فصل: فصل: كل ما جاز التقاطه‏‏ ملك بالتعريف عند تمامه أثمانا كانت أو غيرها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وكل ما جاز التقاطه‏,‏ ملك بالتعريف عند تمامه أثمانا كانت أو غيرها هذا كلام الخرقي فإن لفظه عام في كل لفظه وقد نقل ذلك عن أحمد‏,‏ فإن محمد بن الحكم روى عنه في الصياد يقع في شصه الكيس أو النحاس‏:‏ يعرفه سنة فإن جاء صاحبه‏,‏ وإلا فهو كسائر ماله وهذا نص في النحاس وقال الشريف بن أبي موسى‏:‏ هل حكم العروض في التعريف وجواز التصرف فيها بعد ذلك حكم الأثمان‏؟‏ على روايتين‏,‏ أظهرهما أنها كالأثمان ولا أعلم بين أكثر أهل العلم فرقا بين الأثمان والعروض في ذلك وقال أكثر أصحابنا‏:‏ لا تملك العروض بالتعريف قال القاضي‏:‏ نص أحمد على هذا في رواية الجماعة واختلفوا فيما يصنع بها‏,‏ فقال أبو بكر وابن عقيل‏:‏ يعرفها أبدا وقال القاضي‏:‏ هو بالخيار بين أن يقيم على تعريفها حتى يجيء صاحبها وبين دفعها إلى الحاكم ليرى رأيه فيها وهل له بيعها بعد الحول‏,‏ ويتصدق بها‏؟‏ على روايتين وقال الخلال‏:‏ كل ما روي عن أحمد أنه يعرفه سنة‏,‏ ويتصدق به والذي نقل أنه يعرف أبدا قول قديم رجع عنه واحتجوا بما روي عن ابن عمر‏,‏ وابن عباس وابن مسعود مثل قولهم‏,‏ ولأنها لقطة لا تملك في الحرم فلا تملك في غيره كالإبل ولأن الخبر ورد في الأثمان‏,‏ وغيرها لا يساويها لعدم الغرض المتعلق بعينها فمثلها يقوم مقامها من كل وجه بخلاف غيرها ولنا عموم الأحاديث في اللقطة جميعها ‏(‏فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سئل عن اللقطة‏,‏ فقال‏:‏ عرفها سنة ثم قال في آخره‏:‏ فانتفع بها أو فشأنك بها‏)‏ وفي حديث عياض بن حمار‏:‏ ‏"‏ من وجد لقطة ‏"‏ وهو لفظ عام وروى الجوزجاني والأثرم في ‏"‏ كتابيهما ‏"‏‏,‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو نعيم ثنا هشام بن سعد قال حدثني عمرو بن شعيب‏,‏ عن أبيه عن جده قال‏:‏ ‏(‏أتى رجل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال‏:‏ يا رسول الله‏,‏ كيف ترى في متاع يوجد في الطريق الميتاء أو في قرية مسكونة‏؟‏ فقال‏:‏ عرفه سنة فإن جاء صاحبه‏,‏ وإلا فشأنك به‏)‏ ورويا أن سفيان بن عبد الله وجد عيبة فأتى بها عمر بن الخطاب فقال‏:‏ عرفها سنة فإن عرفت‏,‏ وإلا فهي لك زاد الجوزجاني‏:‏ فلم تعرف فلقيه بها العام المقبل فذكرها له‏,‏ فقال عمر‏:‏ هي لك إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمرنا بذلك ورواه النسائي كذلك وهذا نص في غير الأثمان وروى الجوزجاني بإسناده عن الحر بن الصباح قال‏:‏ كنت عند ابن عمر بمكة‏,‏ إذ جاءه رجل فقال‏:‏ إني وجدت هذا البرد وقد نشدته وعرفته فلم يعرفه أحد وهذا يوم التروية‏,‏ ويوم يتفرق الناس فقال‏:‏ إن شئت قومته قيمة عدل ولبسته وكنت له ضامنا‏,‏ متى جاءك صاحبه دفعت إليه ثمنه وإن لم يجئ له طالب فهو لك إن شئت ولأن ما جاز التقاطه ملك بالتعريف كالأثمان‏,‏ وما حكوه عن الصحابة إن صح فقد حكينا عن عمر وابنه خلافه وقولهم‏:‏ إنها لقطة لا تملك في الحرم ممنوع ثم هو منقوض بالأثمان‏,‏ ولا يصح قياسها على الإبل لأن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر‏,‏ حتى يأتيها ربها ولا يوجد ذلك في غيرها ولأن الإبل لا يجوز التقاطها‏,‏ فلا تملك به وهاهنا يجوز التقاطها فتملك به‏,‏ كالأثمان ثم إذا لم تملك في الحرم لا تملك في الحل وذلك لأن الحرم ميز بكون لقطته لا يلتقطها إلا منشد ولهذا لم تملك الأثمان بالتقاطها فيه‏,‏ فلا يلزم أن لا تملك في موضع لم يوجد المانع فيه وقولهم‏:‏ إن النص خاص في الأثمان قلنا‏:‏ بل هو عام في كل لقطة فيجب العمل بعمومه وإن ورد فيها نص خاص‏,‏ فقد روي خبر عام فيعمل بهما ثم قد روينا نصا خاصا في العروض‏,‏ فيجب العمل به كما وجب العمل بالخاص في الأثمان ثم لو اختص الخبر بالأثمان‏,‏ لوجب أن يقاس عليها ما كان في معناها كسائر النصوص التي عقل معناها ووجد في غيرها وهاهنا قد وجد المعنى‏,‏ فيجب قياسه على المنصوص عليه أو نقول‏:‏ إن المعنى ها هنا آكد فيثبت الحكم فيه بطريق التنبيه وبيانه أن الأثمان لا تتلف بمضي الزمان عليها‏,‏ وانتظار صاحبها بها أبدا والعروض تتلف بذلك ففي النداء عليها دائما هلاكها‏,‏ وضياع ماليتها على صاحبها وملتقطها وسائر الناس‏,‏ في إباحة الانتفاع بها وملكها بعد التعريف حفظا لماليتها على صاحبها بدفع قيمتها إليه وتقع لغيره‏,‏ فيجب ذلك لنهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن إضاعة المال ولما فيه من المصلحة والحفظ لمال المسلم عليه وعلى أخيه ولأن في إثبات الملك فيها حثا على التقاطها وحفظها وتعريفها‏,‏ لكونه وسيلة إلى الملك المقصود للآدمي وفي نفي ملكها تضييع لها لما في التقاطها من الخطر والمشقة والكلفة من غير نفع يصل إليه‏,‏ فيؤدي إلى أن لا يلتقطها أحد لتعريفها فتضيع وما ذكروه في الفرق ملغى بالشاة فقد ثبت الملك فيها مع هذا الفرق ثم يمكننا أن نقيس على الشاة‏,‏ فلا يحصل هذا الفرق بين الأصل والفرع والله أعلم ثم نقلب دليلهم فنقول‏:‏ لقطة لا تملك في الحرم فما أبيح التقاطه منها ملك إذا كان في الحل‏,‏ كالإبل‏.‏

فصل‏:‏

وظاهر كلام أحمد والخرقي أن لقطة الحل والحرم سواء وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس‏,‏ وعائشة وابن المسيب وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وروي عن أحمد رواية أخرى‏,‏ أنه لا يجوز التقاط لقطة الحرم للتملك وإنما يجوز حفظها لصاحبها فإن التقطها عرفها أبدا حتى يأتي صاحبها وهو قول عبد الرحمن بن مهدي‏,‏ وأبي عبيد وعن الشافعي كالمذهبين والحجة لهذا القول قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مكة‏:‏ ‏(‏لا تحل ساقطتها إلا لمنشد‏)‏ متفق عليه وقال أبو عبيد‏:‏ المنشد المعرف والناشد الطالب وينشد‏:‏ إصاخة الناشد للمنشد فيكون معناه لا تحل لقطة مكة إلا لمن يعرفها لأنها خصت بهذا من سائر البلدان وروى يعقوب بن شيبة في ‏"‏ مسنده ‏"‏ عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي‏,‏ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏نهى عن لقطة الحاج‏)‏ قال ابن وهب‏:‏ يعني يتركها حتى يجدها صاحبها رواه أبو داود أيضا ووجه الرواية الأولى عموم الأحاديث وأنه أحد الحرمين فأشبه حرم المدينة‏,‏ ولأنها أمانة فلم يختلف حكمها بالحل والحرم كالوديعة وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏إلا لمنشد‏)‏ يحتمل أن يريد إلا لمن عرفها عاما وتخصيصها بذلك لتأكيدها‏,‏ لا لتخصيصها كقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏ضالة المسلم حرق النار‏)‏ وضالة الذمي مقيسة عليها‏.‏

فصل‏:‏

إذا التقط لقطة عازما على تملكها بغير تعريف فقد فعل محرما‏,‏ ولا يحل له أخذها بهذه النية فإذا أخذها لزمه ضمانها سواء تلفت بتفريط أو بغير تفريط‏,‏ ولا يملكها وإن عرفها لأنه أخذ مال غيره على وجه لا يجوز له أخذه فأشبه الغاصب نص على هذا أحمد ويحتمل أن يملكها لأن ملكها بالتعريف والالتقاط‏,‏ وقد وجد فيملكها به كالاصطياد والاحتشاش‏,‏ فإنه لو دخل حائطا لغيره بغير إذنه فاحتش أو اصطاد منه صيدا ملكه‏,‏ وإن كان دخوله محرما كذا ها هنا ولأن عموم النص يتناول هذا الملتقط فيثبت حكمه فيه‏,‏ ولأننا لو اعتبرنا نية التعريف وقت الالتقاط لافترق الحال بين العدل والفاسق والصبي والسفيه لأن الغالب على هؤلاء الالتقاط للتملك من غير تعريف‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏(‏ وحفظ وكاءها وعفاصها وحفظ عددها وصفتها ‏)‏ الأصل في هذا قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث زيد بن خالد‏:‏ ‏(‏اعرف وكاءها وعفاصها‏)‏ وقال في حديث أبي بن كعب‏:‏ ‏(‏اعرف عفاصها ووكاءها وعددها‏,‏ ثم عرفها سنة‏)‏ وفي لفظ عن أبي بن كعب أنه قال‏:‏ ‏(‏وجدت مائة دينار فأتيت بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏,‏ فقال‏:‏ عرفها حولا فعرفتها حولا فلم تعرف فرجعت إليه فقال‏:‏ اعرف عدتها ووعاءها ووكاءها‏,‏ واخلطها بمالك فإن جاء ربها فأدها إليه‏)‏ ففي هذا الحديث أنه أمره بمعرفة صفاتها بعد التعريف وفي غيره أمره بمعرفتها حين التقاطها قبل تعريفها وهو الأولى ليحصل عنده علم ذلك‏,‏ فإذا جاء صاحبها فنعتها غلب على ظنه صدقه فيجوز الدفع إليه حينئذ وإن أخر معرفة ذلك إلى حين مجيء باغيها جاز لأن المقصود يحصل بمعرفتها حينئذ وإن لم يجئ طالبها‏,‏ فأراد التصرف فيها بعد الحول لم يجز له حتى يعرف صفاتها لأن عينها تنعدم بالتصرف فلا يبقى له سبيل إلى معرفة صفاتها إذا جاء صاحبها وكذلك إن خلطها بماله على وجه لا تتميز منه‏,‏ فيكون أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي بمعرفة صفاتها عند خلطها بماله أمر إيجاب مضيق وأمره لزيد بن خالد بمعرفة ذلك حين الالتقاط واجبا موسعا والله أعلم قال القاضي‏:‏ ينبغي أن يعرف جنسها دراهم أو دنانير ونوعها‏,‏ وإن كانت ثيابا عرف لفافتها وجنسها ويعرف قدرها بالكيل وبالوزن أو بالعدد‏,‏ أو الذرع ويعرف العقد عليها هل هو عقد واحد أو أكثر‏,‏ أنشوطة أو غيرها ويعرف صمام القارورة الذي تدخل رأسها وعفاصها الذي تلبسه‏.‏

فصل‏:‏

ويستحب أن يشهد عليها حين يجدها قال أحمد‏,‏ ـ رحمه اللهـ ‏:‏ لا أحب أن يمسها حتى يشهد عليها فظاهر هذا أنه مستحب غير واجب وأنه إن لم يشهد عليها لا ضمان عليه وبهذا قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ إذا لم يشهد عليها ضمنها لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏من وجد لقطة فليشهد ذا عدل‏,‏ أو ذوي عدل‏)‏ وهذا أمر يقتضي الوجوب ولأنه إذا لم يشهد كان الظاهر أنه أخذها لنفسه ولنا خبر زيد بن خالد وأبي بن كعب‏,‏ فإنه أمرهما بالتعريف دون الإشهاد ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة فلو كان واجبا لبينه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيما وقد سئل عن حكم اللقطة فلم يكن ليخل بذكر الواجب فيها‏,‏ فيتعين حمل الأمر في حديث عياض على الندب والاستحباب ولأنه أخذ أمانة فلم يفتقر إلى الإشهاد كالوديعة والمعنى الذي ذكروه غير صحيح‏,‏ فإنه إذا حفظها وعرفها فلم يأخذها لنفسه وفائدة الإشهاد صيانة نفسه عن الطمع فيها وكتمها وحفظها من ورثته إن مات‏,‏ ومن غرمائه إن أفلس وإذا أشهد عليها لم يذكر للشهود صفاتها لئلا ينتشر ذلك فيدعيها من لا يستحقها‏,‏ ويذكر صفاتها كما قلنا في التعريف ولكن يذكر للشهود ما يذكره في التعريف من الجنس والنوع قال أحمد‏,‏ في رواية صالح وقد سأله‏:‏ إذا أشهد عليها هل يبين كم هي‏؟‏ قال‏:‏ لا ولكن يقول‏:‏ قد أصبت لقطة ويستحب أن يكتب صفاتها ليكون أثبت لها مخافة أن ينساها إن اقتصر على حفظها بقلبه‏,‏ فإن الإنسان عرضة النسيان‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏فإن جاء ربها فوصفها له دفعت إليه بلا بينة‏]‏

يعني إذا وصفها بصفاتها المذكورة دفعها إليه‏,‏ سواء غلب على ظنه صدقه أو لم يغلب وبهذا قال مالك وأبو عبيد وداود‏,‏ وابن المنذر وقال أبو حنيفة والشافعي‏:‏ لا يجبر على ذلك إلا ببينة ويجوز له دفعها إليه إذا غلب على ظنه صدقه قال أصحاب الرأي‏:‏ إن شاء دفعها إليه وأخذ كفيلا بذلك لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏البينة على المدعي‏)‏ ولأن صفة المدعي لا يستحق بها كالمغصوب ولنا قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏فإن جاءك أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها‏,‏ فادفعها إليه‏)‏ قال ابن المنذر‏:‏ هذا الثابت عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبه أقول ورواه ابن القصار‏:‏ ‏"‏ فإن جاء باغيها ووصف عفاصها وعددها فادفعها إليه ‏"‏ وفي حديث زيد الذي ذكرناه ‏(‏اعرف وكاءها وعفاصها‏,‏ ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها‏,‏ وإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه‏)‏ يعني إذا ذكر صفاتها لأن ذلك هو المذكور في صدر الحديث ولم يذكر البينة في شيء من الحديث‏,‏ ولو كانت شرطا للدفع لم يجز الإخلال به ولا أمر بالدفع بدونه‏,‏ ولأن إقامة البينة على اللقطة تتعذر لأنها إنما سقطت حال الغفلة والسهو فتوقيف دفعها منع لوصولها إلى صاحبها أبدا وهذا يفوت مقصود الالتقاط‏,‏ ويفضي إلى تضييع أموال الناس وما هذا سبيله يسقط اعتبار البينة فيه كالإنفاق على اليتيم والجمع بين هذا القول وبين تفضيل الالتقاط على تركه متناقض جدا لأن الالتقاط حينئذ يكون تضييعا لمال المسلم يقينا‏,‏ وإتعابا لنفسه بالتعريف الذي لا يفيد والمخاطرة بدينه بتركه الواجب من تعريفها وما هذا سبيله يجب أن يكون حراما‏,‏ فكيف يكون فاضلا وعلى هذا نقول‏:‏ لو لم يجب دفعها بالصفة لم يجز التقاطها لما ذكرناه وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏البينة على المدعي‏)‏ يعني إذا كان ثم منكر لقوله في سياقه‏:‏ ‏(‏واليمين على من أنكر‏)‏ ولا منكر ها هنا‏,‏ على أن البينة تختلف وقد جعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بينة مدعي اللقطة وصفها فإذا وصفها فقد أقام بينته وقياس اللقطة على المغصوب غير صحيح فإن النزاع ثم في كونه مغصوبا‏,‏ والأصل عدمه وقول المنكر يعارض دعواه فاحتيج إلى البينة‏,‏ وها هنا قد ثبت كون هذا المال لقطة وأن له صاحبا غير من هو في يده ولا مدعي له إلا الواصف‏,‏ وقد ترجح صدقه فينبغي أن يدفع إليه‏.‏

فصل‏:‏

فإن وصفها اثنان أقرع بينهما‏,‏ فمن وقعت له القرعة حلف أنها له وسلمت إليه وهكذا إن أقاما بينتين أقرع بينهما‏,‏ فمن وقعت له القرعة حلف ودفعت إليه ذكره القاضي وقال أبو الخطاب‏:‏ تقسم بينهما لأنهما تساويا فيما يستحق به الدفع‏,‏ فتساويا فيها كما لو كانت في أيديهما والذي قلناه أصح وأشبه بأصولنا فيما إذا تداعيا عينا في يد غيرهما‏,‏ ولأنهما تداعيا عينا في يد غيرهما وتساويا في البينة أو في عدمها‏,‏ فتكون لمن وقعت له القرعة كما لو ادعيا وديعة في يد إنسان فقال‏:‏ هي لأحدكما‏,‏ لا أعرفه عينا وفارق ما إذا كانت في أيديهما لأن يد كل واحد منهما على نصفه فرجح قوله فيه وإن وصفها إنسان فأقام آخر البينة أنها له فهي لصاحب البينة لأنها أقوى من الوصف‏,‏ فإن كان الواصف قد أخذها انتزعت منه وردت إلى صاحب البينة لأننا تبينا أنها له‏,‏ فإن كانت قد هلكت فلصاحبها تضمين من شاء من الواصف أو الدافع إليه وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي ويتخرج أن لا يلزم الملتقط شيء وهذا قول ابن القاسم صاحب مالك‏,‏ وأبي عبيد لأنه فعل ما أمر به لأنه أمين غير مفرط ولا مقصر فلا يضمن كما لو دفعها بأمر الحاكم‏,‏ ولأن الدفع واجب عليه فصار الدفع بغير اختياره فلم يضمنها‏,‏ كما لو أخذها كرها ولنا أنه دفع مال غيره إلى غير مستحقه اختيارا منه فضمنه كما لو دفع الوديعة إلى غير مالكها‏,‏ إذا غلب على ظنه أنه مالكها فأما إن دفعها بحكم حاكم لم يملك صاحبها مطالبة الدافع لأنها مأخوذة منه على سبيل القهر فلم يضمنها‏,‏ كما لو غصبها غاصب ومتى ضمن الواصف لم يرجع على أحد لأن العدوان منه والتلف عنده فإن ضمن الدافع رجع على الواصف لأنه كان سبب تغريمه إلا أن يكون الملتقط قد أقر للواصف أنه صاحبها ومالكها‏,‏ فإنه لا يرجع عليه لأنه اعترف أنه صاحبها ومستحقها وأن صاحب البينة ظلمه بتضمينه‏,‏ فلا يرجع به على غير من ظلمه وإن كانت اللقطة قد تلفت عند الملتقط فضمنه إياها‏,‏ رجع على الواصف بما غرمه وليس لمالكها تضمين الواصف لأن الذي قبضه إنما هو مال الملتقط لا مال صاحب اللقطة‏,‏ بخلاف ما إذا سلم العين فأما إن وصفها إنسان فأخذها ثم جاء آخر فوصفها وادعاها‏,‏ لم يستحق شيئا لأن الأول استحقها لوصفه إياها وعدم المنازع فيها وثبتت يده عليها‏,‏ ولم يوجد ما يقتضي انتزاعها منه فوجب إبقاؤها له كسائر ماله‏.‏

فصل‏:‏

ولو جاء مدع للقطة‏,‏ فلم يصفها ولا أقام بينة أنها له لم يجز دفعها إليه‏,‏ سواء غلب على ظنه صدقه أو كذبه لأنها أمانة فلم يجز دفعها إلى من لم يثبت أنه صاحبها كالوديعة‏,‏ فإن دفعها فجاء آخر فوصفها أو أقام بينة لزم الواصف غرامتها له لأنه فوتها على مالكها بتفريطه‏,‏ وله الرجوع على مدعيها لأنه أخذ مال غيره ولصاحبها تضمين آخذها فإذا ضمنه لم يرجع على أحد وإن لم يأت أحد يدعيها فللملتقط مطالبة آخذها بها لأنه لا يأمن مجيء صاحبها‏,‏ فيغرمه إياها ولأنها أمانة في يده فملك أخذها من غاصبها‏,‏ كالوديعة‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏أو مثلها إن كانت قد استهلكت‏]‏

وجملة ذلك أن اللقطة في الحول أمانة في يد الملتقط إن تلفت بغير تفريطه أو نقصت فلا ضمان عليه‏,‏ كالوديعة ومتى جاء صاحبها فوجدها أخذها بزيادتها المتصلة والمنفصلة لأنها نماء ملكه وإن أتلفها الملتقط أو تلفت بتفريطه‏,‏ ضمنها بمثلها إن كانت من ذوات الأمثال وبقيمتها إن لم يكن لها مثل لا أعلم في هذا خلافا وإن تلفت بعد الحول ثبت في ذمته مثلها أو قيمتها بكل حال لأنها دخلت في ملكه‏,‏ وتلفت من ماله وسواء فرط في حفظها أو لم يفرط وإن وجد العين ناقصة وكان نقصها بعد الحول‏,‏ أخذ العين وأرش نقصها لأن جميعها مضمون إذا تلفت فكذلك إذا نقصت وهذا قول أكثر الفقهاء الذين حكموا بملكه لها بمضي حول التعريف وأما من قال‏:‏ لا يملكها حتى يتملكها لم يضمنه إياها حتى يتملكها‏,‏ وحكمها قبل تملكه إياها حكمها قبل مضي حول التعريف ومن قال‏:‏ لا تملك اللقطة بحال لم يضمنه إياها وبهذا قال الحسن والنخعي وأبو مجلز والحارث العكلي‏,‏ ومالك وأبو يوسف قالوا‏:‏ لا يضمن‏,‏ وإن ضاعت بعد الحول وقد ذكرنا فيما تقدم دليل دخولها في ملكه وقال داود‏:‏ إذا تملك العين وأتلفها لم يضمنها وحكى ابن أبي موسى عن أحمد‏,‏ أنه لوح إلى مثل هذا القول لحديث عياض بن حمار عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ ‏(‏فإن جاء ربها وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء‏)‏ فجعله مباحا وقوله في حديث أبي بن كعب‏:‏ ‏(‏فإن جاء من يعرفها‏,‏ وإلا فهي كسبيل مالك‏)‏ وفي حديث زيد‏:‏ ‏(‏فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها‏)‏ وروي‏:‏ ‏"‏ فهي لك ‏"‏ ولم يأمره برد بدلها ولنا قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك‏,‏ فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه‏)‏ وقال الأثرم‏:‏ قال أحمد‏:‏ أذهب إلى حديث الضحاك بن عثمان جوده ولم يروه أحد مثل ما رواه‏:‏ ‏(‏إن جاء صاحبها بعد سنة‏,‏ وقد أنفقها ردها إليه‏)‏ لأنها عين يلزم ردها لو كانت باقية فيلزمه ضمانها إذا أتلفها‏,‏ كما قبل الحول ولأنه مال معصوم فلم يجز إسقاط حقه منه مطلقا‏,‏ كما لو اضطر إلى مال غيره وإن وجد العين زائدة بعد الحول زيادة متصلة أخذها بزيادتها لأنها تتبع في الرد بالعيب والإقالة‏,‏ فتبعت ها هنا وإن حدث بعد الحول لها نماء منفصل فهو للملتقط لأنه نماء ملكه متميز لا يتبع في الفسوخ فكان له‏,‏ كنماء المبيع إذا رد بعيب وذكر أبو الخطاب فيه وجها آخر بناء على المفلس إذا استرجعت منه العين بعد أن زادت زيادة متميزة والولد إذا استرجع أبوه ما وهبه له بعد زيادته والصحيح أن الزيادة للملتقط لما ذكرناه وكذلك الصحيح في الموضعين اللذين ذكرهما أن الزيادة لمن حدثت في ملكه ثم الفرق بينهما أنه في مسألتنا يضمن النقص‏,‏ فتكون له الزيادة ليكون الخراج بالضمان وثم لا ضمان عليه‏,‏ فأمكن أن لا يكون الخراج له والله أعلم ومتى اختلفا في القيمة أو المثل فالقول قول الملتقط مع يمينه لأن الأصل براءة ذمته مما حلف عليه‏.‏

فصل‏:‏

وإن وجد العين بعد خروجها من ملك الملتقط ببيع أو هبة أو نحوهما‏,‏ لم يكن له الرجوع فيها وله أخذ بدلها لأن تصرف الملتقط وقع صحيحا لكونها صارت في ملكه وإن صادفها قد رجعت إلى الملتقط بفسخ أو شراء أو غير ذلك فله أخذها لأنه وجد عين ماله في يد ملتقطه‏,‏ فكان له أخذه كالزوج إذا طلق قبل الدخول فوجد الصداق قد رجع إلى المرأة وسائر أحكام الرجوع ها هنا كحكم رجوع الزوج على ما نذكره في موضعه ـ إن شاء الله تعالى ـ ‏.‏

فصل‏:‏

إذا أخذ اللقطة‏,‏ ثم ردها إلى موضعها ضمنها روي ذلك عن طاوس وبه قال الشافعي وقال مالك‏:‏ لا ضمان عليه لما روى الأثرم عن القعنبي‏,‏ عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن ثابت بن الضحاك عن عمر‏,‏ أنه قال لرجل وجد بعيرا‏:‏ أرسله حيث وجدته ولما روي عن جرير بن عبد الله أنه رأى في بقره بقرة قد لحقت بها فأمر بها فطردت حتى توارت ولنا‏:‏ أنها أمانة حصلت في يده‏,‏ فلزمه حفظها فإذا ضيعها لزمه ضمانها كما لو ضيع الوديعة ولأنها لما حصلت في يده لزمه حفظها‏,‏ وتركها تضييعها فأما حديث عمر فهو في الضالة التي لا تحل فأما ما لا يحل التقاطه إذا أخذه فيحتمل أن له رده إلى مكانه ولا ضمان عليه لهذه الآثار‏,‏ ولأنه كان واجبا عليه تركه في مكانه ابتداء فكان له ذلك بعد أخذه ويحتمل أن لا يبرأ من ضمانه برده لأنه دخل في ضمانه‏,‏ فلم يبرأ من ضمانه برده إلى مكانه كالمسروق وما يجوز التقاطه فعلى هذا لا يبرأ إلا برده إلى الإمام أو نائبه وأما عمر فهو كان الإمام‏,‏ فإذا أمر برده كان كأخذه منه وحديث جرير لا حجة فيه لأنه لم يأخذ البقرة ولا أخذها غلامه إنما لحقت بالبقر من غير فعله ولا اختياره‏.‏

فصل‏:‏

وإن ضاعت اللقطة من ملتقطها بغير تفريط‏,‏ فلا ضمان عليه لأنها أمانة في يده فأشبهت الوديعة فإن التقطها آخر فعرف أنها ضاعت من الأول‏,‏ فعليه ردها إليه لأنه قد ثبت له حق التمول وولاية التعريف والحفظ فلا يزول ذلك بالضياع فإن لم يعلم الثاني بالحال حتى عرفها حولا ملكها لأن سبب الملك وجد منه من غير عدوان‏,‏ فيثبت الملك به كالأول ولا يملك الأول انتزاعها لأن الملك مقدم على حق التملك وإذا جاء صاحبها فله أخذها من الثاني‏,‏ وليس له مطالبة الأول لأنه لم يفرط وإن علم الثاني بالأول فردها إليه‏,‏ فأبى أخذها وقال‏:‏ عرفها أنت فعرفها ملكها أيضا لأن الأول ترك حقه فسقط وإن قال‏:‏ عرفها‏,‏ ويكون ملكها لي ففعل فهو مستنيب له في التعريف ويملكها الأول لأنه وكله في التعريف‏,‏ فصح كما لو كانت في يد الأول وإن قال‏:‏ عرفها وتكون بيننا ففعل‏,‏ صح أيضا وكانت بينهما لأنه أسقط حقه من نصفها ووكله في الباقي وإن قصد الثاني بالتعريف تملكها لنفسه دون الأول‏,‏ احتمل وجهين أحدهما يملكها لأن سبب الملك وجد منه فملكها‏,‏ كما لو أذن له الأول في تعريفها لنفسه والثاني لا يملكها لأن ولاية التعريف للأول أشبه ما لو غصبها من الملتقط غاصب فعرفها وكذلك الحكم إذا علم الثاني بالأول فعرفها ولم يعلمه بها ويشبه هذا المتحجر في الموات إذا سبقه غيره إلى ما حجره‏,‏ فأحياه بغير إذنه فأما إن غصبها غاصب من الملتقط فعرفها لم يملكها‏,‏ وجها واحدا لأنه معتد بأخذها ولم يوجد منه سبب تملكها فإن الالتقاط من جملة السبب ولم يوجد منه ويفارق هذا ما إذا التقطها ثان‏,‏ فإنه وجد منه الالتقاط والتعريف‏.‏

فصل‏:‏

ومن اصطاد سمكة فوجد فيها درة فهي للصياد لأن الدر يكون في البحر‏,‏ بدليل قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وتستخرجوا منه حلية تلبسونها‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 14‏]‏‏.‏ فتكون لآخذها فإن باعها الصياد ولم يعلم فوجدها المشتري في بطنها‏,‏ فهي للصياد نص عليه أحمد لأنه إذا لم يعلم ما في بطنها فلم يبعه ولم يرض بزوال ملكه عنه فلم يدخل في البيع‏,‏ كمن باع دارا له مال مدفون فيها وإن وجد في بطنها عنبرة أو شيئا مما يكون في البحر فهو للصياد لما ذكرنا وحكمه حكم الجوهرة وإن وجد دراهم أو دنانير فهي لقطة لأن ذلك لا يخلق في البحر‏,‏ ولا يكون إلا لآدمي فيكون لقطة كما لو وجده في البحر وكذلك الحكم في الدرة إذا كان فيها أثر لآدمي‏,‏ مثل أن تكون مثقوبة أو متصلة بذهب أو فضة أو غيرهما فإنها تكون لقطة لا يملكها الصياد لأنها لم تقع في البحر حتى تثبت اليد عليها فهي كالدينار وكذلك الحكم في العنبرة إذا كانت موصولة بذهب أو فضة‏,‏ أو مصنوعة كالتفاحة مثقوبة ونحو ذلك مما لا يخلق عليه في البحر‏,‏ فهي لقطة وإن وجدها الصياد فعليه تعريفها لأنه ملتقطها وإن وجدها المشتري فالتعريف عليه لأنه واجدها‏,‏ ولا حاجة إلى البداية بالبائع فإنه لا يحتمل أن تكون السمكة ابتلعت ذلك بعد اصطيادها وملك الصياد لها فاستوى هو وغيره فأما إن اشترى شاة‏,‏ ووجد في بطنها درة أو عنبرة أو دنانير أو دراهم فهي لقطة يعرفها ويبدأ بالبائع لأنه يحتمل أن تكون ابتلعتها من ملكه فيبدأ به‏,‏ كقولنا في مشترى الدار إذا وجد فيها مالا مدفونا وإن اصطاد السمكة من غير البحر كالنهر والعين فحكمها حكم الشاة‏,‏ في أن ما وجد في بطنها من ذلك فهو لقطة درة كانت أو غيرها لأن ذلك لا يكون إلا في البحر بحكم العادة ويحتمل أن تكون الدرة للصياد لقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها‏)‏‏.‏

فصل‏:‏

وإن وجد عنبرة على ساحل البحر فهي له لأنه يمكن أن يكون البحر ألقاها‏,‏ والأصل عدم الملك فيها فكانت مباحة لآخذها كالصيد وقد روى سعيد‏,‏ قال‏:‏ حدثنا إسماعيل بن عياش عن معاوية بن عمرو العبدي قال‏:‏ ألقى بحر عدن عنبرة مثل البعير‏,‏ فأخذها ناس بعدن فكتب إلى عمر بن عبد العزيز فكتب إلينا أن خذوا منها الخمس‏,‏ وادفعوا إليهم سائرها وإن باعوكموها فاشتروها فأردنا أن نزنها فلم نجد ميزانا يخرجها فقطعناها اثنين‏,‏ ووزناها فوجدناها ستمائة رطل فأخذنا خمسها‏,‏ ودفعنا سائرها إليهم ثم اشتريناها بخمسة آلاف دينار وبعثنا بها إلى عمر بن عبد العزيز‏,‏ فلم يلبث إلا قليلا حتى باعها بثلاثة وثلاثين ألف دينار‏.‏

فصل‏:‏

وإن صاد غزالا فوجده مخضوبا أو في عنقه حرز‏,‏ أو في أذنه قرط ونحو ذلك مما يدل على ثبوت اليد عليه فهو لقطة لأن ذلك دليل على أنه كان مملوكا وقال أحمد‏,‏ في من ألقي شبكة في البحر فوقعت فيها سمكة فجذبت الشبكة‏,‏ فمرت بها في البحر فصادها رجل فإن السمكة للذي حازها‏,‏ والشبكة يعرفها ويدفعها إلى صاحبها فجعل الشبكة لقطة لأنها مملوكة لآدمي والسمكة لمن صادها لأنها كانت مباحة ولم يملكها صاحب الشبكة لكون شبكته لم تثبتها‏,‏ فبقيت على الإباحة وهكذا لو نصب فخا أو شركا فوقع فيه صيد من صيود البر‏,‏ فأخذه وذهب به وصاده آخر فهو لمن صاده‏,‏ ويرد الآلة إلى صاحبها فهي لقطة يعرفها وقال أحمد في رجل انتهى إلى شرك فيه حمار وحش‏,‏ أو ظبية قد شارف الموت فخلصه وذبحه‏:‏ هو لصاحب الأحبولة‏,‏ وما كان من الصيد في الأحبولة فهو لمن نصبها وإن كان بازيا أو صقرا أو عقابا وسئل عن بازي أو صقر أو كلب معلم أو فهد ذهب عن صاحبه‏,‏ فدعاه فلم يجبه ومر في الأرض حتى أتى لذلك أيام فأتى قرية‏,‏ فسقط على حائط فدعاه رجل فأجابه‏؟‏ قال‏:‏ يرده على صاحبه قيل له‏:‏ فإن دعاه فلم يجبه فنصب له شركا فصاده به‏؟‏ قال‏:‏ يرده على صاحبه فجعل هذا لصاحبه لأنه قد ملكه فلم يزل ملكه عنه بذهابه عنه‏,‏ والسمكة في الشبكة لم يكن ملكها ولا حازها وكذلك جعل ما وقع في الأحبولة من البازي والصقر والعقاب لصاحب الأحبولة ولم يجعله ها هنا لمن وقع في شركه لأن هذا فيما علم أنه قد كان مملوكا لإنسان فذهب وإنما يعلم هذا بالخبر‏,‏ أو بوجود ما يدل على الملك فيه مثل وجود السير في رجله أو آثار التعلم‏,‏ مثل استجابته للذي يدعوه ونحو ذلك ومتى لم يوجد ما يدل على أنه مملوك فهو لمن اصطاده لأن الأصل عدم الملك فيه وإباحته‏.‏