسْمُ الشَّاءِ أَيْضًا‏:‏ وَاقِعٌ عَلَى الْمَعْزِ وَالضَّأْنِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي اللُّغَةِ‏.‏

وَلاَ وَاحِدَ لِلْغَنَمِ مِنْ لَفْظِهِ‏,‏ إنَّمَا يُقَالُ لِلْوَاحِدِ‏:‏ شَاةٌ‏,‏ أَوْ مَاعِزَةٌ‏,‏ أَوْ ضَانِيَةٌ‏,‏ أَوْ كَبْشٌ‏,‏ أَوْ تَيْسٌ‏:‏ هَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

670 - مَسْأَلَةٌ

وَلاَ زَكَاةَ فِي الْغَنَمِ حَتَّى يَمْلِكَ الْمُسْلِمُ الْوَاحِدُ مِنْهَا أَرْبَعِينَ رَأْسًا حَوْلاً كَامِلاً مُتَّصِلاً عَرَبِيًّا قَمَرِيًّا

وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذَا‏,‏ وَسَنَذْكُرُهُ فِي زَكَاةِ الْفَوَائِدِ‏,‏ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ وَيَكْفِي مِنْ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْمَاشِيَةِ‏,‏ وَلَمْ يَحُدَّ وَقْتًا، وَلاَ نَدْرِي مِنْ هَذَا الْعُمُومِ مَتَى تَجِبُ الزَّكَاةُ‏,‏ إلاَّ أَنَّهُ لَمْ يُوجِبْهَا عليه السلام فِي كُلِّ يَوْمٍ‏,‏ وَلاَ فِي كُلِّ شَهْرٍ‏,‏ وَلاَ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ فَصَاعِدًا‏,‏ هَذَا مَنْقُولٌ بِإِجْمَاعٍ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذْ لاَ شَكَّ فِي أَنَّهَا مَرَّةٌ فِي الْحَوْلِ‏,‏ فَلاَ يَجِبُ فَرْضٌ إلاَّ بِنَقْلٍ صَحِيحٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏.‏

وَوَجَدْنَا مَنْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ‏,‏ أَوْ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ بِنَقْلِ آحَادٍ، وَلاَ بِنَقْلِ تَوَاتُرٍ، وَلاَ بِنَقْلِ إجْمَاعٍ‏,‏ وَوَجَدْنَا مَنْ أَوْجَبَهَا بِانْقِضَاءِ الْحَوْلِ قَدْ صَحَّ وُجُوبُهَا بِنَقْلِ الإِجْمَاعِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ بِلاَ شَكٍّ‏;‏ فَالآنُ وَجَبَتْ‏,‏ لاَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ احْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَسَارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ‏}‏‏.‏

قلنا‏:‏ إنَّمَا تَجِبُ الْمُسَارَعَةُ إلَى الْفَرْضِ بَعْدَ وُجُوبِهِ لاَ قَبْلَ وُجُوبِهِ‏,‏ وَكَلاَمُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي أَخَوَاتِهَا إنَّمَا هُوَ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ‏,‏ فَإِذَا صَحَّ وُجُوبُ الْفَرْضِ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْمُسَارَعَةُ إلَى أَدَائِهِ لاَ قَبْلَ ذَلِكَ‏,‏ بِلاَ خِلاَفٍ وأما قَوْلُنَا‏:‏ أَنْ يَكُونَ الْحَوْلُ عَرَبِيًّا فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الآُمَّةِ فِي أَنَّ الْحَوْلَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا‏,‏ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ‏}‏‏.‏

وَالأَشْهُرُ الْحُرُمُ لاَ تَكُونُ إلاَّ فِي الشُّهُورِ الْعَرَبِيَّةِ‏.‏

وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ‏}‏‏.‏

وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ‏}‏‏.‏

وَلاَ يُعَدُّ بِالأَهِلَّةِ إلاَّ الْعَامُ الْعَرَبِيُّ‏;‏ فَصَحَّ أَنَّهُ لاَ تَجِبُ شَرِيعَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بِالشُّهُورِ أَوْ بِالْحَوْلِ إلاَّ بِشُهُورِ الْعَرَبِ‏,‏ وَالْحَوْلِ الْعَرَبِيِّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

671 - مَسْأَلَةٌ

فَإِذَا تَمَّتْ فِي مِلْكِهِ عَامًا كَمَا ذَكَرْنَا‏,‏ سَوَاءٌ كَانَتْ كُلُّهَا مَاعِزًا‏,‏ أَوْ بَعْضُهَا أَكْثَرُهَا أَوْ أَقَلُّهَا ضَأْنًا‏,‏ وَسَائِرُهَا كَذَلِكَ مِعْزَى‏:‏ فَفِيهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ لاَ نُبَالِي ضَانِيَةً كَانَتْ أَوْ مَاعِزَةً‏,‏ كَبْشًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ كِلَيْهِمَا‏,‏ كُلُّ رَأْسٍ تُجْزِئُ مِنْهُمَا عَنْ الضَّأْنِ‏,‏ وَعَنْ الْمَاعِزِ‏;‏ وَهَكَذَا مَا زَادَتْ حَتَّى تَتِمَّ مِائَةً وَعِشْرِينَ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِذَا أَتَمَّتْهَا وَزَادَتْ لَوْ بَعْضَ شَاةٍ كَذَلِكَ عَامًا كَامِلاً كَمَا ذَكَرْنَا‏:‏ فَفِيهَا شَاتَانِ كَمَا قلنا‏,‏ إلَى أَنْ تَتِمَّ مِائَتَيْ شَاةٍ فَإِذَا أَتَمَّتْهَا وَزَادَتْ وَلَوْ بَعْضَ شَاةٍ كَذَلِكَ عَامًا كَامِلاً وَصَفْنَا فَفِيهَا ثَلاَثُ شِيَاهٍ كَمَا حَدَّدْنَا‏;‏ وَهَكَذَا إلَى أَنْ تُتِمَّ أَرْبَعمِائَةِ شَاةٍ كَمَا وَصَفْنَا فَإِذَا أَتَمَّتْهَا كَذَلِكَ عَامًا كَامِلاً كَمَا ذَكَرْنَا فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ

وَأَيَّ شَاةٍ أَعْطَى صَاحِبُ الْغَنَمِ فَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ، وَلاَ لاَِهْلِ الصَّدَقَاتِ رَدُّهَا‏,‏ مِنْ غَنَمِهِ كَانَتْ أَوْ مِنْ غَيْرِ غَنَمِهِ‏,‏ مَا لَمْ تَكُنْ هَرِمَةً أَوْ مَعِيبَةً‏;‏ فَإِنْ أَعْطَاهُ هَرِمَةً‏;‏ أَوْ مَعِيبَةً فَالْمُصَدِّقُ مُخَيَّرٌ‏,‏ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَأَجْزَأَتْ عَنْهُ‏,‏ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَكَلَّفَهُ فَتِيَّةً سَلِيمَةً‏,‏ وَلاَ نُبَالِي كَانَتْ تُجْزِئُ فِي الأَضَاحِيِّ أَوْ لاَ تُجْزِئُ وَالْمُصَدِّقُ هُوَ الَّذِي يَبْعَثُهُ الإِمَامُ الْوَاجِبَةُ طَاعَتُهُ أَوْ أَمِيرُهُ فِي قَبْضِ الصَّدَقَاتِ، وَلاَ يَجُوزُ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ تَيْسًا ذَكَرًا إلاَّ أَنْ يَرْضَى صَاحِبُ الْغَنَمِ‏;‏ فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ، وَلاَ يَجُوزُ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ أَفْضَلَ الْغَنَمِ‏,‏ فَإِنْ كَانَتْ الَّتِي تَرْبَى أَوْ السَّمِينَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَفْضَلِ الْغَنَمِ جَازَ أَخْذُهَا‏;‏ فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا فَاضِلَةً أَخَذَ مِنْهَا إنْ أَعْطَاهُ صَاحِبُهَا‏,‏ سَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا كَانَ صَاحِبُهَا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا إذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ مَا ذَكَرْنَا أَجَزَّأَ بُرْهَانُ ذَلِكَ‏:‏ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى الأَنْصَارِيُّ، حدثنا أَبِي، حدثنا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ‏:‏ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ ‏"‏ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُسْلِمِينَ‏;‏ فَمَنْ سَأَلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا‏,‏ وَمَنْ سَأَلَ فَوْقَهَا فَلاَ يُعْطَ ‏"‏‏.‏

ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ‏:‏ فِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إلَى مِائَتَيْنِ فَشَاتَانِ‏;‏ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إلَى ثَلَثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلاَثُ شِيَاهٍ‏;‏ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةٌ وَاحِدَةٌ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا‏,‏ وَلاَ يُخْرِجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةً‏,‏ وَلاَ ذَاتُ عَوَارٍ‏,‏ وَلاَ تَيْسٌ إلاَّ مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ‏.‏

حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السَّلِيمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ النُّفَيْلِيِّ، حدثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابَ الصَّدَقَةِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَى عُمَّالِهِ حَتَّى قُبِضَ عليه السلام‏,‏ فَعَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ‏,‏ ثُمَّ عَمِلَ بِهِ عُمَرُ حَتَّى قُبِضَ‏,‏ فَكَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْفَرَائِضِ‏:‏ وَفِي الْغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ‏,‏ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ‏,‏ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَشَاتَانِ إلَى مِائَتَيْنِ‏,‏ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَفِيهَا ثَلاَثُ شِيَاهٍ إلَى ثَلَثِمِائَةٍ‏,‏ فَإِنْ كَانَتْ الْغَنَمُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ‏,‏ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ الْمِائَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا مُحَمَّدٌ، هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، حدثنا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيِّ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ‏:‏ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ‏,‏ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ‏,‏ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ‏,‏ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ‏.‏

فَفِي هَذِهِ الأَخْبَارِ نَصُّ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ خِلاَفٌ‏.‏

فَمِنْ ذَلِكَ‏:‏ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا‏:‏ لاَ يُؤْخَذُ مِنْ الضَّأْنِ إلاَّ ضَانِيَةٌ‏,‏ وَمِنْ الْمَعْزِ إلاَّ مَاعِزَةٌ فَإِنْ كَانَا خَلِيطَيْنِ أُخِذَ مِنْ الأَكْثَرِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا قَوْلٌ بِلاَ بُرْهَانٍ‏,‏ لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلاَ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ‏,‏ وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلاَ قِيَاسٍ‏;‏ بَلْ الَّذِي ذَكَرُوا خِلاَفٌ لِلسُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ‏,‏ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى جَمْعِ الْمَعْزَى مَعَ الضَّأْنِ‏,‏ وَعَلَى أَنَّ اسْمَ غَنَمٍ يَعُمُّهَا‏,‏ وَأَنَّ اسْمَ الشَّاةِ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْ الْمَاعِزِ‏,‏ وَمِنْ الضَّأْنِ‏;‏ وَلَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِمَ فِي حُكْمِهَا فَرْقًا لَبَيَّنَهُ‏,‏ كَمَا خَصَّ التَّيْسَ‏,‏ وَإِنْ وُجِدَ فِي اللُّغَةِ اسْمُ التَّيْسِ يَقَعُ عَلَى الْكَبْشِ وَجَبَ أَنْ لاَ يُؤْخَذَ فِي الصَّدَقَةِ إلاَّ بِرِضَا الْمُصَدِّقِ‏.‏

وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ أَخْذِ الْمَاعِزَةِ عَنْ الضَّأْنِ أَجَازَ أَخْذَ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَالْفِضَّةَ عَنْ الذَّهَبِ وَهُمَا عِنْدَهُ صِنْفَانِ‏,‏ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِمَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلاً وَالْخِلاَفُ أَيْضًا فِي مَكَان آخَرَ‏:‏ وَهُوَ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا‏:‏ إنْ مَلَكَ مِائَةَ شَاةٍ وَعِشْرِينَ شَاةً وَبَعْضَ شَاةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلاَّ شَاةٌ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَتِمَّ فِي مِلْكِهِ مِائَةٌ وَإِحْدَى وَعِشْرُونَ‏,‏ وَمَنْ مَلَكَ مِائَتَيْ شَاةٍ وَبَعْضَ شَاةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلاَّ شَاتَانِ حَتَّى يَتِمَّ فِي مِلْكِهِ مِائَتَا شَاةٍ وَشَاةٌ‏.‏

وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ‏"‏ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ ‏"‏ كَمَا أَوْرَدْنَاهُ قال أبو محمد‏:‏ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا ذَكَرُوا‏,‏ وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي أَوْرَدْنَا ‏"‏ فَإِنْ زَادَتْ ‏"‏ وَلَمْ يَقُلْ ‏"‏ وَاحِدَةٌ ‏"‏ فَوَجَدْنَا الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا مُتَّفِقَيْنِ عَلَى أَنَّهَا إنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ شَاةً أَوْ عَلَى مِائَتَيْ شَاةٍ فَقَدْ انْتَقَلَتْ الْفَرِيضَةُ‏.‏

وَوَجَدْنَا حَدِيثَ أَبِي بَكْرٍ يُوجِبُ انْتِقَالَ الْفَرِيضَةِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَعِشْرِينَ وَعَلَى الْمِائَتَيْنِ‏,‏ فَكَانَ هَذَا عُمُومًا لِكُلِّ زِيَادَةٍ‏,‏ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ أَصْلاً‏,‏ فَصَارَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِنَا قَدْ أَخَذَ بِالْحَدِيثَيْنِ‏,‏ فَلَمْ يُخَالِفْ وَاحِدًا مِنْهُمَا‏;‏ وَصَارَ مَنْ قَالَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ‏,‏ مُخَصِّصًا لَهُ بِلاَ بُرْهَانٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وَهَاهُنَا أَيْضًا خِلاَفٌ آخَرُ‏:‏ وَهُوَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ‏,‏ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ‏,‏ ثُمَّ اتَّفَقَ شُعْبَةُ‏,‏ وَسُفْيَانُ كِلاَهُمَا عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ إذَا زَادَتْ الْغَنَمُ وَاحِدَةٌ عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ‏,‏ فَكُلُّ مَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَهُوَ كَذَلِكَ قال أبو محمد‏:‏ وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَقَدْ يَلْزَمُ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ لاَ سِيَّمَا الْمَالِكِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ أَقْوَى مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ‏,‏ وَالْحَنَفِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ مَا عَظُمَتْ بِهِ الْبَلْوَى لاَ يُقْبَلُ فِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ‏:‏ أَنْ يَقُولُوا بِقَوْلِ إبْرَاهِيمَ‏;‏ لأَِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمِائَتَيْ شَاةٍ إذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَإِنَّ الْفَرِيضَةَ تَنْتَقِلُ وَيَجِبُ فِيهَا ثَلاَثُ شِيَاهٍ‏,‏ فَكَذَلِكَ إذَا زَادَتْ عَلَى الثَّلاَثِمِائَةِ وَاحِدَةٌ أَيْضًا‏,‏ فَيَجِبُ أَنْ تَنْتَقِلَ الْفَرِيضَةُ‏,‏ وَلاَ سِيَّمَا وَالْحَنَفِيُّونَ قَدْ قَلَّدُوا إبْرَاهِيمَ فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ الْبَقَرَةِ الْوَاحِدَةِ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ بَقَرَةً‏,‏ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا فِي الْبَقَرِ وَقْصًا مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَنْ يُقَلِّدُوهُ هَاهُنَا وَيَقُولُوا‏:‏ لَمْ نَجِدْ فِي الْغَنَمِ وَقْصًا مِنْ مِائَةٍ وَثَمَانٍ وَتِسْعِينَ شَاةً‏;‏ لاَ سِيَّمَا وَمَعَهُمْ هَاهُنَا فِي الْغَنَمِ قِيَاسٌ مُطَرَّدٌ‏,‏ وَلَيْسَ مَعَهُمْ فِي الْبَقَرِ قِيَاسٌ أَصْلاً‏,‏ وَكُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ فِي الْبَقَرِ فَهُوَ لاَزِمٌ لَهُمْ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلاَثِمِائَةِ مِنْ الْغَنَمِ مِنْ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً‏}‏ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَلاَّ قَالُوا‏:‏ هَذَا مِمَّا تَعْظُمُ بِهِ الْبَلْوَى فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَا جَهِلَهُ إبْرَاهِيمُ فَإِنْ قَالُوا‏:‏ إنَّ خِلاَفَ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ قَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ‏,‏ وَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ‏,‏ وَعَنْ عَلِيٍّ‏,‏ وَعَنْ صَحِيفَةِ ابْنِ حَزْمٍ قلنا‏:‏ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الأَخْبَارِ إلاَّ وَقَدْ خَالَفْتُمُوهَا‏,‏ فَلَمْ تَكُنْ حُجَّةٌ فِيمَا خَالَفْتُمُوهُ فِيهِ‏,‏ وَكَانَ حُجَّةٌ عِنْدَكُمْ فِيمَا اشْتَهَيْتُمْ‏,‏ وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا قال أبو محمد‏:‏ كُلُّهُ خَبْطٌ لاَ مَعْنَى لَهُ وَإِنَّمَا نُرِيهِمْ تَنَاقُضَهُمْ وَتَحَكُّمَهُمْ فِي الدِّينِ بِتَرْكِ الْقِيَاسِ لِلسُّنَنِ إذَا وَافَقَتْ تَقْلِيدَهُمْ‏,‏ وَبِتَرْكِ السُّنَنِ لِلْقِيَاسِ كَذَلِكَ‏,‏ وَبِتَرْكِهِمَا جَمِيعًا كَذَلِكَ وأما مَنْ رَاعَى فِي الشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ مَا تُجْزِئُ مِنْ الآُضْحِيَّةِ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَدْ أَخْطَأَ‏;‏ لأَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا قَالَ نَصٌّ‏,‏ وَلاَ إجْمَاعٌ‏;‏ فَكَيْفَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَخْذِ الْجَذَعَةِ فَمَا دُونَهَا فِي زَكَاةِ الإِبِلِ‏,‏ وَلاَ تُجْزِئُ فِي الآُضْحِيَّةِ‏,‏ وَإِنَّمَا قَالَ عليه السلام لاَِبِي بُرْدَةَ وَلَنْ تُجْزِئَ جَذَعَةٌ لأَِحَدٍ بَعْدَكَ يَعْنِي فِي الآُضْحِيَّةِ‏;‏ لأَِنَّهُ عَنْهَا سَأَلَهُ‏,‏ وَقَدْ صَحَّ النَّصُّ بِإِيجَابِ الْجَذَعَةِ فِي زَكَاةِ الإِبِلِ‏;‏ فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَعْنِ إلاَّ الآُضْحِيَّةَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وأما قَوْلُنَا إنْ كَانَتْ الْغَنَمُ كُلُّهَا كَرَائِمُ أَخَذَ مِنْهَا بِرِضَا صَاحِبِهَا‏;‏ فَلاَِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كَرَائِمِ الْغَنَمِ‏;‏ وَهَذَا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِي الْغَنَمِ، وَلاَ بُدَّ مَا لَيْسَ بِكَرَائِمَ‏,‏ وأما إذَا كَانَتْ كُلُّهَا كَرَائِمُ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا‏:‏ هَذِهِ كَرَائِمُ هَذِهِ الْغَنَمِ‏;‏ لَكِنْ يُقَالُ هَذِهِ كَرِيمَةٌ مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ الْكَرَائِمِ‏.‏

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ يُؤْمَرُ الْمُصَدِّقُ أَنْ يَصْدَعَ الْغَنَمَ صَدْعَيْنِ فَيَخْتَارُ صَاحِبُ الْغَنَمِ خَيْرَ الصَّدْعَيْنِ وَيَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنْ الآخَرِ وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ يُفَرِّقُ الْغَنَمَ أَثْلاَثًا‏,‏ ثُلُثُ خِيَارٍ‏,‏ وَثُلُثُ رُذَالٍ‏,‏ وَثُلُثُ وَسَطٍ‏;‏ ثُمَّ تَكُونُ الصَّدَقَةُ فِي الْوَسَطِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ هَذَا لاَ نَصَّ فِيهِ‏;‏ وَلَكِنْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ لاَ يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ هَرِمَةً، وَلاَ ذَاتَ عَوَارٍ، وَلاَ تَيْسًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ أَبُو بَكْرِ الصِّدِّيقُ‏:‏ وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتهمْ عَلَيْهَا وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ‏:‏ أَخْبَرَنِي بِشْرُ بْنُ عَاصِم بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ سُفْيَانَ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَهُ‏:‏ قُلْ لَهُمْ‏:‏ إنِّي لاَ آخُذُ الشَّاةَ الأَكُولَةَ، وَلاَ فَحْلَ الْغَنَمِ‏,‏ وَلاَ الرُّبَى، وَلاَ الْمَاخِضَ‏,‏ وَلَكِنِّي آخُذُ الْعَنَاقَ وَالْجَذَعَةَ‏,‏ وَالثَّنِيَّةَ وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْمَالِ وَخِيَارِهِ وَمِنْ طَرِيقِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَهُ مُصْدِقًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْجَذَعَةَ‏,‏ وَالثَّنِيَّةَ‏.‏

672 - مَسْأَلَةٌ

وَمَا صَغُرَ عَنْ أَنْ يُسَمَّى‏:‏ شَاةً‏,‏ لَكِنْ يُسَمَّى خَرُوفًا‏,‏ أَوْ جَدْيًا‏,‏ أَوْ سَخْلَةً‏:‏ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُؤْخَذَ فِي الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ‏,‏ وَلاَ أَنْ يُعَدَّ فِيمَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الصَّدَقَةُ‏,‏ إلاَّ أَنْ يُتِمَّ سَنَةً‏;‏ فَإِذَا أَتَمَّهَا عُدَّ‏,‏ وَأُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْهُ

قال أبو محمد‏:‏ هَذَا مَكَانٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ‏.‏

فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ‏:‏ تُضَمُّ الْفَوَائِدُ كُلُّهَا مِنْ الذَّهَبِ‏,‏ وَالْفِضَّةِ‏,‏ وَالْمَوَاشِي‏,‏ إلَى مَا عِنْدَ صَاحِبِ الْمَالِ فَتُزَكَّى مَعَ مَا كَانَ عِنْدَهُ‏,‏ وَلَوْ لَمْ يَفِدْهَا إلاَّ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِسَاعَةٍ‏.‏

هَذَا إذَا كَانَ الَّذِي عِنْدَهُ تَجِبُ فِي مِقْدَارِ مَا مَعَهُ الزَّكَاةُ‏,‏ وَإِلاَّ فَلاَ‏,‏ وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ نِصَابٌ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ‏,‏ وَلاَ يُبَالِي أَنَقَصَ فِي دَاخِلِ الْحَوْلِ عَنْ النِّصَابِ أَمْ لاَ قَالَ‏:‏ فَإِنْ مَاتَتْ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ كُلَّهَا وَبَقِيَ مِنْ عَدَدِ الْخِرْفَانِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ‏:‏ فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَ ثَلاَثِينَ عِجْلاً فَصَاعِدًا‏,‏ أَوْ خَمْسًا مِنْ الْفُصْلاَنِ فَصَاعِدًا‏,‏ عَامًا كَامِلاً دُونَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مُسِنَّةٌ وَاحِدَةٌ فَمَا فَوْقَهَا‏:‏ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا وقال مالك‏:‏ لاَ تُضَمُّ فَوَائِدُ الذَّهَبِ‏,‏ وَالْفِضَّةِ‏,‏ إلَى مَا عِنْدَ الْمُسْلِمِ مِنْهَا‏;‏ بَلْ يُزَكَّى كُلُّ مَالٍ بِحَوْلِهِ‏,‏ حَاشَا رِبْحَ الْمَالِ وَفَوَائِدَ الْمَوَاشِي كُلِّهَا‏;‏ فَإِنَّهَا تُضَمُّ إلَى مَا عِنْدَهُ وَيُزَكَّى الْجَمِيعُ بِحَوْلِ مَا كَانَ عِنْدَهُ‏,‏ وَلَوْ لَمْ يُفِدْهَا إلاَّ قَبْلَ الْحَوْلِ بِسَاعَةٍ‏,‏ إلاَّ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ فَائِدَةِ الذَّهَبِ‏,‏ وَالْفِضَّةِ‏,‏ وَالْمَاشِيَةِ‏,‏ مِنْ غَيْرِ الْوِلاَدَةِ‏,‏ فَلَمْ يَرَ أَنْ يُضَمَّ إلَى مَا عِنْدَ الْمَرْءِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إلاَّ إذَا كَانَ الَّذِي عِنْدَهُ مِنْهَا مِقْدَارًا تَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ وَإِلاَّ فَلاَ‏.‏

وَرَأَى أَنْ تُضَمَّ وِلاَدَةُ الْمَاشِيَةِ خَاصَّةً إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْهَا‏,‏ سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي عِنْدَهُ مِنْهَا تَجِبُ فِي مِقْدَارِهِ الزَّكَاةُ أَوْ لاَ تَجِبُ فِي مِقْدَارِهِ الزَّكَاةُ‏.‏

وقال الشافعي‏:‏ لاَ تُضَمُّ فَائِدَةٌ أَصْلاً إلَى مَا عِنْدَهُ‏,‏ إلاَّ أَوْلاَدَ الْمَاشِيَةِ فَقَطْ‏,‏ فَإِنَّهَا تُعَدُّ مَعَ أُمَّهَاتِهَا‏,‏ وَلَوْ لَمْ يَتِمَّ الْعَدَدُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ بِهَا إلاَّ قَبْلَ الْحَوْلِ بِسَاعَةٍ‏,‏ هَذَا إذَا كَانَتْ الآُمَّهَاتُ نِصَابًا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِلاَّ فَلاَ‏,‏ فَإِنْ نَقَصَتْ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ عَنْ النِّصَابِ‏:‏ فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا قال أبو محمد‏:‏ أَمَّا تَنَاقُضُ مَالِكٍ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ وَتَقْسِيمِهِمَا فَلاَ خَفَاءَ بِهِ‏,‏ لأَِنَّهُمَا قَسَّمَا تَقْسِيمًا لاَ بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ‏.‏

وأما أَبُو حَنِيفَةَ فَلَهُ هَاهُنَا أَيْضًا تَنَاقُضٌ أَشْنَعُ مِنْ تَنَاقُضِ مَالِكٍ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ‏,‏ وَهُوَ أَنَّهُ رَأَى أَنْ يُرَاعَى أَوَّلُ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ دُونَ وَسَطٍ‏,‏ وَرَأَى أَنْ تُعَدَّ أَوْلاَدُ الْمَاشِيَةِ مَعَ أُمَّهَاتِهَا وَلَوْ لَمْ تَضَعْهَا إلاَّ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي بِسَاعَةٍ‏,‏ ثُمَّ رَأَى فِي أَرْبَعِينَ خَرُوفًا صِغَارًا وَمَعَهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ مُسِنَّةٌ أَنَّ فِيهَا الزَّكَاةَ‏,‏ وَهِيَ تِلْكَ الْمُسِنَّةُ فَقَطْ‏;‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مُسِنَّةٌ فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا‏,‏ فَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ مِائَةُ خَرُوفٍ وَعِشْرُونَ خَرُوفًا صِغَارًا كُلَّهَا وَمَعَهَا مُسِنَّةٌ وَاحِدَةٌ‏.‏

قَالَ‏:‏ إنْ كَانَ فِيهَا مُسِنَّتَانِ فَصَدَقَتُهَا تَانِكَ الْمُسِنَّتَانِ مَعًا‏,‏ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُمَا إلاَّ مُسِنَّةٌ وَاحِدَةٌ فَلَيْسَ فِيهَا إلاَّ تِلْكَ الْمُسِنَّةِ وَحْدَهَا فَقَطْ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مُسِنَّةٌ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ أَصْلاً‏.‏

وَهَكَذَا قَالَ فِي الْعَجَاجِيلِ وَالْفُصْلاَنِ أَيْضًا‏,‏ وَلَوْ مَلَكَهَا سَنَةً فَأَكْثَرَ قال أبو محمد‏:‏ وَهَذِهِ شَرِيعَةُ إبْلِيسَ لاَ شَرِيعَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَعْنِي قَوْلَهُ‏:‏ إنْ كَانَ مَعَ الْمِائَةِ خَرُوفٌ وَالْعِشْرُونَ خَرُوفًا‏:‏ مُسِنَّتَانِ زَائِدَتَانِ أُخِذَتَا عَنْ زَكَاةِ الْخِرْفَانِ كِلْتَاهُمَا‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا إلاَّ مُسِنَّةٌ وَاحِدَةٌ‏:‏ أُخِذَتْ وَحْدُهَا عَنْ زَكَاةِ الْخِرْفَانِ، وَلاَ مَزِيدَ وَمَا جَاءَ بِهَذَا قَطُّ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلاَ رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ‏,‏ وَلاَ قَوْلُ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلاَ مِنْ التَّابِعِينَ‏,‏ وَلاَ أَحَدُ نَعْلَمُهُ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ‏,‏ وَلاَ قِيَاسٌ، وَلاَ رَأْيٌ سَدِيدٌ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ مَرَّةً فِي أَرْبَعِينَ خَرُوفًا‏:‏ يُؤْخَذُ عَنْ زَكَاتِهَا شَاةٌ مُسِنَّةٌ‏,‏ وَبِهِ يَأْخُذُ زُفَرُ‏,‏ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنْ قَالَ‏:‏ بَلْ يُؤْخَذُ عَنْ زَكَاتِهَا خَرُوفٌ مِنْهَا‏;‏ وَبِهِ يَأْخُذُ أَبُو يُوسُفَ‏;‏ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنْ قَالَ‏:‏ لاَ زَكَاةَ فِيهَا‏;‏ وَبِهِ يَأْخُذُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ‏.‏

وقال مالك كَقَوْلِ زُفَرَ‏,‏ وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ‏,‏ كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ‏,‏ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ‏,‏ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ‏,‏ وَأَبُو سُلَيْمَانَ كَقَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ احْتَجَّ مَنْ رَأَى أَنْ تُعَدَّ الْخِرْفَانُ مَعَ أُمَّهَاتِهَا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ مُصَدِّقًا فِي مَخَالِيفِ الطَّائِفِ‏,‏ فَشَكَا إلَيْهِ أَهْلُ الْمَاشِيَةِ تَصْدِيقَ الْغِذَاءِ‏,‏ وَقَالُوا‏:‏ إنْ كُنْت مُعْتَدًّا بِالْغِذَاءِ فَخُذْ مِنْهُ صَدَقَتَهُ‏.‏

قَالَ عُمَرُ‏:‏ فَقُلْ لَهُمْ‏:‏ إنَّا نَعْتَدُّ بِالْغِذَاءِ كُلِّهَا حَتَّى السَّخْلَةُ يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي عَلَى يَدِهِ‏;‏ وَقُلْ لَهُمْ‏:‏ إنِّي لاَ آخُذُ الشَّاةَ الأَكُولَةَ، وَلاَ فَحْلَ الْغَنَمِ‏,‏ وَلاَ الرُّبَى‏,‏ وَلاَ الْمَاخِضَ‏;‏ وَلَكِنِّي آخُذُ الْعَنَاقُ‏,‏ وَالْجَذَعَةَ‏,‏ وَالثَّنِيَّةَ‏:‏ وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْمَالِ‏,‏ وَخِيَارِهِ‏.‏

وَرُوِّينَا هَذَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ وَمِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سُفْيَانَ‏.‏

مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوُجُوهٍ‏:‏ أَوَّلُهَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَهُ‏.‏

وَالثَّانِي أَنَّهُ قَدْ خَالَفَ عُمَرُ رضي الله عنه فِي هَذَا غَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا حَدَّثَنَا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ‏:‏ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ لاَ يَأْخُذُ مِنْ مَالِ زَكَاةٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حدثنا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ‏:‏ لاَ يُزَكَّى حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ‏:‏ تَعْنِي الْمَالَ الْمُسْتَفَادَ‏:‏ وَبِهِ إلَى سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ مَنْ اسْتَفَادَ مَالاً فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ‏.‏

وَبِهِ إلَى سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ مَنْ اسْتَفَادَ مَالاً فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ‏.‏

فَهَذَا عُمُومٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ‏,‏ وَعَائِشَةَ‏,‏ وَعَلِيٍّ‏,‏ وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم‏,‏ لَمْ يَخُصُّوا فَائِدَةَ مَاشِيَةٍ بِوِلاَدَةٍ مِنْ سَائِرِ مَا يُسْتَفَادُ‏;‏ وَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ أَوْلاَدَ الْمَاشِيَةِ إلاَّ كَانَ كَاذِبًا عَلَيْهِمْ‏,‏ وَقَائِلاً بِالْبَاطِلِ الَّذِي لَمْ يَقُولُوهُ قَطُّ وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِينَ حَكَى عنهم سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا أَنْ يَعُدَّ عَلَيْهِمْ أَوْلاَدَ الْمَاشِيَةِ مَعَ أُمَّهَاتِهَا‏:‏ قَدْ كَانَ فِيهِمْ بِلاَ شَكٍّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَِنَّ سُفْيَانَ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَيَّامَ عُمَرَ رضي الله عنه وَلِيَ الأَمْرَ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ‏,‏ وَبَقِيَ عَشْرَ سِنِينَ‏,‏ وَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً‏,‏ وَكَانُوا بِالطَّائِفِ‏,‏ وَأَهْلُ الطَّائِفِ أَسْلَمُوا قَبْلَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ عَامٍ وَنِصْفٍ وَرَأَوْهُ عَلَيْهِ فَقَدْ صَحَّ الْخِلاَفُ فِي هَذَا مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم بِلاَ شَكٍّ‏,‏ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلَيْسَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضٍ‏;‏ وَالْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ مَا افْتَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذْ يَقُولُ‏:‏ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ‏.‏

وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ هَذَا عَنْ عُمَرَ مِنْ طَرِيقٍ مُتَّصِلَةٍ إلاَّ مِنْ طَرِيقَيْنِ‏:‏ إحْدَاهُمَا‏:‏ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ‏,‏ وَكِلاَهُمَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ أَوْ مِنْ طَرِيقِ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ لَمْ يُسَمَّ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ‏,‏ وَهُوَ ضَعِيفٌ‏.‏

وَالرَّابِعُ أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّينَ‏:‏ خَالَفُوا قَوْلَ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا‏,‏ فَقَالُوا‏:‏ لاَ يُعْتَدُّ بِمَا وَلَدَتْ الْمَاشِيَةُ إلاَّ أَنْ تَكُونَ الآُمَّهَاتُ دُونَ الأَوْلاَدِ عَدَدًا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِلاَّ فَلاَ تُعَدُّ عَلَيْهِمْ الأَوْلاَدُ‏,‏ وَلَيْسَ هَذَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ‏.‏

وَالْخَامِسُ أَنَّهُمْ لاَ يَلْتَفِتُونَ مَا قَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه بِأَصَحِّ مِنْ هَذَا الإِسْنَادِ‏,‏ أَشْيَاءَ لاَ يُعْرَفُ لَهُ فِيهَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم‏,‏ إذَا خَالَفَ رَأْيَ مَالِكٍ‏,‏ وَأَبِي حَنِيفَةَ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ‏:‏ كَتَرْكِ الْحَنَفِيِّينَ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّينَ قَوْلَ عُمَرَ‏:‏ الْمَاءُ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ‏.‏

وَتَرْكِ الْحَنَفِيِّينَ‏,‏ وَالْمَالِكِيِّينَ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّينَ‏:‏ أَخْذَ عُمَرَ الزَّكَاةَ مِنْ الرَّقِيقِ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ‏,‏ وَصِفَةِ أَخْذِهِ الزَّكَاةَ مِنْ الْخَيْلِ‏.‏

وَتَرْكِ الْحَنَفِيِّينَ إيجَابَ عُمَرَ الزَّكَاةَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ‏,‏ وَلاَ يَصِحُّ خِلاَفُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم‏.‏

وَتَرْكِ الْحَنَفِيِّينَ‏,‏ وَالْمَالِكِيِّينَ‏:‏ أَمْرَ عُمَرَ الْخَارِصَ بِأَنْ يَتْرُكَ لاَِصْحَابِ النَّخْلِ مَا يَأْكُلُونَهُ لاَ يَخْرُصُهُ عَلَيْهِمْ‏,‏ وَغَيْرِ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا فَقَدْ وَضَحَ أَنَّ احْتِجَاجَهُمْ بِعُمَرَ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ وَافَقَ شَهَوَاتِهِمْ لاَ حَيْثُ صَحَّ عَنْ عُمَرَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَهَذَا عَظِيمٌ فِي الدِّينِ جِدًّا قال أبو محمد‏:‏ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ هُوَ الْقُرْآنُ‏,‏ وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي أَرْبَعِينَ شَاةٍ فَصَاعِدًا كَمَا وَصَفْنَا‏,‏ وَأَوْجَبَ فِيهَا شَاةً أَوْ شَاتَيْنِ أَوْ فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةً‏,‏ وَأَسْقَطَهَا عَمَّا عَدَا ذَلِكَ‏.‏

وَوَجَدْنَا الْخِرْفَانَ وَالْجِدْيَانَ لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ شَاةٍ، وَلاَ اسْمُ شَاءٍ فِي اللُّغَةِ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا بِهَا دِينَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏.‏

فَخَرَجَتْ الْخِرْفَانُ‏,‏ وَالْجِدْيَانُ عَنْ أَنْ تَجِبَ فِيهَا زَكَاةٌ‏.‏

وَأَيْضًا فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لاَ يُؤْخَذَ خَرُوفٌ، وَلاَ جَدْيٌ فِي الْوَاجِبِ فِي الزَّكَاةِ عَنْ الشَّاءِ فَأَقَرُّوا بِأَنَّهُ لاَ يُسَمَّى شَاةً، وَلاَ لَهُ حُكْمُ الشَّاءِ‏,‏ فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا زَكَاةٌ‏,‏ فَلاَ تَجُوزُ هِيَ فِي الزَّكَاةِ بِغَيْرِ نَصٍّ فِي ذَلِكَ‏.‏

وَأَيْضًا فَإِنَّ زَكَاةَ مَاشِيَةٍ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا حَوْلٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ‏,‏ وَلاَ سُنَّةٌ‏,‏ وَلاَ إجْمَاعٌ وأما مَنْ مَلَكَ خِرْفَانًا أَوْ عُجُولاً أَوْ فُصْلاَنًا سَنَةً كَامِلَةً فَالزَّكَاةُ فِيهَا وَاجِبَةٌ عِنْدَ تَمَامِ الْعَامِ‏;‏ لأَِنَّ كُلَّ ذَلِكَ يُسَمَّى غَنَمًا‏,‏ وَبَقَرًا وَإِبِلاً‏.‏

حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حدثنا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ هِلاَلِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ مَيْسَرَةَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ‏:‏ أَتَانَا مُصَدِّقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسْتُ إلَيْهِ‏,‏ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ‏:‏ إنَّ فِي عَهْدِي أَنْ لاَ نَأْخُذَ مِنْ رَاضِعِ لَبَنٍ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ لَوْ أَرَادَ أَنْ لاَ يُؤْخَذَ هُوَ فِي الزَّكَاةِ لَقَالَ ‏"‏ أَنْ لاَ نَأْخُذَ رَاضِعَ لَبَنٍ ‏"‏ لَكِنْ لَمَّا مُنِعَ مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ رَاضِعِ لَبَنٍ وَرَاضِعُ لَبَنٍ اسْمٌ لِلْجِنْسِ صَحَّ بِذَلِكَ أَنْ لاَ تُعَدَّ الرَّوَاضِعُ فِيمَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ‏.‏

وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا عَابَ هِلاَلَ بْنَ خَبَّابٍ‏,‏ إلاَّ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ قَالَ‏:‏ لَقِيته وَقَدْ تَغَيَّرَ‏,‏ وَهَذَا لَيْسَ جُرْحَةٌ‏,‏ لأَِنَّ هُشَيْمًا أَسَنُّ مِنْ يَحْيَى بِنَحْوِ عِشْرِينَ سَنَةً‏,‏ فَكَانَ لِقَاءُ هُشَيْمٍ لِهِلاَلٍ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ بِلاَ شَكٍّ‏.‏

وأما سُوَيْدٌ فَأَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَتَى إلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ عليه السلام بِنَحْوِ خَمْسِ لَيَالٍ‏,‏ وَأَفْتَى أَيَّامَ عُمَرَ رضي الله عنه‏:‏ قال أبو محمد‏:‏ وأما الشَّافِعِيُّ‏,‏ وَأَبُو يُوسُفَ فَطَرَدَا قَوْلَهُمَا‏,‏ إذْ أَوْجَبَا أَخْذَ خَرُوفٍ صَغِيرٍ فِي الزَّكَاةِ عَنْ أَرْبَعِينَ خَرُوفًا فَصَاعِدًا‏,‏ وُلِدَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ مَاتَتْ أُمَّهَاتُهَا وَأَخْذُ مِثْلِ هَذَا فِي الزَّكَاةِ عَجَبٌ جِدًّا وأما إذَا أَتَمَّتْ سَنَةً فَاسْمُ شَاةٍ يَقَعُ عَلَيْهَا فَهِيَ مَعْدُودَةٌ وَمَأْخُوذَةٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وَحَصَلُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنْ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ قَلَّدُوا عُمَرَ رضي الله عنه‏;‏ وَهُمْ قَدْ خَالَفُوهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا‏,‏ فَلَمْ يَرَ أَبُو حَنِيفَةَ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ أَنْ تُعَدَّ الأَوْلاَدُ مَعَ الآُمَّهَاتِ إلاَّ إذَا كَانَتْ الآُمَّهَاتُ نِصَابًا‏;‏ وَلَمْ يَقُلْ عُمَرُ كَذَلِكَ وَحَصَلَ مَالِكٌ عَلَى قِيَاسٍ فَاسِدٍ مُتَنَاقِضٍ‏;‏ لأَِنَّهُ قَاسَ فَائِدَةَ الْمَاشِيَةِ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الْفَوَائِدِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ مِنْ عَدِّ أَوْلاَدِهَا مَعَهَا‏,‏ ثُمَّ نَقَضَ قِيَاسَهُ فَرَأَى أَنْ لاَ تُضَمَّ فَائِدَةُ الْمَاشِيَةِ بِهِبَةٍ‏,‏ أَوْ مِيرَاثٍ‏,‏ أَوْ شِرَاءِ إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْهَا إلاَّ إنْ كَانَ مَا عِنْدَهُ نِصَابًا تَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ وَإِلاَّ فَلاَ وَرَأَى أَنْ تُضَمَّ أَوْلاَدُهَا إلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الآُمَّهَاتُ نِصَابًا تَجِبُ فِي الزَّكَاةِ وَهَذِهِ تَقَاسِيمَ لاَ يُعْرَفُ أَحَدُ قَالَ بِهَا قَبْلَهُمْ‏,‏ وَلاَ هُمْ اتَّبَعُوا عُمَرَ‏,‏ وَلاَ طَرَدُوا الْقِيَاسَ‏,‏ وَلاَ اتَّبَعُوا نَصَّ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ‏.‏

زَكَاةُ الْبَقَرِ

673 - مَسْأَلَةٌ

الْجَوَامِيسُ صِنْفٌ مِنْ الْبَقَرِ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ

ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ‏:‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لاَ زَكَاةَ فِي أَقَلِّ مِنْ خَمْسِينَ مِنْ الْبَقَرِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا‏,‏ أَوْ ذُكُورًا‏,‏ وَإِنَاثًا‏,‏ فَإِذَا تَمَّتْ خَمْسُونَ رَأْسًا مِنْ الْبَقَرِ وَأَتَمَّتْ فِي مِلْكِ صَاحِبِهَا عَامًا قَمَرِيًّا مُتَّصِلاً كَمَا قَدَّمْنَا‏:‏ فَفِيهَا بَقَرَةٌ‏,‏ إلَى أَنْ تَبْلُغَ مِائَةً مِنْ الْبَقَرِ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْهَا وَأَتَمَّتْ كَذَلِكَ عَامًا قَمَرِيًّا فَفِيهَا بَقَرَتَانِ‏,‏ وَهَكَذَا أَبَدًا‏,‏ فِي كُلِّ خَمْسِينَ مِنْ الْبَقَرِ بَقَرَةٌ‏,‏ وَلاَ شَيْءَ زَائِدٌ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسِينَ، وَلاَ يُعَدُّ فِيهَا مَا لَمْ يُتِمَّ حَوْلاً كَمَا ذَكَرْنَا‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ فِي خَمْسٍ مِنْ الْبَقَرِ شَاةٌ‏,‏ وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ‏;‏ وَفِي خَمْسِ عَشَرَةَ ثَلاَثُ شِيَاهٍ‏:‏ وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ‏,‏ وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْبَقَرِ بَقَرَةٌ‏.‏

حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ رِفَاعَةَ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَمٍ، حدثنا يَزِيدُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ الْبَقَرَ يُؤْخَذُ مِنْهَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ الإِبِلِ‏,‏ يَعْنِي فِي الزَّكَاةِ‏,‏ قَالَ‏:‏ وَقَدْ سُئِلَ عَنْهَا غَيْرُهُمْ فَقَالُوا‏:‏ فِيهَا مَا فِي الإِبِلِ‏.‏

يَزِيدُ هَذَا هُوَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَوْ ابْنُ زُرَيْعٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ كِلاَهُمَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ‏:‏ فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنْ الْبَقَرِ شَاةٌ‏;‏ وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ‏,‏ وَفِي خَمْسَ عَشَرَةَ ثَلاَثُ شِيَاهٍ‏,‏ وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ‏.‏

قَالَ الزُّهْرِيُّ‏:‏ فَرَائِضُ الْبَقَرِ مِثْلُ فَرَائِضِ الإِبِلِ‏,‏ غَيْرَ الأَسْنَانِ فِيهَا‏,‏ فَإِذَا كَانَتْ الْبَقَرُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بَقَرَةٌ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ‏,‏ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا بَقَرَتَانِ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةٌ‏.‏

قَالَ الزُّهْرِيُّ‏:‏ وَبَلَغَنَا أَنَّ قَوْلَهُمْ‏:‏ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ فِي كُلِّ ثَلاَثِينَ تَبِيعٌ‏,‏ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةٌ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ تَخْفِيفًا لاَِهْلِ الْيَمَنِ‏,‏ ثُمَّ كَانَ هَذَا بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يُرْوَى

حدثنا حمام، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ، حدثنا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ دَاوُد عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ‏:‏ اُسْتُعْمِلْت عَلَى صَدَقَاتِ عَكَّ‏,‏ فَلَقِيت أَشْيَاخًا مِمَّنْ صَدَقَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ‏,‏ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ‏:‏ اجْعَلْهَا مِثْلَ صَدَقَةِ الإِبِلِ‏,‏ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ‏:‏ فِي ثَلاَثِينَ تَبِيعٌ‏,‏ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ‏:‏ فِي أَرْبَعِينَ بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ

حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حدثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ‏,‏ وَأَبِي قِلاَبَةَ وَآخَرُ قَالُوا‏:‏ صَدَقَاتُ الْبَقَرِ كَنَحْوِ صَدَقَاتِ الإِبِلِ‏,‏ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ‏,‏ وَفِي كُلِّ عَشْرٍ شَاتَانِ‏,‏ وَفِي خَمْسَ عَشَرَةَ ثَلاَثُ شِيَاهٍ‏,‏ وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ‏,‏ وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ‏,‏ فَإِنْ زَادَتْ فَبَقَرَتَانِ مُسِنَّتَانِ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ‏,‏ فَإِذْ زَادَتْ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ‏:‏ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كَمَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ سَوَاءٌ

حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ رِفَاعَةَ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا أَبُو عُبَيْدٍ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ الْفَهْمِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلْدَةَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ صَدَقَةَ الْبَقَرِ صَدَقَةُ الإِبِلِ‏,‏ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ أَسْنَانَ فِيهَا‏.‏

فَهَؤُلاَءِ كُتَّابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ‏,‏ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ‏,‏ وَجَمَاعَةٌ أَدَّوْا الصَّدَقَاتِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ التَّابِعِينَ‏:‏ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ‏,‏ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلْدَةَ‏,‏ وَالزُّهْرِيُّ‏,‏ وَأَبُو قِلاَبَةَ‏,‏ وَغَيْرُهُمْ وَاحْتَجَّ هَؤُلاَءِ بِمَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ رِفَاعَةَ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَمٍ، حدثنا يَزِيدُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ إنَّ فِي كِتَابِ صَدَقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ‏:‏ أَنَّ الْبَقَرَ يُؤْخَذُ مِنْهَا مِثْلُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الإِبِلِ‏:‏ وَبِمَا حَدَّثَنَا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا مَعْمَرُ قَالَ‏:‏ أَعْطَانِي سِمَاكُ بْنُ الْفَضْلِ كِتَابًا مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى مَالِكِ بْنِ كُفْلاَنِسَ الْمُصْعَبِيِّينَ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالأَنْهَارُ الْعُشْرُ‏,‏ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّنَا نِصْفُ الْعُشْرِ‏,‏ وَفِي الْبَقَرِ مِثْلُ الإِبِلِ‏.‏

وَبِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا عَنْ الزُّهْرِيِّ‏:‏ أَنَّ هَذَا هُوَ آخِرُ الأَمْرِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ الأَمْرَ بِالتَّبِيعِ‏:‏ نُسِخَ بِهَذَا‏.‏

وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ الْخَبَرِ مَا مِنْ صَاحِبِ بَقَرٍ لاَ يُؤَدِّي حَقَّهَا إلاَّ بُطِحَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا‏:‏ فَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ بَقَرٍ إلاَّ مَا خَصَّهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ‏.‏

وَقَالُوا‏:‏ مَنْ عَمِلَ مِثْلَ قَوْلِنَا كَانَ عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ‏;‏ وَمَنْ خَالَفَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ ذَلِكَ‏.‏

فَإِنَّ مَا وَجَبَ بِيَقِينٍ لَمْ يَسْقُطْ إلاَّ بِمِثْلِهِ وَقَالُوا‏:‏ قَدْ وَافَقْنَا أَكْثَرَ خُصُومِنَا عَلَى أَنَّ الْبَقَرَ تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ كَالْبَدَنَةِ‏;‏ وَأَنَّهَا تُعَوَّضُ مِنْ الْبَدَنَةِ‏,‏ وَأَنَّهَا لاَ يُجْزِئُ فِي الآُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ مِنْ هَذِهِ إلاَّ مَا يُجْزِئُ مِنْ تِلْكَ‏,‏ وَأَنَّهَا تُشْعَرُ إذَا كَانَتْ لَهَا أَسْنِمَةٌ كَالْبُدْنِ‏;‏ فَوَجَبَ قِيَاسُ صَدَقَتِهَا عَلَى صَدَقَتِهَا‏.‏

وَقَالُوا‏:‏ لَمْ نَجِدْ فِي الآُصُولِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَاشِيَةِ نِصَابًا مَبْدَؤُهُ ثَلاَثُونَ‏;‏ لَكِنْ إمَّا خَمْسَةٌ كَالإِبِلِ‏,‏ وَالأَوَاقِي‏,‏ وَالأَوْسَاقِ‏,‏ وأما أَرْبَعُونَ كَالْغَنَمِ‏,‏ فَكَانَ حَمْلُ الْبَقَرِ عَلَى الأَكْثَرِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ أَوْلَى‏.‏

وَقَالُوا‏:‏ إنْ احْتَجُّوا بِالْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ فِي كُلِّ ثَلاَثِينَ تَبِيعٌ‏,‏ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ فَنَعَمْ‏,‏ نَحْنُ نَقُولُ‏:‏ بِهَذَا‏,‏ أَوْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ إسْقَاطُ الزَّكَاةِ عَمَّا دُونَ ثَلاَثِينَ مِنْ الْبَقَرِ‏,‏ لاَ بِنَصٍّ، وَلاَ بِدَلِيلٍ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَحُكْمُهُ‏,‏ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ‏,‏ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلْدَةَ‏,‏ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ‏,‏ وَالزُّهْرِيِّ‏,‏ وَهَؤُلاَءِ فُقَهَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏,‏ فَيَلْزَمُ الْمَالِكِيِّينَ اتِّبَاعَهُمْ عَلَى أَصْلِهِمْ فِي عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏,‏ وَإِلاَّ فَقَدْ تَنَاقَضُوا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الثَّلاَثِينَ مِنْ الْبَقَرِ شَيْءٌ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ‏,‏ وَهُوَ الَّذِي لَهُ سَنَتَانِ‏,‏ ثُمَّ لاَ شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ‏;‏ لَهَا أَرْبَعُ سِنِينَ‏;‏ ثُمَّ لاَ شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا تَبِيعَتَانِ‏,‏ ثُمَّ لاَ شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ سَبْعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا مُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ‏,‏ ثُمَّ هَكَذَا أَبَدًا‏,‏ لاَ شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا زَائِدَةً‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِي كُلِّ ثَلاَثِينَ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ تَبِيعٌ‏,‏ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَهَذَا قَوْلٌ صَحَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه مِنْ طَرِيقِ‏,‏ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ‏.‏

وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ‏:‏ وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ قَوْمٍ صَدَّقُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الثَّلاَثِينَ مِنْ الْبَقَرِ شَيْءٌ‏:‏ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ‏,‏ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ‏,‏ وَطَاوُسٍ‏,‏ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ‏,‏ وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى‏,‏ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ‏,‏ وَذَكَرَهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَهْلِ الشَّامِ‏,‏ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ‏,‏ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَرِوَايَةٌ غَيْرُ مَشْهُورَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَاحْتَجَّ هَؤُلاَءِ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ‏,‏ وَأَبِي وَائِلٍ كِلاَهُمَا عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلاَثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعًا‏,‏ وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً وقال بعضهم‏:‏ ثَنِيَّةٌ وَمِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ عَنْ مُعَاذٍ مِثْلُهُ‏,‏ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْهُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَعَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ مُعَاذٍ‏:‏ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الأَوْقَاصِ‏,‏ مَا بَيْنَ الثَّلاَثِينَ إلَى الأَرْبَعِينَ‏,‏ وَمَا بَيْنَ الأَرْبَعِينَ إلَى الْخَمْسِينَ قَالَ‏:‏ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ وَمِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏:‏ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ‏:‏ فِي كُلِّ ثَلاَثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ جَذَعٌ قَدْ اسْتَوَى قَرْنَاهُ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَرَائِضُ الْبَقَرِ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الثَّلاَثِينَ مِنْ الْبَقَرِ صَدَقَةٌ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلاَثِينَ فَفِيهَا عِجْلٌ رَائِعٌ جَذَعٌ‏,‏ إلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ‏,‏ إلَى أَنْ تَبْلُغَ سَبْعِينَ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ سَبْعِينَ فَإِنَّ فِيهَا بَقَرَةً وَعِجْلاً جَذَعًا‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَانِينَ فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ‏,‏ ثُمَّ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ‏:‏ وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْجَزَرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ كِتَابًا فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ‏,‏ وَبَعَثَهُ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ‏,‏ وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ وَفِيهِ فِي كُلِّ ثَلاَثِينَ بَاقُورَةً تَبِيعٌ جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ‏,‏ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَاقُورَةً بَقَرَةٌ‏.‏

وَبِمَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيِّ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شَبَّوَيْهِ الْمَرْوَزِيِّ، حدثنا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حدثنا بَقِيَّةُ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ لَمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلاَثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً جَذَعًا أَوْ جَذَعَةً‏,‏ وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً بَقَرَةً مُسِنَّةً‏,‏ قَالُوا‏:‏ فَالأَوْقَاصُ قَالَ‏:‏ مَا أَمَرَنِي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ‏;‏ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ هَذَا كُلُّ مَا احْتَجُّوا بِهِ‏,‏ فَقَدْ تَقَصَّيْنَاهُ لَهُمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا نَعْلَمُ تَقَصَّوْهُ لاَِنْفُسِهِمْ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لَيْسَ فِيمَا دُونَ ثَلاَثِينَ شَيْءٌ‏;‏ فَإِذَا بَلَغَتْ الْبَقَرُ ثَلاَثِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ‏,‏ ثُمَّ لاَ شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا بَقَرَةٌ‏,‏ ثُمَّ لاَ شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسِينَ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا بَقَرَةٌ وَرُبْعٌ‏,‏ ثُمَّ لاَ شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ سَبْعِينَ‏;‏ فَإِذَا بَلَغَتْ سَبْعِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ‏:‏ وَرُوِّينَا هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ فَذَكَرَهُ كَمَا أَوْرَدْنَا‏;‏ وَهِيَ رِوَايَةٌ غَيْرُ مَشْهُورَةٍ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُمَوِّهَ هَؤُلاَءِ بِالْخَبَرِ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ آنِفًا مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ عَنْ مُعَاذٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَيْنَ الأَرْبَعِينَ وَالْخَمْسِينَ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يَعْنِي مِنْ الْبَقَرِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الثَّلاَثِينَ مِنْ الْبَقَرِ شَيْءٌ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلاَثِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ‏,‏ ثُمَّ لاَ شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ‏;‏ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ‏,‏ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا بَقَرَةٌ وَجُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنْ بَقَرَةٍ‏;‏ وَهَكَذَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ تَزِيدُ فَفِيهَا جُزْءٌ آخَرُ زَائِدٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ بَقَرَةٍ‏;‏ هَكَذَا إلَى السِّتِّينَ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا تَبِيعَانِ‏;‏ ثُمَّ لاَ شَيْءَ فِيهَا إلاَّ فِي كُلِّ عَشْرَةٍ زَائِدَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ‏;‏ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ‏.‏

وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ قَالَ‏:‏ سَأَلْت حَمَّادًا، هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ فَقُلْت إنْ كَانَتْ خَمْسِينَ بَقَرَةً فَقَالَ‏:‏ بِحِسَابِ ذَلِكَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ

حدثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ الْحَجَّاجِ، هُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ‏:‏ يُحَاسَبُ صَاحِبُ الْبَقَرِ بِمَا فَوْقَ الْفَرِيضَةِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ

حدثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ الْعُكْلِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي صَدَقَةِ الْبَقَرِ‏:‏ مَا زَادَ فَبِالْحِسَابِ قال أبو محمد‏:‏ هَذَا عُمُومُ إبْرَاهِيمَ‏,‏ وَحَمَّادٍ‏,‏ وَمَكْحُولٍ‏,‏ وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلاَثِينَ إلَى الأَرْبَعِينَ وَعَلَى الأَرْبَعِينَ إلَى السِّتِّينَ فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ زَائِدَةٌ جُزْءٌ مِنْ بَقَرَةٍ‏.‏

وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ بَعْضَ شُيُوخٍ كَانُوا قَدْ صَدَّقُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا‏:‏ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً بَقَرَةٌ‏,‏ مُخَالِفِينَ لِمَنْ جَعَلَ فِي أَقَلَّ مِنْ الأَرْبَعِينَ شَيْئًا‏.‏

وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْخَمْسِينَ، وَلاَ مَا فَوْقَهَا شَيْءٌ، وَأَنَّ صَدَقَةَ الْبَقَرِ إنَّمَا هِيَ فِي كُلِّ خَمْسِينَ بَقَرَةً بَقَرَةٌ فَقَطْ هَكَذَا أَبَدًا كَمَا حَدَّثَنَا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ‏:‏ كَانَ عُمَّالُ ابْنِ الزُّبَيْرِ‏,‏ وَابْنِ عَوْفٍ وَعُمَّالِهِ‏,‏ يَأْخُذُونَ مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ بَقَرَةً بَقَرَةً‏;‏ وَمِنْ كُلِّ مِائَةٍ بَقَرَتَيْنِ‏,‏ فَإِذَا كَثُرَتْ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ بَقَرَةً بَقَرَةٌ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ هَذَا كُلُّ مَا حَضَرْنَا ذِكْرُهُ مِمَّا رُوِّينَاهُ مِنْ اخْتِلاَفِ النَّاسِ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ‏,‏ وَكُلُّ أَثَرٍ رُوِّينَاهُ فِيهَا وَوَجَبَ النَّظَرُ لِلْمَرْءِ لِنَفْسِهِ فِيمَا يَدِينُ بِهِ رَبَّهُ تَعَالَى فِي دِينِهِ‏:‏ فَأَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ فَرْضٌ وَاجِبٌ فِي الْبَقَرِ‏:‏ كَمَا حَدَّثَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنِ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا وَكِيعٌ، حدثنا الأَعْمَشُ عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ ‏"‏ انْتَهَيْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ مَا مِنْ صَاحِبِ إبِلٍ، وَلاَ بَقَرٍ، وَلاَ غَنَمٍ لاَ يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إلاَّ جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا كَانَتْ وَأَسْمَنَهُ‏;‏ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا‏,‏ وَتَطَؤُهُ بِأَظْلاَفِهَا‏,‏ كُلَّمَا نَفِدَتْ أُخْرَاهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولاَهَا حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ مَا مِنْ صَاحِبِ إبِلٍ لاَ يَفْعَلُ فِيهَا حَقَّهَا إلاَّ جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ قَطُّ‏,‏ وَأُقْعِدَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَسِيرُ عَلَيْهِ بِقَوَائِمِهَا وَأَخْفَافِهَا، وَلاَ صَاحِبِ بَقَرٍ لاَ يَفْعَلُ فِيهَا حَقَّهَا إلاَّ جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ‏,‏ وَأُقْعِدَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِقَوَائِمِهَا وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ فَوَجَبَ فَرْضًا طَلَبُ ذَلِكَ الْحَدِّ الَّذِي حَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا‏,‏ حَتَّى لاَ يَتَعَدَّى قَالَ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ‏}‏‏.‏

فَنَظَرْنَا الْقَوْلَ الأَوَّلَ فَوَجَدْنَا الآثَارَ الْوَارِدَةَ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُنْقَطِعَةٌ وَالْحُجَّةُ لاَ تَجِبُ إلاَّ بِمُتَّصِلٍ‏,‏ إلاَّ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْقَائِلِينَ بِالْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ مِنْ الْحَنَفِيِّينَ‏,‏ وَالْمَالِكِيِّينَ أَنْ يَقُولُوا‏:‏ بِهَا‏,‏ وَإِلاَّ فَقَدْ تَنَاقَضُوا فِي أُصُولِهِمْ وَتَحَكَّمُوا بِالْبَاطِلِ‏;‏ لاَ سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ‏.‏

الزُّهْرِيِّ‏:‏ إنَّ هَذِهِ الأَخْبَارَ بِهَا نَسْخُ إيجَابِ التَّبِيعِ‏,‏ وَالْمُسِنَّةِ‏:‏ فِي الثَّلاَثِينَ وَالأَرْبَعِينَ‏;‏ فَلَوْ قُبِلَ مُرْسَلُ أَحَدٍ لَكَانَ الزُّهْرِيُّ أَحَقَّ بِذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِالْحَدِيثِ‏;‏ وَلأَِنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ طَائِفَةً مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم‏.‏

وَلَمْ يَحْكِ الْقَوْلَ فِي الثَّلاَثِينَ بِالتَّبِيعِ‏,‏ وَفِي الأَرْبَعِينَ بِالْمُسِنَّةِ إلاَّ عَنْ أَهْلِ الشَّامِ‏,‏ لاَ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏,‏ وَوَافَقَ الزُّهْرِيَّ عَلَى ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ‏;‏ فَهَذَا كُلُّهُ يُوجِبُ عَلَى الْمَالِكِيِّينَ الْقَوْلَ بِهَذَا أَوْ إفْسَادَ أُصُولِهِمْ‏,‏ وأما نَحْنُ فَلَوْ صَحَّ وَأُسْنِدَ مَا خَالَفْنَاهُ أَصْلاً وأما احْتِجَاجُهُمْ بِعُمُومِ الْخَبَرِ مَا مِنْ صَاحِبِ بَقَرٍ لاَ يُؤَدِّي زَكَاتَهَا، وَلاَ يَفْعَلُ فِيهَا حَقَّهَا وَقَوْلَهُمْ‏:‏ إنَّ هَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ بَقَرٍ‏:‏ فَإِنَّ هَذَا لاَزِمٌ لِلْحَنَفِيِّينَ‏,‏ وَالْمَالِكِيِّينَ‏,‏ الْمُحْتَجِّينَ بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي الْعُرُوضِ بِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً‏}‏ الآيَةُ وَالْمُحْتَجِّينَ بِهَذَا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَسَلِ وَسَائِرِ مَا احْتَجُّوا فِيهِ بِمِثْلِ هَذَا‏,‏ لاَ مُخَلِّصَ لَهُمْ مِنْهُ أَصْلاً وأما نَحْنُ فَلاَ حُجَّةَ عَلَيْنَا بِهَذَا‏;‏ لاَِنَّنَا وَإِنْ كُنَّا لاَ يَحِلُّ عِنْدَنَا مُفَارِقَةُ الْعُمُومِ إلاَّ لِنَصٍّ آخَرَ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ شَرْعُ شَرِيعَةٍ إلاَّ بِنَصٍّ صَحِيحٍ‏,‏ وَنَحْنُ نُقِرُّ وَنَشْهَدُ أَنَّ فِي الْبَقَرِ زَكَاةً مَفْرُوضَةً يُعَذِّبُ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ لَمْ يُؤَدِّهَا الْعَذَابَ الشَّدِيدَ‏,‏ مَا لَمْ يَغْفِرْ لَهُ بِرُجُوحِ حَسَنَاتِهِ أَوْ مُسَاوَاتِهَا لِسَيِّئَاتِهِ‏,‏ إلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانُ الْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ فِي الزَّكَاةِ مِنْهَا‏,‏ وَلاَ بَيَانَ الْعَدَدِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْهَا‏,‏ وَلاَ مَتَى تُؤَدَّى‏;‏ وَلَيْسَ الْبَيَانُ لِلدِّيَانَةِ مَوْكُولاً إلَى الآرَاءِ وَالأَهْوَاءِ‏;‏ بَلْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي قَالَ لَهُ رَبُّهُ وَبَاعِثُهُ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ‏.‏

وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا أَوْجَبُوهُ فِي الْخَمْسِ فَصَاعِدًا مِنْ الْبَقَرِ‏,‏ وَقَدْ صَحَّ الإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كُلِّ عَدَدٍ مِنْ الْبَقَرِ زَكَاةٌ‏;‏ فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ عَنْ إيجَابِ فَرْضِ ذَلِكَ فِي عَدَدٍ دُونَ عَدَدٍ بِغَيْرِ نَصٍّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏;‏ فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِالْعُمُومِ هَاهُنَا‏,‏ وَلَوْ كَانَ عُمُومًا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ لَمَا خَالَفْنَاهُ وأما قَوْلُهُمْ‏:‏ إنَّ مَنْ زَكَّى الْبَقَرَ كَمَا قَالُوا فَهُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يُزَكِّهَا كَمَا قَالُوا فَلَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ أَدَّى فَرْضَهُ، وَأَنَّ مَا صَحَّ بِيَقِينٍ وُجُوبُهُ لَمْ يَسْقُطْ إلاَّ بِيَقِينٍ آخَرَ‏:‏ فَهَذَا لاَزِمٌ لِمَنْ قَالَ‏:‏ إنَّ مَنْ تَدَلَّكَ فِي الْغُسْلِ فَهُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ‏;‏ وَالْغُسْلُ وَاجِبٌ بِيَقِينٍ‏;‏ فَلاَ يَسْقُطُ إلاَّ بِيَقِينٍ مِثْلِهِ‏;‏ وَلِمَنْ أَوْجَبَ مَسْحَ جَمِيعِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ نَفْسِهَا‏;‏ وَمِثْلُ هَذَا لَهُمْ كَثِيرٌ جِدًّا وأما نَحْنُ فَإِنَّ هَذَا لاَ يَلْزَمُ عِنْدَنَا‏;‏ لأَِنَّ الْفَرَائِضَ لاَ تَجِبُ إلاَّ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ‏.‏

وَمَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَ فِي الاِسْتِدْلاَلِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ إيجَابَ الْفَرَائِضِ وَشَرْعِ الشَّرَائِعِ بِاخْتِلاَفٍ‏;‏ لاَ نَصَّ فِيهِ‏,‏ وَهَذَا بَاطِلٌ‏;‏ وَلَمْ يَتَّفِقْ قَطُّ عَلَى وُجُوبِ إيعَابِ جَمِيعِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ، وَلاَ عَلَى التَّدَلُّكِ فِي الْغُسْلِ، وَلاَ عَلَى إيجَابِ الزَّكَاةِ فِي خَمْسِ مِنْ الْبَقَرِ فَصَاعِدًا إلَى الْخَمْسِينَ وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ اسْتِدْلاَلُهُمْ هَذَا صَحِيحًا لَوْ وَافَقْنَاهُمْ عَلَى وُجُوبِ كُلِّ ذَلِكَ ثُمَّ أَسْقَطْنَا وُجُوبَهُ بِلاَ بُرْهَانٍ‏;‏ وَنَحْنُ لَنْ نُوَافِقَهُمْ قَطُّ عَلَى وُجُوبِ غُسْلٍ فِيهِ تَدَلُّكٌ، وَلاَ عَلَى إيجَابِ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ‏,‏ وَلاَ عَلَى إيجَابِ زَكَاةٍ فِي خَمْسٍ مِنْ الْبَقَرِ فَصَاعِدًا‏;‏ وَإِنَّمَا وَافَقْنَاهُمْ عَلَى إيجَابِ الْغُسْلِ دُون تَدَلُّكٍ‏,‏ وَعَلَى إيجَابِ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ لاَ كُلِّهِ‏;‏ وَعَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي عَدَدٍ مَا مِنْ الْبَقَرِ لاَ فِي كُلِّ عَدَدٍ مِنْهَا‏;‏ فَزَادُوا هُمْ بِغَيْرِ نَصٍّ، وَلاَ إجْمَاعٍ إيجَابَ التَّدَلُّكِ‏,‏ وَمَسْحَ جَمِيعِ الرَّأْسِ‏,‏ وَالزَّكَاةَ فِي خَمْسٍ مِنْ الْبَقَرِ فَصَاعِدًا‏;‏ وَهَذَا شَرْعٌ بِلاَ نَصٍّ، وَلاَ إجْمَاعٍ‏,‏ وَهَذَا لاَ يَجُوزُ‏;‏ فَهَذَا يَلْزَمُ ضَبْطُهُ‏;‏ لِئَلاَّ يُمَوِّهَ فِيهِ أَهْلُ التَّمْوِيهِ بِالْبَاطِلِ‏,‏ فَيَدَّعُوا إجْمَاعًا حَيْثُ لاَ إجْمَاعَ‏,‏ وَيُشَرِّعُوا الشَّرَائِعَ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ‏,‏ وَيُخَالِفُوا الإِجْمَاعَ الْمُتَيَقَّنَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وأما احْتِجَاجُهُمْ بِقِيَاسِ الْبَقَرِ عَلَى الإِبِلِ فِي الزَّكَاةِ فَلاَزِمٌ لاَِصْحَابِ الْقِيَاسِ لُزُومًا لاَ انْفِكَاكَ لَهُ‏;‏ فَلَوْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْ الْقِيَاسِ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ صَحِيحًا وَمَا نَعْلَمُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الإِبِلِ‏,‏ وَالْبَقَرِ فَرْقًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ‏.‏

وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ يَقِيسُ مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ فَرْجَ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ فِي النِّكَاحِ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى مَا تُقْطَعُ فِيهِ يَدُ السَّارِقِ‏,‏ وَمَنْ يَقِيسُ حَدَّ الشَّارِبِ عَلَى حَدِّ الْقَاذِفِ‏,‏ وَمَنْ يَقِيسُ السَّقَمُونْيَا عَلَى الْقَمْحِ وَالتَّمْرِ‏,‏ وَيَقِيسُ الْحَدِيدَ‏,‏ وَالرَّصَاصَ وَالصُّفْرَ‏:‏ عَلَى الذَّهَبِ‏,‏ وَالْفِضَّةِ‏;‏ وَيَقِيسُ الْجِصَّ عَلَى الْبُرِّ وَالتَّمْرِ‏,‏ فِي الرِّبَا‏,‏ وَيَقِيسُ الْجَوْزَ عَلَى الْقَمْحِ فِي الرِّبَا‏;‏ وَسَائِرِ تِلْكَ الْمَقَايِيسِ السَّخِيفَةِ وَتِلْكَ الْعِلَلِ الْمُفْتَرَاةِ الْغَثَّةِ‏:‏ أَنْ يَقِيسَ الْبَقَرَ عَلَى الإِبِلِ فِي الزَّكَاةِ‏;‏ وَإِلاَّ فَقَدْ تَحَكَّمُوا بِالْبَاطِلِ‏;‏ وأما نَحْنُ فَالْقِيَاسُ كُلُّهُ عِنْدَنَا بَاطِلٌ وأما قَوْلُهُمْ‏:‏ لَمْ نَجِدْ فِي الآُصُولِ مَا يَكُونُ وَقْصُهُ ثَلاَثِينَ‏,‏ فَإِنَّهُ عِنْدَنَا تَخْلِيطٌ وَهَوَسٌ لَكِنَّهُ لاَزِمٌ أَصَحُّ لُزُومٍ لِمَنْ قَالَ مُحْتَجًّا لِبَاطِلٍ قَوْلَهُ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ مَا بَيْنَ الأَرْبَعِينَ وَالسِّتِّينَ مِنْ الْبَقَرِ‏:‏ إنَّنَا لَمْ نَجِدْ فِي الآُصُولِ مَا يَكُونُ وَقْصُهُ تِسْعَةَ عَشَرَ‏,‏ وَلَكِنَّ الْقَوْمَ مُتَحَكِّمُونَ فَسَقَطَ كُلُّ مَا احْتَجُّوا بِهِ عَنَّا‏,‏ وَظَهَرَ لُزُومُهُ لِلْحَنَفِيِّينَ‏,‏ وَالْمَالِكِيِّينَ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّينَ‏,‏ لاَ سِيَّمَا لِمَنْ قَالَ‏:‏ بِالْقَوْلِ الْمَشْهُورِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ‏,‏ الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ فِيهِ بِشَيْءٍ أَصْلاً ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ فِي الثَّلاَثِينَ تَبِيعًا‏,‏ وَفِي الأَرْبَعِينَ مُسِنَّةً‏,‏ وَلَمْ يُوجِبْ بَيْنَ ذَلِكَ، وَلاَ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ إلَى السِّتِّينَ شَيْئًا‏:‏ فَوَجَدْنَا الآثَارَ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا عَنْ مُعَاذٍ وَغَيْرِهِ مُرْسَلَةً كُلَّهَا‏,‏ إلاَّ حَدِيثَ بَقِيَّةَ‏;‏ لأَِنَّ مَسْرُوقًا لَمْ يَلْقَ مُعَاذًا‏;‏ وَبَقِيَّةَ ضَعِيفٌ لاَ يُحْتَجُّ بِنَقْلِهِ‏,‏ أَسْقَطَهُ وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ‏,‏ وَالْحُجَّةُ لاَ تَجِبُ إلاَّ بِالْمُسْنَدِ مِنْ نَقْلِ الثِّقَاتِ‏.‏

فإن قيل‏:‏ إنَّ مَسْرُوقًا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَلْقَ مُعَاذًا فَقَدْ كَانَ بِالْيَمَنِ رَجُلاً أَيَّامَ كَوْنِ مُعَاذٍ هُنَالِكَ‏;‏ وَشَاهَدَ أَحْكَامَهُ‏,‏ فَهَذَا عِنْدَهُ عَنْ مُعَاذٍ بِنَقْلِ الْكَافَّةِ‏.‏

قلنا‏:‏ لَوْ أَنَّ مَسْرُوقًا ذَكَرَ أَنَّ الْكَافَّةَ أَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ عَنْ مُعَاذٍ لَقَامَتْ الْحُجَّةُ بِذَلِكَ‏;‏ فَمَسْرُوقٌ هُوَ الثِّقَةُ الإِمَامُ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ‏:‏ لَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ قَطُّ هَذَا، وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُقَوَّلَ مَسْرُوقٌ رحمه الله مَا لَمْ يَقُلْ فَيُكْذَبُ عَلَيْهِ‏;‏ وَلَكِنْ لَمَّا أَمْكَنَ فِي ظَاهِرِ الأَمْرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ مَسْرُوقٍ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ تَوَاتُرٍ‏,‏ أَوْ عَنْ ثِقَةٍ‏;‏ أَوْ عَمَّنْ لاَ تَجُوزُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ‏:‏ لَمْ يَجُزْ الْقَطْعُ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بِالظَّنِّ الَّذِي هُوَ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ‏,‏ وَنَحْنُ نَقْطَعُ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَوْ كَانَ عِنْدَ مَسْرُوقٍ عَنْ ثِقَةٍ لَمَا كَتَمَهُ‏,‏ وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا طَمَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمُتَكَفِّلُ بِحِفْظِ الذِّكْرِ الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِ عليه السلام الْمُتِمِّ لِدِينِهِ‏:‏ لَنَا هَذَا الطَّمْسُ حَتَّى لاَ يَأْتِيَ إلاَّ مِنْ طَرِيقٍ وَاهِيَةٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَيْضًا‏:‏ فَإِنْ زَمُّوا أَيْدِيَهُمْ وَقَالُوا‏:‏ هُوَ حُجَّةٌ‏,‏ وَالْمُرْسَلُ هَاهُنَا وَالْمُسْنَدُ سَوَاءٌ‏.‏

قلنا لَهُمْ‏:‏ فَلاَ عَلَيْكُمْ‏;‏ خُذُوا مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ بِعَيْنِهَا مَا حَدَّثَنَاهُ حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ

حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِشْوَرُ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَافِيِّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ هُوَ أَبُو وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الأَجْدَعِ قَالَ‏:‏ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ وَحَالِمَةٍ دِينَارًا أَوْ قِيمَتَهُ مِنْ الْمَعَافِرِيِّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَسُورُ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ رِفَاعَةَ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَمٍ، حدثنا جَرِيرٌ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ، هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ‏:‏ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى مُعَاذٍ وَهُوَ بِالْيَمَنِ‏:‏ أَنَّ فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ أَوْ سُقِيَ غِيلاً الْعُشْرُ‏,‏ وَفِيمَا سُقِيَ بِالْغَرْبِ نِصْفُ الْعُشْرِ‏,‏ وَفِي الْحَالِمِ وَالْحَالِمَةِ دِينَارٌ أَوْ عِدْلُهُ مِنْ الْمُعَافِرِ‏.‏

وَبِهِ إلَى أَبِي عُبَيْدٍ

حدثنا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ‏:‏ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ‏:‏ أَنَّهُ مَنْ كَانَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ فَإِنَّهُ لاَ يُفْتَنُ عَنْهَا‏;‏ وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ‏,‏ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ دِينَارٌ وَافٍ أَوْ عِدْلُهُ مِنْ الْمَعَافِرِ‏,‏ فَمَنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى رُسُلِي فَإِنَّ لَهُ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ‏;‏ وَمَنْ مَنَعَهُ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ‏.‏

فَهَذِهِ رِوَايَةُ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذٍ‏,‏ وَهُوَ حَدِيثُ زَكَاةِ الْبَقَرِ بِعَيْنِهِ‏,‏ وَمُرْسَلٌ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ‏,‏ وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ‏;‏ فَإِنْ كَانَتْ مُرْسَلاَتُهُمْ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ صَحِيحَةٌ وَاجِبًا أَخْذُهَا فَمُرْسَلاَتُهُمْ هَذِهِ صَحِيحَةٌ وَاجِبٌ أَخْذُهَا‏,‏ وَإِنْ كَانَتْ مُرْسَلاَتُهُمْ هَذِهِ لاَ تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ فَمُرْسَلاَتُهُمْ تِلْكَ لاَ تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ فإن قيل‏:‏ فَإِنَّكُمْ تَقُولُونَ بِمَا فِي هَذِهِ الْمُرْسَلاَتِ، وَلاَ تَقُولُونَ‏:‏ بِتِلْكَ‏,‏ فَكَيْف هَذَا قلنا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏:‏ مَا قلنا بِهَذِهِ، وَلاَ بِتِلْكَ‏,‏ وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ أَنْ نَقُولَ بِمُرْسَلٍ لَكِنَّا أَوْجَبْنَا الْجِزْيَةَ عَلَى كُلِّ كِتَابِيٍّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ‏,‏ وَلَمْ نَخُصَّ مِنْهُ امْرَأَةً، وَلاَ عَبْدًا‏,‏ وأما بِهَذِهِ الآثَارِ فَلاَ قال أبو محمد‏:‏ لاَ سِيَّمَا الْحَنَفِيِّينَ فَإِنَّهُمْ خَالَفُوا مُرْسَلاَتِ مُعَاذٍ تِلْكَ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنْ الأَوْقَاصِ وَالْعَسَلِ‏:‏ كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أُتِيَ بِوَقْصِ الْبَقَرِ وَالْعَسَلِ فَلَمْ يَأْخُذْهُ‏;‏ فَقَالَ‏:‏ كِلاَهُمَا لَمْ يَأْمُرْنِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ مُعَاذٍ حُجَّةً إذَا وَافَقَ هَوَى الْحَنَفِيِّينَ وَرَأْيَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلاَ يَكُونُ حُجَّةً إذَا لَمْ يُوَافِقْهُمَا‏,‏ مَا نَدْرِي أَيُّ دِينٍ يَبْقَى مَعَ هَذَا الْعَمَلِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلاَنِ وَالضَّلاَلِ وَمِنْ أَنْ يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَانَا فَإِنْ احْتَجُّوا بِصَحِيفَةِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قلنا‏:‏ هِيَ مُنْقَطِعَةٌ أَيْضًا لاَ تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ‏,‏ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْجَزَرِيُّ الَّذِي رَوَاهَا مُتَّفَقٌ عَلَى تَرْكِهِ وَأَنَّهُ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ‏.‏

فَإِنْ أَبَيْتُمْ وَلَجَجْتُمْ وَظَنَنْتُمْ أَنَّكُمْ شَدَدْتُمْ أَيْدِيَكُمْ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ فَدُونَكُمُوهَا‏:‏ كَمَا حَدَّثْنَهَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، حدثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حدثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْجَزَرِيِّ، حدثنا الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ‏,‏ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ‏,‏ وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ فَذَكَرَ الْكِتَابَ‏.‏

وَفِيهِ وَفِي كُلِّ ثَلاَثِينَ بَاقُورَةً تَبِيعٌ‏,‏ جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ‏,‏ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَاقُورَةً بَقَرَةٌ‏,‏ وَفِيهِ أَيْضًا وَفِي كُلِّ خَمْسِ أَوَاقِيَّ مِنْ الْوَرِقِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ‏.‏

حدثنا حمام قَالَ

حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَابُلِيِّ بِبَغْدَادَ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ‏,‏ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ جَدِّهِمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أَنَّهُ كَتَبَ هَذَا الْكِتَابَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ أَمَّرَهُ عَلَى الْيَمَنِ وَفِيهِ الزَّكَاةُ لَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ‏,‏ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الأَرْبَعِينَ صَدَقَةٌ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ الذَّهَبَ قِيمَةَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِي قِيمَةِ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِينَارًا‏;‏ فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَفِيهَا دِينَارٌ‏.‏

قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ‏:‏ وَهَذَا عَنْ ابْنَيْ حَزْمٍ أَيْضًا فَرَائِضُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ لَيْسَ فِيمَا دُونَ ثَلاَثِينَ صَدَقَةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ الثَّلاَثِينَ فَفِيهَا فَحْلٌ جَذَعٌ‏,‏ إلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا بَقَرَةٌ مُسِنَّةٌ إلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتِّينَ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَانِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ أَبُو أُوَيْسٍ ضَعِيفٌ وَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ مَعَ ذَلِكَ وَوَاللَّهِ لَوْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْ هَذَا مَا تَرَدَّدْنَا فِي الأَخْذِ بِهِ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ مَا نَرَى الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ‏,‏ وَالْحَنَفِيِّينَ إلاَّ قَدْ انْحَلَّتْ عَزَائِمُهُمْ فِي الأَخْذِ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ الْمَذْكُورِ وَبِصَحِيفَةِ ابْنِ حَزْمٍ‏,‏ وَلاَ بُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ‏;‏ أَوْ الأَخْذِ بِأَنْ لاَ صَدَقَةَ فِي ذَهَبٍ لَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا إلاَّ بِالْقِيمَةِ بِالْفِضَّةِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ‏,‏ وَالزُّهْرِيِّ‏,‏ وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ وَغَيْرِهِمْ‏,‏ وَأَنْ يَأْخُذَ الْمَالِكِيُّونَ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّونَ بِوُجُوبِ الأَوْقَاصِ فِي الدَّرَاهِمِ وَبِإِيجَابِ الْجِزْيَةِ عَلَى النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ‏,‏ أَوْ التَّحَكُّمِ فِي الدِّينِ بِالْبَاطِلِ فَيَأْخُذُوا مَا اشْتَهَوْا وَيَتْرُكُوا مَا اشْتَهَوْا‏;‏ وَهَذِهِ وَاَللَّهِ أَخْزَى فِي الْعَاجِلَةِ وَالآجِلَةِ وَأَلْزَمُ وَأَنْدَمُ‏,‏ ‏,‏ وَالْحَنَفِيُّونَ يَقُولُونَ‏:‏ إنَّ الرَّاوِيَ إذَا تَرَكَ مَا رَوَى دَلَّ ذَلِكَ عَلَى سُقُوطِ رِوَايَتِهِ‏,‏ وَالزُّهْرِيُّ هُوَ رَوَى صَحِيفَةَ ابْنِ حَزْمٍ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ وَتَرَكَهَا فَهَلاَّ تَرَكُوهَا وَقَالُوا‏:‏ لَمْ يَتْرُكْهَا لاَ لِفَضْلِ عِلْمٍ كَانَ عِنْدَهُ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَهُمْ حَدِيثُ مُعَاذٍ لَكَانَ مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ الأَخْبَارِ بِأَنَّ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ كَزَكَاةِ الإِبِلِ مِثْلُهَا فِي الإِسْنَادِ وَوَارِدَةٌ بِحُكْمٍ زَائِدٍ لاَ يَجُوزُ تَرْكُهُ‏,‏ وَكَانَ الآخِذُ بِتِلْكَ آخِذًا بِهَذِهِ‏,‏ وَكَانَ الآخِذُ بِهَذِهِ‏,‏ دُونَ تِلْكَ عَاصِيًا لِتِلْكَ فَبَطَلَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ طَرِيقِ الآثَارِ جُمْلَةً فَإِنْ تَعَلَّقُوا بِعَلِيٍّ‏,‏ وَمُعَاذٍ‏,‏ وَأَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنهم قلنا لَهُمْ‏:‏ الْخَبَرُ عَنْ مُعَاذٍ مُنْقَطِعٌ‏,‏ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ لَمْ يَرْوِهِ إلاَّ ابْنُ أَبِي لَيْلَى مُحَمَّدٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ و أَمَّا عَنْ عَلِيٍّ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَلاَ يَصِحُّ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم سِوَاهُ وَقَدْ رُوِّينَا قَبْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ‏,‏ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خِلاَفَ ذَلِكَ، وَلاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ صَاحِبٍ إذَا خَالَفَهُ صَاحِبٌ آخَرُ ثُمَّ إنْ لَجَجْتُمْ فِي التَّعَلُّقِ بِعَلِيٍّ هَاهُنَا فَاسْمَعُوا قَوْلَ عَلِيٍّ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ نَفْسِهَا

حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ فِي خَمْسٍ مِنْ الإِبِلِ شَاةٌ وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ وَفِي خَمْسَ عَشَرَةَ ثَلاَثُ شِيَاهٍ‏,‏ وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ‏,‏ وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسُ شِيَاهٍ‏,‏ وَفِي سِتٍّ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ‏,‏ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَثَلاَثِينَ‏;‏ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ‏,‏ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ أَوْ قَالَ‏:‏ الْجَمَلُ حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا جَذَعَةٌ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَسَبْعِينَ‏,‏ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعِينَ‏;‏ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ‏,‏ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ‏,‏ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ‏,‏ وَفِي الْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلاَثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ حَوْلِيِّ‏,‏ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيِّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ إذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ سِنًّا فَوْقَ سِنٍّ رَدَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ شَاتَيْنِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ مَا نَرَى الْحَنَفِيِّينَ‏,‏ وَالْمَالِكِيِّينَ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّينَ إلاَّ قَدْ بَرُدَ نَشَاطُهُمْ فِي الاِحْتِجَاجِ بِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ‏,‏ وَلاَ بُدَّ لَهُمْ مِنْ الأَخْذِ بِكُلِّ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذَا الْخَبَرِ نَفْسِهِ‏,‏ مِمَّا خَالَفُوهُ وَأَخَذَ بِهِ غَيْرُهُمْ مِنْ السَّلَفِ‏,‏ أَوْ تَرْكِ الاِحْتِجَاجَ بِمَا لَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ التَّلاَعُبِ بِالسُّنَنِ وَالْهَزْلِ فِي الدِّينِ أَنْ يَأْخُذُوا مَا أَحَبُّوا وَيَتْرُكُوا مَا أَحَبُّوا لاَ سِيَّمَا وَبَعْضُهُمْ هَوَّلَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا بِأَنَّهُ مُسْنَدٌ فَلْيَهِنْهُمْ خِلاَفُهُ إنْ كَانَ مُسْنَدًا‏,‏ وَلَوْ كَانَ مُسْنَدًا مَا اسْتَحْلَلْنَا خِلاَفَهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

فَلَمْ يَبْقَ لِمَنْ قَالَ بِالتَّبِيعِ وَالْمُسِنَّةِ فَقَطْ فِي الْبَقَرِ حُجَّةٌ أَصْلاً‏,‏ وَلاَ قِيَاسَ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ فَبَطَلَ قَوْلُهُمْ جُمْلَةً بِلاَ شَكٍّ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏.‏

أُمًّا الْقَوْلُ الْمَأْثُورُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ لاَ قُرْآنٌ يُعَضِّدُهُ، وَلاَ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ تَنْصُرُهُ‏,‏ وَلاَ رِوَايَةٌ فَاسِدَةٌ تُؤَيِّدُهُ‏,‏ وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ يَشُدُّهُ‏,‏ وَلاَ قِيَاسٌ يُمَوِّهُهُ‏,‏ وَلاَ رَأْيٌ لَهُ وَجْهٌ يُسَدِّدُهُ‏.‏

إلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ‏:‏ لَمْ نَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَاشِيَةِ وَقْصًا مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ‏.‏

فَقِيلَ لَهُمْ‏:‏ وَلاَ وَجَدْتُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ زَكَاةِ الْمَوَاشِي جُزْءًا مِنْ رَأْسٍ وَاحِدٍ‏.‏

فَإِنْ قَالُوا‏:‏ أَوْجَبَهُ الدَّلِيلُ‏.‏

قِيلَ لَهُمْ‏:‏ كَذَبْتُمْ مَا أَوْجَبَهُ دَلِيلٌ قَطُّ‏,‏ وَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى رَأْيَ النَّخَعِيِّ وَحْدَهُ دَلِيلاً فِي دِينِهِ‏:‏ وَقَدْ وَجَدْنَا الأَوْقَاصَ تَخْتَلِفُ‏,‏ فَمَرَّةً هُوَ فِي الإِبِلِ أَرْبَعٌ‏,‏ وَمَرَّةً عَشْرَةٌ‏,‏ وَمَرَّةً تِسْعَةٌ‏,‏ وَمَرَّةً أَرْبَعَةَ عَشَرَ‏,‏ وَمَرَّةً أَحَدَ عَشَرَ‏,‏ وَمَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ‏,‏ وَمَرَّةً هُوَ فِي الْغَنَمِ ثَمَانُونَ‏,‏ وَمَرَّةً تِسْعَةٌ وَسَبْعُونَ‏,‏ وَمَرَّةً مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ‏,‏ وَمَرَّةً تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَأَيُّ نَكِرَةٍ فِي أَنْ تَكُونَ تِسْعَةَ عَشَرَ إذَا صَحَّ بِذَلِكَ دَلِيلٌ لَوْلاَ الْهَوَى وَالْجَهْلُ فَلَمْ يَبْقَ إلاَّ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ عَمَلِ عُمَّالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ‏,‏ وَعَمَلِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، وَ، هُوَ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ‏,‏ وَمِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ جِدًّا بِالْمَدِينَةِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ‏:‏ فَوَجَدْنَا لاَ يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا مِنْ طَرِيقِ إسْنَادِ الآحَادِ، وَلاَ مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ شَيْءٌ كَمَا قَدَّمْنَا‏,‏ وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم لاَ يُعَارِضُهُ غَيْرُهُ‏,‏ وَلاَ يَحِلُّ أَنْ تُؤْخَذَ شَرِيعَةٌ إلاَّ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى إمَّا مِنْ الْقُرْآنِ‏,‏ وأما مِنْ نَقْلٍ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَرِيقِ الآحَادِ وَالتَّوَاتُرِ بَيَانُ زَكَاةِ الْبَقَرِ‏,‏ وَوَجَدْنَا الإِجْمَاعَ الْمُتَيَقَّنَ الْمَقْطُوعَ بِهِ‏,‏ الَّذِي لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَالَ بِهِ‏,‏ وَحَكَمَ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمِنْ دُونِهِمْ قَدْ صَحَّ عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ خَمْسِينَ بَقَرَةً‏:‏ بَقَرَةٌ‏;‏ فَكَانَ هَذَا حَقًّا مَقْطُوعًا بِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ‏;‏ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ‏,‏ وَكَانَ مَا دُونَ ذَلِكَ مُخْتَلِفًا فِيهِ‏,‏ وَلاَ نَصَّ فِي إيجَابِهِ‏;‏ فَلَمْ يَجُزْ الْقَوْلُ بِهِ‏.‏

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ‏}‏‏.‏

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ فَلَمْ يَحِلَّ‏,‏ أَخْذُ مَالِ مُسْلِمٍ‏,‏ وَلاَ إيجَابُ شَرِيعَةٍ بِزَكَاةٍ مَفْرُوضَةٍ بِغَيْرِ يَقِينٍ‏,‏ مِنْ نَصٍّ صَحِيحٍ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ‏.‏

وَلاَ يَغْتَرَّنَّ مُغْتَرٌّ بِدَعْوَاهُمْ‏:‏ أَنَّ الْعَمَلَ بِقَوْلِهِمْ كَانَ مَشْهُورًا‏;‏ فَهَذَا بَاطِلٌ‏,‏ وَمَا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ إلاَّ خَامِلاً فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم‏,‏ وَلاَ يُؤْخَذُ إلاَّ عَنْ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ‏,‏ بِاخْتِلاَفٍ مِنْهُمْ أَيْضًا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ ثُمَّ اسْتَدْرَكْنَا فَوَجَدْنَا حَدِيثَ مَسْرُوقٍ إنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ فِعْلَ مُعَاذٍ بِالْيَمَنِ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ‏;‏ وَهُوَ بِلاَ شَكٍّ قَدْ أَدْرَكَ مُعَاذًا وَشَهِدَ حُكْمَهُ وَعَمَلَهُ الْمَشْهُورَ الْمُنْتَشِرَ‏,‏ فَصَارَ نَقْلُهُ لِذَلِكَ‏,‏ وَلاَِنَّهُ عَنْ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَقْلاً عَنْ الْكَافَّةِ عَنْ مُعَاذٍ بِلاَ شَكٍّ‏;‏ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ‏.‏