فصل: فصل: استلحاق الحمل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وإن استلحق الحمل فمن قال‏:‏ لا يصح نفيه قال‏:‏ لا يصح استلحاقه وهو المنصوص عن أحمد ومن أجاز نفيه‏,‏ قال‏:‏ لا يصح استلحاقه وهو مذهب الشافعي لأنه محكوم بوجوده بدليل وجوب النفقة ووقف الميراث‏,‏ فصح الإقرار به كالمولود وإذا استلحقه لم يملك نفيه بعد ذلك كما لو استلحقه بعد الوضع ومن قال‏:‏ لا يصح استلحاقه قال‏:‏ لو صح استلحاقه لزمه بترك نفيه كالمولود‏,‏ ولا يلزمه ذلك بالإجماع ولأن للشبه أثرا في الإلحاق بدليل حديث الملاعنة وذلك مختص بما بعد الوضع‏,‏ فاختص صحة الاستلحاق به فعلى هذا لو استلحقه ثم نفاه بعد وضعه كان له ذلك‏,‏ فأما إن سكت عنه فلم ينفه ولم يستلحقه‏,‏ لم يلزمه عند أحد علمنا قوله لأن تركه يحتمل أن يكون لأنه لا يتحقق وجوده إلا أن يلاعنها فإن أبا حنيفة ألزمه الولد على ما أسلفناه‏.‏

فصل‏:‏

وإذا ولدت امرأته ولدا‏,‏ فسكت عن نفيه مع إمكانه لزمه نسبه‏,‏ ولم يكن له نفيه بعد ذلك وبهذا قال الشافعي قال أبو بكر‏:‏ لا يتقدر ذلك بثلاث بل هو على ما جرت به العادة‏,‏ إن كان ليلا فحتى يصبح وينتشر الناس وإن كان جائعا أو ظمآن فحتى يأكل أو يشرب أو ينام إن كان ناعسا‏,‏ أو يلبس ثيابه ويسرج دابته ويركب ويصلي إن حضرته الصلاة ويحرز ماله إن كان غير محرز وأشباه ذلك من أشغاله‏,‏ فإن أخره بعد هذا كله لم يكن له نفيه وقال أبو حنيفة‏:‏ له تأخير نفيه يوما ويومين استحسانا لأن النفي عقيب الولادة يشق فقدر باليومين لقلته وقال أبو يوسف ومحمد‏:‏ يتقدر بمدة النفاس لأنها جارية مجرى الولادة في الحكم وحكي عن عطاء‏,‏ ومجاهد أن له نفيه ما لم يعترف به فكان له نفيه كحالة الولادة ولنا‏,‏ أنه خيار لدفع ضرر متحقق فكان على الفور كخيار الشفعة‏,‏ وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏الولد للفراش‏)‏ عام خرج منه ما اتفقنا عليه مع السنة الثابتة فما عداه يبقى على عموم الحديث وما ذكره أبو حنيفة يبطل بخيار الرد بالعيب‏,‏ والأخذ بالشفعة وتقديره بمدة النفاس تحكم لا دليل عليه وما قاله عطاء يبطل أيضا بما ذكرناه‏,‏ ولا يلزم القصاص لأنه لاستيفاء حق لا لدفع ضرر ولا الحمل لأنه لم يتحقق ضرره إذا ثبت هذا فهل يتقدر الخيار في النفي بمجلس العلم‏,‏ أو بإمكان النفي‏؟‏ على وجهين‏:‏ بناء على المطالبة بالشفعة فإن أخر نفيه عن ذلك ثم ادعى أنه لا يعلم بالولادة‏,‏ وأمكن صدقه بأن يكون في موضع يخفى عليه ذلك مثل أن يكون في محلة أخرى‏,‏ فالقول قوله مع يمينه لأن الأصل عدم العلم وإن لم يمكن مثل أن يكون معها في الدار‏,‏ لم يقبل لأن ذلك لا يكاد يخفى عليه وإن قال‏:‏ علمت ولادته ولم أعلم أن لي نفيه أو علمت ذلك ولم أعلم أنه على الفور وكان ممن يخفى عليه ذلك‏,‏ كعامة الناس قبل منه لأن هذا مما يخفى عليهم فأشبه ما لو كان حديث عهد بإسلام‏,‏ وإن كان فقيها لم يقبل ذلك منه لأنه مما لا يخفى عليه ذلك ويحتمل أن يقبل منه لأن الفقيه يخفى عليه كثير من الأحكام وقال أصحابنا‏:‏ لا يقبل ذلك من الفقيه ويقبل من الناشئ ببادية‏,‏ وحديث العهد بالإسلام وهل يقبل من سائر العامة‏؟‏ على وجهين وإن كان له عذر يمنعه من الحضور لنفيه كالمرض والحبس‏,‏ أو الاشتغال بحفظ مال يخاف ضيعته أو بملازمة غريم يخاف فوته أو غيبته نظرت فإن كانت مدة ذلك قصيرة فأخره إلى الحضور ليزول عذره‏,‏ لم يبطل نفيه لأنه بمنزلة من علم ذلك ليلا فأخره إلى الصبح وإن كانت تتطاول فأمكنه التنفيذ إلى الحاكم ليبعث إليه من يستوفي عليه اللعان والنفي‏,‏ فلم يفعل سقط نفيه فإن لم يمكنه‏,‏ أشهد على نفسه أنه ناف لولد امرأته فإن لم يفعل بطل خياره لأنه إذا لم يقدر على نفيه كان الإشهاد قائما مقامه‏,‏ كما يقيم المريض الفيئة بقوله بدلا عن الفيئة بالجماع فإن قال‏:‏ لم أصدق المخبر عنه نظرت فإن كان مستفيضا منتشرا لم يقبل قوله‏,‏ وإن لم يكن مستفيضا وكان المخبر مشهور العدالة لم يقبل‏,‏ وإلا قبل وإن قال‏:‏ لم أعلم أن على ذلك قبل قوله لأنه مما يخفى وإن علم وهو غائب فأمكنه السير‏,‏ فاشتغل به لم يبطل خياره وإن أقام من غير حاجة بطل لأنه أخره لغير عذر‏,‏ وإن كانت له حاجة تمنعه من السير فهو على ما ذكرنا من قبل وإن أخر نفيه لغير عذر وقال‏:‏ أخرت نفيه رجاء أن يموت‏,‏ فأستر عليه وعلي بطل خياره لأنه أخر نفيه مع الإمكان لغير عذر‏.‏

فصل‏:‏

فإن هنئ به فأمن على الدعاء لزمه في قولهم جميعا وإن قال‏:‏ أحسن الله جزاءك أو‏:‏ بارك الله عليك أو‏:‏ رزقك الله مثله لزمه الولد وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي‏:‏ لا يلزمه لأنه جازاه على قصده وإذا قال‏:‏ رزقك الله مثله فليس ذلك إقرارا‏,‏ ولا متضمنا له ولنا أن ذلك جواب الراضى في العادة فكان إقرارا‏,‏ كالتأمين على الدعاء وإن سكت كان إقرارا ذكره أبو بكر لأن السكوت صلح دالا على الرضى في حق البكر وفي مواضع أخر‏,‏ فهاهنا أولى وفي كل موضع لزمه الولد لم يكن له نفيه بعد ذلك في قول جماعة من أهل العلم منهم الشعبي والنخعي‏,‏ وعمر بن عبد العزيز ومالك والشافعي‏,‏ وابن المنذر وأصحاب الرأي وقال الحسن‏:‏ له أن يلاعن لنفيه ما دامت أمه عنده يصير لها الولد ولو أقر به والذي عليه الجمهور أولى فإنه أقر به‏,‏ فلم يملك جحده كما لو بانت منه أمه ولأنه أقر بحق عليه‏,‏ فلم يقبل منه جحده كسائر الحقوق‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏ولو جاءت امرأته بولد فقال‏:‏ لم تزن‏,‏ ولكن ليس هذا الولد مني فهو ولده في الحكم ولا حد عليه لها‏]‏

وجملة ذلك أن المرأة إذا ولدت فقال زوجها‏:‏ ليس هذا الولد مني أو قال ليس هذا ولدى فلا حد عليه لأن هذا ليس بقذف بظاهره لاحتمال أنه يريد أنه من زوج آخر‏,‏ أو من وطء بشبهة أو غير ذلك ولكنه يسأل‏,‏ فإن قال‏:‏ زنت فولدت هذا من الزنا فهذا قذف يثبت به اللعان وإن قال‏:‏ أردت أنه لا يشبهني خلقا ولا خلقا فقالت‏:‏ بل أردت قذفي فالقول قوله لأنه أعلم بمراده‏,‏ لا سيما إذا صرح بقوله‏:‏ لم تزن وإن قال‏:‏ وطئت بشبهة والولد من الواطئ فلا حد عليه أيضا لأنه لم يقذفها ولا قذف واطئها وإن قال‏:‏ أكرهت على الزنا فلا حد أيضا‏,‏ لأنه لم يقذفها ولا لعان في هذه المواضع لأنه لم يقذفها ومن شرط اللعان القذف‏,‏ ويلحقه نسب الولد وبهذا قال أبو حنيفة وذكر القاضي أن في هذه الصورة الآخرة رواية أخرى أن له اللعان لأنه محتاج إلى نفي الولد بخلاف ما إذا قال‏:‏ وطئت بشبهة فإنه يمكن نفي النسب بعرض الولد على القافة‏,‏ فيستغنى بذلك عن اللعان فلا يشرع كما لا يشرع لعان أمته لما أمكن نفي نسب ولدها بدعوى الاستبراء وهذا مذهب الشافعي ولنا أن اللعان إنما ورد به الشرع بعد القذف‏,‏ في قوله تعالى ‏{‏والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم‏}‏ الآية ولما لاعن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين هلال وامرأته كان بعد قذفه إياها وكذلك لما لاعن بين عويمر العجلاني وامرأته كان بعد قذفه إياها ولا يثبت الحكم إلا في مثله‏,‏ ولأن نفي اللعان إنما ينتفي به الولد بتمامه منهما ولا يتحقق اللعان من المرأة ها هنا فأما إن قال‏:‏ وطئك فلان بشبهة وأنت تعلمين الحال فقد قذفها‏,‏ وله لعانها ونفي نسب ولدها وقال القاضي‏:‏ ليس له نفيه باللعان وكذلك قال أصحاب الشافعي لأنه يمكنه نفي نسبه بعرضه على القافة‏,‏ فأشبه ما لو قال‏:‏ واشتبه عليك أيضا ولنا أنه رام لزوجته فيدخل في عموم قوله تعالى ‏{‏والذين يرمون أزواجهم‏}‏ ولأنه رام لزوجته بالزنا فملك لعانها ونفى ولدها‏,‏ كما لو قال‏:‏ زنى بك فلان وما ذكروه لا يصح فإنه قد لا يوجد قافة وقد لا يعترف الرجل بما نسب إليه أو يغيب أو يموت‏,‏ فلا ينتفي الولد وإن قال‏:‏ ما ولدته وإنما التقطته أو استعرته فقالت‏:‏ بل هو ولدي منك لم يقبل قول المرأة إلا ببينة وهذا قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي لأن الولادة يمكن إقامة البينة عليها والأصل عدمها‏,‏ فلم تقبل دعواها من غير بينة كالدين قال القاضي‏:‏ وكذلك لا تقبل دعواها للولادة فيما إذا علق طلاقها بها‏,‏ ولا دعوى الأمة لها لتصير بها أم ولد ويقبل قولها فيها لتقضي عدتها بها فعلى هذا لا يلحقه الولد إلا أن تقيم بينة وهي امرأة مرضية‏,‏ تشهد بولادتها له فإذا ثبتت ولادتها له لحقه نسبه لأنه ولد على فراشه والولد للفراش وذكر القاضي‏,‏ في موضع آخر أن القول قول المرأة لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن‏}‏ وتحريم كتمانه دليل على قبول قولها فيه ولأنه خارج من المرأة‏,‏ تنقضي به عدتها فقبل قولها فيه كالحيض‏,‏ ولأنه حكم يتعلق بالولادة فقبل قولها فيه كالحيض فعلى هذا‏,‏ النسب لاحق به وهل نفيه باللعان‏؟‏ فيه وجهان أحدهما ليس له نفيه لأن إنكاره لولادتها إياه‏,‏ إقرار بأنها لم تلده من زنا فلا يقبل إنكاره لذلك لأنه تكذيب لنفسه والثاني‏,‏ له نفيه لأنه رام لزوجته وناف لولدها فكان له نفيه باللعان‏,‏ كغيره‏.‏