فصل: تفسير الآيات (20- 24):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (20- 24):

{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (22) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (23) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24)}
20- قل- أيها الرسول- لهؤلاء المكذبين: امشوا في الأرض، وتأملوا فيما أنشأ الله فيها من مختلف الكائنات، وانظروا إلى آثار من كان فيها قبلكم بعد أن ماتوا وخلت منهم ديارهم، واعلموا أن الله بقدرته سيعيد كل ذلك في الآخرة بالبعث وهو الإنشاء الآخر، وكذلك شأنكم، إن الله- سبحانه- تام القدرة على كل شيء.
21- يعذب الله من يشاء بعد النشأة الآخرة وهم المنكرون لها، ويرحم من يشاء وهم المؤمنون المقرون بها، وإليه- وحده- مرجع الخلق جميعاً للحساب والجزاء.
22- ولستم- أيها المكذبون- بغالبين لقدرة الله، سواء أكنتم في الأرض أم في السماء، بل هي محيطة بكم، وليس لكم ولىٌّ يمنعكم من الله ولا نصير يدفع عنكم عذابه.
23- والذين كفروا بدلائل الله على وحدانيته، وكذَّبوا برسله وكتبه، وأنكروا البعث والحساب. هؤلاء ليس لهم مطمع في رحمة الله وهؤلاء لهم عذاب شديد مؤلم.
24- لم يكن جواب قوم إبراهيم له- حين أمرهم بعبادة الله وترك ما هم عليه من عبادة الأوثان- إلا الإمعان في الكفر، وقوْل بعضهم لبعض: اقتلوه أو حَرِّقوه، فألقوه في النار، فجعلها الله برداً وسلاماً عليه، وأنجاه منها، إن في إحباط كيدهم وإنجائه منها، وعدم تأثيرها فيه لدلائل واضحة لقوم يصدقون بتوحيد الله وقدرته.

.تفسير الآيات (25- 30):

{وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)}
25- وقال إبراهيم لقومه: لم تعبدوا إلا آلهة باطلة عبادتها. ثم يتبدل الحال يوم القيامة، فيتبرأ القادة من الأتباع، ويلعن الأتباع القادة، ومصيركم جميعاً النار، وليس لكم ناصر يمنعكم من دخولها.
26- وكان أول من أجاب دعوة إبراهيم إلى الحق لوط فصدق وكان موحداً من قبل، وقال إبراهيم- مطيعاً لأمر الله-: إني مهاجر إلى الجهة التي أمرنى ربى بالهجرة إليها والقيام بالدعوة إلى الله فيها. وهو العزيز الذي يمنعنى من أعدائى، الحكيم الذي لا يأمرنى إلا بما هو خير.
27- ومَنَّ الله على إبراهيم بإسحاق ولده وبيعقوب حفيده، وكرَّمه بأن جعل النبوات في ذريته، وأنزل عليهم الكتب السماوية، وجزاه الله أحسن الجزاء في الدنيا، وهو في الآخرة من خيار الصالحين.
28- واذكر- أيها الرسول- إذ أرسلنا لوطاً إلى قومه، فدعاهم إلى توحيد الله وطاعته، وأنكر عليهم العمل الفاحش الذي كانوا يفعلونه ولم يسبقهم إلى فعله أحد من خلق الله.
29- إن ما تفعلونه منكر مُهلك. فإنكم تفعلون الفاحشة بالرجال، وتقطعون سبيل النسل، فيكون المآل الفناء. وترتكبون في مجتمعاتكم المنكرات دون خوف من الله ولا حياء فيما بينكم. فلم يستمع له قومه، ولم يكن لهم جواب غير السخرية به، وطلبوا منه أن يُعجِّل بعذاب الله يُهددهم به إن كان صادقاً فيما يقول.
30- فاستعان لوط عليهم بالله، وطلب أن ينصره على قومه المفسدين في الأرض.

.تفسير الآيات (31- 36):

{وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35) وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36)}
31- وحين جاءت ملائكة الله إلى إبراهيم عليه السلام مبشرين، قالوا: إن أمرهم بإهلاك أهل هذه القرية بسبب إفسادهم وظلمهم أنفسهم بالشرك وارتكاب الفاحشة.
32- قال إبراهيم عليه السلام للملائكة: إن في القرية لوطاً، وكيف تهلكونهم وهو فيهم؟ فأجابته الملائكة: بأنهم يعلمون من فيها، وأنهم ينجون لوطاً وأهله من العذاب، إلا امرأته فإنها في الهالكين لكفرها وإساءتها.
33- ولما ذهب الملائكة المرسلون إلى لوط ورآهم حزن، لخوفه عليهم من عدوان قومه، وعجزت حيلته فيما يتعلق بحمايتهم، فطمأنوه وقالوا له: لا تخْشَيَنَّ عدوان قومك علينا، ولا تحزن من أجلنا، فقد أتينا لإهلاك أهل هذه القرية، وسننجيك وأهلك، ولكن امرأتك لكفرها ستكون مع الهالكين.
34- وقالت الملائكة: إننا مرسَلُون لتنفيذ أمر الله بإنزال العذاب من السماء على سكان هذه القرية بسبب فسقهم وكفرهم.
35- ولقد أهلك الله هذه القرية وترك منها آثاراً ظاهرة، لتكون دليلا على ما فعله الله بهم، وعبرة لمن يتدبَّر.
36- وأرسل الله إلى أهل مدين رسولا منهم هو شعيب، دعاهم إلى توحيد الله وعبادته والخوف من اليوم الآخر، وفِعْل ما يرجون به ثواب الله فيه. ونهاهم عن السعى في الأرض بالفساد.

.تفسير الآيات (37- 40):

{فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)}
37- فكذبوه وعصوه، فأهلكهم الله بزلزال شديد دمَّر عليهم مساكنهم، فغدوا فيها صرعى ميتين.
38- واذكر- أيها الرسول- مصارع عاد وثمود إذ أهلكناهم، وقد بقيت من مساكنهم آثار ظاهرة ترونها، وكان هذا الهلاك بسبب ما زين لهم الشيطان من أعمالهم الباطلة فاتبعوه، فصرفهم عن طريق الحق الذي كانوا يعرفونه بواسطة الرسل.
39- واذكر- أيها الرسول- لهؤلاء المغترين بأموالهم وسلطانهم مصرع قارون وفرعون وهامان وما جرى عليهم من سنة الله بإهلاك المكذبين، وقد بعث الله إليهم موسى بالمعجزات الظاهرة الدالة على صدقه، فكذبوه وأبوا أن يستجيبوا له استكباراً، وما كانوا غالبين لقدرة الله بالإفلات من عذابه.
40- فكل أمة من هذه الأمم المكذبة برسلها أهلكها الله بسبب كفرها وما ارتكبت من المعصية، فبعض هذه الأمم أهلكه الله بالريح العاصفة التي حصبتهم بالحجارة، وبعضهم هلك بالصيحة المدوية المهلكة، وبعضهم خسف الله به الأرض، وبعضهم أغرقه الله في اليم. ولم يكن هذا العذاب ظلماً من الله لهم، بل كان بسبب كفرهم وارتكابهم الذنوب.

.تفسير الآيات (41- 45):

{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44) اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)}
41- شأن المبطلين الموالين لغير الله في الضعف والوهن والاعتماد على غير معتمد؛ كشأن العنكبوت في اتخاذها بيتاً تحتمى به، وبيتها أوهى البيوت وأبعد عن الصلاحية للاحتماء، ولو كان هؤلاء المبطلون أهل علم وفطنة لما فعلوا ذلك.
42- إن الله- سبحانه- محيط علماً ببطلان عبادة الآلهة، وهو- سبحانه- الغالب على كل شيء الحكيم في تدبيره وتشريعه.
43- وهذه العبر والأمثال يذكرها الله للناس للعظة والاعتبار، وما يعتبر بها إلا العقلاء الذين يتدبرون.
44- وبجانب ما ذكر الله من القصص والأمثال والآيات آية أوضح، هي خلق السموات والأرض بالقدرة والحكمة والتدبير الكامل لصالح الناس، وفى هذا دلائل صادقة لمن يؤمنون بالحق.
45- اقرأ- أيها النبى- كتاب الله، ولا تلتفت إليهم، وأد الصلاة على وجهها، لأن الصلاة مع الإخلاص من شأنها أن تصرف من يقيمها عن الذنوب وكل ما ينكره الشرع. ولتقوى الله ومراقبته في الصلاة وغيرها أكبر أثراً وأعظم ثواباً. والله يعلم ما تفعلون من الخير والشر فيجازيكم عليه.

.تفسير الآيات (46- 50):

{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)}
46- ولا تجادلوا مخالفيكم من اليهود والنصارى إلا بالطريقة التي هي أهدأ وألين وأدعى إلى القبول. إلا الذين جاوزوا حد الاعتدال في الجدال فلا حرج في مقابلتهم بالشدة، وقولوا لمن تجادلونهم: صدَّقنا بما أنزل الله إلينا من القرآن وما أنزل إليكم من التوراة والإنجيل، ومعبودنا ومعبودكم واحد، ونحن له- وحده- منقَادون.
47- وكما أنزلنا الكتب على- من قبلك من الرسل- أنزلنا إليك القرآن، فالذين آتيناهم الكتاب قبل القرآن فتدبروه واهتدوا به يؤمنون بهذا القرآن. ومن هؤلاء العرب من يؤمن به، وما يُنكر آياتنا- بعد ظهورها وزوال الشبهة عنها- إلا المصِرُّون على الكفر.
48- وما كنت تقرأ كتاباً من الكتب قبل القرآن، ولا كنت تكتب بيمينك، ولو كنت ممن يقرأ ويكتب لشك أهل الباطل في أنه من عند الله.
49- ليس هذا الكتاب موْضع ارتياب، بل هو آيات واضحات محفوظة في صدور الذين آتاهم الله العلم، وما يُنكر آياتنا- بعد العلم بها- إلا الظالمون للحق ولأنفسهم.
50- وقال الكفار في جدالهم ولجاجهم: هلا أُنزل عليه معجزات حسية كالتى نزلت على الرسل من قبل؟. قل لهم: إنما المعجزات كلها من عند الله، ينزلها حين يشاء، وإنما أنا مكلف بالإنذار الواضح، لا الإتيان بما تقترحون.

.تفسير الآيات (51- 57):

{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54) يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55) يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57)}
51- أيقترحون هذه الآيات ولا يكفيهم أنَّا أنزلنا عليك الكتاب يُقرأ عليهم- وهو الآية الخالدة على مر الزمن- إنَّ في إنزال هذا الكتاب عليكم لرحمة بهم وبالأجيال من بعدهم، وتذكرة دائمة نافعة لقوم شأنهم أن يؤمنوا إذا وضحت لهم سبل الهداية.
52- قل: حسبى وحسبكم أن يكون الله شاهداً على أنَّى قد بلَّغتكم ما أُرسلت به إليكم، فهو مطلع على أمرى وأمركم، لا يخفى عليه شيء في السموات والأرض. والذين عبدوا غير الله وكفروا بالله فلم يخصوه بالعبادة؛ أولئك هم الذين اشتروا الكفر بالإيمان فأصابهم الخسران المبين.
53- ويتحداك الكافرون أن تعجِّل لهم العذاب الذي حذرتهم منه، ولولا أجل معلوم قضت به حكمتنا لعجَّلنا لهم العذاب الذي استعجلوه، وأقسم ليأتينهم فجأة وهم لا يشعرون.
54- يطلبون إليك تعجيل العذاب وهو واقع بهم لا محالة. وإن جهنم لتحيط- يقيناً- بالكافرين.
55- يوم يغمرهم العذاب من أعلاهم ومن أسفلهم، ويقول الملك الموكل بعذابهم: ذوقوا جزاء ما كنتم تعملون من السيئات.
56- يا عبادى الذين صدَّقوا بى وبرسولى: إنّ أرضى واسعة لمن أراد أن يفر عن مواطن الشرك. ففروا إلى مخلصين لى العبادة.
57- كل نفس ستذوق طعم الموت- لا محالة- ثم إلينا تعودون فَتُجْزَوْن بما قدمتم من خير وشر.