فصل: تفسير الآيات (46- 51):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (46- 51):

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48) لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51)}
46- من عمل عملاً صالحاً فأجره لنفسه، ومن أساء في عمله فإثمه على نفسه، وليس ربك بظلام لعبيده، فيعاقب أحداً بذنب غيره.
47- إلى الله- وحده- يرجع علم قيام الساعة، وما تخرج من ثمرات من أوعيتها، وما تحمل من أنثى ولا تضع حملها إلا كان هذا مقترناً بعلمه، واذكر يوم ينادى الله المشركين- توبيخاً لهم-: أين شركائى الذين كنتم تدعونهم من دونى؟ قالوا- معتذرين-: نُعْلمك- يا الله- ليس منا من يشهد أن لك شريكاً.
48- وغاب عنهم ما كانوا يعبدونه من قبل من الشركاء، وأيقنوا أنه لا مهرب لهم.
49- لا يمل الإنسان من دعاء ربه بالخير الدنيوى، فإذا أصابه الشر فهو ذو يأس شديد من الخير، ذو قنوط بالغ من أن يستجيب الله دعاءه.
50- ونقسم: إن أذقنا الإنسان نعمة- تفضلا منا- من بعد ضر شديد أصابه ليقولن: هذا الذي نلته من النعم حق ثابت لى، وما أظن القيامة آتية، وأقسم: إن فُرِضَ ورجعت إلى ربى إن لى عنده للعاقبة البالغة الحسن. ونقسم نحن لنجزين الذين كفروا- يوم القيامة- بعملهم، ولنذيقنهم من عذاب شديد متراكماً بعضه فوق بعض.
51- وإذا أنعمنا على الإنسان تولى عن شكرنا، وبعد بجانبه عن ديننا، وإذا مسه الشر فهو ذو دعاء كثير.

.تفسير الآيات (52- 54):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)}
52- قل لهم- يا محمد-: أخبرونى إن كان هذا القرآن من عند الله ثم جحدتم به، فمن أبعد عن الصواب ممن هو في خلاف بعيد عن الحق؟!
53- قريباً نُرِى هؤلاء المنكرين دلائلنا على صدقك في أقطار السموات والأرض وفى أنفسهم حتى يظهر لهم أن ما جئت به هو الحق دون غيره، أأنكروا إظهارنا لهم الآيات، أو لم يكف بربك أنه مطلع على كل شئ؟
54- ألا إن هؤلاء الكفار في شك عظيم من لقاء ربهم لاستبعادهم البعث، ألا إن الله بكل شيء محيط بعلمه وقدرته.

.سورة الشورى:

.تفسير الآيات (1- 6):

{حم (1) عسق (2) كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6)}
1، 2- حم. عسق: افتتحت هذه السورة بهذه الحروف الصوتية على طريقة القرآن الكريم في افتتاح كثير من السور بمثل هذه الحروف.
3- مثل ما في هذه السورة من المعانى يوحى إليك وإلى المرسلين من قبلك الله الغالب بقهره، الذي يضع كل شيء موضعه، على وفق الحكمة في أفعاله وتدبيره.
4- لله- وحده- ما في السموات وما في الأرض خلقاً وملكاً وتدبيراً، وهو المتفرد بعلو الشأن وعظم السلطان.
5- تكاد السموات- مع عِظَمِهِن وتماسكهن- أن يتشققن من فوقهن، خشية من الله، وتأثراً بعظمته وجلاله، والملائكة ينزهون الله عما لا يليق به، مثنين عليه بما هو أهله، ويسألون الله المغفرة لأهل الأرض، وينبه- سبحانه- إلى أن الله هو- وحده- صاحب المغفرة الشاملة والرحمة الواسعة.
6- والذين اتخذوا من دون الله نصراء، الله رقيب عليهم فيما يفعلون، ولست أنت- يا محمد- موكلاً بمراقبهم.

.تفسير الآيات (7- 12):

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)}
7- ومثل ذلك الإيحاء البيِّن أوحينا إليك قرآناً عربياً لا لبس فيه، لتنذر أهل مكة ومن حولها من العرب، وتنذر الناس عذاب يوم يجمع الله فيه الخلائق للحساب، لا ريب في مجيئه، الناس فيه فريقان: فريق في الجنة، وفريق في السعير.
8- ولو شاء الله أن يجمع الناس في الدنيا على طريقة واحدة لجمعهم، ولكن يدخل من يشاء في رحمته، لعلمه أنهم سيختارون الهدى على الضلالة، والظالمون أنفسهم بالكفر ليس لهم من دون الله ولى يتكفل بحمايتهم، ولا نصير يُنقذهم من عذاب الله.
9- هؤلاء الظالمون لم يتخذوا الله ولياً، بل اتخذوا غيره أولياء، وليس لهم ذلك، فالله- وحده- الولى بحق إن أرادوا ولياً، وهو يحيى الموتى للحساب، وهو المسيطر بقدرته على كل شيء.
10- والذى اختلفتم فيه من الإيمان والكفر فالحكم الفصل فيه مفوض إلى الله، وقد بينه، وهو- سبحانه- معتمدى ومرجعى في كل أمورى.
11- مُبدع السموات والأرض، خلق لكم من جنسكم أزواجاً ذكوراً وإناثاً، وخلق من الأنعام من جنسها أزواجاً كذلك، يكثِّركم بهذا التدبير المحكم، ليس كذاته شيء، فليس له شيء يزاوجه، وهو المدرك- إدراكاً كاملاً- لجميع المسموعات والمرئيات بلا تأثر حاسة.
12- له مقاليد السموات والأرض حفظاً وتدبيراً، يوسع الرزق لمن يشاء، ويضيقه على من يشاء، إنه- تعالى- محيط علمه بكل شيء.

.تفسير الآيات (13- 16):

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15) وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)}
13- شرع لكم من العقائد ما عهد به إلى نوح، والذى أوحيناه إليك، وما عهدنا به إلى إبراهيم وموسى وعيسى، أن ثبِّتوا دعائم الدين- بامتثال ما جاء به- ولا تختلفوا في شأنه، شق على المشركين ما تدعوهم إليه من إقامة دعائم الدين، الله يصطفى لرسالته من يشاء، ويوفق للإيمان وإقامة الدين من يترك العناد ويقبل عليه.
14- وما اختلف أتباع الرسل السابقين في الدين عداوة وحسداً فيما بينهم إلا من بعد ما جاءهم العلم بحقيقته في رسالتك، ولولا وعْد سابق من الله بتأجيل العذاب إلى يوم القيامة لأهلكوا، وإن الذين ورثوا الكتاب من أسلافهم وأدركوا عهدك لفى شك من كتابهم موقع في الريب، حيث لم يستجيبوا لدعوتك.
15- فلأجل وحدة الدين، وعدم التفرق فيه، فادعهم إلى إقامة الدين، وثابر على تلك الدعوة كما أمرك الله، ولا تساير أهواء المشركين، وقل: آمنت بجميع الكتب التي أنزلها الله على رسله، وأمرنى الله بإقامة العدل بينكم، وقل لهم: الله خالقنا وخالقكم، لنا أعمالنا لا لكم، ولكم أعمالكم لا لنا، لا احتجاج بيننا وبينكم لوضوح الحق. الله يجمع بيننا للفصل بالعدل، وإليه- وحده- المرجع والمآل.
16- والذين يُجادلون في دين الله من بعد ما استجاب الناس لدعوته الواضحة، حُجَّة هؤلاء المرتابين باطلة عند ربهم، وعليهم غضب شديد بكفرهم، ولهم عذاب أليم ينتظرهم.

.تفسير الآيات (17- 22):

{اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19) مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)}
17- الله الذي أنزل كتاب محمد وما قبله من كتب المرسلين مشتملة على الحق والعدل، وما يُعلمك لعل وقت الساعة قريب وأنت لا تدرى.
18- يستعجل بمجئ الساعة- استهزاء- الذين لا يصدقون بها، والذين صدقوا بها خائفون من وقوعها فلا يستعجلونها، ويعلمون أنها الحق الثابت الذي لا ريب فيه، ويُنبِّه- سبحانه- إلى أن الذين يجادلون في وقوعها لفى ضلال بعيد عن الحق.
19- الله عظيم البر بجميع عباده، يرزق من يشاء كما يشاء، وهو الغالب على كل شيء، المنيع الذي لا يغلب.
20- من كان يريد بعمله ثواب الآخرة نضاعف له أجره، ومن كان يريد بأعماله متاع الدنيا- فحسب- غير راغب في متاع الآخرة نعطه ما قسم له فيها، وليس له في الآخرة نصيب من الثواب.
21- بل ألهُم آلهة شرعوا لهم من الدين ما لم يأمر به الله؟ لم يكن ذلك، ولولا وعد سابق بتأخر الفصل إلى يوم القيامة لقضى بين الكافرين والمؤمنين في الدنيا، وإن الظالمين أنفسهم بالكفر لهم عذاب شديد الإيلام.
22- ترى في القيامة- أيها المخاطب- الذين ظلموا أنفسهم بالشرك خائفين عقاب شركهم، وهو نازل بهم- لا محالة- وترى الذين آمنوا وعملوا الصالحات مُتَمَتِّعين في أطيب بقاع الجنة، لهم ما يتمنون من النعيم عند ربهم، ذلك الجزاء العظيم هو الفضل الكبير الذي تتعلق به الآمال.

.تفسير الآيات (23- 27):

{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26) وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)}
23- ذلك الفضل الكبير هو الذي يُبشِّر الله به عباده المؤمنين الطائعين، قل- أيها الرسول-: لا أطلب منكم على تبليغ الرسالة أجراً إلا أن تحبوا الله ورسوله في تقربكم إليه- سبحانه- بعمل الصالحات، ومن يكتسب طاعة يُضاعف الله له جزاءها، إن الله واسع المغفرة للمذنبين، شكور لعباده طيبات أعمالهم.
24- أيقول الكفار: اختلق محمد الكذب على الله؟! فإن يشأ الله يربط على قلبك بالصبر على أذاهم، واتهامك بالافتراء على الله، ويزيل الله الشرك ويخذله، ويثبت الإسلام ويظهره بالوحى الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم إنه سبحانه محيط بخفايا قلوبكم جميعاً.
25- والله- وحده- الذي يقبل التوبة من أهل طاعته بالتجاوز عما تابوا منه، ويصفح- تفضلاً ورحمة- عن السيئات دون الشرك، ويعلم ما تفعلون من خير أو شر.
26- ويُجيب الله المؤمنين إلى ما طلبوا، ويزيدهم خيراً على مطلوبهم، والكافرون لهم عذاب بالغ غاية الشدة والإيلام.
27- ولو وسَّع الله الرزق لجميع عباده- كما يبتغون- لطغوا في الأرض وظلموا، ولكن الله يوسع الرزق لمن يشاء، ويُضيقه على من يشاء، حسبما اقتضته حكمته، إن الله محيط علماً بما خفى وظهر من أمور عباده، فيقدر بحكمته لكلٍّ ما يصلح شأنه.