فصل: تفسير الآيات (12- 13):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (12- 13):

{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)}
12- للزوج نصف ما تركت الزوجة إن لم يكن لها ولد منه أو من غيره فإن كان لها ولد فلزوجها الربع من بعد وصية تُوصِى بها أو دين. وللزوجة- واحدة أو متعددة- الربع مما ترك الزوج إن لم يكن له منها أو من غيرها ولد، فإن كان له منهن أو من غيرهن فللزوجة أو الزوجات الثمن من بعد وصية يُوصى بها أو دين، وولد الابن كالولد فيما تقدم. وإن كان الميت رجلاً أو امرأة ولا ولد له ولا والد وترك أخاً لأم أو أختاً لأم فلكل واحد منهما السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث يستوى في ذلك ذَكَرُهم وأنثاهم بمقتضى الشركة من بعد أداء الديون التي عليه وتنفيذ الوصية التي لا تضر بالورثة، وهى التي لا تتجاوز ثلث الباقى بعد الدين، فالزموا- أيها المؤمنون- ما وصاكم الله به، فإنه عليم بمن جار أو عدل منكم، حليم لا يعاجل الجائر بعقوبة.
13- تلك الأحكام المذكورة في بيان المواريث وما سبقها، شرائع الله التي حدَّدها لعباده ليعملوا بها ولا يتعدوها، ومن يطع الله ورسوله فيما حكم به كان جزاؤه الجنة التي تجرى فيها الأنهار خالداً فيها وذلك الفوز العظيم.

.تفسير الآيات (14- 15):

{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)}
14- ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدود ما شرعه مستبيحاً ذلك التعدى، يجزه ناراً مخلداً فيها، يعذب بها بدنه، إلى جانب عذاب مهين تتألم به روحه.
15- واللاتى يأتين الزنا من النساء إن شهد عليهن أربعة من الرجال العادلين يمسكن في البيوت محافظة عليهم ودفعاً للفساد والشر حتى يأتيهن الموت أو يفتح الله لهن طريقاً للحياة المستقيمة بالزواج والتوبة.

.تفسير الآيات (16- 19):

{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16) إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)}
16- والرجل والمرأة اللذان يزنيان وهما غير متزوجين فلهما عقوبة محدودة- إذا ثبت الزنا بشهادة شهود أربعة عدول- فإن تابا بعد العقوبة فلا تذكِّروهما بما ارتكبا ولا تعيِّروهما به، إن الله يقبل برحمته توبة التائبين.
17- إنما يقبل الله التوبة من الذين يرتكبون المعاصى والذنوب بجهل منهم لعاقبتها، ثم يبادرون بالتوبة قبل حضور الموت، فهؤلاء يقبل الله توبتهم وهو عليم لا يخفى عليه صدق التوبة، حكيم لا يخطئ في تقدير الأحكام والأمور.
18- وليس قبول التوبة للذين يرتكبون الذنوب ويستمرون في ممارستها ولا يبادرون بالأقلاع عنها والندم عليها، إلى أن يحضر أحدهم الموت فيقول: إني أعلن الندم والتوبة الآن، كما لا تقبل التوبة من الذين يموتون على الكفر، وقد أعد الله للفريقين عذاباً أليماً في دار الجزاء.
19- يا أيها الذين آمنوا لا يجوز لكم أن تجعلوا النساء كالمتاع، فترثوهن زوجات لكم من غير صداق، وهن كارهات، ولا تظلموهن بالتضييق عليهن لينزلن عن بعض ما آتيتموهن من مهور، ولا تضيقوا عليهن لتستردوا بعض ما آتيتموهن من مال إلا أن يرتكبن إثماً بيناً بنشوز أو سوء خلق أو فجور، فلكم أن تضيِّقوا عليهن أو تأخذوا بعض ما آتيتموهن عند الفراق، وعليكم- أيها المؤمنون- أن تحسنوا عشرة نسائكم قولاً وعملاً فإن كرهتموهن لعيب في الخَلْق أو الخُلُق أو غيرهما فاصبروا ولا تتعجلوا فراقهن فعسى أن يجعل الله في المكروه لكم خيراً كثيراً، وعلم الأمور كلها عند الله.

.تفسير الآيات (20- 22):

{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21) وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)}
20- وإن أردتم أن تستبدلوا زوجة مكان أخرى وكنتم قد أعطيتم من تريدون طلاقها مالاً كثيراً فلا يحلُّ لكم أن تأخذوا منه شيئاً، أتأخذونه على وجه البطلان والإثم المبين؟.
21- وكيف يسوغ لكم أن تستردوا ما أعطيتم من مهر وقد امتزج بعضكم ببعض وأخذن منكم عقداً قوياً موثقاً أحل الله به العشرة الزوجية.
22- ولا تتزوجوا- أيها الأبناء- ما تزوج آباؤكم من النساء، إنه كان أمراً فاحش القبح، يمقته الله والناس، وهو أسوأ سبيل ومقصد، وأن الله يعفو عما قد سلف منكم في زمن الجاهلية.

.تفسير الآيات (23- 24):

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}
23- حَرَّمَ الله عليكم أن تتزوجوا أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة، وأمهات نسائكم، والمحرمات لغير النسب: أمهات الرضاعة، والأخوات من الرضاعة، وأمهات الزوجات وبنات الزوجات من غير الأزواج إذا دخلتم بهن، وزوجات أبناء الصلب، والجمع بين الأختين، وما سلف في الجاهلية فإنه معفوٌّ عنه. إن الله غفور لما سلف قبل هذا النهج، رحيم بكم فيما شرع لكم.
24- وحرم عليكم نكاح المتزوجات من النساء عامة، حرائر وغير حرائر، إلا من سبيتم وملكتم منهن في حرب بينكم وبين الكفار، فإن نكاحهن السابق ينفسخ بالسبى، فيصرن حلالا لكم بعد استبراء أرحامهن، فالزموا ما كتب الله عليكم في تحريم ما حرم، ولكم فيما عدا هؤلاء المؤمنات المحرمات أن تطلبوا بأموالكم نساء تتزوجون بهن، لا تقصدون الزنا أو المخادنة، فأى نساء استمتعتم بهن بعد الزواج منهن أحل الله لكم الدخول بهن فوفُّوهن مهورهن التي قدَّرتم لهن حقاً عليكم لا تسامح فيه تؤدونه في موعد، ولا حرج عليكم فيما تم بينكم عن تراض من تنازل زوجة عن بعض مهرها أو زيادة زوج فيه، إن الله كان ولم يزل مُطَّلِعاً على شئون العباد، مُدَبِّراً لهم في أحكام ما يصلح به أمرهم.

.تفسير الآيات (25- 28):

{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)}
25- ومن لم يستطع منكم نكاح الحرائر المؤمنات فله أن يتجاوزهن إلى ما يستطيع من المملوكات المؤمنات، والله أعلم بحقيقة إيمانكم وإخلاصكم، ولا تستنكفوا من نكاحهن، فأنتم وهن سواء في الدين، فتزوجوهن بإذن أصحابهن وأدوا إليهن مهورهن التي تفرضونها لهن حسب المعهود بينكم في حسن التعامل وتوفية الحق، واختاروهن عفيفات، فلا تختاروا زانية معلنة ولا خليلة، فإن أتين الزنا بعد زواجهن فعقوبتهن نصف عقوبة الحرة. وإباحة نكاح المملوكات عند عدم القدرة جائز لمن خاف منكم المشقة المفضية إلى الزنا وصبركم عن نكاح المملوكات مع العفة خير لكم، والله كثير المغفرة، عظيم الرحمة.
26- يريد الله أن يوضح لكم أصلح السبل، ويدلكم على سنن الأنبياء والصالحين في الحلال والحرام، ويتوب عليكم بالرجوع بكم إلى طريق طاعته، والله مُطَّلِع على شئونكم، مدبر في أحكامه لما يصلح أمركم.
27- والله يريد أن يرجع بكم إلى طاعته، ويريد الذين يتَّبعون ملاذهم ورغباتهم الفاجرة من الكفار والعصاة أن تبعدوا عن طريق الحق بعداً شديداً.
28- يريد الله أن يُيَسِّر عليكم بتشريع ما فيه سهولة لكم، وتخفيف عليكم، وقد خلق الله الإنسان ضعيفاً أمام غرائزه وميوله، فيناسبه من التكاليف ما فيه يسر وسعة. وذلك هو ما يكلف الله عباده فضلاً وتيسيراً.

.تفسير الآيات (29- 33):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32) وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)}
29- يا أيها الذين آمنوا لا يأخذ بعضكم مال بعض بغير الحق. ولكن تجوز لكم التجارة بالتراضى منكم، ولا تهلكوا أنفسكم بمخالفة أوامر ربكم، ولا يجنى أحدكم على أخيه فإنما هي نفس واحدة، إن الله دائم الرحمة بكم.
30- ومن يُقْدِمُ على فعل ما حرَّم الله اعتداءً وتجاوزاً لحقِّه فسوف ندخله ناراً يحترق فيها، وكان ذلك على الله هيِّناً ميسوراً.
31- إن تبتعدوا عن الذنوب العظيمة التي ينهاكم الله عنها نمنع عنكم ما دونها من السيئات والصغائر ما دمتم باذلين جهدكم في الاستقامة، وننزلكم في الدنيا والآخرة منزلاً فيه إحسان لكم وتكريم.
32- ولا يتطلع الرجال إلى ما مَيَّز الله به النساء، ولا النساء إلى ما ميز الله به الرجال، فإن لكل فريق حظاً ملائماً لما طبع عليه من العمل وما أضيف إليه من الحقوق، فليتجه كل إلى رجاء الاستزادة من فضل الله بتنمية مواهبه والاستعانة على ما نيط به. إن الله كان عالماً أتم العلم بكل شيء، وقد أعطى كل نوع ما يصلح له.
33- ولكلٍّ من الرجال والنساء جعلنا مستحقين لتركتهم يكونون خلفاء لهم، وهم الوالدان والأقربون والذين عقد المتوفى لهم عقداً مقتضاه أن يرثوه إذا مات من غير قرابة، وينصروه إذا احتاج إلى نصرتهم في مقابل ذلك، فآتوا كل ذى حق حقه ولا تنقصوه شيئاً، إن الله كان رقيباً على كل شيء، حاضراً معكم، يشهد ما تتصرفون به.

.تفسير الآيات (34- 36):

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)}
34- الرجال لهم حق الرعاية للنساء، والقيام بشئونهن بما أعطاهم الله من صفات تهيئهم للقيام بهذا الحق، وبسبب أنهم هم الذين يكدِّون ويكدحون لكسب المال الذي ينفقونه على الأسرة، فالصالحات مطيعات لله ولأزواجهن، حافظات لكل ما يغيب عن أزواجهن بسبب أمر الله بهذا الحفظ وتوفيقه لهن. والزوجات اللاتى تظهر منهن بوادر العصيان، فانصحوهن بالقول المؤثِّر، واعتزلوهن في الفراش، وعاقبوهن بضرب خفيف غير مبرح ولا مُهين عند التمرد، فإن رجعن إلى طاعتكم في أي سبيل من هذه السبل الثلاث، فلا تتطلبوا السبيل التي هي أشد منها بغياً عليهن، إن الله فوقكم وينتقم منكم إذا آذيتموهن أو بغيتم عليهن.
35- وإن حدث خلاف بين الزوجين وخفتم منه حدوث انشقاق بينهما يعرضهما للانفصال، فاختاروا حكمين: أحدهما من أهله والآخر من أهلها، إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما في الوصول إلى ما هو خير للزوجين من معاشرة بالمعروف أو تسريح بإحسان. إن الله كان مطلَّعاً على ظواهر العباد وبواطنهم.
36- واعبدوا الله- وحده- ولا تجعلوا معه شريكاً في الألوهية والعبادة، وأحسنوا إلى الوالدين إحساناً لا تقصير فيه، وإلى أقربائكم وإلى اليتامى، والذين افتقروا بسبب عجزهم أو ذهاب الكوارث بأموالهم، وبالجار القريب النسب والجار الأجنبى، والرفيق لك في عمل أو طريق أو جلوس، والمسافر المحتاج الذي لا قرار له في بلد معين، وبما ملكتم من الأرقاء فتيانا وفتيات. إن الله لا يحب من كان متعالياً على الناس، لا تأخذه بهم رحمة، كثير التمدح بنفسه.