فصل: فصل: إذا أخرج المتاع من بيت في الدار‏ أو الخان إلى الصحن فإن كان باب البيت مغلقا ففتحه أو نقبه‏ فقد أخرج المتاع من الحرز

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وإذا أخرج المتاع من بيت في الدار‏,‏ أو الخان إلى الصحن فإن كان باب البيت مغلقا ففتحه أو نقبه‏,‏ فقد أخرج المتاع من الحرز وإن لم يكن مغلقا فما أخرجه من الحرز وقد قال أحمد‏:‏ إذا أخرج المتاع من البيت إلى الدار‏,‏ يقطع وهو محمول على الصورة الأولى‏.‏

فصل‏:‏

قال أحمد الطرار سرا يقطع وإن اختلس لم يقطع ومعنى الطرار‏:‏ الذي يسرق من جيب الرجل أو كمه أو صفنه‏,‏ وسواء بط ما أخذ منه المسروق أو قطع الصفن فأخذه أو أدخل يده في الجيب فأخذ ما فيه‏,‏ فإن عليه القطع وروى عن أحمد في الذي يأخذ من جيب الرجل وكمه‏:‏ لا قطع عليه فيكون في ذلك روايتان‏.‏

فصل‏:‏

وإذا دخل السارق حرزا فاحتلب لبنا من ماشية وأخرجه‏,‏ فعليه القطع به قال الشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ لا قطع عليه لأنه من الأشياء الرطبة وقد مضى الكلام معه في هذا وإن شربه في الحرز أو شرب منه ما ينقص النصاب فلا قطع عليه لأنه لم يخرج من الحرز نصابا وإن ذبح الشاة في الحرز‏,‏ أو شق الثوب ثم أخرجهما وقيمتهما بعد الشق والذبح نصاب‏,‏ فعليه القطع وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ لا قطع عليه في الشاة لأن اللحم لا يقطع عنده بسرقته والثوب إن شق أكثره فلا قطع فيه لأن صاحبه مخير بين أن يضمنه قيمة جميعه‏,‏ فيكون قد أخرجه وهو ملك له وقد تقدم الكلام معه في هذه الأصول وإن دخل الحرز فابتلع جوهرة وخرج فلم تخرج فلا قطع عليه لأنه أتلفها في الحرز وإن خرجت‏,‏ ففيه وجهان أحدهما‏:‏ يجب لأنه أخرجها في وعائها فأشبه إخراجها في كمه والثاني‏:‏ لا يجب لأنه ضمنها بالبلع فكان إتلافا لها ولأنه ملجأ إلى إخراجها لأنه لا يمكنه الخروج بدونها وإن تطيب في الحرز بطيب‏,‏ وخرج ولم يبق عليه من الطيب ما إذا جمع كان نصابا‏,‏ فلا قطع عليه لأن ما لا يجتمع قد أتلفه باستعماله فأشبه ما لو أكل الطعام وإن كان يبلغ نصابا‏,‏ فعليه القطع لأنه أخرج نصابا وذكر فيه وجه آخر فيما إذا كان ما تطيب به يبلغ نصابا فعليه القطع وإن نقص ما يجتمع عن النصاب لأنه أخرج نصابا والأول أولى وإن جر خشبة فألقاها بعد أن أخرج بعضها من الحرز‏,‏ فلا قطع عليه سواء خرج منها ما يساوي نصابا أو لم يكن لأن بعضها لا ينفرد عن بعض وكذلك لو أمسك الغاصب طرف عمامته والطرف الآخر في يد مالكها‏,‏ لم يضمنها وكذلك إذا سرق ثوبا أو عمامة فأخرج بعضهما‏.‏

فصل‏:‏

وإذا نقب الحرز ثم دخل فأخرج ما دون النصاب ثم دخل فأخرج ما يتم به النصاب‏,‏ نظرت فإن كان في وقتين متباعدين أو ليلتين لم يجب القطع لأن كل واحدة منهما سرقة مفردة لا تبلغ نصابا وكذلك إن كانا في ليلة واحدة وبينهما مدة طويلة وإن تقاربا‏,‏ وجب قطعه لأنها سرقة واحدة وإذا بنى فعل أحد الشريكين على فعل شريكه فبناء فعل الواحد بعضه على بعض أولى‏.‏

الشرط الخامس والسادس والسابع‏:‏

كون السارق مكلفا‏,‏ وثبتت السرقة ويطالب بها المالك بالمعروف وتنتفي الشبهات ويذكر ذلك في مواضعه

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏إلا أن يكون المسروق ثمرا أو كثرا‏,‏ فلا قطع فيه‏]‏

يعني به الثمر في البستان قبل إدخاله الحرز فهذا لا قطع فيه عند أكثر الفقهاء كذلك الكثر المأخوذ من النخل وهو جمار النخل روى معنى هذا القول عن ابن عمر وبه قال عطاء‏,‏ ومالك والثوري والشافعي‏,‏ وأصحاب الرأي وقال أبو ثور‏:‏ إن كان من ثمر أو بستان محرز ففيه القطع وبه قال ابن المنذر إن لم يصح خبر رافع قال‏:‏ ولا أحسبه ثابتا واحتجا بظاهر الآية وبقياسه على سائر المحرزات ولنا ما روى رافع بن خديج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال‏:‏ ‏(‏لا قطع في ثمر ولا كثر‏)‏ أخرجه أبو داود‏,‏ وابن ماجه وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عمرو ‏(‏عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الثمر المعلق‏,‏ فقال‏:‏ من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه‏,‏ ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين‏,‏ فبلغ ثمن المجن فعليه القطع‏)‏ وهذا يخص عموم الآية ولأن البستان ليس بحرز لغير الثمر فلا يكون حرزا له‏,‏ كما لو لم يكن محوطا فأما إن كانت نخلة أو شجرة في دار محرزة فسرق منها نصابا‏,‏ ففيه القطع لأنه سرق من حرز - والله أعلم - ‏.‏

فصل‏:‏

وإن سرق من الثمر المعلق فعليه غرامة مثليه وبه قال إسحاق للخبر المذكور وقال أحمد‏:‏ لا أعلم سببا يدفعه وقال أكثر الفقهاء‏:‏ لا يجب فيه أكثر من مثله قال ابن عبد البر‏:‏ لا أعلم أحدا من الفقهاء قال بوجوب غرامة مثليه واعتذر بعض أصحاب الشافعي عن هذا الخبر بأنه كان حين كانت العقوبة في الأموال‏,‏ ثم نسخ ذلك ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حجة لا تجوز مخالفته إلا بمعارضة مثله أو أقوى منه وهذا الذي اعتذر به هذا القائل دعوى للفسخ بالاحتمال من غير دليل عليه‏,‏ وهو فاسد بالإجماع ثم هو فاسد من وجه آخر لقوله‏:‏ ‏"‏ ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن‏,‏ فعليه القطع ‏"‏ فقد بين وجوب القطع مع إيجاب غرامة مثليه وهذا يبطل ما قاله وقد احتج أحمد بأن عمر أغرم حاطب بن أبي بلتعة حين انتحر غلمانه ناقة رجل من مزينة مثلي قيمتها وروى الأثرم الحديثين في ‏"‏ سننه ‏"‏‏,‏ قال أصحابنا‏:‏ وفي الماشية تسرق من المرعي من غير أن تكون محرزة مثلا قيمتها للحديث‏,‏ وهو ما جاء في سياق حديث عمرو بن شعيب ‏(‏أن السائل قال‏:‏ الشاة الحريسة منهن يا نبي الله‏؟‏ قال‏:‏ ثمنها ومثله معه والفكاك وما كان في المراح‏,‏ ففيه القطع إذا كان ما يأخذه من ذلك ثمن المجن‏)‏ وهذا لفظ رواية ابن ماجه وما عدا هذين لا يغرم بأكثر من قيمته أو مثله إن كان مثليا هذا قول أصحابنا وغيرهم إلا أبا بكر فإنه ذهب إلى إيجاب غرامة المسروق من غير حرز بمثليه‏,‏ قياسا على الثمر المعلق وحريسة الجبل واستدلالا بحديث حاطب ولنا أن الأصل وجوب غرامة المثلي بمثله والمتقوم بقيمته بدليل المتلف والمغصوب‏,‏ والمنتهب والمختلس وسائر ما تجب غرامته خولف في هذين الموضعين للأثر‏,‏ ففيما عداه يبقى على الأصل‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وابتداء قطع السارق أن تقطع يده اليمنى من مفصل الكف ويحسم‏,‏ فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحسمت‏]‏

لا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه يده اليمنى‏,‏ من مفصل الكف وهو الكوع وفي قراءة عبد الله بن مسعود‏:‏ ‏"‏ فاقطعوا أيمانهما ‏"‏ وهذا إن كان قراءة وإلا فهو تفسير وقد روي عن أبي بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما أنهما قالا‏:‏ إذا سرق السارق‏,‏ فاقطعوا يمينه من الكوع ولا مخالف لهما في الصحابة ولأن البطش بها أقوى فكانت البداية بها أردع ولأنها آلة السرقة فناسب عقوبته بإعدام آلتها وإذا سرق ثانيا‏,‏ قطعت رجله اليسرى وبذلك قال الجماعة إلا عطاء حكى عنه أنه تقطع يده اليسرى لقوله سبحانه‏:‏ ‏{‏فاقطعوا أيديهما‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 38‏]‏‏.‏ ولأنها آلة السرقة والبطش فكانت العقوبة بقطعها أولى وروى ذلك عن ربيعة‏,‏ وداود وهذا شذوذ يخالف قول جماعة فقهاء الأمصار من أهل الفقه والأثر من الصحابة والتابعين‏,‏ ومن بعدهم وهو قول أبى بكر وعمر رضي الله عنهما وقد روى أبو هريرة‏,‏ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في السارق ‏(‏إذا سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله‏)‏‏.‏ ولأنه في المحاربة الموجبة قطع عضوين إنما تقطع يده ورجله‏,‏ ولا تقطع يداه فنقول‏:‏ جناية أوجبت قطع عضوين فكانا رجلا ويدا‏,‏ كالمحاربة ولأن قطع يديه يفوت منفعة الجنس فلا تبقى له يد يأكل بها ولا يتوضأ‏,‏ ولا يستطيب ولا يدفع عن نفسه فيصير كالهالك‏,‏ فكان قطع الرجل الذي لا يشتمل على هذه المفسدة أولى وأما الآية‏:‏ فالمراد بها قطع يد كل واحد منهما بدليل أنه لا تقطع اليدان في المرة الأولى وفي قراءة عبد الله‏:‏ ‏[‏فاقطعوا أيمانهما‏]‏ وإنما ذكر بلفظ الجمع لأن المثنى إذا أضيف إلى المثنى ذكر بلفظ الجمع كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فقد صغت قلوبكما‏}‏ ‏[‏التحريم‏:‏4 ‏]‏‏.‏ إذا ثبت هذا فإنه تقطع رجله اليسرى لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 33‏]‏‏.‏ ولأن قطع اليسرى أرفق به لأنه يمكنه المشي على خشبة‏,‏ ولو قطعت رجله اليمنى لم يمكنه المشى بحال وتقطع الرجل من مفصل الكعب في قول أكثر أهل العلم وفعل ذلك عمر رضي الله عنه وكان علي ـ رضي الله عنه ـ يقطع من نصف القدم من معقد الشراك ويدع له عقبا يمشي عليها وهو قول أبي ثور ولنا أنه أحد العضوين المقطوعين في السرقة‏,‏ فيقطع من المفصل كاليد وإذا قطع حسم وهو أن يغلي الزيت فإذا قطع غمس عضوه في الزيت لتنسد أفواه العروق لئلا ينزف الدم فيموت وقد روي ‏(‏أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بسارق سرق شملة‏,‏ فقال اقطعوه واحسموه‏)‏ وهو حديث فيه مقال قاله ابن المنذر وممن استحب ذلك الشافعي وأبو ثور وغيرهما من أهل العلم ويكون الزيت من بيت المال لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به القاطع‏,‏ وذلك يقتضي أن يكون من بيت المال فإن لم يحسم فذكر القاضي أنه لا شيء عليه لأن عليه القطع‏,‏ لا مداواة المحدود ويستحب للمقطوع حسم نفسه فإن لم يفعل لم يأثم لأنه ترك التداوي في المرض وهذا مذهب الشافعي‏.‏

فصل

ويقطع السارق بأسهل ما يمكن فيجلس ويضبط لئلا يتحرك فيجني على نفسه‏,‏ وتشد يده بحبل وتجر حتى يبين مفصل الكف من مفصل الذراع ثم يوضع بينهما سكين حاد‏,‏ ويدق فوقهما بقوة ليقطع في مرة واحدة أو توضع السكين على المفصل وتمدى مدة واحدة وإن علم قطع أوحى من هذا قطع به‏.‏

فصل‏:‏

ويسن تعليق اليد في عنقه لما روى فضالة بن عبيد ‏(‏أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بسارق‏,‏ فقطعت يده ثم أمر بها فعلقت في عنقه‏)‏ رواه أبو داود وابن ماجه وفعل ذلك على رضي الله عنه ولأن فيه ردعا وزجرًا‏.‏

فصل‏:‏

ولا تقطع في شدة حر ولا برد لأن الزمان ربما أعان على قتله والغرض الزجر دون القتل ولا تقطع حامل حال حملها‏,‏ ولا بعد وضعها حتى ينقضي نفاسها لئلا يفضي إلى تلفها وتلف ولدها ولا يقطع مريض في مرضه لئلا يأتي على نفسه ولو سرق فقطعت يده ثم سرق قبل اندمال يده لم يقطع ثانيا حتى يندمل القطع الأول وكذلك لو قطعت رجله قصاصا‏,‏ لم تقطع اليد في السرقة حتى تبرأ الرجل فإن قيل‏:‏ أليس لو وجب عليه قصاص في اليد الأخرى لقطعت قبل الاندمال والمحارب تقطع يده ورجله دفعة واحدة وقد قلتم في المريض الذي وجب عليه الحد‏:‏ لا ينتظر برؤه فلم خالفتم ذلك ها هنا‏؟‏ قلنا‏:‏ القصاص حق آدمي‏,‏ يخاف فوته وهو مبني على الضيق لحاجته إليه ولأن القصاص قد يجب في يد ويجب في يدين وأكثر في حالة واحدة فلهذا جاز أن نوالي بين قصاصين‏,‏ ونخالف لأن كل معصية لها حد مقدر لا تجوز الزيادة عليه فإذا والى بين حدين‏,‏ صار كالزيادة على الحد فلم يجز وأما قطاع الطريق فإن قطع اليد والرجل حد واحد‏,‏ بخلاف ما نحن فيه وأما تأخير الحد للمريض ففيه منع وإن سلمنا‏,‏ فإن الجلد يمكن تخفيفه فيأتي به في المرض على وجه يؤمن معه التلف والقطع لا يمكن تخفيفه‏.‏

فصل‏:‏

وإذا سرق مرات قبل القطع‏,‏ أجزأ قطع واحد عن جميعها وتداخلت حدودها لأنه حد من حدود الله تعالى فإذا اجتمعت أسبابه تداخل‏,‏ كحد الزنا وذكر القاضي فيما إذا سرق من جماعة وجاءوا متفرقين رواية أخرى‏,‏ أنها لا تتداخل ولعله يقيس ذلك على حد القذف والصحيح أنها تتداخل لأن القطع خالص حق الله تعالى فتتداخل كحد الزنا والشرب‏,‏ وفارق حد القذف فإنه حق لآدمي ولهذا يتوقف على المطالبة باستيفائه‏,‏ ويسقط بالعفو عنه فأما إن سرق فقطع ثم سرق ثانيا قطع ثانيا‏,‏ سواء سرق من الذي سرق منه أولا أو من غيره وسواء سرق تلك العين التي قطع بها أو غيرها وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ إذا قطع بسرقة عين مرة لم يقطع بسرقتها مرة ثانية‏,‏ إلا أن يكون قد قطع بسرقة غزل ثم سرقه منسوجا أو قطع بسرقة رطب‏,‏ ثم سرقه تمرا واحتج بأن هذا يتعلق استيفاؤه بمطالبة آدمي فإذا تكرر سببه في العين الواحدة لم يتكرر‏,‏ كحد القذف ولنا أنه حد يجب بفعل في عين فتكرره في عين واحدة كتكرره في الأعيان كالزنا‏,‏ وما ذكره يبطل بالغزل إذا نسج والرطب إذا أتمر ولا نسلم حد القذف‏,‏ فإنه متى قذفه بغير ذلك الزنا حد وإن قذفه بذلك الزنا عقيب حده لم يحد لأن الغرض إظهار كذبه وقد ظهر‏,‏ وها هنا الغرض ردعه عن السرقة ولم يرتدع بالأول فيردع بالثاني‏:‏ كالمودع إذا سرق عينا أخرى‏.‏

فصل‏:‏

ومن سرق ولا يمنى له‏,‏ قطعت رجله اليسرى كما يقطع في السرقة الثانية وإن كانت يمناه شلاء‏,‏ ففيها روايتان إحداهما‏:‏ تقطع رجله اليسرى لأن الشلاء لا نفع فيها ولا جمال فأشبهت كفا لا أصابع عليه قال إبراهيم الحربي عن أحمد‏,‏ فيمن سرق ويمناه جافة‏:‏ تقطع رجله والرواية الثانية‏:‏ أنه يسأل أهل الخبرة فإن قالوا‏:‏ إنها إذا قطعت رقأ دمها وانحسمت عروقها قطعت لأنه أمكن قطع يمينه فوجب‏,‏ كما لو كانت صحيحة وإن قالوا‏:‏ لا يرقأ دمها لم تقطع لأنه يخاف تلفه وقطعت رجله وهذا مذهب الشافعي وإن كانت أصابع اليمنى كلها ذاهبة ففيها وجهان أحدهما‏:‏ لا تقطع وتقطع الرجل لأن الكف لا تجب فيه دية اليد فأشبه الذراع والثاني‏:‏ تقطع لأن الراحة بعض ما يقطع في السرقة‏,‏ فإذا كان موجودا قطع كما لو ذهب الخنصر أو البنصر وإن ذهب بعض الأصابع نظرنا فإن ذهب الخنصر والبنصر‏,‏ أو ذهبت واحدة سواهما قطعت لأن معظم نفعها باق وإن لم يبق إلا واحدة‏,‏ فهي كالتي ذهب جميع أصابعها وإن بقي اثنتان فهل تلحق بالصحيحة‏,‏ أو بما قطع جميع أصابعها‏؟‏ على وجهين والأولى قطعها لأن نفعها لم يذهب بالكلية‏.‏

فصل‏:‏

ومن سرق وله يمنى فقطعت في قصاص أو ذهبت بأكلة‏,‏ أو تعدى عليه متعد فقطعها سقط القطع ولا شيء على العادي إلا الأدب وبهذا قال مالك‏,‏ والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وقال قتادة‏:‏ يقتص من القاطع‏,‏ وتقطع رجل السارق وهذا غير صحيح فإن يد السارق ذهبت والقاطع قطع عضوا غير معصوم وإن قطعها قاطع بعد السرقة‏,‏ وقبل ثبوت السرقة والحكم بالقطع ثم ثبت ذلك فكذلك‏,‏ ولو شهد بالسرقة فحبسه الحاكم ليعدل الشهود فقطعه قاطع‏,‏ ثم عدلوا فكذلك وإن لم يعدلوا‏,‏ وجب القصاص على القاطع وبهذا قال الشافعي وقال أصحاب الرأي‏:‏ لا قصاص عليه لأن صدقهم محتمل فيكون ذلك شبهة ولنا أنه قطع طرفا ممن يكافئه عمدا بغير حق فلزمه القطع‏,‏ كما لو قطعه قبل إقامة البينة‏.‏

فصل‏:‏

وإن سرق فقطع الجذاذ يساره بدلا عن يمينه أجزأت ولا شيء على القاطع إلا الأدب وبهذا قال قتادة‏,‏ والشعبي وأصحاب الرأي وذلك لأن قطع يمنى السارق يفضي إلى تفويت منفعة الجنس وقطع يديه بسرقة واحدة‏,‏ فلا يشرع وإذا انتفى قطع يمينه حصل قطع يساره مجزئا عن القطع الواجب‏,‏ فلا يجب على فاعله قصاص وقال أصحابنا‏:‏ في وجوب قطع يمين السارق وجهان وللشافعي فيما إذا لم يعلم القاطع كونها يسارا أو ظن أن قطعها يجزئ قولان أحدهما‏:‏ لا تقطع يمين السارق كي لا تقطع يداه بسرقة واحدة والثاني‏:‏ تقطع‏,‏ كما لو قطعت يسراه قصاصا فأما القاطع‏:‏ فاتفق أصحابنا والشافعي على أنه إن قطعها عن غير اختيار من السارق أو كان السارق أخرجها دهشة أو ظنا منه أنها تجزئ وقطعها القاطع عالما بأنها يسراه‏,‏ وأنها لا تجزئ فعليه القصاص وإن لم يعلم أنها يسراه‏,‏ أو ظن أنها مجزئة فعليه ديتها وإن كان السارق أخرجها مختارا عالما بالأمرين فلا شيء على القاطع لأنه أذن في قطعها‏,‏ فأشبه غير السارق والمختار عندنا ما ذكرناه - والله أعلم - ‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏فإن عاد حبس ولا يقطع غير يد ورجل‏]‏

يعني إذا عاد فسرق بعد قطع يده ورجله‏,‏ لم يقطع منه شيء آخر وحبس وبهذا قال على رضي الله عنه والحسن والشعبي والنخعي‏,‏ والزهري وحماد والثوري‏,‏ وأصحاب الرأي وعن أحمد أنه تقطع في الثالثة يده اليسرى وفي الرابعة رجله اليمنى‏,‏ وفي الخامسة يعزر ويحبس وروي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما قطعا يد أقطع اليد والرجل وهذا قول قتادة‏,‏ ومالك والشافعي وأبي ثور‏,‏ وابن المنذر وروي عن عثمان وعمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز أنه تقطع يده اليسرى في الثالثة‏,‏ والرجل اليمنى في الرابعة ويقتل في الخامسة لأن جابرا قال‏:‏ ‏(‏جيء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بسارق فقال‏:‏ اقتلوه فقالوا‏:‏ يا رسول الله‏,‏ إنما سرق فقال‏:‏ اقطعوه قال‏:‏ فقطع ثم جيء به الثانية فقال‏:‏ اقتلوه قالوا‏:‏ يا رسول الله‏,‏ إنما سرق قال‏:‏ اقطعوه فقطع ثم جيء به الثالثة فقال‏:‏ اقتلوه فقالوا‏:‏ يا رسول الله‏,‏ إنما سرق قال‏:‏ اقطعوه قال‏:‏ ثم أتى به الرابعة فقال‏:‏ اقتلوه قالوا‏:‏ يا رسول الله إنما سرق قال‏:‏ اقطعوه ثم أتى به الخامسة‏,‏ قال‏:‏ اقتلوه قال‏:‏ فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر‏)‏ رواه أبو داود وعن أبي هريرة رضي الله عنه ‏(‏أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في السارق‏:‏ وإن سرق فاقطعوا يده‏,‏ ثم إن سرق فاقطعوا رجله ثم إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله‏)‏ ولأن اليسار تقطع قودا‏,‏ فجاز قطعها في السرقة كاليمني ولأنه فعل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ‏:‏ ‏(‏اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر‏)‏ ولنا ما روى سعيد‏,‏ حدثنا أبو معشر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه‏,‏ قال‏:‏ حضرت على بن أبي طالب رضي الله عنه أتى برجل مقطوع اليد والرجل قد سرق فقال لأصحابه‏:‏ ما ترون في هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ اقطعه يا أمير المؤمنين قال قتلته إذا‏,‏ وما عليه القتل بأي شيء يأكل الطعام‏؟‏ بأي شيء يتوضأ للصلاة‏؟‏ بأي شيء يغتسل من جنابته‏؟‏ بأي شيء يقوم على حاجته‏؟‏ فرده إلى السجن أياما ثم أخرجه‏,‏ فاستشار أصحابه فقالوا مثل قولهم الأول وقال لهم مثل ما قال أول مرة‏,‏ فجلده جلدا شديدا ثم أرسله وروي عنه أنه قال‏:‏ إني لأستحي من الله أن لا أدع له يدا يبطش بها‏,‏ ولا رجلا يمشي عليها ولأن في قطع اليدين تفويت منفعة الجنس فلم يشرع في حد كالقتل ولأنه لو جاز قطع اليدين‏,‏ لقطعت اليسرى في المرة الثانية لأنها آلة البطش كاليمنى وإنما لم تقطع للمفسدة في قطعها لأن ذلك بمنزلة الإهلاك فإنه لا يمكنه أن يتوضأ‏,‏ ولا يغتسل ولا يستنجي ولا يحترز من نجاسة‏,‏ ولا يزيلها عنه ولا يدفع عن نفسه ولا يأكل‏,‏ ولا يبطش وهذه المفسدة حاصلة بقطعها في المرة الثالثة فوجب أن يمنع قطعها‏,‏ كما منعه في المرة الثانية وأما حديث جابر ففي حق شخص استحق القتل بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به في أول مرة‏,‏ وفي كل مرة وفعل ذلك في الخامسة ورواه النسائي وقال‏:‏ حديث منكر وأما الحديث الآخر‏,‏ وفعل أبي بكر وعمر‏:‏ فقد عارضه قول على وقد روي عن عمر أنه رجع إلى قول على فروى سعيد حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب‏,‏ عن عبد الرحمن بن عابد قال‏:‏ أتى عمر برجل أقطع اليد والرجل قد سرق فأمر به عمر أن تقطع رجله‏,‏ فقال على‏:‏ إنما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 33‏]‏‏.‏ الآية وقد قطعت يد هذا ورجله فلا ينبغي أن تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها إما أن تعزره‏,‏ وإما أن تستودعه السجن فاستودعه السجن‏.‏

فصل‏:‏

وإن سرق من يده اليسرى مقطوعة أو شلاء أو مقطوعة الأصابع‏,‏ أو كانت يداه صحيحتين فقطعت اليسرى أو شلت قبل قطع يمناه لم تقطع يمناه‏,‏ على الرواية الأولى وتقطع على الثانية وإن قطع يسراه قاطع متعمدا فعليه القصاص لأنه قطع طرفا معصوما وإن قطعه غير متعمد‏,‏ فعليه ديته ولا تقطع يمين السارق وبه قال أبو ثور وأصحاب الرأي وفي قطع رجل السارق وجهان أصحهما‏:‏ لا يجب لأنه لم يجب بالسرقة وسقوط القطع عن يمينه لا يقتضي قطع رجله‏,‏ كما لو كان المقطوع يمينه والثاني‏:‏ تقطع رجله لأنه تعذر قطع يمينه فقطعت رجله كما لو كانت اليسرى مقطوعة حال السرقة وإن كانت يمناه صحيحة‏,‏ ويسراه ناقصة نقصا يذهب بمعظم نفعها مثل أن يذهب منها الإبهام أو الوسطى أو السبابة احتمل أن يكون كقطعها‏,‏ وينتقل إلى رجله وهذا قول أصحاب الرأي واحتمل أن تقطع يمناه لأن له يدا ينتفع بها أشبه ما لو قطعت خنصرها وإن كانت يداه صحيحتين ورجله اليمنى شلاء أو مقطوعة‏,‏ فلا أعلم فيها قولا لأصحابنا ويحتمل وجهين أحدهما‏:‏ تقطع يمينه وهو مذهب الشافعي لأنه سارق له يمنى فقطعت عملا بالكتاب والسنة ولأنه سارق له يدان‏,‏ فتقطع يمناه كما لو كانت المقطوعة رجله اليسرى والثاني‏:‏ لا يقطع منه شيء وهو قول أصحاب الرأي لأن قطع يمناه يذهب بمنفعة المشي من الرجلين فأما إن كانت رجله اليسرى شلاء ويداه صحيحتان قطعت يده اليمنى لأنه لا يخشى تعدى ضرر القطع إلى غير المقطوع‏,‏ وعلى قياس هذه المسألة‏:‏ لو سرق ويده اليسرى مقطوعة أو شلاء لم يقطع منه شيء لذلك وأنكر هذا ابن المنذر وقال أصحاب الرأي‏:‏ بقولهم هذا خالفوا كتاب الله بغير حجة‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏والحر والحرة والعبد‏,‏ والأمة في ذلك سواء‏]‏

أما الحر والحرة‏:‏ فلا خلاف فيهما وقد نص الله تعالى على الذكر والأنثى بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 38‏]‏‏.‏ ولأنهما استويا في سائر الحدود فكذلك في هذا‏,‏ وقد قطع النبي - صلى الله عليه وسلم - سارق رداء صفوان وقطع المخزومية التي سرقت القطيفة فأما العبد والأمة‏:‏ فإن جمهور الفقهاء وأهل الفتوى على أنهما يجب قطعهما بالسرقة إلا ما حكي عن ابن عباس‏,‏ أنه قال‏:‏ لا قطع عليهما لأنه حد لا يمكن تنصيفه فلم يجب في حقهما كالرجم ولأنه حد فلا يساوي العبد فيه الحر كسائر الحدود ولنا عموم الآية وروى الأثرم أن رقيقا لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة‏,‏ فانتحروها فأمر كثير بن الصلت أن تقطع أيديهم ثم قال عمر‏:‏ والله إني لأراك تجيعهم‏,‏ ولكن لأغرمنك غرما يشق عليك ثم قال للمزني‏:‏ كم ثمن ناقتك‏؟‏ قال‏:‏ أربعمائة درهم قال عمر‏:‏ أعطه ثمانمائة درهم وروى القاسم بن محمد عن أبيه أن عبدا أقر بالسرقة عند على فقطعه وفي رواية قال‏:‏ كان عبدا يعني الذي قطعه على رواه الإمام أحمد بإسناده وهذه قصص تنتشر ولم تنكر‏,‏ فتكون إجماعا وقولهم‏:‏ لا يمكن تنصيفه قلنا‏:‏ ولا يمكن تعطيله فيجب تكميله وقياسهم نقلبه عليهم‏,‏ فنقول‏:‏ حد فلا يتعطل في حق العبد والأمة كسائر الحدود وفارق الرجم‏,‏ فإن حد الزاني لا يتعطل بتعطيله بخلاف القطع فإن حد السرقة يتعطل بتعطيله‏.‏

فصل‏:‏

ويقطع الآبق بسرقته‏,‏ وغيره روي ذلك عن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز وبه قال مالك والشافعي وقال مروان‏,‏ وسعيد بن العاص وأبو حنيفة‏:‏ لا يقطع لأن قطعه قضاء على سيده ولا يقضي على الغائب ولنا عموم الكتاب والسنة‏,‏ وأنه مكلف سرق نصابا من حرز مثله فيقطع كغير الآبق وقولهم‏:‏ إنه قضاء على سيده لا يسلم‏,‏ فإنه لا يعتبر فيه إقرار السيد ولا يضر إنكاره وإنما يعتبر ذلك من العبد ثم القضاء على الغائب بالبينة جائز‏,‏ على ما عرف في موضعه‏.‏

فصل‏:‏

وإن أقر العبد بسرقة مال في يده فأنكر ذلك سيده وقال‏:‏ هذا مالي فالمال لسيده‏,‏ ويقطع العبد وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ لا قطع عليه لأنه لم تثبت سرقته للمال فلم يجب قطعه كما لو أنكره المسروق منه ولأنه إذا لم يقبل إقراره في المال‏,‏ ففي الحد الذي يندرئ بالشبهات أولى ولنا أنه أقر بالسرقة وصدقه المسروق منه فقطع‏,‏ كالحر ويحتمل أن لا يجب القطع لأن الحد يدرأ بالشبهات وكون المال محكوما به لسيده شبهة‏.‏

فصل‏:‏

ويقطع المسلم بسرقة مال المسلم والذمي ويقطع الذمي بسرقة مالهما وبه قال الشافعي‏,‏ وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه مخالفا فأما الحربي إذا دخل إلينا مستأمنا فسرق‏,‏ فإنه يقطع أيضا وقال ابن حامد‏:‏ لا يقطع وهو قول أبي حنيفة ومحمد لأنه حد لله تعالى فلا يقام عليه‏,‏ كحد الزنا وقد نص أحمد على أنه لا يقام عليه حد الزنا وللشافعي قولان كالمذهبين ولنا أنه حد يطالب به فوجب عليه كحد القذف‏,‏ يحققه أن القطع يجب صيانة للأموال وحد القذف يجب صيانة للأعراض فإذا وجب في حقه أحدهما وجب الآخر‏,‏ فأما حد الزنا‏:‏ فلم يجب لأنه يجب به قتله لنقضه العهد ولا يجب مع القتل حد سواه إذا ثبت هذا فإن المسلم يقطع بسرقة ماله وعند أبي حنيفة‏:‏ لا يجب ولنا أنه سرق مالا معصوما من حرز مثله‏,‏ فوجب قطعه كسارق مال الذمي ويقطع المرتد إذا سرق لأن أحكام الإسلام جارية عليه‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏ويقطع السارق وإن وهبت له السرقة بعد إخراجها‏]‏

وجملته أن السارق إذا ملك العين المسروقة بهبة أو بيع أو غيرهما من أسباب الملك لم يخل من أن يملكها قبل رفعه إلى الحاكم‏,‏ والمطالبة بها عنده أو بعد ذلك فإن ملكها قبله‏,‏ لم يجب القطع لأن من شرطه المطالبة بالمسروق وبعد ملكه له لا تصح المطالبة وإن ملكها بعده لم يسقط القطع وبهذا قال مالك‏,‏ والشافعي وإسحاق وقال أصحاب الرأي‏:‏ يسقط لأنها صارت ملكه فلا يقطع في عين هي ملكه‏,‏ كما لو ملكها قبل المطالبة بها ولأن المطالبة شرط والشروط يعتبر دوامها ولم يبق لهذه العين مطالب ولنا ما روى الزهري‏,‏ عن ‏(‏ابن صفوان عن أبيه أنه نام في المسجد‏,‏ وتوسد رداءه فأخذ من تحت رأسه فجاء بسارقه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع‏,‏ فقال صفوان‏:‏ يا رسول الله لم أرد هذا ردائي عليه صدقة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ‏:‏ فهلا قبل أن تأتيني به‏)‏ رواه ابن ماجه‏,‏ والجوزجاني وفي لفظ قال‏:‏ ‏(‏فأتيته فقلت‏:‏ أتقطعه من أجل ثلاثين درهما‏؟‏ أنا أبيعه وأنسئه ثمنها قال‏:‏ فهلا كان قبل أن تأتيني به‏)‏ رواه الأثرم‏,‏ وأبو داود فهذا يدل على أنه لو وجد قبل رفعه إليه لدرأ القطع وبعده لا يسقطه وقولهم‏:‏ إن المطالبة شرط قلنا‏:‏ هي شرط الحكم لا شرط القطع‏,‏ بدليل أنه لو استرد العين لم يسقط القطع وقد زالت المطالبة‏.‏