فصل: في الرجل يقول مالي في رتاج الكعبة أو حطيم الكعبة أو كسوتها أو طيبها أو أنا أضرب به الكعبة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في الرجل يقول مالي في رتاج الكعبة أو حطيم الكعبة أو كسوتها أو طيبها أو أنا أضرب به الكعبة

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الرجل يقول مالي في رتاج الكعبة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا أرى عليه في هذا شيئا لا كفارة يمين ولا يخرج فيه شيئا من ماله‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك والرتاج عندي هو الباب‏.‏

قال‏:‏ فأنا أراه خفيفا ولا أرى عليه فيه شيئا وقاله لنا غير عام‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من قال مالي في الكعبة أو في كسوة الكعبة أو في طيب الكعبة أو في حطيم الكعبة أو أنا أضرب به حطيم الكعبة أو أنا أضرب به الكعبة أو أنا أضرب به أستار الكعبة‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا وأراه إذا قال مالي في كسوة الكعبة أو في طيب الكعبة أن يهدي ثلث ماله فيدفعه إلى الحجبة وأما إذا قال مالي في حطيم الكعبة أو في الكعبة أو في رتاج الكعبة فلا أرى عليه شيئا لأن الكعبة لا تنقض فتبنى بمال هذا ولا ينقض الباب فيجعل هذا فيه‏.‏

قال‏:‏ وسمعت مالكا يقول رتاج الكعبة هو الباب‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك وكذلك إذا قال مالي في حطيم الكعبة‏.‏

لم يكن عليه شيء وذلك أن الحطيم لا يبني فيجعل هذا نفقة في بنيانه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وبلغني أن الحطيم ما بين الباب إلى المقام أخبرني بذلك بعض الحجبة‏.‏

قال‏:‏ ومن قال أنا أضرب بمالي حطيم الكعبة فهذا يجب عليه الحج أو العمرة ولا يجب عليه في ماله شيء‏.‏

قال‏:‏ وكذلك لو أن رجلا قال أنا أضرب بكذا وكذا الركن الأسود انه يحج أو يعتمر ولا شيء عليه إذا لم يرد حملان ذلك الشيء على عنقه‏.‏

قال ابن القاسم وكذلك هذه الأشياء‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة وعمرو بن الحرث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار أن رجلا قال لأخيه في شيء كان بينهما علي نذر إن كلمتك أبدا وكل شيء لي في رتاج الكعبة فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال كلم أخاك لا وفاء لنذرك في معصية ولا في قطيعة رحم ولا حاجة للكعبة في شيء من أموالكم‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن اسرائيل عن ابراهيم بن مهاجر عن صفية بنت شيبة عن عائشة وسألها رجل فقال اني جعلت مالي في رتاج الكعبة أن أنا كلمت عمي فقالت له لا تجعل مالك في رتاج الكعبة وكلم عمك‏.‏

في الرجل يحلف أن ينحر ابنه عند مقام ابراهيم أو عند الصفا والمروة

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يحلف فيقول أنا أنحر ولدي ان فعلت كذا وكذا فحنث‏.‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يسئل عنها فقال اني أرى أن آخذ فيه بحديث بن عباس ولا أخالفه والحديث الذي جاء عن بن عباس أنه يكفر عن يمينه مثل كفارة اليمين بالله ‏(‏ثم‏)‏ سئل مالك بعد ذلك عن الرجل أو المرأة تقول أنا أنحر ولدي‏.‏

قال مالك أنا‏:‏ أرى أن أنويه فإن كان إنما أراد بذلك وجه الهدي أن يهدي ابنه لله رأيت عليه الهدى وأن كان لم ينو ذلك ولم يرده فلا أرى عليه شيئا لا كفارة ولا غيرها وذلك أحب إلي من الذي سمعت أنا منه‏.‏

قلت‏:‏ والذي سمعت أن من مالك أنه قال إذا قال أنا أنحر ولدي ولم يقل عند مقام ابراهيم انه يكفر عن يمينه وإن قال أنا أنحر ولدي عند مقام ابراهيم إن عليه هديا مكان ابنه‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكذا فرق مالك بينهما عندك في الذي سمعت أنت منه لأنه إذا قال عند مقام ابراهيم إن هذا قد أراد الهدى وإن لم يقل عند مقام ابراهيم يجعله مالك في الذي سمعت أنت منه يمينا لأنه لم يرد الهدى وفي جوابه يشعر أنه نواه ودينه فإن لم تكن له نية لم يجعل عليه شيئا وإن كانت له نية في الهدي جعل عليه الهدي‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أنا أنحر ولدي بين الصفا والمروة‏.‏

قال‏:‏ مكة كلها منحر عندي وأرى عليه فيه الهدى ولم أسمع هذا من مالك ولكن في هذا كله يراد به الهدى ألا ترى أن المنحر ليس هو عند مقام ابراهيم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عند المروة هذا المنحر وكل طرق مكة منحر وفجاجها منحر فهذا إذا لزمه لقوله عند المقام الهدي فهو عند المنحر أحرى أن يلزمه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أنا أنحر ابني بمنى‏.‏

قال‏:‏ قد أخبرتك عن مالك بالذي قال عند مقام ابراهيم أن عليه الهدي فمنى عندي منحر وعليه الهدى‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قال أنا أنحر أبي أو أمي إن فعلت كذا وكذا‏.‏

قال‏:‏ هو عندي مثل قول مالك في الإبن سواء‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن حماد بن سلمة عن قتادة بن دعامة عن عكرمة عن بن عباس في رجل نذر أن ينحر ابنه عند مقام ابراهيم أنه سئل عنه فقال رضي الله عن ابراهيم يذبح كبشا‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ قال مالك قال ابن عباس في الذي يجعل ابنه بدنة‏.‏

قال‏:‏ يهدي ديته مائة من الإبل‏.‏

قال‏:‏ ثم ندم بعد ذلك فقال ليتني كنت أمرته أن يذبح كبشا كما قال الله تبارك وتعالى في كتابه ‏{‏وفديناه بذبح عظيم‏}‏‏.‏

ما جاء في الرجل تجب عليه اليمين فيفتدى منها

قلت‏:‏ أرأيت الرجل تجب عليه اليمين فيفتدي من يمينه بمال أيجوز هذا‏.‏

قال‏:‏ قال لي مالك كل من لزمته يمين فأفتدى منها بالمال فذلك جائز‏.‏

في الرجل يحلف بالله كاذبا

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن حلف فقال والله ما لقيت فلانا أمس ولا يقين له في لقيه ليس في معرفته حين حلف بالله أنه لقيه بالأمس أو لم يلقه ثم فكر بعد يمينه فعلم أنه لقيه بالأمس أتكون عليه كفارة اليمين في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ليس عليه كفارة اليمين في هذا‏.‏

قلت‏:‏ ولم وقد أيقن أنه لقيه وقد حلف أنه لم يلقه ولم يحلف حين حلف على أمر ظنه إنما حلف بيمينه التي حلف بها على غير يقين كان في نفسه‏.‏

فقال‏:‏ هذه اليمين التي تصف أعظم من أن تكون لها كفارة أو يكفرها كفارة عند مالك لأن هذه اليمين لا يكون فيها لغو اليمين لأنه لم يحلف على أمر يظنه كذلك فينكشف على غير ذلك فيكون ذلك لغو اليمين وإنما حلف هذا بهذه اليمين جرأة وتقحما على اليمين على غير منه لشيء فهو ان انكشفت له يمينه أنه كما حلف بها بر وان أنكشفت يمينه أنه على غير ما حلف به فهو آثم ولم يكن لغو اليمين فكان بمنزلة من حلف عامدا للكذب فليستغفر الله فإن هذه اليمين أعظم من ان تكون فيها كفارة أو يكفرها شيء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة قال ‏(‏سحنون‏)‏ وقال ابن عباس في هذه الآية ‏{‏إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ‏{‏فهذه اليمين في الكذب واقتطاع الحقوق فهي أعظم من أن تكون فيها كفارة‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن العوام بن حوشب عن إبراهيم السكسكي عن بن أبي أوفى أن رجلا حلف على سلعة فقال والله لقد أعطى بها كذا وكذا ولم يعط فنزلت هذه الآية ‏{‏إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا‏}‏‏.‏

ما جاء في لغو اليمين واليمين التي تكون فيها الكفارة

قلت‏:‏ أرأيت قول الرجل لا والله وبلى والله أكان مالك يرى ذلك من لغو اليمين‏.‏

قال‏:‏ لا وإنما اللغو عند مالك أن يحلف على الشيء يظن أنه كذلك كقوله والله لقد لقيت فلانا أمس وذلك يقينه وإنما لقيه قبل ذلك أو بعده فلا شيء عليه وهذا اللغو‏.‏

قال مالك‏:‏ ولا يكون اللغو في طلاق ولا عتاق ولا صدقة ولا مشي ولا يكون اللغو إلا في اليمين بالله ولا يكون الإستثناء أيضا إلا في اليمين بالله‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك الإستثناء لا يكون في طلاق ولا عتاق ولا مشي إلا في اليمين بالله وحدها أو نذر لا يسمى له مخرجا فمن حلف بطلاق أو عتاق أو مشي أو غير ذلك من الإيمان سوى اليمين بالله وذلك يقينه ثم استيقن أنه على غير ما حلف فإنه حانث عند مالك ولا ينفعه الإستثناء وكذلك إن استثنى في شيء من هذا فحنث لزمه ما حلف عليه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الثقة أن بن شهاب ذكر عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تتأول هذه الآية لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم فتقول هو الشيء يحلف عليه أحدكم لم يرد فيه إلا الصدق فيكون على غير ما حلف عليه فليس فيه كفارة وقاله مع عائشة عطاء بن أبي رباح وعبيدة بن عميرة‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال مثل قول عائشة بن عباس ومحمد بن قيس ومجاهد وربيعة ويحيى بن سعيد ومكحول وقاله إبراهيم النخعي من حديث المغيرة ‏(‏سحنون‏)‏ وقاله الحسن البصري من حديث بن مهدي عن الربيع بن صبيح ‏(‏سحنون‏)‏ وقاله عطاء بن أبي رباح من حديث أيوب بن أبي ثابت ‏(‏وقال ابن القاسم‏)‏ قال مالك إنما تكون الكفارة في اليمين في هاتين اليمينين فقط في قول الرجل والله لأفعلن كذا وكذا فيبدو له أن لا يفعل فيكفر ولا يفعل أو يقول والله لا أفعل كذا وكذا فيبدو له أن يفعل فيكفر يمينه ويفعله وأما ما سوى هاتين اليمينين من الإيمان كلها فلا كفارة فيها عند مالك وإنما الإيمان بالله عند مالك أربعة أيمان لغو اليمين ويمين غموس وقوله والله لا أفعل ووالله لأفعلن وقد فسرت لك ذلك كله وما يجب فيه شيئا شيئا‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبي موسى قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله فقال والله لا أحملكم والله ما عندي ما أحملكم عليه ثم أتى باب وأمر لنا بثلاث ذود فلما انطلقنا قال قلت أتينا رسول الله عليه السلام نستحمله فحلف أن لا يحملنا ثم حملنا والله لا يبارك لنا ارجعوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيناه فأخبرناه فقال ما أنا حملتكم بل الله حملكم اني والله لا أحلف على يمين فأرى خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت يميني أو كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير وكان أبو بكر الصديق لا يحلف على يمين فيحنث فيها حتى نزلت رخصة الله فقال لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا تحللتها وأتيت الذي هو خير * وقد قال مثل قول مالك في أن الإيمان أربعة يمينان تكفران ويمينان لا تكفران قال إبراهيم النخعي من حديث سفيان الثوري عن أبي معشر * وذكره عبد العزيز بن مسلم عن أبي حصين عن مسلم عن أبي مالك ‏(‏مالك‏)‏ عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه ولفعل الذي هو خير‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الله بن لهيعة والليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد الكندي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليفعل الذي هو خير وليكفر عن يمينه‏.‏

قال مالك‏:‏ والكفارة بعد الحنث أحب إلي‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الله بن عمر عن نافع قال كان عبد الله بن عمر ربما حنث ثم كفر وربما قدم الكفارة ثم يحنث‏.‏

ما جاء في الحلف بالله أو باسم من أسماء الله

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف الرجل باسم من أسماء الله أتكون أيمانا في قول مالك مثل أن يقول والعزيز والسميع والعليم والخبير واللطيف هذه وأشباهها في قول مالك كل واحدة منها يمين‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال والله لا أفعل كذا وكذا هذه يمين‏.‏

قال‏:‏ نعم هي يمين عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال تالله لا أفعل كذا وكذا أو لأفعلن كذا وكذا‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيها شيئا وهي يمين يكفرها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال وعزة الله وكبرياء الله وقدرة الله وأمانة الله‏.‏

قال‏:‏ هذه عندي أيمان كلها وما أشبهها ولم أسمع من مالك فيها شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لعمر الله لأفعلن كذا وكذا أتكون هذه يمينا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم أراها يمينا ولم أسمع من مالك فيها شيئا‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن حماد بن سلمة عن غير واحد عن الحسن قال تالله والله يمين واحدة‏.‏

الرجل يحلف بعهد الله وميثاقه

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي عهد الله وذمته وكفالته وميثاقه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك هذه إيمان كلها إلا الذمة فإني لا أحفظها من قوله‏.‏

قال مالك‏:‏ فإن حلف بهذه فعليه في كل واحدة يمين‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك وإن قال علي عشر كفالات كان عليه عشرة إيمان‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك لو قال علي عشرة مواثيق أو عشرة نذور أو أكثر من ذلك أو أقل لزمه عند مالك عدد ما قال إن قال عشر فعشر كفارات وإن قال أكثر من ذلك فأكثر وإن قال أقل من ذلك فأقل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت قوله علي عهد الله أو علي ميثاق الله وقوله ميثاق الله وعهد الله أيكون هذا في الوجهين جميعا في قول مالك أيمانا كلها‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني بن أبي ذئب عن بن شهاب قال من عاهد الله على عهد فحنث فليتصدق بما فرض الله في اليمين وقاله بن عباس وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد وغيرهم من أهل العلم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان الثوري عن فراس عن الشعبي قال إذا قال علي عهد الله فهي يمين‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن إبراهيم مثل ذلك‏.‏

في الرجل يحلف فيقول أقسم أو أحلف أو أشهد أو أعزم

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أشهد أن لا أكلم فلانا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا شيء عليه وليكلمه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ إلا أن يكون أراد بقوله أشهد أي أشهد بالله يمينا مثل ما يقول أشهد بالله فهي يمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أحلف أن لا أكلم فلانا أتكون هذه يمينا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن الرجل يقول أقسمت أن لا أفعل كذا وكذا قال مالك إذا كان أراد بقوله أقسمت أي بالله فهي يمين لأن المسلم لا يقسم إلا بالله وإلا فلا يمين عليه فهذا الذي قال أحلف أن لا أكلم فلانا أن كان إنما أراد أني أحلف بالله فذلك عليه وهي يمين وإلا فلا شيء عليه لأن مالكا قال في قوله أقسمت إن لم يرد بالله فلا يمين عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أشهد أن لا أفعل كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا إلا أن يكون أراد أشهد أي أشهد بالله فإن كان أراد بها اليمين فهي يمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أعزم أن لا أفعل كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وليست بيمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أعزم بالله أن لا أفعل كذا وكذا‏.‏

قال‏:‏ هذا لا شك فيه أنه يمين عندي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لرجل أعزم عليك بالله إلا ما أكلت فأبى أن يأكل أيكون على العازم أو المعزوم عليه كفارة في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني لا أرى على واحد منهما شيئا لأن هذا بمنزلة قوله أسألك بالله لتفعلن كذا وكذا فيأبى عليه فلا شيء على واحد منهما‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن إسرائيل عن جابر الجعفي عن رجل عن محمد بن الحنفية قال إذا أقسم رجل ولم يذكر الله فليس بشيء حتى يذكر الله‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن قال أقسمت وحلفت ليس بيمين حتى يحلف بالله‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن إسرائيل عن إبراهيم بن المهاجر عن إبراهيم النخعي قال إذا قال أقسمت عليك فليس بشيء وإذا قال الرجل أقسمت بالله فهي يمين يكفرها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الله بن عمر عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يرى القسم يمينا يكفرها إذا حنث‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن القاسم بن محمد مثله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله وأقسموا بالله جهد أيمانهم قال هي يمين‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن يزيد بن إبراهيم قال سمعت الحسن سئل عن رجل قال أشهد أن لا أفعل كذا وكذا قال ليس بيمين‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن همام عن قتادة قال أرجو أن لا يكون يمينا‏.‏

الرجل يحلف يقول علي نذر أو يمين

قلت‏:‏ أرأيت ان قال علي نذر‏.‏

قال‏:‏ هي يمين عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ وسواء في قول مالك ان قال علي نذر أو قال لله علي نذر سواء عند مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال علي نذر ان فعلت كذا وكذا فحنث وهو ينوي بنذره ذلك صوما أو صلاة أو حجا أو عمرة أو عتقا أو غير ذلك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ما نوى بنذره مما يتقرب به إلى الله فذلك له لازم وله نيته‏.‏

قال مالك‏:‏ وإن لم تكن له نية فكفارته كفارة يمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال علي نذر ولم يقل كفارة يمين أيجعلها كفارة يمين في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال علي يمين ان فعلت كذا وكذا ولم يرد به اليمين حين حلف ولا غير ذلك لم يكن له نية في شيء‏.‏

قال‏:‏ أرى عليه اليمين وما سمعت من مالك فيه شيئا وإنما قوله علي يمين كقوله علي عهد أو علي نذر‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن إسماعيل بن رافع عن خالد بن سعيد أو خالد بن يزيد بن عقبة بن عامر الجهني أنه قال أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نذر نذرا ولم يسمه فكفارته كفارة يمين ‏(‏وقال‏)‏ مالك والليث ان كفارته كفارة يمين إذا لم يسم لنذره مخرجا من حج أو صوم أو صلاة وقاله بن عباس وجابر بن عبد الله ومحمد بن علي والقاسم بن محمد وعطاء والشعبي ومجاهد وطاوس والحسن ‏(‏وقال‏)‏ بن مسعود يعتق رقبة وقال أبو سعيد الخدري وإبراهيم النخعي كفارة يمين‏.‏

ما جاء في الرجل يحلف بما لا يكون يمينا

قلت‏:‏ أرأيت ان قال هو يهودي أو مجوسي أو نصراني أو كافر بالله أو بريء من الإسلام ان فعل كذا وكذا أتكون هذه كلها أيمانا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا ليست هذه أيمانا عند مالك ويستغفر الله مما قد قال‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال الحل علي حرام ان فعلت كذا وكذا أترى هذا يمينا‏.‏

قال‏:‏ لا يكون في الحرام يمين قال لي مالك لا يكون في الحرام يمين في شيء من الأشياء لا في طعام ولا في شراب ولا في أم ولد ان حرمها على نفسه ولا خادمه ولا عبده ولا فرسه ولا في شيء من الأشياء إلا أن يحرم امرأته فيلزمه الطلاق وإنما ذلك في امرأته وحدها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت قوله لعمر أيكون يمينا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يكون يمينا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف الرجل بحد من حدود الله كقوله هو زان هو سارق ان فعل كذا وكذا‏.‏

قال‏:‏ ليس عليه شيء عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان حلف بشيء من شرائع الإسلام كقوله والصلاة والصيام والزكاة والحج أن لا أفعل كذا وكذا فيفعله أتكون هذه أيمانا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أحدا يذكره عنه ولا أرى في هذا شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال الرجل أنا كافر بالله ان فعلت كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يكون هذا يمينا ولا يكون كافرا حتى يكون قلبه مضمرا على الكفر وبئس ما صنع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان حلف فقال هو يأكل لحم الخنزير أو لحم الميتة أو يشرب الدم أو الخمر ان فعل كذا وكذا أيكون شيء من هذا يمينا في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون في شيء من هذا يمين عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال ان فعلت كذا وكذا فأنا أترك الصلاة أيكون هذا يمينا‏.‏

قال‏:‏ لا يكون هذا يمينا لأن مالكا قال من قال أنا أكفر بالله فلا يكون ذلك يمينا فكذلك هذا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان بن عيينة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال آلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرم فعوتب في التحريم وأمر بالكفارة في اليمين ‏(‏مالك بن أنس‏)‏ عن زيد بن أسلم قال حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أم إبراهيم فقال أنت علي حرام ووالله لا أمسك فأنزل الله تعالى في ذلك ما أنزل‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال إنما كفر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه ولم يكفر لتحريمه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد ربه بن سعيد عن داود بن أبي هند عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم وحلف فأمره الله أن يكفر عن يمينه‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن عبد الواحد بن زياد عن عبيد المكاتب قال سألت إبراهيم النخعي عن رجل قال الحل علي حرام ان أكل من لحم هذه البقرة قال أله امرأة قال قلت نعم قال لو لا امرأته لأمرته أن يأكل من لحمها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لعنة الله عليه أو غضب الله عليه ان فعلت كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يكون يمينا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال أحرمه الله الجنة وأدخله النار ان فعل كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك أم لا‏؟‏ ‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ وكل دعاء دعا به على نفسه لا يكون يمينا في قول مالك‏؟‏

قال نعم لا يكون يمينا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يقول وأبي وأبيك وحياتي وحياتك وعيشي وعيشك‏.‏

قال مالك‏:‏ هذا من كلام النساء وأهل الضعف من الرجال فلا يعجبني هذا وكان مالك يكره الإيمان كلها بغير الله‏.‏

قلت‏:‏ هل كان مالك يكره للرجل أن يحلف بهذا القول والصلاة لا أفعل كذا وكذا أو شيئا مما ذكرت لك‏.‏

قال‏:‏ كان مالك يكره ذلك لأنه كان يقول من حلف فليحلف بالله وإلا فلا يحلف وكان يكره اليمين بغير الله ولقد سألنا مالكا عن الرجل يقول رغم أنفي لله فقال لا يعجبني ذلك‏.‏

قال مالك‏:‏ ولقد بلغني أن عمر بن عبد العزيز قال رغم أنفي لله الحمد لله الذي لم يمتنى حتى قطع مدة الحجاج بن يوسف‏.‏

قال مالك‏:‏ وما يعجبني أن يقول الرجل رغم أنفي لله‏.‏

قال مالك‏:‏ من كان حالفا فليحلف بالله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن خالد بن يزيد عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في رجل قال عليه لعنة الله ان لم يفعل كذا وكذا‏؟‏ قال لا أرى عليه شيئا‏.‏

قال‏:‏ خالد وقال عطاء في رجل قال أخزاه الله ان فعل كذا وكذا ثم فعله‏.‏

قال‏:‏ ليس عليه شيء ‏(‏وقال‏)‏ الشعبي في رجل قال قطع الله يده أو رجله أو صلبه يحلف بالدعاء على نفسه فحنث قال ليس عليه كفارة‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن يزيد بن عطاء عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه قال حلفت باللات والعزى فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت اني حديث عهد بالجاهلية فحلفت باللات والعزى قال قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له ثلاثا واستغفر الله ولا تعد‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن عبد الله بن المبارك عن بن أبي ذئب عمن سمع بن المسيب وجاءه رجل فقال اني حلفت يمين فقال وما هي قال حلفت يمين قال قلت الله لا إله إلا هو‏؟‏ قال لا قال فقت علي نذر‏؟‏ قال لا قال قلت كفرت بالله‏؟‏ قال نعم قال فقل آمنت بالله فإنها كفارة لما قلت‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن عبيد الله بن جعفر الزهري عن أم بكر بنت المسور بن مخرمة الزهري أن المسور دخل وابنه جعفر يقول كفرت بالله وأشركت بالله فقال المسور بن مخرمة سبحان الله لا أكفر بالله ولا أشرك بالله شيئا وضربه فقال أستغفر الله وقال آمنت بالله ثلاث مرات‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن أبي عوانة عن ليث عن عطاء وطاوس ومجاهد في الرجل يقول علي غضب الله قال لم يكونوا يرون عليه كفارة يرون أنه أشد من ذلك‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن رجال من أهل العلم أن نافعا حدثهم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع عمر يقول لا وأبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ‏(‏وقال‏)‏ بن عباس لرجل حلف بأبيه والله لأن أحلف مائة مرة بالله ثم آثم أحب إلي من أن أحلف بغيره واحدة ثم أبر‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن وبرة أن عبد الله بن مسعود كان يقول لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادق‏.‏

الإستثناء في اليمين

قلت‏:‏ أرأيت ان قال الرجل علي نذر ان كلمت فلانا ان شاء الله‏.‏

قال مالك‏:‏ في هذا لا شيء عليه‏.‏

وهذا مثل الحالف بالله عند مالك‏.‏

قال‏:‏ بن القاسم الإستثناء في اليمين جائز وهذه يمين كفارتها كفارة اليمين بالله والإستثناء فيها جائز ولغو اليمين أيضا يكون فيها وكذلك العهد والميثاق الذي لا شك فيه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال والله لا أفعل كذا وكذا إن شاء الله ثم فعله‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن كان أراد بذلك الإستثناء فلا كفارة عليه وأن كان أراد قول الله في كتابه ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ولم يرد الإستثناء فإنه يحنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان حلف على يمين ثم سكت ثم استثنى بعد السكوت‏.‏

قال‏:‏ لا ينفعه وكذلك قال لي مالك إلا أن يكون الإستثناء نسقا متتابعا‏.‏

فقلنا‏:‏ لمالك فلو أنه لم يذكر الإستثناء حين ابتدأ اليمين فلما فرغ من اليمين ذكرها فنسقها وتدارك اليمين بالإستثناء بعد انقضاء يمينه إلا أنه قد وصل الإستثناء باليمين‏.‏

قال‏:‏ مالك إن كان نسقها بها فذلك له إستثناء وان كان بين ذلك صمات فلا تفيا له ونزلت بالمدينة فأفتى بها مالك ‏(‏وقال مالك‏)‏ وان استثنى في نفسه ولم يحرك به لسانه لم ينتفع بذلك ‏(‏مالك بن أنس‏)‏ عن نافع أن عبد الله بن عمر قال من قال والله ثم قال إن شاء الله ولم يفعل الذي حلف عليه لم يحنث ‏(‏وأخبرني‏)‏ عن رجال من أهل العلم عن بن مسعود وبن عباس وبن قسيط وعبد الرحمن بن القاسم وزيد بن أسلم وبن شهاب وطاوس وعطاء بن أبي رباح ومجاهد مثله وقال عطاء ما لم يقطع اليمين ويبرد‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن أبي عوانة عن الأعمش عن إبراهيم قال إذا حلف الرجل فله أن يستثني ما كان الكلام متصلا‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن المغيرة في رجل حلف واستثنى في نفسه قال ليس عليه شيء‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن هشيم عن محل قال سألت إبراهيم في رجل حلف واستثنى في نفسه فقال لا حتى يجهر بالإستثناء كما يجهر باليمين‏.‏

في الذمي يحلف بالله ثم يحنث بعد إسلامه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن ذميا حلف بالله أن لا يفعل كذا وكذا فحنث بها بعد إسلامه أيجب عليه الكفارة أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا كفارة عليه عند مالك‏.‏

كتاب النذور الثاني من المدونة الكبرى

في النذر في معصية أو طاعة

قال ابن القاسم‏:‏ في النذور إنه من نذر أن يطيع الله في صيام أو عتق أو صلاة أو حج أو غزو أو رباط أو صدقة أو ما أشبه ذذلك وكل عمل يتقرب به إلى الله فقال علي نذر أن أحج أو أن أصلي كذا وكذا أو أعتق كذا وكذا أو أتصدق بشيء يسميه في ذلك كله فإن ذلك عليه ولا يجزئه إلا الوفاء به ‏(‏حلف‏)‏ فقال علي نذر إن لم أعتق رقبة أو إن لم أحج إلى بيت الله أو ما أشبه ذلك مما سميت لك حلف به فقال إن لم أفعل كذا وكذا فعلي نذر فهو مخير إن شاء أن يفعل ما نذر من الطاعة فليفعل ولا كفارة عليه وإن أحب أن يترك ذلك ويكفر عن يمينه فليفعل‏.‏

وإن كان لنذره ذلك أجل مثل أن يقول علي نذر إن لم أحج العام أو علي نذر إن لم أغز العام أو إن لم أصم رجبا في هذا العام أو إن لم أركع في هذا اليوم عشر ركعات فإن فات ذلك الأجل في هذا كله قبل أن يفعله فعليه الحنث ويكفر عن يمينه بكفارة اليمين إلا أن يكون جعل لنذره مخرجا فعليه ذلك المخرج إذا حنث‏.‏

وتفسير ذلك أن يقول علي نذر صدقة دينار أو عتق رقبة أو صيام شهر إن أنا لم أحج العام أو إن لم أغز العام أو ينوي ذلك أو ما أشبه ذلك فإذا فات الأجل الذي وقت فيه ذلك الفعل فقد سقط عنه ذلك الفعل وقد وجب عليه ما نذر له وما سمى وإن لم يجعل لنذره مخرجا فهو على ما فسرت لك يكفر كفارة يمين ومن نذر في شيء من المعاصي فقال علي نذر إن لم أشرب الخمر أو إن لم أقتل فلانا أو إن لم أزن بفلانة أو ما كان من معاصي الله فإنه يكفر نذره في ذلك إذا قال إن لم أفعل فالكفارة كفارة اليمين إن كان لم يجعل لنذره مخرجا يسميه ولا يركب معاصي الله‏.‏

وإن كان جعل لنذره مخرجا شيئا مسمى من مشي إلى بيت الله أو صيام أو ما أشبه ذلك فإنه يؤمر أن يفعل ما سمى من ذلك ولا يركب معاصي الله فإن اجترأ على الله وفعل ما قال من المعصية فإن النذر يسقط عنه كان له مخرج أم لم يكن وقد ظلم نفسه ولله حسيبه‏.‏

قال‏:‏ وقوله لا نذر في معصية مثل أن يقول علي نذر أن أشرب الخمر أو قال علي نذر شرب الخمر فيها بمنزلة واحدة لا يشربها ولا كفارة عليه لأنه لا نذر في معصية الله وقد كذب ليس شرب الخمر مما ينذر لله ولا يتقرب به لله وإن قال علي نذر إن شربت الخمر فلا يشربها ولا كفارة عليه وهو علي بر إلا أن يجترئ على الله فيشربها فيكفر يمينه بكفارة يمين إلا أن يكون جعل له مخرجا سماه وأوجبه على نفسه من عتق رقبة أو صيام أو صدقة أو ما أشبه ذلك فيكون ذلك عليه مع سمى من ذلك إذا شربها، وإن قال علي نذر أن أفعل كذا وكذا لشيء ليس لله بطاعة ولا معصية مثل أن يقول لله علي أن أمشي إلى السوق أو إلى بيت فلان أو أن أدخل الدار أو ما أشبه ذلك من الأعمال التي ليست لله بطاعة ولا لله في فعلها معصية فإنه إن شاء فعل وإن شاء ترك فإن فعل فلا وفاء فيه وإن لم يفعل فلا نذر فيه ولا شيء لأن الذي ترك من ذلك ليس لله فيه طاعة فيكون ما ترك من ذلك حقا لله تركه وهذا قول مالك‏.‏

بن وهب وعلي وبن القاسم‏:‏ عن مالك عن طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ‏(‏وأخبرني‏)‏ عن رجال من أهل العلم عن بن عباس وبن عمرو بن العاص وطاوس وزيد بن أسلم ومصعب بن عبد الله الكناني وعمر بن الوليد بن عبدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد يوم الجمعة فخطب فحانت منه التفاتة فإذا هو بأبي إسرائيل رجل من بني عامر بن لؤي قائما في الشمس فقال ما شأن أبي إسرائيل فأخبروه فقال له استظل وتكلم واقعد‏.‏