فصل: الأحكام الشّرعيّة المنوطة بالذّراع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


مَقَادِير

التّعريف

1 - المقادير جمع مقدارٍ‏,‏ ومقدار الشّيء في اللغة‏:‏ مثله في العدد أو الكيل أو الوزن أو المساحة‏.‏

والمقادير في الاصطلاح‏:‏ ما يعرف به الشّيء من معدودٍ أو مكيلٍ أو موزونٍ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

الجزاف‏:‏

2 - الجزاف في اللغة‏:‏ الشّيء لا يعلم كيله ولا وزنه‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ الأخذ بكثرة من غير تقديرٍ‏.‏

والجزاف في البيع‏:‏ هو بيع ما يكال أو يوزن أو يعد جملةً بلا كيلٍ ولا وزنٍ ولا عدٍّ‏.‏ فالجزاف نقيض المقدار‏.‏

أجناس المقادير

3 - المقادير أجناس أربعة هي‏:‏ الكيل والوزن والذّرع والعدد‏,‏ وهي كلها وسائل لتقدير الأشياء والأموال أو معايرتها بها‏,‏ فالكيل لتقدير الحجم‏,‏ والوزن لتقدير الثّقل‏,‏ والذّرع لتقدير الطول‏,‏ والمساحة والعدد لتقدير الآحاد أو الأفراد‏.‏

وبيان هذه الأجناس فيما يلي‏:‏

أوّلاً‏:‏ المكاييل

4 - الوحدة الأساسيّة الأشهر في عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم للمكاييل هي المد والصّاع‏,‏ وكلّ ما سوى ذلك من المكاييل المعتمد عليها إنّما هو جزء منها أو ضعف لها‏,‏ قال أبو عبيدٍ‏:‏ وجدنا الآثار قد نقلت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتّابعين بعدهم بثمانية أصنافٍ من المكاييل‏:‏ الصّاع‏,‏ والمدّ، والفرق‏,‏ والقسط‏,‏ والمدي‏,‏ والمختوم‏,‏ والقفيز‏,‏ والمكوك‏,‏ إلا أنّ معظم ذلك في المدّ والصّاع‏.‏

ولو أنّ الفقهاء اتّفقوا في مقدار المدّ والصّاع لاتّفقوا في كلّ المقادير الكيليّة الأخرى‏,‏ إلا أنّهم لم يتّفقوا فيهما‏.‏

وأهم المكاييل الشّرعيّة مرتّبة على حروف الهجاء ما يلي‏:‏

أ - الإردب‏:‏

5 - الإردب بفتح الدّال وضمّها في اللغة‏:‏ مكيال ضخم بمصر يسع أربعةً وستّين مناً‏,‏ وذلك أربعة وعشرون صاعاً‏,‏ والجمع أرادب‏.‏

ولا يرتبط بالإردبّ بعينه أي من الأحكام الشّرعيّة‏.‏

ب - الصّاع‏:‏

6 - الصّاع‏,‏ والصواع‏,‏ والصَّوْع‏,‏ في اللغة‏:‏ ما يكال به‏,‏ وهو مفرد جمعه أصوع‏,‏ وأصؤع‏,‏ وأصواع‏,‏ وصوع وصيعان‏.‏

والصّاع في اصطلاح الفقهاء‏:‏ مكيال يكال به في البيع والشّراء وتقدّر به كثير من الأحكام الشّرعيّة، وقيل‏:‏ هو إناء يشرب فيه‏.‏

قال الفيومي‏:‏ هو مكيال‏,‏ وصاع النّبيّ صلى الله عليه وسلم الّذي بالمدينة أربعة أمدادٍ‏,‏ وذلك خمسة أرطالٍ وثلث بالبغداديّ‏,‏ وقال أبو حنيفة‏:‏ الصّاع ثمانية أرطالٍ‏.‏

أنواع الصّيعان

7 - اشتهر في الصّيعان لدى الفقهاء صاعان الأوّل‏:‏ صاع أهل المدينة‏,‏ ويسمّى بالصّاع الحجازيّ‏,‏ والثّاني‏:‏ صاع أهل العراق‏,‏ ويسمّى بالصّاع الحجّاجيّ‏,‏ أو القفيز الحجّاجيّ‏,‏ أو الصّاع البغداديّ‏,‏ والأوّل أصغر من الثّاني‏,‏ وقد نصب جمهور الفقهاء إلى أنّ الصّاع الشّرعيّ الّذي تقدّر به الأحكام الشّرعيّة المنوطة بالصّاع هو الصّاع الأصغر‏.‏

مقدار الصّاع الشّرعيّ

8 - اتّفق الفقهاء على أنّ الصّاع أربعة أمدادٍ‏,‏ إلا أنّهم اختلفوا في المدّ‏,‏ فذهب أهل العراق إلى أنّ المدّ رطلان بالعراقيّ‏,‏ وذهب أهل المدينة إلى أنّ المدّ رطل وثلث بالعراقيّ‏,‏ وعليه فإنّ صاع أهل المدينة يتّسع لخمسة أرطالٍ وثلثٍ بالرّطل العراقيّ‏,‏ وصاع أهل العراق يتّسع لثمانية أرطالٍ بالرّطل العراقيّ نفسه‏.‏

وقد ذهب الجمهور إلى أنّ الصّاع الشّرعيّ هو صاع المدينة‏,‏ وذهب أبو حنيفة إلى أنّ صاع العراق هو الصّاع الشّرعي وهو المسمّى بالحجّاجيّ‏,‏ واضطربت الرّواية عن أبي يوسف ومحمّدٍ من الحنفيّة‏.‏

قال أبو عبيدٍ‏:‏ وقد كان يعقوب - أبو يوسف - زماناً يقول كقول أصحابه فيه‏,‏ ثمّ رجع عنه إلى قول أهل المدينة‏.‏

وللتّفصيل وبيان أحكام الصّاع‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ صاع ف 7‏)‏‏.‏

ما يناط بالصّاع من الأحكام الشّرعيّة

9 - تتعلّق بالصّاع أحكام شرعيّة كثيرة منها‏:‏

زكاة الفطر‏,‏ وكفّارة الإفطار العامد في رمضان‏,‏ وكفّارة الظّهار‏,‏ وفدية الإحرام‏,‏ وكفّارة الإفطار في رمضان لعذر مبيحٍ‏,‏ وكفّارة تأخير قضاء الصّوم‏,‏ ونفقة الزّوجة‏,‏ ومقدار الماء الّذي يتوضّأ أو يغتسل به‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلحاتها من الموسوعة‏.‏

ج - العَرَق‏:‏

10 - من معاني العَرَق في اللغة بفتح العين والرّاء‏:‏ ضفيرة تنسج من خوصٍ‏,‏ وهو المكتل والزّبيل أو الزّنبيل‏,‏ ويقال‏:‏ إنّه يسع خمسة عشر صاعاً‏.‏

والعَرَق في اصطلاح الفقهاء‏:‏ مكيل يسع خمسة عشر صاعاً‏.‏

ما يناط بالعَرَق من الأحكام الشّرعيّة

11 - لا يعيّر الفقهاء بالعرق أياً من الأحكام الشّرعيّة‏,‏ وقد يذكرونه على أنّه من مضاعفات الصّاع كما تقدّم‏.‏

د - الفَرق‏:‏

12 - الفرق - بتسكين الرّاء أو فتحها وهو الأصح - من معانيه في اللغة‏:‏ مكيال بالمدينة يسع ثلاثة آصعٍ‏,‏ أو يسع ستّة عشر رطلاً‏,‏ أو أربعة أرباعٍ‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء هو ستّة أقساطٍ‏,‏ أو ثلاثة آصعٍ‏,‏ قال أحمد في رواية أبي داود‏:‏ قال الزهري الفرق ستّة عشر رطلاً‏,‏ وهو مذهب الحنابلة‏,‏ وقال ابن حامدٍ‏:‏ الفرق ستون رطلاً‏,‏ فإنّه يروى أنّ الخليل بن أحمد قال‏:‏ الفرْق بإسكان الرّاء مكيال ضخم من مكاييل أهل العراق‏,‏ وقيل هو مائة وعشرون رطلاً‏,‏ وقال أبو عبيدٍ‏:‏ لا اختلاف بين النّاس أعلمه في ذلك أنّ الفرق ثلاثة آصعٍ‏,‏ وفيه أحاديث تفسّره‏,‏ ثمّ ذكر أحاديث في ذلك‏,‏ منها ما ورد أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة حين حلق رأسه عند الإحرام‏:‏ «صم ثلاثة أيّامٍ أو تصدّق بفرق بين ستّةٍ أو أنسك بما تيسّر»‏,‏ ثمّ قال‏:‏ والفرق ثلاثة آصعٍ والصّاع أربعة أمدادٍ‏,‏ فذلك اثنا عشر مداً‏.‏

ما يناط بالفرق من الأحكام الشّرعيّة

13 - يتعلّق بالفرق من الأحكام ما يتعلّق بالصّاع لأنّه من مضاعفاته‏,‏ إلا أنّ أكثر ما يذكره الفقهاء في زكاة العسل‏,‏ قال ابن قدامة‏:‏ نصاب العسل عشرة أفراقٍ‏,‏ وهذا قول الزهريّ‏,‏ وجهه ما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنّ ناساً سألوه فقالوا‏:‏ إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قطع لنا وادياً باليمن فيه خلايا من نحلٍ، وإنّا نجد ناساً يسرقونها فقال عمر رضي اللّه تعالى عنه إن أدّيتم صدقتها من كلّ عشر أفراقٍ فرقاً حميناها لكم‏.‏

وعن محمّد بن الحسن رحمه اللّه أنّ نصاب العسل خمسة أفراقٍ‏,‏ كل فرقٍ ستّة وثلاثون رطلاً‏,‏ لأنّه أقصى ما يقدّر به‏.‏

‏(‏ر‏:‏ صاع ف 5‏,‏ وزكاة ف 118‏)‏‏.‏

هـ - القَدَح‏:‏

14 - القدح بالتّحريك في اللغة‏:‏ إناء يروي الرّجلين‏,‏ أو اسم يجمع الصّغار والكبار‏,‏ وهو مفرد يجمع على أقداحٍ‏.‏

والقدح في اصطلاح الفقهاء من أجزاء الصّاع‏,‏ قال الشّربيني‏:‏ فالصّاع قدحان إلا سبعي مدٍّ‏,‏ وكل خمسة عشر مداً سبعة أقداحٍ‏.‏

وورد عن عائشة أنّها قالت‏:‏ «كنت أغتسل أنا والنّبي صلى الله عليه وسلم في إناءٍ واحدٍ من قدحٍ يقال له الفرق»‏,‏ قال أبو عبيدٍ‏:‏ وذلك اليوم نحو من خمسة أمدادٍ‏.‏

ما يناط بالقدح من الأحكام الشّرعيّة

15 - يتعلّق بالقدح من الأحكام ما يتعلّق بالصّاع لأنّه جزء منه وقد يذكره بعض الفقهاء باسمه في تعيين بعض الأنصبة‏,‏ من ذلك ما ذكره الشّربيني في نصاب الزّرع فقال‏:‏ فالنّصاب على قول السبكيّ خمسمائةٍ وستون قدحاً‏,‏ وعلى قول القموليّ ستمائةٍ‏,‏ وقول القموليّ أوجه‏,‏ وإن قال بعض المتأخّرين‏:‏ إنّ قول السبكيّ أوجه‏,‏ لأنّ الصّاع قدحان تقريباً‏.‏

و - القِربة‏:‏

16 - القِربة في اللغة بكسر القاف‏:‏ ظرف من جلدٍ يخرز من جانبٍ واحدٍ‏,‏ وتستعمل لحفظ الماء واللّبن ونحوهما‏.‏

وفي الاصطلاح قال الشّربيني الخطيب‏:‏ الغالب أنّ القربة لا تزيد على مائة رطلٍ بغداديٍّ‏,‏ وهو مائة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع درهمٍ في الأصحّ‏.‏

ز - القسط‏:‏

17 - من معاني القسط في اللغة‏:‏ أنّه مكيال يسع نصف صاعٍ‏.‏

وقد روت عائشة رضي الله عنها‏:‏ «كنت أغتسل أنا والنّبي صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحدٍ من قدحٍ يقال له الفرق»‏,‏ قال أبو عبيدٍ‏:‏ والفرق ستّة أقساطٍ‏,‏ ثمّ قال‏:‏ وذلك أنّ القسط نصف صاعٍ‏,‏ وتفسيره في الحديث نفسه حين ذكر الفرق فقال‏:‏ وهو ستّة أقساطٍ‏.‏

ح - القفيز‏:‏

18 - القفيز في اللغة‏:‏ مكيال‏,‏ وهو ثمانية مكاكيك‏,‏ وهو مفرد يجمع على أقفزةٍ وقفزانٍ‏.‏

كما يطلق القفيز على مساحةٍ من الأرض قدرها مائة وأربعة وأربعون ذراعاً‏,‏ أو عشر جريبٍ‏.‏

وفي الاصطلاح قال القليوبي‏:‏ القفيز مكتل يسع من الحبّ اثني عشر صاعاً‏,‏ ثمّ قال‏:‏ والقفيز من الأرض مسطّح ضرب قصبةٍ في عشر قصباتٍ‏,‏ وهو عشر الجريب‏.‏

وقال الكمال بن الهمام‏:‏ إنّ القفيز ثمانية مكاكيك‏,‏ وقال ابن عابدين‏:‏ إنّ القفيز الهاشميّ صاع واحد‏,‏ وهو القفيز الّذي ورد عن عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه كما في الهداية وهو ثمانية أرطالٍ‏,‏ أربعة أمناءٍ‏,‏ وهو صاع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏,‏ وينسب إلى الحجّاج‏,‏ فيقال صاع حجّاجي‏,‏ لأنّ الحجّاج أخرجه بعدما فقد‏.‏

وقال الماورديّ‏:‏ والقفيز ثلاثمائةٍ وستون ذراعاً مكسّرةً‏,‏ وهو عشر الجريب‏.‏

وقال ابن مفلحٍ‏:‏ وقدر القفيز ثمانية أرطالٍ بالمكّيّ نصّ عليه واختاره القاضي، فيكون ستّة عشر رطلاً بالعراقيّ‏,‏ وقال أبو بكرٍ‏:‏ قد قيل قدره ثلاثون رطلاً‏,‏ وهو القفيز الهاشمي‏,‏ وقدّم في المحرّر أنّ القفيز ثمانية أرطالٍ وهو صاع عمر رضي الله عنه‏,‏ فغيّره الحجّاج‏,‏ نصّ عليه‏,‏ وذلك ثمانية أرطالٍ بالعراقيّ، وهو المسمّى بالقفيز الحجّاجيّ‏.‏

ط - القُلّة‏:‏

19 - القُلّة بضمّ القاف في اللغة‏:‏ من معانيها أنّها إناء للعرب كالجرّة الكبيرة شبه الحبّ‏,‏ وجمعها قلال وقلل‏.‏

وقال الفيروز آبادي‏:‏ القُلّة بالضّمّ أعلى الرّأس والسّنام‏,‏ والجبل أو كل شيءٍ‏,‏ والحب العظيم‏,‏ أو الجرّة العظيمة‏,‏ أو عامّة‏,‏ أو من الفخّار‏,‏ والكوز الصّغير‏.‏

والقُلّة اصطلاحاً‏:‏ عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة معيار لمقدار معيّن الحجم‏,‏ وقد اتّفقت أقوالهم على أنّ القلّة ما يتّسع لمئتين وخمسين رطلاً‏.‏

كما ضبط القليوبي القلّة بالذّراع فقال‏:‏ والمساحة - أي للقلّتين - على الخمسمائة - أي على القول بأنّهما خمسمائة رطلٍ - ذراع وربع طولاً وعرضاً وعمقاً بذراع الآدميّ وهو شبران تقريباً‏,‏ ثمّ قال‏:‏ وأمّا مساحتهما في المدوّر كرأس البئر فهي ذراع عرضاً وذراعان ونصف طولاً‏,‏ والمراد بعرضه أطول خطٍّ بين حافّتيه - قطر -‏,‏ وبطوله عمقه‏.‏

ما يناط بالقلّة من الأحكام

20 - لا تذكر القلّة غالباً في الأحكام الشّرعيّة في غير حدّ الماء الرّاكد الكثير الّذي لا ينجس بوضع النّجاسة فيه إلا إذا تغيّرت أحد أوصافه فقد قدّره الشّافعيّة والحنابلة بقلّتين، قال المحلّي‏:‏ ولا تنجس قلّتا الماء بملاقاة نجسٍ لحديث‏:‏ «إذا كان الماء قلّتين لم يحمل الخبث» وفي روايةٍ‏:‏ «فإنّه لا ينجس»‏.‏

وقال الخرقيّ‏:‏ وإذا كان الماء قلّتين وهو خمس قربٍ فوقعت فيه نجاسة فلم يوجد لها طعم ولا لون ولا رائحة فهو طاهر‏.‏

وقدّر الحنفيّة الكثير بما يستكثره النّاظر‏,‏ أو بما لا تخلص النّجاسة فيه من طرفٍ إلى طرفٍ آخر بحسب الظّنّ غالباً‏,‏ قال الحصكفي‏:‏ والمعتبر في مقدار الرّاكد أكبر رأي المبتلى به فيه‏,‏ فإن غلب على ظنّه عدم خلوص أي وصول النّجاسة إلى الجانب الآخر جاز وإلا لا‏.‏ وعند الحنفيّة تقديره بما مساحة سطحه عشرة أذرعٍ في عشرة أذرعٍ‏.‏

وقال ابن عابدين‏:‏ ووزن ذلك الماء بالقلل سبع عشرة قلّةً وثلث خمس قلّةٍ‏.‏

ي - الكُرْ‏:‏

21 - الكُر في اللغة‏:‏ بضمّ الكاف كيل معروف‏,‏ وجمعه أكرار‏,‏ قال الفيومي‏:‏ وهو ستون قفيزاً‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء قال الكمال بن الهمام‏:‏ هو ستون قفيزاً أو أربعون على خلافٍ فيه‏.‏

ما يناط بالكُرّ من الأحكام الشّرعيّة

22 - لا يناط بالكُرّ أي من الأحكام الشّرعيّة‏,‏ وربّما استعمله بعضهم في التّمثيل لبيع المثليّات وما يثبت في الذّمّة‏,‏ قال المرغيناني‏:‏ ومن أسلم في كرّ حنطةٍ فلمّا حلّ الأجل اشترى المسلم إليه من رجلٍ كراً‏,‏ وأمر ربّ السّلم بقبضه قضاءً لم يكن قضاءً‏,‏ وإن أمره أن يقبضه له ثمّ يقبضه لنفسه فاكتاله له ثمّ اكتاله لنفسه جاز‏.‏

ك - الكِيلَجَة‏:‏

23 - الكِيلَجة بكسر الكاف وفتح اللام في اللغة‏:‏ كيل معروف لأهل العراق وهي منّ وسبعة أثمان منّ‏,‏ والمن رطلان‏,‏ وجمعها كيالج وكيالجة‏.‏

ولا يناط بالكيلجة أي من الأحكام الشّرعيّة‏.‏

ل - المخْتُوم‏:‏

24 - المختوم في اللغة‏:‏ هو الصّاع‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء هو الصّاع أيضاً‏,‏ لما روى أبو سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه رفعه قال‏:‏ «ليس فيما دون خمسة أوسقٍ زكاة» والوسق ستون مختوماً‏,‏ والمختوم هاهنا هو الصّاع بعينه‏,‏ وإنّما سمّي مختوماً لأنّ الأمراء جعلت على أعلاه خاتماً مطبوعاً لئلا يزاد فيه أو ينقص منه‏.‏

ولبيان مقدار المختوم والأحكام الشّرعيّة المنوط به‏,‏ ينظر مصطلح‏:‏ ‏(‏صاع‏)‏‏.‏

م - المد‏:‏

25 - المُد بالضّمّ في اللغة‏:‏ من معانيه أنّه مكيال‏,‏ وهو رطلان‏,‏ أو رطل وثلث‏,‏ أو ملء كفّي الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومدّ يده بهما‏,‏ وبه سمّي مداً‏,‏ وجمعه أمداد‏,‏ ومِدَدَة كعنبة‏,‏ ومداد‏.‏

والمد في اصطلاح الفقهاء‏:‏ مكيال اتّفق الفقهاء على أنّه ربع صاعٍ‏.‏

واختلفوا في تقديره بالرّطل كاختلافهم في تقدير الصّاع بالرّطل‏,‏ فذهب الجمهور إلى أنّ المدّ رطل وثلث بالعراقيّ‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى أنّ المدّ رطلان بالعراقيّ‏.‏

هذا هو المد الشّرعي وهو الّذي ينصرف إليه اللّفظ عند الإطلاق‏,‏ وهنالك المد الشّامي وهو صاعان‏,‏ أي ثمانية أمدادٍ شرعيّةٍ‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ وقد صرّح الشّارح في شرحه على الملتقى في باب زكاة الخارج بأنّ الرّطل الشّاميّ ستمائة درهمٍ‏,‏ وأنّ المدّ الشّاميّ صاعان‏.‏

ما يناط بالمدّ من الأحكام الشّرعيّة

26 - أكثر ما يناط بالمدّ من الأحكام الشّرعيّة مقدار ماء الوضوء ومقدار صدقة الفطر‏,‏ ومقدار النّفقة الزّوجيّة عند بعض الفقهاء‏.‏

أمّا الوضوء فقد ورد عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تفيد أنّه كان يتوضّأ بالمدّ من الماء‏,‏ منها ما ورد عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال‏:‏ «كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يتوضّأ بالمدّ ويغتسل بالصّاع»‏.‏

وقد اتّفق الفقهاء على أنّ المدّ من الماء هو القدر المفضل الكافي للوضوء‏,‏ إلا أنّه ليس معياراً له لا تجوز مخالفته‏,‏ وعلى ذلك فإن اكتفى المتوضّئ بدونه أجزأه‏,‏ وإن لم يكتف به لزمه ما يكفيه‏.‏

وللتّفصيل ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏وضوء‏)‏‏.‏

وأمّا صدقة الفطر فقد اتّفق الفقهاء على أنّها صاع من أيّ صنفٍ من الأصناف الّتي تصح فيها صدقة الفطر‏,‏ سوى القمح‏,‏ والصّاع أربعة أمدادٍ باتّفاق الفقهاء‏.‏

أمّا القمح‏,‏ وكذلك دقيقه وسويقه‏,‏ فقد ذهب الجمهور إلى أنّ الواجب منها هو صاع أيضاً كسائر الأصناف الأخرى‏,‏ وذهب الحنفيّة إلى أنّ الواجب منها هو نصف صاعٍ وهو مدّان‏.‏ والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏زكاة الفطر ف 11‏)‏‏.‏

أمّا النّفقة فقد قال النّووي يجب على موسرٍ لزوجته كلّ يومٍ مد طعامٍ وعلى معسرٍ مد ومتوسّطٍ مد ونصف‏,‏ وللفقهاء في ذلك تفصيل ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏نفقة‏)‏‏.‏

ن - المُدْيُ‏:‏

27 - المدي في اللغة‏:‏ بضمّ الميم على وزن قفلٍ‏:‏ مكيال للشّام ومصر يسع تسعة عشر صاعاً‏,‏ وجمعه أمداء‏,‏ وهو غير المدّ‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء‏:‏ هو مكيال كان يستعمل قبل الإسلام في الشّام ومصر‏,‏ وقد ذهب أبو عبيدٍ إلى أنّه نيّف وأربعون رطلاً‏,‏ وهي أكثر من سبعة صيعانٍ ونصف الصّاع بقليل على وفق مذهب الجمهور في الصّاع‏,‏ وقال‏:‏ حدّثني ابن بكيرٍ أنّ عمر رضي الله عنه ضرب الجزية على أهل الذّهب أربعة دنانير وأرزاق المسلمين من الحنطة مديين وثلاثة أقساط زيتٍ وعلى أهل الورق أربعين درهماً وخمسة عشر صاعاً لكلّ إنسانٍ‏,‏ ولا أحفظ ما ذكر من الودك، فنظرت في حديث عمر فإذا هو عدل أربعين درهماً بأربعة دنانير‏.‏

وكذلك عدل مديين من طعامٍ بخمسة عشر صاعاً‏,‏ وجعلها موازيةً لهما‏,‏ فغايرت الأمداد والصّيعان وجمعت بينها‏,‏ ثمّ اعتبرتها بالوزن‏,‏ فوجدت المديين نيّفاً وثمانين رطلاً‏,‏ ووجدت خمسة عشر صاعاً ثمانين رطلاً‏.‏

وقد روي عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه أنّه أجرى للنّاس المديين والقسطين‏,‏ قال ابن الأثير‏:‏ يريد مديين من الطّعام وقسطين من الزّيت‏.‏

س - المكوك‏:‏

28 - المكوك في اللغة‏:‏ طاس يشرب به‏,‏ ومكيال يسع صاعاً ونصفاً أو نصف رطلٍ إلى ثماني أواقي‏,‏ أو نصف ويبةٍ‏,‏ أو ثلاث كيلجاتٍ‏,‏ وهو مذّكّر‏,‏ والجمع منه مكاكيك‏.‏ والمكوك في اصطلاح الحنفيّة والمالكيّة‏:‏ هو صاع ونصف‏,‏ وقال أبو عبيدٍ‏:‏ هو صاعان ونصف‏.‏

ما يناط بالمكوك من أحكامٍ شرعيّةٍ

29 - لا ينيط الفقهاء بالمكوك أحكاماً شرعيّةً مباشرةً‏,‏ وربّما أورده بعضهم تبعاً لغيره من المكاييل أو المقادير الشّرعيّة‏,‏ من ذلك ما قاله أبو عبيدٍ‏:‏ فأمّا زكاة الأرضين فإنّها إذا كانت بهذا المكوك عشرين ومائةً من حنطةٍ أو شعيرٍ أو تمرٍ أو زبيبٍ وجبت فيها الزّكاة‏.‏‏.‏ وذلك لأنّ الزّكاة تجب في خمسة أوسقٍ‏,‏ والوسق ستون صاعاً‏,‏ فجميعها ثلاثمائة صاعٍ‏,‏ وهي عشرون ومائة مكوكٍ‏.‏

ع - الوسق‏:‏

30 - الوَسق في اللغة‏:‏ بفتح الواو‏:‏ حمل بعيرٍ‏,‏ والجمع وسوق‏,‏ مثل فلسٍ وفلوس‏,‏ وحكى بعضهم كسر الواو لغةً وجمعه أوساق مثل حملٍ وأحمالٍ‏,‏ قال الأزهري‏:‏ الوسق ستون صاعاً بصاع النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ويجمع أيضاً على أوسقٍ‏.‏

والوَسق في اصطلاح الفقهاء‏,‏ مكيال هو حمل بعيرٍ‏,‏ وقد اتّفقوا على أنّه ستون صاعاً بصاع النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ إلا أنّهم اختلفوا في مقدار الصّاع على مذهبين فنتج عنه اختلافهم في مقدار الوسق‏.‏

‏(‏ر‏:‏ صاع ف 3‏)‏‏.‏

ما يناط بالوسق من الأحكام الشّرعيّة

31 - ذهب الجمهور إلى أنّ نصاب الزّكاة من الزروع خمسة أوسقٍ‏,‏ وخالف أبو حنيفة وقال‏:‏ تجب الزّكاة في القليل والكثير من الزروع‏,‏ وأنّه لا نصاب فيها‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ وهو الصّحيح كما في التحفة‏.‏

وللتّفصيل ينظر‏:‏ ‏(‏زكاة ف 100‏)‏‏.‏

ف - الويبة‏:‏

32 - الويبة في اللغة‏:‏ مكيال يسع اثنين وعشرين‏,‏ أو أربعةً وعشرين مداً بمدّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو ثلاث كيلجاتٍ‏.‏

ونقل بعض المعاصرين عن المقدسيّ في أحسن التّقاسيم قوله‏:‏ الويبة هو مكيال مصري كان يعادل قديماً عشرة أمنانٍ‏,‏ كما نقل عن السيوطيّ في حسن المحاضرة قوله‏:‏ ذكر أنّ ويبة الخليفة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه في ولاية عمرو بن العاص رضي الله عنه ستّة أمدادٍ‏.‏

ثانياً‏:‏ الموازين

33 - الأوزان الّتي يستعملها الفقهاء في تقدير الأحكام الشّرعيّة كثيرة‏,‏ إلا أنّ المعيار الأهمّ للأوزان عند الفقهاء هو الدّرهم والدّينار والرّطل‏,‏ والأوزان الأخرى الّتي اعتمدها الفقهاء في بعض الأحكام أكثرها من أضعاف الدّرهم والدّينار أو من أجزائهما‏,‏ وبيان ذلك فيما يلي‏:‏

وقد سبق الكلام عن الدّرهم والدّينار في مصطلحي‏:‏ ‏(‏دراهم ودنانير‏)‏‏.‏

أ - الإستار‏:‏

34 - الإستار بالكسر في اللغة‏:‏ في العدد‏:‏ أربعة وفي الزّنة‏:‏ أربعة مثاقيل ونصف‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ والإستار بكسر الهمزة بالدّراهم ستّة ونصف‏,‏ وبالمثاقيل أربعة ونصف‏,‏ كذا في شرح درر البحار‏.‏

والإستار بالأرطال جزء من ثلاثين جزءاً من الرّطل المدنيّ‏,‏ وجزء من عشرين جزءاً من الرّطل العراقيّ‏.‏

ب - الأُوقيّة‏:‏

35 - الأُوقيّة بضمّ الهمزة وبالتّشديد في اللغة‏:‏ على وزن أفعولةٍ كالأعجوبة والأحدوثة مفرد‏,‏ والجمع أواقي بالتّشديد وبالتّخفيف للتّخفيف‏,‏ والوقيّة لغةً وهي بضمّ الواو‏,‏ وجرى على ألسنة النّاس بالفتح‏,‏ وهي لغة حكاها بعضهم‏,‏ وجمعها وقايا‏,‏ مثل عطيّةٍ وعطايا‏.‏ وزنتها عند علماء اللغة سبعة مثاقيل‏,‏ أو أربعون درهماً‏,‏ وقيل غير ذلك‏.‏

وعند الفقهاء الأوقيّة أربعون درهماً‏.‏

ما يناط بالأوقيّة من الأحكام الشّرعيّة

36 - قليلاً ما يذكر الفقهاء الأوقيّة معياراً لحكم شرعيٍّ‏,‏ وربّما ذكروها على أنّها من مضاعفات الدّرهم أو المثقال أو الرّطل‏,‏ وقد ورد عن عمر رضي الله عنه قال‏:‏ «ما علمت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقيّةً»‏.‏

وعن أبي سلمة قال‏:‏ «سألت عائشة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم كم كان صداق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فقالت‏:‏ كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقيّةً ونشاً، قالت‏:‏ أتدري ما النّش‏؟‏ قال‏:‏ قلت لا، قالت‏:‏ نصف أوقيّةٍ»‏.‏

قال أبو منصورٍ‏:‏ خمس أواقٍ مائتا درهمٍ‏.‏

وقال الحسن وأبو عبيدٍ‏:‏ الغنى ملك أوقيّةٍ‏,‏ وهي أربعون درهماً‏,‏ لما روى أبو سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلىاله عليه وسلم‏:‏ «من سأل وله قيمة أوقيّةٍ فقد ألحف»‏.‏

ج - الحبّة‏:‏

37 - الحبّة في اللغة واحدة الحبّ‏,‏ وهو اسم جنسٍ للحنطة وغيرها ممّا يكون في السنبل والأكمام‏,‏ والجمع حبوب‏,‏ وحبّات وحباب‏,‏ وهي جزء من ثمانيةٍ وأربعين جزءاً من الدّرهم‏.‏

والفقهاء قليلاً ما يستعملون كلمة حبّةٍ من غير إضافةٍ‏,‏ وفي الغالب يضيفونها إلى الشّعير فيقولون‏:‏ حبّة الشّعير‏,‏ ويجعلونها معياراً لبعض المقادير الشّرعيّة كالدّرهم والقيراط‏,‏ فإذا أطلقوها فالمراد بها حبّة الشّعير في الغالب‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ صرّح الإمام السروجي في الغاية بقوله‏:‏ درهم مصر أربع وستون حبّةً‏,‏ وهو أكبر من درهم الزّكاة‏,‏ فالنّصاب منه مائة وثمانون وحبّتان‏.‏ ا هـ‏.‏

لكن نظر فيه صاحب الفتح بأنّه أصغر لا أكبر‏,‏ لأنّ درهم الزّكاة سبعون شعيرةً‏,‏ ودرهم مصر لا يزيد على أربعٍ وستّين شعيرةً‏.‏

وربّما أضاف الفقهاء الحبّة إلى القمح أو الخرنوب فقالوا عنها‏:‏ قمحة أو خرنوبة‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ كل خرنوبةٍ أربع شعيراتٍ أو أربع قمحاتٍ لأنّا اختبرنا الشّعيرة المتوسّطة مع القمحة المتوسّطة فوجدناهما متساويتين‏.‏

وحبّة الشّعير عند الإطلاق هي حبّة الشّعير المتوسّطة الّتي لم تقشّر بعد قطع ما دقّ من طرفيها‏,‏ وهي معيار للدّرهم والمثقال‏,‏ ولكنّ الفقهاء اختلفوا في تعيير الدّرهم والمثقال بها‏.‏

فذهب الجمهور إلى أنّ المثقال اثنتان وسبعون حبّةً‏,‏ والدّرهم خمسون حبّةً وخُمسا حبّةٍ‏.‏ وذهب الحنفيّة إلى أنّ المثقال مائة حبّة شعيرٍ‏,‏ والدّرهم سبعون حبّةً‏.‏

ما يناط بالحبّة من الأحكام الشّرعيّة

38 - الفقهاء يجعلون الحبّة معياراً للدّرهم والدّينار والقيراط‏.‏

د - الرّطل‏:‏

39 - الرَِّطل في اللغة‏:‏ بفتح الرّاء وكسرها والكسر أشهر‏:‏ معيار يوزن به‏,‏ وهو مكيال أيضاً‏,‏ والرّطل البغدادي يزن اثنتي عشرة أوقيّةً‏.‏

وقد جرى الاختلاف في وزنه بالمثقال‏,‏ ومقتضى نصّ الفيروز آبادي أنّه / 480 / درهماً‏,‏ حيث قال‏:‏ الرّطل اثنتا عشرة أوقيّةً‏,‏ والأوقيّة أربعون درهماً‏,‏ وذهب الفيومي إلى أنّه مائة درهمٍ وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع درهمٍ‏.‏

وذلك مع اتّفاقهما على أنّ الرّطل يزن اثنتي عشرة أوقيّةً‏.‏

والرّطل في اصطلاح الفقهاء على نوعين‏:‏ رطل دمشقي ورطل بغدادي‏,‏ ويقال له عراقي‏,‏ والثّاني هو المقصود لدى الفقهاء‏,‏ وبه يتم تقدير الأحكام الشّرعيّة لديهم‏,‏ والرّطل البغدادي عند الحنفيّة مائة وثلاثون درهماً نقله ابن عابدين والكمال بن الهمام‏,‏ ونقل ابن عابدين في مكانٍ آخر أنّ الرّطل أقل من ذلك فقال‏:‏ كل رطلٍ مائة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع درهمٍ‏.‏

وذهب المالكيّة إلى أنّ الرّطل - وهو البغدادي عند الإطلاق - مائة وثمانية وعشرون درهماً‏.‏

قال البنانيّ‏:‏ والرّطل مائة وثمانية وعشرون درهماً مكّياً‏,‏ وهو بالميزان الصّغير بفاس في وقتنا اثنتا عشرة أوقيّةً وربع أوقيّةٍ‏.‏

وعند الشّافعيّة قال المحلّي‏:‏ والرّطل البغدادي مائة وثلاثون درهماً فيما جزم به الرّافعي‏,‏ قال النّووي‏:‏ الأصح أنّ رطل بغداد مائة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباعٍ درهمٍ‏,‏ وقيل بلا أسباعٍ‏,‏ وقيل ثلاثون‏,‏ واللّه أعلم‏.‏

وذهب الحنابلة إلى أنّ الرّطل العراقيّ مائة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع درهمٍ‏,‏ إلا أنّ ابن قدامة نصّ بعد ما ذكر فقال‏:‏ هكذا كان قديماً‏,‏ ثمّ إنّهم زادوا فيه مثقالاً فجعلوه واحداً وتسعين مثقالاً‏,‏ وكمل به مائة وثلاثون درهماً‏,‏ وقصدوا بهذه الزّيادة إزالة كسر الدّرهم‏,‏ والعمل على الأوّل‏.‏

أمّا الرّطل الدّمشقي فهو أكبر من رطل بغداد أو العراق‏,‏ وقد نصّ الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة على أنّ الرّطل الدّمشقيّ ستمائة درهمٍ‏,‏ إلا أنّه لا يقدّر به شيء لدى الفقهاء إلا تبعاً للرّطل البغداديّ‏.‏

ما يناط بالرّطل من الأحكام الشّرعيّة

40 - يعتمد الفقهاء على الرّطل البغداديّ في تحديد الصّاع‏,‏ وقد اختلفوا في تحديد الصّاع بالرّطل على مذهبين‏:‏

فذهب الجمهور إلى أنّ الصّاع خمسة أرطالٍ وثلث‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى أنّ الصّاع ثمانية أرطالٍ‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏صاع ف 7‏)‏‏.‏

ثمّ إنّ الفقهاء ينيطون بالرّطل من الأحكام الشّرعيّة ما يناط منها بالصّاع كمقدار صدقة الفطر‏,‏ ونصاب الزّكاة‏,‏ ومقدار ماء الوضوء‏,‏ وغير ذلك‏.‏

‏(‏ر‏:‏ صاع 8 - 9‏)‏‏.‏

هـ - الطَسّوج‏:‏

41 - الطَسّوج في اللغة‏:‏ بوزن سَفّودٍ هو‏:‏ النّاحية وربع دانقٍ‏,‏ مُعرّب‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء‏,‏ قال الكمال بن الهمام‏:‏ قال أبو عبيدٍ في كتاب الأموال‏:‏ ولم يزل المثقال في آباد الدّهر محدوداً لا يزيد ولا ينقص، والدّانق أربع طَسّوجاتٍ‏,‏ والطَسّوج حبّتان‏,‏ والحبّة شعيرتان‏.‏

و - القَفْلَة‏:‏

42 - من معاني القَفْلَة في اللغة‏:‏ الوازن من الدّراهم‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء‏:‏ اسم من أسماء الدّرهم العرفيّ في مكّة والمدينة وأرض الحجاز‏,‏ وهو في نظر بعض الفقهاء أصغر من الدّرهم الشّرعيّ‏,‏ وفي نظر بعضهم الآخر أكبر منه‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ قال بعض المحشّين‏:‏ الدّرهم الآن المعروف بمكّة والمدينة وأرض الحجاز وهو المسمّى بالقفلة على وزن تمرةٍ‏,‏ وهو ستّ عشرة خرنوبةً‏,‏ كل خرنوبةٍ أربع شعيراتٍ، وهو ينقص عن الدّرهم الشّرعيّ بستّ شعيراتٍ‏,‏ وقال ابن عابدين أيضاً‏:‏ ومقتضاه أنّ الدّرهم المتعارف أكبر من الشّرعيّ‏,‏ وبه صرّح الإمام السروجي في الغاية‏.‏

ز - القمحة‏:‏

43 - القمحة في اللغة‏:‏ هي حبّة القمح‏,‏ وهو البُر‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء المراد بها وزنها‏,‏ وهي معيار لما هو أكبر منها من الأوزان كالدّرهم والدّينار‏,‏ ووزنها مساوٍ لوزن حبّة الشّعير‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ لأنّا اختبرنا الشّعيرة المتوسّطة مع القمحة المتوسّطة فوجدناهما متساويتين‏,‏ ثمّ قال‏:‏ وهي ربع قيراطٍ‏.‏

ح - القنطار‏:‏

44 - القنطار في اللغة‏:‏ على وزن فنعالٍ معيار‏,‏ وقال بعضهم‏:‏ ليس له وزن عند العرب‏,‏ وإنّما هو أربعة آلاف دينارٍ‏,‏ وقيل يكون مائة مَنٍّ‏,‏ ومائة رطلٍ‏,‏ ومائة مثقالٍ‏,‏ ومائة درهمٍ‏,‏ وقيل‏:‏ هو المال الكثير بعضه على بعضٍ‏,‏ وقيل‏:‏ هو أربعون أوقيّةً من ذهبٍ‏,‏ أو ألف ومئتا دينارٍ‏,‏ وقيل غير ذلك‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء قال القرطبي‏:‏ واختلف العلماء في تحرير حدّه كم هو على أقوالٍ عديدةٍ‏,‏ فروى أبي بن كعبٍ رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال‏:‏ «القنطار ألف أوقيّةٍ ومئتا أوقيّةٍ»‏,‏ وقال بذلك معاذ بن جبلٍ وعبد اللّه بن عمر رضي الله عنهم‏,‏ قال ابن عطيّة‏:‏ وهو أصح الأقوال‏,‏ لكنّ القنطار على هذا يختلف باختلاف البلاد في قدر الأوقيّة‏.‏

ما يناط بالقنطار من الأحكام الشّرعيّة

45 - يذكر الفقهاء القنطار أحياناً لبيان الكثرة‏,‏ كما ذكره اللّه تعالى في كتابه الكريم فقال‏:‏ ‏{‏وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً‏}‏‏.‏

ط - القيراط‏:‏

46 - القيراط والقِراط بالكسر في اللغة‏:‏ مقدار صغير يختلف وزنه باختلاف البلدان‏,‏ ففي مكّة‏:‏ ربع سدس دينار‏,‏ وفي العراق‏:‏ نصف عشر دينارٍ‏,‏ وقال بعض الحسّاب‏:‏ القيراط في لغة اليونان حبّة خرنوبٍ‏,‏ وهو نصف دانقٍ‏,‏ والدّرهم عندهم اثنتا عشرة حبّةً‏,‏ والحسّاب يقسّمون الأشياء أربعةً وعشرين قيراطاً‏,‏ لأنّه أوّل عددٍ له ثمن وربع ونصف وثلث صحيحات من غير كسرٍ‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء كما هو في اللغة‏:‏ مقدار قليل من الأوزان‏,‏ وقد اختلف الفقهاء في مقداره اختلافاً يسيراً‏:‏

فذهب الحنفيّة إلى أنّ القيراط جزء من أربعة عشر جزءاً من الدّرهم‏,‏ أو جزء من عشرين جزءاً من الدّينار‏,‏ وهما متساويان‏,‏ وهو وزن خمس حبّات شعيرٍ أو قمحٍ‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ والدّينار عشرون قيراطاً‏,‏ والدّرهم أربعة عشر قيراطاً‏,‏ والقيراط خمس شعيراتٍ‏.‏

والقيراط عند المالكيّة أقل منه عند الحنفيّة‏,‏ قال الحطّاب‏:‏ فيكون وزن الدّرهم الشّرعيّ أربعة عشر قيراطاً وثلاثة أرباع قيراطٍ ونصف خمس قيراطٍ‏,‏ وهي خمسة عشر قيراطاً إلا ثلاثة أرباع خمس قيراطٍ‏.‏

وذهب الشّافعيّة إلى أنّ القيراط ثلاث حبّاتٍ من الشّعير‏,‏ والدّرهم ستّة عشر قيراطاً وأربعة أخماس قيراطٍ‏,‏ وقيل‏:‏ أربعة عشر قيراطاً‏.‏

والدّرهم خمسون حبّةً وخُمسا حبّةٍ من الشّعير‏.‏

ما يناط بالقيراط من الأحكام الشّرعيّة

47 - لا ينيط الفقهاء بالقيراط أحكاماً شرعيّةً‏,‏ وقد يجعلونه معياراً لبعض المقادير الشّرعيّة كالدّرهم والدّينار كما تقدّم‏.‏

ي - المثقال‏:‏

48 - مثقال الشّيء في اللغة‏:‏ ميزانه من مثله‏,‏ وهو مفرد يجمع على مثاقيل‏,‏ والمثقال درهم وثلاثة أسباعٍ درهمٍ‏,‏ وكل سبعة مثاقيل عشرة دراهم‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء المثقال وزن الدّينار من الذّهب‏,‏ قال الكمال بن الهمام‏:‏ والظّاهر أنّ المثقال اسم للمقدار المقدّر به‏,‏ والدّينار اسم للمقدّر به بقيد ذهبيّته‏,‏ وقال ابن عابدين بعدما أورد هذه العبارة عن الفتح‏:‏ وحاصله أنّ الدّينار اسم للقطعة من الذّهب المضروبة المقدّرة بالمثقال‏,‏ فاتّحادهما من حيث الوزن وجميع الأئمّة على ذلك أيضاً‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏دنانير ف 7 - 8‏)‏‏.‏

ك - المنّ‏:‏

49 - المن في اللغة‏:‏ ومثله المنا‏:‏ مكيال يكال به السّمن وغيره‏,‏ وقيل هو ميزان قدره رطلان‏,‏ وهو مفرد يجمع على أمنانٍ‏,‏ والمنا يجمع على أمناءٍ‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء قال الحنفيّة‏:‏ المن رطلان بغداديّان‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ المد والمن سواء كل منهما ربع صاعٍ رطلان بالعراقيّ‏.‏

وقد قسّم الشّافعيّة المنّ إلى نوعين‏,‏ منٍّ صغيرٍ ومنٍّ كبيرٍ‏,‏ أمّا المن الصّغير فهو رطلان بغداديّان‏,‏ وأمّا المن الكبير فهو ستمائة درهمٍ‏.‏

ما يناط به من الأحكام الشّرعيّة

50 - لا ينيط الفقهاء بالمنّ أحكاماً شرعيّةً مباشرةً‏,‏ ولكن يذكرونه معياراً لبعض المقادير الشّرعيّة الأخرى كالوسق والرّطل‏.‏

ل - النشّ‏:‏

51 - النّش في اللغة عشرون درهماً‏,‏ وهو نصف الأوقيّة وغيرها‏,‏ قال ابن الأعرابيّ‏,‏ ونش الدّرهم والرّغيف نصفه‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

قال أبو سلمة رضي الله تعالى عنه‏:‏ «سألت عائشة عليه السلام كم كان صداق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قالت‏:‏ كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقيّةً ونشاً، قالت‏:‏ أتدري ما النّش‏؟‏ قلت‏:‏ لا، قالت‏:‏ نصف أوقيّةٍ، فتلك خمسمائة درهمٍ»‏.‏

م - النّواة‏:‏

52 - النّواة في اللغة‏:‏ مفرد يجمع على نوىً والنّواة بذرة التّمر‏,‏ والنّواة من العدد عشرون‏,‏ أو عشرة‏,‏ والأوقيّة من الذّهب‏,‏ وأربعة دنانير‏,‏ أو ما زنته خمسة دراهم‏,‏ وقيل غير ذلك‏.‏

واختلف في تقدير النّواة في اصطلاح الفقهاء للاختلاف في تفسير النّواة في حديث أنسٍ رضي الله تعالى عنه وهو‏:‏ «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة‏,‏ فقال‏:‏ ما هذا‏؟‏ قال‏:‏ إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب‏,‏ قال‏:‏ بارك الله لك‏,‏ أو لم ولو بشاة»‏.‏

ثالثاً‏:‏ الأطوال والمساحات

اعتمد الفقهاء في قياس الطول والمساحة على عددٍ من المقاييس أهمّها مرتّباً على حروف الهجاء كما يلي‏:‏

أ - الإصبَع‏:‏

53 - الإصبع في اللغة‏:‏ مؤنّثة ويجوز فيها التّذكير والتّأنيث أشهر‏,‏ وفيها عشر لغاتٍ تثليث الهمزة مع تثليث الباء‏,‏ والعاشرة‏:‏ أصبوع وزان عصفورٍ‏,‏ والمشهور من لغاتها كسر الهمرة مع فتح الباء‏,‏ وهي واحدة الأصابع والأصابيع‏.‏

والإصبع في اصطلاح الفقهاء مقياس للطول يساوي عرض ستّ شعيراتٍ معتدلاتٍ بطن إحداها لظهر الأخرى والشّعيرة ست شعرات بغلٍ‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ وهي - أي الإصبع - ست شعيراتٍ ظهر لبطن وهي - أي الشّعيرة - ست شعرات بغلٍ‏.‏

ما يناط بالإصبع من الأحكام الشّرعيّة

54 - لا ينيط الفقهاء بالإصبع من المساحات أياً من الأحكام الشّرعيّة ولكن يجعلونها معياراً لغيرها من المقادير الشّرعيّة كالقبضة والذّراع‏.‏

ب - الباع‏:‏

55 - الباع في اللغة قدر مدّ اليدين كالبوع ويضم‏,‏ وجمعه أبواع‏.‏

وقال أبو حاتمٍ‏:‏ هو مذّكّر يقال هذا باع‏,‏ وهو مسافة ما بين الكفّين إذا بسطتهما يميناً وشمالاً‏.‏

والباع في اصطلاح الفقهاء‏,‏ مختلف فيه بينهم‏,‏ فقال الحنفيّة‏:‏ إنّه أربعة أذرعٍ‏.‏

وذهب المالكيّة إلى أنّ الباع ذراعان‏.‏

ما يناط بالباع من الأحكام الشّرعيّة

56 - لا ينيط الفقهاء بالباع أحكاماً شرعيّةً‏,‏ ولكنّهم يذكرونه في أضعاف الذّراع‏,‏ وفي أجزاء الميل والفرسخ‏.‏

ج - البريد‏:‏

57 - من معاني البريد في اللغة‏:‏ أنّه مقدار من المسافة‏,‏ وهو اثنا عشر ميلاً وجمعه برد‏.‏

والبريد في اصطلاح الفقهاء أربعة فراسخ‏,‏ وفي قولٍ مرجوحٍ للمالكيّة هو فرسخان‏.‏

ما يناط بالبريد من الأحكام الشّرعيّة

58 - جمهور الفقهاء على أنّ السّفر الشّرعيّ المثبت للرخص يرتبط بالمسافة ومسافة السّفر هذه عندهم أربعة بردٍ‏.‏

د - الجريب‏:‏

59 - الجريب لغةً‏:‏ قال الفيومي‏:‏ الجريب الوادي‏,‏ ثمّ استعير للقطعة المتميّزة من الأرض‏,‏ فقيل‏:‏ فيها جريب‏,‏ وجمعها أجربة وجُربان بالضّمّ‏,‏ ويختلف مقدارها بحسب اصطلاح أهل الأقاليم كاختلافهم في مقدار الرّطل والكيل والذّراع‏.‏

ثمّ قال‏:‏ وفي كتاب المساحة للسّموأل‏:‏ الجريب عشرة آلاف ذراعٍ‏,‏ وجريب الطّعام أربعة أقفزةٍ‏,‏ قاله الأزهري‏.‏

والجريب في اصطلاح الفقهاء مقدار من المساحة وعامّتهم على أنّ مساحته ثلاثة آلافٍ وستمائة ذراعٍ‏.‏

إلا أنّ الحنفيّة قالوا‏:‏ إنّ الجريب ستون ذراعاً في ستّين ذراعاً بذراع كسرى‏,‏ وهو سبع قبضاتٍ‏,‏ والقبضة أربع أصابع‏,‏ قال الحصكفي‏:‏ وقيل‏:‏ المعتبر في الذّراع في كلّ بلدةٍ عرفهم‏.‏

وذهب المالكيّة إلى أنّ الجريب ستون ذراعاً قي ستّين ذراعاً بالذّراع الهاشميّة‏,‏ وهي ذراع وثلث بذراع اليد‏,‏ والذّراع الهاشمي ست قبضاتٍ‏,‏ والقبضة أربع أصابع‏.‏

وقال القليوبيّ‏:‏ الجريب هو ثلاثة آلاف ذراعٍ وستمائة ذراعٍ‏,‏ ولعلّ هذا في اصطلاح الفقهاء بناءً على أنّ القصبة ستّة أذرعٍ فقط‏.‏

وذهب الحنابلة إلى أنّ الجريب عشر قصباتٍ في عشر قصباتٍ‏,‏ والقصبة ستّة أذرعٍ بذراع عمر رضي الله عنه‏,‏ المعروف بالذّراع الهاشميّة‏,‏ وهي ذراع وسط أي بيد الرّجل المتوسّط الطول‏,‏ وقبضة وإبهام قائمة‏,‏ فيكون الجريب ثلاثة آلاف ذراعٍ وستّمائة ذراعٍ مكسّراً‏.‏

ما يناط بالجريب من الأحكام الشّرعيّة

60 - أناط الفقهاء بالجريب من الأرض مقدار الخراج الموظّف‏,‏ فذهب الحنفيّة إلى أنّه يجب في كلّ جريبٍ من الأرض صالحٍ للزّراعة في كلّ سنةٍ قفيز ودرهم ممّا يزرع فيها‏,‏ وفي جريب الرّطبة خمسة دراهم‏,‏ وفي جريب الكرم والنّخل المتّصل عشرة دراهم‏,‏ وما سوى ذلك من المزروعات يوضع عليها بحسب الطّاقة بما لا يزيد على نصف النّاتج‏.‏ وذهب المالكيّة إلى أنّ على كلّ جريبٍ من البرّ ثمانيةً وأربعين درهماً‏,‏ وعلى كلّ جريبٍ من الشّعير أربعةً وعشرين درهماً‏,‏ وعلى كلّ جريبٍ من التّمر ستّةً‏.‏

وذهب الشّافعيّة إلى أنّ الخراج الموظّف على الأرض في كلّ سنةٍ هو ما فرضه عثمان بن حنيفٍ‏,‏ وهو على كلّ جريب شعيرٍ درهمان‏,‏ وعلى كلّ جريب حنطةٍ أربعة دراهم‏,‏ وعلى كلّ جريب شجرٍ وقصب سكّرٍ ستّة دراهم‏,‏ وعلى كلّ جريب نخلٍ ثمانية دراهم‏,‏ وعلى كلّ جريب كرمٍ عشرة دراهم‏,‏ وقيل النّخل عشرة‏,‏ وعلى كلّ جريب زيتونٍ اثنا عشر درهماً‏.‏ وذهب الحنابلة إلى أنّ الواجب في كلّ سنةٍ على جريب الزّرع درهم وقفيز‏,‏ وعلى جريب الكرم عشرة دراهم‏,‏ وعلى كلّ جريب نخلٍ ثمانية دراهم‏,‏ وعلى كلّ جريب رطبةٍ ستّة دراهم‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏خراج ف 25 وما بعدها‏)‏‏.‏

هـ - الخطوة‏:‏

61 - الخطوة في اللغة‏:‏ بضمّ الخاء وفتحها ما بين القدمين عند المشي‏,‏ والمفتوح يجمع على خَطواتٍ كشَهوات‏,‏ والمضموم يجمع على خُطىً وخُطواتٍ كغُرف وغُرفاتٍ‏.‏

والخطوة في اصطلاح الفقهاء جزء من أربعة آلاف جزءٍ من الميل‏,‏ فقد نصّ الشّافعيّة‏,‏ وهو قول عند الحنفيّة على أنّ الميل أربعة آلاف خطوةٍ‏,‏ كما نصّ الشّافعيّة على أنّ الخطوة ثلاثة أقدامٍ‏.‏

الأحكام الشّرعيّة المنوطة بالخطوة

62 - لا ينيط الفقهاء بالخطوة أحكاماً شرعيّةً‏,‏ وربّما ذكروها عرضاً في بعض الأحكام‏,‏ من ذلك ما ذكره ابن قدامة حيث قال‏:‏ قال القاضي‏:‏ لو خرج إلى ضيعةٍ له ففارق البنيان والمنازل ولو بخمسين خطوةٍ جاز له التّيمم والصّلاة على الرّاحلة‏.‏

و - الذّراع‏:‏

63 - الذّراع في اللغة‏:‏ اليد من كلّ حيوانٍ‏,‏ لكنّها في الإنسان من المرفق إلى أطراف الأصابع‏,‏ أو من المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى‏,‏ ويجري بها القياس‏,‏ وهي ذراع الإنسان المتوسّط‏,‏ وقدّرت بستّ قبضاتٍ معتدلاتٍ‏,‏ وتسمّى ذراع العامّة‏,‏ وهي مؤنّثة وبعض العرب يذكّرها‏.‏

والذّراع في اصطلاح الفقهاء مقياس للطول‏,‏ ولها أنواع مختلفة الطول‏,‏ وقد ذكر الماورديّ لها سبعة أنواعٍ‏,‏ فقال‏:‏ وأمّا الذّراع فالأذرع سبع‏,‏ أقصرها القاضية‏,‏ ثمّ اليوسفيّة‏,‏ ثمّ السّوداء‏,‏ ثمّ الهاشميّة الصغرى وهي البلاليّة‏,‏ ثمّ الهاشميّة الكبرى وهي الزّياديّة‏,‏ ثمّ العمريّة‏,‏ ثمّ الميزانيّة‏,‏ وذلك بحسب اسم واضعها‏.‏

وقد بيّن ذلك الماورديّ فقال‏:‏ فأمّا القاضية‏,‏ وتسمّى ذراع الدور فهي أقل من ذراع السّوداء بإصبع وثلثي إصبعٍ‏,‏ وأوّل من وضعها ابن أبي ليلى القاضي‏,‏ وبها يتعامل أهل كلواذي‏.‏

وأمّا اليوسفيّة‏,‏ وهي الّتي تذرّع بها القضاة الدور بمدينة السّلام‏,‏ فهي أقل من الذّراع السّوداء‏,‏ بثلثي إصبعٍ‏,‏ وأوّل من وضعها أبو يوسف القاضي‏.‏

وأمّا الذّراع السّوداء فهي أطول من ذراع الدور بإصبع وثلثي إصبعٍ‏,‏ وأوّل من وضعها الرّشيد قدرها بذراع خادمٍ أسود كان على رأسه‏,‏ وهي الّتي يتعامل بها النّاس في ذراع البزّ‏,‏ والتّجارة‏,‏ والأبنية‏,‏ وقياس نيل مصر‏.‏

وأمّا الذّراع الهاشميّة الصغرى وهي البلاليّة فهي أطول من الذّراع السّوداء بإصبعين وثلثي إصبعٍ‏,‏ وأوّل من أحدثها بلال بن أبي بردة‏,‏ وذكر أنّها ذراع جدّه أبي موسى الأشعريّ رضي الله تعالى عنه‏,‏ وهي أنقص من الزّياديّة بثلاثة أرباع عشرٍ‏,‏ وبها يتعامل النّاس بالبصرة والكوفة‏.‏

وأمّا الهاشميّة الكبرى وهي ذراع الملك‏,‏ وأوّل من نقلها إلى الهاشميّة المنصور‏,‏ فهي أطول من الذّراع السّوداء بخمس أصابع وثلثي إصبعٍ‏,‏ فتكون ذراعاً وثمناً وعشراً بالسّوداء‏,‏ وتنقص عنها الهاشميّة الصغرى بثلاثة أرباع عشرٍ‏,‏ وسمّيت زياديّةً لأنّ زياداً مسح بها أرض السّواد‏,‏ وهي الّتي يزرع بها أهل الأهواز‏.‏

وأمّا الذّراع العمريّة‏,‏ فهي ذراع عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه الّتي مسح بها أرض السّواد‏,‏ وقال موسى بن طلحة‏:‏ رأيت ذراع عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه الّتي مسح بها أرض السّواد‏,‏ وهي ذراع وقبضة وإبهام قائمة‏,‏ قال الحكم بن عيينة‏:‏ أنّ عمر رضي الله تعالى عنه عمد إلى أطولها ذراعاً وأقصرها وأوسطها‏,‏ فجمع منها ثلاثةً وأخذ الثلث منها‏,‏ وزاد عليه قبضةً وإبهاماً قائمةً ثمّ ختم طرفيها بالرّصاص وبعث بذلك إلى حذيفة وعثمان بن حنيفٍ حتّى مسحا بها السّواد‏,‏ وكان أوّل من مسح بها بعده عمر بن هبيرة‏.‏

أمّا الذّراع الميزانيّة‏,‏ فتكون بالذّراع السّوداء ذراعين وثلثي ذراعٍ وثلثي إصبعٍ‏,‏ وأوّل من وضعها المأمون‏,‏ وهي الّتي يتعامل النّاس فيها في ذرع البرائد والمساكن والأسواق وكراء الأنهار والحفائر‏.‏

64 - وقد اختلف الفقهاء في الذّراع الّتي تقدّر بها المقدّرات الشّرعيّة على أقوالٍ كما يلي‏:‏ اختلف الحنفيّة في الذّراع الشّرعيّة‏,‏ والمختار عندهم ذراع الكرباس‏,‏ وعليه الفتوى‏,‏ وهو سبع قبضاتٍ فقط‏,‏ أي بلا إصبعٍ قائمةٍ‏,‏ وهذا ما في الولوالجيّة‏,‏ وفي البحر أنّ في كثيرٍ من الكتب أنّه ست قبضاتٍ ليس فوق كلّ قبضةٍ إصبع قائمة‏,‏ فهو أربع وعشرون إصبعاً‏,‏ والمراد بالقبضة أربع أصابع مضمومةٍ‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ وهو قريب من ذراع اليد‏,‏ لأنّه ست قبضاتٍ وشيء‏,‏ وذلك شبران‏.‏

وقال ابن عابدين‏:‏ نقلاً عن المحيط والكافي‏:‏ أنّه يعتبر في كلّ زمانٍ ومكانٍ ذراعهم قال في النّهر‏:‏ وهو الأنسب‏.‏

وذهب المالكيّة إلى أنّ الذّراع ست وثلاثون إصبعاً‏,‏ قال التّسولي‏:‏ والذّراع ما بين طرفي المرفق ورأس الإصبع الوسطى‏,‏ كل ذراعٍ ست وثلاثون إصبعاً‏,‏ وفي قولٍ آخر لابن حبيبٍ مؤدّاه أنّ الذّراع أربع وعشرون إصبعاً‏,‏ وقال التّسولي‏:‏ وقال ابن حبيبٍ‏:‏ والذّراع شبران‏,‏ والشّبر اثنا عشر أصبعاً‏.‏

وذهب الشّافعيّة إلى أنّ الذّراع أربعة وعشرون إصبعاً‏,‏ قال الشّربيني الخطيب‏:‏ والذّراع أربعة وعشرون إصبعاً معترضاتٍ‏.‏

الأحكام الشّرعيّة المنوطة بالذّراع

65 - استعمل الحنفيّة الذّراع في مواضع منها مقدار الماء الكثير‏,‏ فقد ورد عنهم أنّ الكثير ما كان عشراً في عشرٍ‏,‏ أي عشرة أذرعٍ في عشرة أذرعٍ‏,‏ وبه أفتى المتأخّرون الأعلام‏.‏

ومنها في مقدار ابتعاد المرأة عن الرّجل في صلاة الجماعة إذا اقتديا بإمام واحدٍ، قال الحصكفي‏:‏ وإذا حاذته امرأة ولو أمة مشتهاة ولا حائل بينهما أقله مقدار ذراعٍ في صلاةٍ مشتركةٍ فسدت صلاته لو مكلّفاً‏,‏ وإلا لا‏.‏

ز - الشّبر‏:‏

66 - الشّبر في اللغة‏:‏ ما بين طرفي الخنصر والإبهام بالتّفريج المعتاد‏,‏ وهو مفرد يجمع على أشبارٍ‏,‏ وهو مذّكّر‏.‏

والشّبر في اصطلاح الفقهاء نصف ذراعٍ‏,‏ اثنا عشر إصبعاً‏,‏ قال ابن عابدين في الكلام عن الذّراع‏:‏ وهو قريب من ذراع اليد لأنّه ست قبضاتٍ وشيء‏,‏ وذلك شبران‏.‏

وقال التّسولي‏:‏ والذّراع شبران‏,‏ والشّبر اثنا عشر إصبعاً‏.‏

ما يناط بالشّبر من الأحكام الشّرعيّة

67 - ورد تقدير بعض الأحكام الشّرعيّة بالشّبر مثل‏:‏ تقدير تسنيم القبر بالشّبر‏.‏

ر‏:‏ مصطلح‏:‏ ‏(‏قبر ف 12‏,‏ وتسنيم ف 2‏)‏‏.‏

وإسبال ثوب المرأة شبراً أو ذراعاً‏.‏

ر‏:‏ مصطلح‏:‏ ‏(‏إسبال ف 4‏)‏‏.‏

وتقدير عمق الماء الرّاكد - إذا كان عشراً بعشر - بذراع أو شبرٍ في قولٍ عند الحنفيّة‏,‏ والصّحيح عندهم أن يكون بحال لا تنكشف أرضه بالغرف منه‏.‏

ح - الشّعْرة‏:‏

68 - الشّعر في اللغة‏:‏ بسكون العين وفتحها نبتة الجسم ممّا ليس بصوف ولا وبرٍ‏,‏ وبالسكون يجمع على شعورٍ‏,‏ وبالفتح على أشعارٍ وهو من الإنسان وغيره‏,‏ وهو مذّكّر الواحدة منه شعرة‏,‏ وإنّما جمع الشّعر تشبيهاً لاسم الجنس بالمفرد‏.‏

والشّعرة في اصطلاح الفقهاء عند الإطلاق هي شعرة البرذون خاصّةً وهو البغل‏,‏ وهي في المقياس من أجزاء الإصبع والذّراع عندهم‏,‏ ومقدارها سدس عرض شعيرةٍ بالاتّفاق‏.‏

الأحكام الشّرعيّة المنوط بالشّعرة

69 - لا ينيط الفقهاء بالشّعرة أحكاماً شرعيّةً مباشرةً‏,‏ ولكنّهم يذكرون الشّعرة معياراً لغيرها من الأطوال كالذّراع والإصبع والشّعيرة‏.‏

ط - الشّعيرة‏:‏

70 - من معاني الشّعيرة في اللغة‏:‏ أنّها واحدة الشّعير‏,‏ وهو نبات عشبي حبّي شتوي من الفصليّة النّجيليّة وهو دون البرّ في الغذاء‏.‏

والشّعيرة في اصطلاح الفقهاء في المقادير الشّرعيّة‏:‏ حبّة الشّعير‏,‏ وهي معيار للأطوال من حيث عرضها‏,‏ ومعيار للأوزان من حيث وزنها وثقلها‏.‏

وعرض الشّعيرة المتوسّطة - هي المرادة هنا - بطن لظهر مقياس للإصبع‏,‏ وهو مقدّر لدى الفقهاء بعرض ست شعراتٍ من شعر البرذون - البغل -‏.‏

والشّعيرة وهي معيار للدّرهم والمثقال والقيراط‏,‏ والمراد الشّعيرة المتوسّطة الّتي قطع رأساها‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ لكنّ المعتبر في قيراط الدّرهم الشّرعيّ خمس حبّاتٍ بخلاف قيراط الدّرهم العرفيّ‏,‏ وقال‏:‏ لأنّ درهم الزّكاة سبعون شعيرةً‏,‏ ثمّ قال‏:‏ كل خرنوبةٍ أربع شعيراتٍ أو أربع قمحاتٍ‏,‏ لأنّا اختبرنا الشّعيرة المتوسّطة مع القمحة المتوسّطة فوجدناهما متساويتين‏,‏ ثمّ قال‏:‏ قيراط خمس شعيراتٍ‏.‏

وقال الشّربيني الخطيب‏:‏ والمثقال لم يتغيّر جاهليّةً ولا إسلاماً‏,‏ وهو اثنان وسبعون حبّةً‏,‏ وهي شعيرة معتدلة لم تقشّر وقطع من طرفيها ما دقّ وطال، فالدّرهم خمسون حبّةً وخُمسا حبّةٍ‏.‏

ما يناط بالشّعيرة من الأحكام الشّرعيّة

71 - لا ينيط الفقهاء بالشّعيرة أحكاماً شرعيّةً ولكنّهم يجعلونها معياراً لأضعافها من الأوزان والأطوال كما تقدّم‏,‏ ثمّ هم يذكرون الشّعير من حيث هو مادّة غذائيّة ذات قيمةٍ ماليّةٍ في زكاة الزروع‏,‏ وفي صدقة الفطر‏,‏ وفي النّفقة‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏زكاة ف 97‏,‏ وزكاة الفطر ف 12 وربا ف 10 وما بعدها‏,‏ ونفقة‏)‏‏.‏

ي - العَشير‏:‏

72 - العشير في اللغة‏:‏ العشر وكذلك المعشار والعشر جزء من عشرة أجزاءٍ وقيل‏:‏ إنّ المعشار عشر العشير‏,‏ والعشير عشر العشر‏.‏

والعشير في اصطلاح الفقهاء ما مساحته قصبة في قصبةٍ‏,‏ قال الماورديّ‏:‏ والعشير قصبة في قصبةٍ‏,‏ والقصبة ستّة أذرعٍ‏,‏ والعشير ستّة وثلاثون ذراعاً‏,‏ وهو عشر القفيز‏.‏

ما يناط بالعشير من الأحكام الشّرعيّة

73 - لا ينيط الفقهاء بالعشير أحكاماً شرعيّةً مباشرةً‏,‏ ولكنّهم يذكرونه أحياناً بين أضعاف الذّراع والقصبة‏,‏ وأجزاء الجريب والقفيز‏.‏

ك - الغلوة‏:‏

74 - الغلوة في اللغة‏:‏ رمية سهمٍ أبعد ما يقدر عليه‏,‏ وقيل‏:‏ هي قدر ثلاثمائة ذراعٍ إلى أربعمائةٍ‏,‏ وجمعها غلوات‏,‏ أو هي جزء من خمسةٍ وعشرين جزءاً من الفرسخ‏.‏

وقد اختلفت أقوال الفقهاء في مقدار الغلوة فقيل‏:‏ هي ثلاثمائة ذراعٍ‏,‏ وقيل‏:‏ ثلاثمائةٍ إلى أربعمائة خطوةٍ‏,‏ وقيل‏:‏ هي رمية سهمٍ دون تحديدٍ دقيقٍ بشيء مقدّرٍ‏,‏ قال ابن عابدين نقلاً عن البحر الرّائق عن المجتبى‏:‏ هي ثلاثمائة ذراعٍ إلى أربعمائةٍ هو الأصح‏.‏

ما يناط بالغلوة من أحكامٍ

75 - قليلاً ما يذكر الفقهاء الغلوة في تقديرهم للأحكام الشّرعيّة‏,‏ وقد ذكر بعضهم تقدير البعد الّذي يجب على المتيمّم طلب الماء منه لصحّة تيممه بأنّه قدر غلوةٍ‏,‏ قال الحصكفي‏:‏ ويجب أن يفترض طلبه ولو برسوله - أي الماء لصحّة التّيمم عند عدمه - قدر غلوةٍ‏.‏ وقال النّووي‏:‏ فإن احتاج إلى ترددٍ - أي المتيمّم عند طلبه للماء - تردّد قدر نظره‏,‏ قال الشّربيني تعليقاً على ذلك‏:‏ قدر نظره أي في المستوى من الأرض‏,‏ وفي الشّرح الصّغير بغلوة سهمٍ‏,‏ أي غاية رميةٍ‏.‏

وقد ذكر الحصكفي الغلوة لتقدير بعد الفناء عن البنيان الّذي يجب على المرء مغادرته ليعدّ مسافراً‏,‏ فقال‏:‏ وفي الخانية‏:‏ إن كان بين الفناء والمصر أقل من غلوةٍ وليس بينهما مزرعة يشترط مجاوزته وإلا فلا‏.‏

ل - الفرسخ‏:‏

76 - الفرسخ في اللغة‏:‏ ثلاثة أميالٍ بالهاشميّ‏,‏ أو خمسة وعشرون غلوةً‏,‏ أو اثنا عشر ألف ذراعٍ أو عشرة آلاف ذراعٍ‏.‏

والفرسخ في اصطلاح الفقهاء ثلاثة أميالٍ‏.‏

ما يناط بالفرسخ من الأحكام الشّرعيّة

77 - قدّر جمهور الفقهاء بالفرسخ مسافة السّفر المثبت للرخص الشّرعيّة كالفطر في رمضان‏,‏ وقصر الصّلاة‏.‏

وذكروا أنّ مسافة السّفر هذه / 16 / ستّة عشر فرسخاً، وتساوي / 48 / ثمانيةً وأربعين ميلاً‏.‏

وخالف الحنفيّة وقالوا‏:‏ إنّ مسافة القصر تقدّر بالمراحل لا بالفراسخ‏,‏ قال الحصكفي‏:‏ ولا اعتبار بالفراسخ على المذهب‏,‏ لأنّ الفراسخ تختلف باختلاف الطّريق في السّهل والجبل والبرّ والبحر بخلاف المراحل‏.‏

م - القبضة‏:‏

78 - القبضة في اللغة‏:‏ ما أخذت بجمع كفّك كلّه‏,‏ فإذا كان بأصابعك قهي القبصة‏,‏ بالصّاد المهملة والقبضة أربع أصابع‏.‏ وفي اصطلاح الفقهاء‏:‏ القبضة أربع أصابع من أصابع يد الإنسان المعتدلة‏,‏ وهي من أجزاء الذّراع‏,‏ ومن أضعاف الإصبع‏,‏ قال ابن عابدين نقلاً عن نوحٍ أفندي‏:‏ والمراد بالقبضة أربع أصابع مضمومةٍ‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ وهو - أي الذّراع - قريب من ذراع اليد لأنّه ست قبضاتٍ وشيء‏,‏ وذلك شبران‏.‏

ما يناط بالقبضة من أحكامٍ

79 - لا يذكر الفقهاء كثيراً القبضة في تقدير الأحكام الشّرعيّة ولكنّهم يذكرونها في تقدير أضعافها بها‏,‏ وفي حساب أجزائها‏,‏ كالذّراع والإصبع‏,‏ وربّما ذكرها بعضهم عرضاً في بعض الأحكام‏,‏ من ذلك ما يجب في كفّارة مخالفة أحكام الإحرام للحاجّ‏,‏ فقد قال الحصكفي‏:‏ وإن طيّب أقلّ من عضوٍ أو ستر رأسه أو لبس أقلّ من يومٍ تصدّق بنصف صاعٍ‏,‏ وفي الخزانة في السّاعة نصف صاعٍ‏,‏ وفيما دونها قبضة‏,‏ أي قبضة من طعامٍ يتصدّق بها‏.‏

ق - القدم‏:‏

80 - القدم في الإنسان ما يطأ الأرض من الرّجل‏,‏ وفوقها السّاق‏,‏ وبينهما المفصل المسمّى الرسغ أو الكعب‏,‏ والقدم مؤنّثة‏,‏ وهي مفرد يجمع على أقدامٍ‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏,‏ إلا أنّ الفقهاء قد يستعملون القدم وحدةً لقياس المسافة‏,‏ ويجعلونها من أجزاء الذّراع والميل‏,‏ قال الشّربيني الخطيب‏:‏ والقدمان ذراع‏,‏ وقال المقدسي‏:‏ والميل اثنا عشر ألف قدمٍ‏.‏

ما يناط بالقدم من أحكامٍ شرعيّةٍ

81 - يذكر الفقهاء أحكام القدم بصفتها عضواً من أعضاء الإنسان في أبوابٍ عدّةٍ من الفقه‏,‏ منها القصاص‏,‏ والتّعزير‏,‏ والوضوء‏,‏ والغسل‏,‏ والتّيمم‏,‏ ويذكرونها بصفتها جزءاً من أجزاء الذّراع للقياس بها أحياناً‏.‏

وينظر تفصيل ذلك في مصطلحاتها‏.‏

س - القصبة‏:‏

82 - من معاني القصبة في اللغة أنّها واحدة القصب والقصبات‏,‏ والقصب هو‏:‏ كل نباتٍ يكون ساقه أنابيب وكعوباً‏,‏ وقال الفيومي‏:‏ كل عشرة أذرعٍ تسمّى قصبةً‏,‏ وكل عشر قصباتٍ تسمّى أشلاً‏,‏ ومضروب الأشل في القصبة قفيز‏,‏ وقال في المعجم الوسيط‏:‏ من معاني القصبة في اللغة أنّها مقياس من القصب طوله في مصر ثلاثة أمتارٍ وخمسة وخمسون من المائة من المتر‏,‏ وجمعها قصب وقصبات‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء‏,‏ قال عميرة‏:‏ القصبة ستّة أذرعٍ وثلثا ذراعٍ‏.‏

وقال الماورديّ‏:‏ والقصبة ستّة أذرعٍ‏,‏ ووافقه على ذلك ابن مفلحٍ‏,‏ إلا أنّه أضاف‏:‏ والقصبة ستّة أذرعٍ بالذّراع العمريّة‏,‏ والقصبة من أجزاء الجريب‏,‏ قال الماورديّ‏:‏ فأمّا الجريب فهو عشر قصباتٍ في عشر قصباتٍ‏.‏

ما يناط بالقصبة من الأحكام الشّرعيّة

83 - القصبة عند الفقهاء من أجزاء الجريب ومن أضعاف الذّراع‏,‏ يعيّرونها بها‏.‏

ع - المرحلة‏:‏

84 - المرحلة في اللغة المسافة الّتي يقطعها المسافر في يومٍ‏,‏ والجمع مراحل‏.‏

والمرحلة في اصطلاح الفقهاء لا تخرج عن معناها اللغويّ‏,‏ وقد حاول الفقهاء ضبطها بالمسافة والزّمن‏.‏

قال ابن عابدين من الحنفيّة‏:‏ قال في النّهاية أي التّقدير بثلاث مراحل قريب من التّقدير بثلاثة أيّامٍ‏,‏ لأنّ المعتاد من السّير في كلّ يومٍ مرحلةً واحدةً خصوصاً في أقصر أيّام السّنة‏.‏ ونقل عن الفتح أنّه قيل‏:‏ يقدّر بواحد وعشرين فرسخاً‏,‏ وقيل‏:‏ بثمانية عشر‏,‏ وقيل‏:‏ بخمسة عشر‏,‏ وكل من قدّر منها اعتقد أنّه مسيرة ثلاثة أيّامٍ‏,‏ أي بناءً على اختلاف البلدان‏.‏

وقال الدسوقي من المالكيّة‏:‏ مرحلتان أي سير يومين معتدلين‏,‏ أو يوم وليلة بسير الإبل المثقّلة بالأحمال على المعتاد‏.‏

وقال الشّربيني الخطيب من الشّافعيّة‏:‏ وهما - أي المرحلتان - سير يومين بلا ليلةٍ معتدلين‏,‏ أو ليلتين بلا يومٍ معتدلتين‏,‏ أو يوم وليلة كذلك بسير الأثقال‏,‏ أي الحيوانات المثقّلة بالأحمال‏,‏ ودبيب الأقدام على العادة المعتادة من النزول والاستراحة والأكل والصّلاة ونحوه‏.‏

ما يناط بالمرحلة من الأحكام الشّرعيّة

85 - أناط الفقهاء بالمراحل السّفر المثبت للرخص كالقصر في الصّلاة وجمع الصّلوات وقد ذهب الجمهور إلى أنّ السّفر المثبت للرخص ما كان قدر مرحلتين وقدّروه بستّة عشر فرسخاً‏,‏ أو أربعة بردٍ‏,‏ أو ثمانيةً وأربعين ميلاً‏.‏

قال الدّردير‏:‏ وهي - أي مسافة السّفر - باعتبار الزّمان مرحلتان أي سير يومين معتدلين، وقال الدسوقي‏:‏ فالعبرة بالأربعة البرد‏.‏

وقال النّووي‏:‏ وطويل السّفر ثمانية وأربعون ميلاً هاشميّةً‏,‏ قال وهو مرحلتان بسير الأثقال‏.‏

وقال المقدسي‏:‏ يبلغ سفره ذهاباً ستّة عشر فرسخاً تقريباً، وهي يومان‏.‏

أمّا الحنفيّة فقد نصوا على أنّ مسافة السّفر المثبت للرخص هي ثلاث مراحل‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ التّقدير بثلاث مراحل قريب من التّقدير بثلاثة أيّامٍ‏,‏ ولا عبرة عند جمهور الحنفيّة للمسافة‏,‏ بل العبرة للزّمن فقط على المذهب‏,‏ وقال الحصكفي‏:‏ ولا اعتبار بالفراسخ على المذهب‏.‏

فالمرحلة من حيث المسافة عند الجمهور تساوي أربعةً وعشرين ميلاً هاشمياً‏,‏ أو بريدين‏,‏ أو ثمانية فراسخ‏,‏ وكلها متساوية‏.‏

وعند الحنفيّة المرحلة ستّة فراسخ‏,‏ وقيل خمسة فراسخ‏,‏ وقيل سبعة فراسخ‏,‏ والفتوى على الأوّل‏.‏

أمّا من حيث الزّمان‏,‏ فالمرحلة عند الجمهور مسيرة يومٍ كاملٍ معتدلٍ‏,‏ أو ليلةٍ كاملةٍ معتدلةٍ بسير الحيوانات المثقّلة بالأحمال‏,‏ واليوم من طلوع الشّمس إلى غيابها‏,‏ ويغتفر وقت النزول المعتاد للرّاحة أو إصلاح المتاع أو الصّلاة‏.‏

أمّا الحنفيّة فالمرحلة عندهم هي مسيرة يومٍ من أقصر أيّام السّنة‏,‏ ولا يشترط سفر كلّ اليوم إلى اللّيل‏,‏ بل من طلوع الفجر الصّادق إلى الزّوال فقط‏,‏ وقد قدّروا ذلك في مصر بسبع ساعاتٍ إلا ربعاً‏,‏ وفي الشّام بستّ ساعاتٍ وثلثي السّاعة‏.‏

ف - المِيل‏:‏

86 - الميل في اللغة‏:‏ بكسر الميم مقدار مدى البصر من الأرض قاله الأزهري‏,‏ وعند القدماء من أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراعٍ‏,‏ وعند المحدثين أربعة آلاف ذراعٍ‏,‏ قال الفيومي‏:‏ الخلاف لفظي‏,‏ لأنّهم اتّفقوا على أنّ مقداره ست وتسعون ألف إصبعٍ‏,‏ والإصبع ست شعيراتٍ بطن كلّ واحدةٍ إلى الأخرى‏,‏ ولكن القدماء يقولون‏:‏ الذّراع اثنتان وثلاثون أصبعاً والمحدثون يقولون أربع وعشرون إصبعاً‏,‏ وعلى ذلك فالخلاف في الذّراع وليس في الميل‏.‏

والميل في اصطلاح الفقهاء مختلف فيه بينهم على أقوالٍ‏:‏

فذهب الحنفيّة إلى أنّه أربعة آلاف ذراعٍ‏.‏

وللمالكيّة قولان‏:‏ ذهب ابن عبد البرّ إلى أنّه ثلاثة آلاف ذراعٍ وخمسمائة ذراعٍ‏,‏ وقال ابن حبيبٍ‏:‏ الميل ألف باعٍ‏,‏ والباع ذراعان فيكون الميل ألفي ذراعٍ‏,‏ وقال الدسوقي‏:‏ والمشهور أنّ الميل ألفا ذراعٍ‏,‏ والصّحيح أنّه ثلاثة آلاف ذراعٍ وخمسمائةٍ‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ الميل أربعة آلاف خطوةٍ‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ الميل الهاشمي ستّة آلاف ذراعٍ بذراع اليد‏,‏ وهي اثنا عشر ألف قدمٍ‏.‏

ما يناط بالميل من الأحكام الشّرعيّة

87 - ينيط الفقهاء بالميل بعض الأحكام الشّرعيّة‏,‏ أهمها مسافة السّفر المثبت للرخص على أنّه جزء من أجزاء الفرسخ‏,‏ وقد تقدّم ذلك في فرسخ‏.‏

كما يعلّق بعض الفقهاء بالميل مسافة بعد الماء لإباحة التّيمم‏.‏

فقد ذهب الحنفيّة إلى أنّ البعد عن الماء المبيح للتّيمم هو ميل‏,‏ قال الحصكفي‏:‏ من عجز عن استعمال الماء المطلق الكافي لطهارته لصلاة تفوت إلى خلفٍ لبعده ولو مقيماً في المصر ميلاً أربعة آلاف ذراعٍ تيمم‏.‏

وقدّر المالكيّة هذه المسافة بميلين إلا إذا ظنّ أو تيقّن عدم وجود الماء فلا يجب عليه الطّلب أصلاً‏,‏ وكذلك إذا شقّ عليه بالفعل طلبه‏,‏ فإنّه لا يلزمه طلبه‏.‏

وقدّر بعض الشّافعيّة المسافة بنصف فرسخٍ‏,‏ وهو ميل ونصف‏,‏ قال الشّربيني الخطيب‏:‏ لعلّه يقرب من نصف فرسخٍ‏.‏

مُقَارَضَة

انظر‏:‏ مضاربة‏.‏