فصل: الحكم الإجماليّ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


وطء الحائض والنّفساء والمستحاضة في الفرج

6 - اتّفق الفقهاء على حرمة وطء الحائض والنّفساء في الفرج، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ ‏}‏، ولقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «اصنعوا كلّ شيء إلاّ النّكاح»، ولأنّ دم النّفاس ما هو إلاّ دم حيض محتبس لأجل الحمل، فكان حكمه حكم الحيض‏.‏

واستثنى الحنابلة من به شبق لا تندفع شهوته بدون الوطء في الفرج، ولا يجد غير الحائض‏.‏

7 - واختلف الفقهاء في جواز وطء المستحاضة في الفرج‏:‏

فذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة وأحمد في رواية إلى جواز وطء المستحاضة في الفرج، لما روى عكرمة عن حمنة بنت جحش‏:‏ أنّها كانت مستحاضةً وكان زوجها يجامعها‏.‏ وذهب الحنابلة إلى حرمة وطء المستحاضة إلاّ أن يخاف العنت‏.‏

‏(‏ر‏:‏ استحاضة ف 26، ووطء‏)‏‏.‏

عصب المستحاضة فرجها للصّلاة

8 - إذا أرادت المستحاضة الصّلاة غسلت فرجها قبل الوضوء وحشته بقطنة وخرقة دفعاً للنّجاسة وتقليلاً لها، فإن كان دمها قليلاً يندفع بذلك وحده فلا شيء عليها غيره، وإن لم يندفع بذلك وحده شدّت مع ذلك على فرجها وتلجّمت‏.‏

والأصل في ذلك قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش رضي الله تعالى عنها‏:‏ «أنعت لك الكرسف، فإنّه يذهب الدّم فقالت‏:‏ هو أكثر من ذلك، فقال‏:‏ فتلجّمي»‏.‏

فساد الصّوم بإدخال شيء في الفرج

9 - اختلف الفقهاء في فساد الصّوم بإدخال شيء في الفرج أو عدم فساده، كما اختلفوا فيما يجب في حال إفساد الصّوم بشيء من ذلك‏:‏

فذهب الحنفيّة إلى أنّ جماع الصّائم غير النّاسي في الفرج يوجب القضاء، وأمّا الكفّارة فلا تجب مع ذلك إلاّ إذا توفّرت الشّروط الآتية‏:‏

1 - أن يكون عامداً‏.‏

2 - أن يكون مكلّفاً‏.‏

3 - أن يكون مختاراً‏.‏

4 - أن لا يطرأ عليه شيء مبيح للفطر كحيض ومرض بغير صنعه‏.‏

5- أن يكون قد نوى الصّيام ليلاً‏.‏

6- أن يكون الصّوم في نهار رمضان‏.‏

7- أن يكون أداءً‏.‏

8- أن يكون المفعول به آدميّاً فلا يجب في الجنّ‏.‏

9- أن يكون مشتهىً على الكمال فلا كفّارة بجماع بهيمة أو ميتة ولو أنزل، وبجماع الصّغيرة خلاف، فالأوجه عندهم أن لا كفّارة بجماعها‏.‏

10 - أن تتوارى الحشفة في الفرج‏.‏

11 - أن يكون الجماع في الفرج، أمّا الجماع في الدّبر فلا يوجب الكفّارة فيما رواه الحسن عن أبي حنيفة، لقصور الجناية، لأنّ المحلّ مستقذر ومن له طبيعة سليمة لا يميل إليه، وفيما روى أبو يوسف عنه تجب الكفّارة في الدّبر، قال الزّيلعيّ‏:‏ وهو الأصحّ‏.‏

وقال ابن عابدين‏:‏ وهو الصّحيح‏.‏

وتجب الكفّارة على المرأة إذا جامعها صبيّ أو مجنون، وإذا أدخلت في فرجها عوداً أو أصبعاً أو نحوهما، أو أدخل رجل أو امرأة نحو ذلك في دبرهما، فإن كان الأصبع مبتلّةً أو غيّب العود ونحوه في الفرج أو الدّبر فسد الصّوم، أمّا إذا كانت الأصبع يابسةً أو بقي طرف العود أو نحوه خارج الفرج أو الدّبر فلا يفسد الصّوم، قال الزّيلعيّ‏:‏ لو أدخلت الصّائمة أصبعها في فرجها أو دبرها لا يفسد على المختار، إلاّ أن تكون مبلولةً بماء أو دهن‏.‏

وذهب المالكيّة إلى أنّ كلّ ما يصل إلى جوف الصّائم عن طريق الفرج أو الدّبر يفسد الصّيام الواجب والتّطوّع، ويوجب القضاء والكفّارة، سواء كان ذلك بجماع أو غيره إذا توفّرت فيه الشّروط التّالية‏:‏

1 - أن يكون الجماع موجباً للغسل، فوطء الصّغيرة الّتي لا تطيق الوطء لا قضاء فيه ولا كفّارة إذا لم يحصل منه منيّ ولا مذي، ولا قضاء ولا كفّارة كذلك على امرأة وطئها صبيّ ولم تنزل‏.‏

2 - أن يكون متعمّداً‏.‏

3 - أن يكون مختاراً‏.‏

4 - أن يكون عالماً بحرمة الموجب الّذي فعله، ولا يشترط أن يعلم وجوب الكفّارة عليه‏.‏

5- أن يكون الصّوم الّذي أفسده في رمضان الحاضر، ولا تجب الكفّارة، في أضداد هذه الشّروط ومحترزاتها، وإنّما يجب القضاء‏.‏

وذهب الشّافعيّة إلى أنّه لو وصل إلى جوف الصّائم شيء عن طريق الفرج أو الدّبر بطل صومه، قال النّوويّ‏:‏ لو أدخل الرّجل أصبعه أو غيرها دبره أو أدخلت المرأة أصبعها أو غيرها دبرها أو قبلها‏.‏‏.‏‏.‏ بطل الصّوم باتّفاق أصحابنا، ثمّ قال‏:‏ قال أصحابنا‏:‏ وينبغي للصّائمة أن لا تبالغ بأصبعها في الاستنجاء، فالّذي يظهر من فرجها إذا قعدت لقضاء الحاجة له حكم الظّاهر فيلزمها تطهيره ولا يلزمها مجاوزته، فإن جاوزته بإدخال أصبعها زيادةً عليه بطل صومها، ولا كفّارة عندهم إلاّ على من بطل صومه بجماع أثم به في نهار رمضان بسبب الصّوم، فلا كفّارة على ناس أو مكره أو جاهل التّحريم، ولا على مفسد غير رمضان، أو بغير الجماع، ولا على مسافر جامع بنيّة التّرخّص، وكذا بغيرها في الأصحّ، ولا على من ظنّ اللّيل فبان نهاراً، ولا على من جامع بعد الأكل ناسياً وظنّ أنّه أفطر به، ولا على من زنى ناسياً‏.‏

وعند الحنابلة‏:‏ يجب القضاء والكفّارة بالجماع في الفرج في نهار رمضان، سواء أنزل أو لم ينزل، أو كان الجماع دون الفرج وأنزل عامداً أو ساهياً مختاراً أو مكرهاً، وفي رواية أخرى عن أحمد‏:‏ أنّ الجماع دون الفرج وإذا اقترن به الإنزال فلا كفّارة فيه، وظاهر المذهب‏:‏ أنّ من جامع ناسياً كالعامد في وجوب الكفّارة‏.‏

ولا فرق بين الجماع في القبل أو الدّبر من ذكر أو أنثى في وجوب الكفّارة‏.‏

واختلف في الوطء في فرج البهيمة، فذكر القاضي أنّه موجب للكفّارة، لأنّه وطء في فرج موجب للغسل مفسد للصّوم فأشبه وطء الآدميّة، وذكر أبو الخطّاب أنّه لا تجب به الكفّارة، لأنّه لا نصّ فيه، ومخالف لوطء الآدميّة في إيجاب الحدّ على إحدى الرّوايتين وفي كثير من أحكامه‏.‏

ولا فرق بين كون الموطوءة زوجاً أو أجنبيّةً أو كبيرةً أو صغيرةً، ويفسد صوم المرأة ويجب عليها القضاء دون الكفّارة بإدخال أصبعها أو أصبع غيرها في فرجها، وقال بعض الحنابلة لا يفسد صومها إلاّ بالإنزال‏.‏

نظر كلّ من الزّوجين إلى فرج الآخر

10 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى جواز نظر كلّ من الزّوجين إلى فرج الآخر مطلقاً، لما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه عوراتنا ما نأتي منها وما نذر، قال‏:‏ «احفظ عورتك إلاّ من زوجك أو ما ملكت يمينك»، ولأنّ الفرج محلّ الاستمتاع، فجاز النّظر إليه كبقيّة البدن‏.‏

لكن صرّح الحنفيّة والحنابلة بأنّ الأولى أدباً ترك النّظر إلى الفرج، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجرّد تجرّد العيرين»، ولقول عائشة رضي الله عنها‏:‏ «ما نظرت أو ما رأيت فرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قطّ» وفي لفظ قالت‏:‏ «ما رأيته من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ولا رآه منّي»‏.‏

وذهب الشّافعيّة إلى كراهة نظر كلّ من الزّوجين الفرج من الآخر ومن نفسه بلا حاجة، لحديث عائشة، وتشتدّ الكراهة بالنّظر إلى باطن الفرج، وقالوا‏:‏ إنّه لا يكره النّظر في حالة الجماع بل يجوز‏.‏

لمسّ فرج الزّوجة

11 - اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز للزّوج مسّ فرج زوجته‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ سأل أبو يوسف أبا حنيفة عن الرّجل يمسّ فرج امرأته وهي تمسّ فرجه ليتحرّك عليها هل ترى بذلك بأساً قال‏:‏ لا، وأرجو أن يعظم الأجر‏.‏

وقال الحطّاب‏:‏ قد روي عن مالك أنّه قال لا بأس أن ينظر إلى الفرج في حال الجماع، وزاد في رواية ويلحسه بلسانه، وهو مبالغة في الإباحة، وليس كذلك على ظاهره‏.‏

وقال الفنانيّ من الشّافعيّة‏:‏ يجوز للزّوج كلّ تمتّع منها بما سوى حلقة دبرها، ولو بمصّ بظرها‏.‏

وصرّح الحنابلة بجواز تقبيل الفرج قبل الجماع، وكراهته بعده‏.‏

إتيان الزّوجة في دبرها

12 - اتّفق الفقهاء على حرمة إتيان الزّوجة في دبرها‏.‏

لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إنّ اللّه لا يستحيي من الحقّ، فلا تأتوا النّساء في أدبارهنّ»‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح ‏(‏وطء‏)‏‏.‏

أثر النّظر إلى الفرج في التّحريم

13 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى عدم حرمة المصاهرة بالنّظر إلى الفرج، وانفرد الحنفيّة بالقول بثبوت حرمة المصاهرة بالنّظر إلى الفرج بشهوة، وعلى ذلك فلو نظرت المرأة إلى ذكر رجل بشهوة، أو نظر هو إلى فرجها بشهوة تعلّقت بهما حرمة المصاهرة ما لم ينزل، فلو أنزل فلا حرمة، لأنّ النّظر مؤدّ إلى الجماع غالباً فأقيم مقامه‏.‏ فإذا أنزل علم أنّه لم يؤدّ إليه فلا حرمة، وللشّرع مزيد اعتناء في حرمة الأبضاع، ومن ذلك أنّه أقام شبهة البعضيّة بسبب الرّضاع مقام حقيقتها في إثبات الحرمة دون سائر الأحكام من التّوارث، ومنع أداء الزّكاة، ومنع قبول الشّهادة، فأقيم السّبب الدّاعي مقام المدعوّ احتياطاً‏.‏

والمعتبر عندهم النّظر إلى الفرج الدّاخل، ولا يتحقّق ذلك إلاّ عند اتّكاء المرأة، وهو ظاهر الرّواية، وعن أبي يوسف‏:‏ النّظر إلى منابت الشّعر محرّم‏.‏

وقال محمّد‏:‏ أن ينظر إلى الشّقّ‏.‏

ووجه ظاهر الرّواية أنّ هذا حكم تعلّق بالفرج، والدّاخل فرج من كلّ وجه، والخارج فرج من وجه، وأنّ الاحتراز عن النّظر إلى الفرج الخارج متعذّر فسقط اعتباره‏.‏

فسخ النّكاح بعيب الفرج

14 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى ثبوت الخيار في النّكاح لكلّ من الزّوجين بعيب من عيوب الفرج كالقرن والرّتق والعفل للمرأة، والجبّ والخصاء والعنّة للرّجل، فعن سليمان بن يسار‏:‏ أنّ ابن سند تزوّج امرأةً وهو خصيّ، فقال له عمر‏:‏ أعلمتها ‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ أعلمها ثمّ خيّرها ولأنّه عيب يمنع الوطء الّذي هو مقصود النّكاح‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى أنّه ليس لواحد من الزّوجين خيار فسخ النّكاح بعيب في فرج الآخر، وهو قول عطاء والنّخعيّ وعمر بن عبد العزيز وأبي زياد وأبي قلابة وابن أبي ليلى والأوزاعيّ والثّوريّ‏.‏

وروي عن عليّ قوله‏:‏ لا تردّ الحرّة بعيب‏.‏

وعن ابن مسعود‏:‏ لا ينفسخ النّكاح بعيب‏.‏

وللزّوجة عند الحنفيّة طلب التّفريق لعيب في فرج زوجها، وهو العنّة والخصاء والجبّ، وليس ذلك للزّوج، لأنّ الطّلاق بيده‏.‏

والتّفصيل في مصطلح ‏(‏طلاق ف 93، 94‏)‏‏.‏

النّظر إلى الفرج لأجل التّداوي

15 - اتّفق الفقهاء على جواز النّظر للتّطبيب إلى موضع المرض، حتّى وإن كان في موضع الفرج، ولا بدّ أن يكون النّظر حينئذ بقدر الضّرورة، إذ الضّرورات تقدّر بقدرها‏.‏ وقال ابن عابدين نقلاً عن الجوهرة‏:‏ إذا كان المرض في سائر بدنها غير الفرج يجوز النّظر إليه عند الدّواء، لأنّه موضع ضرورة، وإن كان في موضع الفرج فينبغي أن تعلم امرأة تداويها، فإن لم توجد وخافوا عليها أن تهلك أو يصيبها وجع لا تحتمله يستروا منها كلّ شيء إلاّ موضع العلّة ثمّ يداويها الرّجل ويغضّ بصره ما استطاع إلاّ عن موضع الجرح، وينبغي هنا للوجوب‏.‏

وقال الشّربينيّ الخطيب‏:‏ ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطي ذلك من امرأة وعكسه، وأن لا يكون ذمّيّاً مع وجود مسلم، وقياسه ما قال الأذرعيّ‏:‏ أن لا تكون كافرةً أجنبيّةً مع وجود مسلمة على الأصحّ، ولو لم نجد لعلاج المرأة إلاّ كافرةً ومسلماً فالظّاهر كما قال الأذرعيّ أنّ الكافرة تقدّم، لأنّ نظرها ومسّها أخفّ من الرّجل‏.‏

وفي كتب الحنابلة‏:‏ ولطبيب نظر ولمس ما تدعو الحاجة إلى نظره ولمسه حتّى فرجها، وظاهره ولو ذمّيّاً‏.‏

دية الفرج

16 - اتّفق الفقهاء على أنّ في الذّكر أو الحشفة دية كاملة وفي شفر فرج المرأة نصف الدّية، وفي الشّفرين دية كاملة‏.‏

كما تجب الدّية كاملةً في إفضاء المرأة عند جمهور الفقهاء‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ في الإفضاء ثلث الدّية‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏ديات ف 38، 40، 51‏)‏‏.‏

الختان

17 - الختان في الرّجل‏:‏ قطع الجلدة الّتي تغطّي الحشفة، بحيث تنكشف الحشفة كلّها، وفي المرأة ويسمّى خفاضاً قطع ما ينطلق عليه الاسم من الجلدة الّتي كعرف الدّيك فوق مخرج البول‏.‏

وهو سنّة عند الحنفيّة والمالكيّة في الرّجال، مكرمة في النّساء، وقيل هو سنّة عند الحنفيّة في النّساء أيضاً، وواجب عند الشّافعيّة في الصّحيح والحنابلة في الرّجال والنّساء والتّفصيل في مصطلح ‏(‏ختان ف 2، 3‏)‏‏.‏

الأصل في الأبضاع التّحريم

18 - من القواعد الفقهيّة المقرّرة قاعدة أنّ الأصل في الأبضاع التّحريم‏.‏

فإذا تقابل في المرأة حلّ وحرمة غلبت الحرمة، ولهذا لا يجوز التّحرّي في الفروج كما يقول ابن نجيم، وهو عبارة عن طلب الشّيء بغالب الرّأي عند تعذّر الوقوف على حقيقته‏.‏ قال السّيوطيّ‏:‏ ولهذا امتنع الاجتهاد فيما إذا اختلطت محرّمة بنسوة قرية محصورات، لأنّه ليس أصلهنّ الإباحة حتّى يتأيّد الاجتهاد باستصحابه، وإنّما جاز النّكاح في صورة غير المحصورات رخصةً من اللّه لئلاّ ينسدّ باب النّكاح عليه‏.‏

وفي مبسوط السّرخسيّ‏:‏ إذا طلّق إحدى نسائه بعينها ثلاثاً ثمّ نسيها، وكذلك إن متن كلّهنّ إلاّ واحدةً لم يسعه أن يقربها حتّى يعلم أنّها غير المطلّقة‏.‏

وصرّح ابن نجيم بأنّ هذه القاعدة إنّما هي فيما إذا كان في المرأة سبب محقّق للحرمة، فلو كان في الحرمة شكّ لم يعتبر، ولذا قالوا لو أدخلت المرأة حلمة ثديها في فم رضيعة ووقع الشّكّ في وصول اللّبن إلى جوفها لم تحرم، لأنّ في المانع شكّاً‏.‏

فُرْجَة

التّعريف

1 - الفُرجة - بالضّمّ - لغةً‏:‏ من فَرَجت بين الشّيئين فرجاً - من باب ضرب -‏:‏ فتحت، وفرج القوم للرّجل فرجاً‏:‏ أوسعوا في المواقف والمجلس، وذلك الموضع فُرجة، والجمع فُرج، مثل غرفة وغرف‏.‏

وكلّ منفرج بين الشّيئين فهو فرجة، والفُرجة بالضّمّ أيضاً في الحائط ونحوه الخلل، وكلّ موضع مخافة فرجة‏.‏

والفَرجة - بالفتح - مصدر يكون في المعاني، وهو الخلوص من شدّة‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالفرجة

يتعلّق بالفرجة جملة من الأحكام الفقهيّة منها‏:‏

أ - فُرجة الصّفّ في صلاة الجماعة والجمعة‏:‏

2 - من تسوية الصّفوف في صلاة الجماعة أن لا يقف المصلّي في صفّ وأمامه صفّ آخر ناقص أو فيه فرجة، فيجوز له شقّ الصّفوف لسدّ الخلل أو الفرجة في الصّفوف وقد جاء في السّنّة من حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من نظر إلى فرجة في صفّ فليسدّها بنفسه، فإن لم يفعل فمرّ مارّ فليتخطّ على رقبته فإنّه لا حرمة له»‏.‏

وللتّفصيل انظر مصطلح‏:‏ ‏(‏صفّ ف 3، وصلاة الجمعة ف 40، وصلاة الجماعة ف 26، وتخطّي الرّقاب ف 2 و 4‏)‏‏.‏

ب - تربّص الفرجة للرّمل في الطّواف‏:‏

3 - من سنن الطّواف الرّمل، ولو فات الرّمل بالقرب من البيت لزحمة فالرّمل مع البعد عن البيت أولى، ولو كان من يفوته الرّمل مع القرب بسبب الزّحمة يرجو فرجةً، فله أن يتربّص ليجد الفرجة ليرمل فيها، وإن لم يطمع بفرجة لكثرة الزّحام فإن علم أنّه إن تأخّر إلى حاشية النّاس أمكنه الرّمل فليتأخّر‏.‏

ج - الإسراع في المشي في الفرج عند الدّفع من عرفة‏:‏

4 - من سنن وآداب الدّفع من عرفة إلى مزدلفة السّكينة والوقار في السّير، فإذا وجد الحاجّ فرجةً أسرع في المشي بلا إيذاء، وهذا ما يدلّ عليه حديث أسامة رضي الله عنه‏:‏ «كان يسير العَنَق، فإذا وجد فجوةً نصّ»‏.‏

وقيل‏:‏ لا يسنّ في زماننا الإسراع لكثرة الإيذاء‏.‏

وللتّفصيل انظر مصطلح‏:‏ ‏(‏يوم عرفة‏)‏‏.‏

فرس

انظر‏:‏ خيل‏.‏

فَرْسَخ

انظر‏:‏ مقادير‏.‏

فَرْض

التّعريف

1 - الفرض لغةً‏:‏ من فرضت الشّيء أفرضه فرضاً‏:‏ أوجبته وألزمت به‏.‏

ويأتي الفرض بمعنى التّقدير، فيقال‏:‏ فرض القاضي النّفقة فرضاً بمعنى‏:‏ قدّرها، والفرض كلّ شيء تفرضه، فتوجبه على إنسان بقدر معلوم، والاسم الفريضة‏.‏

واصطلاحاً‏:‏ عرّف الحنفيّة الفرض بأنّه ما عرف وجوبه بدليل قطعيّ موجب للعلم والعمل قطعاً، أمّا ما عرف وجوبه بدليل ظنّيّ فهو الواجب عندهم‏.‏

الفرق بين الفرض والواجب

2 - الفرض والواجب عند الجمهور بمعنىً واحد إلاّ في الحجّ‏.‏

ويدور اللّفظان عندهم على معنى الثّبوت والتّقدير مطلقاً، وهو أعمّ من أن يثبت بدليل قطعيّ أو ظنّيّ‏.‏

وذهب الحنفيّة وأحمد في رواية إلى التّفريق بين الفرض والواجب، فمدار الفرض عندهم لغةً على القطع، وشرعاً على ما ثبت بدليل موجب للعلم قطعاً من الكتاب أو السّنّة المتواترة أو الإجماع، ومدار الواجب عندهم لغةً على السّقوط واللّزوم، وشرعاً على ما يكون دليله موجباً للعلم، فيثبت الواجب عندهم بدليل ظنّيّ‏.‏

ويظهر أثر التّفريق بين الفرض والواجب عند الحنفيّة في أنّ جاحد الفرض كافر، لأنّه أنكر ما وجب عليه اعتقاد فرضيّته قطعاً، ولا يكفر جاحد الواجب، لأنّ دليله لا يوجب الاعتقاد، وإنّما يوجب العمل، ولذا يفسّق تاركه، ومثال الأوّل الصّلوات الخمس، فإنّها فرض علميّ وعمليّ، ومثال الثّاني صلاة الوتر عند أبي حنيفة فهي فرض عمليّ، ويقال له‏:‏ فرض عملاً، واجب اعتقاداً، وسنّة ثبوتاً‏.‏

وللتّفصيل انظر الملحق الأصوليّ

تقسيم الفرض بحسب المكلّف به

3 - ينقسم الفرض باعتبار المكلّف به إلى‏:‏ فرض كفاية، وفرض عين‏.‏

أمّا فرض الكفاية‏:‏ فهو ما يقصد حصوله من غير نظر بالذّات إلى فاعله، فهو واجب على الكلّ، ويسقط الوجوب بفعل البعض، ويأثم الكلّ بتركه‏.‏

وأمّا فرض العين‏:‏ فهو المنظور بالذّات إلى فاعله‏.‏

وذكر العلماء من أمثلة فرض الكفاية الدّينيّ‏:‏ صلاة الجنازة، والأمر بالمعروف، وإقامة الحجج والبراهين القاطعة على إثبات الصّانع، وإثبات النّبوّات، والاشتغال بعلوم الشّرع من تفسير وحديث وفقه، وتولّي القضاء والإفتاء‏.‏

ومن أمثلة فرض الكفاية الدّنيويّ‏:‏ الحرف والصّنائع، وما به قوام العيش كالبيع والشّراء‏.‏

4 - وذكر العلماء جملةً من الفروق بين فرض الكفاية وفرض العين وهي‏:‏

أ - أنّ فروض الكفاية أمر كلّيّ تتعلّق بها مصالح دينيّة ودنيويّة لا ينتظم الأمر إلاّ بحصولها، فقصد الشّارع تحصيلها، ولا يقصد تكليف الآحاد وامتحانهم بها، بخلاف فروض الأعيان فإنّ الكلّ مكلّفون بها ممتحنون بتحصيلها‏.‏

ب - المصلحة من فروض الأعيان تتكرّر بتكرّرها كالصّلاة مثلاً، فإنّ مصلحة الخضوع للّه تعالى والتّذلّل تتكرّر كلّما تكرّرت الصّلاة، فشرع هذا القسم على الأعيان تكثيراً للمصلحة‏.‏ أمّا المصلحة من فروض الكفاية فلا تتكرّر بتكرّرها، كإنقاذ الغريق فإنّ النّازل إلى البحر بعد إنقاذه لا يحصّل شيئاً من المصلحة، فجعله الشّارع على الكفاية نفياً للعبث في الأفعال، ككسوة العريان وإطعام الجوعان‏.‏

ج - أنّ فرض العين يلزم بالشّروع إلاّ لعذر باتّفاق الفقهاء، وكذلك فرض الكفاية خلافاً للشّافعيّة، فلا يلزم فرض الكفاية بالشّروع إلاّ في الجهاد والجنازة والحجّ تطوّعاً عندهم فإنّه لا يقع إلاّ فرض كفاية‏.‏

د - أنّ من ترك فرض عين أجبر عليه وفي فرض الكفاية خلاف كما في تولّي القضاء وكفالة اللّقيط وغيرها‏.‏

المفاضلة بين فرض العين وفرض الكفاية

5 - ذهب أبو إسحاق الإسفرايينيّ وإمام الحرمين إلى أنّ للقيام بفرض الكفاية أفضليّةً على القيام بفرض العين من حيث إنّ في أدائه إسقاطاً للحرج عن نفسه وعن المسلمين‏.‏

وذهب ابن عابدين والجلال المحلّيّ في شرحه على جمع الجوامع إلى أنّ القيام بفرض العين أفضل، لشدّة اعتناء الشّارع به بقصد حصوله من كلّ مكلّف، ولأنّه مفروض حقّاً للنّفس فهو أهمّ عندها وأكثر مشقّةً، ونقل العطّار في حاشيته من كلام الإمام الشّافعيّ والأصحاب ما يؤيّد ذلك، فقد قالوا‏:‏ إنّ قطع الطّواف المفروض لصلاة الجنازة مكروه، وعلّلوه بأنّه لا يحسن ترك فرض العين لفرض الكفاية، فإذا ازدحم فرض الكفاية وفرض العين في وقت واحد لا يسع إلاّ أحدهما وجب تقديم فرض العين إلاّ إذا كان له بدل، كما في سقوط الجمعة ممّن له قريب يمرّضه، بل قالوا‏:‏ لو اجتمع جنازة وجمعة وضاق الوقت قدّمت الجمعة على المذهب، وقدّم الشّيخ أبو محمّد الجنازة لأنّ للجمعة بدلاً‏.‏

وإن كان في الوقت متّسع فيقدّم فرض الكفاية، كما لو اجتمع كسوف وفرض، ولم يخف فوت الفرض، قدّم الكسوف كي لا يفوت، وكذلك يقدّم إنقاذ الغريق على إتمام الصّوم في حقّ صائم لا يتمكّن من إنقاذه إلاّ بالإفطار لخوف الفوات‏.‏

وتفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ‏.‏

فَرْع

التّعريف

1 - الفرع لغةً من كلّ شيء أعلاه، وهو ما يتفرّع من أصله، والجمع فروع، ومنه يقال‏:‏ فرّعت من هذا الأصل مسائل فتفرّعت، أي استخرجت فخرجت، ويأتي الفرع أيضاً بمعنى الشّعر التّامّ، والأفرع ضدّ الأصلع، وتفرّعت أغصان الشّجرة‏:‏ كثرت‏.‏

واصطلاحاً‏:‏ استعمل الفقهاء اللّفظ في ثلاثة معان‏:‏

أ - الفرع بمعنى الولد، ويقابله الأصل بمعنى الوالد‏.‏

ب - الفرع بمعنى المقيس‏:‏ وهو من أركان القياس في مقابلة الأصل، وهو المقيس عليه‏.‏

ج - الفرع بمعنى المسألة الفقهيّة المتفرّعة عن أصل جامع‏.‏

ما يتعلّق بالفرع من أحكام

أوّلاً‏:‏ الفرع بمعنى الولد

يندرج في هذا المعنى جملة من المسائل الفقهيّة منها‏:‏

أ - دخول الفرع في الوصيّة للأقارب والأرحام‏:‏

2 - اختلف الفقهاء في دخول الفرع في الوصيّة للأقارب، فذهب جمهور الفقهاء إلى عدم دخوله فيها، وخالف آخرون‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏وصيّة‏)‏‏.‏

ب - هبة الأب مال ابنه‏:‏

3 - ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز هبة الأب مال ابنه الصّغير بشرط العوض‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏هبة‏)‏‏.‏

ج - التّسوية بين عطايا الأب لأبنائه‏:‏

4 - ذهب الجمهور إلى استحباب التّسوية في عطايا الأب لأولاده، وعند الحنفيّة والحنابلة - وهو رواية عن مالك - يباح التّفضيل عند قيام الحاجة إليه، ككثرة العيال أو الاشتغال بالعلم ونحوها‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏تسوية ف 11، وهبة‏)‏‏.‏

د - إعطاء الزّكاة لفرع المزكّي‏:‏

5 - ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز دفع الزّكاة من سهم الفقراء والمساكين للفرع إذا وجبت نفقته عليه، وإلاّ جاز‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى عدم جواز دفع هذا السّهم من الزّكاة للفروع مطلقاً‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏بعضيّة ف 5، وزكاة ف 177‏)‏‏.‏

هـ - قتل الأصل بفرعه‏:‏

6 - جمهور الفقهاء على أنّه لا يقتل والد بولده، لحديث‏:‏ «لا يقتل الوالد بالولد»‏.‏

ولأنّ الوالد لا يقتل ولده غالباً لوفور شفقته، فيكون في ذلك شبهة في سقوط القصاص، ولأنّ الوالد كان سبباً في وجود الولد فلا يكون الولد سبباً في عدمه‏.‏

وخالف في هذه الجملة بعض الفقهاء طاعنين في صحّة الحديث، ومستدلّين بالقياس على ما إذا زنى الأب بابنته، فإنّه يرجم‏.‏

وللتّفصيل انظر مصطلح‏:‏ ‏(‏قصاص‏)‏‏.‏

و - إجابة القاضي وليمة فرعه‏:‏

7 - تجب إجابة الدّعوة أو تسنّ بشروط، منها‏:‏ ألا يكون المدعوّ قاضياً، إلاّ إذا دعاه أصله أو فرعه، وذلك لانتفاء التّهمة‏.‏

وللتّفصيل انظر مصطلح‏:‏ ‏(‏قضاء، ووليمة، ودعوة ف 27 و 28‏)‏‏.‏

ز - وجوب النّفقة على الفروع والأصول‏:‏

8 - ذهب الفقهاء إلى أنّ نفقة الأصول الفقراء تجب على الفروع، وكذلك تجب نفقة الفروع الفقراء على الأصول، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ‏}‏، ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما، ولقوله تعالى في وجوب نفقة الفروع على الأصول‏:‏ ‏{‏ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ‏}‏، فيقاس على الفروع الأصول بجامع البعضيّة، بل هم أولى، لأنّ حرمة الوالد أعظم، والولد بالتّعهّد والخدمة أليق‏.‏

وللتّفصيل انظر‏:‏ ‏(‏نفقة‏)‏‏.‏

ح - شهادة الفرع للأصل‏:‏

9 - ذكر الفقهاء أنّ من شروط أداء الشّهادة عدم التّهمة، وذكروا أنّ من أسباب التّهمة البعضيّة، فلا تقبل شهادة أصل لفرعه، ولا فرع لأصله، وتقبل شهادة أحدهما على الآخر‏.‏

وللتّفصيل انظر مصطلح‏:‏ ‏(‏شهادة ف 26، وبعضيّة ف 8، وولد‏)‏‏.‏

ثانياً‏:‏ الفرع بمعنى المقيس

10 - عرّف الأصوليّون القياس بأنّه‏:‏ تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع بعلّة متّحدة لا تدرك بمجرّد اللّغة، والمراد بالأصل المقيس عليه، والفرع المقيس‏.‏

وللتّفصيل انظر مصطلح‏:‏ ‏(‏قياس‏)‏ والملحق الأصوليّ‏.‏

ثالثاً‏:‏ الفرع بمعنى المسألة الفقهيّة المتفرّعة عن أصل

11 - من القواعد الفقهيّة الّتي قرّرها الفقهاء قولهم‏:‏ الفرع يسقط إذا سقط الأصل، ونحوها قاعدة‏:‏ التّابع يسقط بسقوط المتبوع، فالشّيء الّذي يكون وجوده أصلاً لوجود شيء آخر يتبعه في الوجود يكون ذلك فرعاً عليه‏.‏

ومن فروعها الفقهيّة قولهم‏:‏ إذا برئ الأصيل برئ الضّامن - أي الكفيل - لأنّه فرعه في الالتزام‏.‏

وللتّفصيل انظر مصطلح‏:‏ ‏(‏تبعيّة ف 7‏)‏‏.‏

فَـرَعَة

التّعريف

1 - الفَرَعَة والفَرَع في اللّغة‏:‏ - بفتحتين - أوّل نتاج النّاقة أو الشّاة، وكانوا يذبحونه في الجاهليّة لآلهتهم ويتبرّكون به‏.‏

وقيل‏:‏ هو ذبح كانوا إذا بلغت الإبل ما تمنّاه صاحبها ذبحوه‏.‏

وقيل‏:‏ إذا بلغت مائة بعير‏.‏

وقيل‏:‏ هو طعام يصنع لنتاج الإبل، كالخرس لولاد المرأة‏.‏

ولا يخرج الاستعمال عند الفقهاء عن المعنى اللّغويّ الأوّل، فالفرع أو الفرعة عندهم أوّل نتاج البهيمة كانوا يذبحونه ولا يملكونه رجاء البركة في الأمّ بكثرة نسلها‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

العتيرة‏:‏

2 - من معاني العتيرة لغةً‏:‏ شاة كانوا يذبحونها في رجب‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ عند الحنفيّة هي أوّل ولد تلده النّاقة أو الشّاة يذبح فيأكل ويطعم منه‏.‏ وقيل‏:‏ هي نذر ينذره الرّجل إذا بلغت غنمه كذا شاةً يذبح من كلّ عشرة منها واحدةً في رجب‏.‏

وعند المالكيّة والحنابلة هي شاة تذبح في رجب يتبرّكون بها في الجاهليّة‏.‏

وعند الشّافعيّة ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من شهر رجب ويسمّونها الرّجبيّة‏.‏ والصّلة بين العتيرة والفرعة أنّ بينهما عموماً وخصوصاً‏.‏ فالعتيرة خاصّة بما يذبح في رجب عند الجمهور‏.‏

الحكم الإجماليّ

3 - اختلف الفقهاء في حكم الفَرَع أو الفَرَعَة على قولين‏:‏

فذهب المالكيّة والحنابلة في الفرع وكذلك الحنفيّة في العتيرة الّتي بمعنى الفرع إلى القول بنسخها، ولكلّ منهم تفصيل في مذهبه على النّحو التّالي‏:‏

قال الحنفيّة إنّ النّاسخ هو ذبح الأضحيّة، مستدلّين بما روي عن عليّ رضي الله عنه أنّه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «نسخت الزّكاة كلّ صدقة في القرآن، ونسخ صوم رمضان كلّ صوم، ونسخ غسل الجنابة كلّ غسل، ونسخت الأضاحيّ كلّ ذبح»‏.‏ وعند المالكيّة قولان‏:‏ منهم من ذهب إلى أنّها منهيّ عنها ولا برّ في فعلها ومنهم من ذهب إلى نسخ وجوبها وبقيت الإباحة لمن شاء فعلها، واحتجّوا بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا فرع ولا عتيرة»‏.‏

فهو يحتمل النّهي ونفي البرّ، كما يحتمل نسخ الوجوب، وممّا يشهد للاحتمال الثّاني حديث الحارث بن عمرو التّميميّ‏:‏ أنّه لقي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع، قال‏:‏ فقال رجل من النّاس‏:‏ يا رسول اللّه العتائر والفرائع قال‏:‏ «من شاء عتر ومن شاء لم يعتر، ومن شاء فرّع ومن شاء لم يفرّع»‏.‏

وعند الحنابلة أنّ الفرعة لا تسنّ ولا تكره، وأنّ المراد بالنّفي في الحديث‏:‏ «لا فرع ولا عتيرة» هو نفي كونها سنّةً، لا تحريم فعلها ولا كراهته، فلو ذبح إنسان ولد النّاقة لحاجة أو للصّدقة لم يكن ذلك مكروهاً، وأيّدوا نسخ السّنّيّة بأمرين‏:‏

أوّلهما‏:‏ أنّه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، وهو متأخّر بالإسلام، فإنّ إسلامه كان سنة فتح خيبر، وهي السّنة السّابعة من الهجرة‏.‏

ثانيهما‏:‏ أنّ الفرع كان من فعل الجاهليّة، فالظّاهر بقاؤهم عليه إلى حين نسخه‏.‏

وذهب الشّافعيّة فيما رجّحه النّوويّ، إلى أنّ الفرعة مستحبّة غير مكروهة‏.‏

واستدلّوا بجملة من الأحاديث منها‏:‏

حديث نبيشة رضي الله عنه قال‏:‏ «نادى رجل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنّا كنّا نعتر عتيرةً في الجاهليّة في رجب، فما تأمرنا ‏؟‏ قال‏:‏ اذبحوا للّه في أيّ شهر كان، وبرّوا اللّه عزّ وجلّ، وأطعموا، قال‏:‏ إنّا كنّا نفرع فرعاً في الجاهليّة، فما تأمرنا ‏؟‏ قال‏:‏ في كلّ سائمة فرع تغذوه ماشيتك حتّى إذا استحمل للحجيج ذبحته فتصدّقت بلحمه»‏.‏

وحديث عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ «أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالفرعة من كلّ خمسين واحدة» وفي رواية‏:‏ «من كلّ خمسين شاة شاة»‏.‏

فَرْق

التّعريف

1 - الفرق في اللّغة‏:‏ الفصل بين الشّيئين، وموضع المفرق من الرّأس‏.‏

والفرق اصطلاحاً عرّفه العضد بأنّه‏:‏ إبداء خصوصيّة في الأصل هو شرط أو إبداء خصوصيّة في الفرع هو مانع‏.‏

ويسمّى الفرق سؤال المعارضة، وسؤال المزاحمة، ويسمّيه الحنفيّة المفارقة‏.‏

الحكم الإجماليّ

2 - اختلف الأصوليّون في اعتبار الفرق قادحاً من قوادح العلّة‏:‏

فذهب جمهور الحنفيّة إلى عدم اعتباره قادحاً في العلّة، وعدّوه من الاعتراضات الفاسدة الّتي تردّ على العلل، قالوا‏:‏ ويندرج في الفرق سؤال اختلاف جنس المصلحة في الأصل والفرع كقول الشّافعيّ‏:‏ اللّواط إيلاج فرج في فرج إيلاجاً محرّماً قطعاً فيحدّ اللائط كالزّاني، لكونه مرتكباً للإيلاج المحرّم، فيعترض بأنّ المصلحة في الأصل في شرع الحدّ منع اختلاط النّسب، فإنّه يحتمل أن يكون الولد من زناً، وفي الفرع - وهو اللّواط - دفع رذيلة أخرى لأنّه لا احتمال للاختلاط، فقد اختلف جنس المصلحة فلا يلزم تعدية الحكم‏.‏

وذهب جمهور الشّافعيّة إلى اعتبار الفرق قادحاً من قوادح العلّة، وهو عندهم راجع إلى المعارضة في الأصل أو الفرع، أو إليهما معاً، لأنّه على الأوّل - أي المعارضة في الأصل أو الفرع - إبداء خصوصيّة في الأصل تجعل شرطاً للحكم بأن تجعل من علّته، أو إبداء خصوصيّة في الفرع تجعل مانعاً من الحكم، وعلى الثّاني - أي المعارضتين في الأصل والفرع - إبداء الخصوصيّتين معاً‏.‏

مثال ذلك‏:‏ أن يقول الشّافعيّ‏:‏ النّيّة في الوضوء واجبة كالتّيمّم بجامع الطّهارة عن حدث، فيعترض الحنفيّ بأنّ العلّة في الأصل الطّهارة بالتّراب، وأن يقول الحنفيّ‏:‏ يقاد المسلم بالذّمّيّ كغير المسلم بجامع القتل العمد العدوان، فيعترض الشّافعيّ بأنّ الإسلام في الفرع مانع من القود‏.‏

والتّفصيل في الملحق الأصوليّ‏.‏

فِرَق الأمّة

التّعريف

1 - الفِرَقُ في اللّغة جمع فرقة، والفرقة هي‏:‏ الطّائفة من النّاس‏.‏

والأمّة من معانيها في اللّغة‏:‏ جماعة من النّاس يجمعهم أمر ما، إمّا دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد، وفي التّنزيل‏:‏ ‏{‏ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً ‏}‏‏.‏

وفرق الأمّة في الاصطلاح‏:‏ اسم أطلق على الفرق المنتسبة إلى الإسلام والّتي ظهرت بعد الصّدر الأوّل‏.‏

الحكم الإجماليّ

2 - أمر اللّه المؤمنين بالألفة، ونهاهم عن الفرقة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ‏}‏ أي في دينكم كما افترقت اليهود والنّصارى في أديانهم، وأمرهم سبحانه وتعالى بأن يكونوا في دين اللّه إخواناً، فيكون ذلك منعاً لهم عن التّقاطع والتّدابر، وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع، فإنّ ذلك ليس اختلافاً، إذ الاختلاف ما يتعذّر معه الائتلاف والجمع والّذي هو سبب الفساد‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ‏}‏‏.‏

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقةً، وتفرّقت النّصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقةً، وتفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقةً»‏.‏

قال أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التّميميّ‏:‏ إنّه صلى الله عليه وسلم لم يرد بالفرق المذمومة المختلفين في فروع الفقه من أبواب الحلال والحرام وإنّما قصد بالذّمّ من خالف أهل الحقّ في أصل التّوحيد، وفي تقدير الخير والشّرّ، وفي شروط النّبوّة والرّسالة، وفي موالاة الصّحابة وما جرى مجرى هذه الأبواب، فيرجع تأويل الحديث في افتراق الأمّة إلى هذا النّوع من الاختلاف‏.‏

الفرق المذمومة

3 - روي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر بعض الفرق قبل ظهورها بالاسم وذمّهم، فروي عنه أنّه ذمّ القدريّة، وأنّه صلى الله عليه وسلم قال عنهم‏:‏ «إنّ مجوس هذه الأمّة المكذّبون بأقدار اللّه»، وروي عنه ذمّ المرجئة مع القدريّة‏.‏

وذكر آخرين بأوصافهم، وقال‏:‏ «إنّهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية»، كما روي عن الخلفاء الرّاشدين، أنّهم أخبروا أو أشاروا إلى افتراق الأمّة إلى فرق، وأنّ الفرقة النّاجية واحدة، وسائرها على الضّلال في الدّنيا، والبوار في الآخرة‏.‏

أهمّ ما اختلفت فيه الفرق المذمومة

4 - اختلفت الفرق المذمومة في أمور من العقيدة، أهمّها‏:‏ الصّفات، والقدر، والعدل، والوعد، والوعيد، والسّمع، والعقل، وأسماء اللّه، والرّسالة، والأمانة‏.‏

وتفصيل ذلك في كتب العقيدة‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالفرق

5 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه لا يكفّر أحد من أهل القبلة، إلاّ من أنكر منهم أمراً معلوماً من الدّين بالضّرورة، كنفي الصّانع، أو نفي ما هو ثابت بالإجماع من الصّفات، كالعلم، والقدرة، وإثبات ما هو منفيّ عنه بالإجماع، كحدوث اللّه سبحانه، وقدم العالم، أو اعتقد مذهب الحلول والتّناسخ، أو اعتقد ألوهيّة بعض أئمّتهم، أو أنكر ركناً من أركان الإسلام، كوجوب الصّلاة، والصّوم، والزّكاة، والحجّ، أو أحلّ ما حرّم القرآن بنصّ لا يقبل التّأويل كالزّنا، ونكاح البنات، وغير ذلك ممّا ورد في تحريمه أو تحليله نصّ صريح لا يقبل التّأويل، وهذا الصّنف من الفرق لا يعدّ من المسلمين، حكمهم حكم المرتدّين عن الدّين، ولا تحلّ ذبائحهم ولا نكاح المرأة منهم، ولا يقرّ في دار الإسلام بالجزية، بل يستتاب فإن تابوا، وإلاّ وجب قتلهم‏.‏

وأمّا شهادة أهل الأهواء من فرق الأمّة‏.‏

فقد اختلف الفقهاء في ردّها على أقوال، ينظر تفصيلها في مصطلح‏:‏ ‏(‏أهل الأهواء ف 9، وبدعة ف 29‏)‏‏.‏

وأمّا ردّ روايتهم أو قبولها، وحكم الاقتداء بهم في الصّلاة وصحّة ولايتهم في الأمور العامّة للمسلمين، فينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏بدعة ف 30، 31، 32‏)‏‏.‏