فصل: الأحكام المتعلّقة بمقام إبراهيم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


مُقَاسَمة

التّعريف

1 - المقاسمة لغةً‏:‏ مصدر قاسم يقال‏:‏ قاسم فلان فلاناً‏,‏ أخذ كل منهما قسمه‏,‏ وقاسمته‏:‏ حلفت له‏,‏ وقاسمته المال وهو قسيمي‏,‏ فعيل بمعنى فاعلٍ‏,‏ مثل جالسته ونادمته وهو جليسي ونديمي‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - المشاركة‏:‏

2 - المشاركة في اللغة مصدر شارك يقال‏:‏ شارك فلان فلاناً مشاركةً‏,‏ وفعله الثلاثي‏:‏ شرك‏,‏ يقال‏:‏ شرك فلاناً في الأمر شركاً وشركةً‏:‏ كان لكلّ منهما نصيب منه‏,‏ فهو شريك‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

والصّلة بين المقاسمة والمشاركة التّضاد‏.‏

ب - المحاصّة‏:‏

3 - المحاصّة في اللغة‏:‏ مصدر يقال‏:‏ حاصّه محاصّةً وحصاصاً‏:‏ قاسمه فأخذ كل واحدٍ منهما حصّته أي نصيبه‏,‏ وتحاصّ الغرماء‏:‏ اقتسموا المال بينهم حصصاً‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

والصّلة بين المحاصّة والمقاسمة‏:‏ هو أنّ المقاسمة أعم من المحاصّة‏,‏ لأنّ المحاصّة لا تكون إلا إذا لم يف المال بالحقوق وإن كان الاثنان يشتركان في التّقسيم والإفراز‏.‏

ج - المهايأة‏:‏

4 - المهايأة في اللغة‏:‏ مفاعلة من الهيئة وهي الحالة الظّاهرة للمتهيّئ للشّيء‏,‏ قال الفيومي‏:‏ تهايأ القوم تهايؤاً من الهيئة‏:‏ جعلوا لكلّ واحدٍ هيئةً معلومةً‏,‏ والمراد النّوبة‏,‏ فكل من الشّريكين يرضى بهيئة واحدةٍ ويختارها‏,‏ أو أنّ الشّريك الثّاني ينتفع بالعين على الهيئة الّتي ينتفع بها الشّريك الأوّل‏,‏ أي أن يتواضعوا على أمرٍ فيتراضوا به‏.‏

والمهايأة اصطلاحاً‏:‏ قسمة المنافع‏,‏ لأنّ كلّ واحدٍ فيها إمّا أن يرضى بهيئة واحدةٍ ويختارها‏,‏ وإمّا أنّ الشّريك الثّاني ينتفع بالعين على الهيئة الّتي وقع بها انتفاع شريكه الأوّل‏,‏ فالمقاسمة أعم من المهايأة‏.‏

مقاسمة الجدّ الإخوة في الميراث

5 - ذهب جمهور الفقهاء من المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة والصّاحبين من الحنفيّة إلى توريث الإخوة الأشقّاء أو لأبٍ مع الجدّ‏.‏

فقالوا‏:‏ إن لم يكن معه صاحب فرضٍ فللجدّ الأكثر من المقاسمة أو ثلث التّركة‏,‏ وإن كان معه صاحب فرضٍ فله الأكثر من المقاسمة أو ثلث الباقي أو سدس التّركة‏.‏

وتفسير المقاسمة هنا‏:‏ أن يجعل الجدّ في القسمة كأحد الإخوة‏,‏ فيقسم المال بينه وبين الإخوة‏:‏ للذّكر مثل حظّ الأنثيين‏,‏ ويجعل نصيبه مع الإخوة كنصيب واحدٍ منهم‏,‏ وذلك لأنّه يشبه الأب من جهةٍ ويشبه الأخ من جهةٍ أخرى‏,‏ فوفّرنا عليه حقّه من الشّبهين‏,‏ فجعلناه كالأب في حجب الإخوة لأمّ‏,‏ وكالأخ في قسمة الميراث ما دامت المقاسمة خيراً له‏.‏

وذهب أبو حنيفة إلى أنّه لا مقاسمة بين الجدّ والإخوة والأخوات‏,‏ بل الجد يستقل بالمال كالأب‏,‏ وأنّ الجدّ في الميراث كالأب يحجب الإخوة مطلقاً‏:‏ أشقّاءً أو لأبٍ أو لأمّ‏,‏ وهو مذهب أبي بكرٍ الصّدّيق وابن عبّاسٍ وابن عمر وابن الزبير وأبي بن كعبٍ وحذيفة بن اليمان وأبي سعيدٍ الخدريّ ومعاذ بن جبلٍ وأبي موسى الأشعريّ وعائشة رضي اللّه عنهم أجمعين‏.‏

وتفصيل ذلك ينظر في‏:‏ ‏(‏إرث ف 30‏,‏ 31‏)‏‏.‏

خراج المقاسمة

6 - قال الكاساني‏:‏ وأمّا خراج المقاسمة فهو أن يفتح الإمام بلدةً‏,‏ فيمنّ على أهلها‏,‏ ويجعل على أراضيهم خراج المقاسمة‏,‏ وهو أن يؤخذ منهم نصف الخارج أو ثلثه أو ربعه وأنّه جائز لما روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هكذا فعل لمّا فتح خيبر‏.‏

ويكون حكم هذا الخراج حكم العشر‏,‏ ويكون ذلك في الخارج كالعشر إلا أنّه يوضع موضع الخراج‏,‏ لأنّه خراج في الحقيقة‏.‏

وتفصيله في‏:‏ ‏(‏خراج ف 15‏)‏‏.‏

مقاسمة أحد الشّريكين

7 - قال الفقهاء‏:‏ لو سأل أحد الشّريكين شريكه مقاسمته فامتنع أجبره الحاكم على ذلك إذا أثبت عنده ملكها‏,‏ وكان مثله ينقسم وينتفعان به مقسوماً‏.‏

وتفصيل ذلك في‏:‏ ‏(‏قسمة ف 12 وما بعدها‏)‏‏.‏

مقاسمة السّاعي الثّمرة بعد جنيها في الرطب والعنب

8 - نصّ الحنابلة على أنّه إذا احتيج إلى قطع الثّمرة قبل كمالها خوفاً من العطش أو لضعف الجمار جاز قطعها‏,‏ وكذلك إذا أراد قطع الثّمرة لتحسين الباقي منها جاز‏,‏ وإذا أراد ذلك فقال القاضي‏:‏ يخيّر السّاعي بين أن يقاسم ربّ المال الثّمرة قبل الجذاذ بالخرص‏,‏ ويأخذ نصيب الفقراء نخلةً مفردةً ويأخذ ثمرتها‏,‏ وبين أن يجذّها ويقاسمه إيّاها بالكيل ويقسم الثّمرة في الفقراء‏,‏ وبين أن يبيعها من ربّ المال أو من غيره قبل الجذاذ أو بعده ويقسم ثمنها في الفقراء‏,‏ وقال أبو بكرٍ‏:‏ عليه الزّكاة فيه يابساً‏,‏ وذكر أنّ أحمد نصّ عليه وكذلك الحكم في العنب الّذي لا يجيء منه زبيب‏,‏ والرطب الّذي لا يجيء منه تمر جيّد‏.‏ وتفصيل ذلك في‏:‏ ‏(‏زكاة ف 117‏)‏‏.‏

مَقَاصِد الشّريعة

التّعريف

1 - المقاصد في اللغة‏:‏ جمع مقصدٍ‏,‏ وهو‏:‏ الوجهة أو المكان المقصود‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ لم يتعرّض علماء الأصول إلى تعريف المقاصد‏,‏ والّذي يستخلص من كلامهم في ذلك‏:‏ أنّها المعاني والحكم الملحوظة للشّارع في جميع أحوال التّشريع أو معظمها‏,‏ بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوعٍ خاصٍّ من أحكام الشّريعة‏.‏

أنواع المقاصد

2 - قال الشّاطبي في بيان قصد الشّارع في وضع الشّريعة‏:‏ تكاليف الشّريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسامٍ‏:‏

أحدها‏:‏ أن تكون ضروريّةً‏.‏

والثّاني‏:‏ أن تكون حاجيةً‏.‏

والثّالث‏:‏ أن تكون تحسينيّةً‏.‏

وتفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ‏.‏

مُقاصَّة

التّعريف

1 - المقاصّة في اللغة‏:‏ مصدر قاصّه إذا كان له عليه دين مثل ما على صاحبه‏,‏ فجعل الدّين في مقابلة الدّين‏.‏

ويقال‏:‏ تقاصّ القوم إذا قاصّ كل واحدٍ منهم صاحبه في حسابٍ أو غيره‏.‏

وأمّا في الاصطلاح‏:‏ فالمقاصّة إسقاط دينٍ مطلوبٍ لشخص على غريمه في مقابلة دينٍ مطلوبٍ من ذلك الشّخص لغريمه‏,‏ وهي طريقة من طرق قضاء الديون‏.‏

وقال ابن جزيٍّ من المالكيّة‏:‏ المقاصّة هي اقتطاع دينٍ من دينٍ‏,‏ وفيها متاركة‏,‏ ومعاوضة وحوالة‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الحوالة‏:‏

2 - الحوالة في اللغة من حال الشّيء حولاً‏:‏ تحوّل‏,‏ وتحوّل من مكانه‏:‏ انتقل عنه‏,‏ فإذا أحلت شخصاً بدينك فقد نقلته إلى ذمّةٍ غير ذمّتك‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ نقل الدّين من ذمّةٍ إلى ذمّةٍ أخرى‏.‏

والصّلة بين المقاصّة والحوالة‏:‏ أنّ المقاصّة سقوط أحد الدّينين بمثله بشروطه‏,‏ والحوالة نقل للدّين‏.‏

ب - الإبراء‏:‏

3 - من معاني الإبراء في اللغة‏:‏ التّنزيه والتّخليص والمباعدة عن الشّيء‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ إسقاط الشّخص حقاً له في ذمّة آخر أو قبله‏.‏

والصّلة بين المقاصّة والإبراء‏:‏ أنّ المقاصّة إسقاط بعوض‏,‏ والإبراء إسقاط بغير عوضٍ‏.‏

حكم المقاصّة

4 - المقاصّة مشروعة‏,‏ ودليل مشروعيّتها المنقول والمعقول‏:‏ أمّا المنقول فما ورد عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه تعالى عنهما أنّه قال‏:‏ «كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدّنانير وآخذ الدّراهم‏,‏ وأبيع بالدّراهم وآخذ الدّنانير‏,‏ آخذ هذه من هذه‏,‏ وأعطي هذه من هذه فأتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو في بيت حفصة فقلت‏:‏ يا رسول اللّه‏,‏ رويدك أسألك إنّي أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدّنانير وآخذ الدّراهم وأبيع بالدّراهم وآخذ الدّنانير آخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه‏,‏ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم‏:‏ لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء»‏,‏ وهذا نص على جواز الاستبدال من ثمن المبيع الّذي في الذّمّة بغيره‏.‏

وأمّا المعقول‏:‏ فلأنّ قبض نفس الدّين لا يتصوّر‏,‏ لأنّه عبارة عن مالٍ حكميٍّ في الذّمّة‏,‏ أو عبارة عن الفعل‏,‏ وكل ذلك لا يتصوّر فيه قبضه حقيقةً‏,‏ فكان قبضه بقبض بدله وهو قبض الدّين‏,‏ فتصير العين المقبوضة مضمونةً على القابض وفي ذمّة المقبوض منه مثلها في الماليّة‏,‏ فيلتقيان قصاصاً‏,‏ هذا هو طريق قبض الديون‏,‏ وهذا المعنى لا يوجب الفصل بين أن يكون المقبوض من جنس ما عليه‏,‏ أو من خلاف جنسه‏,‏ لأنّ المقاصّة إنّما تتحقّق بالمعنى وهو الماليّة‏,‏ والأموال كلها في معنى الماليّة جنس واحد‏.‏

أنواع المقاصّة

5 - المقاصّة نوعان‏:‏

أ - اختياريّة‏:‏ وهي الّتي تحصل بتراضي المتداينين‏.‏

ب - وجبريّة‏:‏ وهي الّتي تحصل بتقابل الدّينين بشروط معيّنةٍ‏.‏

ويشترط لحصول المقاصّة الجبريّة عند جمهور الفقهاء اتّحاد الدّينين جنساً ووصفاً‏,‏ وحلولاً‏,‏ وقوّةً وضعفاً‏,‏ ولا يشترط ذلك في المقاصّة الاختياريّة‏.‏

فإن كان الدّينان من جنسين مختلفين أو متفاوتين في الوصف أو مؤجّلين أو أحدهما حالاً والآخر مؤجّلاً‏,‏ أو أحدهما قوياً والآخر ضعيفاً فلا يلتقيان قصاصاً إلا بتراضي المتداينين سواء اتّحد سببهما أو اختلف‏.‏

والمالكيّة لا يقولون بالمقاصّة الجبريّة الّتي تقع بنفسها إلا نادراً‏.‏

قال الدسوقيّ‏:‏ غالب أحوال المقاصّة الجواز‏,‏ أمّا وجوبها فهو قليل إذ هو في أحوالٍ ثلاثةٍ وهي‏:‏ إذا حلّ الدّينان‏,‏ أو اتّفقا أجلاً‏,‏ أو طلبها من حلّ دينه‏,‏ فالمذهب وجوب الحكم بالمقاصّة‏.‏

محل المقاصّة الجبريّة وشروطها

6 - محل المقاصّة الدّين فلا تقع بين عينين ولا بين عينٍ ودينٍ إلا إذا تحوّلت العين إلى دينٍ‏,‏ فإن تحوّلت جازت المقاصّة بالدّين الّذي تحوّلت العين إليه بشروطه‏.‏

7 - وقد ذهب الحنفيّة إلى أنّه لو كان الدّينان من جنسين متفاوتين في الوصف أو الأجل أو كان أحدهما مكسوراً والآخر صحيحاً لا تقع المقاصّة الجبريّة بينهما ما لم يتقاصّ المتداينان باختيارهما‏.‏

وإذا أتلف الدّائن عيناً من مال المديون وكانت من جنس الدّين سقطت قصاصاً‏,‏ وإن كانت من خلافه فلا تقع المقاصّة بلا تراضيهما‏.‏

وطريقة المقاصّة مطلقاً أنّها تقع بقدر الأقلّ من الدّينين‏:‏ فإن كان لأحدهما مائة ريالٍ ديناً على الآخر‏,‏ وللمديون عليه مائة جنيهٍ مثلاً‏,‏ وتقاصّا يسقط من قيمة الجنيهات قصاصاً بقدر الرّيالات ويبقى لصاحب الجنيهات ما بقي منها‏.‏

وكذلك لو كان للدّائن على المديون مائة درهمٍ‏,‏ وللمديون على الدّائن مائة دينارٍ‏,‏ فإذا تقاصّا‏:‏ تصير الدّراهم قصاصاً بمائة من قيمة الدّنانير‏,‏ ويبقى لصاحب الدّراهم ما بقي منها‏.‏

8 - وقال المالكيّة‏:‏ المقاصّة في الديون منها ما يجوز‏,‏ ومنها ما لا يجوز‏,‏ والجواز نظير للمتاركة‏,‏ والمنع تغليب للمعاوضة أو الحوالة إذا لم تتمّ شروطها‏,‏ وإذا قويت التهمة وقع المنع‏,‏ وإن فقدت حصل الجواز‏,‏ وإن ضعفت حصل الخلاف‏.‏

فإذا كان لرجل على آخر دين وكان لذلك الآخر عليه دين فأراد اقتطاع أحد الدّينين من الآخر لتقع البراءة بذلك ففي ذلك تفصيل‏:‏ وذلك أنّه لا يخلو أن يتّفق جنس الدّينين أو يختلفا، فإن اختلفا جازت المقاصّة مثل أن يكون أحد الدّينين عيناً والآخر طعاماً أو عرضاً‏,‏ أو يكون أحدهما عرضاً والآخر طعاماً‏.‏

وإن اتّفق جنس الدّينين فلا يخلو‏:‏

9 - أ - أن يكون أصلهما عينين‏:‏ فتجوز المقاصّة في ديني العين مطلقاً أي سواء كانا من بيعٍ‏,‏ أو من قرضٍ‏,‏ أو أحدهما من بيعٍ والآخر من قرضٍ بشروط هي‏:‏

أن يتّحدا قدراً وصفةً حلّ الدّينان معاً أو حلّ أحدهما أم لا‏,‏ بأن كانا مؤجّلين اتّفق أجلهما أو اختلف‏.‏

وإنّما جازت المقاصّة في هذه الصور‏,‏ لأنّ المقصود المعاوضة والمبارأة وقد تحقّقت‏.‏

وأمّا إن اختلف دينا العين في الصّفة أي‏:‏ الجودة والرّداءة مع اتّحادهما في القدر أي الوزن والعدد سواء كان ذلك مع اتّحاد النّوع كدراهم محمّديّةٍ ويزيديّةٍ‏,‏ أو مع اختلافه كذهب وفضّةٍ‏,‏ فكذلك تجوز المقاصّة إن حلا معاً سواء كانا من بيعٍ أو من قرضٍ أو اختلفا بأن كان أحدهما من بيعٍ والآخر من قرضٍ‏,‏ إذ هي مع اتّحاد النّوع مبادلة ما في الذّمّة‏,‏ ومع اختلافه صرف ما في الذّمّة‏,‏ وهما جائزان بشرط التّعجيل في الأوّل والحلول في الثّاني‏.‏ وإن لم يحلا‏:‏ واتّفقا أجلاً أو اختلفا‏,‏ أو حلّ أحدهما دون الآخر فلا يجوز المقاصّة لأنّها مع اتّحاد النّوع بدل مؤخّر‏,‏ ومع اختلافه صرف مؤخّر وكلاهما ممنوع‏,‏ كأن اتّفقا نوعاً واختلفا زنةً حال كونهما من بيعٍ كدينار كاملٍ ودينارٍ ناقصٍ فتجوز المقاصّة فيهما إن حلا وإلا فلا‏,‏ وكذلك اختلافهما في العدد‏.‏

وإذا كان الدّينان من قرضٍ‏:‏ منعت المقاصّة سواء حلا‏,‏ أو حلّ أحدهما‏,‏ أو لم يحلا‏,‏ اتّفقا أجلاً أو اختلفا‏.‏

وإن كانا من بيعٍ وقرضٍ منعت إن لم يحلا‏,‏ سواء اتّفقا أجلاً أو اختلفا أو حلّ أحدهما‏,‏ فإذا حلا‏:‏ فإن كان الأكثر هو الّذي من بيعٍ منعت‏,‏ لأنّه قضاء عن قرضٍ بزيادة‏,‏ وإن كان من قرضٍ جازت‏,‏ لأنّه قضاء عن بيعٍ بزيادة وهي جائزة‏.‏

10 - ب - إذا كانا طعامين‏:‏ إذا كان الدّينان أصلهما طعامان فلا يخلو‏:‏

أ - أن يكونا من قرضٍ‏:‏ وفي هذه الحالة يكون حكم المقاصّة فيها كحكم ديني العين في صور الجواز والمنع‏.‏

فتجوز إن اتّفقا صفةً وقدراً سواء حلا أو حلّ أحدهما أو لم يحلا‏,‏ اتّفقا أجلاً أو اختلفا‏,‏ أو اختلفا صفةً مع اتّحاد النّوع أو اختلافه‏.‏

ولا تجوز إن لم يحلا أو حلّ أحدهما‏,‏ اتّفقا أجلاً أو اختلفا كأن اختلفا قدراً‏.‏

ب - أن يكونا من بيعٍ‏:‏ حيث تمنع المقاصّة في الطّعامين إذا كانا مرتّبين في الذّمّتين من بيعٍ‏,‏ سواء حلّ أجلهما أو أجل أحدهما أو لم يحلا‏,‏ اتّفق أجلهما أو اختلف‏,‏ ولو متّفقين قدراً وصفةً لأنّه من بيع الطّعام قبل قبضه‏.‏

وقال أشهب‏:‏ تجوز المقاصّة عند اتّفاق الطّعامين في القدر والصّفة‏,‏ والحلول بناءً على أنّها كالإقالة‏.‏

ج - إذا كان الطّعامان من بيعٍ وقرضٍ‏:‏ فإنّ ديني الطّعام إذا كان أحدهما من بيعٍ والآخر من قرضٍ تجوز المقاصّة فيهما بشرطين‏:‏

الأوّل‏:‏ أن يتّفقا في القدر والصّفة والجنس‏.‏

والثّاني‏:‏ أن يكونا حالّين‏.‏

ولا تجوز المقاصّة إن لم يحلا بأن كانا مؤجّلين‏,‏ أو حلّ أحدهما ولم يحلّ الآخر‏,‏ لاختلاف الأغراض باختلاف الأجل‏.‏

11 - ج - إذا كانا عرضين‏:‏ والمراد بالعرض هنا ما قابل العين والطّعام فيشمل الحيوان‏,‏ فتجوز المقاصّة في الدّينين إذا كانا عرضين مطلقاً عن التّقييد بكونهما من بيعٍ أو قرضٍ أو مختلفين وبكونهما حالّين أو مؤجّلين سواء تساويا أجلاً أو لا حلّ أجلهما أو حلّ أحدهما‏,‏ أو لم يحلا‏,‏ لبعد قصد المكايسة في العرض‏,‏ وهذا في الحقيقة بيع وإطلاق المقاصّة عليه مجاز‏,‏ وهذا إن اتّحدا جنساً وصفةً كثوبين هرويّين أو مرويّين‏,‏ أو ثوبين من القطن جيّدين أو رديئين‏.‏

وأمّا إن اختلفا أجلاً‏:‏ بأن أجّلا بأجلين مختلفين مع اختلاف الجنس كثوب وكساءٍ‏,‏ أو ثوبٍ وجوخةٍ منعت المقاصّة إن لم يحلا معاً‏,‏ أو لم يحلّ أحدهما‏,‏ وإلا جازت‏,‏ أي تجوز بحلول أحدهما على المذهب لانتفاء قصد المكايسة‏.‏

وإن اتّحدا جنساً كثوبي قطنٍ‏,‏ والصّفة متّفقة‏:‏ كهرويّين أو مرويّين‏,‏ أو مختلفة‏:‏ كأن كان أحدهما هروياً والآخر مروياً جازت المقاصّة إن اتّفق الأجل‏,‏ وأحرى إن حلا‏,‏ لبعد التهمة‏,‏ وإلا بأن اختلف الأجل مع اختلاف الصّفة فلا تجوز مطلقاً‏:‏ سواء كانا من بيعٍ أو قرضٍ أو مختلفين‏.‏

12 - وللمقاصّة عند الشّافعيّة شروط ذكرها الزّركشي على النّحو التّالي‏:‏

أ - أن يكون في الديون الثّابتة في الذّمّة‏,‏ فأمّا الأعيان فلا يصير بعضها قصاصاً عن بعضٍ لأنّه يكون كالمعاوضة فيفتقر إلى التّراضي‏.‏

ولأنّ الأغراض تختلف في الأعيان‏,‏ بخلاف الديون فإنّها في الذّمّة سواء فلا معنى لقبض أحدهما ثمّ ردّه إليه‏,‏ ومن أجل هذا الشّرط امتنع أخذ مال الغريم بغير إذنه إذا كان مقراً باذلاً للحقّ‏,‏ لأنّه مخيّر في الدّفع من أيّ جهةٍ شاء‏,‏ ولو أخذه ضمنه‏,‏ ولا يقال يصير قصاصاً عن حقّه‏,‏ لأنّ القصاص في الديون لا في الأعيان‏.‏

ب - أن يكون في الأثمان‏,‏ أمّا المثليّات كالطّعام والحبوب فلا تقاصّ فيها‏,‏ صرّح به العراقيون‏,‏ وعلّله الشّيخ أبو حامدٍ‏:‏ بأنّ ما عدا الأثمان يطلب فيها المعاينة‏.‏

وحكى الإمام في جريان المقاصّة في المثليّات وجهين وصحّح جريانه‏,‏ وقال ابن الرّفعة إنّه المنصوص كما حكاه البندنيجي‏.‏

ج - أن يكون الدّينان مستقرّين‏:‏ فإن لم يكن بأن كانا سلمين‏,‏ لم يجز قطعاً وإن تراضيا‏,‏ قاله القاضي والماوردي‏.‏

وكلام الرّافعيّ يقتضي الجواز‏,‏ لكن المنقول عن الأمّ منع التّقاصّ في السّلم‏.‏

د - أن يتّفقا في الجنس والنّوع والحلول والأجل‏,‏ فلو كان أحدهما دراهم والآخر دنانير لم يقع الموقع‏.‏

هـ - أن يكون بعد طلب أحدهما من الآخر‏,‏ فإن كانا مؤجّلين بأجل واحدٍ ولم يطلبه أحدهما من الآخر‏,‏ فقال القاضي حسين‏:‏ لا يجري بلا خلافٍ‏,‏ وقال الإمام فيه احتمال‏.‏

و - أن لا يكون ممّا ينبني على الاحتياط‏,‏ ولهذا قال ابن عبد السّلام‏:‏ ظفر المستحقّ بحقّه عند تعذر أخذه ممّن هو عليه جائز‏,‏ إلا في حقّ المجانين والأيتام والأموال العامّة لأهل الإسلام‏.‏

ز - أن لا يكون في قصاصٍ ولا حدٍّ‏,‏ فلو تقاذف شخصان لم يتقاصّا‏,‏ ولو تجارح رجلان وجب على كلٍّ منها دية الآخر‏.‏

13 - وعلى هذا لو ثبت لشخص على آخر دين‏,‏ وللآخر عليه مثله‏:‏ سواء كان من جهةٍ كسلم وقرضٍ‏,‏ أو من جهتين كقرض وثمنٍ‏,‏ وكان الدّينان متّفقين في الجنس والنّوع والصّفة والحلول‏,‏ وسواء اتّحد سبب وجوبهما كأرش الجناية أو اختلف كثمن المبيع والقرض‏,‏ قال الزّركشي‏:‏ ففيه أربعة أقوالٍ عند الشّافعيّة‏:‏

أصحهما‏:‏ عند النّوويّ وهو ما نصّ عليه في الأمّ أنّ التّقاصّ يحصل بنفس ثبوت الدّينين ولا حاجة إلى الرّضا‏,‏ لأنّ مطالبة أحدهما الآخر بمثل ماله عناد لا فائدة فيه‏.‏

قال الماورديّ وابن الصّبّاغ‏:‏ ولأنّ من مات وعليه دين لوارثه‏,‏ فإنّ ذمّته تبرأ بانتقال التّركة لوارث‏,‏ ولم يكن له بيعها في دينه‏,‏ لعدم الفائدة فيه‏,‏ لانتقال العين إليه‏.‏

والقول الثّاني‏:‏ يسقط أحدهما بالآخر إن تراضيا‏,‏ وإلا فلكلّ منهما مطالبة الآخر‏.‏

والقول الثّالث‏:‏ يسقط برضا أحدهما‏.‏

والقول الرّابع‏:‏ لا يسقط ولو تراضيا‏.‏

14 - وأمّا شروط المقاصّة عند الحنابلة من حيث جنس الدّينين والأجل والصّفة فإنّها تؤخذ ممّا ذكروه من أمثلةٍ في هذا الصّدد ومنها ما قاله ابن قدامة‏:‏ إن كان لكلّ واحدٍ منهما على صاحبه دين‏,‏ وكانا نقدين من جنسٍ واحدٍ حالّين أو مؤجّلين أجلاً واحداً تقاصّا وتساقطا‏,‏ ولا يجوز إن كانا نقدين من جنسين كدراهم ودنانير‏,‏ لأنّه بيع دينٍ بدين‏,‏ وقد «نهى النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن بيع الكالئ بالكالئ»‏,‏ فأمّا إن كانا عرضين‏,‏ أو عرضاً ونقداً لم تجز فيهما بغير تراضيهما بحال سواء كان العرض من جنس حقّه أو غير جنسه‏,‏ وإن تراضيا بذلك لم يجز أيضاً‏,‏ لأنّه بيع دينٍ بدين‏.‏

صور من المقاصّة

تجري المقاصّة في بعض المسائل الفقهيّة منها‏:‏

المقاصّة في الزّكاة

15 - نصّ الشّافعيّة على أنّه إذا كان لشخص على فقيرٍ دين‏,‏ فقال جعلته عن زكاتي‏,‏ لا يجزيه في الأصحّ حتّى يقبضه ثمّ يردّه إليه إن شاء‏.‏

وعلى الثّاني يجزيه كما لو كان له وديعة‏.‏

مقاصّة دين الزّوج بنفقة زوجته ومهرها

16 - نصّ الحنفيّة على أنّه إذا كان للزّوج على الزّوجة دين لا يقع قصاصاً بدين النّفقة للزّوجة إلا بالتّراضي‏,‏ بخلاف سائر الديون‏,‏ لأنّ دين النّفقة أدنى‏,‏ ولكن لو قال الزّوج احسبوا لها نفقتها منه كان له ذلك لأنّ أكثر ما في الباب أن تكون النّفقة لها ديناً عليه‏,‏ فإذا التقى الدّينان تساويا قصاصاً ألا ترى أنّ له أن يقاصّ بمهرها‏,‏ فالنّفقة أولى‏.‏

وأمّا مقاصّة المهرين فجائز في الجملة كما نصّ عليه الشّافعيّة بقولهم‏:‏ لو جاءت الكفّار امرأة منّا مرتدّة‏,‏ وهاجرت إلينا امرأة منهم مسلمة‏,‏ وطلبها زوجها‏,‏ فلا نغرم له المهر‏,‏ بل نقول هذه بهذه‏,‏ ونجعل المهرين قصاصاً‏,‏ ويدفع الإمام المهر إلى زوج المرتدّة‏,‏ ويكتب إلى زعيمهم ليدفع مهرها إلى زوج المهاجرة‏,‏ هذا إن تساوى القدران‏,‏ وأمّا إن كان مهر المهاجرة أكثر‏,‏ صرفنا مقدار مهر المرتدّة منه إلى زوجها‏,‏ والباقي إلى المهاجرة‏,‏ وإن كان مهر المرتدّة أكثر‏,‏ صرفنا مقدار مهر المهاجرة إلى زوجها‏,‏ والباقي إلى زوج المرتدّة‏,‏ وبهذه المقاصّة فسّر المفسّرون قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا‏}‏‏.‏

وذهب الحنابلة إلى أنّ من وجبت عليه نفقة امرأته وكان له عليها دين فأراد أن يحتسب عليها بدينه مكان نفقتها‏,‏ فإن كانت موسرةً فللزّوج ذلك‏,‏ لأنّ من عليه حق فله أن يقضيه من أيّ أمواله شاء‏,‏ وهذا من ماله‏.‏

وإن كانت معسرةً لم يكن له ذلك‏,‏ لأنّ قضاء الدّين إنّما يجب في الفاضل من قوّته‏,‏ وهذا لا يفضل عنها‏.‏

المقاصّة في الغصب

17 - نصّ الحنفيّة على أنّه إذا كان للغاصب دين على صاحب العين المغصوبة من جنسها فلا تصير العين قصاصاً في دينه إلا إذا تقاصّا‏,‏ وكانت العين مقبوضةً في يده‏,‏ فإن لم تكن في يده فلا تقع المقاصّة حتّى يذهب إلى مكان العين المغصوبة ويأخذها‏.‏

وأمّا مقاصّة نفقات المغصوب فقد نصّ المالكيّة على أنّه إذا أنفق الغاصب على الشّيء المغصوب كعلف الدّابّة‏,‏ ومؤنة العبد وكسوته وسقي الأرض وعلاجها‏,‏ وخدمة شجرٍ ونحوه يحسب له من الغلّة الّتي تكون لربّه كأجرة العبد والدّابّة والأرض ويقاصص ربّه من الغلّة‏,‏ وهذا مذهب ابن القاسم في الأظهر‏,‏ ويرجع الغاصب بالأقلّ ممّا أنفق والغلّة‏,‏ فإن كانت النّفقة أقلّ من الغلّة غرم الغاصب زائد الغلّة للمالك‏,‏ وإن كانت النّفقة أكثر فلا رجوع له بزائد النّفقة لظلمه‏,‏ وإن تساويا فلا يغرم أحدهما للآخر شيئاً‏.‏

قالوا‏:‏ وعلى هذا فالنّفقة محصورة في الغلّة‏,‏ أي‏:‏ لا تتعدّاها لذمّة المغصوب منه‏,‏ ولا لرقبة المغصوب‏,‏ وحينئذٍ فلا يرجع الغاصب بزائد النّفقة على ربّه ولا في رقبته‏,‏ وليست الغلّة محصورةً في النّفقة‏,‏ بل تتعدّاها للغاصب فيرجع المغصوب منه على الغاصب بما زادته الغلّة على النّفقة‏.‏

والمنقول عن ابن عرفة ترجيح القول بأنّه‏:‏ لا نفقة للغاصب لتعدّيه ولربّه أخذ الغلّة بتمامها مطلقاً أنفق أو لا‏.‏

المقاصّة في الوديعة

18 - نصّ الحنفيّة على أنّه إذا كان لرجل عند رجلٍ آخر وديعة وللمودَع على صاحب الوديعة دين هو من جنس الوديعة لم تصر الوديعة قصاصاً بدين إلا إذا اجتمعا وتقاصّا حالة كون الوديعة موجودةً في يد الوديع حقيقةً‏,‏ فإن لم تكن في يده فلا تقع المقاصّة حتّى يذهب إلى مكان الوديعة ويأخذها‏.‏

ويقرب من هذا ما ذكره الزّركشي من الشّافعيّة بقوله‏:‏ إذا كان لشخص على الفقير دين‏,‏ فقال جعلته عن زكاتي لا يجزيه في الأصحّ حتّى يقبضه‏,‏ ثمّ يردّه إليه إن شاء كما لو كان له وديعة‏.‏

المقاصّة في الوكالة‏:‏

19 - نصّ الحنفيّة على أنّه لو كان للمشتري على الموكّل دين تقع المقاصّة‏,‏ ولو كان للمشتري على الوكيل والموكّل دين تقع المقاصّة بدين الموكّل أيضاً دون دين الوكيل‏,‏ حتّى لا يرجع الموكّل على الوكيل بشيء من الثّمن‏,‏ وهذا لأنّ المقاصّة إبراء بعوض فتعتبر بالإبراء بغير عوضٍ‏,‏ ولأنّا لو جعلناه قصاصاً بدين الوكيل احتجنا إلى قضاءٍ آخر‏,‏ فإنّ الوكيل يقضي للموكّل‏,‏ ولو جعلناه قصاصاً بدين الموكّل لم نحتج إلى قضاءٍ آخر فجعلناه قصاصاً بدين الموكّل قصراً للمسافة‏,‏ فقد أثبتنا حكماً مجمعاً عليه فإنّ الموكّل يملك إسقاط الثّمن عن المشتري بالإجماع‏,‏ ولو جعلناه قصاصاً بدين الوكيل لأثبتنا حكماً مختلفاً فيه لأنّ الوكيل يملك الإبراء عن المشتري عند أبي حنيفة ومحمّدٍ وليس عند أبي يوسف‏.‏

وتقع المقاصّة بدين الوكيل إذا كان للمشتري عليه دين وحده عند أبي حنيفة ومحمّدٍ‏,‏ لأنّ الوكيل يملك الإبراء بغير عوضٍ عن المشتري عندهما‏,‏ فيملك المقاصّة أيضاً‏,‏ لأنّها إبراء بعوض‏,‏ فتعتبر بالإبراء بغير عوضٍ‏,‏ ولكنّه يضمنه للموكّل في الإبراء والمقاصّة‏.‏

المقاصّة في السّلم

20 - اختلف الفقهاء في جواز المقاصّة في عقد السّلم على النّحو التّالي‏:‏

ذهب الحنفيّة إلى أنّه لو وجب على المسلم إليه دين مثل رأس المال بعقد متقدّمٍ على السّلم‏,‏ بأن كان رب السّلم باع من المسلم إليه ثوباً بعشرة دراهم ولم يقبض العشرة حتّى أسلم إليه عشرة دراهم في حنطةٍ‏,‏ فإن جعل الدّينين قصاصاً أو تراضيا بالمقاصّة يصير قصاصاً‏,‏ وإن أبى أحدهما لا يصير قصاصاً‏,‏ وهذا استحسان‏.‏

وأمّا إن وجب الدّين على المسلم إليه بعقد متأخّرٍ عن السّلم لا يصير قصاصاً وإن جعلاه قصاصاً‏.‏

هذا إذا كان وجوب الدّين بالعقد‏,‏ وأمّا إذا وجب الدّين بالقبض كالغصب والقرض وكان الدّينان متساويين‏,‏ فإنّه يصير قصاصاً‏,‏ سواء جعلاه قصاصاً أم لا‏,‏ بعد أن كان وجوب الدّين الآخر متأخّراً عن عقد السّلم‏.‏

وأمّا إذا تفاضل الدّينان‏:‏ بأن كان أحدهما أفضل والآخر أدون‏,‏ فرضي أحدهما بالنقصان‏,‏ وأبى الآخر‏,‏ فإن أبى صاحب الأفضل لا يصير قصاصاً‏,‏ وإن أبى صاحب الأدون يصير قصاصاً‏.‏

وقال الكرابيسي من الحنفيّة‏:‏ لا تجوز المقاصّة في السّلم‏,‏ فإذا قال شخص لآخر أسلمت إليك عشرة دراهم فأراد أن يجعله قصاصاً بما له عليه من دينٍ لم يجز‏,‏ لأنّ عقد السّلم لا يجوز ابتداؤه بما في الذّمّة‏,‏ فلم يجز صرف العقد إليه وإذا لم يجز صرفه إليه فإذا لم ينقده في المجلس بطل كما لو لم يكن له عليه دين‏.‏

وعند الشّافعيّة قال الزّركشي‏:‏ المنقول عن الأمّ منع التّقاصّ في السّلم لأنّ من شروط جواز المقاصّة في الديون أن يكون الدّينان مستقرّين‏,‏ وهنا ليس كذلك‏.‏

وعدم الجواز مفهوم من عبارات الحنابلة حيث قالوا‏:‏ ولا يصح عقد السّلم بما في ذمّة المسلم إليه‏,‏ بأن يكون له عليه دين‏,‏ فيجعله رأس مال سلمٍ‏,‏ لأنّه بيع دينٍ بدين فهو داخل تحت النّهي‏.‏

المقاصّة في الكفالة

21 - نصّ الحنفيّة على أنّه إذا كان لكفيل المديون دين على الدّائن المكفول له من جنس الدّين المكفول به‏,‏ فالدّينان يلتقيان قصاصاً من غير رضاهما‏.‏

وإن كان من غير جنس الدّين المكفول فلا يلتقيان قصاصاً إلا بتراضي الدّائن المكفول له مع كفيل المديون لا مع المديون‏.‏

المقاصّة في الوقف والوصيّة

22 - نصّ الحنفيّة على أنّه إذا آجر ناظر وقفٍ أهليٍّ - انحصر ريع الوقف المزبور فيه نظراً واستحقاقاً - أراضي الوقف المذكور مدّةً معلومةً بأجرة المثل إجارةً صحيحةً ممّن له عليه دين‏,‏ وقاصصه بذلك تجوز المقاصّة قياساً على الوصيّة كما أنّ الوصيّ لو باع مال الصّغير ممّن له عليه دين يصير قصاصاً‏,‏ إذ الوقف والوصيّة أخوان‏.‏

وإذا كان النّاظر مستحقاً للأجرة كلّها‏,‏ وتمّت المدّة‏,‏ والدّين من جنس الأجرة فلا خفاء في صحّة التّقاصّ بالاتّفاق‏,‏ وإن كان مستحقاً لبعضهما ووقع التّقاص بها فالتّقاص صحيح عند أبي حنيفة ومحمّدٍ ويضمن النّاظر‏.‏

وقال أبو يوسف‏:‏ لا يصح التّقاص‏.‏

مَقام إبراهيم

التّعريف

1 - المَقام بفتح الميم‏:‏ اسم مكانٍ‏,‏ من قام يقوم قوماً وقياماً أي انتصب‏,‏ وقد اختلف الفقهاء والمفسّرون في مقام إبراهيم‏,‏ فقال بعضهم‏:‏ إنّه الحجر الّذي تعرفه النّاس اليوم الّذي يصلون عنده ركعتي الطّواف‏.‏

وقال غيرهم‏:‏ إنّه الحجر الّذي ارتفع عليه إبراهيم عليه السّلام حين ضعف عن رفع الحجارة الّتي كان إسماعيل يناولها إيّاه في بناء البيت وغرقت قدماه فيه‏.‏

وقال السدّي‏:‏ المقام‏:‏ الحجر الّذي وضعته زوجة إسماعيل تحت قدم إبراهيم عليه السّلام حين غسلت رأسه‏,‏ وبه قال الحسن وقتادة والرّبيع بن أنسٍ‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ والصّحيح في تعيين المقام القول الأوّل‏.‏

الأحكام المتعلّقة بمقام إبراهيم

2 - قال الحنفيّة‏:‏ إذا فرغ الطّائف من الطّواف يأتي مقام إبراهيم عليه السّلام ويصلّي ركعتين‏,‏ وإن لم يقدر على الصّلاة في المقام بسبب المزاحمة يصلّي حيث لا يعسر عليه من المسجد‏,‏ وإن صلّى في غير المسجد جاز‏.‏

وهاتان الرّكعتان واجبتان عندنا‏,‏ يقرأ في الأولى‏:‏ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ وفي الثّانية‏:‏ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏‏,‏ ولا تجزيه المكتوبة عن ركعتي الطّواف‏.‏

ويستحب أن يدعو بعد صلاته خلف المقام بما يحتاج إليه من أمور الدنيا والآخرة‏,‏ ويصلّي ركعتي الطّواف في وقتٍ يباح له أداء التّطوع فيه‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ إنّ ركعتي الطّواف واجبتان‏,‏ سواء كان الطّواف واجباً أو نفلاً‏,‏ وقيل‏:‏ إنّهما واجبتان في الطّواف الواجب‏,‏ وسنّتان في الطّواف غير الواجب‏.‏

ويندب إيقاعهما بمقام إبراهيم أي خلفه لا داخله وفي غيره من الأماكن في المسجد‏,‏ إلا أنّه يستحب أن تكون ركعتا الطّواف الواجب خلف المقام اقتداءً بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم‏.‏ وإن ترك حاج أو معتمر الرّكعتين أعاد الطّواف‏,‏ ثمّ أتى بهما عقب الطّواف‏,‏ وفي المدوّنة عن ابن القاسم‏:‏ يركعهما ولا يعيد الطّواف ولا شيء عليه‏,‏ ولو أعاد كان أحبّ‏.‏

فإن فات ذلك بالبعد عن مكّة ركعهما وأهدى‏,‏ وإن فاته ذلك أتى بهما على كلّ حالٍ‏,‏ لأنّهم لا يتعلّقان بوقت مخصوصٍ‏,‏ وكان عليه الهدي لنقص التّفريق بين الطّواف والرّكعتين الواجبتين‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ ويسن أن يصلّي ركعتي الطّواف - بعد الطّواف - وتجزئ عنهما الفريضة والرّاتبة كما في تحيّة المسجد‏,‏ وفعلهما خلف مقام إبراهيم عليه السّلام أفضل‏,‏ لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلاهما خلف المقام‏,‏ وقال‏:‏ «خذوا عنّي مناسككم»‏,‏ ثمّ في الحجر‏,‏ ثمّ في المسجد الحرام‏,‏ ثمّ في الحرم حيث شاء من الأمكنة‏,‏ متى شاء من الأزمنة‏,‏ ولا يفوتان إلا بموته‏.‏

ويسن أن يقرأ في الأولى منهما سورة ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ وفي الثّانية سورة الإخلاص، لفعله صلّى اللّه عليه وسلّم‏,‏ ولما في قراءتهما من الإخلاص المناسب لما هاهنا‏,‏ لأنّ المشركين كانوا يعبدون الأصنام فيه‏.‏

ويجهر بالقراءة فيهما ليلاً قياساً على الكسوف وغيره‏,‏ ولما فيه من إظهار شعار النسك‏.‏ وفي قولٍ عند الشّافعيّة‏:‏ أنّ ركعتي الطّواف واجبتان لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلاهما‏,‏ وقال‏:‏ «خذوا عنّي مناسككم» وعلى القول بوجوبهما يصح الطّواف بدونهما‏,‏ إذ ليسا بشرط ولا ركنٍ للطّواف‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ يصلّي الطّائف بعد تمام الطّواف ركعتين‏,‏ والأفضل كونهما خلف مقام إبراهيم‏,‏ لقول جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما في صفة حجّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم‏:‏ «حتّى إذا أتينا البيت معه استلم الركن‏,‏ فرمل ثلاثاً‏,‏ ومشى أربعاً‏,‏ ثمّ نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السّلام فقرأ‏:‏ ‏{‏وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً‏}‏ فجعل المقام بينه وبين البيت»‏.‏

وقالوا‏:‏ حيث ركعهما من المسجد أو غيره جاز‏,‏ لعموم حديث‏:‏ «جعلت لنا الأرض كلها مسجداً وجعلت تربتها لنا طهوراً»‏,‏ وصلاهما عمر رضي اللّه عنه بذي طوىً‏.‏

ولا شيء عليه لترك صلاتهما خلف المقام‏.‏

وهما سنّة مؤكّدة يقرأ فيهما بعد الفاتحة ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ و ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ لحديث جابرٍ رضي اللّه عنه أنّه قرأ في الرّكعتين‏:‏ «قل يا أيها الكافرون‏,‏ وقل هو اللّه أحد»‏.‏

ولا بأس أن يصلّيهما إلى غير سترةٍ‏,‏ ويمر بين يديه الطّائفون من الرّجال والنّساء‏,‏ فإنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلاهما والطوّاف بين يديه ليس بينه وبين الكعبة سترة‏,‏ ويكفي عنهما مكتوبة وسنّة راتبة‏.‏

وللطّائف جمع أسابيع من الطّواف‏,‏ فإذا أفرغ منها ركع لكلّ أسبوعٍ ركعتين‏,‏ والأولى أن يصلّي لكلّ أسبوعٍ عقبه‏.‏

ولا يشرع تقبيل المقام ولا مسحه لعدم وروده‏.‏

مُقَايَضَة

التّعريف

1 - المقايضة لغةً‏:‏ مأخوذة من القيض‏,‏ وهو العوض‏.‏

وفي حديث ذي الجوشن‏:‏ «وإن شئت أن أقيضك به»‏,‏ أي‏:‏ أبدلك به وأعوّضك عنه‏.‏ ويقال‏:‏ قايضه مقايضةً‏,‏ إذا عاوضه‏,‏ وذلك إذا أعطاه سلعةً وأخذ عوضها سلعةً‏.‏ والمقايضة في اصطلاح الفقهاء‏:‏ هي بيع السّلعة بالسّلعة‏.‏

ونصّت المادّة 122 من مجلّة الأحكام العدليّة على أنّ بيع المقايضة هو‏:‏ بيع العين بالعين‏:‏ أي مبادلة مالٍ بمال غير النّقدين‏.‏

المقايضة والبيع

2 - لمّا كانت المقايضة من أنواع البيع‏,‏ فيجب أن تتوفّر فيها أركان عقد البيع وشروطه‏.‏ وشروط البيع هي شروط الانعقاد‏,‏ والصّحّة‏,‏ والنّفاذ‏,‏ واللزوم‏,‏ كما هو معلوم‏.‏

وأحكام البيع كلها تسري في عقد المقايضة‏,‏ إلا الأحكام المتعلّقة بالثّمن أو الالتزامات الرّاجعة إلى الثّمن‏,‏ إذ ليس لها محل في المقايضة‏,‏ لخلوّها من النّقد‏.‏

وتفصيل أحكام البيع في مصطلح‏:‏ ‏(‏بيع‏)‏‏.‏

شروط المقايضة الخاصّة

3 - يؤخذ من التّعريف المتقدّم للمقايضة أنّ شروطها الخاصّة هي‏:‏

أ - أن لا يكون البدلان فيها نقداً‏,‏ فإن كانا نقدين كان البيع صرفاً‏,‏ وإن كان أحدهما نقداً فالبيع مطلق أو سَلَم‏.‏

ب - أن يكون كل من البدلين في المقايضة عيناً معيّنةً، كمبادلة فرسٍ معيّنةٍ بفرس معيّنةٍ‏,‏ لأنّ بيع شيءٍ معيّنٍ بآخر غير معيّنٍ‏,‏ كأن يبيع شخص فرساً معيّنةً بخمسين كيلةً من الحنطة ديناً - أي غير معيّنةٍ يسلّمها بعد شهرٍ مثلاً -‏,‏ فذلك ليس مقايضةً‏,‏ بل هو من البيع المطلق - أي‏:‏ بيع العين بالثّمن -‏,‏ ولأنّ المبيع إذا كان ديناً والثّمن سلعةً فهو من باب السّلم‏.‏

ولذلك نصّ الفقهاء على لزوم تسليم البدلين معاً في المقايضة‏.‏

ج - التّقابض في المقايضة‏:‏ بيع السّلعة بالسّلعة يقتضي تسليمهما معاً‏,‏ فلا يؤمر أحد العاقدين بالتّسليم قبل صاحبه‏,‏ لأنّ كلاً من السّلعتين متعيّن‏.‏

ولأنّ البائع والمشتري مستويان في حقّ كلٍّ منهما قبل التّسليم‏,‏ فإيجاب تقديم دفع أحدهما بعينه على الآخر تحكم‏,‏ فيدفعان معاً‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏بيع ف 63‏)‏‏.‏

د - أن تكون المقايضة فيما لا يجري فيه ربا الفضل‏,‏ لأنّ ربا الفضل محرّم بأحاديث عديدةٍ منها‏:‏ حديث عبادة بن الصّامت رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال‏:‏ «الذّهب بالذّهب‏,‏ والفضّة بالفضّة‏,‏ والبر بالبرّ‏,‏ والشّعير بالشّعير‏,‏ والتّمر بالتّمر‏,‏ والملح بالملح، مثلاً بمثل‏,‏ سواءً بسواء‏,‏ يداً بيد‏,‏ فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد»‏.‏

العوضان في المقايضة

4 - كل من العوضين في المقايضة يكون ثمناً ومثمّناً وقد أخذ كل من العوضين حكم المبيع‏,‏ لأنّ كلاً منهما لا يتعيّن أن يكون المقصود بالبيع دون الآخر‏,‏ ولا يصلح أحدهما لأنّ يكون ثمناً ولعدم التّرجيح بدون وجود مرجّحٍ‏.‏

ومن هذا ذكر الحنفيّة المسائل الآتية‏:‏

أ - بيع الخمر والخنزير‏:‏ إن كان قوبل بالدّين كالدّراهم والدّنانير فالبيع باطل‏,‏ لا يفيد ملك الخمر ولا ما يقابلها‏.‏

وإن كان قوبل بعين بيع مقايضةً فالبيع فاسد في العرض‏,‏ باطل في الخمر والخنزير‏,‏ لا يفيد ملك الخمر والخنزير‏,‏ ويفيد ملك ما يقابلها من البدل بالقبض‏.‏

ب - إذا هلك أحد البدلين في بيع المقايضة صحّت الإقالة في الباقي منهما‏,‏ وعلى المشتري قيمة الهالك إن كان قيمياً‏,‏ ومثله إن كان مثلياً‏,‏ فيسلّمه إلى صاحبه ويسترد العين‏.‏

وإنّما لا تبطل بهلاك أحدهما بعد وجودهما‏,‏ لأنّ كلّ واحدٍ منهما مبيع‏,‏ فكان البيع باقياً ببقاء العين القائمة منهما‏,‏ فأمكن الرّفع فيه‏.‏

بخلاف ما لو هلك البدلان جميعاً في المقايضة‏,‏ فالإقالة تبطل عندئذٍ‏,‏ لأنّ الإقالة في المقايضة تعلّقت بأعيانهما - أي البدلين - قائمين‏,‏ فمتى هلكا لم يبق شيء من المعقود عليه ترد الإقالة عليه‏.‏

ج - إذا تقايضا فتقايلا‏,‏ فاشترى أحدهما ما أقال‏,‏ صار قابضاً بنفس العقد‏,‏ لقيامهما - أي قيام كلٍّ من عوضي المقايضة - فكان كل واحدٍ مضموناً بقيمة نفسه كالمغصوب‏.‏

ولو هلك أحدهما فتقايلا‏,‏ ثمّ جدّد العقد في القائم‏,‏ لا يصير قابضاً بنفس العقد‏,‏ لأنّه يصير مضموناً بقيمة العرض الآخر‏,‏ فشابه المرهون‏.‏

مُقَايلة

انظر‏:‏ إقالة‏.‏

مَقْبَرة

التّعريف

1 - المقبرة في اللغة‏:‏ - بتثليث الباء - أو بضمّ الباء وفتحها لا غير موضع القبور‏,‏ والقبور جمع قبرٍ‏,‏ وهو المكان الّذي يدفن فيه الميّت‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

ما يتعلّق بالمقبرة من أحكامٍ

الصّلاة في المقبرة

2 - ذهب الحنفيّة إلى أنّه تكره الصّلاة في المقبرة‏,‏ وبه قال الثّوري والأوزاعي‏,‏ لأنّها مظان النّجاسة‏,‏ ولأنّه تشبه باليهود‏,‏ إلا إذا كان في المقبرة موضع أعدّ للصّلاة ولا قبر ولا نجاسة فلا بأس‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ تجوز الصّلاة بمقبرة عامرةٍ كانت أو دارسةٍ‏,‏ منبوشةٍ أم لا‏,‏ لمسلم كانت أو لمشرك‏.‏

وفصّل الشّافعيّة الكلام فقالوا‏:‏ لا تصح الصّلاة في المقبرة الّتي تحقّق نبشها بلا خلافٍ في المذهب‏,‏ لأنّه قد اختلط بالأرض صديد الموتى‏,‏ هذا إذا لم يبسط تحته شيء‏,‏ وإن بسط تحته شيء تكره‏.‏

وأمّا إن تحقّق عدم نبشها صحّت الصّلاة بلا خلافٍ لأنّ الجزء الّذي باشره بالصّلاة طاهر‏,‏ ولكنّها مكروهة كراهة تنزيهٍ لأنّها مدفن النّجاسة‏.‏

وأمّا إن شكّ في نبشها فقولان‏:‏ أصحهما‏:‏ تصح الصّلاة مع الكراهة‏,‏ لأنّ الأصل طهارة الأرض فلا يحكم بنجاستها بالشّكّ‏,‏ وفي مقابل الأصحّ‏:‏ لا تصح الصّلاة لأنّ الأصل بقاء الفرض في ذمّته‏,‏ وهو يشك في إسقاطه‏,‏ والفرض لا يسقط بالشّكّ‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ لا تصح الصّلاة في المقبرة قديمةً كانت أو حديثةً‏,‏ تكرّر نبشها أو لا‏,‏ ولا يمنع من الصّلاة قبر ولا قبران‏,‏ لأنّه لا يتناولها اسم المقبرة وإنّما المقبرة ثلاثة قبورٍ فصاعداً‏.‏

وروي عنهم أنّ كلّ ما دخل في اسم المقبرة ممّا حول القبور لا يصلّى فيه‏.‏

ونصوا على أنّه لا يمنع من الصّلاة ما دفن بداره ولو زاد على ثلاثة قبورٍ‏,‏ لأنّه ليس بمقبرة‏.‏

الصّلاة على الجنازة في المقبرة

3 - اختلف الفقهاء في حكم الصّلاة على الجنازة في المقبرة‏:‏

فذهب الحنفيّة وهو رواية عن أحمد إلى أنّه لا بأس بها‏,‏ وفعل ذلك ابن عمر رضي اللّه عنهما ونافع وعمر بن عبد العزيز‏.‏

وذهب الشّافعيّة والحنابلة في قولٍ آخر إلى أنّه يكره ذلك‏,‏ قال النّووي وبه قال جمهور العلماء‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏جنائز ف 39‏)‏‏.‏

القراءة في المقابر

4 - ذهب جمهور الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه لا تكره قراءة القرآن في المقابر بل تستحب‏.‏

ونصّ بعض الحنفيّة على أنّه لا تكره قراءة القرآن في المقابر إذا أخفى ولم يجهر وإن ختم‏,‏ وإنّما تكره قراءة القرآن فيها جهراً‏.‏

وذهب جمهور المالكيّة إلى الكراهة مطلقاً‏,‏ وقيّدها بعضهم بما إذا كانت بالأصوات المرتفعة واتّخاذ ذلك عادةً‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏قراءة ف 17‏,‏ قبر ف 22‏)‏‏.‏

المشي في المقبرة

5 - اختلف الفقهاء في حكم المشي في المقابر على أقوالٍ‏:‏

ذهب جمهور الحنفيّة والمالكيّة وهو المشهور عند الشّافعيّة إلى أنّه لا يكره المشي في المقابر بنعلين‏,‏ وزاد الشّافعيّة‏:‏ أنّه يحرم المشي إن حصل به تنجيس كمنبوشة مع المشي حافياً مع رطوبة أحد الجانبين‏.‏

وذهب الحنابلة وهو قول بعض الشّافعيّة إلى أنّه يكره المشي بين المقبرة بنعل‏,‏ لأنّ خلع النّعلين أقرب إلى الخشوع وزي أهل التّواضع‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏مشي ف 12‏,‏ وقبر ف 2 وما بعدها‏)‏‏.‏

المشاحّة في المقبرة

6 - نصّ الشّافعيّة والحنابلة على أنّه لو سبق اثنان إلى مقبرةٍ مسبّلةٍ وتشاحّا في مكانٍ قدّم للدّفن فيه الأسبق عند التّزاحم وضيق المحلّ‏,‏ فإن استويا في السّبق قدّم بالقرعة كما لو تنازعا في رحاب المسجد‏,‏ ومقاعد الأسواق‏,‏ لأنّ القرعة لتمييز ما أبهم‏.‏

المبيت في المقبرة والنّوم فيها

7 - نصّ الشّافعيّة على أنّه يكره المبيت في المقبرة من غير ضرورةٍ‏,‏ لما فيها من الوحشة‏,‏ فإن لم تكن وحشةً كأن كانوا جماعةً‏,‏ أو كانت المقبرة مسكونةً فلا كراهة‏.‏

وقال الحنفيّة‏:‏ يكره النّوم عند القبر‏.‏

درس المقبرة والاستفادة منها ونبشها

8 - قال الحنفيّة‏:‏ لو بلي الميّت وصار تراباً دفن غيره في قبره‏,‏ ويجوز زرعه‏,‏ والبناء عليه‏.‏

وروي عن مالكٍ‏:‏ بأنّه سئل عن فناء قومٍ كانوا يرمون فيه‏,‏ ثمّ إنّهم غابوا عن ذلك‏,‏ فاتخذ مقبرةً‏,‏ ثمّ جاءوا فقالوا‏:‏ نريد أن نسوّي هذه المقابر‏,‏ ونرمي على حال ما كنّا نرمي‏,‏ فقال مالك‏:‏ أمّا ما قدم منها فأرى ذلك لهم‏,‏ وأمّا كل شيءٍ جديدٍ فلا أحب لهم درس ذلك‏.‏ وقال الصّاوي‏:‏ قال بعض العلماء لا يجوز أخذ أحجار المقابر العافية لبناء قنطرةٍ أو دارٍ‏,‏ ولا حرثها للزّراعة‏,‏ لكن لو حرثت جعل كراؤها في مؤن دفن الفقراء‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ إذا صار الميّت رميماً جازت الزّراعة والحراثة وغير ذلك‏,‏ كالبناء في موضع الدّفن‏,‏ وإن لم يصر رميماً فلا يجوز‏.‏

هذا إذا لم يخالف شرط الواقف‏,‏ فإن خالف كتعيينه الأرض للدّفن فلا يجوز حرثها ولا غرسها‏.‏

وأمّا نبش المقبرة فتفصيله في‏:‏ ‏(‏قبر ف 21‏)‏‏.‏

قطع النّبات والحشيش من المقبرة

9 - نصّ الحنفيّة على أنّه يكره قطع النّبات الرّطب والحشيش من المقبرة‏,‏ فإن كان يابساً لا بأس به‏,‏ لأنّه يسبّح اللّه تعالى ما دام رطباً‏,‏ فيؤنس الميّت وتنزل بذكره الرّحمة‏,‏ ولأنّه صلّى اللّه عليه وسلّم وضع الجريدة الخضراء بعد شقّها نصفين على القبرين اللّذين يعذّبان‏,‏ وتعليله صلّى اللّه عليه وسلّم بالتّخفيف عنهما ما لم ييبسا أي‏:‏ يخفّف عنها ببركة تسبيحهما‏,‏ لأنّ تسبيح الرّطب أكمل من تسبيح اليابس لما في الأخضر من نوع حياةٍ‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ وعليه فكراهة قلع ذلك وإن نبت بنفسه ولم يملك‏,‏ لأنّ فيه تفويت حقّ الميّت‏.‏

ملكيّة أشجار المقبرة

10 - نصّ الحنفيّة على أنّ الشّجرة إن كانت نابتةً في الأرض قبل أن يجعلها مقبرةً فمالك الأرض أحق بها يصنع بها ما شاء‏.‏

وأمّا إن كانت الأرض مواتاً فجعلها أهل تلك القرية أو المحلّة مقبرةً‏,‏ فإنّ الشّجرة وموضعها من الأرض على ما كان حكمها في القديم‏.‏

وإن نبتت الشّجرة بعدما جعلت مقبرةً وكان الغارس معلوماً كانت له وينبغي أن يتصدّق بثمرها‏,‏ وإن لم يعلم الغارس أو كانت الشّجرة نبتت بنفسها فحكمها يكون للقاضي‏:‏ إن رأى قلعها وبيعها وإنفاقها على المقبرة جاز له ذلك‏,‏ وهي في الحكم كأنّها وقف‏.‏

وسئل نجم الدّين في مقبرةٍ فيها أشجار هل يجوز صرفها إلى عمارة المسجد‏,‏ قال‏:‏ نعم إن لم تكن وقفاً على وجهٍ آخر‏,‏ قيل له‏:‏ فإن تداعت حيطان المقبرة إلى الخراب هل يصرف إليها أو إلى المسجد‏؟‏ قال إلى ما هي وقف عليه إن عرف‏.‏

وذهب الشّافعيّة إلى أنّه إن نبتت شجرة في المقبرة فالمختار جواز الأكل للنّاس من ثمرها كما قال النّووي‏.‏

وقال الحنّاطي‏:‏ الأولى عندي أن تصرف في مصالح المقبرة‏.‏

ذكر حدود المقبرة وذكرها حداً

11 - نصّ الحنفيّة على أنّ المقبرة تصلح حداً لو كانت ربوةً وإلا فلا‏.‏

وأمّا من اشترى قريةً خالصةً واستثنى المقبرة فهل يشترط ذكر حدود المقبرة المستثناة أم لا‏؟‏ اختلف مشائخ الحنفيّة على أقوالٍ‏:‏

فذهب الجمهور إلى أنّه لا بدّ من تحديد المقبرة المستثناة بحيث يقع به الامتياز‏.‏

وقال المرغيناني‏:‏ إذا كانت المقبرة تلاً لا يحتاج إلى ذكر حدودها‏,‏ وإن لم تكن تلاً يحتاج إليه‏.‏

وقال أبو شجاعٍ‏:‏ لا يشترط ذكر الحدود للمقبرة قال‏:‏ ونفتي بهذا تسهيلاً للأمر على المسلمين‏.‏

توسيع المقبرة

12 - نصّ المالكيّة على أنّه يجوز بيع العقار الحبس ولو كانت غير خربةٍ لتوسيع المسجد والطّريق والمقبرة‏,‏ وكذلك يجوز توسيع هذه الثّلاثة ببعض منها عند الضّرورة‏,‏ لأنّ ما كان للّه لا بأس أن يستعان ببعضه في بعضٍ‏.‏

وذكر بعضهم أنّ المسجد لا يهدم لضيق مقبرةٍ أو طريقٍ ويدفن فيه إن أحتيج لذلك مع بقائه على حاله‏.‏

وقف المقبرة

13 - ذهب الفقهاء إلى أنّه إذا جعل شخص أرضه مقبرةً فلكلّ أحدٍ أن يدفن فيها‏,‏ سواء الواقف أو غيره‏,‏ ولا فرق في الانتفاع بين الغنيّ والفقير حتّى جاز للكلّ الدّفن فيها‏.‏

وأمّا لو شرط في وقف المقبرة اختصاصها بطائفة اقتصر عليهم في الأصحّ عند الشّافعيّة‏,‏ ويمنع غيرهم من الدّفن فيها رعايةً لغرض الواقف‏,‏ وإن كان ذلك الشّرط مكروهاً‏.‏

وفي مقابل الأصحّ لا تختص بهم ويلغو الشّرط‏,‏ وهناك قول ثالث وهو أنّه‏:‏ يفسد الوقف لفساد الشّرط‏.‏

وذهب المالكيّة إلى أنّه يجب الوفاء بشرط الواقف في الوقف مطلقاً إن جاز الشّرط‏.‏ والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏وقف‏)‏‏.‏

قضاء الحاجة في المقبرة

14 - اختلف الفقهاء في حكم قضاء الحاجة في المقابر‏:‏

فذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يحرم قضاء الحاجة في المقابر‏,‏ وقال الحنفيّة بكراهة قضاء الحاجة فيها‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ والظّاهر أنّها تحريميّة‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏قضاء الحاجة ف 24‏)‏‏.‏

مَقْبُوض

التّعريف

1 - المقبوض اسم مفعولٍ‏:‏ للفعل قبض‏.‏

وأكثر ما يطلق عليه من معانٍ في اللغة‏:‏ ما أخذ من المال باليد أو حيز فصار في حيازة شخصٍ وتحت تصرفه‏.‏

وقال ابن العربيّ‏:‏ يطلق القبض على قبولك الشّيء وإن لم تحوّله عن مكانه‏,‏ وعلى تحويلك إلى حيزك‏,‏ وعلى التّناول باليد وفي كلّ هذه المعاني يسمّى الشّيء مقبوضاً‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

ما يتعلّق بالمقبوض من أحكامٍ

يتعلّق بالمقبوض أحكام منها‏:‏

اختلاف القبض باختلاف المقبوض

2 - إذا كان المقبوض ممّا يكال أو يوزن أو يعد فإنّه يصير مقبوضاً بالكيل أو الوزن‏,‏ أو العدّ‏.‏

وإن كان ممّا ينقل كالثّياب وجميع المنقولات فإنّه يصير مقبوضاً بالنّقل‏.‏

وإن كان حيواناً فقبضه بتمشيته من مكان العقد‏,‏ وإن كان ممّا يتناول باليد كالجواهر والأثمان فقبضه بتناوله باليد‏.‏

وما عدا ذلك ممّا لا ينقل عادةً كالعقار والبناء والغراس ونحوه كالثّمر على الشّجر قبل جذاذه فقبضه بتخليته مع عدم مانعٍ‏,‏ مع تسليم مفتاح الدّار ونحوها ممّا له مفتاح‏,‏ وتفريغها من متاعٍ‏,‏ وإلا لم يصر مقبوضاً‏,‏ لكون المشتري لم يتمكّن من الانتفاع به‏.‏ وإتلاف المشتري المعقود عليه يجعله مقبوضاً حكماً‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏قبض ف 5‏)‏‏.‏

حكم التّصرف في المعقود عليه

3 - اختلف الفقهاء في صحّة التّصرف في المعقود عليه قبل أن يكون مقبوضاً‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏بيع ما لم يقبض ف 2‏)‏‏.‏

ملك المقبوض في مدّة الخيار

4 - اختلف الفقهاء في ملك المقبوض في مدّة الخيار‏.‏

وتفصيل ذلك في‏:‏ ‏(‏خيار الشّرط ف 28 - 30‏)‏‏.‏

المقبوض للعارية

5 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ المقبوض عارية مضمونة إن تلفت بتعدٍّ‏.‏

واختلفوا فيما إذا تلفت بلا تعدٍّ من المستعير‏.‏

وتفصيل ذلك في‏:‏ ‏(‏إعارة ف 15‏)‏‏.‏

المقبوض على سوم الشّراء

6 - المقبوض على السّوم مضمون وإن تلف بلا تعدٍّ من القابض لخبر‏:‏ «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي»‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏ضمان ف 40‏)‏‏.‏

المقبوض على سوم الرّهن

7 - المقبوض على سوم الرّهن إذا لم يبيّن مقدار ما يريد أخذه من الدّين ليس بمضمون في الأصحّ عند الحنفيّة‏.‏

أمّا إن بيّن فيكون مضموناً وصورته‏:‏ أخذ الرّهن بشرط أن يقرضه مبلغاً من النقود‏,‏ فهلك في يده قبل أن يقرضه‏,‏ ضمن الأقلّ من قيمته وممّا سمّى من القرض‏,‏ لأنّه قبضه بسوم الرّهن‏,‏ والمقبوض بسوم الرّهن كالمقبوض بسوم الشّراء إذا هلك في المساومة ضمن قيمته‏.‏

فإن هلك وساوت قيمته الدّين صار مستوفياً دينه حكماً‏,‏ وإن زادت كان الفضل أمانةً فيضمن بالتّعدّي‏.‏

وإن نقصت سقط بقدره ورجع المرتهن بالفضل‏,‏ لأنّ الاستيفاء بقدر الماليّة‏,‏ وضمن المرتهن المرهون المقبوض بدعوى الهلاك بلا برهانٍ ويضمن قيمته بالغة ما بلغت ولا يصدّق دعوى الهلاك بلا حجّةٍ شرعيّةٍ‏.‏

المقبوض للرّهن

8 - المقبوض للرّهن مضمون عند الحنفيّة‏,‏ فيده يد ضمانٍ فيضمن المرتهن بالأقلّ من قيمته ومن الدّين‏,‏ والمعتبر قيمته يوم القبض لا يوم الهلاك‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ إنّها يد أمانةٍ لخبر‏:‏ «لا يغلق الرّهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه» وإليه ذهب الحنابلة‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏رهن ف 18‏)‏‏.‏

المقبوض على سوم القرض

9 - المقبوض على سوم القرض مضمون بما ساوم‏,‏ كمقبوض على حقيقته‏,‏ بمنزلة مقبوضٍ على سوم البيع إلا أنّ في البيع يضمن القيمة وهنا يهلك الرّهن بما ساومه من القرض‏.‏