فصل: تفسير الآيات (38- 43):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (38- 43):

{قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)}
38- اتجه سليمان إلى الاستعانة بمن سخرهم الله له من الإنس والجن، ليفاجئها بأمر غريب، فقال: أيكم يأتينى بعرشها العظيم قبل أن يأتونى خاضعين منقادين؟
39- قال مارد من الجن: أنا آتيك به وأنت في مجلسك هذا قبل أن تقوم منه، وإنى لقادر أمين في قولى وفعلى.
40- قال الذي آتاه الله قوة روحية وعلماً من الكتاب: أنا آتيك بهذا العرش قبل أن تحرك أجفانك. وقد نفذ ما قال. فلما رأى سليمان العرش ثابتاً عنده غير مضطرب قال: هذا من فضل الله الذي خلقنى وأمدنى بخيره ليختبرنى أأشكر هذه النعمة أم لا أؤدى حقها؟ ومن شكر الله فإنما يحط عن نفسه عبء الواجب، ومن يترك الشكر على النعمة فإن ربى غنى عن الشكر، كريم بالإنعام.
41- قال سليمان لحاشيته: اخفوا عنها العرش ببعض التغيير في مظاهره لنرى أتعرفه مهتدية إليه أم لا تعرفه فلا تهتدى إليه؟
42- فلما أقبلت وجهت نظرها إلى عرشها، فقيل لها: أهذا مثل عرشك؟ فقالت:- لكمال التشابه- كأنه هو. وقال سليمان ومن معه: أوتينا العلم بالله وبقدرته وبصحة ما جاء من عنده مثل علمها وكنا قوماً منقادين لله مخلصين العبادة له.
43- وصرفها عن عبادة الله ما كانت تعبده من آلهة غير الله تعالى من شمس ونحوها، إنها كانت من قوم كافرين.

.تفسير الآيات (44- 50):

{قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)}
44- قيل لها من بعد ذلك: ادخلى قصر سليمان، وكان صحنه من زجاج تحته ماء يسبح فيه السمك، فكشفت عن ساقيها تحسب ما تمر فيه ماء، فنبهها سليمان إلى أن الصحن أملس مكون من زجاج، فراعها ذلك المنظر المادى، وعلمت أن ملكها لا يساوى شيئاً بجوار ملك سليمان- النبى- فقالت: رب إني ظلمت نفسى باغترارى بملكى وكفرى، وأذعنت في صحبة سليمان مؤمنة بالله تعالى خالق العالمين ومربيهم والقائم عليهم.
45- ولقد بعثنا إلى ثمود أخاهم صالحاً بأن وحِّدوا الله، فسارعوا إلى الاختصام والاختلاف، وصاروا فريقين: أحدهما مؤمن والآخر كافر.
46- قال صالح ناصحاً لهم: يا قوم لم تستعجلون بالعذاب الذي توعدون قبل التوبة، هلا تطلبون المغفرة من ربكم وتؤمنون به رجاء أن ترحموا؟!
47- وقالوا: تشاءمنا بك أنت ومن معك وأصابنا القحط، قال: أسباب الخير والشر الذي نزل بكم إنما كان من عند الله. بل أنتم قوم تختبرون بالسراء والضراء، لعلكم تؤمنون.
48- وكان زعماء الشر فيهم تسعة، يفسدون بآرائهم ودعايتهم في الأرض، وليس من شأنهم عمل الصالح.
49- قال أولئك المشركون بعضهم لبعض: تبادلوا القسم بالله لنغيرن عليه هو وأهله ونقتلهم، ثم نقول لولى دمه: ما شهدنا هلاكه ولاهلاك أهله، وإنا لصادقون فيما ذكرنا.
50- دبَّروا الفتك بصالح وأهله، والله من ورائهم قد دبَّر النجاة لنبيه وأهله والهلاك لهم وهم لا يشعرون بتدبير الله.

.تفسير الآيات (51- 58):

{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53) وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58)}
51- فانظر- أيها النبى- إلى عاقبة تدبيرهم وتدبيرنا لنبينا أنا أهلكناهم وقومهم أجمعين.
52- فانظر إلى آثارهم تجد بيوتهم ساقطة متهدمة بسبب ظلمهم وكفرهم وإرادتهم الشر لنبيهم. إن فيما فُعِل بثمود لآية لقوم يعلمون قدرتنا فيتعظون.
53- وأنجينا الفريق المؤمن بصالح من هذا الهلاك وكانوا يتقون ترك أوامره.
54- واذكر- أيها النبى- لوطا وخبره مع قومه الفاسقين الشاذين إذ قال لهم: أتأتون هذا الذنب البالغ أقصى درجات الفحش والشذوذ، وأنتم تبصرون وتنظرون الشر الذي استمرأتموه؟
55- أيسوغ في نظر العقل والفطرة أن تأتوا الرجال بشهواتكم وتتركوا النساء؟ بل أنتم قوم قد أصابكم الحمق والجهل المطبق حتى صرتم لا تميزون بين الخبيث والطيب.
56- فما كان رد قومه عليه حين نهاهم إلا قولهم: أخرجوا لوطا وأتباعه من هذه القرية لأنهم يتنزهون عن مشاركتنا فيما نفعل.
57- فخلصناه هو وأهله من العذاب الذي سيقع بالقوم إلا امرأته، قدر الله أن تكون من الباقين حتى تهلك بالعذاب مع الكافرين.
58- وأمطرنا على هؤلاء المفسدين مطر عذاب ونقمة، فكان مطراً سيئاً مُهلكاً لمن أُنذروا بالعذاب الأليم ولم يذعنوا.

.تفسير الآيات (59- 63):

{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63)}
59- قل- أيها الرسول-: إني أحمد الله وأثنى عليه- وحده- وأسأل الله سلاماً وتحية لعباده الذين اختارهم لأداء رسالته، وقل- أيها الرسول- للمشركين: هل توحيد الله خير لمن آمن، أم عبادة الأصنام التي أشركتم بها وهى لا تملك ضراً ولا نفعاً؟!
60- بل اسألهم- أيها الرسول- عمَّن خلق السموات والأرض وما فيهما، وأنزل لأجلكم من السماء غيثاً نافعاً، فأنبت به بساتين ذات حُسن وبهاء ما أمكن لكم أن تنبتوا شجرها المختلف الأنواع والألوان والثمار. هذا التناسق في الخلق يثبت أن ليس مع الله إله، ولكن الكفار قوم يعدلون عن الحق والإيمان ويميلون للباطل والشرك.
61- بل اسألهم- أيها الرسول- عمَّن مهَّد الأرض للإقامة فيها والاستقرار عليها، وخلق وسطها أنهاراً، وخلق عليها جبالا تمنعها من الميل، وجعل بين الماء العذب والماء الملح فاصلا يمنع امتزاج أحدهما بالآخر!! ليس هناك إله مع الله فهو الخالق- وحده- لكن أكثر الناس لا ينتفعون بالعلم الحق على وجهه وكأنهم لا يعلمون.
62- بل اسألهم- أيها الرسول- عمَّن يجيب المضطر- في دعائه- إذا أحوجته الشدة فلجأ إلى الله في ضراعة وخشوع، ويدفع عن الإنسان ما يعتريه من مكروه، ويجعلكم خلفاء لمن سبقكم في الأرض؟. ليس هناك إله مع الله المانح لهذه النعم، ولكنكم أيها الكافرون قلّما تتعظون.
63- بل اسألهم- أيها الرسول- عمَّن يرشدهم إلى السير في ظلام الليل برا وبحراً، وعمن يبعث الرياح مبشرة بمطر هو رحمة من الله!؟ أهناك إله مع الله تعالى يصنع ذلك؟! تنزه الله سبحانه عن أن يكون له شريك.

.تفسير الآيات (64- 69):

{أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64) قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (68) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69)}
64- بل اسألهم- أيها الرسول- عمن ينشئ الخلق ابتداء، ثم يوجده بعد فنائه كما كان؟ ومن الذي ينزل لكم الرزق من السماء ويخرجه من الأرض؟. ليس هناك إله مع الله يفعل ذلك. قل- أيها الرسول- موبخاً لهم ومنكراً عليهم: إن كان لكم إله سوى الله فأقيموا لنا حجة على ذلك إن كنتم تزعمون أنكم صادقون، ولن يتأتى لكم ذلك.
65- قل- أيها الرسول-: إن مَن تَفرَّد بفعل هذا كله قد تفرد- سبحانه- بعلم ما في السموات والأرض من أمور الغيب، وهو الله- وحده- وما يعلم الناس أي وقت يبعثون فيه من قبورهم للحساب والجزاء.
66- تلاحق علمهم في الآخرة من جهل بها إلى شك فيها، وهم في عماية عن إدراك الحق في أي شيء من أمرها لأن الغواية أفسدت إدراكهم.
67- وقال الكافرون منكرين للبعث: أئذا صرنا تراباً وبليت أجسامنا وأجسام آبائنا السابقين هل نعاد ونخرج إلى الحياة من جديد؟!
68- لقد وعدنا محمد بهذا البعث كما وعد الرسل السابقون آباءنا، ولو كان حقاً لحصل، وليس هذا إلا من أكاذيب السابقين.
69- قل لهم- أيها الرسول-: تجولوا في الدنيا وانظروا آثار ما حل بالمكذبين من عذاب الله لعلكم تعتبرون بهذا، وتخشون ما وراءه من عذاب الآخرة.

.تفسير الآيات (70- 76):

{وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (70) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (71) قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (72) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (73) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)}
70- لا تحزن- أيها الرسول- على الكافرين الذين لم يتبعوك، فإنما عليك البلاغ، ولا يكن في صدرك حرج من مكرهم وكيدهم، فإن الله ناصرك عليهم.
71- ويبالغ الكافرون في التكذيب، فيستعجلون العذاب قائلين: متى يحين موعد العذاب الذي هددتمونا به إن كنتم صادقين في أن العذاب نازل بالمكذبين؟!
72- قل- أيها الرسول-: لعله أن يكون قد لحق بكم وقرب منكم بعض ما تستعجلونه من العذاب.
73- وإن الله ربك- أيها الرسول- لصاحب إنعام وإحسان على الناس كافة، ومن رحمته تأخير العقوبة على المكذبين، ولكن أكثر الناس لا يدركون فضل الله ولا يشكرونه.
74- وإن الله ربك- أيها الرسول- لعليم بكل ما يسرون وما يعلنون من الأقوال والأفعال المنكرة، ومجازيهم عليها.
75- وما من خافية غائبة مهما صغرت وضَؤُلَتْ في السموات أو في الأرض إلا علمها الله وأحصاها في كتاب حق عنده.
76- إن هذا الكتاب- الذي أنزل على محمد- يبين لبني إسرائيل حقيقة ما جاء في التوراة من عقائد وأحكام وقصص، ويردهم إلى الصواب فيما اختلفوا فيه.

.تفسير الآيات (77- 82):

{وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81) وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)}
77- وإن هذا الكتاب لهداية من الضلال ورحمة من العذاب لجميع من آمن به.
78- إن ربك- أيها الرسول- يفصل بين الناس جميعاً يوم القيامة بعدله، وهو الغالب فلا يرد قضاؤه، العليم فلا يلتبس لديه حق بباطل.
79- ففوض أمرك- أيها الرسول- إلى الله، وثابر بدعوتك واثقاً بنصره، لأنك على الحق الواضح، ولا يضرك إعراض الكافرين عنك.
80- إنك- أيها الرسول- لا تستطيع هدايتهم فإنهم كالموتى في عدم الوعى، وكالصم في فقدان أداة السمع، فليسوا مستعدين لسماع دعوتك لتماديهم في الإعراض عنك.
81- ولست بمستطيع أن تهدى إلى الحق من عميت أبصارهم وبصائرهم، ولا يمكنك أن تُسمع إلا من يقبل على الإيمان بآياتنا، فهم مطيعون مستجيبون.
82- وإذا قرب أن يتحقق وعد الله بقيام الساعة، وأن يقع العذاب على الكافرين أخرج الله للناس دابة من الأرض تقول لهم من جملة ما تقول: إن الكفار كانوا بمعجزاتنا كلها وباليوم الآخر لا يؤمنون، وقد تحقق الآن ما كانوا به يكذبون. وها هو ذا هول الساعة وما وراءها.