فصل: 70- انتقال:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



د- الطعن في العلماء: وذلك برميهم بالخيانة والنفاق والمداهنة للسلطان، وأنهم لا يفقهون الواقع، ولا يقومون بدورهم نحو الإسلام والمسلمين.
هـ- ظهور المفتين الجهَّال: وهذا نتيجة الحط من منزلة العلماء، وقد ضل هؤلاء الجهال وأضلوا.
و- سوء الظن: أي سوء الظن بالآخرين وافتراض المقاصد السيئة من أقوالهم وأفعالهم.
ز- التهويل: فقد يختلف البعض مع غيرهم في مسألة يسوغ فيها الخلاف، فيقوم البعض بتهويل هذا الخلاف، ويجد ذلك مبرراً للحط من شأن الآخرين.
ح- التعصب للرجال: فتجد البعض يتعصب لزيد من العلماء أو الدعاة، ويفترض أنه الوحيد صاحب الأهلية، ويناصب غيره العداء ويحط من شأنه.
6- الوقاية من الانحراف الفكري:
لا يوجد علاج أنفع للانحراف الفكري من الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومجالسة الثقاة من العلماء والدعاة والاستفادة منهم؛ وهذا لا يمنع من العلاج الطبي والنفسي للمنحرف عند اللزوم، ومعاقبة من يؤدي به انحرافه إلى ارتكاب جريمة موجبة للعقاب.
7- قرار المجمع الفقهي الإسلامي بشأن معالجة الفكر المنحرف:
صدر عن الدورة السابعة عشرة للمجمع الفقهي الإسلامي التي عقدت في رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في الفترة من 19 إلى 23 شوال 1424هـ، عدد من القرارات ومنها القرار المتعلق بوسائل معالجة الفكر المنحرف ونصه:
تدارس المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي، ما ورد في الخطاب القيم الموجه من خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود إلى العلماء المجتمعين في دورة المجمع، حيث أشار إلى أخطار الانحراف الفكري، التي حدثت بسبب الجهل بأحكام الإسلام لدى بعض شباب الأمة، وبعد البحث والمناقشة في ذلك توصل المجمع إلى: أن الانحراف ووقوع حوادث إرهابية من بعض المسلمين راجع في معظمه إلى:
أ- الجهل بأحكام الشريعة الإسلامية، واستغلال ذلك في تجنيد عدد من شباب الأمة، ضمن عصابات البغي والإجرام والإفساد في الأرض، انطلاقاً من مفاهيم استحلت تكفير المسلمين واستباحت دماءهم.
ب- ضعف العلاقة بين العلماء الثقات وبعض الشباب، الذين لم يجدوا الرعاية والعناية التربوية الكافية، فانساقوا مع الغلاة من الناس واتخذوا من الفكر المنحرف منهاجاً.
ج- تعدد مظاهر الانحراف عن دين الله، وخاصة في بعض وسائل الإعلام، مما أحدث في نفوس البعض ردة فعل، جعلتهم يغالون في التفكير، ويجنحون عن الإسلام وعمَّا تضمنه من الحث على الود والمحبة والتواصل والتعاون والتسامح والرأفة والرحمة بين المسلمين.
وقد لحظ المجمع أن سلوك هذه الفئة من الناس، وما قامت به من أعمال وجرائم إرهابية أسهم في تشويه صورة الإسلام في المجتمعات الأخرى، وقد زادت في انتشار الصورة المغلوطة عن الإسلام جهود حثيثة بذلتها مؤسسات معادية للنيل من الإسلام وأهله، مستفيدة من ضعف جهود المسلمين في نشر الإسلام والدفاع عنه.
ورغبة من المجمع في معالجة هذا التحدي، واستجابة من أعضائه لدعوة معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، للبحث عن وسائل عملية لمواجهته، فإن المجمع يقرر:
أولاً: حث رابطة العالم الإسلامي على الإسراع في تكوين ملتقى العلماء الذي أيده خادم الحرمين الشريفين في خطابه للمجمع، وحسب قرار المؤتمر الإسلامي العام الرابع الذي عقدته الرابطة، وإعداد برنامج مناسب لأعماله وأهدافه في معالجة القضايا والنوازل التي تحل بالمسلمين.
ثانياً: حث الرابطة على الإسراع في تأسيس الهيئة العالمية للتنسيق بين المنظمات الإسلامية الكبرى، ووضع النظم الخاصة بها وفق ما قرره المؤتمر الإسلامي كذلك.
ثالثاً: إقامة لقاء عاجل تنظمه رابطة العالم الإسلامي، تشارك فيه مجامع الفقه الإسلامي ومجامع البحوث الإسلامية والمتخصصون في الشريعة، لتدارس ما جد من قضايا في حياة المسلمين، يتم خلاله:
1- الاتفاق على ميثاق بشأن الإفتاء ومعالجة الفتاوى الفردية في قضايا الأمة.
2- تحديد المصطلحات والتعريفات الشرعية ودلالاتها لإزالة اللبس الحاصل بشأنها لدى بعض الناس، في مثل: جماعة المسلمين، الطائفة المنصورة، دار الإسلام، دار الحرب، الولاء والبراء، الجهاد، الحوار، حقوق ولي الأمر وواجباته. وطباعة ذلك في كتاب وتعميمه بين المسلمين.
3- تكوين لجنة تحضيرية لهذا اللقاء في الرابطة بالتشاور مع المجامع والهيئات المختصة في ذلك.
رابعاً: عقد مجموعة من الندوات المتخصصة في التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في المناطق التي تزداد الحاجة إليها في العالم الإسلامي وأماكن الأقليات المسلمة، مما يسهم في معالجة التحديات الداخلية والخارجية.
خامساً: دعوة الحكومات الإسلامية إلى الاهتمام بتطبيق أحكام الإسلام في حياة شعوبهم.
سادساً: حث وسائل الإعلام الإسلامية على التقيد بالسمت الإسلامي فيما تعرضه أو تنشره والبعد عن عرض ما يخدش حياء المسلم، ويثير الفتن بين المسلمين، أو يكون سبباً في الغلو ورد الفعل لدى الشباب، ومطالبتها بالإسهام في معالجة التحديات التي تواجه الأمة.
سابعاً: دعوة علماء الأمة لتقوية الصلة مع الشباب والناشئة من أبناء المسلمين، وتفقيههم بما يلزمهم من أمور الدين، دونما إفراط أو تفريط.
ثامناً: دعوة وزارات التعليم في مختلف البلدان الإسلامية لتضمين مناهج التعليم ما يربط الطلبة بأحكام الإسلام الصحيحة، التي تنبذ الفكر المنحرف والتطرف والغلو في الدين.
تاسعاً: دعوة مجامع الفقه والكليات الشرعية للتعاون في تيسير ما يحتاج إليه أبناء المسلمين من الفقه الإسلامي بغية تحصينهم من الشذوذ الفكري والانحراف السلوكي والثقافي.
عاشراً: مطالبة علماء الأمة بإعداد البحوث والدراسات التي تعالج الفكر المنحرف والغلو في الدين، ودعوة الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي للإسهام في تكليف عدد من الباحثين المتخصصين لإنجاز البحوث المطلوبة.
حادي عشر: دعوة المثقفين المسلمين إلى المشاركة في البرامج الإعلامية التي تسهم في معالجة مشكلات الشباب في الثقافة والفكر وغير ذلك، ولاسيما برامج الحوار التي تهدف إلى إبعاد فكر الغلو والانحراف عن المجتمع.
8- التحقيق في جرائم الانحراف الفكري:
أ- الاستجواب والمواجهة:
الاستجواب كما هو معلوم: هو مناقشة المتهم مفصلا ومواجهته بالأدلة أو بغيره من المساهمين أو الشهود وذلك لإثبات التهمة أو نفيها.
والتحقيق في جرائم الانحراف الفكري كغيره من الجرائم التي يقوم المحقق فيها باستجواب المتهم ومواجهته بالتهمة المنسوبة إليه، لكن الأمر الذي يجب التنبه إليه هنا هو أن الشخص المنحرف فكرياً يعتقد أن ما أقدم عليه هو الصواب، لذلك يحاول أن يبرر ويدافع عن موقفه، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن معظم المنحرفين فكرياً يكون لديهم قوة جدلية، وذلك لأن مبنى الانحراف الفكري يكون على الشُّبَه التي يعتقد المنحرف أنها هي الموافقة للصواب، ولهذا يجب على المحقق أخذ الحيطة والحذر عند مناقشة المنحرفين فكرياً وعدم الاسترسال معهم في الأسئلة، بل يجب حصرها في موضوع التهمة بقدر الإمكان. وعلى الرغم من ذلك فإن اعتراف المنحرف فكريا بالتهمة المسندة إليه يكون في الغالب أمراً سهلاً، لأن هذا المنحرف يعتقد سلامة التصرف الذي قام به المبني في الأصل على شبهه عنده يعتقد صوابها، فيبادر بالإقرار بما بدر منه.
ب- توجيه الاتهام وتحريك الدعوى في جرائم الانحراف:
توجيه الاتهام للمنحرف ليس لمجرد انحرفه، لأنه كما أسلفنا قد يوجد الانحراف المجرد ولا توجد الجريمة، لكن يجب أن يكون الاتهام الموجه بالنتيجة المترتبة على الانحراف التي خولت لرجال الضبط إلقاء القبض عليه وإحالته إلى جهة التحقيق. وإذا توفرت الأدلة الكافية لدى المحقق على ارتكاب المنحرف فكرياً للتهمة المنسوبة إليه جاز توجيه الاتهام له وفقاً لما ورد في نظام الإجراءات الجزائية وإحالته مع المدعي العام إلى المحكمة المختصة.
9- الاختصاص القضائي في جرائم الانحراف الفكري:
يخضع تحديد المحكمة المختصة في جرائم الانحراف الفكري إلى نوع الجريمة المنسوبة للمنحرف، فإذا كانت الجريمة موجبة للقتل حداً أو تعزيراً أحيلت إلى المحكمة العامة، وما عدا ذلك من العقوبات التعزيرية تختص بها المحكمة الجزئية.
10- العقوبة المترتبة على جرائم الانحراف الفكري:
العقوبة مرتبطة بنوع الجريمة، فإذا كانت الجريمة الناتجة عن الانحراف الفكري موجبة للحد، كما لو أنكر المنحرف أحد أركان الإسلام فإن ذلك ردة عن الإسلام موجبة للحد، أما إذا كانت الجريمة المرتكبة لا توجب الحد فإن العقوبة المترتبة تعزيرية يختص بتقديرها القاضي. ويستحسن أن يطالب المدعي العام في لائحته بالاستمرار في حبس المنحرف فكرياً حتى يثبت صلاحه.

.70- انتقال:

الانتقال في اللغة: التحول من موضع إلى آخر.
ولا يخرج معناه عند الفقهاء عن ذلك.
وفي المصطلح الجنائي الانتقال: هو ذهاب المختص- قاضي، محقق، رجل ضبط- إلى مكان وقوع الجريمة، حيث توجد آثارها وأدلتها. (وتنظر الأحكام المتعلقة بالانتقال في مصطلح: تحقيق).

.71- انتهاب:

الانتهاب أخذ الشيء بالغارة والسلب، قال ابن فارس: النون والهاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على توزُّع شيءٍ في اختلاسٍ لا عن مساواة. ومنه انتهابُ المالِ وغيرِه.
ويعرفه الفقهاء بأنه: أخذ الشيء قهرا، أي مغالبة. (وتنظر الأحكام المتعلقة بالانتهاب في مصطلح: سرقة).

.72- انتهاك:

1- التعريف:
الانتهاك في اللغة: من النهك، وهو التنقص، وانْتِهاكُ الحُرْمة: تناوُلُها بما لا يحل. وفي الاصطلاح: قطع الحرمة بما لا يحل.
2- حكم انتهاك الحرمات:
انتهاك المحرمات حرام، بل هو من أكبر الكبائر، قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: الكبيرة السادسة والخمسون بعد الثلاثمائة: إظهار زي الصالحين في الملأ وانتهاك المحارم ولو صغائر في الخلوة: أخرج ابن ماجة بسند رواته ثقات عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا، قال: ثوبان صفهم لنا يا رسول الله أو جلهم لنا لئلا نكون منهم ونحن لا نعلم قال: أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها».
3- بم يكون انتهاك المحارم:
الانتهاك يكون بالجرأة على محارم الله تعالى، أو على محارم الناس، وهو يتحقق من عالم بالتحريم مختار للفعل، غير مضطر ولا مكره.
قال الفتوحي رحمه الله: (الانتهاك إنما يتحقق مع العلم والقدرة والاختيار. والمختار للفعل: هو الذي إن شاء فعل، وإن شاء ترك).
ويتحقق انتهاك محارم الله تعالى بارتكاب المعاصي التي أمر الله سبحانه وتعالى بتحريمها، كالشرك بالله، وترك الصلاة، وشرب الخمر، وأكل الربا.
ويتحقق انتهاك محارم الناس بسفك دمائهم بغير حق، وأكل أموالهم، والتعدي على أعراضهم بشتى الصور ومن ذلك دخول بيوتهم بدون إذن لأي غرض كان.
4- عقوبة المنتهك للمحارم:
من ثبت أنه انتهك حرمة من حرمات الله، أو من محارم الناس، وجبت على العقوبة الحدية إن كان الانتهاك وقع على حد من حدود الله تعالى، أو التعزيرية إن كان الانتهاك لا يوجب حدا، ولا تسقط العقوبة العامة عن المنتهك حتى ولو أسقط الإنسان حقه، وفي ذلك يقول العز بن عبد السلام رحمه الله: (فائدة: ما من حق للعباد يسقط بإسقاطهم أو لا يسقط بإسقاطهم إلا وفيه حق لله، وهو حق الإجابة والطاعة، سواء كان الحق مما يباح بالإجابة أو لا يباح بها، وإذا سقط حق الآدمي بالعفو فهل يعزر من عليه الحق لانتهاك الحرمة؟ فيه اختلاف والمختار أنه لا يسقط إغلاقا لباب الجرأة على الله عز وجل).
ويُخرَّج على كلام العز بن عبد السلام رحمه الله؛ ما لو أن شخصا دخل بيت آخر بغير إذنه لقصد سيئ فقبض على الداخل، وبعد التحقيق معه واعترافه، قال صاحب البيت: عفوت عنه، فإن العقوبة لا تسقط عن الداخل، بل يعاقب تعزيرا للحق العام بما يراه القاضي، والمستند في ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [سورة النور]، ففيه نهي عن دخول البيوت بغير إذن أصحابها، وذلك صيانة لأعراض الناس، ومحافظة على أسرارهم أن تنتهك، فهذا الذي تجرأ ودخل لا يسقط عنه العقاب حتى وإن أسقط صاحب المنزل حقه بالمطالبة.