فصل: الجلد في حدّ الزّنا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


جعْرانة

التّعريف

1 - الجعرانة بإسكان العين وتخفيف الرّاء على الأفصح‏.‏

- قال في القاموس‏:‏ وقد تكسر العين وتشدّد الرّاء وقال الشّافعيّ‏:‏ التّشديد خطأ -‏.‏

موضع بين مكّة والطّائف، سمّيت باسم امرأة كانت تسكنها، وكانت تلقّب بالجعرانة‏.‏

وهي تبعد عن مكّة ستّة فراسخ ‏(‏أي 18 ميلاً‏)‏ وتبعد عن حدود الحرم تسعة أميال، وهي خارجة من حدود الحرم‏.‏

والفقهاء يتكلّمون عنها كميقات من مواقيت العمرة بالنّسبة لمن بالحرم‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - التّنعيم‏:‏

2 - التّنعيم في اللّغة من نعّمه اللّه تنعيماً، أي جعله ذا رفاهية، وبلفظ المصدر وهو التّنعيم‏:‏ موضع قريب من مكّة المكرّمة على طريق المدينة، وفيه مسجد عائشة رضي الله تعالى عنها سمّي بذلك لأنّه عن يمينه جبل يقال له‏:‏ نعيم، وعن يساره جبل يقال له ناعم، ومحلّه في واد يقال له نعمان‏.‏

وهو أقرب أطراف الحلّ إلى مكّة، بينه وبين مكّة أربعة أميال، وقيل ثلاثة‏.‏

فالتّنعيم أيضاً من مواقيت العمرة بالنّسبة لمن بالحرم وهو أقرب إلى مكّة من الجعرانة‏.‏

ب - الحديبية‏:‏

3 - الحديبية بتخفيف الياء بئر قرب مكّة على طريق جدّة ثمّ أطلق على الموضع، وهي أبعد أطراف الحرم عن البيت، نقل الزّمخشريّ عن الواقديّ‏:‏ أنّها على تسعة أميال من المسجد والحديبية أيضاً من مواقيت العمرة إلاّ أنّها أبعد من التّنعيم ومن الجعرانة‏.‏

الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

4 - اتّفق الفقهاء على أنّ الميقات الواجب في العمرة لمن في الحرم أن يخرج إلى الحلّ ولو خطوة من أيّ جانب شاء‏.‏

واختلفوا في الأفضل‏:‏ فذهب الحنفيّة، والحنابلة وهو قول صاحب ‏"‏ التّنبيه ‏"‏ من الشّافعيّة إلى أنّ التّنعيم أفضل من الجعرانة والحديبية‏.‏ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم «أمر عبد الرّحمن أخا عائشة رضي الله تعالى عنهما أن يعتمر بها من التّنعيم»‏.‏

والمذهب عند الشّافعيّة وهو قول عند المالكيّة ووجه عند بعض الحنابلة‏:‏ أنّ أفضل البقاع من أطراف الحلّ لإحرام العمرة، الجعرانة، ثمّ التّنعيم، ثمّ الحديبية‏.‏

وأمّا جمهور المالكيّة فيقولون‏:‏ إنّ الجعرانة والتّنعيم متساويان، ولا أفضليّة لواحد منهما على الآخر‏.‏ وتفصيل ذلك في مصطلح ‏"‏ إحرام ‏"‏‏.‏

جعل

انظر‏:‏ جعالة‏.‏

جَلد

التّعريف

1 - الجَلد بفتح الجيم في اللّغة‏:‏ الضّرب بالسّوط وهو مصدر جلده يجلده يقال‏:‏ رجل مجلود وجليد في حدّ أو تعزير أو غيرهما، وامرأة مجلودة وجليد وجليدة‏.‏

ويطلق الجلد مجازاً على الإكراه على الشّيء فيقال‏:‏ جلده على الأمر‏:‏ أكرهه عليه‏.‏

والجلد في الاصطلاح لا يخرج عن المعنى اللّغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الضّرب‏:‏

2 - الضّرب أعمّ من الجلد، لأنّه يكون بالسّوط وبغيره‏.‏

ب - الرّجم‏:‏

3 - الرّجم هو الضّرب بالحجارة حتّى الموت‏.‏

الحكم التّكليفيّ

4 - يختلف حكم الجلد باختلاف السّبب، فيحرم جلد إنسان ظلماً، أي في غير حقّ على التّفصيل الآتي‏.‏

جلد من ارتكب ما يوجب العقاب بالجلد، واجب على الإمام، إذا ثبت ذلك عليه عنده‏:‏ كالزّاني البكر، والتّأديب بالجلد جائز للإمام ونائبه إذا رأى فيه مصلحة‏.‏

ثبوت الجلد

5 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ الجلد حدّا يجب على من ارتكب إحدى جرائم ثلاث وهي‏:‏ الزّنا والقذف وشرب المسكر‏.‏

وقد ثبت الجلد في الأوليين بالكتاب، والسّنّة، قال تعالى ‏{‏الزَّانِيةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُما مِائةَ جَلْدَةٍ‏}‏ وقال عزّ من قائل ‏{‏والَّذينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لمْ يَأتُوا بأَرْبَعةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهمْ ثَمَانينَ جَلْدَةً‏}‏‏.‏

وجاء في الحديث المتّفق عليه‏:‏ «أنّ رجلاً جاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول اللّه أنشدك اللّه إلاّ قضيت لي بكتاب اللّه تعالى‏:‏ فقال الخصم الآخر - وهو أفقه منه - نعم فاقض بيننا بكتاب اللّه، وائذن لي، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ قل، قال‏:‏ إنّ ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته، وإنّي أخبرت أنّ على ابني الرّجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني‏:‏ أنّما على ابني جلد مائة وتغريب عام وأنّ على امرأة هذا الرّجم، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ والّذي نفسي بيده لأقضينّ بينكما بكتاب اللّه‏:‏ الوليدة والغنم ردّ، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام‏.‏‏.‏ إلخ» وعن «عائشة رضي الله عنها‏:‏ قالت‏:‏ لمّا نزل عذري قام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن فلمّا نزل، أمر برجلين وامرأة فضربوا حدّهم»‏.‏

أمّا حدّ شرب المسكر فقد ثبت بالسّنّة‏:‏ فعن أنس رضي الله عنه «أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين قال‏:‏ وفعله أبو بكر‏.‏ فلمّا كان عمر استشار النّاس فقال عبد الرّحمن بن عوف‏:‏ أخفّ الحدود ثمانون،فأمر به عمر»‏.‏

الجلد في حدّ الزّنا

6 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ حدّ الحرّ المكلّف الزّاني البكر - وهو الّذي لم يجامع في نكاح صحيح - مائة جلدة ذكراً كان أو أنثى، سواء أزنى - ببكر أم ثيّب‏.‏ للآية السّابقة‏.‏ وحدّ غير الحرّ‏:‏ نصف ذلك، سواء أكان محصناً أم غير محصن‏.‏

لقوله تعالى ‏{‏فَإنْ أَتَينَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيهنَّ نِصْفُ ما على المُحْصَنَاتِ من العَذَابِ‏}‏‏.‏

والمراد بالمحصنات‏:‏ الحرائر، وحدّ الحرّة إمّا الرّجم أو الجلد، والرّجم لا يتنصّف، فتعيّن أنّ حدّ غير الحرّة نصف حدّ الحرّة البكر‏:‏ وهو خمسون جلدة، وقيس عليها الذّكر غير الحرّ، لأنّ الأنوثة وصف ألغاه الشّارع في الحدود، ونحوها، فيستوي فيه الذّكر والأنثى‏.‏ واختلفوا في جلد المحصن مع الرّجم - وهو البالغ الحرّ الّذي جامع في نكاح صحيح - فذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة وأحمد في رواية إلى أنّه لا يجمع بين الرّجم والجلد في حدّه‏.‏

وقالوا‏:‏ إنّ الآية ‏{‏الزَّانِيةُ والزَّاني فَاجْلِدُوا كُلَّ واحَدٍ مِنْهما مِائةَ جَلدَةٍ‏}‏ عامّة، لأنّ الألف واللّام فيها للجنس، فتشمل المحصن، وغير المحصن، إلاّ أنّ السّنّة قد أخرجت المحصن‏.‏

قال الطّبريّ في تفسير الآية‏:‏ ‏"‏ يقول اللّه تعالى حدّ الزّانية والزّاني البالغ الحرّ البكر‏:‏ مائة جلدة‏.‏ «ورجم النّبيّ صلى الله عليه وسلم الغامديّة، وماعزاً، واليهوديّين» ولم يجلدهم‏.‏، ولو جلدهم مع الرّجم مع كثرة من حضر عذابهما من طوائف المسلمين لنقل إلينا، ويبعد ألاّ يرويه أحد ممّن حضر‏.‏

فعدم إثباته في رواية من الرّوايات مع تنوّعها واختلاف ألفاظها‏:‏دليل على أنّه لم يقع الجلد‏.‏

وأجابوا عن حديث‏:‏ «الثّيّب بالثّيّب جلد مائة والرّجم» بأنّه منسوخ، بأحاديث الغامديّة، وماعز، واليهوديّين‏.‏

ونقل عن الشّافعيّ‏:‏ دلّت السّنّة على أنّ الجلد ثابت على البكر، ساقط عن الثّيّب، وروي عن ابن مسعود أنّه قال‏:‏ إذا اجتمع حدّان للّه تعالى فيهما القتل، أحاط القتل بذلك‏.‏

7- وللشّافعيّة قاعدة فقهيّة تقول‏:‏ إنّ ما أوجب أعظم الأمرين بخصوصه لا يوجب أهونهما بعمومه‏.‏ فزنا المحصن أوجب أعظم الأمرين - وهو الرّجم - بخصوص كونه ‏"‏ زنا محصن ‏"‏ فلا يوجب أهونهما - وهو الجلد - بعموم كونه زنا‏.‏

وذهب أحمد في الرّواية الثّانية عنه إلى أنّ الزّاني المحصن يجلد قبل الرّجم، ثمّ يرجم، وهو قول عليّ رضي الله عنه وابن عبّاس، وأبيّ بن كعب، وبه قال‏:‏ الحسن البصريّ، وابن المنذر‏.‏ ووجه هذه الرّواية‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الزَّانيةُ والزَّاني فَاجْلِدُوا كُلَّ واحدٍ منهما مائةَ جَلْدَةٍ‏}‏ وهذا عامّ‏:‏ يشمل المحصن وغير المحصن، ثمّ جاءت السّنّة بالرّجم في حقّ الثّيّب، والتّغريب في حقّ البكر، فوجب الجمع بينهما، وإلى هذا أشار عليّ رضي الله عنه بقوله جلدتها بكتاب اللّه، ورجمتها بسنّة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقد جاء ذلك في السّنّة صريحاً في حديث «الثّيّب بالثّيّب، جلد مائة والرّجم»‏.‏

وهذا الحديث الصّريح الثّابت لا يترك إلاّ بمثله‏.‏

والأحاديث الباقية ليست صريحة، فإنّه ذكر فيها الرّجم ولم يذكر الجلد، فلا يعارض به الصّريح بدليل أنّ التّغريب يجب لذكره في الحديث، وليس بمذكور في الآية، ولأنّه زان فيجلد، ولأنّه قد شرع في حقّ البكر عقوبتان‏:‏ الجلد والتّغريب، فيشرع في حقّ المحصن أيضا عقوبتان‏:‏ الجلد والرّجم فيكون الجلد مكان التّغريب‏.‏ والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏زنا‏)‏‏.‏

الجلد في حدّ القذف

8 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ المكلّف الحرّ إذا قذف محصناً أو محصنة، فحدّه ثمانون جلدة، وأنّ حدّ العبد على النّصف من ذلك‏.‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والَّذينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ ثمَّ لم يَأتُوا بأَربعةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهم ثَمَانِينَ جَلدَةً‏}‏‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَعَلَيهِنَّ نِصْفُ ما على المُحْصَنَاتِ من العَذابِ‏}‏‏.‏ والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏قذف‏)‏‏.‏

الجلد في حدّ شرب الخمر

9 - حدّ شارب الخمر الجلد باتّفاق الفقهاء‏.‏

لخبر مسلم عن أنس‏:‏ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «جلد في الخمر بالجريد والنّعال»‏.‏ ثمّ اختلفوا في عدد الجلدات‏:‏ فذهب الحنفيّة، والمالكيّة والحنابلة إلى أنّها ثمانون جلدة في الحرّ، وفي غيره أربعون‏.‏ قالوا‏:‏ وأجمع الصّحابة على ذلك فإنّه روي عن ابن وبرة الكلبيّ قال‏:‏ أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر رضي الله عنه فأتيته ومعه عثمان بن عفّان وعبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنهما، وعليّ وطلحة، والزّبير رضي الله عنهم، وهم معه متّكئون في المسجد، فقلت‏:‏ إنّ خالد بن الوليد أرسلني إليك وهو يقرأ عليك السّلام، ويقول‏:‏ إنّ النّاس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة فيه فقال عمر رضي الله عنه، هم هؤلاء عندك، فسألهم، فقال عليّ رضي الله عنه‏:‏ نراه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون، قال‏.‏ فقال‏:‏ عمر رضي الله عنه أبلغ صاحبك ما قال، قال‏:‏ فجلد خالد رضي الله عنه ثمانين، وجلد عمر رضي الله عنه ثمانين‏.‏ قال‏:‏ وكان عمر رضي الله عنه إذا أتي بالرّجل الضّعيف الّذي كانت منه الزّلّة ضربه أربعين‏.‏ قال‏:‏ وجلد عثمان رضي الله عنه أيضاً ثمانين وأربعين‏.‏

وذهب الشّافعيّة إلى أنّه أربعون جلدة في الحرّ، وعشرون في غيره‏.‏ لما جاء في صحيح مسلم‏.‏ «كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ يضرب في الخمر بالجريد والنّعال أربعين»‏.‏

ولو رأى الإمام بلوغه في الحرّ ثمانين جاز في الأصحّ، والزّيادة تعزيرات، وقيل‏:‏ حدّ‏.‏ وروي عن عليّ رضي الله عنه أنّه قال‏:‏ «جلد النّبيّ صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وَكُلٌّ سنّة، وهذا أي جلد أربعين أحبّ إليَّ»‏.‏

وهذه رواية عن أحمد‏.‏

الجلد في التّعزير

10 - اتّفق الفقهاء على أنّ للإمام، ونائبه التّعزير بالجلد إذا رأى في ذلك مصلحة‏.‏ والتّعزير‏:‏ كلّ عقوبة ليس لها في الشّرع حدّ مقدّر، فيترك للإمام تحديد نوعها وتقدير عددها‏.‏ فللإمام أن يعزّر بالحبس، أو بالجلد أو غيرهما، لخبر «أنّه صلى الله عليه وسلم قال في سرقة تمر دون نصاب‏:‏ غرم مثله وجلدات نكال»‏.‏

ثمّ اختلفوا‏:‏ هل لجلدات التّعزير حدّ أدنى لا ينزل عنه الإمام في اجتهاده، وحدّ أعلى لا يتجاوزه ‏؟‏

فذهب الجمهور إلى أنّه ليس له حدّ أدنى‏.‏

وقال الحنفيّة أقلّ التّعزير بالجلد‏:‏ ثلاث جلدات‏.‏ نقل ذلك صاحب ردّ المحتار عن القدوريّ، وضعّفه ابن عابدين‏:‏ واختار أنّه غير مقدّر بعدد‏.‏

وأمّا الحدّ الأعلى‏:‏ فقد ذهب الشّافعيّة وأبو حنيفة، وأحمد في إحدى روايتين عنه‏:‏ إلى أنّه لا يبلغ به أقلّ حدّ مشروع، مع اختلاف بينهم في بعض التّفاصيل‏.‏

وقال أحمد في الرّواية الثّانية‏:‏ لا يزيد جلد التّعزير عن عشر جلدات، وقال أبو يوسف لا يزيد عن تسع وثلاثين في تعزير العبد، وخمس وسبعين في الحرّ لما روي عن عليّ‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ يجوز أن تزيد عن مائة جلدة‏.‏ والتّفصيل والأدلّة في مصطلح‏:‏ ‏(‏تعزير‏)‏‏.‏

كيفيّة الجلد

11 - اتّفق الفقهاء على أنّه يجلد الصّحيح القويّ في الحدود، بسوط معتدل، ليس رطبا، ولا شديد اليبوسة، ولا خفيفا لا يؤلم، ولا غليظا يجرح‏.‏ ولا يرفع الضّارب يده فوق رأسه بحيث يبدو بياض إبطه، ويتّقي المقاتل، ويفرّق الجلدات على بدنه‏.‏

الأعضاء الّتي لا تجلد

12 - اتّفق الفقهاء على أنّه لا يضرب على الوجه والمذاكير والمقاتل، لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال‏:‏«إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه»‏.‏ وعن عليّ رضي الله عنه أنّه قال للجلّاد‏:‏ ‏"‏ أعط كلّ عضو حقّه واتّق الوجه والمذاكير ‏"‏‏.‏

ثمّ إنّ الوجه أشرف أعضاء الإنسان ومعدن جماله فلا بدّ من تجنّبه خوفا من تجريحه وتقبيحه‏.‏ وأمّا عدم ضرب المقاتل فلأنّ في ضربها خطراً، ولأنّها مواضع يسرع القتل إلى صاحبها بالضّرب عليها، والقصد من الحدّ الرّدع والزّجر لا القتل‏.‏

وقد ألحق جمهور الفقهاء الرّأس بالوجه بالمعنى، واعتبروه من المستثنيات في الضّرب، لأنّه مجمع الحواسّ الباطنة، وبعدم ضربه جزم بعض الشّافعيّة كالبوطيّ والماورديّ‏.‏

وقد ذهب جمهور الشّافعيّة وأبو يوسف إلى أنّ الرّأس لا يستثنى من الضّرب، لأنّه معظّم ‏"‏ أي يحوى بالعظم ‏"‏ ومستور بالشّعر فلا يخاف تشويهه، بخلاف الوجه، لما رواه ابن أبي شيبة أنّ أبا بكر أتي برجل انتفى من أبيه فقال للجلّاد‏:‏ ‏"‏ اضرب الرّأس فإنّ فيه شيطاناً‏.‏ ولا شكّ أنّ هذا - أي منع ضرب الوجه - ليس مراداً على الإطلاق لأنّا نقطع أنّه في حال قيام الحرب مع الكفّار لو توجّه لأحد ضرب وجه من يبارزه وهو في مقابلته حال الحملة لا يكفّ عنه، إذ قد يمتنع عليه بعد ذلك ويقتله، فليس المراد إلاّ من يضرب صبراً في حدّ‏.‏

وقال بعض الحنابلة وفي رواية عن أبي يوسف باتّقاء البطن والصّدر أيضاً‏.‏

ولا يلقى المجلود على وجهه، ولا يمدّ، ولا يجرّد عن الثّياب، ولا يترك عليه ما يمنع الألم من جبّة محشوّة وفروة، ويجلد الرّجل قائماً، والمرأة جالسة عند الأئمّة‏:‏ أبي حنيفة والشّافعيّ وأحمد‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ يجرّد من الثّياب، ويجلد قاعداً‏.‏

تأخير الجلد لعذر

13 - اتّفق الفقهاء على أنّه يؤخّر الجلد، للبرد والحرّ الشّديدين وللحمل، والمرض الّذي يرجى برؤه، حتّى يعتدل الجوّ، ويبرأ المريض، وتضع الحامل وينقطع نفاسها‏.‏

أمّا إذا كان المرض ممّا لا يرجى برؤه أو كان المجلود ضعيفا بالخلقة لا يحتمل السّياط فإنّه يضرب بعثكال كما تقدّم‏.‏ وانظر بحث‏:‏ ‏(‏حامل‏)‏‏.‏

القصاص جلداً

14 - اختلف في القصاص في اللّطمة إن لم تحدث جرحاً أو شقّاً، أو لم تذهب منفعة عضو، وذلك لعدم الانضباط على تفصيل ينظر في ‏(‏قصاص‏)‏‏.‏

أمّا إن أحدثت جرحاً أو شقّاً أو ذهب بها منفعة عضو ففيها قصاص‏.‏

أمّا الضّرب بالسّوط فقد نصّ المالكيّة على أنّ فيه القصاص‏.‏

ويفهم من عبارات بقيّة المذاهب عدم وجوب القصاص فيه إلاّ إن أحدث جراحة، ونحوها‏.‏ فقد جاء في روضة الطّالبين الجنايات فيما دون النّفس ثلاثة أنواع‏:‏ جرح يشقّ، وقطع يبين، وإزالة منفعة‏.‏ ويقرب منه ما في البدائع‏.‏ والتّفصيل في ‏(‏ قصاص‏)‏‏.‏

جِلد

التّعريف

1 - الجلد في اللّغة‏:‏ ظاهر البشرة، قال الأزهريّ‏:‏ الجلد غشاء جسد الحيوان، والجمع جلود، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهمْ بَدَّلْنَاهمْ جُلُودَاً غَيرَها‏}‏‏.‏ وقد يجمع على أجلاد‏.‏ ويطلق على الجلد أيضاً ‏(‏المسك‏)‏ وسمّي الجلد جلداً لأنّه أصلب من اللّحم، من الجلد وهو صلابة البدن‏.‏ ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الأديم‏:‏

2 - الأديم‏:‏ الجلد المدبوغ، أو الجلد ما كان، أو أحمره‏.‏

والأدمة‏:‏ باطن الجلدة الّتي تلي اللّحم والبشرة ظاهرها، أو الأدمة ظاهر الجلدة الّذي عليه الشّعر والبشرة باطنها، وما ظهر من جلدة الرّأس‏.‏

ويطلق بعض الفقهاء لفظ الأديم على الجلد، وبعضهم يطلقه على المدبوغ من الجلد، وبالإطلاق الأوّل يكون الأديم مرادفا للجلد‏.‏ وبالإطلاق الثّاني يكون غير مرادف‏.‏

ب - الإهاب‏:‏

3 - الإهاب‏:‏ الجلد من البقر والغنم والوحش، أو هو ما لم يدبغ وفي الحديث‏:‏ «أيّما إهاب دبغ فقد طهر» والجمع في القليل آهبة وفي الكثير أهب، وربّما استعير لجلد الإنسان، قال أبو منصور الأزهريّ‏:‏ جعلت العرب جلد الإنسان إهاباً، وأنشد قول عنترة‏:‏

فشككت بالرّمح الأصمّ إهابه‏.‏

وعن عائشة في وصف أبيها رضي الله تعالى عنهما‏:‏ حقن الدّماء في أهبها، أي أبقى دماء النّاس في أجسادها‏.‏

ويطلق الفقهاء لفظ الإهاب على الجلد قبل دباغه، فإذا دبغ لم يسمّ إهاباً‏.‏

ج - فروة‏:‏

4 - الفروة‏:‏ الجلد الّذي عليه شعر، أو صوف وجلدة الرّأس بما عليها من الشّعر‏.‏

وجمع الفروة‏:‏ فراء‏.‏ والجلد إذا لم يكن عليه وبر أو صوف لم يسمّ فروة بل يسمّى جلداً‏.‏ والفروة أخصّ من الجلد‏.‏

د - المسك‏:‏

5 - المسك الجلد، وخصّ به بعضهم جلد السّخلة، وفي حديث عليّ رضي الله عنه‏:‏ ما كان على فراشي إلاّ مسك كبش أي جلده، والمسكة‏:‏ القطعة من الجلد‏.‏

فالمسك إن خصّ به جلد السّخلة أخصّ من الجلد، وإلاّ فهو مرادف له‏.‏

الحكم التّكليفيّ

تختلف الأحكام التّكليفيّة المتعلّقة بالجلد باختلاف المواطن‏:‏

أوّلاً‏:‏ مسّ جلد المصحف‏:‏

6 - اتّفق جمهور الفقهاء على أنّه يحرم على المحدث حدثاً أكبر، أو أصغر مسّ المصحف، ومنه جلده المتّصل به لأنّه يشمله اسم المصحف ويدخل في بيعه‏.‏

وذهب بعض الحنفيّة إلى أنّه يجوز للمحدث حدثاً أكبر مسّ جلد المصحف وموضع البياض منه، قال ابن عابدين‏:‏ وهذا أقرب إلى القياس، والمنع أقرب إلى التّعظيم،والصّحيح المنع‏.‏ وينظر تفصيل القول في مسّ المصحف والخلاف فيه في مصطلح‏:‏ ‏(‏مصحف‏)‏‏.‏

ثانياً‏:‏ تعلّق الجلد المنزوع بمحلّ الطّهارة‏:‏

7 - اتّفق جمهور الفقهاء على أنّه‏:‏ إن كشط جلد وتقلّع من الذّراع، وتعلّق به أو بالمرفق وتدلّى من أحدهما، وجب غسل ظاهر هذا الجلد وباطنه، وغسل ما ظهر بعد الكشط، والتّقلّع من الذّراع عند الوضوء لأنّه من محلّ الفرض، وإن كشط الجلد من الذّراع وبلغ تقلّعه إلى العضد، ثمّ تدلّى منه فلا يجب غسله، لأنّه صار في غير محلّ الفرض، وهو العضد، وإن تقلّع من العضد وتدلّى منه فلا يجب غسله، لأنّه تدلّى من غير محلّ الفرض، وإن تقلّع من العضد وبلغ التّقلّع إلى الذّراع، ثمّ تدلّى منه لزمه غسله لأنّه صار من الذّراع، وإن تقلّع من أحدهما والتحم بالآخر لزمه غسل ما حاذى منه محلّ الفرض، لأنّه بمنزلة الجلد الّذي على الذّراع إلى العضد، فإن كان متجافياً عن ذراعه لزم غسل ما تحته من محلّ الفرض في الوضوء‏.‏

ثالثاً - طهارة الجلد بالذّكاة‏:‏

8 - اتّفق الفقهاء على أنّ جلد الحيوان الّذي يؤكل لحمه يطهر بالذّكاة الشّرعيّة، لأنّه جلد طاهر من حيوان طاهر مأكول، فجاز الانتفاع به بعد الذّكاة كاللّحم‏.‏

واختلفوا في أثر الذّكاة في تطهير جلد ما لا يؤكل لحمه‏:‏

فذهب الشّافعيّة والحنابلة وأكثر المالكيّة وجملة الشّرّاح منهم، إلى أنّ الحيوان الّذي لا يؤكل لحمه لا تعمل الذّكاة فيه، ولا تؤثّر في طهارة جلده، بل يكون نجساً بهذه الذّكاة كما ينجس بالموت، لأنّ هذه الذّكاة لا تطهّر اللّحم ولا تبيح أكله، كذبح المجوس، وكلّ ذبح غير مشروع، فلا يطهر بها الجلد، لأنّ المقصود الأصليّ بالذّبح أكل اللّحم، فإذا لم يبحه هذا الذّبح فلأن لا يبيح طهارة الجلد أولى‏.‏

وفرّق بعض المالكيّة بين المتّفق على تحريم أكله كالخنزير، والمختلف في تحريم أكله كالحمار، والمكروه أكله كالسّبع، قالوا‏:‏ إنّ المختلف في تحريم أكله يطهر جلده بالذّكاة لكن لا يؤكل، وأمّا مكروه الأكل فإن ذكّي لأكل لحمه طهر جلده تبعاً له، وإن ذكّي لأخذ الجلد فقط طهر ولم يؤكل اللّحم لأنّه ميتة لعدم نيّة ذكاته بناء على تبعّض النّيّة وهو الرّاجح، وعلى عدم تبعّضها يؤكل‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى أنّ ما يطهر جلده - عندهم - بالدّباغ يطهر بالذّكاة الشّرعيّة إلاّ الخنزير، لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال‏:‏ «دباغ الأديم ذكاته»‏.‏

ألحق الذّكاة بالدّباغ ثمّ الجلد يطهر بالدّباغ كذا بالذّكاة لأنّ الذّكاة تشارك الدّباغ في إزالة الدّماء السّائلة والرّطوبة النّجسة فتشاركه في إفادة الطّهارة‏.‏

رابعاً - ذبح الحيوان الّذي لا يؤكل لأخذ جلده‏:‏

9 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه لا يجوز ذبح الحيوان الّذي لا يؤكل لحمه لأخذ جلده، قال النّوويّ‏:‏ مذهبنا أنّه لا يجوز، وسواء في هذا الحمار الزّمن والبغل المكسّر وغيرهما، وقال أبو حنيفة‏:‏ يجوز ذبحه لجلده وعن مالك روايتان أصحّهما عنه جوازه والثّانية تحرّمه‏.‏ وقال الحنابلة‏:‏ لا يجوز ذبح الحيوان غير المأكول لأجل جلده، قال الشّيخ تقيّ الدّين بن تيميّة‏:‏ ولو كان في النّزع‏.‏

خامساً - تطهير الجلد بالدّباغ‏:‏

10 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة على أنّ جلد الميتة - بصفة عامّة - يطهر بالدّباغ للأحاديث الصّحيحة في ذلك، ومنها «أيّما إهاب دبغ فقد طهر» وحديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «قال في شاة ميمونة‏:‏ هلاّ أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به، قالوا‏:‏ يا رسول اللّه، إنّها ميتة، قال‏:‏ إنّما حرم أكلها»‏.‏

وقالوا‏:‏ إنّه جلد طاهر طرأت عليه نجاسة فجاز أن يطهّر كجلد المذكّاة إذا تنجّس، لأنّ نجاسة الميتة لما فيها من الرّطوبات والدّماء السّائلة، وأنّها تزول بالدّباغ فتطهر كالثّوب النّجس إذا غسل، ولأنّ الدّباغ يحفظ الصّحّة على الجلد، ويصلحه للانتفاع به كالحياة، ثمّ الحياة تدفع النّجاسة عن الجلد فكذلك الدّباغ‏.‏

ثمّ قال الحنفيّة‏:‏ كلّ إهاب دبغ وهو يحتمل الدّباغة طهر، وما لا يحتملها لا يطهر، إلاّ أنّ جلد الخنزير لا يطهر، لأنّ الخنزير نجس العين بمعنى أنّ ذاته بجميع أجزائه نجسة حيّاً وميّتاً فليست نجاسته لما فيه من الدّم كنجاسة غيره من الحيوانات، فلذا لم يقبل التّطهير في ظاهر الرّواية إلاّ في رواية عن أبي يوسف ذكرها في كتاب ‏"‏ منية المصلّي ‏"‏‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ كلّ الجلود النّجسة بعد الموت تطهر بالدّباغ إلاّ الكلب والخنزير والمتولّد من أحدهما، فلا يطهر جلدهما بالدّباغ، لأنّ الدّباغ كالحياة، ثمّ الحياة لا تدفع النّجاسة عن الكلب والخنزير فكذلك الدّباغ، ولا يزيد الدّباغ على الحياة‏.‏

وقال الحنفيّة‏:‏ الدّباغ تطهير للجلود، ولا يحتاج بعده إلى تطهير بالماء‏.‏

وقال الشّافعيّة - في الأصحّ عندهم - لا يطهر الجلد المدبوغ حتّى يغسل بالماء، لأنّ ما يدبغ به تنجّس بملاقاة الجلد، فإذا زالت نجاسة الجلد بقيت نجاسة ما يدفع به، فوجب أن يغسل حتّى يطهر‏.‏

وذهب المالكيّة - في المشهور عندهم - والحنابلة - في المشهور في المذهب وهو إحدى الرّوايتين عن أحمد - إلى أنّ جلد الميتة نجس ولو دبغ، ولا يفيد دبغه طهارته، ولكن يجوز استعماله في غير المائعات‏.‏ ومقابل المشهور عند المالكيّة خمسة أقوال، وعند الحنابلة‏:‏ أنّه يطهر بالدّباغ جلد ما كان طاهرا في حال الحياة‏.‏

وفي بقيّة مذاهب الفقهاء في طهارة الجلد بالدّباغ تفصيل أورده النّوويّ في المجموع‏.‏

وفي الدّباغ، وما يدبغ به، والحاجة إلى فعل للدّبغ، وغير ذلك‏.‏‏.‏ تفصيل ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏دباغة‏)‏‏.‏

سادساً - الاستنجاء بالجلد‏:‏

11 - اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز الاستنجاء بيابس، جامد، طاهر منقّ، قالع للنّجاسة، غير مؤذ ولا محرّم، فلا يجوز الاستنجاء بمبتلّ، أو نجس، أو أملس، أو محدّد، أو محرّم لكونه مطعوماً أو حقّاً للغير أو لشرفه‏.‏

ولهم في الاستنجاء بالجلد غير المأكول تفصيل‏:‏ قال الحنفيّة - كما ورد في الفتاوى الهنديّة - يجوز الاستنجاء بنحو حجر منقّ كالمدر والتّراب والعود والخرقة والجلد وما أشبهها‏.‏ وذهب المالكيّة إلى أنّ الجلد المذكّى الّذي تحلّه الذّكاة يطهر بها، ولكنّه لا يجوز الاستنجاء به لأنّه مطعوم‏.‏

أمّا غير المذكّى فإنّه لا يطهر بالدّباغ ولذلك لا يجوز الاستنجاء به أيضا لنجاسته‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ الطّاهر من الجلد ضربان‏:‏

الأوّل‏:‏ جلد المأكول المذكّى ولو غير مدبوغ، والمدبوغ من غير المأكول، أمّا غير المدبوغ ففي جواز الاستنجاء به قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ الجواز كالثّياب وسائر الأعيان وإن كان فيه حرمة، فليست هي بحيث تمنع الاستعمال في سائر النّجاسات فكذلك في هذه النّجاسة‏.‏

وأصحّهما‏:‏ المنع، لأمرين‏:‏ أحدهما أنّ فيه دسومة تمنع التّنشيف‏.‏

والثّاني‏:‏ أنّه مأكول حيث يؤكل الجلد التّابع للرّؤوس والأكارع تبعا لها، فصار كسائر المطعومات‏.‏ ومنهم من قال‏:‏ لا يجوز بلا خلاف، وإليه مال الشّيخ أبو حامد وكثيرون، وحملوا ما نقل من تجويز الاستنجاء على ما بعد الدّباغ‏.‏

والضّرب الثّاني‏:‏ وهو المدبوغ، وفيه قولان‏:‏ أصحّهما‏:‏ الجواز لأنّ الدّباغ يزيل ما فيه من الدّسومة، ويقلبه عن طبع اللّحوم إلى طبع الثّياب‏.‏

والثّاني‏:‏ لا يجوز لأنّه من جنس ما يؤكل ويجوز أكله إذا دبغ وإن كان جلد ميتة على اختلاف فيه‏.‏ ومنهم من قال‏:‏ يجوز بلا خلاف، وما نقل من المنع محمول على ما قبل الدّباغ‏.‏ وعند الحنابلة‏:‏ المشهور في المذهب أنّ الدّبغ لا يطهّر جلد الميتة بل يظلّ نجساً، فلا يجوز الاستنجاء به، وجلد الحيوان المذكّى يحرم الاستنجاء به لأنّ له حرمة الطّعام‏.‏

سابعاً - طهارة الشّعر على الجلد‏:‏

12 - الشّعر على جلد الحيّ الطّاهر حال حياته طاهر باتّفاق الفقهاء‏.‏ والشّعر على جلد الإنسان الميّت طاهر عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وهو الصّحيح في مذهب الشّافعيّة‏.‏ والشّعر من ميتة غير الإنسان فيه خلاف‏:‏ فذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة - فيما رجّحه الخرقيّ وابن قدامة - إلى أنّ شعر الحيوان ‏"‏ الطّاهر حال حياته ‏"‏ لا ينجس بالموت لأنّ المعهود فيه قبل الموت الطّهارة فكذا بعده، ولأنّ الموت لا يحلّه إذ ليس فيه حياة فلم ينجس بالموت والدّليل على أنّه لا حياة فيه أنّه لا يحسّ ولا يتألّم، ولا يحسّ الحيوان في حياته ولا يتألّم بقطع الشّعر أو قصّه، ولو كانت في الشّعر حياة لتألّم الحيوان بقصّه أو قطعه كما يتألّم بقطع عضو من أعضائه أو جزء من أجزائه‏.‏

وذهب الشّافعيّة - في الصّحيح - إلى أنّ شعر ميتة الحيوان الطّاهر حال حياته غير الآدميّ ينجس بالموت، لقول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏حُرِّمَتْ عليكم المَيْتةُ‏}‏ وهو عامّ للشّعر وغيره‏.‏ والصّحيح عندهم أنّ الشّعر لا يطهر بدباغ الجلد الّذي عليه الشّعر‏.‏ وفي الموضوع عندهم اختلاف في الأقوال وخلاف بين فقهاء المذهب ينظر تفصيله في مصطلح‏:‏ ‏(‏شعر‏)‏‏.‏

ثامناً - أكل الجلد‏:‏

13 - ذهب الفقهاء إلى أنّ الحيوان المأكول المذكّى، يؤكل جلده قبل الدّبغ ما لم يغلظ ويخشن ويصر جنساً آخر غير اللّحم، لأنّ الذّكاة تحلّ لحمه وجلده وسائر ما يجوز أكله منه‏.‏ أمّا الحيوان المأكول الّذي مات أو ذكّي ذكاة غير شرعيّة، فإنّ جلده قبل دبغه لا يؤكل، لقول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏حُرِّمَتْ عليكم المَيْتةُ‏}‏ ولقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إنّما حرم من الميتة لحمها» والجلد جزء من الميتة فحرم أكله كسائر أجزائها‏.‏

هذا عن الحكم قبل الدّباغ، أمّا بعده‏:‏ فقد ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة في القديم المفتى به إلى تحريم أكل جلد الميتة بعد الدّباغ للآية والحديث السّابقين، سواء أكان من حيوان مأكول أم غير مأكول‏.‏

تاسعاً - لبس الجلد واستعماله‏:‏

14 - يختلف حكم لبس جلد الحيوان تبعاً للحكم بطهارته على التّفصيل السّابق ‏(‏ف /10‏)‏ إلاّ أنّ من قال بنجاسة شيء منه فصّل في حكم اللّبس والاستعمال‏.‏

فقال الشّافعيّة‏:‏ يجوز استعمال جلد الميتة في اليابس دون الرّطب قبل الدّبغ، صرّح به الماورديّ وغيره، ونقله الرّويانيّ عن الأصحاب، أمّا لبسه فلا يجوز‏.‏

وأمّا بعد الدّباغ‏:‏ فللفقهاء تفصيل فيه‏:‏ قال‏:‏ الحنفيّة‏:‏ جلد الميتة - عدا الخنزير - يطهر بالدّباغ، ويجوز لبسه واستعماله والانتفاع به‏.‏

وقال المالكيّة في المشهور عندهم وهو رواية للحنابلة‏:‏ جلد الميتة بعد دبغه يجوز استعماله في اليابسات لحديث ميمونة رضي الله عنها‏.‏

ولأنّ الصّحابة رضي الله عنهم لمّا فتحوا فارس انتفعوا بسروجهم وأسلحتهم، وذبائحهم ميتة، ولأنّه انتفاع من غير ضرر أشبه الاصطياد بالكلب‏.‏ وزاد المالكيّة جواز استعماله في الماء وحده من بين سائر المائعات، ولا يجوز بيعه، ولا الصّلاة فيه ولا عليه‏.‏

واختلف الفقهاء في لبس واستعمال جلود الثّعالب والسّباع‏:‏ فذهب الشّافعيّة - في المشهور عندهم - والحنابلة إلى أنّه لا يجوز لبس جلود السّباع أو الرّكوب عليها، أو الانتفاع بها لحديث أبي المليح عامر بن أسامة عن أبيه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «نهى عن جلود السّباع»‏.‏ «وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أنّه قال لمعاوية رضي الله عنه‏:‏ أنشدك باللّه هل تعلم أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس جلود السّباع والرّكوب عليها ‏؟‏ قال‏:‏ نعم»‏.‏ وكذلك حكم جلود الثّعالب عند الشّافعيّة لا تصحّ الصّلاة فيها على الأصحّ لعدم طهارة الشّعر الّذي على تلك الجلود بالدّباغ‏.‏

وعند الحنابلة روايتان تبنيان على الحكم على حلّها، فإن قيل بتحريمها فحكم جلودها حكم جلود بقيّة السّباع، وكذلك السّنانير البرّيّة، فأمّا الأهليّة فمحرّمة، وهل تطهر جلودها بالدّباغ ‏؟‏ يخرّج على روايتين‏.‏

وفي الفتاوى الهنديّة عن أبي حنيفة قال‏:‏ لا بأس بالفرو من السّباع كلّها وغير ذلك من الميتة المدبوغة والمذكّاة، وقال‏:‏ ذكاتها دباغها، وفيها‏:‏ ولا بأس بجلود النّمور والسّباع كلّها إذا دبغت أن يجعل منها مصلّى‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ تجوز الصّلاة على جلود السّباع إذا ذكّيت، وكلّ ما ذكّي الحكم فيه كذلك على المشهور‏.‏

عاشراً - نزع الملابس الجلديّة للشّهيد‏:‏

15 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه ينزع عن الشّهيد عند دفنه الجلد، والسّلاح والفرو، والحشو، والخفّ، والمنطقة، والقلنسوة، وكلّ ما لا يعتاد لبسه غالباً، لما روي عن عبد اللّه بن عبّاس رضي الله تعالى عنهما «أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا في ثيابهم بدمائهم»‏.‏

وذلك على تفصيل ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏شهيد‏)‏‏.‏

حادي عشر‏:‏ بيع جلد الأضحيّة‏:‏

16 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يحرم بيع جلد الأضحيّة، كما لا يجوز بيع لحمها أو أيّ جزء من أجزائها، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حديث قتادة بن النّعمان‏:‏ «ولا تبيعوا لحوم الهدي والأضاحيّ فكلوا وتصدّقوا واستمتعوا بجلودها»‏.‏

وقال الحنفيّة بكراهة بيع جلد الأضحيّة، على تفصيل ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏أضحيّة‏)‏‏.‏

ثاني عشر‏:‏ السّلم في الجلد‏:‏

17 - ذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّ السّلم في الجلد جائز، لأنّ التّفاوت فيه معلوم ‏(‏أي منضبط‏)‏ فلم يمنع صحّة السّلم فيه‏.‏

وقال الحنفيّة‏:‏ لا خير في السّلم في جلود الإبل والبقر، والغنم، لأنّ الجلود لا توزن عادة ولكنّها تباع عدداً، وهي عدديّة متفاوتة فيها الصّغير وفيها الكبير فلا يجوز السّلم فيها، وهذا مبنيّ على السّلم في الحيوان‏.‏ والسّلم في الحيوان عندنا لا يجوز، فكذلك في أبعاض الحيوان، ولهذا لا يجوز السّلم في الأكارع والرّؤوس، وكذلك لا يجوز السّلم في الأدم والورق لأنّه مجهول فيه الصّغير والكبير، إلاّ أن يشترط من الأدم ضرباً معلوم الطّول والعرض والجودة فحينئذ يجوز السّلم فيه كالثّياب، وكذلك الأدم إذا كان يباع وزناً، فإنّه يجوز السّلم فيه بذكر الوزن إذا كان على وجه لا تمكن المنازعة بينهما في التّسليم والتّسلّم‏.‏ وقال الشّافعيّة‏:‏ لا يجوز السّلم في الجلد لاختلاف أجزائه في الرّقّة والغلظ، نعم يصحّ السّلم في قطع منه مدبوغة وزناً‏.‏

ثالث عشر‏:‏ الإجارة على سلخ حيوان بجلده‏:‏

18 - لا يجوز استئجار سلّاخ لسلخ حيوان بجلد ذلك الحيوان، لأنّ الإجارة تفسد بجهالة المسمّى كلّه أو بعضه، وهنا تفسد الإجارة بالغرر لأنّه لا يدري أيتقطّع الجلد حال سلخه أم ينفصل سليما، وهل يكون ثخيناً أم رقيقاً، ولأنّه لا يجوز أن يكون ثمناً في البيع فلا يجوز أن يكون عوضاً في الإجارة، فإن سلخ على ذلك فله أجر مثله‏.‏

رابع عشر‏:‏ ضمان الجلد‏:‏

19 - للفقهاء في ضمان جلد الميتة قبل دبغه وبعد دبغه خلاف وتفصيل، بعد اتّفاقهم على ضمان جلد الحيوان المذكّى‏.‏

قال الحنفيّة‏:‏ يحرم الانتفاع بجلد الميتة قبل الدّباغ والحرمة لا تستلزم زوال الملك، وعن أبي يوسف‏:‏ لو جزّ صوف شاة ميّتة كان له أن ينتفع به، ولو وجده صاحب الشّاة في يده كان له أن يأخذه منه، ولو دبغ جلدها كان لصاحبها أن يأخذه بعد أن يعطيه ما زاد في الدّباغ‏.‏ وقالوا‏:‏ لو غصب جلد ميتة فدبغه بما له قيمة كالقرظ والعفص فلصاحب الجلد أن يأخذه، ويردّ على الغاصب ما زاد الدّباغ فيه، وإن استهلك الغاصب الجلد لم يضمن عند أبي حنيفة، ويضمنه مدبوغاً ويعطي ما زاد الدّباغ فيه عند أبي يوسف ومحمّد، ولو هلك في يد الغاصب لم يضمنه بإجماعهم‏.‏

ولو دبغ الغاصب الجلد بما لا قيمة له كالتّراب والشّمس فهو لمالكه بلا شيء، ولو استهلكه الغاصب ضمن قيمته مدبوغا، وقيل طاهرا غير مدبوغ‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ من غصب جلد ميتة فعليه قيمته دبغ أم لم يدبغ‏.‏

وقال الشّافعيّة - في الأصحّ الّذي نقله النّوويّ وغيره - لو أخذ جلد ميتة فدبغه طهر وإن كان مالكه رفع يده عنه ثمّ أخذه الدّابغ فهو للدّابغ، وإن كان غصبه فهو للمغصوب منه، لأنّه فرع ملكه، فإن تلف في يد الغاصب ضمنه، ولو أعرض المالك عنه وهو ممّن يعتدّ بإعراضه ملكه آخذه، وإذا لم يعرض عنه لزم الغاصب ردّه، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه» لأنّه منتفع به، ولو أتلف جلداً لم يدبغ، فادّعى مالكه تذكيته والمتلف عدمها، صدّق المتلف بيمينه لأنّ الأصل عدم التّذكية‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ لا يلزم ردّ جلد ميتة غصب لأنّه لا يطهر بدبغ على الصّحيح من المذهب، ويتّجه باحتمال قويّ أنّه يلزم ردّه أي جلد الميتة الّذي دبغ إن كان باقياً لمن يرى طهارته‏.‏

خامس عشر‏:‏ القطع بسرقة الجلد‏:‏

20 - جلد الحيوان المأكول المذكّى، مال طاهر يقطع سارقه إذا بلغت قيمته ما يقطع فيه مع توفّر بقيّة الشّروط لإقامة حدّ السّرقة، وبهذا قال الفقهاء‏.‏

أمّا جلد الميتة قبل دبغه فلا قطع في سرقته باتّفاق الفقهاء‏.‏

وجلد الميتة بعد دبغه يقطع في سرقته عند المالكيّة والشّافعيّة بشروط القطع، لكنّ عبارة المالكيّة في القيمة الّتي يقطع فيها‏:‏ جلد ميتة المأكول أو غيره يقطع سارقه بعد الدّبغ إن زاد دبغه على قيمة أصله نصاباً، بأن يقال ما قيمته غير مدبوغ أن لو كان يباع للانتفاع به فإذا قيل‏:‏ درهمان فيقال‏:‏ وما قيمته مدبوغاً فإذا قيل‏:‏ خمسة قطع، فإن لم يبلغ بعد دبغه نصابا لم يقطع سارقه كما لو سرقه غير مدبوغ‏.‏

وقال محمّد بن الحسن‏:‏ لو سرق جلود السّباع المدبوغة وقيمتها مائة لا يقطع، ولو جعلت مصلّاة أو بساطا قطع لأنّها خرجت من أن تكون جلود السّباع لتغيّر اسمها ومعناها‏.‏

جلسة

انظر‏:‏ جلوس‏.‏

جَلَّالَة

التّعريف

1 - الجَلّالة‏:‏ الدّابّة الّتي تتبع النّجاسات وتأكل الجلّة، وهي البعرة والعذرة‏.‏

وأصله من جلّ فلان البعر جلّا التقطه فهو جالّ، وجلّال مبالغة ومنه الجلّالة‏.‏

والمراد بالجلّالة على ما نصّ الشّافعيّة‏:‏ كلّ دابّة علفت بنجس ولو من غير العذرة، كالسّخلة الّتي ارتضعت بلبن نحو كلبة أو أتان‏.‏

الحكم التّكليفي

2 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ أكل لحم الجلّالة - وهي الدّابّة الّتي تأكل العذرة أو غيرها من النّجاسات - وشرب لبنها وأكل بيضها مكروه، إذا ظهر تغيّر لحمها بالرّائحة، والنّتن في عرقها‏.‏ وفي قول عند الشّافعيّة ورواية عن أحمد‏:‏ يحرم لحمها، ولبنها‏.‏

والأصل في ذلك‏:‏ حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما‏:‏ قال‏:‏ «نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الإبل الجلّالة أن يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها ولا يحمل عليها إلاّ الأدم، ولا يذكّيها النّاس حتّى تعلف أربعين ليلة»‏.‏ أمّا إذا لم يظهر منها تغيّر بريح، أو نتن، فلا كراهة عند الشّافعيّة وإن كانت لا تأكل إلاّ النّجاسة‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ يكره أكل لحمها وشرب لبنها إذا كان أكثر علفها النّجاسة، وإن لم يظهر منها نتن أو تغيّر، ونقل صاحب المغني عن اللّيث قوله‏:‏ إنّما كانوا يكرهون الجلّالة الّتي لا طعام لها إلاّ الرّجيع ‏(‏الرّوث والعذرة‏)‏ وما أشبهه‏.‏

وذهب المالكيّة إلى أنّ لحم الجلّالة لا كراهة فيه وإن تغيّر من ذلك‏.‏

زوال الكراهة بالحبس

3 - لا خلاف بين الفقهاء الّذين يقولون بحرمة أكل لحم الجلّالة، أو كراهته في أنّ الحرمة أو الكراهة تزول بالحبس على العلف الطّاهر‏.‏

ثمّ اختلفوا في مدّة الحبس‏:‏ فقال الشّافعيّة‏:‏ يحبس النّاقة أربعين يوماً، والبقرة ثلاثين، والشّاة سبعة أيّام، والدّجاجة ثلاثة أيّام‏.‏

وعند الحنفيّة‏:‏ تحبس الدّجاجة ثلاثة أيّام، والشّاة أربعة، والنّاقة والبقرة عشرة أيّام‏.‏ وعن أحمد روايتان في ذلك‏:‏ إحداهما‏:‏ تحبس الجلّالة ثلاثاً، سواء أكانت طيراً أو بهيمة، وقالوا‏:‏ إنّ ما طهّر حيواناً في مدّة حبسه وعلفه طهّر الآخر، ولأنّ ابن عمر كان يحبسها ثلاثاً إذا أراد أكلها‏.‏

والرّواية الثّانية تحبس البدنة، والبقرة أربعين يوماً‏.‏

ونقل صاحب المغني عن الحسن البصريّ‏:‏ أنّه رخّص في لحومها، وألبانها، لأنّ الحيوان لا يتنجّس بأكل النّجاسات بدليل أنّ شارب الخمر، لا يحكم بتنجيس أعضائه، والكافر الّذي يأكل الخنزير والمحرّمات لم يقل أحد بنجاسة ظاهره، ولو نجس بذلك لما طهر بالإسلام والاغتسال‏.‏ ولو نجست الجلّالة لما طهرت بالحبس‏.‏

ركوب الجلّالة

4 - يكره ركوب الجلّالة بلا حائل، لحديث ابن عمر‏:‏ قال‏:‏ «نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الجلّالة في الإبل أن يركب عليها أو يشرب من ألبانها»‏.‏

ولأنّها ربّما عرقت فتلوّث بعرقها‏.‏

سؤر الجلّالة

5 - صرّح الحنفيّة بكراهية شرب سؤر الجلّالة‏.‏

التّضحية بالجلّالة

6 - صرّح الحنفيّة‏:‏ أنّ الجلّالة لا تجزئ في الأضحيّة‏:‏ إذا كانت لا تأكل غير النّجاسة‏.‏