فصل: الألفاظ ذات الصّلة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


مَسْح على الخُفّين

التّعريف

1 - المسح لغةً مصدر مسح‏,‏ ومعناه‏:‏ إمرار اليد على الشّيء بسطاً‏.‏

والمسح على الخفّين‏:‏ إصابة البلّة لخفّ مخصوصٍ في محل مخصوصٍ وزمن مخصوصٍ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الغسل‏:‏

2 - الغسل لغةً بفتح الغين مصدر غسل‏,‏ وهو سيلان الماء على الشّيء مطلقاً‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ إفاضة الماء الطّهور على الشّيء على وجهٍ مخصوصٍ‏.‏

والصّلة أنّ كلاً من المسح على الخفّين والغسل يكون سبباً لإزالة الحدث‏.‏

مشروعيّة المسح على الخفّين

2 - ثبتت مشروعيّة المسح على الخفّين بالسنّة النّبويّة المطهّرة‏,‏ ومنها‏:‏ ما رواه علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه لو كان الدّين بالرّأي لكان أسفل الخفّ أولى بالمسح من أعلاه‏,‏ « وقد رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يمسح على ظاهر خفّيه »‏.‏

وما رواه جرير بن عبد اللّه البجلي رضي اللّه تعالى عنه « أنّه بال ثمّ توضّأ ومسح على خفّيه فقيل له أتفعل هذا فقال نعم رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بال ثمّ توضّأ ومسح على خفّيه »‏,‏ وإسلام جرير كان بعد نزول المائدة الّتي فيها قول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ‏}‏‏,‏ والّتي قيل إنّها ناسخة للمسح‏.‏

وقد روى مشروعيّة المسح على الخفّين أكثر من ثمانين من الصّحابة رضوان اللّه عليهم منهم العشرة‏.‏

الحكم التّكليفي للمسح على الخفّين

4 - الأصل في المسح على الخفّين الجواز‏,‏ والغسل أفضل عند جمهور الفقهاء‏,‏ وهو رخصة من الشّارع‏,‏ واللّه سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تجتنب نواهيه‏.‏ وعند الحنابلة‏:‏ الأفضل المسح على الخفّين أخذاً بالرخصة ولأنّ كلاً من الغسل والمسح أمر مشروع‏.‏

وقد يجب المسح على الخفّين كأن خاف فوت عرفة أو إنقاذ أسير أو انصبّ ماؤُه عند غسل رجليه ووجد برداً لا يذوب يمسح به‏,‏ أو ضاق الوقت ولو اشتغل بالغسل لخرج الوقت‏,‏ أو خشي أن يرفع الإمام رأسه من الركوع الثّاني في الجمعة‏,‏ أو تعيّن عليه الصّلاة على ميّت وخيف انفجاره لو غسل أو كان لابس الخفّ بشرطه محدثاً ودخل الوقت وعنده ما يكفي المسح فقط‏.‏

حكمة المسح على الخفّين

5 - الحكمة من المسح على الخفّين التّيسير والتّخفيف عن المكلّفين الّذين يشقّ عليهم نزع الخفّ وغسل الرّجلين خاصّةً في أوقات الشّتاء والبرد الشّديد‏,‏ وفي السّفر وما يصاحبه من الاستعجال ومواصلة السّفر‏.‏

مدّة المسح على الخفّين في الحضر والسّفر

6 - اختلف الفقهاء في توقيت مدّة المسح على رأيين‏:‏

الأوّل‏:‏ يرى جمهور الفقهاء الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة توقيت مدّة المسح على الخفّين بيوم وليلة في الحضر‏,‏ وثلاثة أيّام ولياليها للمسافر‏,‏ واستدلوا بما رواه علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال‏:‏ « جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاثة أيّام ولياليهنّ للمسافر ويوماً وليلةً للمقيم » وسواء كان سفر طاعة أو سفر معصية عند الحنفيّة أمّا الشّافعيّة والحنابلة فيرون أنّ المسافر سفر معصية يمسح يوماً وليلةً فقط كالمقيم‏,‏ لأنّ ما زاد يستفيده بالسّفر وهو معصية فلا يجوز أن يستفاد بها رخصة‏.‏

الثّاني‏:‏ يرى المالكيّة أنّه يجوز المسح على الخفّين في الحضر والسّفر ولو لمعصية على المعتمد من غير توقيت بزمان‏,‏ فلا ينزعهما إلّا لموجب الغسل‏,‏ ويندب للمكلّف نزعهما في كلّ أسبوع مرّةً يوم الجمعة ولو لم يرد الغسل لها‏,‏ ونزعهما مرّةً في كلّ أسبوع في مثل اليوم الّذي لبسهما فيه‏,‏ فإذا نزعهما لسبب أو لغيره وجب غسل الرّجلين‏.‏

واستدلوا بما رواه أبي بن عمارة قال‏:‏ « قلت يا رسول اللّه أمسح على الخفّين قال نعم قلت يوماً قال يوماً قلت يومين قال يومين قلت وثلاثةً‏:‏ قال وما شئت »‏.‏

ولأنّه مسح في طهارة فلم يتوقّت بوقت كمسح الرّأس في الوضوء والمسح على الجبائر‏,‏ ولأنّ التّوقيت لا يؤثّر في نقض الطّهارة‏,‏ إنّما النّاقض للطّهارة الحدث من البول والغائط والجنابة‏.‏

شروط المسح على الخفّين

7 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه لا يجوز المسح على الخفّين لمن وجب عليه الغسل‏,‏ بل يجب عليه نزع الخفّ والاغتسال‏,‏ كما ذهبوا إلى جواز المسح على الخفّين من الحدث الأصغر بشروط معيّنة‏,‏ وهذه الشروط تنقسم إلى قسمين‏,‏ شروط متّفق عليها‏,‏ وشروط مختلف فيها‏,‏ اشترطها البعض‏,‏ ولم يشترطها البعض الآخر‏.‏

الشروط المتّفق عليها

8 - أ - أن يلبس الخفّين على طهارة كاملة‏,‏ لحديث المغيرة بن شعبة قال‏:‏ « كنت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في سفر فأهويت لأنزع خفّيه فقال دعهما فإنّي أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما »‏.‏

وقد اختلف الفقهاء في بعض جزئيّات هذا الشّرط‏,‏ فالجمهور غير الشّافعيّة يشترطون أن تكون الطّهارة بالماء من وضوء أو غسل‏,‏ أما الشّافعيّة فيجوّزون أن تكون الطّهارة بالماء أو بالتّيمم‏,‏ ولكن ليس لفقد الماء مثلاً‏,‏ بل لعدم القدرة على استعماله‏.‏

ويرى الجمهور غير الحنفيّة أن تكون الطّهارة كاملةً بأن يلبسهما بعد تمام الطّهارة بالوضوء أو بالغسل‏,‏ بينما يرى الحنفيّة أن تكون الطّهارة كاملةً ولو لم يراع فيها التّرتيب وقت الحدث بعد اللبس‏,‏ إذ أنّ التّرتيب في الوضوء ليس شرطاً عندهم‏,‏ وهو شرط عند الجمهور‏,‏ فلو غسل رجليه أوّلاً ثمّ مسح رأسه‏,‏ وغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ثمّ لبس الخفّ فيجوز له المسح عند انتقاض وضوئه عند الحنفيّة دون الجمهور‏.‏

ب - أن يكون الخف طاهراً‏,‏ فلا يجوز المسح على خف نجس كجلد الميتة قبل الدّبغ عند الحنفيّة والشّافعيّة‏,‏ ولا بعد الدّبغ عند المالكيّة والحنابلة‏,‏ لأنّ الدّباغ مطهّر عند الأوّلين غير مطهّر عند الآخرين‏,‏ والنّجس منهي عنه‏.‏

ج - أن يكون الخف ساتراً للمحلّ المفروض غسله في الوضوء فلا يجوز المسح على خف غير ساتر للكعبين مع القدم‏.‏

د - إمكانيّة متابعة المشي فيهما‏,‏ وتفصيل هذا الشّرط على النّحو التّالي‏:‏

يرى الحنفيّة إمكانيّة متابعة المشي المعتاد فيهما فرسخاً فأكثر‏,‏ وفي قول‏:‏ مدّة السّفر الشّرعيّ للمسافر‏,‏ فلا يجوز المسح على الخفّ الرّقيق الّذي يتخرّق من متابعة المشي في هذه المسافة‏,‏ كما لا يجوز اتّخاذ الخفّ من الخشب أو الزجاج أو الحديد‏,‏ كما لا يجوز المسح على الخفّ الّذي لا يستمسك على الرّجل من غير شد‏.‏

ويرى المالكيّة لجواز المسح على الخفّين إمكانيّة متابعة المشي فيه عادةً فلا يجوز المسح على خف واسع لا يستمسك على القدم‏.‏

ويرى الشّافعيّة لجواز المسح على الخفّين إمكانيّة التّردد فيهما لقضاء الحاجات مدّة المسح المقرّرة في الحضر والسّفر سواء في ذلك المتّخذ من جلد أو غيره كلبد وزجاج ونحوهما‏.‏ ويرى الحنابلة أن يكون الخفّان من جلد أو خشب أو نحوه‏,‏ بشرط إمكانيّة متابعة المشي فيهما عرفاً‏,‏ بشرط أن يستمسك على القدم‏.‏

الشروط المختلف فيها

9 - أ - أن يكون الخف سليماً من الخروق‏,‏ وقد اختلفوا بعد ذلك في مقدار الخرق الّذي منع من المسح على النّحو التّالي‏:‏

يرى الحنفيّة والمالكيّة جواز المسح على الخفّ الّذي به خرق يسير دفعاً للحرج عن المكلّفين‏,‏ إذ أنّ الخفاف لا تخلو عن خرقٍ في العادة‏,‏ ومقدار ثلاث أصابع من أصغر أصابع القدم أو قدر ثلث القدم مقدار معفوٌّ عنه عندهما على التّوالي‏:‏

ويرى الشّافعيّة والحنابلة أنّه لا يجوز المسح على خف به خرق مهما كان صغيراً لأنّه عندئذ لا يكون ساتراً لجميع القدم‏,‏ وما انكشف من القدم حكمه الغسل وما استتر حكمه المسح‏,‏ ولا يجوز الجمع بين الغسل والمسح في آن واحد‏.‏

ب - أن يكون الخف من الجلد‏,‏ وهذا الشّرط عند المالكيّة فقد تمسّكوا بهذا الشّرط فلا يجوز عندهم المسح على الخفّ المتّخذ من القماش كما لا يصح المسح على الجوارب المصنوعة من الصوف أو القطن أو نحو ذلك إلّا إذا كسيت بالجلد‏,‏ كما اشترطوا أن يكون الجلد مخروزاً أو مخيطاً‏,‏ فلا يجوز المسح على الّذي يتماسك باللّزق‏.‏

ويرى الجمهور غير المالكيّة جواز المسح على الخفّ المصنوع من الجلد أو من غيره‏,‏ بشرط أن يكون الخف مانعاً من وصول الماء إلى القدم مع بقيّة الشروط الأخرى‏,‏ لأنّ الغالب في الخفّ كونه كذلك‏,‏ سواء كان يستمسك على القدم بنفسه أو بالشّدّ بواسطة العرى والسيور والرّباط‏.‏

ج - أن يكون الخف مفرداً‏,‏ بأن يلبسه وحده‏,‏ فلو لبس فوقه غيره كما هو الحال بالنّسبة للجرموق - وهو الشّيء الّذي يلبس فوق الخفّ - ففي ذلك تفصيل عند الفقهاء‏.‏

يرى الحنفيّة وهو الرّاجح عند المالكيّة جواز المسح على الجرموق لحديث رؤية بلال بن رباح رضي اللّه عنه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يمسح على موقيه وهو الجرموق عندهم‏.‏ ويشترط الحنفيّة ثلاثة شروطٍ لصحّة المسح على الجرموق‏:‏

الأوّل‏:‏ أن يكون الأعلى من الجلد‏,‏ فإن كان غير جلد صحّ المسح عليه إن وصل الماء إلى الأسفل‏.‏

الثّاني‏:‏ أن يكون الأعلى صالحاً للمشي فيه وحده‏.‏

الثّالث‏:‏ أن يلبسا على طهارة‏,‏ فكما لبس الأسفل على طهارة يجب أن يلبس الأعلى على طهارة كذلك‏.‏

وعند الشّافعيّة قال النّووي‏:‏ الجرموق‏:‏ هو الّذي يلبس فوق الخفّ لشدّة البرد غالباً - فإذا لبس خفاً فوق خف‏,‏ فله أربعة أحوال‏.‏

أحدها‏:‏ أن يكون الأعلى صالحاً للمسح عليه دون الأسفل‏,‏ لضعفه أو لخرقه‏,‏ فالمسح على الأعلى خاصّةً‏.‏

الثّاني‏:‏ عكسه‏,‏ فالمسح على الأسفل خاصّةً‏,‏ فلو مسح الأعلى فوصل البلل إلى الأسفل‏,‏ فإن قصد مسح الأسفل أجزأه‏,‏ وكذا إن قصدهما على الصّحيح‏,‏ وإن قصد الأعلى لم يجز‏.‏ وإن لم يقصد واحداً‏,‏ بل قصد المسح في الجملة‏,‏ أجزأه على الأصحّ‏,‏ لقصده إسقاط فرض الرّجل بالمسح‏.‏

الثّالث‏:‏ أن لا يصلح واحد منهما فيتعذّر المسح‏.‏

الرّابع‏:‏ أن يصلحا كلاهما‏,‏ ففي المسح على الأعلى وحده قولان‏:‏ القديم جوازه‏,‏ والجديد منعه‏.‏

قلت‏:‏ الأظهر عند الجمهور الجديد‏,‏ وصحّح القاضي أبو الطّيّب في شرح ‏"‏ الفروع ‏"‏ القديم‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ وإن لبس خفاً فلم يحدث حتّى لبس عليه آخر وكان الخفّان صحيحين مسح أيّهما شاء‏,‏ إن شاء مسح الفوقانيّ لأنّه خف ساتر ثبت بنفسه‏,‏ أشبه المنفرد‏,‏ وإن شاء مسح التّحتانيّ‏,‏ بأن يدخل يده من تحت الفوقانيّ فيمسح عليه لأنّ كلّ واحد منهما محل للمسح فجاز المسح عليه‏,‏ ولو لبس أحد الجرموقين في أحد الرّجلين فوق خفّها دون الرّجل الأخرى فلم يلبس فيها جورباً بل الخفّ فقط جاز المسح على الجورب الّذي لبسه فوق الخفّ وعلى الخفّ الّذي في الرّجل الأخرى لأنّ الحكم تعلّق به وبالخفّ الّذي في الرّجل الأخرى‏,‏ فهو كما لو لم يكن تحته شيء‏,‏ فإن كان أحد الخفّين صحيحاً والآخر مفتّقاً جاز المسح على الفوقانيّ لأنّهما كخفّ واحد‏,‏ وكذا إن لبس على صحيح مخرّقاً نصّ عليه‏,‏ ولا يجوز المسح على الخفّ التّحتانيّ إذا كان أحد الخفّين صحيحاً والآخر مفتّقاً إلّا أن يكون التّحتاني هو الصّحيح فيصح المسح عليه‏,‏ لأنّه ساتر بنفسه أشبه ما لو انفرد‏,‏ بخلاف ما إذا كان الفوقاني هو الصّحيح فلا يصح المسح على التّحتانيّ‏,‏ لأنّه غير ساتر بنفسه‏,‏ قال في الإنصاف‏:‏ وكل من الخفّ الفوقانيّ والتّحتانيّ بدل مستقل من الغسل على الصّحيح‏,‏ وإن كان الخفّان مخرّقين وليس أحدهما فوق الآخر وسترا محلّ الفرض لم يجز المسح عليهما ولا على أحدهما‏,‏ لأنّ كلّ واحد منهما غير صالح للمسح على انفراده‏,‏ كما لو لبس مخرّقاً فوق لفافة وإن نزع الفوقانيّ قبل مسحه لم يؤثّر كما لو انفرد‏,‏ وإن توضّأ ولبس خفاً ثمّ أحدث ثمّ لبس الخفّ الآخر لم يجز المسح عليه‏,‏ لأنّه لبسه على غير طهارة‏,‏ بل يمسح على الأسفل أو مسح الخفّ الأوّل بعد حدثه ثمّ لبس الخفّ الثّاني ولو على طهارة لم يجز المسح على الثّاني‏,‏ لأنّ الخفّ الممسوح بدل عن غسل ما تحته‏,‏ والبدل لا يجوز له بدل آخر‏,‏ بل يمسح على الأسفل لأنّ الرخصة تعلّقت به‏,‏ وإن لبس خفاً على آخر قبل الحدث ومسح الأعلى‏,‏ ثمّ نزع الممسوح الأعلى لزمه نزع التّحتانيّ وإعادة الوضوء‏,‏ لأنّه محل المسح‏,‏ ونزعه كنزعهما‏,‏ والرخصة تعلّقت بهما‏,‏ فصار كانكشاف القدم‏.‏

د - أن يكون لبس الخفّ مباحاً‏:‏ وهذا الشّرط عند المالكيّة والحنابلة ومقابل الأصحّ عند الشّافعيّة‏,‏ فهم لا يجوّزون المسح على الخفّ المغصوب أو المسروق أو المتّخذ من جلد الخنزير أو الحرير‏,‏ ولو كان لبس المحرّم لضرورة البرد والثّلج كما يرى ذلك الحنابلة‏,‏ وعند الحنفيّة والشّافعيّة في الأصحّ يجوز المسح على الخفّ ولو لم يكن مباحاً‏,‏ ولا يجوز عند الحنابلة المسح للمحرم بحجّ أو عمرة لأنّه منهي عن لبس المخيط‏.‏

هـ - أن لا يكون شفّافاً تظهر القدم من خلاله على تفصيل بين الفقهاء في ذلك على النّحو التّالي‏.‏

يشترط الحنفيّة في الخفّ أن يكون مانعاً من وصول الماء إلى القدم سواء أكان رقيقاً أم سميكاً‏,‏ لأنّ الأصل عدم وصول الماء‏.‏

ويرى المالكيّة أنّه لا بدّ أن يكون الخف من جلد كما سبق‏.‏

ويرى الحنابلة أنّه يشترط في الخفّ أن لا يصف البشرة لصفائه أو خفّته‏.‏

و - أن يبقى من محلّ الغسل في الوضوء من القدم شيء‏.‏

قال الحنابلة‏:‏ من له رجل واحدة لم يبق من فرض الرّجل الأخرى شيء فلبس ما يصح المسح عليه في الباقية جاز له المسح عليه لأنّه ساتر لفرضه‏.‏

قال البهوتي‏:‏ وعلم منه أنّه لو لبس خفاً في إحدى رجليه مع بقاء الأخرى أو بعضها وأراد المسح عليه وغسل الأخرى أو ما بقي منها لم يجز له ذلك‏,‏ بل يجب غسل ما في الخفّ تبعاً للّتي غسلها ‏;‏ لئلّا يجمع بين البدل والمبدل في محل واحد‏.‏

كيفيّة المسح على الخفّين ومقداره

10 - يرى الحنفيّة أنّ الواجب المسح بقدر ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد على ظاهر الخفّ فقط مرّةً واحدةً‏.‏

وكيفيّته أن يبدأ بالمسح على الخفّين من أصابع القدم خطوطاً إلى جهة السّاق‏,‏ فيضع أصابع يده اليمنى على مقدّم خفّ رجله اليمنى‏,‏ ويضع أصابع يده اليسرى على مقدّم خفّ رجله اليسرى‏,‏ ويفرّج بين أصابع يده قليلاً‏,‏ بحيث يعم المسح أكبر قدر ممكن من الخفّ‏,‏ ولذلك لا يصح المسح على باطن القدم ولا على جوانبه ولا على عقبه ولا ساقه‏,‏ كما لا يسن تكرار المسح‏.‏

ويرى المالكيّة وجوب مسح جميع ظاهر الخفّ‏,‏ كما يستحب مسح أسفله أيضاً‏,‏ فيضع أصابع يده اليمنى فوق أطراف أصابع رجله اليمنى ويضع أصابع يده اليسرى تحت أصابع رجله اليمنى‏,‏ ويمر بكلتا يديه على خفّ رجله اليمنى باتّجاه الكعبين‏,‏ ويضع أصابع يده اليسرى فوق أطراف رجله اليسرى ويده اليمنى تحت أصابعها‏,‏ ويمر بكلتا يديه على خفّ رجله اليسرى باتّجاه الكعبين كذلك‏,‏ فيكون قد مسح جميع الخفّ ظاهره وباطنه‏.‏

ويرى الشّافعيّة أنّ المسح الواجب هو ما يصدق عليه مسمّى مسح في محلّ الفرض‏,‏ وهو مسح ظاهر الخفّ‏,‏ فلا يمسح أسفله ولا عقبه ولا جوانبه‏,‏ لإطلاق المسح بدون تقدير‏,‏ فيكتفى بما يطلق عليه اسم المسح‏,‏ إلّا أنّ السنّة أن يعمّم المسح على ظاهر وباطن الخفّ خطوطاً‏,‏ كالمالكيّة‏.‏

ويرى الحنابلة أنّ الواجب في مسح الخفّ هو مسح أكثر مقدّم ظاهر الخفّ خطوطاً بالأصابع‏,‏ ولا يسن مسح أكثر من ذلك من باطن الخفّ أو جوانبه أو عقبه أو ساقه‏,‏ لأنّ لفظ المسح ورد مطلقاً في الأحاديث وفسّره النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم بفعله في حديث المغيرة بن شعبة رضي اللّه عنه قال‏:‏ « توضّأ النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم ومسح على الخفّين فوضع يده اليمنى على خفّه الأيمن ووضع يده اليسرى على خفّه الأيسر ثمّ مسح أعلاهما مسحةً واحدةً حتّى كأنّي انظر إلى أثر أصابعه على الخفّين »‏.‏

نواقض المسح على الخفّين

11 - ينتقض المسح على الخفّين في الحالات التّالية‏:‏

أ - نواقض الوضوء‏,‏ فكل ما ينقض الوضوء ينقض المسح على الخفّين‏,‏ لأنّ المسح بدل عن بعض الوضوء‏,‏ والبدل ينقضه ناقض الأصل‏,‏ فإذا انتقض وضوء من مسح على الخفّين توضّأ من جديد ومسح على خفّيه إن كانت مدّة المسح باقيةً‏,‏ وإلّا خلع خفّيه وغسل رجليه‏.‏

ب - وجود موجب للغسل كالجنابة والحيض والنّفاس‏,‏ فإذا وجد أحد هذه الموجبات انتقض المسح على الخفّين ووجب نزعهما وغسل جميع البدن‏,‏ ويجدّد المسح على خفّيه بعد لبسهما بعد تمام الطّهارة إن أراد ذلك‏.‏

ج - نزع الخفّين أو أحدهما‏,‏ فإذا خرجت رجلاه أو إحداهما بنزع الخفّ أو بخروج قدميه أو إحداهما أو خروج أكثر القدم خارج الخفّ انتقض المسح‏,‏ وذلك لمفارقة محلّ المسح - القدمين - مكانه‏,‏ والأكثر له حكم الكلّ من باب التّغليب‏,‏ وفي هذه الحالة يجب غسل قدميه جميعاً عند الجمهور غير الحنابلة لبطلان طهرهما بزوال البدل وهو المسح‏,‏ وبزوال البدل نرجع إلى الأصل وهو الغسل‏.‏

وعند الحنابلة‏:‏ إذا نزع خفّيه أو أحدهما أو خرجت قدماه أو إحداهما أو أكثرها من الخفّ وجب إعادة الوضوء كلّه‏,‏ لأنّ المسح أقيم مقام الغسل فإذا أزال الممسوح بطلت الطّهارة في القدمين فتبطل في جميعها لكونها لا تتبعّض‏.‏

د - مضي المدّة‏:‏ فإذا مضت مدّة المسح وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيّام بلياليها للمسافر‏,‏ انتقض المسح على الخفّين‏,‏ ووجب نزعهما وغسل الرّجلين فقط عند الحنفيّة والشّافعيّة إذا ظلّ متوضّئاً ومسح على الخفّين‏,‏ لأنّ الحدث اقتصر على موضع الخفّ وهو القدمان فقط‏.‏

وعند الحنابلة يجب إعادة الوضوء كلّه إذا انقضت مدّة المسح الّتي ينتقض معها الوضوء لانتقاضه في القدمين‏,‏ لأنّ الحدث كل لا يتبعّض‏,‏ وهو أحد القولين عند الشّافعيّة‏.‏

هـ - ظهور الرّجلين أو بعضهما بتخرق الخفّين أو بسقوطهما عن موضوع المسح‏,‏ وينتقض كذلك بظهور قدر ثلاث أصابع من أصابع أحد الرّجلين كما يرى ذلك الحنفيّة‏,‏ أو بظهور قدر ثلث القدم كما يرى ذلك المالكيّة‏,‏ وفي هذه الحالة يجب غسل الرّجلين عند الجمهور غير الحنابلة لاقتصار النّقض على محلّه وهو الرّجلين‏.‏

وعند الحنابلة يجب إعادة الوضوء كلّه لأنّه كل لا يتبعّض‏.‏

و - إصابة الماء للرّجلين معاً أو لأكثر إحداهما في الخفّ‏,‏ فيعتبر ذلك ناقضاً للمسح على الخفّين عند الحنفيّة‏,‏ ويجب نزعهما وغسل الرّجلين إذا ظلّ متوضّئاً‏,‏ للاقتصار على محلّ الحدث‏.‏

وعند المالكيّة والشّافعيّة لا يعتبر وصول الماء إلى القدم أو إلى كليهما ناقضاً للمسح إذا كان الماء طاهراً‏.‏

مكروهات المسح على الخفّين

12 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه تكره الزّيادة على المرّة الواحدة في المسح لأنّ الأحاديث النّبويّة حدّدت المسح بمرّة واحدة‏,‏ كما يكره غسل الخفّين‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ يجزئ غسل الخفّين بدل مسحهما إذا نوى بذلك رفع الحدث عن رجليه ولو مع نيّة إزالة الوسخ‏,‏ أما إذا نوى قلع نجاسة علقت بالخفّ من غير أن ينوي رفع الحدث فلا يجزئه‏.‏

أما عند الحنفيّة فإن غسل الخفّ لقلع النّجاسة يجزئ عن المسح عليه ولو لم ينو المسح لإتيانه بالواجب من المسح وزيادة في محلّه‏.‏

المسح على الجوربين

13 - الجورب هو ما يلبسه الإنسان في قدميه سواء كان مصنوعاً من الصوف أو القطن أو الكتّان أو نحو ذلك‏.‏

وقد ذهب جمهور الفقهاء على جواز المسح على الجوربين في حالتين‏.‏

أ - أن يكون الجوربان مجلّدين‏,‏ يغطّيهما الجلد لأنّهما يقومان مقام الخفّ في هذه الحالة‏.‏ ب - أن يكون الجوربان منعّلين‏,‏ أي لهما نعل وهو يتّخذ من الجلد‏,‏ وفي الحالتين لا يصل الماء إلى القدم‏,‏ لأنّ الجلد لا يشف الماء‏.‏

ويرى الإمام أحمد بن حنبل والصّاحبان من الحنفيّة جواز المسح على الجورب بشرطين‏:‏ الأوّل‏:‏ أن يكون ثخيناً لا يبدو منه شيء من القدم‏.‏

الثّاني‏:‏ أن يمكن متابعة المشي فيه وأن يثبت بنفسه من غير شد بالعرى ونحوها‏,‏ ولم يشترط الحنابلة أن يكونا منعولين‏.‏

واستدلوا بالآتي‏:‏

أ - ما رواه المغيرة بن شعبة‏:‏ « أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مسح على الجوربين والنّعلين »‏.‏

وهذا يدل على أنّ النّعلين لم يكونا عليهما‏,‏ لأنّهما لو كانا كذلك لم يذكر النّعلين فإنّه لا يقال مسحت على الخفّ ونعله‏.‏

واستدلوا كذلك على جواز المسح على الجوربين بأنّ الصّحابة مسحوا على الجوارب ولم يظهر لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعاً‏.‏

مُسَخَّر

التّعريف

1 - المسخّر اسم مفعول من الفعل سخَّر‏,‏ يقال‏:‏ سخَّره تسخيراً‏:‏ كلّفه عملاً بلا أجرة‏,‏ ورجل سُخْر يسخّر في الأعمال‏.‏

والسُخرة - وزان غرفة - ما سخَّرت من خادم أو دابّة بلا أجر ولا ثمن‏.‏

وفي الاصطلاح عرّفه ابن عابدين نقلاً عن البحر فقال‏:‏ المسخّر‏:‏ هو أن ينصب القاضي وكيلاً عن الغائب ليسمع الخصومة عليه‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

الوكيل‏:‏

2 - الوكيل في اللغة‏:‏ من وكّلت الأمر إلى فلان‏:‏ فوّضته إليه واكتفيت به‏,‏ ووكيل الرّجل هو الّذي يقوم بأمره‏,‏ ووكّل إليه الأمر‏:‏ أسلمه‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

والصّلة بين الوكيل والمسخّر هي أنّ الوكيل أعم‏,‏ لأنّه قد يكون بنصب القاضي وقد يكون بنصب آحاد النّاس‏.‏

الحكم الإجمالي

3 - ينبني حكم نصب المسخّر عن الغائب في الخصومة على حكم القضاء على الغائب‏.‏ فعند الحنفيّة لا يجوز القضاء على الغائب إلّا بحضور نائبه كوكيله ووصيّه ومتولّي الوقف أو نائبه شرعاً كوصيّ نصبه القاضي‏.‏

وأفتى خواهر زاده بجواز القضاء على الغائب‏,‏ ولذلك أجاز القضاء على المسخّر الّذي ينصبه القاضي وكيلاً عن الغائب‏,‏ لأنّ القضاء على المسخّر هو عين القضاء على الغائب‏.‏ لكن المعتمد عند الحنفيّة أنّه لا يجوز القضاء على المسخّر إلّا لضرورة وذلك في خمس مسائل‏.‏

الأولى‏:‏ اشترى بالخيار وأراد الرّدّ في المدّة‏,‏ فاختفى البائع فطلب المشتري من القاضي أن ينصب خصماً عن البائع ليردّه عليه‏,‏ وهذا أحد قولين عزاهما في جامع الفصولين إلى الخانية‏.‏

الثّانية‏:‏ كفل بنفسه على أنّه إن لم يواف به غداً فدينه على الكفيل‏,‏ فغاب الطّالب في الغد فلم يجده الكفيل‏,‏ فرفع الأمر إلى القاضي فنصب وكيلاً عن الطّالب وسلّم إليه المكفول عنه‏,‏ فإنّه يبرأ‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ وهو خلاف ظاهر الرّواية‏,‏ إنّما هو في بعض الرّوايات عن أبي يوسف‏,‏ قال أبو اللّيث‏:‏ لو فعل به قاض علم أنّ الخصم تغيّب لذلك فهو حسن‏.‏

الثّالثة‏:‏ حلف المدين ليوفين الدّائن اليوم‏,‏ وعلّق العتق أو الطّلاق على عدم قضائه اليوم‏,‏ ثمّ غاب الطّالب وخاف الحالف الحنث‏,‏ فإنّ القاضي ينصب وكيلاً عن الغائب ويدفع الدّين إليه ولا يحنث الحالف‏,‏ وعليه الفتوى‏,‏ وفي حاشية مسكين عن شرف الدّين الغزّيّ‏:‏ أنّه لا حاجة إلى نصب الوكيل لقبض الدّين‏,‏ فإنّه إذا دفع إلى القاضي برّ في يمينه على المختار المفتى به كما في كثير من كتب المذهب المعتمدة‏,‏ ولو لم يكن ثمّة قاض حنث على المفتى به‏.‏

الرّابعة‏:‏ جعل الزّوج أمر زوجته بيدها إن لم تصلها نفقتها‏,‏ فتغيّبت‏,‏ لإيقاع الطّلاق عليه فإنّ القاضي ينصب من يقبض لها‏.‏

الخامسة‏:‏ لو قال رجل للقاضي‏:‏ لي على فلان حق وقد توارى عنّي في منزله‏,‏ فأتى بشاهدين أنّه في منزله وطلب المدّعي أن ينصب له وكيلاً يعذره القاضي فإن لم يحضر نصب له القاضي وكيلاً وسمع شهود المدّعي‏,‏ وحكم عليه بمحضر وكيله‏.‏

4 - أمّا المالكيّة فإنّهم يجيزون الحكم على الغائب في الجملة‏,‏ لكنّهم يختلفون هل يقدّم القاضي له وكيلاً أو لا‏؟‏

فيرى ابن الماجشون وأصبغ‏:‏ أنّه لا ترجى حجّة لغائب‏,‏ وذلك أنّ من أصلهما أن يقدّم القاضي له وكيلاً يقوم بحجّته ويعذر إليه‏,‏ فهو عندهما كالحاضر‏,‏ ويرى ابن القاسم إرجاء الحجّة للغائب‏,‏ لأنّ من أصله أنّه لا يقيم له وكيلاً‏,‏ وفي المدوّنة من كتاب القسمة‏:‏ ليس للقاضي أن يوكّل للغائب من يعذر إليه في شهادة الّذين شهدوا عليه‏,‏ ولا يقيم لصبيّ ولا لغائب وكيلاً يقوم بحجّتهما‏,‏ وفي الواضحة خلافه من قول عبد الملك‏.‏

5 - وذكر الشّافعيّة نصب المسخّر من قبل القاضي في مسائل‏:‏

الأولى‏:‏ القضاء على الغائب‏:‏

يجوز القضاء على الغائب إن كان عليه بيّنة وادّعى المدّعي جحوده‏,‏ فإن قال‏:‏ هو مقر لم تسمع بيّنته ولغت دعواه‏,‏ وإن أطلق أي لم يتعرّض لجحوده ولا إقراره فالأصح أنّ بيّنته تسمع‏.‏

والأصح أنّه لا يلزم القاضي نصب مسخّر ينكر عن الغائب لأنّه قد لا يكون منكراً‏.‏

ومقابل الأصحّ‏:‏ يلزمه نصب مسخّر لتكون البيّنة على إنكار منكر‏.‏

قال القليوبي‏:‏ والمعتمد أنّ نصب المسخّر مستحب‏.‏

الثّانية‏:‏ الرّد بالعيب‏:‏

الرّد بالعيب يكون على الفور‏,‏ فإن كان البائع بالبلد ردّه عليه أو على وكيله بالبلد‏,‏ وإن كان البائع غائباً عن البلد ولم يكن له وكيل بالبلد رفع الأمر إلى الحاكم‏,‏ قال القاضي حسين‏:‏ فيدّعي شراء ذلك الشّيء من فلان الغائب بثمن معلوم قبضه‏,‏ ثمّ ظهر العيب‏,‏ وأنّه فسخ البيع‏,‏ ويقيم البيّنة على ذلك في وجه مسخّر ينصبه الحاكم‏,‏ ويحلف المدّعي‏:‏ أنّ الأمر جرى كذلك‏,‏ ويحكم بالرّدّ على الغائب‏,‏ ويبقى الثّمن ديناً عليه‏,‏ ويأخذ المبيع ويضعه عند عدل‏,‏ ويقضي الدّين من مال الغائب‏,‏ فإن لم يجد له سوى المبيع باعه فيه‏.‏

الثّالثة‏:‏ القسامة‏:‏

إذا ثبتت القسامة فإنّ مستحقّ الدّم يحلف خمسين يميناً وتوزّع بحسب الإرث وإن كان الوارث واحداً‏,‏ وكان لا يحوز جميع التّركة‏,‏ كما إذا كان الوارث زوجةً فقط مع بيت المال‏,‏ فإنّ الزّوجة تحلف خمسين يميناً وتأخذ الربع‏,‏ ولا يثبت حقّ بيت المال بحلفها بل ينصب الإمام مسخّراً يدّعي على المنسوب إليه القتل ويحلف المدّعى عليه خمسين يميناً‏,‏ فإن حلف لم يطالب بغير حصّة الزّوجة‏,‏ وإن امتنع من الحلف حبس إلى أن يحلف أو يقرّ‏,‏ لأنّ المسخّر لا يحلف‏.‏

فإن لم يكن للقتيل وارث أصلاً فلا قسامة فيه‏,‏ وإن كان هناك لوث لعدم المستحقّ المعيّن لأنّ ديته لعامّة المسلمين‏,‏ وتحليفهم غير ممكن‏,‏ لكن ينصب القاضي من يدّعي على من نسب القتل إليه‏,‏ ويحلّفه‏,‏ فإن نكل فهل يقضى عليه بالنكول أو لا‏؟‏ وجهان‏,‏ جزم في الأنوار بالأوّل‏,‏ ومقتضى ما صحّحه الشّيخان - فيمن مات بلا وارث فادّعى القاضي أو منصوبه ديناً له على آخر فأنكر ونكل أنّه لا يقضى له بالنكول‏,‏ بل يحبس ليحلّف أو يقرّ - ترجيح الثّاني وهو أوجه‏.‏

6 - وعند الحنابلة يجوز القضاء على الغائب‏:‏ فمن ادّعى على ممتنع من الحضور لمجلس الحكم - أي مستتر - إمّا في البلد أو دون مسافة قصر بلا بيّنة لم تسمع دعواه‏,‏ ولم يحكم له‏,‏ وإن كان له بيّنة سمعها الحاكم وحكم بها في حقوق الآدميّين‏,‏ ولا يلزم القاضي نصب من ينكر أو يحبس بغيره عن الغائب‏,‏ لأنّ تقدم الإنكار ليس بشرط‏.‏

مُسْرِف

انظر‏:‏ إسراف‏.‏

مَسّ

التّعريف

1 - المس في اللغة‏:‏ من مسِسْته من باب تعب‏,‏ وفي لغة مَسسته مساً من باب قتل‏:‏ أفضيت إليه بيدي من غير حائل هكذا قيّدوه - والاسم‏:‏ المسيس مثل كريم‏.‏

ومسّ امرأته من باب تعب مساً ومسيساً‏:‏ كناية عن الجماع‏,‏ وماسّها مماسّةً‏.‏

وتماسّا‏:‏ مسَّ كلّ واحد الآخر‏,‏ والمس‏:‏ مسك الشّيء بيدك‏.‏

والمس‏:‏ الجنون‏,‏ ورجل ممسوس‏:‏ به مس من الجنون كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ‏}‏‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء‏:‏ المس ملاقاة جسم لآخر على أيّ وجهٍ كان‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - اللّمس‏:‏

2 - اللّمس لغةً‏:‏ الجس من بابي قتل وضرب أفضى إليه باليد‏.‏

واللّمس في الاصطلاح‏:‏ ملاقاة جسم لجسم لطلب معنىً فيه كحرارة أو برودة أو صلابة أو رخاوة أو علم حقيقة ليعلم هل هو آدمي أو لا‏.‏

والصّلة بين اللّمس والمسّ هي أنّ اللّمس أخص من المسّ‏.‏

ج - المباشرة‏:‏

3 - المباشرة في اللغة من باشر الرّجل زوجته‏:‏ تمتّع ببشرتها وباشر الأمر‏:‏ تولّاه ببشرته وهي يده وباشر الرّجل امرأته‏:‏ أي جامعها ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ‏}‏‏,‏ قال ابن عابدين‏:‏ المباشرة أن تكون بتماسّ الفرجين مع الانتشار ولو بلا بلل‏.‏

والمس أعم من المباشرة‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالمسّ

مس المحدث والجنب المصحف

4 - اتّفق الفقهاء على أنّه يحرم مس المصحف لغير الطّاهر طهارةً كاملةً من الحدثين الأصغر والأكبر‏,‏ لكن تختلف عباراتهم في الشروط والتّفصيل‏.‏

فقال الحنفيّة‏:‏ يحرم مس المصحف كلّه أو بعضه أي مسّ المكتوب منه‏,‏ ولو آيةً على نقود درهم أو غيره أو جدار‏,‏ لأنّ حرمة المصحف كحرمة ما كتب منه فيستوي فيه الكتابة في المصحف وعلى الدّراهم‏,‏ كما يحرم مس غلاف المصحف المتّصل به‏,‏ لأنّه تبع له‏,‏ فكان مسه مسّاً للقرآن‏.‏

ولا يحرم مس الغلاف المنفصل عن القرآن كالكيس والصندوق‏,‏ ويجوز مس المصحف بنحو عود أو قلم أو غلاف منفصل عنه‏,‏ ويكره لمسه بالكمّ والحائل كالخريطة في الصّحيح‏,‏ والمقصود بالخريطة الوعاء من جلد أو غيره‏,‏ ولا تحرم كتابة آية على ورقة‏,‏ لأنّ المحرّم هو مس المكتوب باليد‏,‏ أمّا القلم فهو واسطة منفصلة كالثّوب المنفصل الّذي يمس به القرآن‏,‏ لأنّ المفتى به جواز مسّ المصحف بغلاف منفصل أو بصرّة‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ لا يجوز مس المصحف‏,‏ سواء كان مصحفاً جامعاً معاً أو جزءاً أو ورقةً فيها بعض سورة أو لوحاً أو كتفاً مكتوبةً‏,‏ ويمنع غير الطّاهر من حمل المصحف ولو على وسادة أو بعلّاقة أو ثوب أو كرسيٍّ تحته‏,‏ ويحرم المس ولو كان المس بحائل أو عود‏,‏ وإن قصد حمل المصحف مع الأمتعة حرم الحمل‏,‏ وإن قصد الأمتعة بالحمل جاز‏.‏

ويجوز المس والحمل لمعلّم ومتعلّم بالغ وإن كان حائضاً أو نفساء لعدم قدرتهما على المانع‏,‏ ولا يجوز ذلك للجنب لقدرته على إزالة المانع بالغسل أو التّيمم‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ يحرم على المحدث مس المصحف وحمله سواء حمله بعلّاقته أو في كمّه أو على رأسه‏,‏ وحكى القاضي والمتولّي وجهاً أنّه يجوز حمله بعلّاقته وهو شاذ في المذهب وضعيف وسواء مسّ نفس الأسطر أو ما بينها أو الحواشي أو الجلد فكل ذلك حرام‏.‏

وفي مسّ الجلد وجهٌ ضعيف أنّه يجوز‏,‏ وحكى الدّارمي وجهاً شاذّاً بعيداً أنّه لا يحرم مس الجلد ولا الحواشي ولا ما بين الأسطر ولا يحرم إلّا نفس المكتوب‏,‏ والصّحيح الّذي قطع به جمهور الشّافعيّة تحريم الجميع‏.‏

وفي مسّ العلّاقة والخريطة والصندوق إذا كان المصحف فيها وجهان مشهوران‏:‏

أصحهما يحرم وبه قطع المتولّي والبغوي لأنّه متّخذ للمصحف منسوب إليه كالجلد‏.‏

والثّاني‏:‏ يجوز في مسّ الصندوق‏.‏

وأمّا حمل الصندوق وفيه المصحف فاتّفقوا على تحريمه‏.‏

وكذا يحرم تحريكه من مكان إلى مكان‏.‏

وأمّا إذا تصفّح أوراقه بعود ففيه وجهان مشهوران أصحهما يجوز والثّاني لا يجوز ورجّحه الخراسانيون لأنّه حمل الورقة وهي بعض المصحف‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ يحرم مس المصحف على الصّحيح من المذهب‏,‏ ويحرم مس كتابته وجلده وبعضه وحواشيه لشمول اسم المصحف ولو آيةً منه‏,‏ ولا يجوز مسه بشيء من جسده لأنّه من جسده فأشبه يده‏,‏ ويجوز مسه بحائل أو عود طاهرين‏,‏ وحمله بعلّاقة أو وعاء‏,‏ ولو كان المصحف مقصوداً بالحمل‏,‏ وكتابته ولو لذمّيّ من غير مس‏,‏ وحمله بحرز ساتر طاهر‏,‏ وإن احتاج المحدث إلى مسّ المصحف عند عدم الماء‏,‏ تيمّم وجاز مسه وما يحرم على المحدث حدثاً أصغر يحرم على المحدث حدثاً أكبر ‏"‏ الجنب‏,‏ والحائض‏,‏ والنفساء ‏"‏ بطريق الأولى لأنّ الحدث الأكبر أغلظ من الحدث الأصغر‏.‏

واستدلّ الفقهاء على حرمة مسّ المصحف بالكتاب والسنّة‏.‏

أمّا الكتاب فهو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ، لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ‏}‏‏,‏ دلّت الآية الكريمة على أنّ اللّه تعالى نهى عن مسّ المصحف لغير الطّاهر‏.‏

وأنّ المحدث ليس بطاهر‏,‏ فدلّ على عدم جواز مسّه‏,‏ ثمّ إنّ اللّه تعالى وصف القرآن بالتّنزيل‏.‏

وظاهره أنّ المقصود هو القرآن الموجود بين أيدينا فلا يصرف عن ظاهره إلّا بصارف شرعيٍّ‏,‏ وأنّ الخبر فيه النّهي عن مسّه‏.‏

وأمّا السنّة فحديث ابن عمر رضي اللّه عنهما أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال‏:‏

« لا يمس القرآن إلّا طاهر » ولأنّ تعظيم القرآن واجب وليس من التّعظيم مس المصحف بيد حلّها الحدث‏,‏ وكتاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لعمرو بن حزم رضي اللّه عنه‏:‏ « أن لا تمسّ القرآن إلّا على طهر »‏.‏

واتّفقوا على جواز تلاوة القرآن لمن كان محدثاً حدثاً أصغر بغير مس وانظر مصطلح‏:‏

‏(‏ مصحف‏,‏ حدث‏,‏ ف / 26‏,‏ 27 ‏)‏‏.‏

وما سبق من أحكام مسّ المصحف بالنّسبة للمحدث إنّما هو إذا كان مكتوباً بالعربيّة أمّا التّرجمات غير العربيّة للقرآن الكريم فقد اختلف الفقهاء في حكم مسّها على أقوال‏.‏

تنظر في مصطلح ‏(‏ ترجمة ف / 7 ‏)‏‏.‏

مس الصّبيّ المصحف بغير طهارة

5 - ذهب الفقهاء إلى جواز مسّ الصّبيان القرآن بغير طهارة‏.‏

قال الحنفيّة‏:‏ يجوز للصّبيّ مس القرآن أو لوح فيه قرآن للضّرورة من أجل التّعلم والحفظ ولأنّ الصّبيان لا يخاطبون بالطّهارة ولكن أمروا به تخلقاً واعتياداً‏.‏

وقال مالك في المختصر‏:‏ أرجو أن يكون مس الصّبيان للمصاحف للتّعليم على غير وضوء جائزاً‏,‏ وقيل‏:‏ إنّ الصّغير لا يمس المصحف الكامل وهو قول ابن المسيّب‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ لا يمنع صبي مميّز من مسّ وحمل مصحف أو لوح يتعلّم منه لحاجة تعلمه ومشقّة استمراره متطهّراً‏,‏ وقال النّووي‏:‏ أبيح حمل الصّبيان الألواح للضّرورة للحاجة وعسر الوضوء لها‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ وفي مسّ صبيان الكتاتيب ألواحهم الّتي فيها القرآن وجهان أحدهما‏:‏ الجواز لأنّه موضع حاجة فلو اشترطنا الطّهارة أدّى إلى تنفيرهم من حفظه‏,‏ قال في الإنصاف‏:‏ وفي مسّ الصّبيان كتابة القرآن روايتان واقتصر عليه‏,‏ وعنه‏:‏ لا يجوز وهو وجهٌ‏.‏

قال في الفروع‏:‏ ويجوز في رواية مس صبيٍّ لوحاً كتب فيه قرآن‏,‏ قال ابن رزين وهو أظهر‏.‏

كتابة المحدث المصحف

6 - يرى جمهور الفقهاء أنّه لا يجوز للمحدث كتابة المصحف لكن تختلف عباراتهم في الشروط والتّفصيل‏.‏

فقال الحنفيّة‏:‏ يكره للمحدث الكتابة ومس الموضع المكتوب من القرآن وأسماء اللّه تعالى على ما يفرش لما فيه من ترك التّعظيم‏,‏ وكذا على المحاريب والجدران لما يخاف من سقوط الكتابة‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ لا يجوز للمحدث كتبه على الرّاجح أي ليس للنّاسخ أن يكتب ويمسّ المصحف محدثاً‏,‏ وقيل‏:‏ يجوز كتابة المحدث لمشقّة الوضوء كلّ ساعة‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ لا يجوز كتابة القرآن بشيء نجس وإذا كتب المحدث أو الجنب مصحفاً نظر إن حمله أو مسّه في حال كتابته حرم‏,‏ وإلّا فالصّحيح جوازه لأنّه غير حامل ولا ماس‏,‏ وفيه وجهٌ مشهور يحرم‏,‏ ووجهٌ ثالث يحرم على الجنب دون المحدث‏.‏

وإذا كتب القرآن في لوح فله حكم المصحف فيحرم مسه وحمله على البالغ المحدث هذا هو المذهب الصّحيح وبه قطع الأكثرون‏,‏ وفيه وجهٌ مشهور أنّه لا يحرم لأنّه لا يراد للدّوام بخلاف المصحف فعلى هذا يكره ولا فرق بين أن يكون المكتوب قليلاً أو كثيراً فيحرم على الصّحيح قال إمام الحرمين‏:‏ لو كان على اللّوح آية أو بعض آية كتب للدّراسة حرم مسه وحمله‏,‏ ويكره نقش الحيطان والثّياب بالقرآن وبأسماء اللّه تعالى قال القاضي حسين والبغوي وإذا كتب قرآناً على حلوى فلا بأس بأكله‏.‏ وإن كان على خشبة كره إحراقها‏.‏ وقال الحنابلة كما في الإنصاف‏:‏ يجوز كتابة المصحف من غير مس على الصّحيح من المذهب جزم به المصنّف وهو مقتضى كلام الخرقيّ‏.‏

وقاله القاضي وغيره‏,‏ وعنه يحرم وأطلقهما في الفروع‏.‏ وقيل‏:‏ هو كالتّقليب بالعود‏.‏ وقيل لا يجوز وإن جاز التّقليب بالعود‏.‏ وللمجد احتمال بالجواز للمحدث دون الجنب‏.‏

مس المحدث كتب التّفسير

7 - اختلف الفقهاء في مسّ المحدث كتب التّفسير‏:‏

قال الحنفيّة‏:‏ لا يجوز مس كتب التّفسير لأنّه يصير بمسّه ماساً للقرآن وقال في الفتاوى الهنديّة‏:‏ ويكره مس كتب التّفسير والفقه والسنّة ولا بأس بمسّها بالكمّ‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ يجوز مس كتب التّفسير وحملها والمطالعة فيها للمحدث ولو كان جنباً‏,‏ لأنّ المقصود من التّفسير معاني القرآن لا تلاوته وظاهره ولو كتبت فيه آيات كثيرة متوالية وقصدها‏,‏ خلافاً لابن عرفة القائل بمنع مسّ تلك التّفاسير الّتي فيها الآيات الكثيرة متوالية مع قصد الآيات بالمسّ‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ بحرمة حمل التّفسير ومسّه إذا كان القرآن أكثر من التّفسير‏,‏ وكذلك إن تساويا على الأصحّ‏,‏ ويحل مسه إذا كان التّفسير أكثر على الأصحّ‏,‏ وفي رواية‏:‏ يحرم لإخلاله بالتّعظيم‏,‏ وقال النّووي‏:‏ إن كان التّفسير أكثر ففيه أوجهٌ أصحها لا يحرم‏,‏ لأنّه ليس بمصحف‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ بجواز مسّ كتاب التّفسير ونحوه على الصّحيح من المذهب وعليه الأصحاب وحكى القاضي روايةً بالمنع والصّحيح جواز مسّ كتب التّفسير بدليل « أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كتب إلى قيصر كتاباً فيه آية »‏,‏ ولأنّها لا يقع عليها اسم المصحف ولا تثبت لها حرمته‏.‏

مس المحدث كتب الفقه وغيرها

8 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة‏:‏ إلى جواز مسّ المحدث كتب الفقه وغيرها وإن كان فيها آيات من القرآن الكريم‏.‏

وهو أصح وجهين مشهورين عند الشّافعيّة‏.‏

غير أنّ أبا حنيفة قال‏:‏ والمستحب له أن لا يفعل‏.‏

واستدلوا بحديث ابن عبّاس رضي اللّه عنهما « أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كتب إلى قيصر كتاباً قال فيه آيةً »‏,‏ ولأنّها لا يقع عليها اسم المصحف‏,‏ ولا تثبت لها حرمته‏.‏

مس المحدث كتب الحديث

9 - ذهب الفقهاء إلى جواز مسّ المحدث كتب الحديث وإن كان فيها آيات من القرآن في الجملة‏.‏

جاء في الفتاوى الهنديّة‏:‏ ويكره للجنب والحائض مس كتب التّفسير والفقه والسنن‏,‏ ولا بأس بمسّها بالكمّ لأنّها لا تخلو عن آيات القرآن‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ يجوز مس كتب الحديث والتّفسير والفقه‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ وأمّا كتب حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأطلق الماورديّ والقاضي حسين والبغوي وغيرهم جواز مسّها وحملها مع الحدث‏,‏ وقال المتولّي والروياني‏:‏ يكره‏,‏ والمختار ما قاله آخرون‏:‏ إن لم يكن فيها شيء من القرآن جاز‏,‏ والأولى أن لا يفعل إلّا بطهارة‏,‏ وإن كان فيها قرآن فعلى الوجهين‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ يجوز مس كتب الحديث وإن كان فيها آيات من القرآن على الصّحيح من المذهب وعليه الأصحاب‏,‏ وحكى القاضي روايةً بالمنع‏.‏

واستدلّ الجمهور لجواز مسّ كتب الحديث « بأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كتب إلى قيصر كتاباً فيه آية »‏,‏ ولأنّها لا يقع عليها اسم المصحف ولا تثبت لها حرمته‏.‏

مس المحدث للنقود المكتوب عليها شيء من القرآن

10 - اختلف الفقهاء في حكم مسّ المحدث الدّراهم والدّنانير الّتي عليها شيء من القرآن فأجاز ذلك المالكيّة وهو الأصح عند الشّافعيّة‏,‏ وفي وجهٍ عند الحنابلة وهو الرّاجح عندهم‏.‏ واستدلوا بحديث ابن عبّاس رضي اللّه عنهما‏,‏ « أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كتب كتاباً إلى هرقل وفيه آية ‏{‏ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ ‏}‏ »‏,‏ ولم يأمر حاملها بالمحافظة على الطّهارة ولأنّ هذه الأشياء لا تقصد بإثبات القرآن فيها قراءته فلا تجري عليها أحكام القرآن‏,‏ ولأنّ الدّراهم لا يقع عليها اسم المصحف فأشبهت كتب الفقه‏,‏ ولأنّ في الاحتراز منها مشقّةً أشبهت ألواح الصّبيان وقال في الفروع‏:‏ لا يجوز مس الدّراهم بيده وإن كانت في صرّة فلا بأس‏.‏

وذهب الحنفيّة والحنابلة في الوجه الثّاني إلى عدم جواز مسّ شيء مكتوب فيه شيء من القرآن من لوح أو دراهم أو غير ذلك إذا كان آيةً تامّةً‏,‏ ولو كان القرآن مكتوباً بالفارسيّة يكره لهم مسه عند أبي حنيفة وكذا عندهما على الصّحيح‏,‏ لأنّ حرمة المصحف كحرمة ما كتب فيه فيستوي فيه الكتابة في المصحف وعلى الدّراهم‏,‏ وكره ذلك عطاء والقاسم والشّعبي‏,‏ لأنّ القرآن مكتوب عليها فأشبهت الورق‏.‏

مس الكافر المصحف

11 - ذهب جمهور الفقهاء إلى منع الكافر من مسّ المصحف لأنّ الكافر نجس فيجب تنزيه المصحف عن مسّه‏.‏

وخالف في ذلك محمّد من أصحاب أبي حنيفة فقال‏:‏ لا بأس أن يمسّ القرآن إذا اغتسل لأنّ المانع هو الحدث وقد زال بالغسل‏,‏ وإنّما بقي نجاسة اعتقاده وذلك في قلبه لا في يده‏.‏

مس المحدث التّوراة والإنجيل

12 - ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز مسّ المحدث التّوراة والإنجيل والزّبور في الجملة‏.‏ قال الحنفيّة‏:‏ لا مانع من مسّ الكتب السّماويّة الأخرى المبدّلة‏,‏ لكن يكره للحائض والجنب قراءة التّوراة والإنجيل والزّبور لأنّ الكلّ كلام اللّه تعالى إلّا ما بدّل منها‏,‏ وما بدّل منها غير معيّن‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ يجوز للمحدث مس التّوراة والإنجيل والزّبور ولو كانت غير مبدّلة‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ يجوز للمحدث مس التّوراة والإنجيل وحملهما وكذا قطع به الجمهور وذكر الماورديّ والروياني فيه وجهين‏:‏

أحدهما‏:‏ لا يجوز‏,‏ والثّاني‏:‏ قالا - وهو قول جمهور أصحابنا -‏:‏ يجوز لأنّها مبدّلة منسوخة‏,‏ قال المتولّي‏:‏ فإن ظنّ أنّ فيها شيئاً غير مبدّل كره مسه ولا يحرم‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ وله مس التّوراة والإنجيل والزّبور وصحف إبراهيم إن وجدت لأنّها ليست قرآناً‏,‏ وقال في الإنصاف‏:‏ يجوز مس المنسوخ تلاوته والمأثور عن اللّه تعالى والتّوراة والإنجيل على الصّحيح من المذهب‏,‏ وقيل‏:‏ لا يجوز ذلك‏.‏

مس الطّيب للمحرم

13 - ذهب جمهور الفقهاء إلى تحريم مسّ الطّيب للمحرم بمعنى استعماله بأيّة صفة كانت‏.‏ وتفصيل ذلك في مصطلح ‏(‏ إحرام ف / 74 وما بعدها ‏)‏‏.‏

المس والإنزال للصّائم

14 - ذهب الفقهاء إلى فساد الصّوم بالإنزال بالمسّ‏.‏

قال الحنفيّة‏:‏ يفسد الصّوم بالإنزال عن المسّ ولا يفسد بالإنزال عن النّظر إلى الفرج‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ إن مسّ أو قبّل أو باشر فسلم فلا شيء عليه‏,‏ وإن أنزل فثلاثة أقوال‏:‏ الأوّل‏:‏ أنّ عليه القضاء والكفّارة مطلقاً‏,‏ والثّاني‏:‏ قول أشهب - وهو أصح الأقوال - لا كفّارة عليه إلّا أن ينزل‏,‏ والثّالث‏:‏ الفرق بين المسّ والقبلة والمباشرة فيكفّر مطلقاً‏,‏ وبين التّذكر والنّظر فلا كفّارة عليه‏,‏ وقال في المدوّنة‏:‏ إن أمذى من مس أو قبلة يفسد صومه وعليه القضاء‏.‏ وقال أشهب‏:‏ والمس باليد أيسر منها‏,‏ والقبلة أيسر من المباشرة‏,‏ والمباشرة أيسر من العبث بالفرج‏,‏ وترك ذلك كلّه أحب إلينا‏,‏ وقال في مواهب الجليل‏:‏ إن أمذى فسد صومه ويقضي‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ يحرم المس في الصّيام لأنّ المسّ أبلغ في إثارة الشّهوة إذ لو أنزل به أفطر وفسد صومه وإن خرج المني بمسّ أو قبلة أو مضاجعة بلا حائل يفطر به الصّائم‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ إذا مسّ أو قبّل فأمذى فسد صومه‏.‏ هذا الصّحيح من المذهب نصّ عليه وعليه أكثر الأصحاب‏,‏ وقال في الإنصاف‏:‏ لو هاجت شهوته فأمنى أو أمذى ولم يمسّ ذكره لم يفطر على الصّحيح من المذهب‏.‏

وقال أيضاً‏:‏ إذا قبّل أو لمس فأمنى فسد صومه‏,‏ هذا المذهب وعليه الأصحاب‏.‏ ووجهٌ في الفروع احتمالاً بأنّه لا يفطر‏.‏

أثر المسّ في وجوب الصّداق

15 - اتّفق الفقهاء على أنّ الصّداق يجب كله بالدخول أو الموت‏,‏ واختلفوا في وجوب المهر بالمسّ‏.‏

والتّفصيل في مصطلح ‏(‏ مهر ‏)‏‏.‏

أثر المسّ في حرمة المصاهرة

16 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ المسّ بغير شهوة لا يؤثّر في حرمة المصاهرة فمن مسّ امرأةً بغير شهوة أو قبّلها فله أن يتزوّج بنتها أو أمّها ويجوز لها الزّواج بأصوله أو فروعه‏,‏ وكذلك من مسّ أمّ امرأته أو قبّلها بغير شهوة لا تحرم عليه امرأته‏.‏

أمّا المس بشهوة فاختلفوا في انتشار الحرمة به فقال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة‏:‏ إنّ المسّ والمباشرة في غير الفرج والتّقبيل ولو بشهوة لا يحرّم أصول من مسّها أو قبّلها ولا فروعها‏,‏ زوجةً كانت أم أجنبيّةً لعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ ‏}‏‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى أنّ المسّ بشهوة يوجب حرمة المصاهرة فمن مسّته امرأة بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها‏,‏ ولا تحل له أصولها ولا فروعها‏,‏ وحرم عليها أصوله وفروعه‏,‏ ومن مسّ أو قبّل أمّ امرأته بشهوة حرمت عليه امرأته‏.‏

وقال الحنفيّة‏:‏ إنّ الأسباب الدّاعية إلى الوطء في إثبات الحرمة كالوطء في إثباتها‏,‏ وإنّ المسّ والنّظر سبب داع إلى الوطء فيقام مقامه في موضع الاحتياط ثمّ المس بشهوة أن تنتشر الآلة ثمّ شرط الحرمة بالنّظر أو المسّ أن لا ينزل‏,‏ فإن أنزل لا تثبت الحرمة‏,‏ واشترط الحنفيّة الشّهوة حال المسّ‏,‏ فلو مسّ بغير شهوة ثمّ اشتهى بعد ذلك المسّ لا تحرم عليه‏,‏ إذ تبيّن أنّ المسّ بالإنزال غير مفض إلى الوطء‏,‏ والمس المفضي إليه هو المحرّم‏,‏ ومعنى قولهم‏:‏ المس بشهوة لا يوجب الحرمة بالإنزال هو أنّ الحرمة عند ابتداء المسّ بشهوة كان حكمها موقوفاً إلى أن تبيّن بالإنزال فإن أنزل لم تثبت وإلّا ثبتت‏.‏

واستدلوا بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم ‏}‏‏,‏ قالوا‏:‏ المراد من النّكاح الوطء‏,‏ والمس والتّقبيل بشهوة داع إلى الوطء فيقام مقامه احتياطاً للحرمة‏.‏

أثر المسّ في الظّهار

17 - ذهب الحنفيّة وأكثر المالكيّة وهو إحدى الرّوايتين عن الإمام أحمد إلى حرمة دواعي الوطء من مس أو مباشرة أو تقبيل قبل التّكفير في الظّهار لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ‏}‏‏.‏

دلّت الآية على أنّه أمر المظاهر بالكفّارة قبل التّماسّ‏,‏ والتّماس يصدق على المسّ باليد وغيرها من أجزاء الجسم‏,‏ كما يصدق على الوطء‏,‏ والوطء قبل التّكفير حرام بالاتّفاق‏,‏ فالمس باليد وما في معناه يكون حراماً مثله ولأنّ المسّ والتّقبيل بشهوة والمباشرة دون الفرج تدعو إلى الوطء‏,‏ ومتى كان الوطء حراماً كانت الدّواعي إليه حراماً أيضاً بناءً على القاعدة الفقهيّة ‏"‏ ما أدّى إلى الحرام حرام ‏"‏‏.‏

وذهب الشّافعيّة في الأظهر وبعض المالكيّة وأحمد في الرّواية الثّانية إلى إباحة الدّواعي في الوطء‏,‏ ووجه ذلك‏:‏ أنّ المراد من المسّ في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ‏}‏ الجماع‏:‏ وذلك كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ‏}‏‏,‏ فلا يحرم ما عداه من المسّ بشهوة والمباشرة والتّقبيل فيما دون الفرج‏,‏ ولأنّ تحريم الوطء بالظّهار يشبه تحريم الوطء بالحيض من ناحية أنّ كلاً منهما وطء محرّم ولا يخل بالنّكاح‏,‏ وتحريم الوطء في الحيض لا يقتضي تحريم الدّواعي إليه‏,‏ فكذلك تحريم الوطء بالظّهار لا يقتضي تحريم الدّواعي إليه بالقياس عليه‏.‏

مس الذّكر في نقض الوضوء

18 - يرى جمهور الفقهاء من المالكيّة والشّافعيّة وأحمد في رواية وهو الصّحيح من مذهبه وعليه جماهير أصحابه أنّ مسّ الذّكر ينقض الوضوء‏.‏

وقال مالك والشّافعي‏:‏ لا ينقض مسه إلّا بباطن كفّه ولا ينقض بظهر الكفّ لأنّ ظاهر الكفّ ليس بآلة المسّ فأشبه ما لو مسّه بفخذه‏.‏

ولا فرق عند الحنابلة بين بطن الكفّ وظاهره‏.‏

وللتّفصيل يراجع ‏(‏ مصطلح وضوء ‏)‏‏.‏

مس الأجنبيّ أو الأجنبيّة

19 - ذهب جمهور الفقهاء في الجملة إلى عدم جواز مسّ الرّجل شيئاً من جسد المرأة الأجنبيّة الحيّة‏,‏ سواء كانت شابّةً أم عجوزاً غير أنّ الحنفيّة قالوا‏:‏ لا بأس بمصافحة العجوز ومسّ يدها لانعدام خوف الفتنة‏.‏

واستدلّ الجمهور بحديث عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ « ما مسّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بيده امرأةً قط »‏,‏ ولأنّ المسّ أبلغ من النّظر في اللّذّة وإثارة الشّهوة‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ لا يحل لرجل مس وجه أجنبيّة وإن حلّ نظره بنحو خطبة أو شهادة أو تعليم‏,‏ ولا لسيّدة مس شيء من بدن عبدها وعكسه وإن حلّ النّظر‏.‏

مس المرأة للعلاج

20 - ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يجوز للطّبيب المسلم إن لم توجد طبيبة أن يداوي المريضة الأجنبيّة المسلمة وينظر منها ويمسّ ما تلجئ الحاجة إلى نظره‏,‏ ومسّه فإن لم توجد طبيبة ولا طبيب مسلم جاز للطّبيب الذّمّيّ ذلك‏,‏ وتقدّم المرأة الكافرة مع وجود طبيب مسلم لأنّ نظر الكافرة ومسّها أخف من الرّجل‏.‏ ويجوز للطّبيبة أن تنظر وتمسّ من المريض ما تدعو الحاجة الملجئة إلى نظره ومسّه إن لم يوجد طبيب يقوم بمداواة المريض‏,‏ وقد اشترط بعض الفقهاء شروطاً لذلك‏.‏

فقال الشّافعيّة‏:‏ ويباحان أي النّظر والمس لفصد وحجامة وعلاج للحاجة لكن بحضرة مانع خلوة كمحرم أو زوج أو امرأة ثقة لحلّ خلوة رجل بامرأتين ثقتين‏,‏ وشرط الماورديّ أن يأمن الافتنان ولا يكشف إلّا قدر الحاجة‏.‏

وقال الشّافعيّة كذلك‏:‏ يحرم النّظر دون المسّ كأن أمكن لطبيب معرفة العلّة بالمسّ فقط‏.‏ وقال الحنابلة‏:‏ ولطبيب نظر ومس ما تدعو الحاجة إلى نظره ولمسه نصّ عليه‏,‏ حتّى فرجها وباطنه لأنّه موضع حاجة وظاهره ولو ذمّياً‏,‏ وليكن ذلك مع حضور محرم أو زوج‏,‏ لأنّه لا يأمن مع الخلوة مواقعة المحظور‏,‏ ويستر منها ما عدا موضع الحاجة لأنّها على الأصل في التّحريم‏,‏ وكالطّبيب من يلي خدمة مريض أو مريضة في وضوء واستنجاء وغيرهما وكتخليصها من غرق وحرقٍ ونحوهما‏,‏ وكذا لو حلق عانة من لا يحسن حلق عانته‏,‏ وكذا لمعرفة بكارة وثيوبة وبلوغ‏,‏ وأمّا المس لغير شهوة كمسّ يدها ليعرف مرضها فليس بمكروه بحال‏.‏

مَسْعى

انظر‏:‏ سعي‏.‏

مُسْقطات

انظر‏:‏ إسقاط‏.‏