فصل: تفسير الآيات (113- 114):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (113- 114):

{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114)}
قوله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيّ وَالَّذِينَ ءَآمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} اختلف في سبب نزولها على ثلاثة أقاويل:
أحدها: ما روى مسروق عن ابن مسعود قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقابر فاتبعناه فجاء حتى جلس إلى قبر منها فناجاه طويلاً ثم بكى فبكينا لبكائه، ثم قام، فقام إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فدعاه ثم دعانا فقال: «مَا أَبْكَاكُم؟» قلنا: بكينا لبكائك، قال: «إن القبر الذي جلست عنده قبر آمِنَةَ وَإِنِّي اسْتَأْذَنتُ رَبِّي فِي زيَارَتِهَا فَأَذِنَ لِي، وَإِنِّي استَأْذَنتُ رَبِّي فِي الدُّعَاءِ لَهَا فَلَمْ يَأْذَن لِي، وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ ءَآمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُربَى} الآية.
فأخذني ما يأخذ الولد للوالد، وكنتُ نَهَيتُكُم عن زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا فإنها تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَةَ»
.
والثاني: أنها نزلت في أبي طالب، روى سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال صلى الله عليه وسلم: «أَي عَمِّ قُلْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ كَلِمَةٌ أُحَاج لَكَ بِهَا عِندَ اللَّهِ» فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فكان آخر شيء كلمهم به أن قال: أنا على ملة عبد المطلب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنكَ» فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ ءَآمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلمُشْرِكِينَ}. الآية.
والثالث: أنها نزلت فيما رواه أبو الخليل عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رجلاً يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ قال: أو لم يستغفر إبراهيم لأبويه؟ فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ ءآمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}.
قوله عز وجل: {وَمَا كَانَ استِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهآ إِيَّاهُ} الآية.
عذر الله تعالى إبراهيم عليه السلام في استغفاره لأبيه مع شركه لسالف موعده ورجاء إيمانه.
وفي موعده الذي كان يستغفر له من أجله قولان:
أحدهما: أن أباه وعده أنه إن استغفر له آمن.
والثاني: أن إبراهيم وعد أباه أن يستغفر له لما كان يرجوه أنه يؤمن.
{فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ} وذلك بموته على شركه وإياسه من إيمانه {تَبَرَّأَ مِنْهُ} أي من أفعاله ومن استغفاره له، فلم يستغفر له بعد موته.
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} فيه عشرة تأويلات:
أحدها: أن الأوّاه: الدعَّاء، أي الذي يكثر الدعاء، قاله ابن مسعود.
الثاني: أنه الرحيم، قاله الحسن.
الثالث: أنه الموقن، قاله عكرمة وعطاء.
الرابع: أنه المؤمن، بلغة الحبشة، قاله ابن عباس.
الخامس: أنه المسبِّح، قاله سعيد بن المسيب.
السادس: أنه الذي يكثر تلاوة القرآن، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.
السابع: أنه المتأوّه، قاله أبو ذر.
الثامن: أنه الفقيه، قاله مجاهد.
التاسع: أنه المتضرع الخاشع، رواه عبد الله بن شداد بن الهاد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
العاشر: أنه الذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها، قاله أبو أيوب.
وأصل الأواه من التأوه وهو التوجع، ومنه قول المثقب العبدي.
إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحَلُها بِلَيْلٍ ** تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الْحَزِينِ

.تفسير الآيات (115- 116):

{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (116)}
قوله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ} الآية. سبب نزولها أن قوماً من الأعراب أسلموا وعادوا إلى بلادهم فعملوا بما شاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمله من الصلاة إلى بيت المقدس وصيام الأيام البيض، ثم قدموا بعد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدوه يصلي إلى الكعبة ويصوم شهر رمضان: فقالوا: يا رسول الله أضلنا الله بعدك بالصلاة. إنك على أمر وإنا على غيره فأنزل الله تعالى هذه الآية.

.تفسير الآية رقم (117):

{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117)}
قوله عز وجل: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} الآية. هي غزوة تبوك قِبل الشام، كانوا في عسرة من الظهر، كان الرجلان والثلاثة على بعير وفي عسرة من الزاد، قال قتادة حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما، وكان النفر يتداولون التمرة بينهم يمصها أحدهم ثم يشرب عليها من الماء، ثم يمصها الآخر، وفي عسرة من الماء، وكانوا في لهبان الحر وشدته.
قال عبد الله بن محمد بن عقيل: وأصابهم يوماً عطش شديد فجعلوا ينحرون إبلهم ويعصرون أكراشها فيشربون ماءها، قال عمر بن الخطاب فأمطر الله السماء بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم فغشينا.
وفي هذه التوبة من الله على النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار وجهان محتملان:
أحدهما: استنقاذهم من شدة العسر.
والثاني: أنها خلاصهم من نكاية العدوّ. وعبر عن ذلك بالتوبة وإن خرج عن عرفها لوجود معنى التوبة فيه وهو الرجوع إلى الحالة الأولى.
{مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: تتلف بالجهد والشدة.
والثاني: تعدِل عن الحق في المتابعة والنصرة، قاله ابن عباس.
{ثُمَّ تَابَ عَلَيهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} وهذه التوبة غير الأولى، وفيها قولان:
أحدهما: أن التوبة الأولى في الذهاب، والتوبة الثانية في الرجوع.
والقول الثاني: أن الأولى في السفر، والثانية بعد العودة إلى المدينة.
فإن قيل بالأول، أن التوبة الثانية في الرجوع، احتملت وجهين:
أحدهما: أنها الإذن لهم بالرجوع إلى المدينة.
الثاني: أنها بالمعونة لهم في إمطار السماء عليهم حتى حيوا، وتكون التوبة على هذين الوجهين عامة.
وإن قيل إن التوبة الثانية بعد عودهم إلى المدينة احتملت وجهين:
أحدهما: أنها العفو عنهم من ممالأة من تخلف عن الخروج معهم.
الثاني: غفران ما همَّ به فريق منهم من العدول عن الحق، وتكون التوبة على هذين الوجهين خاصة.

.تفسير الآيات (118- 119):

{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)}
قوله عز وجل: {وَعلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ} يعني وتاب على الثلاثة الذين خلّفوا وفيه وجهان:
أحدهما: خلفوا عن التوبة وأخرت عليهم حين تاب عليهم، أي على الثلاثة الذين لم يربطوا أنفسهم مع أبي لبابة، قاله الضحاك وأبو مالك.
الثاني: خلفوا عن بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله عكرمة.
وهؤلاء الثلاثة هم: هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكعب بن مالك.
{حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} لأن المسلمين امتنعوا من كلامهم.
{وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ} بما لقوه من الجفوة لهم.
{وَظَنُّوآ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ} أي تيقنوا أن لا ملجأ يلجؤون إليه في الصفح عنهم وقبول التوبة منهم إلا إليه.
{ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} قال كعب بن مالك: بعد خمسين ليلة من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزاة تبوك.
{لِيَتُوبُوآ} قال ابن عباس ليستقيموا لأنه قد تقدمت توبتهم وإنما امتحنهم بذلك استصلاحاً لهم ولغيرهم.
قوله عز وجل: {يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَآمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} في هذه الآية قولان:
أحدهما: أنها في أهل الكتاب، وتأويلها: يا أيها الذين آمنوا من اليهود بموسى، ومن النصارى بعيسى اتقوا الله في إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فآمنوا به، وكونوا مع الصادقين يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في جهاد المشركين، قاله مقاتل بن حيان.
الثاني: أنها في المسلمين: وتأويلها: يا أيها الذين آمنوا من المسلمين اتقوا الله وفي المراد بهذه التقوى وجهان:
أحدهما: اتقوا الله من الكذب، قال ابن مسعود: إن الكذب لا يصلح في جدٍّ ولا هزل، اقرأُوا إن شئتم {يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَآمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} وهي قراءة ابن مسعود هكذا: من الصادقين.
والثاني: اتقوا الله في طاعة رسوله إذا أمركم بجهاد عدوِّه.
{وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} فيهم أربعة أقاويل:
أحدها: مع أبي بكر وعمر، قاله الضحاك.
الثاني: مع الثلاثة الذين خُلفوا حين صدقوا النبي صلى الله عليه وسلم عن تأخرهم ولم يكذبوا. قاله السدي.
والثالث: مع من صدق في قوله ونيته وعمله وسره وعلانيته، قاله قتادة.
والرابع: مع المهاجرين لأنهم لم يتخلفوا عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ابن جريج.

.تفسير الآيات (120- 122):

{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121) وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)}
قوله عز وجل: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً} فيه وجهان:
أحدهما: وما كان عليهم أن ينفروا جميعاً لأن فرضه صار على الكفاية وهذا ناسخ لقوله تعالى: {انفِرُو خِفَافاً وَثِقَالاً} قاله ابن عباس.
والثاني: معناه وما كان للمؤمنين إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سَرية أن يخرجوا جميعاً فيها ويتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده بالمدينة حتى يقيم معه بعضهم، قاله عبد الله بن عبيد الله بن عمير.
قال الكلبي: وسبب نزول ذلك أن المسلمين بعد أن عُيّروا بالتخلف عن غزوة تبوك توفروا على الخروج في سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوه وحده بالمدينة، فنزل ذلك فيهم.
{فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} فيه قولان:
أحدهما: لتتفقه الطائفة الباقية إما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جهاده، وإما مهاجرة إليه في إقامته، قاله الحسن.
الثاني: لتتفقه الطائفة المتأخرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفور في السرايا، ويكون معنى الكلام: فهلاَّ إذا نفروا أن تقيم من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدين، قاله مجاهد.
وفي قوله تعالى: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} تأويلان:
أحدهما: ليتفقهوا في أحكام الدين ومعالم الشرع ويتحملوا عنه ما يقع به البلاغ وينذروا به قومهم إذا رجعوا إليهم.
الثاني: ليتفقهوا فيما يشاهدونه من نصر الله لرسوله وتأييده لدينه وتصديق وعده ومشاهدة معجزاته ليقوى إيمانهم ويخبروا به قومهم.