فصل: كتاب القسمة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المختار للفتوى ***


كتاب القسمة

معنى الإفراز فيما لا يتفاوت أظهر كالمكيل والموزون، ومعنى المبادلة فيما يتفاوت أظهر كالحيوان والعقار، إلا أنه يجبر الممتنع منهما على القسمة إذا اتحد الجنس، ولا يجبر عند اختلاف الجنس، ولو اقتسموا بأنفسهم جاز، ويقسم على الصبي وصيه أو وليه؛ وينبغي للقاضي أن ينصب قاسمًا عدلًا مأمونا عالما بالقسمة يرزقه من بيت المال، أو يقدر له أجرًا يأخذه من المتقاسمين، وهو على عدد رءوسهم، ولا يجبر الناس على قاسم واحد، ولا يترك القسام يشتركون‏.‏ جماعة في أيديهم عقار طلبوا من القاضي قسمته، وادعوا أثه ميراث لم يقسمه حتى يقيموا البينة على الوفاة وعدد الورثة، فإن حضر وارثان فأقاما البينة على الوفاة وعدد الورثة ومعهما وارث غائب قسمه بينهم إلا أن يكون العقار في يد الغائب، وفي الشراء لا يقسمه إلا بحضرة الجميع، وإن حضر وارث واحد لم يقسم وإن أقام البينة‏.‏

وإذا طلب أحد الشركاء القسمة وكل منهم ينتفع بنصيبه قسم بينهم، وإن كانوا يستضرون لا يقسم، وإن كان أحدهما ينتفع بنصيبه والآخر يستضر قسم بطلب المنتفع، ولا يقسم الجوهر والرقيق والحمام والحائط والبئر بين دارين والرحى إلا بتراضيهم، ويقسم كل واحد من الدور والأراضي والحوانيت وحده، وتقسم البيوت قسمةً واحدةً، ويقسم سهمين من الغلو بسهم من السفل، ولا تدخل الدراهم في القسمة إلا بتراضيهم‏.‏

فصل ‏[‏القرعة في القسمة‏]‏

ينبغي للقاسم أن يقرع بينهم، فمن خرج اسمه على سهم أخذه، وليس لأحدهم الرجوع إذا قسم القاضي أو نائبه، فإن كان في نصيب أحدهم مسيل أو طريق لغيره لم يشرط، فإن أمكن صرفه عنه صرفه وإلا فسخت القسمة، وإذا شهدوا عليهم ثم ادعى أحدهم أن من نصيبه شيئًا في يد صاحبه لم تقبل إلا ببينة، وتقبل شهادة القاسمين على ذلك، وإن قال‏:‏ قبضته ثم أخذه منى فبينته أو يمين خصمه، وإن قال ذلك قبل الإشهاد تحالفا وفسخت القسمة، وإن استحق بعض نصيب أحدهم رجع في نصيب صاحبه بقسطه‏.‏

فصل ‏[‏جواز المهايأة‏]‏

المهايأة جائزة استحسانا، ولا تبطل بموتهما ولا بموت أحدهما، ولو طلب أحدهما القسمة بطلت، وتجوز في دار واحدة بأن يسكن كل منهما طائفةً أو أحدهما علوها والآخر سفلها، ولكل واحد منهما إجارة ما أصابه وأخذ غلته، وتجوز في عبد واحد يخدم هذا يوما وهذا يوما، وكذا في البيت الصغير، وفي عبدين يخدم كل واحد واحدًا، فإن شرطا طعام العبد على من يخدمه جاز، وفي الكسوة لا يجوز، ولا تجوز في غلة عبد ولا عبدين، ولا في ركوب دابة ولا دابتين، ولا في ثمرة الشجرة، ولا في لبن الغنم وأولادها، وتجوز في عبد ودار على السكنى والخدمة، وكذلك كل مختلفي المنفعة‏.‏

كتاب أدب القاضي

القضاء بالحق من أقوى الفرائض وأشرف العبادات، والأولى أن يكون القاضي مجتهدًا، فإن لم يوجد فيجب أن يكون من أهل الشهادة موثوقا به في دينه وأمانته وعقله وفهمه، عالمًا بالفقه والسنة، وكذلك المفتي، ولا يطلب الولاية ويكره الدخول فيه لمن يخاف العجز عن القيام به، ولا بأس به لمن يثق من نفسه أداء فرضه، ومن تعين له تفترض عليه الولاية، ويجوز التقليد من ولاة الجور، ويجوز قضاء المرأة فيما تقبل شهادتها فيه، فإذا قلد القضاء يطلب ديوان القاضي الذي قبله، وينظر في خرائطه وسجلاته، وعمل في الودائع وارتفاع الوقوف بما تقوم به البينة أو باعتراف من هو في يده، ولا يعمل بقول المعزول إلا أن يكون هو الذي سلمها إليه، ويجلس للقضاء جلوسا ظاهرًا في المسجد والجامع أولى، ويتخذ مترجما وكاتبا عدلًا مسلمًا له معرفة بالفقه، ويسوي بين الخصمين في الجلوس والإقبال والنظر والإشارة، ولا يسار أحدهما ولا يلقنه حجته، ولا يضحك لأحدهما، ولا يمازحهما، ولا أحدهما، ولا يضيف أحدهما دون الآخر، ولا يقبل هدية أجنبي لم يهد له قبل القضاء، ولا يحضر دعوةً إلا العامة، ويعود المرضى، ويشهد الجنائز، فإن حدث له هم، أو نعاس، أو غضب، أو جوع، أو عطش، أو حاجة حيوانية كف عن القضاء‏.‏

ولا يبيع ولا يشتري في المجلس لنفسه، ولا يستخلف على القضاء إلا أن يفوض إليه ذلك، ولا يقضي على غائب إلا أن يحضر من يقوم مقامه، أو ما يكون ما يدعيه على الغائب سببا لما يدعيه على الحاضر‏.‏

وإذا رفع إليه قضاء قاض أمضاه، إلا أن يخالف الكتاب أو السنة المشهورة أو الإجماع، ولا يجوز قضاوه لمن لا تقبل شهادته له، ويجوز لمن قلده وعليه؛ وإذا علم بشيء من حقوق العباد في زمن ولايته ومحلها جاز له أن يقضي به‏.‏ والقضاء بشهادة الزور ينفذ ظاهرًا وباطنا في العقود، والفسوخ‏:‏ كالنكاح، والطلاق، والبيع، وكذلك الهبة، والإرث‏.‏

وإذا ثبت الحق للمدعي وسأله حبس غريمه لم يحبسه وأمره بدفع ما عليه، فإن امتنع حبسه، فإن اقر أنه معسر خلى سبيله، وإن قال المدعي‏:‏ هو موسر وهو يقول‏:‏ أنا معسر، فإن كان القاضي يعرف يساره، أو كان الدين بدل مال كالثمن والقرض، أو التزمه كالمهر والكفالة وبدل الخلع ونحوه حبسه، ولا يحبسه فيما سوى ذلك إذا ادعى الفقر، إلا أن تقوم البينة أن له مالًا فيحبسه، فإذا حبسه مدةً يغلب على ظنه أنه لو كان له مال أظهره، وسأل عن حاله فلم يظهر له مال خلى سبيله؛ وإن قامت البينة على يساره أبد حبسه، ويحبس الرجل في نفقة زوجته، ولا يحبس والد في دين ولده إلا إذا امتنع من الإنفاق عليه‏.‏

فصل ‏[‏قبول كتاب القاضي إلى القاضي‏]‏

يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في كل حق لا يسقط بالشبهة، وفي النكاح والدين والغصب والأمانة المجحودة والمضاربة وفي النسب وفي العقار، ولا يقبل في المنقولات؛ وعن محمد أنه يقبل في جميع المنقولات، وعليه الفتوى، ولا يقبل إلا بينة أنه كتاب فلان القاضي، ولا بد أن يكتب إلى معلوم فإن شاء قال بعد ذلك‏:‏ وإلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين وإلا فلا، ويقرأ الكتاب على الشهود، ويعلمهم بما فيه، ويختمه بحضرتهم ويحفظوا ما فيه، وتكون أسماؤهم داخل الكتاب بالأب والجد؛ وأبو يوسف لم يشترط شيئا من ذلك لما ابتلى بالقضاء واختاره السرخسي وليس الخبر كالعيان، فإذا وصل إلى القاضي المكتوب إليه نظر في ختمه، فإذا شهدوا أنه كتاب فلان القاضي سلمه إلينا في مجلس حكمه، وقرأه علينا وختمه وفتحه وقرأه على الخصم وألزمه ما فيه ولا يقبله إلا بحضرة الخصم، فإن مات الكاتب، أو عزل، أو خرج عن أهلية القضاء قبل وصول كتابه بطل، وإن مات المكتوب إليه بطل، إلا أن يكون قال بعد اسمه‏:‏ وإلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين، وإن مات الخصم نفذ على ورثته، وإن لم يكن الخصم في بلد المكتوب إليه وطلب الطالب أن يسمع بينته ويكتب له كتابا إلى قاضي البلد الذي فيه خصمه كتب له، ويكتب في كتابه نسخة الكتاب الأول أو معناه‏.‏

فصل ‏[‏التحكيم فيما يسقط بالشبهة‏]‏

حكما رجلًا ليحكم بينهما جاز، ولا يجوز التحكيم فيما يسقط بالشبهة، ويشترط أن يكون من أهل القضاء، وله أن يسمع البينة ويقضي بالنكول والإقرار، فإذا حكم لزمهما، ولكل واحد منهما الرجوع قبل الحكم، وإن رفع حكمه إلى قاض أمضاه إن وافق مذهبه، وأبطله إن خالفه، ولا يجوز حكمه لمن لا تقبل شهادته له‏.‏

كتاب الحجر

وأسبابه‏:‏ الصغر والجنون والرق، ولا يجوز تصرف المجنون والصبي الذي لا يعقل أصلًا، وتصرف الذي يعقل إن أجازه وليه، أو كان أذن له يجوز، والعبد كالصبي الذي يعقل؛ والصبي والمجنون لا يصح عقودهما وإقرارهما وطلاقهما وعتاقهما، وإن أتلفا شيئا لزمهما، وأقوال العبد نافذة في حق نفسه، فإن أقر بمال لزمه بعد عتقه، وإن أقر بحد أو قصاص أو طلاق لزمه في الحال، وبلوغ الغلام بالاحتلام، أو الإحبال، أو الإنزال، أو بلوغ ثماني عشرة سنة‏.‏ والجارية بالاحتلام، أو الحيض، أو الحبل، أو بلوغ سبع عشرة سنةً؛ وإذا راهقا وقالا بلغنا صدقا، ولا يحجر على الحر العاقل البالغ وإن كان سفيها ينفق ماله فيما لا مصلحة له فيه، ثم إذا بلغ غير رشيد لا يسلم إليه ماله، فإذا بلغ خمسا وعشرين سنةً سلم إليه ماله، وإن لم يؤنس رشده وإن تصرف فيه قبل ذلك نفذ، ولا يحجر على الفاسق، ولا على المديون، فإن طلب غرماؤه حبسه، حبسه حتى يبيع ويوفي الدين، فإن كان ماله دراهم أو دنانير والدين مثله قضاه القاضي بغير أمره، وإن كان أحدهما دراهم والآخر دنانير أو بالعكس باعه القاضي في الدين، ولا يبيع العروض ولا العقار، وقالا‏:‏ يبيع وعليه الفتوى، وإن لم يظهر للمفلس مال فالحكم ما مر في أدب القاضي، ولا يحول بينه وبين غرمائه بعد خروجه من الحبس يلازمونه، ولا يمنعونه من التصرف والسفر، ويأخذون فضل كسبه يقتسمونه بينهم بالحصص‏.‏

كتاب المأذون

ويثبت بالصريح وبالدلالة كما لو رآه يبيع ويشتري فسكت، وسواء كان البيع للمولى أو لغيره بأمره أو بغير أمره صحيحا أو فاسدًا، ويصير مأذونا بالإذن العام والخاص، ولو أذن له بشراء طعام الأكل وثياب الكسوة لا يصير مأذونا، وللمأذون أن يبيع ويشتري ويوكل ويبضع ويضارب ويعير ويرهن ويسترهن ويؤجر ويستأجر ويسلم ويقبل السلم ويزارع ويشتري طعاما ويزرعه ويشارك عنانا، ولو أقر بدين أو غصب أو وديعة جاز، ولا يتزوج، ولا يزوج مماليكه، ولا يكاتب، ولا يعتق، ولا يقرض، ولا يهب، ولا يتصدق، ولا يتكفل، ويهدي القليل من الطعام، ويضيف معامليه ويأذن لرقيقه في التجارة، وما يلزمه من الديون بسبب الإذن متعلق برقبته يباع فيه إلا أن يفديه المولى، فإن لم يف بالديون، فإن فداه المولى بديون الغرماء انقطع حقهم عنه، وإلا يباع ويقسم ثمنه بين الغرماء بالحصص، فإن بقي شيء طولب به بعد الحرية، وإن حجر المولى عليه لم ينحجر حتى يعلم أهل سوقه أو أكثرهم بذلك، وإن ولدت المأذونة من مولاها فهو حجر، والإباق حجر؛ ولو مات المولى أو جن أو لحق بدار الحرب مرتدًا صار محجورًا، ويصح إقراره بمال يده بعد الحجر، وإذا استغرقت الديون ماله ورقبته لم يملك المولى شيئا من ماله، وإن أعتقه نفذ وضمن قيمته للغرماء وما بقي فعلى العبد، ويجوز أن يبيعه المولى بمثل الثمن أو أقل، ويجوز أن يبيع من المولى بمثل الثمن أو أكبر‏.‏

كتاب الإكراه

ويعتبر فيه قدرة المكره على إيقاع ما هدده به، وخوف المكره عاجلًا، وامتناعه من الفعل قبل الإكراه لحقه أو لحق آدمي أو لحق الشرع، وأن يكون المكره به نفسا أو عضوًا أو موجبًا غمًا ينعدم به الرضا، فلو أكره على بيع أو شراء أو إجارة أو إقرار بقتل أو ضرب شديد أو حبس ففعل ثم زال الإكراه، فإن شاء أمضاه، وإن شاء فسخه، وإن قبض العوض طوعا فهو إجازة، وإن قبضه مكرها فليس بإجازة، ويرده إن كان قائما، فإن هلك المبيع في يد المشتري وهو غير مكره فعليه قيمته، وللمكره أن يضمن المكره، وإن أكره على طلاق أو عتاق ففعل وقع ويرجع على المكره بقيمة العبد، والولاء للمعتق، وفي الطلاق بنصف المهر إن كان قبل الدخول وبما يلزمه من المتعة عند عدم التسمية، فإن أكره على شرب الخمر أو أكل الميتة أو على الكفر أو إتلاف مال مسلم أو ذمي بالحبس أو الضرب فليس بمكره، وإن أكرهه بإتلاف نفسه وسعه أن يفعل، وإن صبر حتى قتل كان مأجورًا، ولو أكره بالقتل على القتل لم يفعل ويصبر حتى يقتل، فإن قتل أثم والقصاص على المكره، وإن أكره على الردة لم تبن امرأته منه، ومن أكره على الزنا لا حد عليه‏.‏

كتاب الدعوى

المدعي من لا يجبر على الخصومة، والمدعي عليه من يجبر، ولا بد أن تكون الدعوى بشيء معلوم الجنس والقدر، فإن كان دينا ذكر أنه يطالبه به، وإن كان عينا كلف المدعي عليه إحضارها، فإن لم تكن حاضرةً ذكر قيمتها، وإن كان عقارًا ذكر حدوده الأربعة، وأسماء أصحابها ونسبهم إلى الجد، وذكر المحلة والبلد، ثم يذكر أنه في يد المدعي عليه وأنه يطالبه به، وإذا صحت الدعوى سأل القاضي المدعي عليه، فإن اعترف أو أقام المدعي بينةً قضى عليه، وإلا يستحلف، فإن حلف انقطعت الخصومة إلا أن تقوم البينة، وإن نكل يقضي عليه بالنكول، فإن قضى أول ما نكل جاز، والأولى أن يعرض عليه اليمين ثلاثا، ويثبت النكول بقوله لا أحلف، وبالسكوت إلا أن يكون به خرس أو طرش، ولا ترد اليمين على المدعي، وإن قال‏:‏ لي بينة حاضرة في المصر وطلب يمين خصمه لم يستحلف ويأخذ منه كفيلًا بنفسه ثلاثة أيام، وإن كان غريبا يلازمه مقدار مجلس القاضي، ولا يستحلف في النكاح والرجعة والفئ في الإيلاء والرق والاستيلاد والنسب والولاء والحدود، ويستحلف في القصاص، فإن نكل اقتص منه في الأطراف، وفي النفوس يحبس حتى يحلف أو يقر، وإن ادعت عليه طلاقا قبل الدخول استحلف، فإن نكل قضى عليه بنصف المهر واليمين بالله تعالى لا غير، وتغلظ باوصافه إن شاء القاضي، ويحتاط من التكرار، ولا تغلظ بزمان ولا مكان، ويستحلف اليهودي بالله الذي أنزل التوراة على موسى، والنصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، والمجوسي بالله الذي خلق النار، والوثني بالله، ولا يحلفون في بيوت عباداتهم، فيحلفه في البيع بالله ما بينكما بيع قائم فيما ذكر، وفي النكاح ما بينكما نكاح قائم في الحال، وفي الطلاق ماهي بائن منك الساعة، وفي الوديعة ماله هذا الذي ادعاه في يدك وديعة ولا شيء منه، ولا له قبلك حق، وإذا قال المدعي عليه هذا الشيء أودعنيه فلان الغائب، أو رهنه عندي، أو غصبته منه أو أعارني أو آجرني وأقام على ذلك بينةً فلا خصومة إلا أن يكون محتالًا، وإذا قال الشهود أودعه رجل لا نعرفه لم تندفع الخصومة‏.‏

فصل ‏[‏بينة الخارج وبينة ذي اليد‏]‏

بينة الخارج أولى من بينة ذي اليد على مطلق الملك، وإن أقام الخارج البينة على ملك مؤرخ، وذو اليد على ملك أسبق منه تاريخا فذ واليد أولى، ولو أقاما البينة على النتاج أو على نسج ثوب لا يتكرر نسجه فبينة ذي اليد أولى، وإن أقام كل واحد البينة على الشراء من الآخر ولا تاريخ لهما تهاترتا، وإن ادعيا نكاح امرأة، وأقاما البينة لم يقض لواحد منهما، وإن وقتا فهي للأول، وإن ادعيا عينا في يد ثالث وأقام كل واحد منهما البينة أنها له قضى بها بينهما، وإن ادعى كل واحد منهما الشراء من صاحب اليد، وأقام البينة فإن شاء كل واحد منهما أخذ نصف العبد وإن شاء ترك، فإن ترك أحدهما فليس للآخر أخذ جميعه، وإن وقتا فهو للأول، وإن وقت أحدهما أو كان معه قبض فهو أولى، وإن ادعى أحدهما شراءً والآخر هبةً وقبضًا أو صدقةً وقبضًا ولا تاريخ لهما فالشراء أولى، وإن ادعى الشراء وادعت أنه تزوجها عليه فهما سواء، وإن أقام الخارجان البينة على الملك والتاريخ، أو على الشراء من واحد أو من اثنين فأولهما أولى، وإن أرخ أحدهما فهو له، وإن تنازعا في دابة أحدهما راكبها أو له عليها حمل فهو أولى وكذلك إن كان راكبا في السرج والآخر رديفه أو لابس القميص والآخر متعلق به، وبينة النتاج والنسج أولى من بينة مطلق الملك، والبينة بشاهدين وثلاثة وأكثر سواء‏.‏

فصل ‏[‏الأولوية لمن أقام البينة‏]‏

اختلفا في الثمن أو المبيع فأيهما أقام البينة فهو أولى، وإن أقاما البينة فالمثبتة للزيادة أولى، فإن لم تكن لهما بينة يقال للبائع‏:‏ إما أن تسلم ما ادعاه المشتري من المبيع وإلا فسخنا البيع؛ ويقال للمشتري‏:‏ إما أن تسلم ما ادعاه البائع من الثمن وإلا فسخنا البيع، فإن لم يتراضيا يتحالفان ويفسخ البيع ويبدأ بيمين البائع ولو كان البيع مقايضةً بدأ بأيهما شاء؛ ومن نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه، وإن اختلفا في الأجل أو شرط الخيار، أو استيفاء بعض الثمن لم يتحالفا، والقول قول المنكر، وإن اختلفا بعد هلاك المبيع لم يتحالفا، والقول قول المشتري؛ وإن اختلفا بعد هلاك بعض المبيع لم يتحالفا إلا أن يرضى البائع بترك حصة الهالك، وإن اختلفا في الإجارة قبل استيفاء شيء من المنفعة في البدل أو في المبدل يتحالفان ويترادان؛ وإن اختلفا بعد استيفاء جميع المنفعة لم يتحالفا والقول للمستأجر؛ وإن اختلفا بعد استيفاء بعض المنافع يتحالفان، ويفسخ العقد فيما بقي، والقول فيما مضى قول المستأجر؛ وإن اختلفا بعد الإقالة تحالفا وعاد البيع؛ وإن اختلفا في المهر فأيهما أقام البينة قبلت، وإن أقاما فبينته المرأة، فإن لم يكن لهما بينة تحالفا فأيهما نكل قضي عليه، وإذا تحالفا يحكم مهر المثل، فإن كان مثل ما قالت أو أكثر قضي بقولها، وإن كان مثل ما قال أو أقل قضي بقوله، وإن كان أقل مما قالت وأكثر مما قال قضي بمهر المثل؛ وإن اختلفا في متاع البيت فما يصلح للنساء فللمرأة، وما يصلح للرجال فللرجل؛ وإن مات أحدهما واختلفت ورثته مع الآخر، فما يصلح لهما فللباقي، وإن اختلفا في قدر الكتابة لم يتحالفا‏.‏

فصل ‏[‏بيع الجارية الحامل‏]‏

ولو باع جاريةً فولدت لأقل من ستة أشهر فادعاه فهو ابنه وهي أم ولده، ويفسخ البيع ويرد الثمن، ولا تقبا دعوة المشتري معه، فإن مات الولد ثم ادعاه لا يثبت الاستيلاد فيها، فإن ماتت الأم ثم ادعاه يثبت نسبه، ويرد كل الثمن، وإن جاءت به ما بين ستة أشهر إلى سنتين، فإن صدقه المشتري ثبت النسب وفسخ البيع وإلا فلا، وإن جاءت به لأكثر من سنتين لا تصح دعوة البائع، ولا يفسخ البيع، ولا يعتق الولد، ولا تصير أم ولد له، ومن ادعى نسب أحد التوأمين ثبت نسبهما منه‏.‏

كتاب الإقرار

وهو حجة على المقر إذا كان عاقلا بالغا إذا أقر لمعلوم، وسواء أقر بمعلوم أو مجهول ويبين المجهول، فإن قال له على شيء أو حق لزمه أن يبين ماله قيمة، فإن كذبه المقر له فيما بين فالقول للمقر مع يمينه، وإن أقر بمال لم يصدق في أقل من درهم، وإن قال‏:‏ مال عظيم فهو نصاب من الجنس الذي ذكر، وقيمة النصاب في غير مال الزكاة، وإن قال‏:‏ أموال عظام فثلاثة نصب، وإن قال‏:‏ دراهم فثلاثة، وإن قال‏:‏ كثيرة فعشرة، ولو قال‏:‏ كذا درهما فدرهم، وكذا كذا أحد عشر، ولو ثلث فكذلك، ولو قال‏:‏ كذا وكذا فأحد وعشرون، ولو ثلث بالواو تزاد مائة، ولو ربع تزاد ألف، وكذلك كل مكيل وموزون، ولو قال‏:‏ مائة ودرهم فالكل دراهم، وكذا كل ما يكال ويوزن، ولو قال‏:‏ مائة وثوب يلزمه ثوب واحد، وتفسير المائة إليه، وكذلك لو قال مائة وثوبان، ولو قال مائة وثلاثة أثواب فالكل ثياب، وإن قال له علي أو قبلي فهو دين وعندي ومعي وفي بيتي أمانة، ولو قال له آخر‏:‏ لي عليك ألف فقال‏:‏ اتزنها أو انتقدها أو أجلني بها أو قضيتكها أو أجلتك بها فهو إقرار، ولو لم يذكر هاء الكناية لا يكون إقرارا‏.‏ ومن أقر بدين مؤجل وادعى المقر له أنه حال استحلف على الأجل، ومن أقر بخاتم لزمه الحلقة والفص، وبسيف النصل والجفن والحمائل، ومن أقر بثوب في منديل لزماه، ومن أقر بخمسة في خمسة لزمه خمسة وإن أراد الضرب، ولو قال له علي من درهم إلى عشرة، أو ما بين درهم إلى عشرة لزمه تسعة، ويجوز الإقرار بالحمل، وله إذا بين سببا صالحا للملك‏.‏

فصل ‏[‏استثناء بعض الإقرارات‏]‏

إذا استثنى بعض ما أقر به متصلا صح ولزمه الباقي، واستثناء الكل باطل، وإن قال متصلا باقراره إن شاء الله بطل إقراره، وكذلك إن علقه بمشيئة من لا تعرف مشيئته كالجن والملائكة، ومن أقر بمائة درهم إلا دينارًا، أو إلا قفير حنطة لزمه المائة إلا قيمة الدينار أو القفير، وكذلك كل ما يكال أو يوزن أو يعد، ولو استثنى ثوبا أو شاةً أو دارًا لا يصح، ولو قال‏:‏ غصبته من زيد لا بل من عمرو فهو لزيد وعليه قيمته لعمرو، ومن أقر بشيئين فاستثنى أحدهما أو أحدهما وبعض الآخر فالاستثناء باطل وإن استثنى بعض أحدهما أو بعض كل واحد منهما صح، ويصرف إلى جنسه، واستثناء البناء من الدار باطل؛ ولو قال‏:‏ بناؤها لي والعرصة لفلان فكما قال؛ ولو قال له‏:‏ على ألف من ثمن عبد لم أقبضه ولم يعينه لزمه الألف وإن عين، العبد، فإن سلمه إليه لزمته الألف وإلا فلا، وإن قال من ثمن خنزير أو خمر لزمته؛ ولو قال من ثمن متاع أو أقرضني ثم قال‏:‏ هي زيوف أو نبهرجة، وقال المقر له‏:‏ جياد فهي جياد؛ ولو قال‏:‏ غصبتها منه أو أودعنيها صدق في الزيوف والنبهرجة، وفي الرصاص والستوقة إن وصل صدق وإلا فلا‏.‏

فصل ‏[‏ديون الصحة‏]‏

وديون الصحة وما لزمه في مرضه بسبب معروف مقدم على ما أقر به في مرضه، وما أقر به في مرضه مقدم على الميراث، وإقرار المريض لوارثه باطل، إلا أن يصدقه بقية الورثة؛ ومن طلق امرأته في مرضه ثلاثا ثم اقر لها ومات فلها الأقل من الإقرار والميراث، وإن أقر المريض لأجنبي ثم قال هو ابني بطل إقراره، وإن أقر لامرأة ثم تزوجها لم يبطل، ويصح إقرار الرجل بالولد والوالدين والزوجة والمولى إذا صدقوه، وكذلك المرأة إلا في الولد فإنه يتوقف على تصديق الزوج أو شهادة القابلة، ومن مات أبوه فأقر بأخ شاركه في الميراث، ولا يثبت نسبه‏.‏

كتاب الشهادات

من تعين لتحملها لا يسعه أن يمتنع إذا طولب، فإذا تحملها وطلب لأدائها يفترض عليه إلا أن يقوم الحق بغيره، وهو مخير في الحدود بين الشهادة والستر، والستر أفضل، ويقول في السرقة‏:‏ أخذ المال، ولا يقول‏:‏ سرق؛ ولا يقبل على الزنا إلا شهادة أربعة من الرجال، وباقي الحدود والقصاص شهادة رجلين، وما سواهما من الحقوق تقبل فيها شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، وتقبل شهادة النساء وحدهن فيما لا يطلع عليه الرجال كالولادة والبكارة وعيوب النساء، وتقبل شهادتهن في استهلال الصبي في حق الصلاة دون الإرث، ولا بد من العدالة ولفظة الشهادة والحرية والإسلام، ويقتصر في المسلم على ظاهر عداله، إلا في الحدود والقصاص، فإن طعن فيه الخصم سأل عنه‏.‏ وقالا‏:‏ يسأل عنهم في جميع الحقوق سرًا وعلانيةً، وعليه الفتوى، ولو اكتفى بالسر جاز، ولا بد أن يقول المزكي‏:‏ هو عدل جائز الشهادة، ولا تقبل تزكية المدعي عليه، وتكفي تزكية الواحد‏.‏

ويجوز أن يشهد بكل ما سمعه أو أبصره من الحقوق والعقود، وإن لم يشهد عله إلا الشهادة على الشهادة فإنه لا يجوز أن يشهد على شهادة غيره ما لم يشهده، ولا يجوز أن يشهد بما لم يعاينه إلا النسب والموت والدخول والنكاح، وولاية القاضي، وأصل الوقف، ويجوز أن يشهد على الملك المطلق فيما سوى العبد والأمة، وإذا رأى الشاهد خطه لا يشهد ما لم يذكر الحادثة، وشاهد الزور يشهر ولا يعزر، وتعتبر موافقة الشهادة الدعوى، ويعتبر اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى، فلو شهد أحدهما بألف والآخر بألفين لم تقبل، ولو شهدا على سرقة بقرة واختلفا في لونها قطع، وإن اختلفا في الأنوثة والذكورة لم يقطع شهدا بقتل زيد يوم النحر بمكة وآخران بقتله يوم النحر بالكوفة ردتا، فإن سبقت إحداهما وقضى بها بطلت الأخرى‏.‏

ولا تقبل شهادة الأعمى، ولا المحدود في قذف وإن تاب، ولو حد الكافر في قذف ثم أسلم قبلت شهادته، ولا تقبل الشهادة للولد وإن سفل، ولا للوالد وإن علا، ولا لعبده، ولا لمكاتبه، ولا للزوج والزوجة، ولا أحد الشريكين للآخر فيما هو من شركتهما، ولا شهادة الأجير الخاص، ولا تقبل شهادة مخنث ولا نائحة، ولا من يغنى للناس، ولا مدمن الشرب على اللهو، ولا من يلعب بالطيور، ولا من يفعل كبيرةً توجب الحد، ولا من يأكل الربا، ولا من يقامر بالشطرنج ولا من يدخل الحمام بغير إزار، ولا من يفعل الأفعال المستخفة كالبول والأكل على الطريق، ولا من يظهر سب السلف، ولا شهادة العدو إن كانت العداوة بسبب الدنيا، وتقبل إن كانت بسبب الدين، وتقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض ولا تقبل شهادة المستأمن على الذمي، وتقبل شهادة الذمي عليه، وتقبل شهادة الأقلف والخصي والخنثى وولد الزنا، والمعتبر حال الشاهد وقت الأداء لا وقت التحمل‏.‏ وإذا كانت الحسنات أكثر من السيئات قبلت الشهادة‏.‏

فصل ‏[‏جواز الشهادة على الشهادة فيما لا يسقط بالشبهة‏]‏

تجوز الشهادة على الشهادة فيما لا يسقط بالشبهة، ولا تجوز شهادة واحد على شهادة واحد، ويجوز شهادة رجلين على شهادة رجلين‏.‏ وصفة الإشهاد أن يقول الأصل‏:‏ أشهد على شهادتي أني أشهد أن فلانا أقر عندي بكذا، ويقول الفرع عند الأداء‏:‏ أشهد أن فلانا أشهدني على شهادته أن فلانا أقر عنده بكذا، وقال لي‏:‏ اشهد على شهادتي بذلك، ولا تقبل شهادة الفروع إلا إذا تعذر حضور الأصول مجلس الحكم، فإن عد لهم شهود الفرع جاز، وإن سكتوا عنهم جاز، وإذا أنكر شهود الأصل الشهادة لم تقبل شهادة الفروع، والتعريف يتم بذكر الجد أو الفخذ، والنسبة إلى المصر والمحلة الكبيرة عامة، وإلى السكة الصغيرة خاصة‏.‏

باب الرجوع عن الشهادة

ولا يصح إلا في مجلس الحكم، فإن رجعوا قبل الحكم بها سقطت، وبعده لم يفسخ الحكم، وضمنوا ما أتلفوه بشهادتهم، فإن شهدا بمال فقضي به، وأخذه المدعي ثم رجعا ضمناه للمشهود عليه، فإن رجع أحدهما ضمن النصف، والعبرة في الرجوع لمن بقي لا لمن رجع، فلو كانوا ثلاثةً فرجع واحد لا شيء عليه، فإن رجع آخر ضمنا النصف، وإن شهد رجل وامرأتان فرجعت واحدة فعليها ربع المال، وإن رجعتا ضمنتا نصفه، ولو شهد رجل وعشر نسوة ثم رجعوا فعلي الرجل السدس وعليهن خمسة أسداسه، ولو شهد رجلان وامرأة ثم رجعوا فالضمان على الرجلين خاصةً‏.‏ شهدا بنكاح بأقل من مهر المثل ثم رجعا لا ضمان عليهما، وإن كان بأكثر من مهر المثل ضمنا الزيادة للزوج، وفي الطلاق إن كان قبل الدخول ضمنا نصف المهر وإن كان بعده لم يضمنا وإذا رجع شهود القصاص ضمنوا الدية، وإذا رجع شهود الفرع ضمنوا، وإن رجع شهود الأصل وقالوا‏:‏ لم نشهد شهود الفرع لم يضمنوا، ولا ضمان على شهود الإحصان، وإن رجع شهود اليمين، وشهود الشرط فالضمان على شهود اليمين وإذا رجع المزكون ضمنوا‏.‏