فصل: بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي الْفَتْحِ وَالْإِمَالَةِ وَبَيْنَ اللَّفْظَيْنِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النشر في القراءات العشر ***


بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي الْفَتْحِ وَالْإِمَالَةِ وَبَيْنَ اللَّفْظَيْنِ

‏[‏تَعْرِيفُ الْفَتْحُ‏]‏

وَالْفَتْحُ هُنَا عِبَارَةٌ عَنْ فَتْحِ الْقَارِئِ لِفِيهِ بِلَفْظِ الْحَرْفِ وَهُوَ فِيمَا بَعْدَهُ أَلِفٌ أَظْهَرُ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا التَّفْخِيمُ، وَرُبَّمَا قِيلَ لَهُ النَّصْبُ‏.‏

‏[‏أَقْسَامُ الْفَتْحُ‏]‏

وَيَنْقَسِمُ إِلَى فَتْحٍ شَدِيدٍ وَفَتْحٍ مُتَوَسِّطٍ‏.‏ فَالشَّدِيدُ هُوَ نِهَايَةُ فَتْحِ الشَّخْصِ فَمَهُ بِذَلِكَ الْحَرْفِ‏.‏

وَلَا يَجُوزُ فِي الْقُرْآنِ بَلْ هُوَ مَعْدُومٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ‏.‏ وَإِنَّمَا يُوجَدُ فِي لَفْظِ عَجَمِ الْفُرْسِ وَلَا سِيَّمَا أَهْلُ خُرَاسَانَ‏.‏ وَهُوَ الْيَوْمَ فِي أَهْلِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ أَيْضًا، وَلَمَّا جَرَتْ طِبَاعُهُمْ عَلَيْهِ فِي لُغَتِهِمُ اسْتَعْمَلُوهُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَجَرُوا عَلَيْهِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُمْ، وَانْتَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُمْ حَتَّى فَشَا فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فِي الْقِرَاءَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَئِمَّتُنَا وَهَذَا هُوَ التَّفْخِيمُ الْمَحْضُ‏.‏ وَمِمَّنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا الْفَتْحِ الْمَحْضِ الْأُسْتَاذُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُوَضِّحِ قَالَ‏:‏ وَالْفَتْحُ الْمُتَوَسِّطُ هُوَ مَا بَيْنَ الْفَتْحِ الشَّدِيدِ وَالْإِمَالَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَهَذَا الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ أَصْحَابُ الْفَتْحِ مِنَ الْقُرَّاءِ انْتَهَى‏.‏ وَيُقَالُ لَهُ التَّرْقِيقُ، وَقَدْ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا التَّفْخِيمُ، بِمَعْنَى أَنَّهُ ضِدُّ الْإِمَالَةِ‏.‏

‏[‏تَعْرِيفُ الْإِمَالَةِ‏]‏

وَالْإِمَالَةُ أَنْ تَنْحُوَ بِالْفَتْحَةِ نَحْوَ الْكَسْرَةِ وَبِالْأَلِفِ نَحْوَ الْيَاءِ كَثِيرًا وَهُوَ الْمَحْضُ‏.‏ وَيُقَالُ لَهُ‏:‏ الْإِضْجَاعُ، وَيُقَالُ لَهُ‏:‏ الْبَطْحُ، وَرُبَّمَا قِيلَ لَهُ الْكَسْرُ أَيْضًا وَقَلِيلًا وَهُوَبَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا التَّقْلِيلُ وَالتَّلْطِيفُ وَبَيْنَ بَيْنَ‏.‏

‏[‏أَقْسَامُ الْإِمَالَةِ‏]‏

فَهِيَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَنْقَسِمُ أَيْضًا إِلَى قِسْمَيْنِ إِمَالَةٌ شَدِيدَةٌ وَإِمَالَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ فِي الْقِرَاءَةِ جَارٍ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ‏.‏

وَالْإِمَالَةُ الشَّدِيدَةُ يُجْتَنَبُ مَعَهَا الْقَلْبُ الْخَالِصُ وَالْإِشْبَاعُ الْمُبَالَغُ فِيهِ وَالْإِمَالَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الْفَتْحِ الْمُتَوَسِّطِ وَبَيْنَ الْإِمَالَةِ الشَّدِيدَةِ‏.‏ قَالَ الدَّانِيُّ‏:‏ وَالْإِمَالَةُ وَالْفَتْحُ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فَاشِيَتَانِ عَلَى أَلْسِنَةِ الْفُصَحَاءِ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهِمْ‏.‏ فَالْفَتْحُ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ‏.‏

وَالْإِمَالَةُ لُغَةُ عَامَّةِ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ تَمِيمٍ وَأَسْدٍ وَقَيْسٍ قَالَ‏:‏ وَعُلَمَاؤُنَا مُخْتَلِفُونَ فِي أَيٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ، أَوْجَهُ وَأَوْلَى، قَالَ‏:‏ وَأَخْتَارُ الْإِمَالَةَ الْوُسْطَى الَّتِي هِيَ بَيْنَ بَيْنَ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْإِمَالَةِ حَاصِلٌ بِهَا وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ أَصْلَ الْأَلِفِ الْيَاءُ، أَوِ التَّنْبِيهُ عَلَى انْقِلَابِهَا إِلَى الْيَاءِ فِي مَوْضِعٍ، أَوْ مُشَاكَلَتِهَا لِلْكَسْرِ الْمُجَاوِرِ لَهَا، أَوِ الْيَاءِ‏.‏ ثُمَّ أَسْنَدَ حَدِيثَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِلُحُونِ الْعَرَبِ وَأَصْوَاتِهَا وَإِيَّاكُمْ وَلُحُونَ أَهْلِ الْفِسْقِ وَأَهْلِ الْكِتَابَيْنِ قَالَ‏:‏ فَالْإِمَالَةُ لَا شَكَّ مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ وَمِنْ لُحُونِ الْعَرَبِ وَأَصْوَاتِهَا‏.‏ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ‏.‏ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْأَلِفَ وَالْيَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءٌ قَالَ‏:‏ يَعْنِي بِالْأَلِفِ وَالْيَاءِ التَّفْخِيمَ وَالْإِمَالَةَ‏.‏ وَأَخْبَرَنِي شَيْخُنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُقْرِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ‏.‏ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّقِّيُّ الْمُقْرِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ‏.‏ أَخْبَرَنَا الشِّهَابُ مُحَمَّدُ بْنُ مُزْهِرٍ الْمُقْرِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ الْمُقْرِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ دَاوُدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُلَاعِبٍ ح وَقَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِزِّيِّ أَنْبَأَكَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُلَاعِبٍ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّهْرُزُورِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَيُّوبَ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَذِّنُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الصَّوَّافُ؛ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ؛ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدَانَ الضَّرِيرُ الْمُقْرِيُّ؛ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّرِيرُ الْكُوفِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ‏:‏ قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ‏{‏طه‏}‏ وَلَمْ يَكْسِرْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏طه‏}‏ وَكَسَرَ الطَّاءَ وَالْهَاءَ، فَقَالَ الرَّجُلُ‏:‏ ‏{‏طه‏}‏ وَلَمْ يَكْسِرْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏طه‏}‏ وَكَسَرَ الطَّاءَ وَالْهَاءَ فَقَالَ الرَّجُلُ‏:‏ ‏{‏طه‏}‏ وَلَمْ يَكْسِرْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏طه‏}‏ وَكَسَرَ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَاللَّهِ لَهَكَذَا عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ مُسَلْسَلٌ بِالْقُرَّاءِ‏.‏ وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي تَارِيخِ الْقُرَّاءِ عَنْ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ فَذَكَرَهُ‏.‏ وَأَبُو عَاصِمٍ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا الْمَكْفُوفُ وَيُعْرَفُ بِالْمَسْجِدِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ شَيْخُهُ هُوَ الْعَزْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ مِنْ شُيُوخِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، ذَهَبَتْ كُتُبُهُ فَكَانَ يُحَدِّثُ مَنْ حِفْظِهِ فَأَتَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَبَاقِي رِجَالُ إِسْنَادِهِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَئِمَّتُنَا فِي كَوْنِ الْإِمَالَةِ فَرْعًا عَنِ الْفَتْحِ، أَوْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَصْلٌ بِرَأْسِهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ صَحِيحَتَانِ نَزَلَ بِهِمَا الْقُرْآنُ‏.‏ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَصَالَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَدَمِ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْآخَرِ‏.‏ وَكَذَلِكَ التَّفْخِيمُ وَالتَّرْقِيقُ وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ إِمَالَةً إِلَّا بِسَبَبٍ فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ فَتْحٌ وَلَا تَفْخِيمٌ إِلَّا بِسَبَبٍ‏.‏ قَالُوا‏:‏ وَوُجُودُ السَّبَبِ لَا يَقْتَضِي الْفَرْعِيَّةَ وَلَا الْأَصَالَةَ‏.‏ وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ إِنَّ الْفَتْحَ هُوَ الْأَصْلُ وَإِنَّ الْإِمَالَةَ فَرْعٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِمَالَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا عِنْدَ وُجُودِ سَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ فَإِنْ فُقِدَ سَبَبٌ مِنْهَا لَزِمَ الْفَتْحُ وَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا جَازَ الْفَتْحُ وَالْإِمَالَةُ فَمَا مِنْ كَلِمَةٍ تُمَالُ إِلَّا وَفِي الْعَرَبِ مَنْ يَفْتَحُهَا وَلَا يُقَالُ‏:‏ كُلُّ كَلِمَةٍ تُفْتَحُ فَفِي الْعَرَبِ مَنْ يُمِيلُهَا‏.‏ قَالُوا‏:‏ فَاسْتَدْلَلْنَا بِاطِّرَادِ الْفَتْحِ وَتَوَقُّفِ الْإِمَالَةِ عَلَى أَصَالَةِ الْفَتْحِ وَفَرْعِيَّةِ الْإِمَالَةِ‏.‏ قَالُوا‏:‏ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْإِمَالَةَ تُصَيِّرُ الْحَرْفَ بَيْنَ حَرْفَيْنِ بِمَعْنَى أَنَّ الْأَلِفَ الْمُمَالَةَ بَيْنَ الْأَلِفِ الْخَالِصَةِ وَالْيَاءِ‏.‏ وَكَذَلِكَ الْفَتْحَةُ الْمُمَالَةُ بَيْنَ الْفَتْحَةِ الْخَالِصَةِ وَالْكَسْرَةِ، وَالْفَتْحُ يُبْقِي الْأَلِفَ وَالْفَتْحَةَ عَلَى أَصْلِهِمَا قَالُوا‏:‏ فَلَزِمَ أَنَّ الْفَتْحَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْإِمَالَةَ فَرْعٌ قُلْتُ‏:‏ وَلِكُلٍّ مِنَ الرَّأْيَيْنِ وَجْهٌ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ التَّرْجِيحِ‏.‏ فَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَلْيُعْلَمْ أَنَّ لِلْإِمَالَةِ أَسْبَابًا وَوُجُوهًا وَفَائِدَةً وَمَنْ يُمِيلُ وَمَا يُمَالُ‏.‏

‏[‏أَسْبَابُ الْإِمَالَةِ‏]‏

فَأَسْبَابُ الْإِمَالَةِ قَالُوا‏:‏ هِيَ عَشَرَةٌ تَرْجِعُ إِلَى شَيْئَيْنِ‏:‏

أَحَدُهُمَا الْكَسْرَةُ‏.‏

وَالثَّانِي الْيَاءُ‏.‏

وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ مُتَقَدِّمًا عَلَى مَحَلِّ الْإِمَالَةِ مِنَ الْكَلِمَةِ وَيَكُونُ مُتَأَخِّرًا وَيَكُونُ أَيْضًا مُقَدَّرًا فِي مَحَلِّ الْإِمَالَةِ، وَقَدْ تَكُونُ الْكَسْرَةُ وَالْيَاءُ غَيْرَ مَوْجُودَتَيْنِ فِي اللَّفْظِ وَلَا مُقَدَّرَتَيْنِ مَحَلَّ الْإِمَالَةِ وَلَكِنَّهُمَا مِمَّا يَعْرِضُ فِي بَعْضِ تَصَارِيفِ الْكَلِمَةِ، وَقَدْ تُمَالُ الْأَلِفُ، أَوِ الْفَتْحَةُ لِأَجْلِ أَلِفٍ أُخْرَى، أَوْ فَتْحَةٍ أُخْرَى مُمَالَةٍ وَتُسَمَّى هَذِهِ إِمَالَةٌ لِأَجْلِ إِمَالَةٍ، وَقَدْ تُمَالُ الْأَلِفُ تَشْبِيهًا بِالْأَلِفِ الْمُمَالَةِ قُلْتُ‏:‏ وَتُمَالُ أَيْضًا بِسَبَبِ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَلِلْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْحَرْفِ فَتَبَعِ الْأَسْبَابِ اثْنَيْ عَشَرَ سَبَبًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ كَسْرَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَلْيُعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْكَسْرَةُ مُلَاصِقَةً لِلْأَلِفِ إِذْ لَا تَثْبُتُ الْأَلِفُ إِلَّا بَعْدَ فَتْحَةٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْصُلَ بَيْنَ الْكَسْرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْأَلِفِ الْمُمَالَةِ فَاصِلٌ وَأَقَلُّهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ مَفْتُوحٌ نَحْوَ كِتَابٍ وَحِسَابٍ وَهَذَا الْفَاصِلُ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِاعْتِبَارِ الْأَلِفِ فَأَمَّا الْفَتْحَةُ الْمُمَالَةُ فَلَا فَاصِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَسْرَةِ‏.‏ وَالْفَتْحَةُ مَبْدَأُ الْأَلِفِ وَمَبْدَأُ الشَّيْءِ جُزْءٌ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْأَلِفِ وَالْكَسْرَةِ حَائِلٌ، وَقَدْ يَكُونُ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْأَلِفِ وَالْكَسْرَةِ حَرْفَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ، أَوَّلُهُمَا سَاكِنًا، أَوْ يَكُونَا مَفْتُوحَيْنِ وَالثَّانِي هَاءٌ نَحْوَ إِنْسَانٍ وَيَضْرِبُهَا مِنْ أَجْلِ خَفَاءِ الْهَاءِ وَكَوْنِ السَّاكِنِ حَاجِزًا غَيْرَ حَصِينٍ فَكَأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الْمَعْدُومِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْكَسْرَةِ وَالْأَلِفِ إِلَّا حَرْفٌ وَاحِدٌ‏.‏ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ أَمَالَ مَرَرْتُ بِهَا كَانَتِ الْكَسْرَةُ عِنْدَ الْأَلِفِ فِي الْحُكْمِ‏.‏ وَإِنْ فُصِلَتِ الْهَاءُ فِي اللَّفْظِ‏.‏ وَأَمَّا إِمَالَتُهُمْ دِرْهَمَانِ فَقِيلَ مِنْ أَجْلِ الْكَسْرَةِ قَبْلُ، وَلَمْ يُعْتَدَّ بِالْحَرْفَيْنِ الْفَاصِلَيْنِ‏.‏ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ أَجْلِ الْكَسْرَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا الْيَاءُ الْمُتَقَدِّمَةُ، فَقَدْ تَكُونُ مُلَاصِقَةً لِلْأَلِفِ الْمُمَالَةِ نَحْوَ إِمَالَةِ‏:‏ أَيَّامًا، وَالْحَيَاةَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ‏:‏ السَّيَّالُ بِفَتْحِ السِّينِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ لَهُ شَوْكٌ وَهِيَ مِنَ الْعِضَاهِ، وَقَدْ يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا بِحَرْفٍ نَحْوَ‏:‏ شَيْبَانَ‏.‏ وَقَدْ يُفْصَلُ بِحَرْفَيْنِ أَحَدُهُمَا الْهَاءُ نَحْوَ‏:‏ يَدِهَا‏.‏ وَقَدْ يَكُونُ الْفَاصِلُ غَيْرَ ذَلِكَ نَحْوَ رَأَيْتُ يَدَنَا‏.‏

وَأَمَّا الْإِمَالَةُ مِنْ أَجْلِ الْكَسْرَةِ بَعْدَ الْأَلِفِ الْمُمَالَةِ نَحْوَ‏:‏ عَابِدٍ‏.‏ وَقَدْ تَكُونُ الْكَسْرَةُ عَارِضَةً نَحْوَ ‏{‏مِنَ النَّاسِ‏}‏، ‏{‏وَفِي النَّارِ‏}‏ لِأَنَّ حَرَكَةَ الْإِعْرَابِ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ الْيَاءِ بَعْدَ الْأَلِفِ الْمُمَالَةِ فَنَحْوَ‏:‏ مُبَايِعٍ‏.‏

وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ الْكَسْرَةِ الْمُقَدَّرَةِ فِي الْمَحَلِّ الْمُمَالِ فَنَحْوَ‏:‏ خَافَ‏.‏ أَصْلُهُ‏:‏ خَوِفَ بِكَسْرِ عَيْنِ الْكَلِمَةِ وَهِيَ الْوَاوُ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ الْيَاءِ الْمُقَدَّرَةِ فِي الْمَحَلِّ الْمُمَالِ فَنَحْوَ‏:‏ ‏{‏يَخْشَى‏}‏، وَ‏{‏الْهُدَى‏}‏، وَ‏{‏أَتَى‏}‏، وَ‏{‏الثَّرَى‏}‏ تَحَرَّكَتِ الْيَاءُ فِي ذَلِكَ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ كَسْرَةٍ تَعْرِضُ فِي بَعْضِ أَحْوَالِ الْكَلِمَةِ فَنَحْوَ‏:‏ طَابَ، وَجَاءَ، وَشَاءَ، وَزَادَ‏.‏ لِأَنَّ الْفَاءَ تُكْسَرُ مِنْ ذَلِكَ إِذَا اتَّصَلَ بِهَا الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ وَنُونِ جَمَاعَةِ الْإِنَاثِ فَتَقُولُ‏:‏ طِبْتُ، وَجِئْتُ، وَشِئْتُ، وَزِدْتُ‏.‏ وَهَذَا قَوْلُ سِيِبَوَيْهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ‏:‏ إِنَّ الْإِمَالَةَ فِيهِ لَيْسَتْ بِسَبَبٍ أَنَّ الْأَلِفَ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ وَلَكِنْ إِذَا أَطْلَقُوا الْمُنْقَلِبَ عَنْ يَاءٍ، أَوْ وَاوٍ فِي هَذَا الْبَابِ فَلَا يُرِيدُونَ إِلَّا الْمُتَطَرِّفَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ يَاءٍ تَعْرِضُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَنَحْوَ‏:‏ تَلَا وَغَزَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَلِفَ فِيهِمَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوِ التِّلَاوَةِ وَالْغَزْوِ، وَإِنَّمَا أَمُيِلَتْ فِي لُغَةِ مَنْ أَمَالَهَا لِأَنَّكَ تَقُولُ إِذَا بَنَيْتَ الْفِعْلَ لِلْمَفْعُولِ‏:‏ تُلِيَ وَغُزِيَ مَعَ بَقَاءِ عِدَّةِ الْحُرُوفِ كَمَا كَانَتْ حِينَ بَنَيْتَ الْفِعْلَ لِلْفَاعِلِ وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ الْإِمَالَةِ فَنَحْوَ إِمَالَةِ‏:‏ تَرَاءَ أَمَالُوا الْأَلِفَ الْأُولَى مِنْ أَجْلِ إِمَالَةِ الْأَلِفِ الثَّانِيَةِ الْمُنْقَلِبَةِ عَنِ الْيَاءِ، وَقَالُوا‏:‏ رَأَيْتُ عِمَادًا فَأَمَالُوا الْأَلِفَ الْمُبَدْلَةَ مِنَ التَّنْوِينِ لِأَجْلِ إِمَالَةِ الْأَلِفِ الْأُولَى الْمُمَالَةِ لِأَجْلِ الْكَسْرَةِ وَقِيلَ فِي إِمَالَةِ ‏{‏الضُّحَى‏}‏، وَ‏{‏الْقُوَى‏}‏، وَ‏{‏ضُحَاهَا‏}‏، وَ‏{‏تَلَاهَا‏}‏ إِنَّهَا بِسَبَبِ إِمَالَةِ رُءُوسِ الْآيِ قَبْلُ، وَبَعْدُ فَكَانَتْ مِنَ الْإِمَالَةِ لِلْإِمَالَةِ‏.‏ وَمِنْ ذَلِكَ إِمَالَةُ قُتَيْبَةَ عَنِ الْكِسَائِيِّ الْأَلِفَ بَعْدَ النُّونِ مِنْ‏:‏ ‏{‏إِنَّا لِلَّهِ‏}‏ لِإِمَالَةِ الْأَلِفِ مِنَ ‏{‏اللَّهِ‏}‏ وَلَمْ يُمِلْ ‏{‏وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ‏}‏ لِعَدَمِ ذَلِكَ بَعْدَهُ وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ الشَّبَهِ فَإِمَالَةُ أَلِفِ التَّأْنِيثِ فِي نَحْوِ ‏{‏الْحُسْنَى‏}‏ وَأَلِفِ الْإِلْحَاقِ فِي نَحْوِ‏:‏ أَرْطَى؛ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ‏:‏ مَأْرَطٌ لِشِبْهِ أَلِفَيْهِمَا بِأَلِفِ ‏{‏الْهُدَى‏}‏ الْمُنْقَلِبَةِ عَنِ الْيَاءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ‏:‏ بِأَنَّ الْأَلِفَ تَنْقَلِبُ يَاءً فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَذَلِكَ إِذَا ثَنَّيْتَ قُلْتَ‏:‏ الْحُسْنَيَانِ وَالْأَرْطَيَانِ، وَيَكُونُ الشَّبَهُ أَيْضًا بِالْمُشَبَّهِ بِالْمُنْقَلِبِ عَنِ الْيَاءِ كَإِمَالَتِهِمْ‏:‏ مُوسَى وَعِيسَى، فَإِنَّهُ أُلْحِقَ بِأَلِفِ التَّأْنِيثِ الْمُشَبَّهَةِ بِأَلِفِ الْهُدَى، وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَكَإِمَالَتِهِمُ الْحَجَّاجَ عَلَمًا لِكَثْرَتِهِ فِي كَلَامِهِمْ، ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ إِمَالَةُ ‏{‏النَّاسِ‏}‏ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ رَوَاهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي لُغَتِهِمْ لِكَثْرَةِ دَوْرِهِ‏.‏ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ‏:‏ إِنَّ أَلِفَ ‏{‏النَّاسِ‏}‏ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ‏.‏ وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ الْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْحَرْفِ فَقَالَ‏:‏ سِيبَوَيْهِ، وَقَالُوا‏:‏ بَاءٌ وَتَاءٌ فِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ يَعْنِي بِالْإِمَالَةِ لِأَنَّهَا أَسْمَاءُ مَا يُلْفَظُ بِهِ فَلَيْسَتْ مِثْلَ مَا وَلَا، وَغَيْرِهَا مِنَ الْحُرُوفِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى السُّكُونِ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏ قُلْتُ‏:‏ وَبِهَذَا السَّبَبِ أُمِيلَ مَا أُمِيلَ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ فِي الْفَوَاتِحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏[‏وُجُوهُ الْإِمَالَةِ‏]‏

وَأَمَّا وُجُودُ الْإِمَالَةِ فَأَرْبَعَةٌ تَرْجِعُ إِلَى الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ، أَصْلُهَا اثْنَانِ وَهُمَا الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِشْعَارُ فَأَمَّا الْمُنَاسَبَةُ فَقِسْمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ فِيمَا أُمِيلَ لِسَبَبٍ مَوْجُودٍ فِي اللَّفْظِ، وَفِيمَا أُمِيلَ لِإِمَالَةِ غَيْرِهِ فَأَرَادُوا أَنْ يَكُونَ عَمَلُ اللِّسَانِ وَمُجَاوَرَةُ النُّطْقِ بِالْحَرْفِ الْمُمَالِ وَبِسَبَبِ الْإِمَالَةِ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَعَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ‏.‏ وَأَمَّا الْإِشْعَارُ فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا الْإِشْعَارُ بِالْأَصْلِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْأَلِفُ الْمُمَالَةُ مُنْقَلِبَةً عَنْ يَاءٍ، أَوْ عَنْ وَاوٍ مَكْسُورَةٍ الثَّانِي‏:‏ الْإِشْعَارُ بِمَا يَعْرِضُ فِي الْكَلِمَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ ظُهُورِ كَسْرَةٍ، أَوْ يَاءٍ حَسْبَمَا تَقْتَضِيهِ التَّصَارِيفُ دُونَ الْأَصْلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَزَا وَطَابَ الثَّالِثُ‏:‏ الْإِشْعَارُ بِالشَّبَهِ الْمُشْعِرِ بِالْأَصْلِ، وَذَلِكَ كَإِمَالَةِ أَلِفِ التَّأْنِيثِ وَالْمُلْحَقِ بِهَا وَالْمُشَبَّهِ أَيْضًا‏.‏

‏[‏فَائِدَةُ الْإِمَالَةِ‏]‏

وَأَمَّا فَائِدَةُ الْإِمَالَةِ فَهِيَ سُهُولَةُ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللِّسَانَ يَرْتَفِعُ بِالْفَتْحِ وَيَنْحَدِرُ بِالْإِمَالَةِ وَالِانْحِدَارُ أَخَفُّ عَلَى اللِّسَانِ مِنَ الِارْتِفَاعِ؛ فَلِهَذَا أَمَالَ مَنْ أَمَالَ، وَأَمَّا مَنْ فَتَحَ فَإِنَّهُ رَاعَى كَوْنَ الْفَتْحِ أَمْتَنَ، أَوِ الْأَصْلَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

إِذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَإِنَّ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيَّ وَخَلَفًا أَمَالُوا كُلَّ أَلِفٍ مُنْقَلِبَةٍ عَنْ يَاءٍ حَيْثُ وَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي اسْمٍ أَوْ فِعْلٍ، فَالْأَسْمَاءُ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏الْهُدَى‏}‏، وَ‏{‏الْهَوَى‏}‏، وَ‏{‏الْعَمَى‏}‏، وَ‏{‏الزِّنَا‏}‏، ‏{‏وَمَأْوَاهُ‏}‏، ‏{‏وَمَأْوَاكُمْ‏}‏، وَ‏{‏مَثْوَاهُ‏}‏، وَ‏{‏مَثْوَاكُمْ‏}‏ وَنَحْوَ ‏{‏الْأَدْنَى‏}‏، وَ‏{‏الْأَزْكَى‏}‏، وَ‏{‏الْأَعْلَى‏}‏، وَ‏{‏الْأَشْقَى‏}‏، وَ‏{‏مُوسَى‏}‏، وَ‏{‏عِيسَى‏}‏، وَ‏{‏يَحْيَى‏}‏ وَالْأَفْعَالُ نَحْو ‏{‏أَتَى‏}‏ وَ‏{‏أَبَى‏}‏، وَ‏{‏سَعَى‏}‏، وَ‏{‏يَخْشَى‏}‏، وَ‏{‏يَرْضَى‏}‏، وَ‏{‏فَسَوَّى‏}‏، وَ‏{‏اجْتَبَى‏}‏، وَ‏{‏اسْتَعْلَى‏}‏ وَتُعْرَفُ ذَوَاتُ الْيَاءِ مِنَ الْأَسْمَاءِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَمِنَ الْأَفْعَالِ بِرَدِّ الْفِعْلِ إِلَيْكَ فَإِذَا ظَهَرَتِ الْيَاءُ فَهِيَ أَصْلُ الْأَلِفِ وَإِنْ ظَهَرَتِ الْوَاوُ فَهِيَ الْأَصْلُ أَيْضًا فَتَقُولُ فِي الْيَائِيِّ مِنَ الْأَسْمَاءِ‏:‏ كَالْمَوْلَى وَالْفَتَى وَالْهُدَى وَالْهَوَى وَالْعَمَى وَالْمَأْوَى- مَوْلَيَانِ وَفَتَيَانِ وَهُدَيَانِ وَهَوَيَانِ وَعَمَيَانِ وَمَأْوَيَانِ وَفِي الْوَاوِيِّ؛ مِنْهَا كَالصَّفَا وَشَفَا وَسَنَا وَأَبَا وَعَصَا- صَفَوَانِ وَشَفَوَانِ وَسَنَوَانِ، وَأَبَوَانِ وَعَصَوَانِ، وَكَذَلِكَ أَدْنَيَانِ وَأَزْكَيَانِ وَالْأَشْقَيَانِ وَالْأَعْلَيَانِ، وَتَقُولُ فِي الْيَائِيِّ مِنَ الْأَفْعَالِ فِي نَحْوِ‏:‏ أَتَى وَرَمَى وَسَعَى وَعَسَى وَأَبَى وَارْتَضَى وَاشْتَرَى وَاسْتَعْلَى- أَتَيْتُ وَرَمَيْتُ وَسَعَيْتُ وَعَسَيْتُ وَأَبَيْتُ وَارْتَضَيْتُ وَاشْتَرَيْتُ وَاسْتَعْلَيْتُ‏.‏ وَفِي الْوَاوِ مِنْهَا فِي نَحْوِ‏:‏ دَعَا وَدَنَا وَعَفَا وَعَلَا وَبَدَا وَخَلَا- دَعَوْتُ وَدَنَوْتُ وَعَفَوْتُ وَعَلَوْتُ وَبَدَوْتُ وَخَلَوْتُ إِلَّا إِذَا زَادَ الْوَاوِيُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ يَائِيًّا وَيُعْتَبَرُ بِالْعَلَامَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَذَلِكَ كَالزِّيَادَةِ فِي الْفِعْلِ بِحُرُوفِ الْمُضَارَعَةِ وَآلَةِ التَّعْدِيَةِ، وَغَيْرِهِ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏تَرْضَى‏}‏، وَ‏{‏تُدْعَى‏}‏، وَ‏{‏تَبْلَى‏}‏، وَ‏{‏يُدْعَى‏}‏، وَ‏{‏يُتْلَى‏}‏، وَ‏{‏يَزَّكَّى‏}‏، وَ‏{‏زَكَّاهَا‏}‏، وَ‏{‏تَزَكَّى‏}‏، وَ‏{‏نَجَّانَا‏}‏، ‏{‏فَأَنْجَاهُ‏}‏، وَ‏{‏إِذَا تُتْلَى‏}‏، وَ‏{‏تَجَلَّى‏}‏، ‏{‏فَمَنِ اعْتَدَى‏}‏، ‏{‏فَتَعَالَى اللَّهُ‏}‏، ‏{‏مَنِ اسْتَعْلَى‏}‏ وَمِنْ ذَلِكَ أَفْعَلُ فِي الْأَسْمَاءِ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَدْنَى‏}‏، وَ‏{‏أَرْبَى‏}‏، وَ‏{‏أَزْكَى‏}‏، وَ‏{‏أَعْلَى‏}‏ لِأَنَّ لَفْظَ الْمَاضِي مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ تَظْهَرُ فِيهِ الْيَاءُ إِذَا رَدَدْتَ الْفِعْلَ إِلَى نَفْسِكِ نَحْوَ‏:‏ زَكَّيْتُ، وَأَنْجَيْتُ، وَابْتَلَيْتُ، وَأَمَّا فِيمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ نَحْوَ‏:‏ يُعَدَّى فَلِظُهُورِ الْيَاءِ فِي‏:‏ دُعِيتُ، وَيُدْعَيَانِ، فَظَهَرَ أَنَّ الثُّلَاثِيَّ الْمَزِيدَ يَكُونُ اسْمًا نَحْوَ‏:‏ أَدْنَى، وَفِعْلًا مَاضِيًا نَحْوَ‏:‏ ابْتَلَى، وَأَنْجَى، وَمُضَارِعًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ نَحْوَ يَرْضَى وَلِلْمَفْعُولِ نَحْوَ‏:‏ تُدْعَى‏.‏ وَكَذَلِكَ يُمِيلُونَ كُلَّ أَلِفِ تَأْنِيثٍ جَاءَتْ مِنْ فَعْلَى مَفْتُوحِ الْفَاءِ، أَوْ مَضْمُومِهَا، أَوْ مَكْسُورِهَا نَحْوَ‏:‏ مَوْتَى، وَمَرْضَى، وَالسَّلْوَى وَالتَّقْوَى، وَشَتَّى، وَطُوبَى، وَبُشْرَى، وَقُصْوَى، وَالدُّنْيَا، وَالْقُرْبَى، وَالْأُنْثَى، وَإِحْدَى، وَذِكْرَى، وَسِيمَا، وَضِيزَى، وَأَلْحَقُوا بِذَلِكَ يَحْيَى، وَمُوسَى، وَعِيسَى؛ وَكَذَلِكَ يُمِيلُونَ مِنْهَا مَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فُعَالَى مَضْمُومَ الْفَاءِ، أَوْ مَفْتُوحَهَا نَحْوَ‏:‏ أُسَارَى، وَكُسَالَى، وَسُكَارَى، وَفُرَادَى، وَيَتَامَى، وَنَصَارَى، وَالْأَيَامَى وَالْحَوَايَا، وَكَذَلِكَ أَمَالُوا مَا رُسِمَ فِي الْمَصَاحِفِ بِالْيَاءِ نَحْوَ‏:‏ مَتَى، وَبَلَى، وَيَا أَسَفَى وَيَا وَيْلَتَى، وَيَا حَسْرَتَى، وَأَنَّى، وَهِيَ لِلِاسْتِفْهَامِ نَحْو ‏{‏أَنَّى شِئْتُمْ‏}‏، ‏{‏أَنَّى ذَلِكَ‏}‏ وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ‏:‏ ‏{‏حَتَّى‏}‏، وَ‏{‏إِلَى‏}‏، وَ‏{‏عَلَى‏}‏، وَ‏{‏لَدَى‏}‏، وَ‏{‏مَا زَكَى مِنْكُمْ‏}‏ فَلَمْ يُمِيلُوهُ‏.‏ وَكَذَلِكَ أَمَالُوا أَيْضًا مِنَ الْوَاوِيِّ مَا كَانَ مَكْسُورَ الْأَوَّلِ، أَوْ مَضْمُومَهُ وَهُوَ ‏{‏الرِّبَا‏}‏ كَيْفَ وَقَعَ وَ‏{‏الضُّحَى‏}‏ كَيْفَ جَاءَ، وَ‏{‏الْقُوَى‏}‏، وَ‏{‏الْعُلَى‏}‏ فَقِيلَ لِأَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُثَنِّي مَا كَانَ كَذَلِكَ بِالْيَاءِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ فَيَقُولُ‏:‏ رِبَيَانِ وَضُحَيَانِ، فِرَارًا مِنَ الْوَاوِ إِلَى الْيَاءِ لِأَنَّهَا أَخَفُّ حَيْثُ ثَقُلَتِ الْحَرَكَاتُ بِخِلَافِ الْمَفْتُوحِ الْأَوَّلِ‏.‏ وَقَالَ مَكِّيٌّ‏:‏ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ أَنْ يُثَنُّوا مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ مَضْمُومَ الْأَوَّلِ، أَوْ مَكْسُورَهُ بِالْيَاءِ قُلْتُ‏:‏ وَقَوَّى هَذَا السَّبَبَ سَبَبٌ آخَرُ وَهُوَ الْكَسْرَةُ قَبْلَ الْأَلِفِ فِي ‏{‏الرِّبَا‏}‏ وَكَوْنُ ‏{‏الضُّحَى‏}‏، ‏{‏وَضُحَاهَا‏}‏، وَ‏{‏الْقُوَى‏}‏، وَ‏{‏الْعُلَى‏}‏ رَأْسَ آيَةٍ‏.‏ فَأُمِيلَ لِلتَّنَاسُبِ وَالسُّوَرُ الْمُمَالُ رُءُوسُ آيِهَا بِالْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ لِلْبِنَاءِ عَلَى نَسَقٍ هِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ سُورَةً وَهِيَ طه وَالنَّجْمِ، وَسَأَلَ سَائِلٌ، وَالْقِيَامَةِ، وَالنَّازِعَاتِ، وَعَبَسَ، وَالْأَعْلَى، وَالشَّمْسِ، وَاللَّيْلِ، وَالضُّحَى، وَالْعَلَقِ، وَاخْتَصَّ الْكِسَائِيُّ دُونَ حَمْزَةَ وَخَلَفٍ، مِمَّا تَقَدَّمَ بِإِمَالَةِ ‏{‏أَحْيَاكُمْ‏}‏، وَ‏{‏فَأَحْيَا بِهِ‏}‏، وَ‏{‏أَحْيَاهَا‏}‏ حَيْثُ وَقَعَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَنْسُوقًا، أَوْ نُسِقَ بِالْفَاءِ حَسْبُ، وَبِإِمَالَةِ‏:‏ خَطَايَا حَيْثُ وَقَعَ بِنَحْوِ‏:‏ ‏{‏خَطَايَاكُمْ‏}‏، وَ‏{‏خَطَايَاهُمْ‏}‏، وَ‏{‏خَطَايَانَا‏}‏ وَبِإِمَالَةِ ‏{‏مَرْضَاةِ‏}‏، وَ‏{‏مَرْضَاتِي‏}‏ حَيْثُ وَقَعَ وَبِإِمَالَةِ ‏{‏حَقَّ تُقَاتِهِ‏}‏ فِي الْكَهْفِ ‏{‏وَآتَانِيَ الْكِتَابَ‏}‏ فِي مَرْيَمَ ‏{‏وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ‏}‏ فِيهَا وَ‏{‏آتَانِيَ اللَّهُ‏}‏ فِي النَّمْلِ وَ‏{‏مَحْيَاهُمْ‏}‏ فِي الْجَاثِيَةِ وَ‏{‏دَحَاهَا‏}‏ فِي النَّازِعَاتِ وَ‏{‏تَلَاهَا‏}‏، وَ‏{‏طَحَاهَا‏}‏ فِي الشَّمْسِ وَ‏{‏سَجَى‏}‏ فِي وَالضُّحَى‏.‏ وَاتَّفَقَ مَعَ حَمْزَةَ وَخَلَفٍ، عَلَى إِمَالَةِ ‏{‏وَأَحْيَى‏}‏ وَهُوَ فِي سُورَةِ النَّجْمِ لِكَوْنِهِ مَنْسُوقًا بِالْوَاوِ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ‏.‏ وَانْفَرَدَ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ الْحَسَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ عَنْ خَلَفٍ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ خَلَّادٍ كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمٍ عَنْ حَمْزَةَ بِإِجْرَاءِ ‏{‏يَحْيَى‏}‏ مُجْرَى ‏{‏أَحْيَا‏}‏ فَفَتَحَهُ عَنْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَنْسُوقًا بِوَاوٍ وَهُوَ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَحْيَى‏}‏ فِي طه وَسَبِّحِ‏.‏ وَبِذَلِكَ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى فَارِسٍ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي الْمَذْكُورِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ فَارِسٍ عَنْ أَبِيهِ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالْوَجْهَيْنِ، وَقَالَ‏:‏ إِنَّ عَبْدَ الْبَاقِي بْنَ الْحَسَنِ الْخُرَاسَانِيَّ نَصَّ بِالْفَتْحِ عَنْ خَلَفٍ قَالَ‏:‏ وَبِهِ قَرَأْتُ، وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي طه وَالنَّجْمِ وَهُوَ سَهْوُ قَلَمٍ، صَوَابُهُ طه وَسَبِّحِ‏.‏ فَإِنَّ حَرْفَ النَّجْمِ مَاضٍ وَهُوَ بِالْوَاوِ وَلَيْسَ لَهُ نَظِيرُ حَرْفِ طه- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَاتَّفَقَ الْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ، عَلَى إِمَالَةِ الرُّؤْيَا الْمَعْرُوفِ بِاللَّامِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ فِي يُوسُفَ وَسُبْحَانَ وَالصَّافَّاتِ وَالْفَتْحِ إِلَّا أَنَّ مَوَاضِعَ سُبْحَانَ يُمَالُ فِي الْوَقْفِ فَقَطْ مِنْ أَجْلِ السَّاكِنِ فِي الْوَصْلِ‏.‏ وَاخْتَصَّ الْكِسَائِيُّ بِإِمَالَةِ‏:‏ ‏{‏رُؤْيَايَ‏}‏ وَهُوَ حَرْفَانِ فِي يُوسُفَ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي ‏{‏رُؤْيَاكَ‏}‏ فِي يُوسُفَ أَيْضًا فَأَمَالَهُ الدُّورِيُّ عَنْهُ أَيْضًا وَفَتَحَهُ أَبُو الْحَارِثِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِمَا عَنْ إِدْرِيسَ فَرَوَاهُمَا الشَّطِّيُّ عَنْهُ بِالْإِمَالَةِ وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ عَنْ إِدْرِيسَ فِي الْغَايَةِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَرَوَاهُمَا الْبَاقُونَ عَنْهُ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُبْهِجِ وَالْكَامِلِ، وَغَيْرِهِمَا‏.‏ وَذَكَرَهُ فِي كِفَايَةِ السِّتِّ مِنْ طَرِيقِ الْقَطِيعِيِّ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَاخْتَصَّ الدُّورِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْكِسَائِيِّ بِإِمَالَةِ ‏{‏رُؤْيَاكَ‏}‏ وَهُوَ فِي، أَوَّلِ يُوسُفَ كَمَا تَقَدَّمَ وَ‏{‏هُدَايَ‏}‏ وَهُوَ فِي الْبَقَرَةِ وَطه وَ‏{‏مَثْوَايَ‏}‏ وَهُوَ فِي يُوسُفَ أَيْضًا وَ‏{‏مَحْيَايَ‏}‏ وَهُوَ فِي آخِرِ الْأَنْعَامِ وَ‏{‏آذَانِهِمْ‏}‏، وَ‏{‏آذَانِنَا‏}‏، وَ‏{‏طُغْيَانِهِمْ‏}‏ حَيْثُ وَقَعَ وَ‏{‏بَارِئِكُمْ‏}‏ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنَ الْبَقَرَةِ ‏{‏وَسَارِعُوا‏}‏، ‏{‏وَيُسَارِعُونَ‏}‏، ‏{‏وَنُسَارِعُ‏}‏ حَيْثُ وَقَعَ وَ‏{‏الْجَوَارِ‏}‏ فِي الشُّورَى وَالرَّحْمَنِ وَكُوِّرَتْ وَ‏{‏كَمِشْكَاةٍ‏}‏ فِي النُّورِ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي‏:‏ ‏{‏الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ‏}‏ مِنْ سُورَةِ الْحَشْرِ فَرَوَى عَنْهُ إِمَالَتَهُ، وَأَجْرَاهُ مُجْرَى ‏{‏بَارِئِكُمْ‏}‏ جُمْهُورُ الْمَغَارِبَةِ وَهُوَ الَّذِي فِي تَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ فَرَحٍ أَعْنِي عَنِ الْكِسَائِيِّ صَاحِبِ التَّجْرِيدِ وَالْإِرْشَادَيْنِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَغَيْرِهِمْ‏.‏ وَرَوَاهُ عَنْهُ بِالْفَتْحِ خُصُوصًا أَبُو عُثْمَانَ الضَّرِيرُ وَهُوَ الَّذِي فِي أَكْثَرِ الْقِرَاءَاتِ وَنَصَّ عَلَى اسْتِثْنَائِهِ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ، وَابْنُ سَوَّارٍ، وَأَبُو الْعِزِّ، وَغَيْرُهُمْ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنِ الدُّورِيِّ‏.‏ وَقَالَ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ‏:‏ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ عَنِ الْبَارِئِ نَصًّا، وَإِنَّمَا أَلْحَقَهُ بِالْحَرْفَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْبَقَرَةِ ابْنُ مُجَاهِدٍ قِيَاسًا عَلَيْهِمَا، سَمِعْتُ أَبَا الْفَتْحِ يَقُولُ ذَلِكَ‏.‏ انْتَهَى‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ أَيْضًا فِي ‏{‏يُوَارِي‏}‏، وَ‏{‏فَأُوَارِيَ‏}‏ فِي الْمَائِدَةِ ‏{‏وَيُوَارِي‏}‏ فِي الْأَعْرَافِ وَ‏{‏فَلَا تُمَارِ‏}‏ فِي الْكَهْفِ فَرَوَى عَنْهُ أَبُو عُثْمَانَ الضَّرِيرُ إِمَالَتَهَا وَهَذَا مِمَّا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الطُّرُقُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ نَصًّا وَأَدَاءً، وَرَوَى فَتْحَ الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّصِيبِيُّ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ‏.‏ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ‏{‏لِيُوَارِيَ‏}‏، وَ‏{‏فَأُوَارِيَ‏}‏ فِي الْمَائِدَةِ فَلَا أَعْلَمُ لَهُ وَجْهًا سِوَى أَنَّهُ تَبِعَ صَاحِبَ التَّيْسِيرِ، حَيْثُ قَالَ‏:‏ وَرَوَى أَبُو الْفَارِسِ عَنْ أَبِي طَاهِرٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الضَّرِيرِ عَنْ أَبِي عُمَرَ عَنِ الْكِسَائِيِّ أَنَّهُ أَمَالَ ‏{‏يُوَارِي‏}‏، وَ‏:‏ ‏{‏فَأُوَارِيَ‏}‏ فِي الْحَرْفَيْنِ فِي الْمَائِدَةِ، وَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ قَالَ‏:‏ وَبِذَلِكَ أَخَذَهُ- يَعْنِي أَبَا طَاهِرٍ- مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ، وَغَيْرُهُ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ بِالْفَتْحِ انْتَهَى‏.‏ وَهُوَ حِكَايَةٌ أَرَادَ بِهَا الْفَائِدَةَ عَلَى عَادَتِهِ وَإِلَّا فَأَيُّ تَعَلُّقٍ لِطَرِيقِ أَبِي عُثْمَانَ الضَّرِيرِ بِطَرِيقِ التَّيْسِيرِ‏؟‏ وَلَوْ أَرَادَ ذِكْرَ طَرِيقِ أَبِي عُثْمَانَ عَنِ الدُّورِيِّ لَذَكَرَهَا فِي أَسَانِيدِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ طَرِيقَ النَّصِيبِيِّ وَلَوْ ذَكَرَهَا لَاحْتَاجَ أَنْ يَذْكُرَ جَمِيعَ خِلَافِهِ، نَحْوَ إِمَالَتِهِ الصَّادَ مِنَ ‏{‏النَّصَارَى‏}‏ وَالتَّاءِ مِنَ ‏{‏الْيَتَامَى‏}‏، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي، وَلَذَكَرَ إِدْغَامَهُ النُّونَ السَّاكِنَةَ وَالتَّنْوِينَ فِي الْيَاءِ حَيْثُ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ كَمَا تَقَدَّمَ؛ ثُمَّ تَخْصِيصُ الْمَائِدَةِ دُونَ الْأَعْرَافِ هُوَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الدَّانِيُّ، وَخَالَفَ فِيهِ جَمِيعَ الرُّوَاةِ‏.‏ قَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ بَعْدَ ذِكْرِ إِمَالَتِهِمَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ سَائِرُ أَصْحَابِهِ أَبُو الْفَتْحِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ بُدْهُنٍ، وَغَيْرُهُ قَالَ‏:‏ وَقِيَاسُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْأَعْرَافِ ‏{‏يُوَارِي سَوْآتِكُمْ‏}‏، وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو طَاهِرٍ، وَلَعَلَّهُ أَغْفَلَ ذِكْرَهُ قُلْتُ‏:‏ لَمْ يُغْفِلْ ذِكْرَهُ بَلْ ذَكَرَهُ قَطْعًا، وَرَوَاهُ عَنْهُ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ نَصًّا وَأَدَاءً‏.‏ وَلَعَلَّ ذَلِكَ سَقَطَ مِنْ كِتَابِ صَاحِبِهِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيِّ شَيْخِ الدَّانِيِّ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ، عَلَى أَنَّ الدَّانِيَّ قَالَ‏:‏ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِإِخْلَاصِ الْفَتْحِ قَرَأْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ يَعْنِي الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثَ لِلْكِسَائِيِّ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ ابْنُ مُجَاهِدٍ انْتَهَى‏.‏ وَظَهَرَ أَنَّ إِمَالَةَ ‏{‏يُوَارِي‏}‏، وَ‏{‏فَأُوَارِيَ‏}‏ فِي الْمَائِدَةِ لَيْسَتْ مِنْ طَرِيقِ التَّيْسِيرِ وَلَا الشَّاطِبِيَّةِ‏.‏ وَلَا مِنْ طُرُقِ صَاحِبِ التَّيْسِيرِ، وَتَخْصِيصُ الْمَائِدَةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ؛ وَانْفَرَدَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ عَنِ الْقَبَّابِ عَنِ الرَّمْلِيِّ عَنِ الصُّورِيِّ بِإِمَالَةِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثِ وَهِيَ ‏{‏يُوَارِي‏}‏ فِي الْمَوْضِعَيْنِ ‏{‏وَأُوَارِيَ‏}‏، وَ‏{‏تُمَارِ‏}‏

فَصْلٌ ‏[‏مُوَافَقَةُ أَبِي عَمْرٍو عَلَى مَا كَانَ فِيهِ رَاءٌ بَعْدَهَا أَلِفٌ مُمَالَةٌ‏]‏

وَوَافَقَهُمْ أَبُو عَمْرٍو مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ رَاءٌ بَعْدَهَا أَلِفٌ مُمَالَةٌ بِأَيِّ وَزْنٍ كَانَ نَحْوَ ‏{‏ذِكْرَى‏}‏، وَ‏{‏بُشْرَى‏}‏، وَ‏{‏أَسْرَى‏}‏، وَ‏{‏الْقُرَى‏}‏، وَ‏{‏النَّصَارَى‏}‏، وَ‏{‏أُسَارَى‏}‏، وَ‏{‏سُكَارَى‏}‏، وَ‏{‏فَأَرَاهُ‏}‏، وَ‏{‏اشْتَرَى‏}‏، وَ‏{‏وَرَأَى‏}‏، وَ‏{‏يَرَى‏}‏ فَقَرَأَهُ كُلَّهُ بِالْإِمَالَةِ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي يَاءِ بُشْرَايَ فِي يُوسُفَ فَرَوَاهُ عَنْهُ عَامَّةُ أَهْلِ الْأَدَاءِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ فِي التَّيْسِيرِ وَالْكَافِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّجْرِيدِ، وَغَالِبِ كُتُبِ الْمَغَارِبَةِ، وَالْمِصْرِيِّينَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْقُلِ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً سِوَاهُ‏.‏ وَرَوَاهُ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَعَلَيْهِ نَصَّ أَحْمَدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي التَّذْكِرَةِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَقَالَ فِيهَا‏:‏ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ، وَحَكَاهُ أَيْضًا صَاحِبُ تَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَرَوَى آخَرُونَ عَنْهُ الْإِمَالَةَ الْمَحْضَةَ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا لَهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا كَأَبِي بَكْرِ بْنِ مِهْرَانَ، وَأَبِي الْقَاسِمِ الْهُذَلِيِّ، وَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْأَوْجُهَ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَبِهَا قَرَأْتُ، غَيْرَ أَنَّ الْفَتْحَ أَصَحُّ رِوَايَةً وَالْإِمَالَةُ أَقْيَسُ عَلَى أَصْلِهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فَرَوَاهُ الصُّورِيُّ عَنْهُ كَذَلِكَ بِالْإِمَالَةِ، وَرَوَاهُ الْأَخْفَشُ بِالْفَتْحِ وَانْفَرَدَ الْكَارَزِينِيُّ عَنِ الْمُطَّوِّعِيِّ عَنِ الصُّورِيِّ بِالْفَتْحِ فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ عَنِ الصُّورِيِّ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَاخْتُلِفَ عَنِ الْأَخْفَشِ فِي ‏{‏أَدْرِي‏}‏ فَقَطْ نَحْوَ ‏{‏أَدْرَاكَ‏}‏، وَ‏{‏أَدْرَاكُمْ‏}‏ فَأَمَالَهُ عَنْهُ ابْنُ الْأَخْرَمِ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّذْكِرَةِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالْعُنْوَانِ، وَالْمُبْهِجِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ وَفَتَحَهُ عَنْهُ النَّقَّاشُ، وَهُوَ الَّذِي فِي تَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ وَالتَّجْرِيدِ، لِابْنِ الْفَحَّامِ وَالْغَايَةِ لِابْنِ مِهْرَانَ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ، وَانْفَرَدَ الشَّذَائِيُّ بِإِمَالَتِهَا عَنِ الدَّاجُونِيِّ عَنِ ابْنِ مَامَوَيْهِ عَنْ هِشَامٍ، وَلَمْ يَرْوِهَا عَنْهُ غَيْرُهُ‏.‏ وَوَافَقَ بَكْرٌ عَلَى إِمَالَةِ ‏{‏أَدْرَاكُمْ بِهِ‏}‏ فِي يُونُسَ فَقَطْ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي غَيْرِ يُونُسَ فَرَوَى عَنْهُ الْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً الْإِمَالَةَ مُطْلَقًا، وَهِيَ طَرِيقُ شُعَيْبٍ عَنْ يَحْيَى، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّلْخِيصِ لِلطَّبَرِيِّ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَرَوَى عَنْهُ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً الْفَتْحَ فِي غَيْرِ سُورَةِ يُونُسَ، وَهُوَ طَرِيقُ أَبِي حَمْدُونَ عَنْ يَحْيَى وَالْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّجْرِيدِ، وَالْمُبْهِجِ، وَالْإِرْشَادِ، وَالْكِفَايَتَيْنِ وَالْغَايَتَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا‏.‏ وَذَكَرَهُ أَيْضًا فِي الْمُسْتَنِيرِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ شُعَيْبٍ وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي بُشْرَايَ‏.‏ مِنْ يُوسُفَ فَرَوَى إِمَالَتَهُ عَنْهُ الْعُلَيْمِيُّ مِنْ أَكْثَرِ طُرُقِهِ‏.‏ وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ لَهُ بِهِ فِي التَّجْرِيدِ، وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْعَطَّارُ، وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي كِفَايَتِهِ، وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ إِنَّ الْإِمَالَةَ لَهُ فِي وَجْهٍ، وَرَوَاهَا الدَّانِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاسِطِيِّينَ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْهُ، وَرَوَى عَنْهُ الْفَتْحَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ مِنْ جُمْهُورِ طُرُقِهِ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي الْعِزِّ، عَنِ الْعُلَيْمِيِّ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ‏.‏ وَوَافَقَهُمْ حَفْصٌ عَلَى إِمَالَةِ ‏{‏مَجْرَاهَا‏}‏ فِي سُورَةِ هُودٍ، وَلَمْ يُمِلْ غَيْرَهُ وَانْفَرَدَ أَيْضًا الشَّذَائِيُّ عَنِ الدَّاجُونِيِّ عَنِ ابْنِ مَامَوَيْهِ عَنْ هِشَامٍ بِإِمَالَتِهِ، وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ ذَكْوَانَ عَلَى أَصْلِهِمَا‏.‏

وَاخْتُلِفَ عَنْ وَرْشٍ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ ذَوَاتِ الرَّاءِ حَيْثُ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ فَرَوَاهُ الْأَزْرَقُ عَنْهُ بِالْإِمَالَةِ بَيْنَ بَيْنَ‏:‏ وَرَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيُّ بِالْفَتْحِ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنِ الْأَزْرَقِ فِي ‏{‏أَرَاكَهُمْ‏}‏ فِي الْأَنْفَالِ فَقَطَعَ لَهُ بِالْفَتْحِ فِيهِ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَشَيْخُهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ، وَأَبُو بَكْرٍ الْأَذْفَوِيُّ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ، وَقَطَعَ بَيْنَ بَيْنَ صَاحِبُ تَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ وَالتَّيْسِيرِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَقَالَ‏:‏ إِنَّهُ اخْتِيَارُ وَرْشٍ، وَإِنَّ قِرَاءَتَهُ عَلَى نَافِعٍ بِالْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ قَالَ‏:‏ مَكِّيٌّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَبِالْوَجْهَيْنِ قَرَأْتُ‏.‏ وَقَالَ صَاحِبُ الْكَافِي‏:‏ إِنَّهُ قَرَأَهُ بِالْفَتْحِ، قَالَ‏:‏ وَبَيْنَ اللَّفْظَيْنِ أَشْهَرُ عَنْهُ قُلْتُ‏:‏ وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى ابْنِ خَاقَانَ وَابْنِ غَلْبُونَ‏:‏ وَقَالَ فِي تَمْهِيدِهِ‏:‏ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَالَ فِي جَامِعِهِ‏:‏ وَهُوَ الْقِيَاسُ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَعَلَى الْفَتْحِ عَامَّةُ أَصْحَابِ ابْنِ هِلَالٍ وَأَصْحَابِ أَبِي الْحَسَنِ النَّحَّاسِ وَأَطْلَقَ لَهُ الْخِلَافَ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنِ الْأَزْرَقِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏مُخَالَفَةُ الْقُرَّاءِ أُصُولَهُمْ فِي إِمَالَةِ بَعْضِ ذَوَاتِ الْيَاءِ‏]‏

وَوَافَقَ مَنْ أَمَالَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ عَلَى إِمَالَةِ بَعْضِ ذَوَاتِ الْيَاءِ فَخَالَفُوا أُصُولَهُمْ فِي إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَهِيَ ‏{‏بَلَى‏}‏، ‏{‏رَمَى‏}‏، ‏{‏مُزْجَاةٍ‏}‏، ‏{‏أَتَى أَمْرُ اللَّهِ‏}‏، ‏{‏يَلْقَاهُ‏}‏، ‏{‏أَعْمَى‏}‏، ‏{‏سُوًى‏}‏، ‏{‏سُدًى‏}‏، ‏{‏إِنَاهُ‏}‏، ‏{‏نَأَى‏}‏، ‏{‏رَأَى‏}‏ فَأَمَّا ‏{‏بَلَى‏}‏ فَأَمَالَهُ مَعَهُمْ حَيْثُ وَقَعَ أَبُو حَمْدُونَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ‏.‏ وَخَالَفَهُ شُعَيْبٌ وَالْعُلَيْمِيُّ فَفَتَحَهُ عَنْهُ‏.‏ وَانْفَرَدَ بِإِمَالَتِهِ أَبُو الْفَرَجِ النَّهْرَوَانِيُّ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ وَرْشٍ، فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ عَنْهُ وَأَمَّا ‏{‏رَمَى‏}‏، وَهُوَ فِي الْأَنْفَالِ فَوَافَقَ عَلَى إِمَالَتِهِ أَبُو بَكْرٍ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِ الْمَغَارِبَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ كَأَبِي مُحَمَّدٍ سِبْطِ الْخَيَّاطِ وَأَمَّا ‏{‏مُزْجَاةٍ‏}‏- وَهُوَ فِي يُوسُفَ ‏{‏وَأَتَى أَمْرُ اللَّهِ‏}‏- وَهُوَ أَوَّلُ النَّحْلِ- ‏{‏وَيَلْقَاهُ مَنْشُورًا‏}‏- وَهُوَ فِي سُبْحَانَ- فَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فِي إِمَالَةِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَرَوَى عَنْهُ إِمَالَةَ‏:‏ ‏{‏مُزْجَاةٍ‏}‏ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ وَصَاحِبُ الْكَمَالِ عَنْ طَرِيقِ الصُّورِيِّ، وَهُوَ نَصُّ الْأَخْفَشِ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فَإِنَّهُ قَالَ‏:‏ يُشِمُّ الْجِيمَ شَيْئًا مِنَ الْكَسْرِ، وَكَذَا رَوَى هِبَةُ اللَّهِ عَنْهُ وَالْإِسْكَنْدَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فَرَوَى عَنْهُ إِمَالَةَ ‏{‏أَتَى أَمْرُ اللَّهِ‏}‏ وَالصُّورِيُّ، وَهِيَ رِوَايَةُ الدَّاجُونِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَأَبُو الْعِزِّ، وَغَيْرُهُمْ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْهُذَلِيُّ وَلَا ابْنُ الْفَحَّامِ فِي تَجْرِيدِهِ وَلَا صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنِ الْمُطَّوِّعِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ إِمَالَةَ‏:‏ ‏{‏يَلْقَاهُ‏}‏ الصُّورِيُّ عَنْ طَرِيقِ الرَّمْلِيِّ، وَهِيَ رِوَايَةُ الدَّاجُونِيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ‏.‏ وَكَذَا رَوَاهُ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَنِ النَّقَّاشِ عَنِ الْأَخْفَشِ، وَهِيَ رِوَايَةُ هِبَةِ اللَّهِ عَنِ الْأَخْفَشِ أَيْضًا وَكُلٌّ مِنَ الْفَتْحِ وَالْإِمَالَةِ صَحِيحٌ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فِي الْأَحْرُفِ الثَّلَاثَةِ قَرَأْنَا بِهِ مِنَ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ، وَبِهِ نَأْخُذُ وَأَمَّا ‏{‏أَعْمَى‏}‏، وَهُوَ فِي مَوْضِعَيْ سُبْحَانَ ‏{‏وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى‏}‏ فَوَافَقَ عَلَى إِمَالَتِهِمَا أَبُو بَكْرٍ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ‏.‏ وَوَافَقَ عَلَى إِمَالَةِ الْأَوَّلِ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ‏.‏ وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ بِفَتْحِهَا عَنْ رَوْحٍ فَخَالَفَ سَائِرَ النَّاسِ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنْ نِفْطَوَيْهِ عَنْ يَحْيَى بِإِمَالَةِ ‏{‏أَعْمَى‏}‏ فِي مَوْضِعَيْ طه، وَهُوَ ‏{‏وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى‏}‏ فَخَالَفَ النَّاسَ عَنْ يَحْيَى وَأَمَّا ‏{‏سُوًى‏}‏، وَهُوَ فِي طه، وَ‏{‏سُدًى‏}‏، وَهِيَ فِي الْقِيَامَةِ فَاخْتُلِفَ فِيهِمَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَرَوَى الْمِصْرِيُّونَ، وَالْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً عَنْ شُعَيْبٍ عَنْهُ الْإِمَالَةَ فِي الْوَقْفِ مَعَ مَنْ أَمَالَ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعِجْلِيِّ وَالْوَكِيعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَرِوَايَةُ ابْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، وَعُبَيْدِ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ سَائِرُ الرُّوَاةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا فِي الْوَقْفِ، وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا عَنْهُ صَحِيحَانِ، وَالْفَتْحُ طَرِيقُ الْعِرَاقِيِّينَ قَاطِبَةً لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا‏:‏ ‏{‏إِنَاهُ‏}‏، وَهُوَ فِي الْأَحْزَابِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ هِشَامٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ بِالْإِمَالَةِ مَعَ مَنْ أَمَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرِ الْمَغَارِبَةُ، وَالْمِصْرِيُّونَ، وَالشَّامِيُّونَ، وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ عَنْهُ سِوَاهُ، وَرَوَاهُ الدَّاجُونِيُّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ بِالْفَتْحِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ لِهِشَامٍ مِنْ طَرِيقَيْهِ، وَالْوَجْهَانِ عَنْهُ صَحِيحَانِ وَبِالْإِمَالَةِ آخُذُ عَنْهُ عَنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ وَبِالْفَتْحِ مِنْ طَرِيقِ غَيْرِهِ‏.‏ وَانْفَرَدَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ عَنِ النَّهْرَوَانِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بِإِمَالَتِهِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُسْنِدْهَا إِلَّا عَنْ أَبِي الْعِزِّ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَبُو الْعِزِّ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا ‏{‏نَأَى‏}‏، وَهُوَ فِي سُبْحَانَ وَفُصِّلَتْ فَوَافَقَ عَلَى إِمَالَتِهِ فِي سُبْحَانَ فَقَطْ أَبُو بَكْرٍ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ يَحْيَى عَنْهُ بِفَتْحِهِ، وَانْفَرَدَ ابْنُ سَوَّارٍ عَنِ النَّهْرَوَانِيِّ عَنْ أَبِي حَمْدُونَ عَنْ يَحْيَى عَنْهُ بِالْإِمَالَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَانْفَرَدَ فَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ فِي إِحْدَى وَجْهَيْهِ عَنِ السُّوسِيِّ بِالْإِمَالَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ‏.‏ وَأَجْمَعَ الرُّوَاةُ عَنِ السُّوسِيِّ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ عَلَى الْفَتْحِ لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ لَهُ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَلَا عَوَّلَ عَلَيْهِ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْ أَصْحَابِ الْإِمَالَةِ فِي إِمَالَةِ النُّونِ فَأَمَالَ النُّونَ مَعَ الْهَمْزَةِ الْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ لِنَفْسِهِ، وَعَنْ حَمْزَةَ، وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي حَرْفِ سُبْحَانَ، فَرَوَى عَنْهُ الْعُلَيْمِيُّ وَالْحَمَّامِيُّ، وَابْنُ شَاذَانَ عَنْ أَبِي حَمْدُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْهُ الْإِمَالَةَ فِيهِمَا، وَرَوَى سَائِرُ الرُّوَاةِ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ يَحْيَى عَنْهُ فَتَحَ النُّونِ فَيَصِيرُ لِأَبِي بَكْرٍ أَرْبَعُ طُرُقٍ‏:‏

أَحَدُهَا إِمَالَةُ الْهَمْزَةِ فِي سُبْحَانَ فَقَطْ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ يَحْيَى عَنْهُ‏.‏

الثَّانِي إِمَالَةُ النُّونِ وَالْهَمْزَةِ جَمِيعًا فِي سُبْحَانَ أَيْضًا، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعُلَيْمِيِّ عَنْهُ، وَأَبِي حَمْدُونَ عَنْ يَحْيَى عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَمَّامِيِّ، وَابْنِ شَاذَانَ‏.‏

الثَّالِثُ إِمَالَةُ الْهَمْزَةِ فَقَطْ فِي سُبْحَانَ وَفُصِّلَتْ جَمِيعًا، وَهِيَ طَرِيقُ ابْنِ سَوَّارٍ عَنِ النَّهْرَانِيِّ عَنْ أَبِي حَمْدُونَ عَنْ يَحْيَى‏.‏

الرَّابِعُ الْفَتْحُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهِيَ طَرِيقُ صَاحِبِ الْمُبْهِجِ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ يَحْيَى عَنْهُ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا ‏{‏رَأَى‏}‏ فَمِنْهُ مَا يَكُونُ بَعْدَهُ مُتَحَرِّكًا وَمِنْهُ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ سَاكِنًا فَالَّذِي بَعْدَهُ مُتَحَرِّكٌ يَكُونُ ظَاهِرًا وَمُضْمَرًا فَالَّذِي بَعْدَهُ ظَاهَرٌ سَبْعَةُ مَوَاضِعَ فِي الْأَنْعَامِ ‏{‏رَأَى كَوْكَبًا‏}‏، وَفِي هُودٍ ‏{‏رَأَى أَيْدِيَهُمْ‏}‏، وَفِي يُوسُفَ ‏{‏رَأَى قَمِيصَهُ‏}‏، ‏{‏رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ‏}‏، وَفِي طه ‏{‏رَأَى نَارًا‏}‏، وَفِي النَّجْمِ‏:‏ ‏{‏مَا رَأَى‏}‏، ‏{‏لَقَدْ رَأَى‏}‏ فَأَمَالَ الرَّاءَ تَبَعًا لِلْهَمْزَةِ‏:‏ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ، وَوَافَقَهُمْ أَبُو بَكْرٍ فِي ‏{‏رَأَى كَوْكَبًا‏}‏ فِي الْأَنْعَامِ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي السِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ فَأَمَالَ الرَّاءَ وَالْهَمْزَةَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ‏.‏ وَفَتَحَهَا الْعُلَيْمِيُّ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْكَمَالِ بِهَذَا عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ بَابِشٍ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ يَحْيَى‏.‏ وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ بِالْفَتْحِ فِي السَّبْعَةِ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ يَحْيَى، وَعَنِ الرَّزَّازِ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ عَنِ الْقَافِلَّائِيِّ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ يَحْيَى فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِمَالَةِ الْهَمْزَةِ فَيَصِيرُ لِأَبِي بَكْرٍ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ عَنْ يَحْيَى بِإِمَالَةِ الرَّاءِ وَالْهَمْزَةِ جَمِيعًا فِي السَّبْعَةِ الْمَوَاضِعِ‏.‏ الثَّانِي‏:‏ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ إِمَالَتُهُمَا فِي الْأَنْعَامِ وَفَتْحُهُمَا فِي غَيْرِهَا‏.‏ الثَّالِثُ فَتْحُهُمَا فِي السَّبْعَةِ طَرِيقُ الْمُبْهِجِ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ يَحْيَى، وَعَنِ الرَّزَّازِ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ‏.‏ الرَّابِعُ فَتْحُ الرَّاءِ وَإِمَالَةُ الْهَمْزَةِ طَرِيقُ صَاحِبِ الْعُنْوَانِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْهِ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ يَحْيَى، وَوَافَقَ أَيْضًا عَلَى إِمَالَةِ الرَّاءِ وَالْهَمْزَةِ جَمِيعًا فِي الْمَوَاضِعِ السَّبْعَةِ ابْنُ ذَكْوَانَ، وَانْفَرَدَ زَيْدٌ عَنِ الرَّمْلِيِّ عَنِ الصُّورِيِّ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِمَالَةِ الْهَمْزَةِ فِيهَا، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنِ الصُّورِيِّ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْهَمْزَةِ، وَاخْتُلِفَ عَنْ هِشَامٍ، فَرَوَى الْجُمْهُورُ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ عَنْهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْهَمْزَةِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ، وَكَذَا رَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَأَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ، وَابْنُ الْفَحَّامِ الصِّقِلِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ عَنِ الدَّاجُونِيِّ عَنْهُ، وَرَوَى الْأَكْثَرُونَ عَنِ الدَّاجُونِيِّ عَنْهُ إِمَالَتَهُمَا، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُبْهِجِ، وَكَامِلِ الْهُذَلِيِّ، وَرَوَاهُ صَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ عَنِ الْمُفَسِّرِ عَنِ الدَّاجُونِيِّ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ الدَّاجُونِيِّ، وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ فِي السَّبْعَةِ، وَمِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي فِي غَيْرِ سُورَةِ النَّجْمِ‏.‏ وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا صَحِيحَانِ عَنْ هِشَامٍ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ عَنْ قَالُونَ بِإِمَالَةِ الرَّاءِ وَالْهَمْزَةِ جَمِيعًا، وَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الشَّذَائِيِّ عَنْهُ فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ‏.‏ وَأَمَالَ أَبُو عَمْرٍو الْهَمْزَةَ فَقَطْ فِي الْمَوَاضِعِ السَّبْعَةِ، وَانْفَرَدَ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ بِإِمَالَةِ الرَّاءِ أَيْضًا عَنِ السُّوسِيِّ بِخِلَافٍ عَنْهُ فَخَالَفَ فِيهِ سَائِرَ النَّاسِ مِنْ طُرُقِ كِتَابِهِ وَلَا أَعْلَمُ هَذَا الْوَجْهَ رُوِيَ عَنِ السُّوسِيِّ مِنْ طَرِيقِ الشَّاطِبِيَّةِ وَالتَّيْسِيرِ بَلْ وَلَا مِنْ طُرُقِ كِتَابِنَا أَيْضًا‏.‏

نَعَمْ رَوَاهُ عَنِ السُّوسِيِّ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيِّ عَنِ السُّوسِيِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي طُرُقِنَا، وَقَوْلُ صَاحِبِ التَّيْسِيرِ‏:‏ وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ مِثْلُ حَمْزَةَ، لَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهِ مِنْ طُرُقِهِ فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ فَقَالَ‏:‏ إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فِي رِوَايَةِ السُّوسِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ مُوسَى بْنِ جَرِيرٍ فِيمَا لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ سَاكِنٌ، وَفِيمَا اسْتَقْبَلَهُ بِإِمَالَةِ فَتْحَةِ الرَّاءِ وَالْهَمْزَةِ مَعًا وَأَمَّا الَّذِي بَعْدَهُ ضَمِيرٌ، وَهُوَ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ فِي تِسْعَةِ مَوَاضِعَ ‏{‏رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا‏}‏ فِي الْأَنْبِيَاءِ ‏{‏وَرَآهَا تَهْتَزُّ‏}‏ فِي النَّمْلِ وَالْقَصَصِ ‏{‏وَرَآهُ‏}‏ فِي النَّمْلِ أَيْضًا، وَفِي فَاطِرٍ وَالصَّافَّاتِ وَالنَّجْمِ وَالتَّكْوِيرِ وَالْعَلَقِ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ عَنِ الْمُنْفَرِدِينَ، وَغَيْرِهِمْ إِلَّا أَنَّ الْعُلَيْمِيَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَتَحَ الرَّاءَ وَالْهَمْزَةَ جَمِيعًا مِنْهُ وَأَمَالَهُمَا يَحْيَى عَنْهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ عَلَى غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ فَأَمَالَ الرَّاءَ وَالْهَمْزَةَ جَمِيعًا عَنْهُ الْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً، وَجُمْهُورُ الْمِصْرِيِّينَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ عَنِ الْأَخْفَشِ مِنْ طَرِيقِ النَّقَّاشِ سِوَاهُ، وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ فَارِسٍ فِي جَامِعِهِ لِابْنِ ذَكْوَانَ مِنْ طَرِيقَيِ الْأَخْفَشِ وَالرَّمْلِيِّ وَفَتَحَهُمَا جَمِيعًا عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَهُوَ طَرِيقُ ابْنِ الْأَخْرَمِ عَنِ الْأَخْفَشِ وَفَتَحَ الرَّاءَ وَأَمَالَ الْهَمْزَةَ الْجُمْهُورُ عَنِ الصُّورِيِّ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ أَبُو الْعِزِّ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ عَنْهُ سِوَاهُ وَبِالْفَتْحِ قَطَعَ أَبُو الْعِزِّ لِلْأَخْفَشِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، وَابْنُ مِهْرَانَ، وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ، وَغَيْرُهُمْ وَأَمَالَ الْأَزْرَقُ عَنْ وَرْشٍ فَتْحَةَ الرَّاءِ وَالْهَمْزَةِ جَمِيعًا مِنْ هَذِهِ التِّسْعَةِ الْأَفْعَالِ الَّتِي وَقَعَ بَعْدَهَا الضَّمِيرُ، وَمِنَ الْأَفْعَالِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي لَمْ يَقَعْ بَعْدَهَا ضَمِيرٌ بَيْنَ بَيْنَ، وَأَخْلَصَ الْبَاقُونَ الْفَتْحَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ‏.‏ وَأَمَّا الَّذِي بَعْدَهُ سَاكِنٌ وَهُوَ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ، أَوَّلُهَا ‏{‏رَأَى الْقَمَرَ‏}‏ فِي الْأَنْعَامِ، وَفِيهَا ‏{‏رَأَى الشَّمْسَ‏}‏، وَفِي النَّحْلِ ‏{‏رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا‏}‏، وَفِيهَا ‏{‏وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا‏}‏، وَفِي الْكَهْفِ ‏{‏وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ‏}‏، وَفِي الْأَحْزَابِ ‏{‏وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ‏}‏ فَأَمَالَ الرَّاءَ مِنْهُ وَفَتَحَ الْهَمْزَةَ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَانْفَرَدَ الشَّاطِبِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِالْخِلَافِ فِي إِمَالَةِ الْهَمْزَةِ أَيْضًا‏.‏ وَعَنِ السُّوسِيِّ بِالْخِلَافِ أَيْضًا فِي إِمَالَةِ فَتْحَةِ الرَّاءِ وَفَتْحَةِ الْهَمْزَةِ جَمِيعًا‏.‏ فَأَمَّا إِمَالَةُ الْهَمْزَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّمَا رَوَاهُ خَلَفٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ حَسْبَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي جَامِعِهِ حَيْثُ سَوَّى فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا بَعْدَهُ مُتَحَرِّكٌ وَمَا بَعْدَهُ سَاكِنٌ وَنَصَّ فِي مُجَرَّدِهِ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَابَ كُلَّهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْهَمْزَةَ وَكَانَ ابْنُ مُجَاهِدٍ يَأْخُذُ مِنْ طَرِيقِ خَلَفٍ عَنْ يَحْيَى بِإِمَالَتِهِمَا وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، وَخَالَفَهُ سَائِرُ النَّاسِ فَلَمْ يَأْخُذُوا لِأَبِي بَكْرٍ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ إِلَّا بِإِمَالَةِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَقَدْ صَحَّحَ أَبُو عَمْرٍو وَالدَّانِيُّ الْإِمَالَةَ فِيهِمَا يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ خَلَفٍ حَسْبَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّيْسِيرِ، فَحَسِبَ الشَّاطِبِيُّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ كِتَابِهِ فَحَكَى فِيهِ خِلَافًا عَنْهُ، وَالصَّوَابُ الِاقْتِصَارُ عَلَى إِمَالَةِ الرَّاءِ دُونَ الْهَمْزَةِ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِنَا، وَهِيَ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا طُرُقُ الشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّيْسِيرِ‏.‏

وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الطُّرُقِ فَإِنَّ إِمَالَتَهُمَا لَمْ تَصِحَّ عِنْدَنَا إِلَّا مِنْ طَرِيقِ خَلَفٍ حَسْبَمَا حَكَاهُ الدَّانِيُّ، وَابْنُ مُجَاهِدٍ فَقَطْ وَإِلَّا فَسَائِرُ مَنْ ذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ طَرِيقِ خَلَفٍ عَنْ يَحْيَى لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ إِمَالَةِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَلَمْ يَأْخُذْ بِسِوَى ذَلِكَ وَأَمَّا إِمَالَةُ الرَّاءِ وَالْهَمْزَةِ عَنِ السُّوسِيِّ فَهُوَ مِمَّا قَرَأَ بِهِ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْفَتْحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا أَنَّهُ إِنَّمَا قَرَأَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ مُوسَى بْنِ جَرِيرٍ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ إِلَى الْأَخْذِ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الشَّاطِبِيَّةِ، وَلَا مِنْ طَرِيقِ التَّيْسِيرِ، وَلَا مِنْ طُرُقِ كِتَابِنَا سَبِيلٌ‏.‏

عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ فَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَنْهُ سِوَى طَرِيقِ ابْنِ جَرِيرٍ، وَهِيَ طَرِيقُ أَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيِّ، وَأَبِي الْحَسَنِ الرُّقِّيِّ، وَأَبِي عُثْمَانَ النَّحْوِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيِّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ فَارِسٍ عَنْ أَبِيهِ، وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ يَعْمَلُ بِظَاهِرِ الشَّاطِبِيَّةِ يَأْخُذُ لِلسُّوسِيِّ فِي ذَلِكَ بِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ، وَهِيَ فَتْحُهُمَا وَإِمَالَتُهُمَا وَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِمَالَةِ الْهَمْزَةِ وَبِعَكْسِهِ، وَهُوَ إِمَالَةُ الرَّاءِ وَفَتْحُ الْهَمْزَةِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا مِنْ طَرِيقِ الشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّيْسِيرِ سِوَى الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَمِنْ طَرِيقِ مَنْ قَدَّمْنَا، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ طَرِيقِ السُّوسِيِّ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَمْدُونَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْيَزِيدِيِّ عَنِ الْيَزِيدِيِّ، وَمِنْ طَرِيقَيْهِمَا حَكَاهُ فِي التَّيْسِيرِ وَصَحَّحَهُ، عَلَى أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَفْصٍ الْخَشَّابَ وَأَبَا الْعَبَّاسِ الرَّافِعِيَّ حَكَيَا أَيْضًا عَنِ السُّوسِيِّ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا الرَّابِعُ فَحَكَاهُ ابْنُ سَعْدُونَ، وَابْنُ جُبَيْرٍ عَنِ الْيَزِيدِيِّ، وَلَا نَعْلَمَهُ وَرَدَ عَنِ السُّوسِيِّ أَلْبَتَّةَ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَهَذَا حُكْمُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْقِسْمِ حَالَةَ الْوَصْلِ فَأَمَّا حَالَةُ الْوَقْفِ فَإِنَّ كُلًّا مِنَ الْقُرَّاءِ يَعُودُ إِلَى أَصْلِهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ ضَمِيرٌ، وَلَا سَاكِنٌ مِنَ الْإِمَالَةِ وَالْفَتْحِ بَيْنَ وَبَيْنَ فَاعْلَمْ ذَلِكَ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏إِمَالَةُ وَرْشٍ ذَوَاتِ الرَّاءِ‏]‏

وَأَمَالَ وَرْشٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رُءُوسِ الْآيِ فِي السُّوَرِ الْإِحْدَى عَشَرَ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ بَيْنَ كَإِمَالَتِهِ ذَوَاتِ الرَّاءِ الْمُتَقَدِّمَةِ سَوَاءً، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ نَحْوَ ‏{‏الضُّحَى‏}‏، ‏{‏سَجَى‏}‏، ‏{‏الْقُوَى‏}‏، أَوْ مِنْ ذَاتِ الْيَاءِ نَحْوَ ‏{‏هُدًى‏}‏، ‏{‏الْهَوَى‏}‏، ‏{‏يَغْشَى‏}‏، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْكَافِي فَفَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْيَائِيِّ فَأَمَالَهُ بَيْنَ بَيْنَ وَبَيْنَ الْوَاوِيِّ فَفَتَحَهُ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِيمَا كَانَ مِنْ رُءُوسِ الْآيِ عَلَى لَفْظِ هَا، وَذَلِكَ فِي سُورَةِ النَّازِعَاتِ وَالشَّمْسِ نَحْوَ ‏{‏بَنَاهَا‏}‏، ‏{‏ضُحَاهَا‏}‏، ‏{‏سَوَّاهَا‏}‏، ‏{‏دَحَاهَا‏}‏، ‏{‏أَرْسَاهَا‏}‏، ‏{‏جَلَّاهَا‏}‏ سَوَاءٌ كَانَ وَاوِيًّا أَوْ يَائِيًّا فَأَخَذَ جَمَاعَةٌ فِيهَا بِالْفَتْحِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ، وَأَبِي الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ مَكِّيٍّ، وَابْنَيْ غَلْبُونَ، وَابْنِ شُرَيْحٍ، وَابْنِ بَلِّيمَةَ، وَغَيْرِهِمْ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى إِطْلَاقِ الْإِمَالَةِ فِيهَا بَيْنَ بَيْنَ وَأَجْرَوْهَا مُجْرَى غَيْرِهَا مِنْ رُءُوسِ الْآيِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي الْقَاسِمِ الطَّرَسُوسِيِّ، وَأَبِي الطَّاهِرِ بْنِ خَلَفٍ صَاحِبِ الْعُنْوَانِ، وَأَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ حَمَدٍ، وَأَبِي الْقَاسِمِ الْخَاقَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ وَالَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ الدَّانِيُّ فِي التَّيْسِيرِ هُوَ الْفَتْحُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَوَّلَ السُّوَرِ مَعَ أَنَّ اعْتِمَادَهُ فِي التَّيْسِيرِ عَلَى قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الْخَاقَانِيِّ فِي رِوَايَةِ وَرْشٍ، وَأَسْنَدَهَا فِي التَّيْسِيرِ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَكِنَّهُ اعْتَمَدَ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَلَى قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ فَلِذَلِكَ قَطَعَ عَنْهُ بِالْفَتْحِ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَجْهًا وَاحِدًا مَعَ إِسْنَادِهِ فِيهَا الرِّوَايَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ خَاقَانِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْإِمَالَةِ اخْتَلَفَتِ الرُّوَاةُ وَأَهْلُ الْأَدَاءِ عَنْ وَرْشٍ فِي الْفَوَاصِلِ إِذَا كُنَّ عَلَى كِنَايَةِ مُؤَنَّثٍ نَحْوَ آيِ ‏{‏وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا‏}‏ وَبَعْضِ آيِ ‏{‏وَالنَّازِعَاتِ‏}‏ فَأَقْرَأَنِي ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ قِرَاءَتِهِ بِإِخْلَاصِ الْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْ وَرْشٍ، أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَأَقْرَأَنِيهِ أَبُو الْقَاسِمِ، وَأَبُو الْفَتْحِ عَنْ قِرَاءَتِهِمَا بِإِمَالَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَذَلِكَ قِيَاسُ رِوَايَةِ أَبِي الْأَزْهَرِ، وَأَبِي يَعْقُوبَ وَدَاوُدَ عَنْ وَرْشٍ، وَذَكَرَ فِي بَابِ مَا يَقْرَأُهُ وَرْشٍ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ ذَوَاتِ‏.‏ الْيَاءِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ رَاءٌ قَبْلَ الْأَلِفِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ بِهِ ضَمِيرٌ، أَوْ لَمْ يَتَّصِلْ أَنَّهُ قَرَأَهُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بِإِخْلَاصِ الْفَتْحِ وَعَلَى أَبِي الْقَاسِمِ، وَأَبِي الْفَتْحِ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ اللَّفْظَيْنِ وَرَجَّحَ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَقَالَ‏:‏ وَبِهِ آخُذُ فَاخْتَارَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ‏.‏ وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا صَحِيحَانِ عَنْ وَرْشٍ فِي ذَلِكَ مِنَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ‏.‏ وَأَجْمَعَ الرُّوَاةُ مِنَ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى إِمَالَةِ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ رَاءٌ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏ذِكْرَاهَا‏}‏ هَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ عَنْهُ‏.‏ وَقَالَ السَّخَاوِيُّ إِنَّ هَذَا الْفَصْلَ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ مَا لَا خِلَافَ عَنْهُ فِي إِمَالَتِهِ نَحْوَ ‏{‏ذِكْرَاهَا‏}‏ وَمَا لَا خِلَافَ عَنْهُ فِي فَتْحِهِ نَحْوَ ‏{‏ضُحَاهَا‏}‏ وَشِبْهِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، وَمَا فِيهِ الْوَجْهَانِ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ بَعْضُ شُرَّاحِ الشَّاطِبِيَّةِ، وَهُوَ تَفَقُّهٌ لَا تُسَاعِدُهُ رِوَايَةٌ بَلِ الرِّوَايَةُ إِطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي الْوَاوِيِّ وَالْيَائِيِّ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ فِي غَيْرِهِ مِنْ رُءُوسِ الْآيِ بَيْنَ الْيَائِيِّ وَالْوَاوِيِّ إِلَّا مَا قَدَّمْنَا مِنَ انْفِرَادِ الْكَافِي‏.‏

وَانْفَرَدَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَنِ الْأَزْرَقِ بِفَتْحِ جَمِيعِ رُءُوسِ الْآيِ مَا لَمْ يَكُنْ رَائِيًّا سَوَاءٌ كَانَ وَاوِيًّا، أَوْ يَائِيًّا فِيهِ هَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ فَخَالَفَ جَمِيعَ الرُّوَاةِ عَنِ الْأَزْرَقِ‏.‏

وَاخْتُلِفَ أَيْضًا عَنِ الْأَزْرَقِ فِيمَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ رَأْسَ آيَةٍ عَلَى أَيِ وَزْنٍ كَانَ نَحْوَ‏:‏ هُدًى، وَنَأَى، وَأَتَى، وَرَمَى، وَابْتَلَى، وَيَخْشَى، وَيَرْضَى، وَالْهُدَى، وَهُدَايَ، وَمَحْيَايَ، وَالزِّنَا، وَأَعْمَى، وَيَا أَسَفَى، وَخَطَايَا، وَتُقَاتِهِ، وَمَتَى‏.‏ وَإِنَاهُ، وَمَثْوَى، وَمَثْوَايَ، وَالْمَأْوَى، وَالدُّنْيَا، وَمَرْضَى، وَطُوبَى، وَرُؤْيَا، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَيَحْيَى، وَالْيَتَامَى، وَكُسَالَى، وَبَلَى‏.‏ وَشِبْهِ ذَلِكَ، فَرَوَى عَنْهُ إِمَالَةَ ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ بَيْنَ أَبُو طَاهِرٍ بْنُ خَلَفٍ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ الطَّرَسُوسِيِّ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى، وَأَبُو الْفَتْحِ فَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ خَاقَانَ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الدَّانِيُّ فِي التَّيْسِيرِ وَالْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِمَا، وَرَوَى عَنْهُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْفَتْحِ أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ، وَأَبَوْهُ أَبُو الطِّيبِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَصَاحِبُ الْكَافِي، وَصَاحِبُ الْهَادِي، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ، وَغَيْرُهُمْ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ لَهُ فِي ذَلِكَ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ، وَغَيْرُهُ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ وَالصَّفْرَاوِيُّ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ بِإِمَالَةِ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ قَالُونَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ بَيْنَ بَيْنَ فَخَالَفَ جَمِيعَ النَّاسِ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي كَمَا هُوَ فِي الْعُنْوَانِ‏.‏

تَنْبِيهٌ

ظَاهِرُ عِبَارَةِ التَّيْسِيرِ فِي ‏{‏هُدَايَ‏}‏ فِي الْبَقَرَةِ وَطه‏.‏ وَ‏{‏مَحْيَايَ‏}‏ فِي الْأَنْعَامِ‏.‏ وَ‏{‏مَثْوَايَ‏}‏ فِي يُوسُفَ، الْفَتْحُ لِوَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَصَّ عَلَى إِمَالَتِهَا لِلْكِسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ عَنْهُ فِي الْفَصْلِ الْمُخْتَصِّ بِهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ ‏{‏رُؤْيَاكَ‏}‏ نَصَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى إِمَالَةِ ‏{‏رُؤْيَاكَ‏}‏ بَيْنَ بَيْنَ لِوَرْشٍ، وَأَبِي عَمْرٍو دُونَ الْبَاقِي وَقَدْ نَصَّ فِي بَاقِي كُتُبِهِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ نَصًّا فِي كِتَابِ الْإِمَالَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَنْ تَعَلَّقَ بِظَاهِرِ عِبَارَتِهِ فِي التَّيْسِيرِ، وَكَذَلِكَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْعُنْوَانِ فِي هُودٍ يَقْتَضِي فَتْحَ ‏{‏مُرْسَاهَا‏}‏ لِوَرْشٍ، وَكَذَا ‏{‏السُّوءَى‏}‏ فِي الرُّومِ وَالصَّوَابُ إِدْخَالُ ذَلِكَ فِي الضَّابِطِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الْإِمَالَةِ فَيُؤْخَذُ لَهُ بَيْنَ بَيْنَ بِلَا نَظَرٍ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ ‏{‏مَرْضَاتِي‏}‏، وَ‏{‏مَرْضَاةِ‏}‏، وَ‏{‏مِشْكَاةٍ‏}‏ مَفْتُوحٌ، هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ بَيْنَ أَهْلِ الْأَدَاءِ، وَهُوَ الَّذِي قَرَأْنَا بِهِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ اثْنَانِ مِنْ شُيُوخِنَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا وَاوِيَّانِ‏.‏ وَأَمَّا ‏{‏الرِّبَا‏}‏، ‏{‏كِلَاهُمَا‏}‏، فَقَدْ أَلْحَقَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِنَظَائِرِهِ مِنَ ‏{‏الْقُوَى‏}‏، ‏{‏وَالضُّحَى‏}‏ فَأَمَالَهُ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ صَرِيحُ الْعُنْوَانِ وَظَاهِرُ جَامِعِ الْبَيَانِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى فَتْحِهِ وَجْهًا وَاحِدًا، وَهُوَ الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ مِنْ أَجْلِ كَوْنِ ‏{‏الرِّبَا‏}‏ وَاوِيًّا ‏{‏وَكِلَاهُمَا‏}‏، وَ‏{‏الرِّبَا‏}‏ إِنَّمَا يَمِيلَانِ مِنْ أَجْلِ الْكَسْرَةِ، وَإِنَّمَا أُمِيلَ مَا أُمِيلَ مِنَ الْوَاوِيِّ غَيْرُ ذَلِكَ كَالضُّحَى وَالْقُوَى مِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ رَأْسَ آيَةٍ فَأُمِيلَ لِلْمُنَاسِبَةِ وَالْمُجَاوِرَةِ، وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْأَدَاءِ قَاطِبَةً، وَلَا يُوجَدُ نَصُّ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِخِلَافِهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ مَنْ رَوَى الْفَتْحَ فِي الْيَائِيِّ عَنِ الْأَزْرَقِ عَلَى إِمَالَةِ ‏{‏رَأَى‏}‏ وَبَابُهُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ سَاكِنٌ بَيْنَ بَيْنَ وَجْهًا وَاحِدًا إِلْحَاقًا لَهُ بِذَوَاتِ الرَّاءِ مِنْ أَجْلِ إِمَالَةِ الرَّاءِ قَبْلَهُ كَذَلِكَ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ ذَوَاتِ الرَّاءِ لِلْأَزْرَقِ عَنْ وَرْشٍ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ إِمَالَةُ بَيْنَ بَيْنَ مُطْلَقًا رُءُوسِ الْآيِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ كَانَ فِيهَا ضَمِيرُ تَأْنِيثٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي طَاهِرٍ صَاحِبِ الْعُنْوَانِ، وَشَيْخِهِ، وَأَبِي الْفَتْحِ، وَابْنِ خَاقَانَ‏.‏

الثَّانِي‏:‏ الْفَتْحُ مُطْلَقًا رُءُوسَ الْآيِ، وَغَيْرَهَا‏.‏ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ صَاحِبِ التَّجْرِيدِ‏.‏

الثَّالِثُ‏:‏ إِمَالَةٌ بَيْنَ بَيْنَ فِي رُءُوسِ الْآيِ فَقَطْ سِوَى مَا فِيهِ ضَمِيرُ تَأْنِيثٍ فَالْفَتْحُ، وَكَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ رَأْسَ آيَةٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ وَمَكِّيٍّ، وَجُمْهُورِ الْمَغَارِبَةِ‏.‏

الرَّابِعُ‏:‏ الْإِمَالَةُ بَيْنَ بَيْنَ مُطْلَقًا أَيِّرُءُوسِ الْآيِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ إِلَّا أَنَّ يَكُونَ رَأْسَ آيَةٍ فِيهَا ضَمِيرُ تَأْنِيثٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الدَّانِيِّ فِي التَّيْسِيرِ وَالْمُفْرَدَاتِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ مُرَكَّبٌ مِنْ مَذْهَبَيْ شُيُوخِهِ وَبَقِيَ مَذْهَبٌ خَامِسٌ، وَهُوَ إِجْرَاءُ الْخِلَافِ فِي الْكُلِّ رُءُوسِ الْآيِ مُطْلَقًا وَذَوَاتِ الْيَاءِ غَيْرَ هَا إِلَّا أَنَّ الْفَتْحَ فِي رُءُوسِ الْآيِ غَيْرَ مَا فِيهِ هَا قَلِيلٌ، وَهُوَ فِيمَا فِيهِ هَا كَثِيرٌ، وَهُوَ مَذْهَبٌ يَجْمَعُ الْمَذَاهِبَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ، وَهَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ، وَهُوَ الْأُولَى عِنْدِي بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَيْهِ لِمَا بَيَّنْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا ذَوَاتُ الرَّاءِ فَكُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى إِمَالَتِهَا بَيْنَ بَيْنَ وَجْهًا وَاحِدًا إِلَّا ‏{‏أَرَاكَهُمْ‏}‏ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَمَالَ عَنْهُ رُءُوسَ الْآيِ فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ كَوْنِهِ وَاوِيًّا، أَوْ يَائِيًّا، وَقَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ مَكِّيٍّ مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ إِمَالَةِ رُءُوسِ الْآيِ بِذَوَاتِ الْيَاءِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا كُتِبَ بِالْيَاءِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏إِمَالَةُ أَبِي عَمْرٍو ذَوَاتَ الرَّاءِ‏]‏

وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو، فَقَدْ تَقَدَّمَتْ إِمَالَتُهُ ذَوَاتَ الرَّاءِ مَحْضًا، وَكَذَلِكَ أَعْمَى، أَوَّلُ سُبْحَانَ وَرَأَى وَالِاخْتِلَافُ عَنْهُ فِي بُشْرَايَ أَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ رُءُوسِ الْآيِ وَأَلِفَاتِ التَّأْنِيثِ، فَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَفِي كَلِمَاتٍ أُخْرَى نَذْكُرُهَا، فَرَوَى عَنْهُ الْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً، وَجُمْهُورُ الْمِصْرِيِّينَ، وَغَيْرُهُمْ إِمَالَةَ رُءُوسِ الْآيِ مِنَ الْإِحْدَى عَشْرَةَ سُورَةً غَيْرِ ذَوَاتِ الرَّاءِ مِنْهَا بَيْنَ بَيْنَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْمُجْتَبَى، وَالْعُنْوَانِ، وَإِرْشَادِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ وَغَايَةِ ابْنِ مِهْرَانَ وَتَجْرِيدِ ابْنِ الْفَحَّامِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي وَأَجْمَعُوا عَلَى إِلْحَاقِ الْوَاوِيِّ مِنْهَا بِالْيَائِيِّ لِلْمُجَاوِرَةِ إِلَّا مَا انْفَرَدَ بِهِ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ فَإِنَّهُ قَيَّدَهُ بِمَا إِذَا كَانَتِ الْأَلِفُ مُنْقَلِبَةً عَنْ يَاءٍ مَعَ نَصِّهِ فِي صَدْرِ الْبَابِ عَلَى ‏{‏دَحَاهَا‏}‏، ‏{‏طَحَاهَا‏}‏، ‏{‏تَلَاهَا‏}‏، ‏{‏سَجَى‏}‏ أَنَّهَا مُمَالَةٌ لِأَبِي عَمْرٍو بَيْنَ بَيْنَ فَبَقِيَ عَلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏الضُّحَى‏}‏، وَ‏{‏ضُحًى‏}‏، ‏{‏الْقُوَى‏}‏، ‏{‏الْعُلَى‏}‏ وَالصَّوَابُ إِلْحَاقُهَا بِأَخَوَاتِهَا فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَهُمْ فِي إِلْحَاقِهَا بِهَا وَإِجْرَائِهَا مُجْرَاهَا، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْيَائِيِّ مَا كُتِبَ بِالْيَاءِ كَمَا قَدَّمْنَا‏.‏ وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى تَقْيِيدِ رُءُوسِ الْآيِ أَيْضًا بِالسُّوَرِ الْإِحْدَى عَشْرَةَ الْمَذْكُورَةِ إِلَّا مَا انْفَرَدَ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ بِإِطْلَاقِهِ فِي جَمِيعِ رُءُوسِ الْآيِ وَعَلَى هَذَا يَدْخُلُ ‏{‏وَزِدْنَاهُمْ هُدًى‏}‏ فِي الْكَهْفِ ‏{‏وَمَثْوَاكُمْ‏}‏ فِي الْقِتَالِ فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْمِصْرِيِّينَ يَأْخُذُ بِذَلِكَ وَالصَّوَابُ تَقْيِيدُهُ بِمَا قَيَّدَهُ الرُّوَاةُ وَالرُّجُوعُ إِلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ عَنْهُ فِي إِمَالَةِ أَلِفِ التَّأْنِيثِ مِنْ فَعْلَى كَيْفَ أَتَتْ مِمَّا لَمْ يَكُنْ رَأْسَ آيَةٍ وَلَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الرَّاءِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ إِلَى إِمَالَتِهِ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ الَّذِي فِي الشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّيْسِيرِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْإِرْشَادِ وَالتَّلْخِيصَيْنِ وَالْكَافِي، وَغَايَةِ ابْنِ مِهْرَانَ وَالتَّجْرِيدِ، مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي‏.‏ وَانْفَرَدَ أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ فِي الرَّوْضَةِ بِإِمَالَةِ أَلِفِ‏:‏ فَعْلَى مَحْضًا لِأَبِي عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ الْإِدْغَامِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِنَا فَإِنَّ رُوَاةَ الْإِدْغَامِ فِي الرَّوْضَةِ لَيْسَ مِنْهُمُ الدُّورِيُّ وَالسُّوسِيُّ‏.‏ وَذَهَبَ الْآخَرُونَ إِلَى الْفَتْحِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْعُنْوَانِ وَالْمُجْتَبَى وَالْهَادِي، وَالْهِدَايَةِ، إِلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ خَصَّ مِنْ ذَلِكَ مُوسَى، وَعِيسَى، وَيَحْيَى الْأَسْمَاءَ الثَّلَاثَةَ فَقَطْ فَأَمَالَهَا عَنْهُ بَيْنَ بَيْنَ دُونِ غَيْرِهَا، وَانْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ بِإِمَالَتِهَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شَنَبُوذَ عَنْهُ إِمَالَةً مَحْضَةً وَبَيْنَ بَيْنَ مِنْ طَرِيقِ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَنُصَّ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى غَيْرِهَا وَأَجْمَعَ أَصْحَابُ بَيْنَ بَيْنَ عَلَى إِلْحَاقِ اسْمِ مُوسَى‏.‏ وَعِيسَى، وَيَحْيَى‏.‏ بِأَلِفَاتِ التَّأْنِيثِ إِلَّا مَا انْفَرَدَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي مِنْ فَتْحِ يَحْيَى لِلسُّوسِيِّ، وَقَالَ‏:‏ مَكِّيٌّ اخْتُلِفَ عَنْهُ فِي يَحْيَى يَعْنِي عَنْ أَبِي عَمْرٍو مِنْ طَرِيقَتِهِ قَالَ‏:‏ فَذَهَبَ الشَّيْخُ يَعْنِي أَبَا الطِّيبِ بْنَ غَلْبُونَ أَنَّهُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَغَيْرُهُ يَقُولُ بِالْفَتْحِ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ قُلْتُ‏:‏ وَأَصْلُ الِاخْتِلَافِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْيَزِيدِيِّ نَصَّ عَلَى كِتَابِهِ عَلَى ‏{‏مُوسَى‏}‏، ‏{‏عِيسَى‏}‏، وَلَمْ يَذْكُرْ ‏{‏يَحْيَى‏}‏ فَتَمَسَّكَ مَنْ تَمَسَّكَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالصَّوَابُ إِلْحَاقُهَا بِأَخَوَاتِهَا، فَقَدْ نَصَّ الدَّانِيُّ فِي الْمُوَضِّحِ عَلَى أَنَّ الْقُرَّاءَ يَقُولُونَ إِنَّ ‏{‏يَحْيَى‏}‏ فَعْلَى، وَ‏{‏مُوسَى‏}‏ فُعْلَى، وَ‏{‏عِيسَى‏}‏ فِعْلَى‏.‏ وَذَكَرَ اخْتِلَافَ النَّحْوِيِّينَ فِيهَا ثُمَّ قَالَ‏:‏ إِنَّهُ قَرَأَهَا لِأَبِي عَمْرٍو بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ بِإِلْحَاقِ أَلِفِ التَّأْنِيثِ مِنْ فَعَالَى، وَفُعَالَى بِأَلِفِ فَعْلَى، فَأَمَالَهَا عَنْهُ بَيْنَ بَيْنَ مَنْ قِرَاءَتُهُ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي أَيْضًا، وَذَلِكَ مَحْكِيٌّ عَنِ السُّوسِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ الْخَشَّابِ عَنْهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَبِهِ نَأْخُذُ‏.‏ وَاخْتَلَفَ أَيْضًا هَؤُلَاءِ الْمُلَطِّفُونَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو فِي سَبْعَةِ أَلْفَاظٍ، وَهِيَ ‏{‏بَلَى‏}‏، ‏{‏مَتَى‏}‏، ‏{‏عَسَى‏}‏، ‏{‏أَنَّى‏}‏ الِاسْتِفْهَامِيَّةُ، ‏{‏يَا وَيْلَتَى‏}‏، ‏{‏يَا حَسْرَتَى‏}‏، ‏{‏يَا أَسَفَى‏}‏ فَأَمَّا بَلَى وَمَتَى، فَرَوَى إِمَالَتَهَا بَيْنَ بَيْنَ لِأَبِي عَمْرٍو مِنْ رِوَايَتَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ فِي كَافِيهِ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ فِي هِدَايَتِهِ، وَصَاحِبُ الْهَادِي‏.‏

وَأَمَّا عَسَى فَذَكَرَ إِمَالَتَهَا لَهُ كَذَلِكَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْهَادِي، وَلَكِنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا رِوَايَةَ السُّوسِيِّ مِنْ طُرُقِنَا، وَأَمَّا‏:‏ أَنَّى، وَيَا وَيْلَتَى، وَيَاحَسْرَتَى، فَرَوَى إِمَالَتَهَا بَيْنَ بَيْنَ مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ عَنْهُ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَصَاحِبُ الْكَافِي، وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَصَاحِبُ الْهَادِي وَتَبِعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ، وَأَمَّا يَا أَسَفَى، فَرَوَى إِمَالَتَهُ كَذَلِكَ عَنِ الدُّورِيِّ عَنْهُ بِغَيْرِ خِلَافِ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِ الْكَافِي، وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَصَاحِبِ الْهَادِي، وَهُوَ يَحْتَمِلُ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ، وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ عَنْهُ فِيهَا خِلَافًا وَأَنَّهُ قَرَأَ بِفَتْحِهَا وَنَصَّ الدَّانِيُّ عَلَى فَتْحِهَا لَهُ دُونَ أَخَوَاتِهَا، وَرَوَى فَتْحَ الْأَلْفَاظِ السَّبْعَةِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مِنْ رِوَايَتَيْهِ سَائِرُ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنَ الْمَغَارِبَةِ وَالْمِصْرِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ، وَرَوَى جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ وَبَعْضُ الْمِصْرِيِّينَ فَتَحَ جَمِيعَ هَذَا الْفَصْلِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مِنْ رِوَايَتَيْهِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَلَمْ يُمِيلُوا عَنْهُ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا سِوَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَوَاتِ الرَّاءِ وَأَعْمَى الْأُولَى مِنْ ‏{‏سُبْحَانَ‏}‏، ‏{‏وَرَأَى‏}‏ حَسْبُ لَا غَيْرَ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْتَنِيرِ لِابْنِ سَوَّارٍ، وَالْإِرْشَادِ وَالْكِفَايَةِ لِأَبِي الْعِزِّ، وَالْمُبْهِجِ وَالْكِفَايَةِ لِسِبْطِ الْخَيَّاطِ، وَالْجَامِعِ لِابْنِ فَارِسٍ، وَالْكَامِلِ لِأَبِي الْقَاسِمِ الْهُذَلِيِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْكُتُبِ وَأَشَارَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَقَالَ‏:‏ فِي غَايَتِهِ، وَمَنْ لَمْ يُمِلْ عَنْهُ يَعْنِي عَنْ أَبِي عَمْرٍو فَعْلَى عَلَى اخْتِلَافِ حَرَكَةِ فَائِهَا وَأَوَاخِرِ الْآيِ فِي السُّوَرِ الْيَائِيَّاتِ وَمَا يُجَاوِرُهَا مِنَ الْوَاوِيَّاتِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ جَمِيعَ ذَلِكَ بَيْنَ الْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَإِلَى الْفَتْحِ أَقْرَبُ قَالَ‏:‏ وَمَنْ صَعُبَ عَلَيْهِ اللَّفْظُ بِذَلِكَ عَدَلَ إِلَى التَّفْخِيمِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ قُلْتُ‏:‏ وَكُلٌّ مِنَ الْفَتْحِ وَبَيْنَ اللَّفْظَيْنِ صَحِيحٌ ثَابِتٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ قَرَأْتُ بِهِ، وَبِهِ آخُذُ، وَقَدْ رَوَى مِنْهُمْ بَكْرُ بْنُ شَاذَانَ، وَأَبُو الْفَرَجِ النَّهْرَوَانِيِّ عَنْ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ فَرَحٍ عَنِ الدُّورِيِّ إِمَالَةَ الدُّنْيَا حَيْثُ وَقَعَتْ إِمَالَةً مَحْضَةً، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ، وَأَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ، وَأَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ صَحِيحٌ مَأْخُوذٌ بِهِ مِنَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ‏.‏

فَصْلٌ فِي إِمَالَةِ الْأَلِفِ الَّتِي بَعْدَهَا رَاءٌ مُتَطَرِّفَةٌ مَكْسُورَةٌ

اتَّفَقَ أَبُو عَمْرٍو مِنْ رِوَايَتَيْهِ وَالْكِسَائِيُّ، مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ عَلَى إِمَالَةِ كُلِّ أَلِفٍ بَعْدَهَا رَاءٌ مُتَطَرِّفَةٌ مَجْرُورَةٌ سَوَاءٌ كَانَتِ الْأَلِفُ أَصْلِيَّةً أَمْ زَائِدَةً عَنْهُ نَحْوَ ‏{‏الدَّارِ‏}‏، ‏{‏الْغَارِ‏}‏، ‏{‏الْقَهَّارِ‏}‏، ‏{‏الْغَفَّارِ‏}‏، ‏{‏النَّهَارِ‏}‏، ‏{‏الدِّيَارِ‏}‏، ‏{‏الْكُفَّارِ‏}‏، ‏{‏الْفُجَّارِ‏}‏، ‏{‏الْإِبْكَارِ‏}‏، ‏{‏بِدِينَارٍ‏}‏، ‏{‏بِقِنْطَارٍ‏}‏، ‏{‏بِمِقْدَارٍ‏}‏، ‏{‏أَنْصَارٍ‏}‏، ‏{‏أَوْبَارِهَا‏}‏، ‏{‏أَشْعَارِهَا‏}‏، ‏{‏آثَارِهِمَا‏}‏، ‏{‏آثَارِهِمْ‏}‏، ‏{‏أَبْصَارِهِمْ‏}‏، ‏{‏دِيَارِهِمْ‏}‏، وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، فَرَوَى الصُّورِيُّ عَنْهُ إِمَالَةَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَانْفَرَدَ عَنْهُ أَبُو الْفَتْحِ فَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ فِيمَا ذَكَرَهُ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ بِفَتْحِ ‏{‏الْأَبْصَارِ‏}‏ فَقَطْ نَحْوَ ‏{‏لِأُولِي الْأَبْصَارِ‏}‏، ‏{‏يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ‏}‏ حَيْثُ وَقَعَ مِنْ لَفْظِهِ فَخَالَفَ فِيهِ سَائِرَ النَّاسِ عَنْهُ، وَرَوَى الْأَخْفَشُ عَنْهُ الْفَتْحَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَعْرِفِ الْمَغَارِبَةُ سِوَاهُ، وَرَوَى الْأَزْرَقُ عَنْ وَرْشٍ، جَمِيعَ الْبَابِ بَيْنَ بَيْنَ، وَانْفَرَدَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ عَنْ حَمْزَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْ أَبِي الْحَارِثِ إِلَّا أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ أَبِي الْحَارِثِ لَيْسَتْ مِنْ طُرُقِنَا، وَلَا عَلَى شَرْطِنَا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ الْبَابَ كُلَّهُ بِالْفَتْحِ وَخَرَجَ مِنَ الْبَابِ تِسْعَةُ أَحْرُفٍ، وَهِيَ ‏{‏الْجَارِ‏}‏ فِي مَوْضِعَيِ النِّسَاءِ وَ‏{‏حِمَارِكَ‏}‏ فِي الْبَقَرَةِ وَ‏{‏الْحِمَارِ‏}‏ فِي الْجُمُعَةِ، وَ‏{‏الْغَارِ‏}‏ فِي التَّوْبَةِ، وَ‏{‏هَارٍ‏}‏ فِيهَا أَيْضًا وَ‏{‏الْبَوَارِ‏}‏ فِي إِبْرَهِيمَ، وَ‏{‏الْقَهَّارِ‏}‏ حَيْثُ وَقَعَ، وَ‏{‏جَبَّارِينَ‏}‏ فِي الْمَائِدَةِ وَالشُّعَرَاءِ، وَ‏{‏أَنْصَارِي‏}‏ فِي آلِ عِمْرَانَ وَالصَّفِّ فَخَالَفَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ فِيهَا أُصُولَهُمُ الْمَذْكُورَةَ، أَمَّا ‏{‏الْجَارِ‏}‏ فَاخْتَصَّ بِإِمَالَتِهِ الدُّورِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ وَفَتَحَهُ أَبُو عَمْرٍو إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ، فَرَوَى الْجُمْهُورُ عَنْهُ الْفَتْحَ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْمَغَارِبَةِ وَعَامَّةِ الْمِصْرِيِّينَ، وَطَرِيقُ أَبِي الزَّعْرَاءِ عَنِ الدُّورِيِّ وَالْمُطَّوِّعِيِّ عَنِ ابْنِ فَرَحٍ، وَرَوَى ابْنُ فَرَحٍ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ النَّهْرَوَانِيِّ وَبَكْرِ ابْنِ شَاذَانَ وَأَبِي مُحَمَّدٍ الْفَحَّامِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِمْ، وَالْحَمَّامِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْفَارِسِيِّ وَالْمَالِكِيِّ كُلِّهِمْ عَنْ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ فَرَحٍ بِالْإِمَالَةِ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْإِرْشَادِ وَالْكِفَايَةِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ لِابْنِ فَرَحٍ عَنْهُ، وَقَطَعَ الْخِلَافَ لِأَبِي عَمْرٍو فِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ، وَهِيَ رِوَايَةُ بَكْرٍ السَّرَاوِيلِيِّ عَنِ الدُّورِيِّ نَصًّا، وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ فِي الْكَامِلِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي إِمَالَتَهُ لِأَبِي عَمْرٍو بِغَيْرِ خِلَافٍ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو فَتْحُهُ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْأَدَاءِ إِلَّا مَنْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ فَرَحٍ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْأَزْرَقِ عَنْ وَرْشٍ، فَرَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْهُ بَيْنَ بَيْنَ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي التَّيْسِيرِ وَإِنْ كَانَ قَدْ حَكَى فِيهِ اخْتِلَافًا فَإِنَّهُ نَصَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَ بَيْنَ قَرَأَ بِهِ، وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَذَلِكَ قَطَعَ بِهِ فِي مُفْرَدَاتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَنْهُ سِوَاهُ‏.‏ وَأَمَّا فِي جَامِعِ الْبَيَانِ فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ قَرَأَهُ بَيْنَ بَيْنَ عَلَى ابْنِ خَاقَانَ، وَكَذَلِكَ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ وَقَرَأَهُ بِالْفَتْحِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ قُلْتُ‏:‏ وَالْفَتْحُ فِيهِ هُوَ طَرِيقُ أَبِيهِ أَبِي الطِّيبِ وَاخْتِيَارُهُ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ مَكِّيٌّ فِي التَّبْصِرَةِ‏:‏ مَذْهَبُ أَبِي الطِّيبِ الْفَتْحُ، وَغَيْرِهِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ انْتَهَى‏.‏ وَهُوَ يَقْتَضِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَبِهِمَا قَطَعَ فِي الشَّاطِبِيَّةِ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا ‏{‏حِمَارِكَ‏}‏، ‏{‏الْحِمَارِ‏}‏ فَاخْتُلِفَ فِيهِمَا عَنِ الْأَخْفَشِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فَرَوَاهُ عَنْهُ الْجُمْهُورُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْأَخْرَمِ بِالْإِمَالَةِ، وَرَوَاهُ آخَرُونَ مِنْ طَرِيقِ النَّقَّاشِ وَبِالْفَتْحِ قَطَعَ صَاحِبُ الْهَادِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ وَالتَّذْكِرَةِ، وَغَيْرُهُمْ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْأَخْرَمِ وَبِالْإِمَالَةِ قَطَعَ لِابْنِ ذَكْوَانَ بِكَمَالِهِ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ، وَصَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَقَالَ‏:‏ إِنَّهُ قَرَأَ بِهِ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَهُوَ طَرِيقُ التَّيْسِيرِ وَعَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ، وَهِيَ رِوَايَةُ صَاحِبِ الْعُنْوَانِ عَنْهُ بِفَتْحِ ‏{‏حِمَارِكَ‏}‏، وَإِمَالَةِ ‏{‏الْحِمَارِ‏}‏، وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا غَيْرُهُ وَالْبَاقُونَ فِيهِمَا عَلَى أُصُولِهِمْ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا ‏{‏الْغَارِ‏}‏ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الدُّورِيِّ عَنِ الْكِسَائِيِّ فَرَوَاهُ عَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّصِيبِيِّ بِالْإِمَالَةِ عَلَى أَصْلِهِ، وَرَوَاهُ عَنْهُ أَبُو عُثْمَانَ الضَّرِيرُ بِالْفَتْحِ فَخَالَفَ أَصْلَهُ فِيهِ خَاصَّةً، وَانْفَرَدَ أَبُو عَلِيٍّ الْعَطَّارُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الطَّبَرِيِّ عَنِ ابْنِ بُويَانَ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ عَنْ قَالُونَ بِإِمَالَتِهِ بَيْنَ بَيْنَ، وَكَذَلِكَ انْفَرَدَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ بِهِ عَنْ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ فَارِسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ السَّامَرِّيِّ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ عَنْهُ، وَانْفَرَدَ أَيْضًا مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي الْمَذْكُورِ فِي رِوَايَةِ خَلَّادٍ فِيهِ خَاصَّةً بِذَلِكَ، وَقَدْ وَافَقَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْعُنْوَانِ لَوْ لَمْ يُخَصِّصْ، وَانْفَرَدَ أَبُو الْكَرَمِ عَنِ ابْنِ خَشْنَامٍ عَنْ رَوْحٍ بِإِمَالَتِهِ فَخَالَفَ فِيهِ سَائِرَ الرُّوَاةِ عَنْ رَوْحٍوَالْبَاقُونَ فِيهِ عَلَى أُصُولِهِمْ، وَأَمَّا ‏{‏هَارٍ‏}‏، وَقَدْ كَانَتْ رَاؤُهُ لَامًا فَجُعِلَتْ عَيْنًا بِالْقَلْبِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَهُ‏:‏ هَايِرٌ، أَوْ هَاوُرٌ، مِنْ هَارَ يَهِيرُ، أَوْ يَهُورُ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ، فَقُدِّمَتِ اللَّامُ إِلَى مَوْضِعِ الْعَيْنِ وَأُخِّرَتِ الْعَيْنُ إِلَى مَوْضِعِ اللَّامِ ثُمَّ فُعِلَ بِهِ مَا فُعِلَ فِي قَاضِي فَالرَّاءُ حِينَئِذٍ لَيْسَتْ بِطَرَفٍ وَلَكِنَّهَا بِالنَّظَرِ إِلَى صُورَةِ الْكَلِمَةِ طَرَفٌ، وَكَذَا إِلَى لَفْظِهَا الْآنَ فَهِيَ بَعْدَ الْأَلِفِ مُتَطَرِّفَةٌ فَلِذَلِكَ ذُكِرَتْ هُنَا وَعَلَى تَقْدِيرِ الْأَصْلِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ بَيْنَهُمَا حَرْفٌ مُقَدَّرٌ فَهُوَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُشْبِهُ كَافِرًا، وَقَدِ اتَّفَقَ عَلَى إِمَالَتِهِ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْ قَالُونَ، وَابْنِ ذَكْوَانَ‏.‏ فَأَمَّا قَالُونُ، فَرَوَى عَنْهُ الْفَتْحَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ ذُؤَابَةَ الْقَزَّازُ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ، وَرَوَاهُ أَبُو الْعِزِّ، وَأَبُو الْعَلَاءِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ، وَغَيْرُهُمْ عَنْ قَالُونَ مِنْ طَرِيقَيْهِ، وَرَوَى عَنْهُ الْإِمَالَةَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بُويَانَ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَذْكُرِ الْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً عَنْ قَالُونَ سِوَاهُ، وَقَطَعَ بِهِ الدَّانِيُّ لِلْحَلْوَانِيِّ فِي جَامِعِهِ، وَكَذَلِكَ صَاحَبُ التَّجْرِيدِ وَالْمُبْهِجِ، وَغَيْرُهُمْ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ عَنْ قَالُونَ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا أَبُو عَمْرٍو الْحَافِظُ فِي مُفْرَدَاتِهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا ابْنُ ذَكْوَانَ، فَرَوَى عَنْهُ الْفَتْحَ الْأَخْفَشُ مِنْ طَرِيقِ النَّقَّاشِ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَرَأَ بِهِ الدَّانِيُّ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً مِنَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ، وَرَوَى عَنْهُ الْإِمَالَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْأَخْرَمِ، وَهِيَ طَرِيقُ الصُّورِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَبِذَلِكَ قَطَعَ لِابْنِ ذَكْوَانَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ، وَابْنُ مِهْرَانَ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَالْعُنْوَانِ، وَابْنُ شُرَيْحٍ وَمَكِّيٌّ، وَابْنُ سُفْيَانَ، وَابْنُ بَلِّيمَةَ وَالْجُمْهُورُ وَنَصَّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّيْسِيرِ، وَأَمَالَهُ الْأَزْرَقُ عَنْ وَرْشٍ بَيْنَ بَيْنَ وَفَتَحَهُ الْبَاقُونَ‏.‏ وَانْفَرَدَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ بِفَتْحِهِ عَنْ أَبِي الْحَارِثِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، وَانْفَرَدَ أَيْضًا بِإِمَالَتِهِ عَنْ خَلَفٍ عَنْ حَمْزَةَ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ، وَانْفَرَدَ سِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي الْمُبْهِجِ بِوَجْهَيِ الْفَتْحِ وَالْإِمَالَةِ عَنْ حَمْزَةَ بِكَمَالِهِ، وَانْفَرَدَ أَيْضًا فِي كِفَايَتِهِ بِإِمَالَتِهِ عَنْ خَلَفٍ فِي اخْتِيَارِهِ يَعْنِي مِنْ رِوَايَةِ إِدْرِيسَ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ سِوَاهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا ‏{‏الْبَوَارِ‏}‏، ‏{‏الْقَهَّارِ‏}‏ فَاخْتُلِفَ فِيهِمَا عَنْ حَمْزَةَ، فَرَوَى فَتْحَهُمَا لَهُ مِنْ رِوَايَتَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً، وَهُوَ الَّذِي فِي الْإِرْشَادَيْنِ وَالْغَايَتَيْنِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَالْجَامِعِ وَالتِّذْكَارِ وَالْمُبْهِجِ وَالتَّجْرِيدِ، وَالْكَامِلِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَرَوَاهُمَا بَيْنَ بَيْنَ الْمَغَارِبَةُ عَنْ آخِرِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَانْفَرَدَ أَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ عَنْ حَمْزَةَ فِي رِوَايَتَيْهِ بِإِمَالَتِهِمَا مَحْضًا، وَكَذَا أَبُو عَلِيٍّ الْعَطَّارُ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إِدْرِيسَ عَنْ خَلَفٍ عَنْهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَالْبَاقُونَ عَلَى أُصُولِهِمُ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ، وَأَمَّا ‏{‏جَبَّارِينَ‏}‏ فَاخْتَصَّ بِإِمَالَتِهِ الْكِسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ، وَانْفَرَدَ النَّهْرَوَانِيُّ عَنِ ابْنِ فَرَحٍ عَنِ الدُّورِيِّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِإِمَالَتِهِ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ‏.‏

وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْأَزْرَقِ فَرَوَاهُ عَنْهُ بَيْنَ بَيْنَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ فِي كَافِيهِ، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي مُفْرَدَاتِهِ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّذْكِرَةِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّجْرِيدِ، وَالْعُنْوَانِ، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ، وَبِهِمَا قَرَأْتُ وَآخُذُ وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، وَأَمَّا ‏{‏أَنْصَارِي‏}‏ فَاخْتَصَّ بِإِمَالَتِهِ الدُّورِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَانْفَرَدَ بِذَلِكَ زَيْدٌ عَنِ الصُّورِيِّ وَفَتَحَهُ الْبَاقُونَ وَالرَّاءُ فِيهِ، وَفِي ‏{‏جَبَّارِينَ‏}‏ لَيْسَتْ مَجْرُورَةً بَلْ مَكْسُورَةً فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ فِي ‏{‏أَنْصَارِي‏}‏، وَفِي مَوْضِعِ نَصْبٍ فِي ‏{‏جَبَّارِينَ‏}‏ وَلِكَوْنِهَا مُتَطَرِّفَةً ذُكِرَتْ فِي هَذَا الْبَابِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَأَمَّا مَا وَقَعَتْ فِيهِ الرَّاءُ مُكَرَّرَةً مِنْ هَذَا الْبَابِ نَحْوَ ‏{‏الْأَبْرَارِ‏}‏، ‏{‏الْأَشْرَارِ‏}‏، ‏{‏قَرَارٍ‏}‏ فَأَمَالَهُ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ، وَرَوَاهُ وَرْشٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ بَيْنَ بَيْنَ‏.‏ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ حَمْزَةَ، وَابْنِ ذَكْوَانَ‏.‏ فَأَمَّا حَمْزَةُ، فَرَوَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ الْإِمَالَةَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَتَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُبْهِجِ، وَالْعُنْوَانِ، وَتَلْخِيصِ أَبِي مَعْشَرٍ وَالتَّجْرِيدِ، مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، وَبِهِ قَرَأَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّيْسِيرِ، وَهُوَ مِمَّا خَرَجَ خَلَفٌ فِيهِ عَنْ طُرُقِهِ، وَذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَرَوَاهُ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ خَلَفٍ، وَقَطَعُوا لِخَلَّادٍ بِالْفَتْحِ كَأَبِي الْعِزِّ، وَابْنِ سَوَّارٍ، وَالْهُذَلِيِّ وَالْهَمَدَانِيِّ، وَابْنِ مِهْرَانَ، وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ فَارِسٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيِّ، وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ، وَرَوَى جُمْهُورُ الْمَغَارِبَةِ وَالْمِصْرِيِّينَ عَنْ حَمْزَةَ مِنْ رِوَايَتَيْهِ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ وَالْهَادِي، وَالتَّذْكِرَةِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْحَسَنِ‏.‏ وَأَمَّا ابْنُ ذَكْوَانَ، فَرَوَى عَنْهُ الْإِمَالَةَ الصُّورِيُّ، وَرَوَى عَنْهُ الْفَتْحَ الْأَخْفَشُ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ عَنْهُ بَيْنَ بَيْنَ فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ، وَكَذَلِكَ انْفَرَدَ بِهِ عَنْ أَبِي الْحَارِثِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ طُرُقِنَا، وَلَا مِنْ شَرْطِنَا، وَانْفَرَدَ بِهِ أَيْضًا صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنْ قَالُونَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، وَهُوَ فِي الْعُنْوَانِ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ عَنْهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنِ الدَّاجُونِيِّ عَنِ ابْنِ مَامَوَيْهِ عَنْ هِشَامٍ بِالْإِمَالَةِ أَيْضًا، وَانْفَرَدَ أَبُو عَلِيٍّ الْعَطَّارُ عَنِ النَّهْرَوَانِيِّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ فِيمَا قَرَأَ بِهِ عَلَى ابْنِ سَوَّارٍ بِإِمَالَتِهِ أَيْضًا فَخَالَفَ فِيهِ سَائِرَ الرُّوَاةِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَصْلٌ فِي إِمَالَةِ الْأَلِفِ الَّتِي هِيَ عَيْنٌ مِنَ الْفِعْلِ الثُّلَاثِيِّ الْمَاضِي

أَمَالَهَا حَمْزَةُ مِنْ عَشْرِ أَفْعَالٍ، وَهِيَ ‏{‏زَادَ‏}‏، ‏{‏شَاءَ‏}‏، ‏{‏جَاءَ‏}‏، ‏{‏خَابَ‏}‏، ‏{‏رَانَ‏}‏، ‏{‏خَافَ‏}‏، ‏{‏زَاغَ‏}‏، ‏{‏طَابَ‏}‏، ‏{‏ضَاقَ‏}‏، ‏{‏حَاقَ‏}‏ حَيْثُ وَقَعَتْ وَكَيْفَ جَاءَتْ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏فَزَادَهُمُ‏}‏، ‏{‏زَادَهُمْ‏}‏، ‏{‏جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ‏}‏، ‏{‏جَاءُوا أَبَاهُمْ‏}‏، ‏{‏جَاءَتْ سَيَّارَةٌ‏}‏ إِلَّا زَاغَتْ فَقَطْ، وَهِيَ فِي الْأَحْزَابِ وَصَادٍ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ عَنْهُ فِي اسْتِثْنَائِهِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ التَّجْرِيدِ تَقْتَضِي إِطْلَاقَهُ فَهُوَ مِمَّا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الطُّرُقُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ بِإِمَالَتِهِ عَنْ خَلَّادٍ نَصًّا، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَبْسِيِّ وَالْعِجْلَيِّ عَنْ حَمْزَةَ، وَقَدْ خَالَفَ ابْنُ مِهْرَانَ فِي ذَلِكَ سَائِرَ الرُّوَاةِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَوَافَقَهُ خَلَفٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ فِي ‏{‏جَاءَ‏}‏، ‏{‏شَاءَ‏}‏ كَيْفَ وَقَعَا، وَوَافَقَهُ ابْنُ ذَكْوَانَ وَحْدَهُ فِي ‏{‏فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا‏}‏، أَوَّلَ الْبَقَرَةِ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي بَاقِي الْقُرْآنِ، فَرَوَى فِيهِ الْفَتْحَ وَجْهًا وَاحِدًا صَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَابْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ سُفْيَانَ وَالْمَهْدَوِيُّ وَابْنُ بَلِّيمَةَ وَمَكِّيٌّ، وَصَاحِبُ التَّذْكِرَةِ وَالْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً، وَهِيَ طَرِيقُ ابْنِ الْأَخْرَمِ عَنِ الْأَخْفَشِ عَنْهُ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ مِهْرَانَ غَيْرَهُ، وَرَوَى الْإِمَالَةَ إِمَالَةَ الْأَلِفِ الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ الثُّلَاثِيِّ الْمَاضِي أَبُو الْعِزِّ فِي كِتَابَيْهِ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَالْمُسْتَنِيرِ، وَالْمُبْهِجِ، وَجُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَهِيَ طَرِيقُ الصُّورِيِّ وَالنَّقَّاشِ عَنِ الْأَخْفَشِ، وَطَرِيقِ التَّيْسِيرِ فَإِنَّ الدَّانِيَّ قَرَأَ بِهَا عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلَى أَبِي الْفَتْحِ أَيْضًا، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ‏.‏

وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ أَيْضًا فِي ‏{‏خَابَ‏}‏ وَهُوَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَوْضِعَيْ ‏{‏طه‏}‏، وَفِي ‏{‏وَالشَّمْسِ‏}‏ فَأَمَالَهُ عَنْهُ الصُّورِيُّ وَفَتَحَهُ الْأَخْفَشُ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْ هِشَامٍ فِي ‏{‏شَاءَ‏}‏، ‏{‏جَاءَ‏}‏، ‏{‏زَادَ‏}‏ فَأَمَالَهَا الدَّاجُونِيُّ وَفَتَحَهَا الْحُلْوَانِيُّ‏.‏

وَاخْتُلِفَ عَنِ الدَّاجُونِيِّ فِي ‏{‏خَابَ‏}‏ فَأَمَالَهُ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمُبْهِجِ، وَابْنُ فَارِسٍ وَجَمَاعَةٌ وَفَتَحَهُ ابْنُ سَوَّارٍ وَأَبُو الْعِزِّ وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ وَآخَرُونَ وَاتَّفَقَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ عَلَى إِمَالَةِ ‏{‏رَانَ‏}‏، وَهُوَ فِي التَّطْفِيفِ ‏{‏بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ‏}‏ وَفَتَحَهُ الْبَاقُونَ‏.‏