فصل: 1063 - مسألة‏:‏ َكُلُّ حَيَوَانٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَذَكَّاهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الآخَرِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


1063 - مسألة‏:‏

وَكُلُّ حَيَوَانٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَذَكَّاهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الآخَرِ، فَهُوَ مَيْتَةٌ لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ مِثْلَ حِصَّتِهِ مُشَاعًا فِي حَيَوَانٍ مِثْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلاً فَقِيمَتُهُ، إِلاَّ أَنْ يَرَى بِهِ مَوْتًا أَوْ تَعْظُمُ مُؤْنَتُهُ فَيَضِيعُ، فَلَهُ تَذْكِيَتُهُ حِينَئِذٍ، وَهُوَ حَلاَلٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحْرِيمِ اللَّهِ تَعَالَى أَكْلَ أَمْوَالِنَا بِالْبَاطِلِ‏.‏

وَقَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا‏}‏ فَهُوَ مُتَعَدٍّ فِي ذَبْحِهِ مَتَاعَ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ صَلاَحًا جَازَ كَمَا قلنا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى‏}‏ وَلِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا‏.‏

1064 - مسألة‏:‏

وَمَنْ أَمَرَ أَهْلَهُ، أَوْ وَكِيلَهُ، أَوْ خَادِمَهُ بِتَذْكِيَةِ مَا شَاءُوا مِنْ حَيَوَانِهِ، أَوْ مَا احْتَاجُوا إلَيْهِ فِي حَضْرَتِهِ، أَوْ مَغِيبِهِ جَازَ ذَلِكَ، وَهِيَ ذَكَاةٌ صَحِيحَةٌ لأََنَّهُ بِإِذْنِهِ كَانَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَعَدَّ الْمُذَكِّي حِينَئِذٍ وَلَهُ ذَلِكَ فِي مَالِ نَفْسِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1065 - مسألة‏:‏

وَلاَ يَحِلُّ كَسْرُ قَفَا الذَّبِيحَةِ حَتَّى تَمُوتَ فَإِنْ فَعَلَ بَعْدَ تَمَامِ الذَّكَاةِ فَقَدْ عَصَى وَلَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهَا بِذَلِكَ، لأََنَّهُ لَمْ يُرِحْ ذَبِيحَتَهُ، إذْ كَسَرَ عُنُقَهَا، وَلَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهَا، لأََنَّهُ إذَا تَمَّتْ ذَكَاتُهَا فَقَدْ حَلَّ أَكْلُهَا بِذَلِكَ إذَا مَاتَتْ‏.‏

1066 - مسألة‏:‏

وَكُلُّ مَا غَابَ عَنَّا مِمَّا ذَكَّاهُ مُسْلِمٌ فَاسِقٌ، أَوْ جَاهِلٌ، أَوْ كِتَابِيٌّ فَحَلاَلٌ أَكْلُهُ لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ أَبُو ثَابِتٍ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لاَ نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لاَ فَقَالَ عليه السلام‏:‏ سَمُّوا اللَّهَ أَنْتُمْ وَكُلُوا، قَالَتْ عَائِشَةُ‏:‏ وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ‏.‏

فَإِنْ قَالُوا‏:‏ وَقَدْ رَوَيْتُمْ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَفِيهِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ‏:‏ اجْتَهِدُوا إيمَانَهُمْ وَكُلُوا‏.‏

قلنا‏:‏ نَعَمْ، رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا مُرْسَلٌ، وَالْمُرْسَلُ لاَ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1067 - مسألة‏:‏

وَكُلُّ مَا تَرَدَّى أَوْ أَصَابَهُ سَبُعٌ أَوْ نَطَحَهُ نَاطِحٌ، أَوْ انْخَنَقَ فَانْتَثَرَ دِمَاغُهُ، أَوْ انْقَرَضَ مُصْرَانُهُ، أَوْ انْقَطَعَ نُخَاعُهُ، أَوْ انْتَشَرَتْ حَشْوَتُهُ فَأُدْرِكَ وَفِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْحَيَاةِ فَذُبِحَ أَوْ نُحِرَ‏:‏ حَلَّ أَكْلُهُ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ تَعَالَى مَا مَاتَ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ‏.‏ بُرْهَانُهُ‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ‏}‏ فَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ، وَلاَ نُبَالِي مِنْ أَيِّهِمَا مَاتَ قَبْلُ، لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ بَلْ أَبَاحَ مَا ذَكَّيْنَا قَبْلَ الْمَوْتِ، فَلَوْ قَطَعَ السَّبُعُ حَلْقَهَا نُحِرَتْ وَحَلَّ أَكْلُهَا، وَلَوْ بَقِيَ فِي الْحَلْقِ مَوْضِعٌ يُذْبَحُ فِيهِ ذُبِحَتْ وَحَلَّ أَكْلُهَا‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ وَجَدَ شَاةً لَهُمْ تَمُوتُ فَذَبَحَهَا فَتَحَرَّكَتْ فَسَأَلْت زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ‏:‏ إنَّ الْمَيْتَةَ لاَ تَتَحَرَّكُ ‏;‏ فَسَأَلْت أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ‏:‏ كُلْهَا إذَا طَرَفَتْ عَيْنُهَا، أَوْ تَحَرَّكَتْ قَائِمَةً مِنْ قَوَائِمهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ إذَا ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا أَوْ طَرَفَتْ بِعَيْنِهَا فَهِيَ ذَكِيٌّ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الأَسَدِيِّ قَالَ‏:‏ عَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ فَفَرَى بَطْنَهَا فَسَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى الأَرْضِ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ‏:‏ اُنْظُرْ مَا سَقَطَ مِنْهَا إلَى الأَرْضِ فَلاَ تَأْكُلْهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُذَكِّيَهَا فَيَأْكُلَهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُد الْخُرَيْبِيُّ عَنْ أَبِي شِهَابٍ هُوَ مُوسَى بْنُ رَافِعٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ‏:‏ رَأَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي دَارِنَا نَعَامَةً تَرْكُضُ بِرِجْلِهَا، فَقَالَ‏:‏ مَا هَذِهِ قلنا‏:‏ وَقِيذٌ وَقَعَتْ فِي بِئْرٍ، فَقَالَ‏:‏ ذَكُّوهَا، فَإِنَّ الْوَقِيذَ مَا مَاتَ فِي وَقْذِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَالْمُنْخَنِقَةُ‏}‏ قَالَ‏:‏ هِيَ الَّتِي تَمُوتُ فِي خِنَاقِهَا‏.‏ وَالْمَوْقُوذَةُ الَّتِي تُوقَذُ فَتَمُوتُ‏.‏ وَالْمُتَرَدِّيَةُ الَّتِي تَتَرَدَّى فَتَمُوتُ‏.‏ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ مِنْ هَذَا كُلِّهِ، فَإِذَا وَجَدْتهَا تَطْرِفُ عَيْنَهَا، أَوْ تُحَرِّكُ أُذُنَهَا مِنْ هَذَا كُلِّهِ‏:‏ مُنْخَنِقَةً، أَوْ مَوْقُوذَةً، أَوْ مُتَرَدِّيَةً، أَوْ مَا أَكَلَ السَّبُعُ، أَوْ نَطِيحَةً فَهِيَ لَك حَلاَلٌ إذَا ذَكَّيْتَهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الأَسَدِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ شَاةٍ بَقَرَ الذِّئْبُ بَطْنَهَا فَوَضَعَ قَصَبَهَا إلَى الأَرْضِ، ثُمَّ ذُبِحَتْ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ مَا سَقَطَ، مِنْ قَصَبِهَا إلَى الأَرْضِ فَلاَ تَأْكُلْهُ، فَإِنَّهُ مَيْتَةٌ، وَكُلْ مَا بَقِيَ، وَلاَ يُعْرَفُ لِمَنْ ذَكَرْنَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ يَأْخُذُ إسْمَاعِيلُ، وَمَا نَعْلَمُ لِلْقَوْلِ الآخَرِ حُجَّةً أَصْلاً، وَلاَ مُتَعَلِّقًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنَا حَجَّاجٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ‏:‏ إذَا وَجَدَ الْمَوْقُوذَةَ، وَالْمُتَرَدِّيَةَ، وَالنَّطِيحَةَ، وَمَا أَصَابَ السَّبُعُ‏:‏ فَوَجَدْتَ تَحْرِيكَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَذَكِّهَا وَكُلْ‏.‏ قَالَ هُشَيْمٌ‏:‏ وَأَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ ابْنَ أَخِي مَسْرُوقٍ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ صَيْدِ الْمَنَاجِلِ فَقَالَ‏:‏ إنَّهُ يَبِينُ مِنْهُ الشَّيْءُ وَهُوَ حَيٌّ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ‏:‏ أَمَّا مَا أَبَانَ مِنْهُ وَهُوَ حَيٌّ فَلاَ تَأْكُلْ وَكُلْ مَا سِوَى ذَلِكَ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ قَالَ‏:‏ يُنْظَرُ مِنْ أَيِّ الأَمْرَيْنِ مَاتَ قَبْلُ فَقَوْلٌ فَاسِدٌ، لأََنَّهُ لاَ يُقْدَرُ فِيهِ عَلَى بُرْهَانٍ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ، وَنَسْأَلُهُ عَمَّنْ ذَبَحَ، أَوْ نَحَرَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ رَمَى رَامٍ حَجَرًا، وَشَدَخَ رَأْسَ الذَّبِيحَةِ، أَوْ النَّحِيرَةِ، بَعْدَ تَمَامِ الذَّكَاةِ فَمَاتَتْ لِلْوَقْتِ أَتُؤْكَلُ أَمْ لاَ فَمِنْ قَوْلِهِمْ‏:‏ نَعَمْ‏.‏فَصَحَّ أَنَّ الْمُرَاعَى إنَّمَا هُوَ مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ مِمَّا ذُكِّيَ، ثُمَّ لاَ نُبَالِي مِمَّا مَاتَ أَمِنْ الذَّكَاةِ أَمْ مِنْ غَيْرِهَا لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَشْتَرِطْ لَنَا ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا‏.‏ وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُلْزِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى حُكْمًا، وَلاَ يُعَيِّنَهُ عَلَيْنَا‏.‏