فصل: القسم الثاني: أن تدعي انقضاء عدتها بوضع الحمل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


القسم الثاني‏:‏

أن تدعي انقضاء عدتها بوضع الحمل فلا يخلو إما أن تدعي وضع الولد لتمام‏,‏ أو أنها أسقطته قبل كماله فإن ادعت وضعه لتمام فلا يقبل قولها في أقل من ستة أشهر من حين إمكان الوطء بعد العقد لأنه لا يكمل في أقل من ذلك‏,‏ وإن ادعت أنها أسقطته لم يقبل قولها في أقل من ثمانين يوما من حين إمكان الوطء بعد عقد النكاح لأن أقل سقط تنقضي به العدة ما أتى عليه ثمانون يوما لأنه يكون نطفة أربعين يوما‏,‏ ثم يكون علقة أربعين يوما ثم يصير مضغة بعد الثمانين ولا تنقضي به العدة قبل أن يصير مضغة بحال وهذا ظاهر قول الشافعي القسم الثالث‏,‏ أن تدعي انقضاء عدتها بالشهور فلا يقبل قولها فيه لأن الخلاف في ذلك ينبني على الاختلاف في وقت الطلاق والقول قول الزوج فيه‏,‏ فيكون القول قوله فيما ينبني عليه إلا أن يدعي الزوج انقضاء عدتها ليسقط عن نفسه نفقتها مثل أن يقول‏:‏ طلقتك في شوال فتقول هي‏:‏ بل في ذي الحجة فالقول قولها لأنه يدعي ما يسقط النفقة‏,‏ والأصل وجوبها فلا يقبل إلا ببينة ولو ادعت ذلك ولم يكن لها نفقة‏,‏ قبل قولها لأنها تقر على نفسها بما هو أغلظ ولو انعكست الدعوى فقال‏:‏ طلقتك في ذي الحجة فلي رجعتك فقالت‏:‏ بل طلقتني في شوال‏,‏ فلا رجعة لك فالقول قوله لأن الأصل بقاء نكاحه ولأن القول قوله في إثبات الطلاق ونفيه فكذلك في وقته إذا ثبت هذا‏,‏ فكل موضع قلنا‏:‏ القول قولها فأنكرها الزوج فقال الخرقي‏:‏ عليها اليمين وهو قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد وقد أومأ إليه أحمد‏,‏ في رواية أبي طالب وقال القاضي‏:‏ قياس المذهب أن لا يجب عليها يمين وقد أومأ إليه أحمد فقال‏:‏ لا يمين في نكاح ولا طلاق وهو قول أبي حنيفة لأن الرجعة لا يصح بذلها فلا يستحلف فيها‏,‏ كالحدود والأول أولى لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏اليمين على المدعى عليه‏)‏ ولأنه حق آدمي يمكن صدق مدعيه فيجب اليمين فيه كالأموال فإن نكلت عن اليمين‏,‏ فقال القاضي‏:‏ لا يقضي بالنكول لأنه مما لا يصح بذله ويحتمل أن يستحلف الزوج وله رجعتها بناء على القول برد اليمين على المدعي وذلك لأنه لما وجد النكول منها‏,‏ ظهر صدق الزوج وقوى جانبه واليمين تشرع في حق من قوى جانبه‏,‏ ولذلك شرعت في حق المدعى عليه لقوة جانبه باليد في العين وبالأصل في براءة الذمة في الدين هذا مذهب الشافعي‏.‏

فصل‏:‏

وإذا ادعى الزوج في عدتها أنه كان راجعها أمس أو منذ شهر قبل قوله لأنه لما ملك الرجعة‏,‏ ملك الإقرار بها كالطلاق وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي‏,‏ وغيرهم وإن قال بعد انقضاء عدتها‏:‏ كنت راجعتك في عدتك فأنكرته فالقول قولها بإجماعهم لأنه ادعاها في زمن لا يملكها والأصل عدمها وحصول البينونة فإن كان اختلافهما في زمن يمكن فيه انقضاء عدتها‏,‏ وبقاؤها فبدأت فقالت‏:‏ انقضت عدتي فقال‏:‏ قد كنت راجعتك فأنكرته لم يقبل قوله لأن خبرها بانقضاء عدتها مقبول لإمكانه‏,‏ فصارت دعواه للرجعة بعد الحكم بانقضاء عدتها فلم تقبل فإن سبقها بالدعوى فقال‏:‏ قد كنت راجعتك أمس فقالت‏:‏ قد انقضت عدتي قبل دعواك فالقول قوله لأن دعواه للرجعة قبل الحكم بانقضاء عدتها في زمن الظاهر قبول قوله فيه‏,‏ فلا يقبل قولها بعد ذلك في إبطاله ولو سبق فقال‏:‏ قد راجعتك فقالت‏:‏ قد انقضت عدتي قبل رجعتك فأنكرها فقال القاضي‏:‏ القول قوله لما ذكرنا وهذا أحد الوجوه لأصحاب الشافعي وظاهر كلام الخرقي أن قولها مقبول‏,‏ سواء سبقها بالدعوى أو سبقته وهو وجه ثان لأصحاب الشافعي لأن الظاهر البينونة والأصل عدم الرجعة‏,‏ فكان الظاهر معها ولأن من قبل قوله سابقا قبل قوله مسبوقًا‏,‏ كسائر من يقبل قوله ولهم وجه ثالث أن القول قول الزوج بكل حال لأن المرأة تدعي ما يرفع النكاح وهو ينكره فكان القول قوله‏,‏ كما لو ادعى المولى والعنين إصابة امرأته فأنكرته وهذا لا يصح فإنه قد انعقد سبب البينونة‏,‏ وهو مفض إليها ما لم يوجد ما يرفعه ويزيل حكمه والأصل عدمه‏,‏ فكان القول ‏[‏ قول ‏]‏ من ينكره بخلاف ما قاسوا عليه وإن وقع القول منهما جميعا فلا رجعة لأن خبرها بانقضاء عدتها يكون بعدها‏,‏ فيكون قوله بعد العدة فلا يقبل قال أبو الخطاب‏:‏ ويحتمل أن يقرع بينهما فيكون القول قول من تقع له القرعة والصحيح الأول‏.‏

فصل‏:‏

وإن اختلفا في الإصابة فقال‏:‏ قد أصبتك فلي رجعتك فأنكرته‏,‏ أو قالت‏:‏ قد أصابني فلي المهر كاملا فالقول قول المنكر منهما لأن الأصل معه فلا يزول إلا بيقين‏,‏ وليس له رجعتها في الموضعين لأنه أنكر الإصابة فهو يقر على نفسه ببينونتها وأنه لا رجعة له عليها وإن أنكرتها هي‏,‏ فالقول قولها ولا تستحق إلا نصف المهر في الموضعين لأنها إن أنكرتها فهي مقرة أنها لا تستحق إلا نصف المهر‏,‏ وإن أنكرها فالقول قوله هذا إن كان غير مقبوض فإن كان اختلافهما بعد قبضها له وادعى إصابتها فأنكرته‏,‏ لم يرجع عليها بشيء لأنه يقر لها به ولا يدعيه وإن كان هو المنكر رجع عليها بنصفه وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي فإن قيل‏:‏ فلم قبلتم قول المولى والعنين في الإصابة‏,‏ ولم تقبلوه ها هنا‏؟‏ قلنا‏:‏ لأن المولى والعنين يدعيان ما يبقى النكاح على الصحة ويمنع فسخه والأصل صحة العقد وسلامته‏,‏ فكان قولهما موافقا للأصل فقبل وفي مسألتنا قد وقع ما يرفع النكاح ويزيله‏,‏ وهو ما والى بينونة وقد اختلفا فيما يرفع حكم الطلاق ويثبت له الرجعة والأصل عدم ذلك‏,‏ فكان قوله مخالفا للأصل فلم يقبل ولأن المولى والعنين يدعيان الإصابة في موضع تحققت فيه الخلوة والتمكين من الوطء‏,‏ لأنه لو لم يوجد ذلك لما استحقتا الفسخ بعدم الوطء فكان الاختلاف فيما يختص به وفي مسألتنا لم تتحقق خلوة ولا تمكين‏,‏ لأنه لو تحقق ذلك لوجب المهر كاملا فكان الاختلاف في أمر ظاهر لا يختص به فلم يقبل فيه قول مدعيه إلا ببينة وهل يشرع اليمين في حق من القول قوله ها هنا‏؟‏ على وجهين‏.‏

فصل‏:‏

والخلوة كالإصابة‏,‏ في إثبات الرجعة للزوج على المرأة التي خلا بها في ظاهر قول الخرقي لقوله‏:‏ حكمها حكم الدخول في جميع أمورها وهذا قول الشافعي في القديم وقال أبو بكر‏:‏ لا رجعة له عليها إلا أن يصيبها وبه قال النعمان‏,‏ وصاحباه والشافعي في الجديد لأنها غير مصابة فلا تستحق رجعتها كغير التي خلا بها ولنا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وبعولتهن أحق بردهن في ذلك‏}‏ ولأنها معتدة من طلاق لا عوض فيه‏,‏ ولم تستوف عدده فثبت عليها الرجعة كالمصابة ولأنها معتدة يلحقها طلاقه‏,‏ فملك رجعتها كالتي أصابها وفارق التي لم يخل بها فإنها بائن منه لا عدة لها‏,‏ ولا يلحقها طلاقه وإنما تكون الرجعة للمعتدة التي يلحقها طلاقه‏.‏

فصل‏:‏

وإن ادعى زوج الأمة بعد عدتها أنه كان راجعها في عدتها فكذبته وصدقه مولاها‏,‏ فالقول قولها نص عليه أحمد وبذلك قال أبو حنيفة ومالك وقال أبو يوسف ومحمد‏:‏ القول قول الزوج‏,‏ وهو أحق بها لأن إقرار مولاها مقبول في نكاحها فقبل قوله في رجعتها كالحرة إذا أقرت ولنا أن قولها في انقضاء عدتها مقبول‏,‏ فقبل في إنكارها للرجعة كالحرة ولأنه اختلاف منهما فيما يثبت به النكاح فيكون المنازع هي دون سيدها‏,‏ كما لو اختلفا في الإصابة وإنما قبل قول السيد في النكاح لأنه يملك إنشاءه فملك الإقرار به‏,‏ بخلاف الرجعة وإن صدقته هي وكذبه مولاها لم يقبل إقرارها لأن حق السيد يتعلق بها وحلت له بانقضاء عدتها‏,‏ فلم يقبل قولها في إبطال حقه كما لو تزوجت ثم أقرت أن مطلقها كان راجعها ولا يلزم من قبول إنكارها قبول تصديقها‏,‏ كالتي تزوجت فإنه يقبل إنكارها ولا يقبل تصديقها إذا ثبت هذا‏,‏ فإن مولاها إذا علم صدق الزوج في رجعتها لم يحل له وطؤها ولا تزويجها وإن علمت هي صدق الزوج في رجعتها‏,‏ فهي حرام على سيدها ولا يحل لها تمكينه من وطئها إلا مكرهة كما قبل طلاقها‏.‏

فصل‏:‏

ولو قالت‏:‏ انقضت عدتي ثم قالت‏:‏ ما انقضت بعد فله رجعتها لأنها أقرت بكذبها فيما يثبت به حق عليها‏,‏ فقبل إقرارها ولو قال‏:‏ أخبرتني بانقضاء عدتها ثم راجعتها ثم أقرت بكذبها في انقضاء عدتها وأنكرت ما ذكر عنها‏,‏ وأقرت أن عدتها لم تنقض فالرجعة صحيحة لأنه لم يقر بانقضاء عدتها‏,‏ وإنما أخبر بخبرها عن ذلك وقد رجعت عن خبرها فقبل رجوعها لما ذكرناه‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإذا طلقها واحدة‏,‏ فلم تنقض عدتها حتى طلقها ثانية بنت على ما مضى من العدة‏]‏

وبهذا قال أبو حنيفة وهو قول الشافعي وله قول ثان أنها تستأنف العدة لأنها طلقة واقعة في حق مدخول بها‏,‏ فاقتضت عدة كاملة كالأولى ولنا أنهما طلاقان لم يتخللهما إصابة‏,‏ ولا خلوة فلم يجب بهما أكثر من عدة كما لو والى بينهما‏,‏ أو كما لو انقضت عدتها ثم نكحها وطلقها قبل دخوله بها وهكذا الحكم لو طلقها ثم فسخ نكاحها لعيب في أحدهما أو لعتقها تحت عبد أو غيره‏,‏ أو انفسخ نكاحها لرضاع أو اختلاف دين أو غير ذلك لأن الفسخ في معنى الطلاق‏.‏