فصل: في العبد بين الرجلين أو المعتق بعضه يكون ماله موقوفا في يديه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في العبد بين الرجلين أو المعتق بعضه يكون ماله موقوفا في يديه

قلت‏:‏ أرأيت عبدا نصفه رقيق ونصفه حر باع السيد المتمسك بالرق نصيبه منه أيكون له أن يأخذ من ماله شيئا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك أيما عبد كان نصفه حرا ونصفه مملوكا فأراد سيده الذي له فيه الرق أن يبيع نصيبه منه فإنه يبيعه على حاله ويكون المال موقوفا في يدي العبد ويكون الذي ابتاع العبد في مال العبد بمنزلة سيده الذي باعه وليس للذي باعه ولا للذي اشتراه أن يأخذ من ماله شيئا فإن عتق يوما ما كان جميع ماله له أو يموت فيكون جميع المال للذي له فيه الرق ولا يكون للذي أعتق في ماله الذي مات عنه العبد قليل ولا كثير لأنه لا يورث بالحرية حتى تتم فيه الحرية عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ ولم جعل مالك المال موقوفا في يدي العبد ولم يجعل للمتمسك بالرق أن يأخذ من ماله شيئا‏؟‏

قال‏:‏ لشركة العبد في نفسه وللعتق الذي دخله فماله موقوف إن عتق تبعه ماله وإن مات قبل أن تتم حريته كان سبيله ما وصفت لك عند مالك‏.‏

في عتق العبد الذي يمثل به سيده

قلت‏:‏ أرأيت من مثل بعبده أيعتق عليه في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن قطع أنملة من إصبعه أهي مثلة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا تعمد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أحرقه بالنار عمدا فأحرق شيئا من جسده أتكون هذه مثلة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا كان على وجه العذاب له وإذا كواه بالنار لمرض يكون بالعبد أو يكون أراد بذلك علاج العبد فلا شيء عليه ولا يعتق العبد بهذا‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سمعت مالكا وقال لنا أرسل إلي السلطان يسألني عن امرأة كوت فرج جاريتها بالنار فقلت لمالك فما الذي رأيت فقال إن كان ذلك منها على وجه العذاب لها فانتشر وساءت منظرته رأيت أن تعتق عليها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن لم ينتشر ولم تقبح منظرته‏؟‏

قال‏:‏ فلا أرى أن تعتق عليها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن لم يكن متفاحشا‏؟‏

قال‏:‏ فلا عتق فيه كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن مثل بأم ولده أتعتق عليه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أم ولده ملك له عتقه فيها جائز إذا مثل بها فإنها تعتق عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن مثل بمكاتبه‏؟‏

قال‏:‏ إذا مثل بمكاتبه فإنه يعتق عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن مثل به فقطع يده عمدا أو جرحه‏؟‏

قال‏:‏ ينظر إلى جرحه أن لو جرحه أجنبي فيكون ذلك على السيد فإن كان قيمة الجرح والكتابة سواء عتق العبد وإن كان قيمة الجرح أكثر من الكتابة كان على السيد الفضل وإن كانت أقل من الكتابة عتق العبد ولم يكن للسيد عليه سبيل لأنه لو فعل ذلك بعبد له غير مكاتب عتق عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن مثل بعبد عبده أيعتق عليه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يعتق عليه‏.‏

قلت‏:‏ فعبيد أم الولد إذا مثل بهم‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن يعتقوا عليه ولم أسمعه من مالك‏.‏

قلت‏:‏ فعبيد مكاتبه إذا مثل بهم‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يكون عليه ما نقصهم ولا يعتقون عليه لأن عبيد مكاتبه لا يقدر على أخذهم إلا أن تكون مثلة فاسدة فيضمنهم ويعتقون عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن مثل بعبيد لابنه صغير أيعتقون عليه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أعتق الرجل عبيد أولاده الصغار وهو مليء جاز العتق فيهم وضمن القيمة لولده فأراه إذا مثل بهم عتقوا عليه وكانت عليه القيمة لولده مثل ما قال مالك إن كان مليا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن جز رؤوس عبيده ولحاهم أتراه مثلة يعتقون عليه بها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى ذلك مثله يعتقون بها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قلع أسنان عبيده أتراه مثلة‏؟‏

قال‏:‏ أخبرنا مالك أن زياد بن عبيد الله إذا كان عاملا على المدينة أرسل إليهم يستشيرهم في امرأة سحلت أسنان جارية لها بالمبرد حتى أذهبت أسنانها قال مالك فما اختلف عليه أحد منا يومئذ أنها تعتق عليها فأعتقها‏.‏

يريد مالك نفسه وغيره من أهل العلم قال ومعنى سحلت أسنانها بردتها فمسئلتك مثل هذا أرى أن يعتقوا إذا كان على وجه العذاب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما يصيب به المرء عبده يضربه على وجه الأدب فيفقأ عينه أو يكسر يده أو ما أشبه هذا من القطع أو الشلل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا أرى أن يعتق بهذا ولا يعتق إلا بما فعله به عمدا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أخصاه أيعتق عليه في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن مثل بعيد امرأته أو بخدمها‏؟‏

قال‏:‏ يعاقب ويضمن ما نقصهم ولا يعتقون عليه إلا أن تكون مثلة فاسدة فيضمنهم ويعتقون عليه بن وهب عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال كان لزنباع غلام يسمى سندرا أو بن سندر فوجده يقبل جارية له فأخذه فجبه وجدع أذنيه وأنفه فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى زنباع فقال لا تحملوهم ما لا يطيقون وأطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون وما كرهتم فبيعوا وما رضيتم فأمسكوا ولا تعذبوا خلق الله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مثل به أو أحرق بالنار فهو حر وهو مولى الله ورسوله فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أوص بك كل مسلم‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن زنباعا كان يومئذ كافرا ‏(‏مالك بن أنس‏)‏ قال بلغني أن عمر بن الخطاب أتته وليدة قد ضربها سيدها بنار فأصابها فأعتقها قال مالك والولاء لمن أعتق عليه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن سليمان بن يسار مثل ذلك‏؟‏

قال‏:‏ وضرب عمر سيدها‏؟‏

قال‏:‏ وأخبرني غير واحد عن بن أبي مليكة وأبي الزبير أن سيدها أحمى لها رضفا فأقعدها عليه فاحترق فرجها فقال له عمر ويحك أما وجدت عقوبة إلا أن تعذبها بعذاب الله قال فأعتقها وجلده بن وهب عن رجال من أهل العلم عن بن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة أن العبد يعتق في المثلة المشهورة قال ابن شهاب والمثل كثيرة وقال ربيعة يقطع حاجبه أو ينزع أسنانه هذا وما أشبهه قال يحيى كل ما كان مثلا في الإسلام عظيم يعاقب من فعل ذلك ويعتق عليه العبد قال سحنون بن القاسم يقول في الكافر يمثل بعبده أنه لا يعتق عليه وأما أشهب فيعتقه بالمثلة كافرا كان السيد أو مسلما‏.‏

في الرجل يؤاجر عبده سنة ثم يعتقه قبل السنة

قال‏:‏ وسمعت مالكا يقول في الرجل يؤاجر عبده سنة ثم يعتقه قال مالك لا عتق له حتى تتم السنة وإن مات السيد قبل السنة فهو حر من رأس المال إذا مضت السنة قال مالك ولا تنقض الإجارة لموت السيد قال سحنون وكذلك المخدم إلى سنة أو أكثر يعتقه سيده مثل ما وصفنا من أمر المستأجر إلا أن يترك المخدم أو المستأجر ماله فيه فيعتق كذلك قال مالك‏.‏

فيمن ادعى صبيا صغيرا في يديه أنه عبده وأنكر الصبي وادعى الصبي أنه حر

قلت‏:‏ أرأيت لو أن صبيا صغيرا في يدي رجل قال هذا عبدي فلما بلغ الصغير قال أنا حر وما أنا لك بعبد‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأره عبدا ولا يقبل قوله إذا كانت خدمته له معروفة وحيازته إياه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الصبي إذا كان يعرب عن نفسه فقال له سيده أنت عبدي وقال الصبي بل أنا حر‏.‏

فقال‏:‏ هو مثل ما وصفت لك إن كان قبل ذلك في يديه يختدمه وهو في حيازته لم ينفع الصبي قوله أنا حر وهو عبد له وهذا رأيي وإن كان إنما هو متعلق به لا يعلم منه قبل ذلك خدمته له ولا حوزه إياه فالقول قول الصبي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال رجل لعبد في يديه أنت عبد لي وقال العبد بل أنا عبد لفلان‏؟‏

قال‏:‏ هو لمن هو في يديه ولا يصدق العبد في أن يصير نفسه لغير الذي هو في يديه‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يسئل عن جارية كان معها ثوب فقال سيدها هذا الثوب هو لي وقال رجل من الناس بل الثوب ثوبي وأنا دفعته إليها تبيعه وأقرت الجارية أن الثوب للأجنبي دفعه إليها تبيعه‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك الثوب ثوب السيد لأن الجارية جاريته إلا أن يكون للأجنبي بينة على ما ادعى ولا تصدق الجارية في إقرارها هذا فكذلك مسئلتك إذا لم يجز لها إقرارها في مالها الذي في يديها إذا أقرت به للأجنبي فكذلك رقبتها لا يجوز إقرارها برقبتها لغير سيدها إذا كانت في يديه‏.‏

في الرجل يدعي العبد في يدي غيره أنه عبده

قلت‏:‏ أرأيت إن ادعيت أن هذا الرجل عبدي وأردت أن أستحلفه أيكون ذلك لي‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك لك‏.‏

قلت‏:‏ فإن أقمت شاهدا واحدا أأحلف مع شاهدي ويكون عبدي في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قد قال في كتابه في الرجل يعتق العبد فيأتي الرجل بشاهد على حق له على الرجل الذي أعتق أن صاحب الحق يحلف ويثبت حقه ويرد عتق العبد فإذا كان هذا عند مالك هكذا رأيت أن يسترقه باليمين مع شاهده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ادعيت عبدا في يدي رجل وأقمت عليه البينة أنه عبدي أيحلفني القاضي بالله الذي لا إله إلا هو أني ما بعت ولا وهبت ولا خرج من يدي بوجه من الوجوه مما يخرج به العبد من ملك السيد‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد يكون في يد رجل فيسافر العبد أو يغيب فيدعه رجل والعبد غائب فيقيم البينة على ذلك العبد أنه عبده أيقبل القاضي بينته على العبد وهو غائب وكيف هذا في المتاع والحيوان إذا كان يعينه أيقبل القاضي البينة على ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يقبل البينة إذا وصفوه وعرفوه ويقضي له بذلك‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا ولكن هذا رأيي إذا وصفوه بنعته وجلوه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أقمت البينة على عبد في يد رجل وقد مات في يديه أنه عبدي أيقضي لي عليه بشيء في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا شيء على الذي مات العبد في يديه إلا أن يقيم المدعي البينة أنه غصبه لأنه يقول اشتريت من سوق المسلمين فمات في يدي فلا شيء علي‏.‏

اللقيط يقر بالعبودية لرجل أو يدعيه رجل عبدا له

قلت‏:‏ أرأيت اللقيط إذا بلغ رجلا فأقر بالعبودية لرجل أتجعله عبدا له‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون عبدا له لأن مالكا قال اللقيط حر‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن التقطت لقيطا فادعيت أنه عبدي‏؟‏

قال‏:‏ لا يقبل قولك لأن مالكا قال اللقيط حر فإذا علم أنه التقطه فادعى أنه عبد له لم يصدق إلا بالبينة وهو حر بن وهب عن بن لهيعة عنيزيد بن أبي حبيب أنعمر بن عبد العزيز كان يقول في الذي يلتقط من الصبيان أنه كتب فيه أنه حر وأن ينفق عليه من بيت المال ‏(‏أشهب‏)‏ عن القاسم بن عبد الله عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب أنه قال المنبوذ حر‏.‏

في العبد يدعي أن سيده أعتقه

قلت‏:‏ أرأيت إن ادعى العبد أن مولاه أعتقه أتحلفه له‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا إلا أن يأتي العبد بشاهد‏؟‏

قال‏:‏ ولو جاز هذا للعبيد والنساء لم يشأ عبد ولا امرأة إلا أوقفت زوجها وأوقف العبد سيده كل يوم فأحلفه‏؟‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك فإن شهدت امرأتان في الطلاق أترى أن يحلف الزوج‏؟‏

قال‏:‏ إن كانتا ممن تجوز شهادتهما عليه رأيت أن يحلف يريد بذلك أن لا تكونا أمهاتها أو بناتها أو أخواتها أو جداتها ممن هو منها بظنة‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك هذا في العتق‏؟‏

قال‏:‏ نعم مثل ما قال لي مالك في الطلاق‏.‏

في إقرار بعض الورثة أن الميت أعتق هذا العبد وينكر بقية الورثة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ورثة نساء ورجالا فشهد واحد من الورثة أو أقر بأن أباه أعتق هذا العبد وجحد ذلك بقية الورثة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تجوز شهادته ولا إقراره‏.‏

قلت‏:‏ ويكون حظه من العبد رقيقا له في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن أقر هو وآخر من الورثة بأن الميت قد أعتق هذا العبد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ينظر إلى العبد الذي شهدوا له فإن كان العبد ممن لا يرغب في ولائه وليس لولائه خطب جازت شهادتهما على جميع الورثة رجالا كانوا أو نساء ورجالا وإن كان لولائه خطب قال مالك لم تجز شهادتهم إن كان في الورثة نساء لأنهم يتهمون على جر الولاء فإن لم يكن في الورثة نساء وكانوا كلهم رجالا ممن يثبت لهم ولاء هذا العبد جازت شهادتهما على عتقه على جميع الورثة إذا كانوا بحال ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن أخوين ورثا عن أبيهما عبدا ومالا فأقر أحدهما أن أباه أعتق هذا العبد في صحته أو في مرضه والثلث يحمل العبد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك العبد رقيق كله يباع ولا يعتق على واحد منهما فإذا باعاه جعل هذا الذي أقر بأن والده أعتقه نصيبه من ثمن العبد في رقاب‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال الذي أقر بما أقر به أما إذا لم يلزمني هذا الذي أقررت به فإني لا أبيع نصيبي منه وقال الآخر الذي لم يقر بشيء لا أبيع نصيبي منه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يستحب للذي أقر أن يبيع نصيبه من العبد فيجعل ذلك في رقاب إن بلغ ما يكون رقبة أو رقابا فيعتقهم عن أبيه الميت ويكون ولاؤهم لأبيه ولا يكون ولاؤهم له قال ابن القاسم وليس يقضي بذلك عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يبلغ رقبة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يشارك به في رقبة ولا يأكله يشتريها هو وآخر‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يجد أيجعله في المكاتبين في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يعين به في رقاب فيتم به عتاقتهم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك هذا في جميع الورثة زوجة كانت المقرة بالعتق أو أختا أو والدة فإنه لا يجوز إقرارها بالعتق وحالها في إقرارها كحال الأخ الذي وصفت لي في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن هلك رجل وترك عبيدا وترك إبنين فأقر أحدهما أن أباه أعتق هذا العبد لبعض أولئك العبيد وقال الابن الآخر بل أعتق أبي هذا العبد لعبد آخر والثلث يحملهما أو لا يحملهما‏؟‏

قال‏:‏ يقسم الرقيق بينهما فأيهما صار العبد الذي أقر بعتقه في حظه عتق عليه ما حمل الثلث منه وإن لم يصر العبد الذي أقر بعتقه في حظه وصار في حظ صاحبه فإنه يخرج مقدار نصف ذلك العبد إذا كان ثلث الميت يحمله فيجعله في رقبة أو في نصف رقبة‏؟‏

قال‏:‏ فإن لم يجد أعان به في آخر كتابة مكاتب بحال ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ أليس قد قلت يباع إذا أقر أحدهما بعتقه في قول مالك فكيف ذكرت القسمة ها هنا‏؟‏

قال‏:‏ إنما يباع إذا كان لا ينقسم فأما إذا كان مما ينقسم فإنه يقسم بحال ما وصفت لك والذي قال لي مالك إنما هو في العبد الواحد لأنه لا ينقسم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد إذا شهد له بالعتق واحد من الورثة أيعتق أم لا‏؟‏ وهل يعتق نصيب الوارث منه في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يحلف هذا العبد مع هذا الوارث ولا يعتق منه نصيب هذا الوارث ولا نصيب غيره ولكن يؤمر الوارث أن يصرف ما صار له من مورثه من ثمن رقبة العبد في رقبة إن بلغت وإن لم تبلغ جعلها في نصف رقبة أو ثلث رقبة فإن لم يجد نصفا ولا ثلثا من رقبة فما صار إليه من حقه في رقبة العبد أمان بنصيبه منه في رقبة مكاتب في آخر الكتابة الذي به يعتق المكاتب‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن لم يبيعوا العبيد وقالت الورثة لا نبيع ولكنا نقسم والعبيد كثير يحملون القسمة‏؟‏

قال‏:‏ ذلك لهم عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن اقتسموا العبيد واستهموا فخرج العبد الذي أقر الوارث أن أباه أعتقه في سهمه أيعتق جميعه في سهمه أم يعتق منه مقدار حصته منه قبل القسمة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يعتق جميعه‏.‏

قلت‏:‏ بقضاء‏؟‏

قال‏:‏ نعم قال ومما يدلك على هذا ألا ترى لو أن رجلا شهد على عبد رجل أنه حر وأن سيده أعتقه فردت شهادته فاشتراه من سيده أنه يعتق عليه إذا اشتراه أو ورثه بن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة أنه قال في الرجل يشهد أن أباه أعتق فلانا رأسا من رقيقه‏؟‏

قال‏:‏ إن كان معه رجل آخر يشهد على ذلك جاز ذلك على الورثة وإن لم يكن معه غيره سقطت شهادته عنه وعن أهل الميراث وأعطي حقه منه وهو قول كبار أصحاب مالك قال سحنون وهو قول مالك إلا أنه أحيانا يقول إن كان ممن يرغب في ولائه أو لا يرغب‏.‏

فيمن أقر أنه أعتق عبده على مال ويدعي العبد أنه أعتقه على غير مال

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال قد أعتقت عبدي أمس فبتت عتقه على مائة دينار جعلتها عليه وقال العبد بل بتت عتقي على غير مال‏؟‏

قال‏:‏ القول قول العبد عندي ولم أسمعه من مالك‏.‏

قلت‏:‏ أفيحلف العبد للسيد‏؟‏

قال‏:‏ نعم ألا ترى أنها تحلف الزوجة للزوج وقال أشهب القول قول السيد ويحلف ألا ترى أنه يقول لعبده أنت حر وعليك مائة دينار فيعتق وتكون المائة عليه وليس هو مثل الزوجة يقول لها أنت طالق وعليك مائة دينار فهي طالق ولا شيء عليها‏.‏

فيمن أقر في مرضه بعتق عبده

قلت‏:‏ أرأيت إن أقر في مرضه فقال قد كنت أعتقت عبدي في مرضي هذا أيجوز هذا في ثلثه‏؟‏

قال‏:‏ كل ما أقر به أنه فعله في مرضه فهو وصية وما أقر به في الصحة فهو خلاف ما أقر به أنه فعله في المرض‏؟‏

قال‏:‏ فإن قام الذي أقر له وهو صحيح أخذ ذلك منه وإن لم يقم حتى يمرض أو يموت فلا شيء له وإن كانت له بينة إلا العتق والكفالة فإنه إن أقر به في الصحة فقامت على ذلك بينة عتق في رأس ماله وإن كانت الشهادة إنما هي بعد الموت أخذت الكفالة من ماله وارثا كان أو غير وارث لأنه دين قد ثبت في ماله في صحته‏.‏

العبد بين الرجلين يشهد أحدهما أن صاحبه أعتق نصيبه

قلت‏:‏ أرأيت العبد يكون بين الرجلين فيشهد أحدهما على صاحبه أنه أعتق نصيبه منه وصاحبه ينكر ذلك‏؟‏

قال‏:‏ إن كان الذي شهد عليه موسرا لم أر أن يسترق نصيبه ورأيت أن يعتقه لأنه جحده قيمة نصيبه منه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم عليه وإن كان الذي شهد عليه معسرا لم أر أن يعتق عليه من نصيبه شيء لأنه لا قيمة عليه فلذلك تمسك بنصيبه وكان رقيقا وانظر إذا كان الشاهد موسرا أو معسرا فشهد على موسر فنصيبه حر وإذا كان المشهود عليه معسرا والشاهد موسرا أو معسرا لم يعتق على الشاهد من نصيبه شيء‏؟‏

قال‏:‏ وهذا أحسن ما سمعت قال سحنون وقد قال هو وغيره لا تجوز الشهادة كان المشهود عليه موسرا أو معسرا وهو أجود قوله وعليه جميع الرواة‏.‏

في الرجلين يشهدان على الرجل بعتق عبده ثم يرجعان عن شهادتهما

قلت‏:‏ أرأيت الشاهدين إذا شهدا على رجل بعتق عبده فأعتقه السلطان عليه ثم رجعا عن شهادتهما‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك العتق ماض ولا يرد العبد إلى الرق لرجوعهما عن شهادتهما ولم أسمع من مالك في قيمة العبد هل يضمنها هذان الشاهدان وأما أنا فأرى أن يضمنا للسيد قيمة العبد وكذلك يقول غيره من الرواة‏.‏

في الرجلين يشهدان على الرجل بعتق عبده فترد شهادتهما ثم يشتريه أحدهما

قال‏:‏ وقالمالك إذا شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبده فرد القاضي شهادتهما عنه ثم اشتراه أحدهما بعد ذلك أنه يعتق عليه حين اشتراه ‏(‏وقال‏)‏ أشهب إن أقام على الإقرار بعد الإشتراء لأن قوله يومئذ لم يكن يلزمه منه شيء وإن جحد وقال كنت قلت باطلا وأردت إخراجه من يديه لم يكن عليه شيء‏.‏

في الرجل الواحد يشهد لعبد أن سيده أعتقه

قلت‏:‏ وقال مالك إذا شهد الرجل لعبد أن سيده أعتقه أو لامرأة أن زوجها طلقها أحلف الزوج والسيد إن شاآ وإن أبيا فإن لم يحلفا سجنا حتى يحلفا وقد كان مالك يقول في أول قوله إن أبيا أن يحلفا طلق عليه وأعتق عليه ثم رجع فقال يسجن حتى يحلف وقوله الآخر أحب إلي وأنا أرى إن طال سجنه أن يخلى سبيله ويدين ولا يعتق عليه ولا يطلق عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت عبدا ادعى أن مولاه أعتقه وأنكر المولى ذلك أيكون للعبد على مولاه يمين أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يمين عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن أقام شاهدا واحدا أو أقام امرأتين فشهدتا على العتق أيحلف العبد مع الرجل أو مع المرأتين في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يحلف العبد ولكن يحلف السيد‏.‏

قلت‏:‏ فإن أبى أن يحلف السيد‏؟‏

قال‏:‏ كان مالك مرة يقول أن أبي أن يحلف أعتق عليه العبد ثم رجع عن ذلك فقال يسجن السيد حتى يحلف‏.‏

قلت‏:‏ وتوقفه عن عبده وعن أمته إذا أقام شاهدا واحدا أو امرأتين وتحبسه حتى يحلف في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم وإنما قال لي مالك هذا في الطلاق والعتق مثله ‏(‏وقال‏)‏ مالك وإنما تجوز شهادة النساء في هذا إذا كانت المرأتان ممن تجوز شهادتهما للمرأة على الزوج‏.‏

فقلت‏:‏ له وما معنى قول مالك هذا‏؟‏

قال‏:‏ لا تكون أم المرأة وإبنتها ونحوهما ممن لا تجوز شهادتهما وكذلك هذا في العتق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن شهدت أختها وأجنبية‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن تجوز‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك العمة والخالة‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا تجوز لأن هذا ليس بمنزلة الحقوق هذا طلاق‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ إنما قال لنا مالك جملة مثل ما أخبرتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا هلك فادعى عبده أن مولاه أعتقه وأقام شاهدا واحدا أيحلف مع شاهده أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يحلف مع شاهده ويكون رقيقا ويحلف الورثة إن كانوا كبارا أنهم لا يعلمون أنه أعتقه‏.‏

في الأمة يشهد لها زوجها ورجل أجنبي بالعتق

قلت‏:‏ أرأيت لو أن أمة شهد لها زوجها بالعتق ورجل أجنبي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تجوز شهادة الزوج لامرأته ولا المرأة لزوجها‏؟‏

قال‏:‏ ولو شهد زوج لامرأته ورجل أن سيدها أعتقها كان أحرى أن لا تقبل شهادته‏.‏

في اختلاف الشهادة على العتق

قلت‏:‏ أرأيت إن شهد شاهدان على عبد ورثته عن أبي شهد أحدهما أن أبى كان دبره وشهد الآخر أن أبي كان أعتقه في صحته بتلا أتجوز شهادتهما في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أراهما قد اختلفا فلا تجوز في رأيي ‏(‏وقال‏)‏ غيره لأن أحدهما شهد أنه من رأس المال وقال الآخر من الثلث ولا يكون في الثلث إلا ما أريد به الثلث‏.‏

وإن شهد شاهد على رجل أنه أعتق عبده بتلا وشهد آخر أنه أعتق ذلك العبد عن دبر فهما لم يجتمعا في الثلث ولا غيره حلف مع كل واحد منهما وأبطل شهادتهما فإن أبي أن يحلف سجن وإن قال أحدهما إلى سنة وقال الآخر بتل عتقه فقد اجتمعا على العتق واختلفا في الأجل حلف على شهادة المبتل فإن حلف كان حرا إلى سنة وأن أقر عجل العتق وإن أبى أن يحلف سجن فخذ هذا على مثل هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن شهد شهود على مرزوق أنه عبد لهذا الرجل وأن هذا الرجل أعتقه وشهد غيرهم أنه عبد فلان لرجل آخر ولم يشهدوا على عتق‏؟‏

قال‏:‏ إذا تكافأت البينتان في العدالة فهو حر لأن الحرية قبض وحوز ولا ترد حريته إلا أن يأتي الذي أقام البينة على العبودية بأمر هو أثبت من بينة الذين شهدوا على الحرية ‏(‏وقال‏)‏ غيره إذا كان العبد ليس في يد واحد منهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن شهد رجل لرجل أن فلانا هذا الميت عبده وأنه كاتبه وشهد له شاهد آخر أنه عبده وأنه أعتقه‏؟‏

قال‏:‏ أرى شهادتهما جائزة علي إثبات الرق لأنهما اجتمعا عليه وما اختلفا فيه من الكتابة والعتق فذلك لا تجوز شهادتهما فيه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن شهد رجلان على أمة في يدي أنها أمة فلان وفلان هذا يدعيها وشهدا أنه أعتقها أو دبرها أو كاتبها أو أعتقها إلى أجل من الآجال وأقمت أنا البينة أنها أمتي وتكافأت البينتات في العدالة لمن يقضي بها‏؟‏

قال‏:‏ أما الشهادة على ثبات العتق فإني أجعلها حرة ولا أجعلها للذي هي في يديه لأنهم قد شهدوا على هذه الجارية التي في يدي هذا الرجل أنها حرة وأما في الكتابة والتدبير فإني لا أقبل شهادتهما وأجعلها للذي هي في يديه لأن مالكا قال إذا تكافأت البينتات فهي للذي هي في يديه قال سحنون وقال غيره من الرواة هي للذي هي في يديه ولا ينظر إلى قول من قال إن البينة على من ادعى ممن ليس هي في حوزه وليست البينة على من هي في يديه فإن ذلك ليس بمعتدل لأنه لا بد لمن جاء ببينة ينتزع بها ما بيدي من أن أكون له مانعا لما عندي وأن لا يضرني حوزي وأن لا تكون حجة لغيري علي ولا منع ولا دفع يكون بأقوى من بينة مع حوز وقال إنما ادعى الذي أعتق أو كاتب ما هو له ملك وإنما يكون العتق بعد ثبات الملك فالملك لم يثبت له فكيف يحقق له العتق ملك لم يثبت له أرأيت لو قال أحدهما وهو المدعي ولدت عندي وأقام بينة وأقام المدعي عليه بينة أنها ولدت عنده واعتدلت البينة أما كانت تكون للذي هي في يديه وتسقط بينة المدعي لأن بينته لم تثبت له ملكا والعتق لا يكون إلا لمالك فلو قالت بينة المدعي ولدت عنده وأعتق أكان العتق يوجب له ما لم يملك أرأيت لو شهدوا أنها للذي هي في يديه يملكها منذ سنة وشهدت بينة المدعي أنها له يملكها منذ عشرة أشهر وأنه أعتقها أكان العتق يخرجها ولم يتم له ملكه‏.‏

كتاب المكاتب في المدونة الكبرى

في المكاتب وفي قول الله ‏{‏وآتوهم من مال الله الذي آتاكم‏}‏ قال سحنون قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت قول الله عز وجل ‏{‏وآتوهم من مال الله الذي آتاكم‏}‏ قال سمعت مالكا يقول سمعت من غير واحد من أهل العلم يقول إنه يوضع عنه من آخر كتابته وقد ذكر بن وهب وبن القاسم وعلي بن زياد وأشهب عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقول في قول الله تبارك وتعالى في كتابه ‏{‏وآتوهم من مال الله الذي آتاكم‏}‏ أن ذلك أن يكاتب الرجل عبدا ثم يضع عنه من آخر كتابته تلك شيئا مسمى قال وذلك أحسن ما سمعت وعليه أهل العلم وعمل الناس عندنا‏.‏

قال مالك وقد بلغني أن عبد الله بن عمر كاتب غلاما له بخمسة وثلاثين ألف درهم ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه عن نافع أنه قال كاتبعبد الله بن عمر غلاما يقال له شرف على خمسة وثلاثين ألف درهم فوضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم ولم يذكر نافع أنه أعطاه شيئا غير الذي وضع عنه‏.‏

سحنون عن بن وهب عن الحارث بن نبهان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب أنه قال ربع الكتابة‏.‏

قالابن وهب وبلغني عن إبراهيم النخعي قال هو شيء حث الناس عليه المولى وغيره‏.‏

الكتابة بما لا يجوز التبايع به من الغرر وغيره

قلت أرأيت إن كاتبت عبدي على شيء من الغرر وما لا يجوز في البيوع أتجوز الكتابة أم لا‏؟‏ قال سألت مالكا أو سئل وأنا عنده عن الرجل يكاتب عبده على وصفاء حمران أو سودان ولا يصفهم قال مالك يعطى وسطا من وصفاء الحمران ووسطا من وصفاء السودان مثل النكاح فعلى هذا فقس جميع ما سألت عنه‏.‏

قلت أرأيت إن كاتب عبده على قيمته أيجوز أم لا‏؟‏ قال قال مالك في المكاتب يكاتب على وصيف أو وصيفين ولم يصفهم أنه جائز ويكون عليه وسط من ذلك‏.‏

قال مالك وإذا أوصى بأن يكاتب ولم يسم ما يكاتب به فإنه يكاتب على قدر ما يعلم الناس من قوته على الأداء فكذلك مسألتك على هذا إذا كاتبه على قيمته كان ذلك جائزا وكانت عليه قيمة وسط من ذلك‏.‏

قلت أرأيت إن قال أكاتبك على عبد فلان أو قال أتزوجك على عبد فلان قال أما المكاتب فإنه جائز عندي ولا يشبه النكاح لأن عبده يجوز له فيما بينه وبينه من الغرر غير شيء واحد مما لا يجوز له فيما بينه وبين غيره ولا يشبه البيوع‏.‏

قلت أرأيت إن كاتب عبده على لؤلؤ ليس بموصوف‏؟‏ قال لا يجوز ذلك لأن اللؤلؤ لا يحاط بصفته‏.‏

قلت أرأيت إن كاتب عبده على وصيف موصوف فقبضه منه فعتق المكاتب ثم أصاب السيد بالوصيف عيبا قال يرده ويأخذ وصيفا مثل صفته التي كانت عليه إن قدر على ذلك وإلا كان دينا يتبعه به ولا يرد العتق لأن مالكا قال في الرجل يتزوج المرأة على وصيف موصوف فقبضته فأصابت به عيبا أن لها أن ترده وتأخذ وصيفا غيره على الصفة التي كانت لها فكذلك الكتابة‏.‏

قال وسألت مالكا عن الرجل يكاتب عبده على طعام ثم يصالحه السيد على دراهم يتعجلها منه قبل محل أجل الكتابة فقال لا بأس به بين العبد وسيده وشككت في أن يكون قال لي ولا خير فيه من غير العبد‏.‏

قال وهو رأيي أنه لا خير فيه من غير العبد ومما يبين ذلك أن مالكا قال ما كان لك على مكاتبك من كتابة من ذهب أو ورق أو عرض من العروض فلا بأس بأن تبيعه من المكاتب بعرض مخالف للذي لك عليه أو من صنف الذي لك عليه يعجل ذلك أو يؤخره ولم ير ذلك من الدين بالدين‏.‏

قال ابن القاسم وإن باعه من أجنبي لم يحل إلا أن يتعجله ويدخل ها هنا الدين بالدين فإذا كان ها هنا للأجنبي بيع الدين بالدين فهو في الطعام أيضا إذا باعه من أجنبي في مسألتك بيع الطعام قبل أن يستوفى‏.‏

جرير بن حازم عن أيوب السختياني يحدث عن نافع أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كاتبت عبدا لها على رقيق قال نافع فأدركت أنا ثلاثة من الذين أدوا في كتابتهم‏.‏

بن وهب عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن بن شهاب قال أدركنا ناسا من صلحاء قريش يكاتبون العبد بالعبدين‏.‏

قال يزيد بن أبي حبيب هذه سنة‏.‏

بن وهب عن مسلمة بن علي عن الأوزاعي حدثهم عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس قال في رجل كاتب عبده على ثلاثة وصفاء أنه لا بأس بذلك قال الأوزاعي وقال ابن شهاب مثله‏.‏

بن وهب عن بن لهيعة عن خالد بن عمران أنه سأل القاسم وسالما عن رجل كاتب عبدا له بخمسة وصفاء فقضى بعضهم وبقي عليه بعضهم فتوفي وله ولد قالا إن ترك مالا قضوا عنه وهم أحرار‏.‏

في الكتابة إلى غير أجل

قلت أرأيت ان كاتب رجل عبده على ألف درهم ولم يضرب لذلك أجلا قال قال مالك في الرجل يقول في وصيته كاتبوا عبدي بألف درهم ولم يضرب لذلك أجلا قال مالك ينجم على المكاتب على قدر ما يرى من كتابة مثله وقدر قوته قال ابن القاسم والكتابة عند الناس منجمة فأرى انها تنجم على العبد ولا تكون حالة وان أبى ذلك السيد فإنها تنجم على العبد وتكون الكتابة جائزة‏.‏

في المكاتب يشترط عليه الخدمة

قلت أرأيت ان كاتبه على خدمة شهر أيجوز ذلك قال ان عجل له العتق على خدمة شهر بعد العتق فالخدمة باطلة وهو حر وان أعتقه بعد الخدمة فالخدمة لازمة للعبد وقال أشهب اذا كاتبه على خدمة شهر فالكتابة جائزة ولا يعتق حتى يخدم الشهر قال وقال مالك كل خدمة اشترطها السيد على مكاتبه بعد العتق فهي ساقطة قال مالك وكل خدمة اشترطها في الكتابة انه اذا أدى الكتابة قبل أن يخدم سقطت عنه الخدمة‏.‏

في المكاتب يشترط عليه سيده أنك إن عجزت عن نجم من نجومك فأنت رقيق

قال وقال لي مالك في الرجل يشترط على مكاتبه إن عجزت عن نجم من نجومك فأنت رقيق‏.‏

قال قال مالك إن عجز عنه فلا يكون عاجزا إلا عند السلطان والشرط في ذلك باطل‏.‏

قال وقال مالك أيضا في المكاتب يكاتبه سيده على أنه إن جاء بنجومه إلى أجل سماه وإلا فلا كتابة له قال ليس محو كتابة العبد بيد السيد بما شرط ويتلوم للمكاتب وإن حل الأجل فإن أعطاه كان على كتابته‏.‏

قال مالك والقطاعة مثله يتلوم له أيضا وإن مضى الأجل فإن جاء به عتق‏.‏

قلت ما معنى قوله يتلوم له أليس ذلك يجعل قريبا من الأجل قال ذلك على قدر اجتهاد السلطان فمن العبيد من يرجى له إذا تلوم له ومنهم من لا يرجى له فهذا كله يقوي بعضه بعضا‏.‏

بن وهب عن بن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الأشج أن عمار بن عيسى الدؤلي حدثه أنه حضر عمر بن عبد العزيز وأتاه رجل بمكاتب له قد أخل ببعض شروطه التي اشترطت عليه فقال خذه فهو عبدك لعمري ما يشترط الناس إلا لتنفعهم شروطهم‏.‏

بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال سيد المكاتب أحق بشروطه اشترط عليه من رد كتابته وما أخذ منه فهو له طيب أن المكاتب لم يوف له بشروطه وخالف إلى شيء مما نهى عنه وعقد عليه‏.‏

قال والمكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء‏.‏

بن وهب عن بن جريج عن عطاء الخرساني أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال يا رسول الله إني أسمع منك أحاديث أفتأذن لي فأكتبها‏؟‏ قال نعم فكان أول ما كتب به النبي عليه الصلاة والسلام كتب كتابا إلى أهل مكة لا يجوز شرطان في بيع واحد ولا بيع ولا سلف جميعا ولا بيع ما لم يضمن ومن كاتب مكاتبا على مائة درهم فقضاها كلها إلا عشرة دراهم فهو عبد أو على مائة أوقية فقضاها كلها إلا أوقية واحدة فهو عبد‏.‏

وعبد الله بن عمر وأسامة بن زيد الليثي أن نافعا أخبرهم أن عبد الله بن عمر كان يقول المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء إلا أن عبد الله بن عمر قال في الحديث ما بقي عليه درهم‏.‏

بن وهب عن رجال من أهل العلم منهم مالك عن زيد بن ثابت مثله‏.‏

بن وهب عن بن لهيعة عن بكير بن الأشج عن بن المسيب وسليمان بن يسار مثله‏.‏

سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب مثله‏.‏

بن وهب عن جرير بن حازم أن عمر بن عبد العزيز كتب بذلك وقال لمولاه شرطه‏.‏

بن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عروة وسليمان مثله‏.‏

بن وهب عن عمر بن قيس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال إن كان أمهات المؤمنين ليكون لبعضهن المكاتب فتكشف له الحجاب ما بقي عليه درهم فإذا قضاه أرخينه دونه‏.‏

بن وهب عن غير واحد عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وجابر بن عبد الله أنهم كانوا يقولون المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم‏.‏

بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال المكاتب بمنزلة العبد إن أصاب حدا من حدود الله وشهادته شهادة العبد ولا يرث المكاتب ولد حر ولا غيره من ذوي رحمه وسيده أولى بميراثه ولا يجوز للمكاتب وصية في ثلثه‏.‏

بن وهب عن يونس عنابن شهاب أنه قال في المكاتب يعجز وقد بقي عليه من كتابته شيء يسير‏.‏

قال ابن شهاب نرى أن يترفق به وييسر عليه حتى يعذر في شأنه فإن ضعف فلا يؤدي شيئا ولا نراه إلا عبدا إذا لم يؤد الذي عليه من كتابته فإن المؤمنين عند شروطهم‏.‏

قال يونس وقد قال ربيعة من كاتب عبده على كتابة فلا يعتق إلا بأدائها وذلك لأنه عبده واشترط عليه أنه إن أدى إليه كذا وكذا فهو حر وإن عجز فهو على منزلته من الرق التي كان بها وذلك لأن الذي قبض منه سيده كان لسيده مالا إذا عجز وإن ما بقي مال له إذا لم يعتق العبد بما شرط من أداء المال كله‏.‏

بن وهب عن بن لهيعة عن أبي الزيبر عن جابر بن عبد الله عن المكاتب يعجز أيرد عبدا فقال لسيده الشرط الذي اشترط عليه‏.‏

بن وهب عن سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة قال شهدت شريحا رد مكاتبا في الرق عجز‏.‏

بن وهب عن الحارث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله بن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن رجلا كاتب غلاما له صائغا على عشرين ألف درهم وغلام يعمل مثل عمله فأدى العشرين الألف ولم يجد غلاما يعمل مثل عمله فخاصمه إلى عمر بن الخطاب فقال الغلام لا أجد من يعمل مثل عملي فقضى عمر على الغلام فأعتقه صاحبه بعد ما قضى عليه عمر‏.‏

في المكاتب يشترط عليه أنه إذا أدى وعتق فعليه مائتا دينار دينا

قلت أرأيت إن كاتبه على ألف دينار على أنه إن أدى كتابته وعتق فعليه مائتا دينار دينا‏.‏

قال ذلك جائز لأن مالكا قال لو أن رجلا أعتق عبده على أن للسيد على العبد مائة دينار جاز ذلك على العبد‏.‏

في المكاتبة يشترط عليها سيدها أنه يطؤها ما دامت في الكتابة

قلت أرأيت إن كاتب أمته على ألف درهم نجمها عليها على أن يطأها ما دامت في الكتابة‏.‏

قال الشرط باطل والكتابة جائزة ولا أحفظه عن مالك‏.‏

قلت ولم لا يبطل الشرط الكتابة وإنما باعها نفسها بما سمي من المال وعلى أن يطأها فلم لا يكون هذا بمنزلة رجل باع من رجل جارية على أن يطأها البائع إلى أجل كذا وكذا‏.‏

‏؟‏ قال لا تشبه الكتابة البيع لأن البيع لا يجوز فيه الغرر وأما الكتابة فقد أخبرتك أن الرجل إذا كاتب عبده على وصفاء أنه جائز فكذلك هذا الشرط ها هنا أبطله وأجيز الكتابة ومما يدلني على أن الشرط الذي شرط في الوطء أنه لا يجوز وأنه باطل والكتابة جائزة أن الرجل لو أعتق أمته إلى أجل على أن يطأها كان الشرط باطلا وكانت حرة إذا مضى الأجل فكذلك الكتابة‏.‏

سحنون والكتابة عقدها قوي وما قوي عقده ابتغى أن يرد ما أمره أضعف منه‏.‏

بن وهب وقد قال مالك في المكاتب يشترط عليه أنك ما ولدت في كتابتك فإنه عبد لنا‏.‏

‏؟‏ قال لا تكون الكتابة إلا على سنة الكتابة التي مضت وليس هذا في سنة الكتابة والسنة والأمر في المكاتب والمكاتبة أن أولادهما على ما هما عليه يعتقون بعتقهما ويرقون برقهما في كل ولد حدث بعد الكتابة‏.‏

في الرجل يكاتب أمته ويشترط جنينها

قلت أرأيت الرجل يكاتب الأملا ويستثنى ما في بطنها قال من قول مالك في الرجل يعتق الأمة ويستثنى ما في بطنها إن ذلك غير جائز فكذلك المكاتبة أيضا تثبت الكتابة ويسقط الشرط في ولدها‏.‏

المكاتب يقاطع سيده على أن يؤخره عنه ويزيده

قلت أرأيت المكاتب في قول مالك أيصلح له أن يقاطع سيده ويؤخره عنه على أن يزيده في قول مالك‏؟‏ قال لا بأس بذلك في قول مالك لأنه‏؟‏ قال لا بأس بأن يضع عنه على أن يعجل له‏.‏

وقال مالك لا بأس بأن يعجل العين التي له على مكاتبه في عرض على أن يؤخر العرض فهذا يدلك على مسألتك أنه لا بأس بها‏.‏

قلت وسواء حل الأجل أو لم يحل في قول مالك‏؟‏ قال نعم لأنه ليس دينا بدين‏.‏

قلت وكذلك لو كانت الكتابة دراهم ففسخها في دنانير إلى أجل لم يكن بذلك بأس قال قال مالك في العروض ما أخبرتك ولم يره من الدين بالدين فكذلك في الدنانير لا بأس به‏.‏

قال سحنون إذا عجل للمكاتب العتق‏.‏

بن وهب عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقاطع مكاتبيها بالذهب والورق‏.‏

بن وهب عن عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عنعبد الله بن عباس أنه كان لا يرى بأسا بمقاطعة المكاتب بالذهب والورق‏.‏

بن وهب عن يونس عن بن شهاب قال لم يكن يتقى المقاطعة على الذهب والورق أحد إلا بن عمر قال له أن يعطي عرضا‏.‏

بن وهب قال ابن شهاب وقد كان من سواه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاطع‏.‏

بن وهب قال أسامة وسألت يزيد بن عبد الله بن هرمز وغير واحد من علمائنا فلم يروا بذلك بأسا‏.‏

بن وهب عن يونس عن ربيعة أنه قال ما زال أمر المسلمين على أن يجيزوا مقاطعة المكاتب بما قاطع به من عرض أو فرض ذهب أو ورق وذلك أنهم يرون أن ذلك لهم مال أصل رقبته ورأس ماله كله وكل ما جد كسبه وعمله وأن الكتابة كانت رضا منهم بما رضوا به منها من أصل ما كان لهم رقبة العبد وماله وما أحدث من العمل الذي اكتسب فرأوا أن المقاطعة معروف يفعلونه مع معروف الكتابة قد أتوه من أصل مال هو لهم كله‏.‏

بن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد في مقاطعة المكاتب بالذهب والورق قد كان الناس يقاطعون‏.‏

قال مالك الأمر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب والورق فيضع عنه مما عليه من الكتابة على أن يعجله ما قاطعه عليه أنه لا بأس بذلك وإنما كره ذلك من كرهه لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل فيضع عنه وينفذه وليس هو مثل الدين إنما كانت قطاعة المكاتب سيده على أن يعطيه مالا في أن يعجل العتق له فيجب له الميراث والشهادة والحدود وتثبت له حرمة العتاقة ولم يشتر دراهم بدراهم ولا دنانير بدنانير ولا ذهبا بذهب وإنما هذا مثل رجل قال لغلامه ائتني بكذا وكذا وأنت حر فوضع عنه من ذلك وقال إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر فليس هذا دينا ثابتا إذ لو كان دينا ثابتا لحاص به السيد غرماء المكاتب إذا مات أو أفلس فدخل معهم في مال مكاتبه‏.‏