فصل: تفسير الآيات (58- 64):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (58- 64):

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)}
58، 59- والذين صدَّقوا بالله وكتبه ورسله، وعملوا الأعمال الصالحة، نقسم: لننزلنَّهم من دار النعيم غرفات تجرى من تحتها الأنهار، لا ينقطع عنهم نعيمها، نعم هذا الجزاء أجراً للعاملين الصابرين على كل ما يصيبهم في سبيل الله من فراق الأوطان والأهل والأموال، المعتمدين على الله- وحده- في جميع أحوالهم.
60- وكثير من الدواب التي تعيش معكم في الأرض لا تستطيع- لضعفها- أن تحمل رزقها وتنقله، لتأكله أو تدخره. الله يهيئ لها أسباب رزقها وحياتها، ويهيئ لكم أسباب رزقكم وحياتكم. وهو المحيط بكل ما خلق سمعاً وعلماً.
61- وأقسم إن سألت المشركين: من أوجد السموات والأرض، وذلل الشمس والقمر وأخضعهما لمنافع الناس؟ ليقولون: خلقهن الله، ولا يذكرون أحدا سواه، فكيف إذن ينصرفون عن توحيد الله- تعالى- مع إقرارهم بهذا كله؟!.
62- الله يُوسِّع على مَن يشاء في الرزق، ويُضيِّقُ على مَن يشاء حسبما يقتضيه علمه بالمصالح، فإن الله قد أحاط بكل شيء علما.
63- وأقسم إن سألتهم: من نزَّل من السماء ماء فجعل منه حياة الأرض بالنبات بعد جدبها؟ ليقولن: الله. قل: الحمد لله على اعترافهم بالحق، بل أكثرهم لا يفهمون ما يقعون فيه من تناقض.
64- وليست هذه الحياة الدنيا إلا متاعاً محدود الوقت، يلهو به الغافلون كما يلهو الصبيان ويلعبون وقتاً ما ثم ينفضون. وإن الدار الآخرة لهى دار الحياة الحقيقية الكاملة الدائمة، وهذه حقائق ثابتة يدركها هؤلاء لو كان من شأنهم الإدراك الصحيح.

.تفسير الآيات (65- 69):

{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}
65- هم على ما وُصفوا به من شرك، فإذا ركبوا السفن في البحر وأدركهم شيء من أهواله توجهوا إلى الله مخلصين له الدعاء أن يكشف عنهم الضر، فلما نجاهم إلى البر سارعوا بالعودة إلى الإشراك.
66- لينكروا ما أعطيناهم من النعم، ولينتفعوا بما يرضى هواهم في هذه الحياة، فسوف يعلمون عاقبة الكفر حين يشاهدون العذاب الأليم.
67- أَعَمِى كفار مكة عن نعم الله التي أسبغها عليهم، أَوَ لَمْ يروا أنا جعلنا بلدهم مصوناً لا يُنهب ولا يُسْلَب، مقدسا لا يُسْبَى أهله ولا يقع فيه قتل، ويُسْلَب الناس ويُسبون من حولهم؟! أعموا عن هذه النعم. فَبمَ لا أصل له يصدقون، وبمحمد وبكل ما جاء به يكذبون؟!.
68- وليس هناك أحد أشد ظلماً ممن نسب إلى الله ما لم يشرعه، أو كذَّب بالدين الحق حين بلغه، إن في جهنم لمأوى لهؤلاء الظالمين الكافرين.
69- والذين بذلوا جهدهم، واحتملوا المشقة في نصرة ديننا، لنزيدنَّهم هداية إلى الخير والحق. وإن الله لمع الذين يحسنون أعمالهم، يعينهم وينصرهم. والله أعلم.

.سورة الروم:

.تفسير الآيات (1- 3):

{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)}
1- بدأت السورة بهذه الآية لبيان أن القرآن مؤلف من هذه الحروف التي ينطق بها العرب في سهولة ووضوح، ولكن المنكرين له عجزوا عن الإتيان بمثله. وهى- كذلك- تُنَبِّه الناس إلى الاستماع والإنصات. وتحملهم على التصديق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
2، 3- غَلَبت فارس الروم في أقرب الأرض من العرب، وهى أطراف الشام، وهم بعد انهزامهم سيغلبون فارس.

.تفسير الآيات (4- 7):

{فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)}
4، 5- قبل أن تمضى تسع سنوات- وكان المشركون قد فرحوا بانتصار فارس، وقالوا للمسلمين: سنغلبكم كما غلبت فارس الروم التي هي من أهل الكتاب- قد حقَّق الله وعده، فانتصر الروم على فارس في الأجل الذي سمَّاه، فكان ذلك آية بينة على صدق محمد في دعواه وصحة ما جاء به، لله الأمر والقضاء من قبل كل شيء ومن بعد كل شيء، ويوم ينتصر الروم على فارس يفرح المؤمنون بنصر الله الذي يؤيد من يشاء، وهو الغالب على أعدائه، الرحيم بأوليائه.
6- وعد الله المؤمنين وعداً صادقاً- لا يخلف الله وعده- ولكن الجاحدين ليس من شأنهم العلم بالأمور على وجهها.
7- يعلمون شئون ووسائل عمرانها والتمتع بزخارفها، وهم عن التزود للآخرة مسرفون في الجهل والغفلة.

.تفسير الآيات (8- 14):

{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10) اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14)}
8- أَطُمِسَ على أعينهم وقلوبهم ولم يتفكروا في أمر أنفسهم ليعرفوا مصيرهم؟ ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما من كواكب وغيرها إلا مقرونة بالجد، مصحوبة ومحدودة بوقت تنتهى عنده، وإن كثيراً من الناس بلقاء الله وقيام الساعة لجاحدون.
9- أَلَزِمُوا وطنهم ولم يسيروا في أرجاء الأرض ليشاهدوا كيف كانت نهاية الذين كفروا من قبلهم؟ كانوا أشد من هؤلاء الكافرين الحاضرين قوة، وقلبوا وجه الأرض، ليستخرجوا ما فيها من مياه ومعادن وزروع، وعمروا الأرض أكثر مما عمرها هؤلاء، وجاءتهم رسل الله بالمعجزات الواضحات فكفروا، فأخذهم الله- لأنه ما كان ليجزيهم من غير ذنب، ولا ليأخذهم قبل تذكيرهم وإمهالهم- ولكن كان هؤلاء لا يظلمون إلا أنفسهم.
10- ثم كانت نهاية الذين ارتكبوا أشد ألوان الإساءة أن جحدوا آيات الله، وكانوا يُحقِّرون من شأنها.
11- الله- سبحانه وتعالى- ينشئ خلق الناس ابتداء، ثم يُعيد خلقهم بعد موتهم، ثم إليه- وحده- يعودون للحساب والجزاء.
12- ويوم تأتى القيامة ييأس الكافرون من الدفاع عن أنفسهم.
13- ولم يوجد لهم من الذين عبدوهم مع الله شفعاء، وكانوا في الدنيا بسببهم كافرين.
14- ويوم تقوم الساعة- يوم إذ تقوم- يذهب كل فريق إلى مصيره الأبدى.

.تفسير الآيات (15- 21):

{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16) فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}
15- فأما الذين آمنوا وقرنوا إيمانهم بالأعمال الصالحة؛ فهم في جنة ذات أشجار وأزهار يسرون وينعمون.
16- وأمَّا الذين كفروا وأنكروا آياتنا ولقاء البعث والحساب؛ فأولئك في العذاب مقيمون لا يغيبون عنه.
17- فنزِّهوا الله عما لا يليق بجلاله وكماله واعبدوه حين تدخلون في المساء وحين تدخلون في الصباح.
18- والله- وحده- هو الحقيق بالحمد والثناء والشكر من أهل السموات والأرض، فاحمدوه واعبدوه في العشى، وحين تدخلون في الظهيرة.
19- يُخرج الكائن الحى من شيء لا حياة فيه، ويُخرج الشئ الذي لا حياة فيه من الكائن الحى، ويُحيى الأرض بالنبات بعد يبسها، ومثل هذا الإخراج يُخرجكم الله من قبوركم.
20- ومن الدلائل على كمال قدرته أن خلق أصلكم من تراب لا حياة فيه، ثم أنتم بشر تتفرقون في الأرض للسعى في تحصيل ما به بقاؤكم.
21- ومن دلائل رحمته أن خلق لكم- أيها الرجال- زوجات من جنسكم لتألفوهن، وجعل بينكم وبينهن مودة وتراحماً. إن في ذلك لدلائل لقوم يفكرون في صنع الله تعالى.

.تفسير الآيات (22- 27):

{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (26) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}
22- ومن الدلائل على كمال قدرته وحكمته خلق السموات والأرض على هذا النظام البديع، واختلاف ألسنتكم في اللغات واللهجات، وتباين ألوانكم في السواد والبياض وغيرهما. إن في ذلك لدلائل ينتفع بها أهل العلم والفهم.
23- ومن آياته الدالة على كمال قدرته أن هيأ لكم أسباب الراحة بمنامكم، ويسَّر لكم طلب الرزق ليلا ونهارا من فضله الواسع. إن في ذلك لدلائل لقوم ينتفعون بما يسمعون.
24- ومن آياته أنه يريكم البرق من خلال السحب لتشعروا بالخوف من الصواعق، وتطمعوا في المطر أن ينزل من السماء لتحيا به الأرض بعد أن يبست. إن في ذلك لدلالات لقوم يتدبَّرون الأمور فيفهمونها على وجهها.
25- ومن الدلائل على كمال قدرته وحكمته وسعة رحمته أن تقوم السماء والأرض بأمر الله على ما ترون من إحكام صنع ودقة تدبير، ثم إذا دعاكم للبعث تخرجون من القبور مسرعين مستجيبين لدعائه.
26- ولله- سبحانه وتعالى- كل من في السموات والأرض خلْقاً وملكاً وخضوعاً، كلهم لله منقادون.
27- والله- سبحانه- الذي يبدأ الخلق على غير مثال، ثم يعيده بعد الموت، وإعادته أهون عليه من ابتدائه بالنظر إلى مقاييسكم واعتقادكم أن إعادة الشئ أسهل من ابتدائه. ولله الوصف السابق العجيب الشأن في القدرة الكاملة والحكمة التامة في السموات والأرض، وهو الغالب في ملكه الحكيم في فعله وتقديره.

.تفسير الآيات (28- 32):

{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)}
28- بيَّن الله لكم مثلا مُنْتزعاً من أنفسكم وقد ضربه الله- عز وجل- لمن جعل له شريكاً من خلقه: هل لكم من عبيدكم شركاء فيما ملّكناكم من الأموال وغيرها؟ فأنتم وهم مستوون فيها، تخافون هؤلاء العبيد فلا تتصرفون في شيء مما تملكون دون إذنهم كما يخاف الأحرار بعضهم بعضاً، فإذا كنتم لا تعقلون هذا ولا تفعلونه، فكيف تجعلون بعض مملوكات الله شركاء له؟ مثل هذا التفصيل نبين الآيات لقوم يتدبرون في ضرب الأمثال.
29- بل اتبع الذين كفروا أهواءهم دون علم بعاقبة كفرهم، فلا أحد يهدى من أضل الله، وليس لهم من يشفع أو يدفع عنهم عذابه.
30- فسدد وجهك واتجه إلى الدين بعيداً عن ضلالتهم، والزم خلقة الله التي خلق الناس عليها، وهى أنهم قابلون للتوحيد غير منكرين له، وما ينبغى أن تغير هذه الخلقة. ذلك الخلق على التوحيد هو الدين المستقيم، ولكن المشركين لا يعلمون حقيقة ذلك.
31- كونوا راجعين إليه، وافعلوا ما أمركم به، واتركوا ما نهاكم عنه، وحافظوا على الصلاة، ولا تكونوا من الذين عبدوا مع الله غيره.
32- من الذين فرَّقوا دينهم فاختلفوا فيه، وصاروا فرقاً كل فرقة تشايع من تتبعه، كل فريق منهم بما عندهم مسرورون، يظنون أنهم على الحق.