فصل: 96- تجسس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



.96- تجسس:

1- التعريف:
التَّجَسُّسُ لغة: تتبع الأخبار وتجسسها، يقال: جَسَّ الخَبَرَ وتَجَسَّسه: بحث عنه وفَحَصَ. ومنه الجاسوس، لأنه يتتبع الأخبار ويفحص عن بواطن الأمور، ثم استعير لنظر العين. قال ابن الأثير: (التَّجَسُّسُ بالجيم: التَّفْتيش عن بواطن الأمور وأكثر ما يُقال في الشَّرّ. والجَاسُوس: صاحب سرّ الشَّرّ. والنَّامُوسُ: صاحب سر الخير. وقيل التَّجَسُّس بالجيم أن يَطْلُبَه لغيره، وبالحاء أن يَطْلُبَه لنَفْسِه. وقيل بالجيم: البَحثُ عن العَوْرَات، وبالحاء: الاسْتِماع، وقيل معناهما واحدٌ في تَطَلُّب معرفة الأخبار).
وفي الاصطلاح: لا يخرج معناه عن المعنى اللغوي.
2- تحريم التجسس على عورات الناس:
التجسس محرم بالكتاب والسنة، قال تعالى: {وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} [الحجرات 12]؛ وروى مسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا».
وروى أبو داود عن معاوية رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم».
3- التجسس على مرتكبي الجرائم والمخالفات والإبلاغ عنهم:
متابعة المجاهرين بالمعاصي ومرتكبي الجرائم وتقديمهم للعدالة لا شك في وجوبها، لكن إذا كان مرتكب الجريمة أو المعصية مستترا في داره ولم يجاهر بفعله فقد بين العلماء حكمه ومن ذلك ما قاله محمد القرشي بقوله: (فأما ما لم يظهر من المحظورات فليس للمحتسب أن يبحث عنها، ولا أن يهتك الأستار حذرا من الاستتار بها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه». ومن شرط المنكر الذي ينكره المحتسب أن يكون ظاهرا فكل من ستر معصية في داره, وأغلق بابه لا يجوز له أن يتجسس عليه إلا أن يكون ذلك في انتهاك حرمة يفوت استدراكها مثل من يخبره من يثق بصدقه أن رجلا خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها فيجوز له مثل هذه الحال أن يتجسس، ويقدم على الكشف، والبحث حذرا من فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم, وارتكاب المحظورات.
الثاني: ما خرج عن هذا الحد، وقصر عن هذه الرتبة لا يجوز التجسس عليه, ولا كشف الأستار عنه, حكي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل على قوم يتعاقرون على شراب, ويوقدون في الأخصاص فقال: نهيتكم عن المعاقرة فعاقرتم, ونهيتكم عن الإيقاد في الأخصاص فأوقدتم فقالوا: نهاك الله عن التجسس فتجسست,وعن الدخول بغير إذن فدخلت؛ فقال هاتين بهاتين، وانصرف, ولم يتعرض لهم, فإن سمع المحتسب أصوات ملاه منكرة من دار تظاهر أهلها بأصواتها أنكرها خارج الدار, ولم يهجم عليها بالدخول؛ لأن المنكر ظاهر, وليس له أن يكشف عما سواه).
4- عقوبة التجسس:
الجاسوس إن كان حربياً فهو مباح الدم يقتل على أي حال بإجماع الفقهاء.
أما إن كان ذمياً أو مستأمناً أو مسلماً، فقد اختلف الفقهاء في قتله؛ وأختار بعض فقهاء المالكية والحنابلة أنه يقتل. وفي الصحيحين عن سلمة بن الأكوع قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر، فجلس عند بعض أصحابه يتحدث، ثم انفتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اطلبوه واقتلوه» فسبقتهم إليه فقتلته، فنفلني سلبه. ومعلوم أن الجاسوس يقتل تعزيراً، فالأمر في قتله متروك للإمام فمتى ما رآى أن المصلحة في قتله فعل.

.97- تحري:

1- التعريف:
التَّحَرِّي في اللغة كما قال قال ابن منظور: مشتق من أَحْرِ به، وهو طَلَبُ ما هو أَحْرَى بالاستعمال في غالب الظن، كما اشتق التَّقَمُّن من القَمِين. وفلان يَتَحَرَّى الأمرَ أَي يَتَوخّاه ويَقْصِده. والتَّحَرِّي: قَصْدُ الأوْلى والأحَقِّ، مَأْخوذ من الحَرَى وهو الخَلِيقُ، والتَّوَخِّي مثله.
وفي الاصطلاح: بذل المجهود في طلب المقصود، أو طلب الشيء بغالب الظن عند عدم الوقوف على حقيقته.
2- حكم العمل بالتحري:
التحري مشروع والعمل به جائز، والدليل على ذلك الكتاب والسنة والمعقول؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة 10]. وذلك يكون بالتحري وغالب الرأي، وأطلق عليه العلم. وأما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين اختصما في المواريث: «اذهبا وتوخيا واستهما وليحلل كل واحد منكما صاحبه»؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا شك أحدكم في الصلاة فليتحر الصواب».
وأما ما يدل عليه من المعقول: فهو أن الاجتهاد في الأحكام الشرعية جائز للعمل به، وذلك عمل بغالب الرأي، ثم جعل مدركا من مدارك أحكام الشرع، وإن كانت الأحكام لا تثبت به ابتداء، فكذلك التحري مدرك من مدارك التوصل إلى أداء العبادات وإن كانت العبادة لا تثبت به ابتداء.
3- البحث والتحري عن المجرمين:
البحث والتحري عن المجرمين وملاحقتهم والقبض عليهم جائز، على التفصيل الذي سبق بيانه في مادة (تجسس فيرجع إليه).

.98- تحريش:

1- التعريف:
قال ابن منظور: الحَرْش والتَّحْرِيشُ: إغراؤُكَ الإِنسانَ والأسد ليقع بقِرْنِه. وحَرَّش بينهم: أَفْسَد وأَغْرى بعضَهم بِبَعض. قال الجوهري: التحريش الإِغراء بين القوم وكذلك بين الكلاب.
ولا يخرج المعنى الاصطلاحي للتحريش عن المعنى اللغوي.
2- حكم التحريش:
التحريش بين الناس، أو التحرش بأحد منهم بقصد الإفساد حرام، لأنه وسيلة لإفساد ذات البين، والله لا يحب الفساد؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى؛ قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة».
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم»: أي الإغراء وتغيير القلوب والتقاطع.
قال ابن مفلح رحمه الله: (ويكره التحريش بين الناس وكل حيوان بهيم ككباش وديكة وغيرهما ذكره في الرعاية الكبرى، وذكر في المستوعب أنه لا يجوز التحريش بين البهائم، فهذان وجهان في التحريش بين البهائم، وكلام الإمام أحمد يحتملهما قال ابن منصور لأبي عبد الله يكره التحريش بين البهائم قال سبحان الله إي لعمري، والأولى القطع بتحريم التحريش بين الناس. وعن جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم» رواه أبو داود، والترمذي، من رواية أبي يحيى القتات وهو مختلف فيه وباقيه ثقات).
3- عقوبة التحرش:
من تحرش بإنسان، رجلاً كان أو امرأة، صغيراً كان أو كبيراً، وكان القصد من التحرش سيئاً، يحال المُتَحرِشُ إلى المحكمة الشرعية لتقرير ما يجب بحقه من عقوبة تعزيرية حسب ما يراه القاضي.

.99- تحريض:

1- التعريف:
التَّحْرِيضُ في اللغة: الحث على الشيء، جاء في لسان العرب: التَّحْرِيض: التَّحْضِيض. قال الجوهري: التَّحْرِيضُ على القتال الحَثُّ والإِحْماءُ عليه. قال اللَّه تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال 65]. قال الزجَّاج: تَأْويله حُثَّهم على القتال، قال: وتَأْويل التَّحْرِيض في اللغة أَن تَحُثُّ الإِنسان حَثَّاً يعلم معه أَنه حارِضٌ إنْ تَخَلَّف عنه، قال: والحارِضُ الذي قد قارب الهلاك.
وفي الاصطلاح: التحريض: هو ندب المرء إلى الفعل.
2- حكم التحريض:
يختلف حكم التحريض باختلاف موضوعه: فالتحريض على القتال في الجهاد مأمور به، وكذلك التحريض على البر والإحسان، كإطعام المساكين والأيتام، والتحريض على طلب العلم، وعلى المسابقات النافعة.
أما التحريض على الفساد، وأنواع المنكرات، كالقتل والسرقة، وإيذاء الناس، فهذا حرام، لأنه من باب الإفساد في الأرض.
3- عقوبة التحريض:
التحريض على الفساد، وارتكاب الجرائم، والإساءة إلى الناس، يعد جريمة يعاقب عليها في نظر الشرع بعقوبة تعزيرية يقدرها القاضي.

.100- تحريف:

التحريف لغة: مصدر حرف الشيء: إذا جعله على جانب، أو أخذ من جانبه شيئا، وتحريف الكلام عن مواضعه تغييره والعدول به عن جهته، ومنه قوله تعالى في اليهود: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء 46] أي يغيرونه.
والتحريف في الاصطلاح: التغيير في الكلمة بتبديل في حركاتها، أو حروفها، مما يترتب عليه تغيير في المعنى. (للمزيد أنظر التفاصيل في مصطلح: تزوير).

.101- تحقير:

1- التعريف:
التَّحقِيرُ في اللغة: من حقر الشي أي قلل من شأنه، قال الجوهري: الحَقِيرُ: الصغير الذليل، تقول منه: حَقُرَ بالضم حَقَارَةً. وحَقَرَه، واحْتَقَرَه، واستحقره: استصغره. وتَحَاقَرَتْ إليه نفسُه: تصاغرت. والتحقِيرُ: التَصغِير. والمُحَقَّرَات: الصغائر.
وفي الاصطلاح هو: أن يستصغر شخص شخصا آخر أو ما يصدر عنه من معروف يسديه أو يهديه أو يعطيه.
2- حكم التحقير:
يحرم تحقير المسلم للمسلم استخفافا به وسخرية منه وامتهانا لكرامته، وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات 11].
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى هاهنا؛ ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم؛ كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه».
3- من أضرار التحقير:
1- دليل الكبر والعجب بالنفس.
2- يؤذي الآخرين فيتسلطون عليه.
3- يفسد المودة ويقطع أواصر القربى.
4- أثر من آثار الجهل بالنفس والغرور بها.
5- يحبط كثير من حسنات الإنسان.
6- هو نوع من أنواع الكبر يبغض الله صاحبه.
7- عاقبته عاقبة سؤ في الدنيا والآخرة.
8- يجعل صاحبه منعزلا مكروها بين الناس.
4- عقوبة التحقير والسخرية:
عقوبة التحقير، والاستهزاء، والسخرية بالمسلم، ونحو ذلك، عقوبة تعزيرية، فإذا قام شخصٌ، بتحقير شخصٍ آخر بما يعيبه ويهينه فإنه يستحق العقاب الذي يتناسب مع ما بدر منه وتقدير العقوبة المستحقة للقاضي.