فصل: 107- تزوير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



.107- تزوير:

1- التعريف:
التزوير في اللغة: مصدر زوَّر, وهو من الزور, والزور: الميل والكذب؛ قال ابن فارس: الزاء والواو والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على المَيْل والعدول. ومن ذلك الزُّور: الكذب، لأنه مائلٌ عن طريقَةِ الحقّ. ويقال زوَّرَ فلانٌ الشَّيء تزويراً، حتَّى يقولون زوَّر الشيءَ في نفْسه: هيّأه، لأنه يَعدِل به عن طريقةٍ تكون أقربَ إلى قَبول السامع.
وفي الاصطلاح: تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته, حتى يخيل إلى من سمعه أو رآه أنه بخلاف ما هو عليه في الحقيقة؛ فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق.
وفي الأنظمة يعرف التزوير: بأنه تغيير الحقيقة في بيانات محرر ما، بإحدى الطرق المحددة نظاما، مع ترتب ضرر للغير، ومع توافر نية استعمال المحرر فيما يزور من أجله.
2- الأشياء التي يقع فيها التزوير:
يقع التزوير في المحررات الرسمية، والعرفية.
فالمحرر الرسمي: يقصد به وثيقة تصدر عن موظف عام مختص بإصدارها وتصديقها، وفقا للأنظمة واللوائح، كما يقصد به أية وثيقة يتدخل الموظف العام المختص في إضفاء صفة الرسمية عليها باعتمادها بعد أن كانت في الأصل عرفية لصدورها عن شخص عادي.
والمحرر العرفي: كل وثيقة تصدر عن شخص عادي- غير موظف- وتشتمل على بيانات مكتوبة أو مطبوعة، كسندات الديون، ونحوها.
3- أنواع التزوير:
التزوير له نوعان: مادي، ومعنوي.وبيانهما على النحو التالي:
* أولا: التزوير المادي:
وهو الذي يقع بوسيلة مادية يتخلف عنها أثر يدرك حسياً، سواء في مادة المحرر أو في شكله. وقد يقع وقت إنشاء المحرر أو بعده.
أنواع التزوير المادي:
أ- الاصطناع والتقليد:
ورد بيان ذلك في المادتين (الخامسة، والعاشرة) من نظام مكافحة التزوير.
والاصطناع هو: إنشاء محرر بأكمله عن طريق صنع كافة بياناته ابتداء.
والتقليد هو: إنشاء محرر بأكمله تقليدا للمحرر سابق.
أمثلة الاصطناع والتقليد في المحررات الرسمية: اصطناع أو تقليد قرار رسمي، أو حكم شرعي، أو شهادة دراسية، أو شهادة خبرة حكومية، أو شهادة ميلاد.
ومثاله في المحررات العرفية: اصطناع سند دين، أو مخالصة عن دين، أو شيك، أو تنازل عن حق، أو شهادة خبرة في القطاع الخاص.
ب- وضع إمضاءات أو أختام أو بصمات مزورة:
نصت على ذلك المادتان (الخامسة والعاشرة) من نظام مكافحة التزوير.
وتكون هذه الأشياء مزورة إذا نسبت إلى شخص آخر بغير علمه أو رضاه، ولا يشترط فيها المطابقة والإتقان.
وأمثلة ذلك: لو قام شخص بكتابة شكوى ووقعها توقيعا مزورا، وكانت نتائجها صحيحة، ويأخذ الختم المزور، أو البصمة المزورة حكم التوقيع المزور.
ج- إتلاف المحررات:
بينته المادة الخامسة من نظام مكافحة التزوير. ويقصد به إتلاف جزء معين من بيانات المحرر، أو إتلافه كليا؛ ويستوي في ذلك المحرر الرسمي والعرفي.
قال الدكتور/ عبد الفتاح خضر: (أما الإتلاف الكلي للمحرر، فهو ما يثير نوعا من الغرابة، إذ لا يعتبر تزويرا بالمعنى الفني الدقيق، ولا يحمل معنى تغيير الحقيقة الذي يمثل جوهر التزوير، ولذا تتجه بعض التشريعات إلى تجريم فعل الإتلاف الكلي للمحررات استقلالا، وبعيدا عن أحكام التزوير، ولكن نظرا لاشتمال نص المادة الخامسة من نظام مكافحة التزوير بالمملكة على الإتلاف كطريقة من طرق التزوير المادي، فلا مفر من اعتبار الإتلاف الكلي تزويرا، حيث لا مسوغ للاجتهاد في مورد النص).
د- التغيير أو التحريف في المحررات:
نصت على ذلك المادتان الخامسة والعاشرة من نظام مكافحة التزوير.
مثال ذلك: تزوير الموظف في السندات الرسمية المسلمة له كعهدة، أو قيام الشخص الموظف أو العادي بالتزوير في مبلغ الشيك.
هـ- تغيير الأسماء المدونة في المحررات:
نصت على ذلك المادة الخامسة من النظام، ويقصد بتغيير الأسماء في المحررات الرسمية أو العرفية، محو أو طمس الأسماء المدونة في المحررات، ووضع أسماء أخرى بدلا منها، ومن ذلك انتحال شخصية الغير بموجب محرر رسمي.
* ثانيا: التزوير المعنوي:
وهو الذي يقع بتغيير الحقيقة دون أن يترك ذلك أثرا يدرك بالحس، وهو لا يقع إلا وقت إنشاء المحرر، لذلك يصعب إثباته.
أنواع التزوير المعنوي:
أ- إساءة استغلال التوقيع على بياض:
فهذا النوع يعد تزويراً، مع أن المحرر يحمل توقيعا صحيحا، لكن المزور يستغل هذا التوقيع ويضع فوقه في متن المحرر بيانات لم تصدر عن صاحب التوقيع.
أمثلة ذلك: الحصول على توقيع الشخص على شيك توقيعا صحيحا، فيستغله المزور ويدون مبلغا لا يعلم به صاحب التوقيع.
ومثال آخر: لو حصل المدين على توقيع الدائن على ورق أبيض فاستغله وكتب سندا بالمخالصة من الدين.
ب- جعل وقائع وأقوال كاذبة في صورة صحيحة أو معترف بها:
تقع هذه الطريقة في محرر رسمي أو عرفي، وتتخذ صورة إثبات وقائع كاذبة على أنها وقائع صحيحة، أو الإدلاء بأقوال كاذبة على أنها أيضا صحيحة أو معترف بها.
ومن الأمثلة على ذلك: إثبات موظف بيانات مغيرة للحقيقة، على انتقاله إلى أرض ومعاينتها، وأنه وجدها قد تم إحياؤها وزراعتها، وهو في الحقيقة لم ينتقل إليها ولم يعاينها.
ومثال آخر: إثبات محصل شركة تجارية في دفاتر القسائم الداخلية مبالغ أقل من تلك التي تسلمها بالفعل من العملاء.
* ج- تغيير أقوال وإقرارات أولي الشأن:
وتتمثل هذه الطريقة في نوع من خيانة الثقة والأمانة، عندما يثبت القائم بتدوين أقوال أو إقرار ذي الشأن كلاما مخالفا لما أدلى به بسوء نية، ويقع ذلك على محرر عرفي أو رسمي.
ومن أمثلة ذلك: تدوين سند دين بدلا من رسالة مملاة على الجاني، استغلالا لجهل المجني عليه بالقراءة والكتابة.
ومثال آخر: إثبات الموظف الرسمي المختص بيانات أو إقرارات أو أقوال غير التي أدلى بها الطرفان في عقد من العقود.
4- التزوير الظاهر:
هذا النوع من أنواع التزوير يطلق عليه البعض التزوير المكشوف، ويطلق عليه أيضا التزوير المفضوح، ويقصد به: تغيير الحقيقة في محرر ما، بصورة تفقد المحرر قوته في الإثبات، بحيث يصبح غير صالح لترتب أي أثر قانوني، وهذا التغيير الواضح المكشوف يشترط فيه أن يكون على نحو لا يتصور معه أن ينخدع به بعض الناس، فهو تغيير يفقد المحرر مظهره القانوني.
5- الطرق التي يحصل بها التزوير:
بيَّن الفقيه ابن فرحون رحمه الله، بعض الطرق التي يحصل بها التزوير فقال:
(.. وكذلك ينبغي له أن يتحفظ من التزوير عليه في الخط, فقد هلك بذلك خلق عظيم, وكذلك ينبغي له أن يتأمل الأسماء التي تنقلب بإصلاح يسير فيتحفظ من تغييرها نحو مظفر فإنه ينقلب مظهر, ونحو بكر فإنه ينقلب بكير, ونحو صقر فإنه يجيء ظفر, فيكون في أصل الكتاب صقر بن ظفر مثلا فيصلح ظفر بن مظهر، ونحو حبيب فإنه يجيء منه محمد, ونحو عائشة فإنه يصلح عاتكة, ويجيء منها أيضا فاطمة, ويجيء من زادان شادان, ويجيء من ياقوت يعقوب، ويجيء من جميل كميل، ويجيء منه أيضا خليل, ويجيء من يسار يشار، ويجيء منه أيضا بكار, ويجيء منه أيضا نصار, ويجيء من عبد المجيد عبد الحميد. وهذا باب واسع يكفي التنبيه عليه بهذا.
وقد يكون آخر السطر بياضا فيمكن أن يزاد فيه شيء كما لو كان آخره بكر فيزاد بكران, أو يكون عمر فيجعل عمران. وكذلك ينبغي له أن يحذر من أن يتم عليه زيادة حرف في الكتاب فقد تغير الألف المعنى إذا زيدت.
مثاله: أن يقر رجل بألف درهم لرجل فيكتب في الوثيقة أقر أن له عنده ألف درهم، فإن لم يذكر نصف المبلغ أمكن بعد زيادة ألف فصارت ألفا درهم, وكذلك لو كان في الوثيقة أنه أقر بألف درهم لزيد وعمرو فإذا زيدت ألف بين زيد وعمرو صارت لزيد أو عمرو, فبطل الدين من أصله؛ لأن الألف لم يجزم بها لواحد منهما وقد يكون في الكتاب دينار واحد فيجعل دينارا ونصفا؛ لأن الواحد يصلح ونصف، وكذلك ينبغي للشاهد أن يتفقد حواشي الكتاب، فقد يبقى منها ما يمكن أن يزاد فيه ما يغير حكم الكتاب كله أو بعضه).
6- إثبات جريمة التزوير:
يثبت التزوير بإقرار المزور على نفسه، أو ظهور الكذب يقينا، وقد استحدثت نظم وآلات يمكن بواسطتها اكتشاف التزوير في المستندات. فإن طعن على سند ما بالتزوير أمكن التحقيق في ذلك. وهذا ما يجري عليه العمل الآن. وليس في قواعد الشريعة ما يمنع من تطبيق النظم الحديثة إذا كانت لا تخالف نصا شرعيا، ولا تجافي ما وضعه الفقهاء من قواعد وضوابط رأوها مناسبة في أزمنتهم.
ويوجد حاليا لدى البنوك مكائن لعد النقود لا تقبل النقود الورقية المزورة.
7- دعوى التزوير في الأدلة:
بينت المواد (175 إلى 179) من نظام الإجراءات الجزائية دعوى التزوير الفرعية- التزوير في الأدلة- على النحو التالي:
1- للمدعي العام ولسائر الخصوم في أي حالة كانت عليها الدعوى أن يطعنوا بالتزوير في أي دليل من أدلة القضية. (م/175).
2- يقدم الطعن إلى المحكمة المنظورة أمامها الدعوى ويجب أن يعين فيه الدليل المطعون فيه بالتزوير والمستند على هذا التزوير. (م/176).
3- إذا رأت المحكمة المنظورة أمامها الدعوى وجهاً للسير في تحقق التزوير فعليها إحالة هذه الأوراق إلى الجهة المختصة وعليها أن توقف الدعوى إلى أن يفصل في دعوى التزوير من الجهة المختصة إذا كان الفصل في الدعوى المنظورة أمامها يتوقف على الورقة المطعون فيها. (م/177).
4- في حالة الحكم بانتفاء التزوير تقضي المحكمة بتعزير مدعي التزوير متى رأت مقتضى لذلك. (م/178).
5- في حالة الحكم بتزوير ورقة رسمية كلها أو بعضها تأمر المحكمة التي حكمت بالتزوير بإلغائها، أو تصحيحها بحسب الأحوال، ويحرر بذلك محضر يؤشر على الورقة بمقتضاه. (م/179).
8- عقوبة التزوير:
الأصل في عقوبة التزوير: التعزير بما يراه الحاكم، كأي جريمة ليس لها عقوبة مقدرة شرعاً، فإذا ثبت أنه تعمد التزوير، فيعزر بما يراه الحاكم من تشهير أو ضرب أو حبس، أو إلى غير ذلك؛ فقد روي: أن معن بن زياد عمل خاتما على نقش خاتم بيت المال فأخذ مالا، فضربه عمر رضي الله عنه مائة جلدة، وحبسه، ثم ضربه مائة أخرى، ثم ثالثة، ثم نفاه.
والذي عليه العمل في المملكة هو إسناد النظر في جرائم التزوير إلى ديوان المظالم، حيث تطبق العقوبة بحق مرتكب جريمة التزوير طبقا لما ورد في نظام مكافحة التزوير.
9- العقوبات الواردة في نظام مكافحة التزوير:
صدر نظام مكافحة التزوير في المملكة العربية السعودية، بالمرسوم الملكي رقم 4/1 وتاريخ /1380هـ ونص على بعض العقوبات على النحو التالي:
1- من قلد بقصد التزوير الأختام والتواقيع الملكية الكريمة،أو أختام المملكة العربية السعودية أو توقيع أو خاتم رئيس مجلس الوزراء،وكذلك من استعمل أو سهل استعمال تلك الأختام والتواقيع مع علمه بأنها مزورة عوقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة مالية من خمسة آلاف إلى خمسة عشر الف ريال. (م/1).
2- من زور أو قلد خاتما أو ميسما أو علامة عائدة لإحدى الدوائر العامة في المملكة العربية السعودية أو للممثليات السعودية في البلاد الأجنبية،أو خاصة بدولة أجنبية أو بدوائرها العامة أو استعمل أو سهل استعمال التواقيع أو العلامات أو الأختام المذكورة،عوقب بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات وبغرامة من ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف ريال. (م/2).
3- إذا كان مرتكب الأفعال الواردة في المادتين الأولى والثانية من هذا النظام أو المشترك فيها موظفا عاما أو ممن يتقاضون مرتبا من خزينة الدولة العامة يحكم عليه بأقصى العقوبة. وإذا اتلف الفاعل الأصلي أو الشريك الأشياء المزورة المذكورة في المادتين السابقتين قبل استعمالها أو أخبر عنها قبل إجراء التتبعات النظامية يعفى من العقاب والغرامة. (م/3).