فصل: تفسير الآيات (40- 41):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (40- 41):

{وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41)}
قوله عز وجل: {أوَلم يروا أنا نأتي الأرض ننقُصُها من أطرافها} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: بالفتوح على المسلمين من بلاد المشركين، قاله قتادة.
الثاني: بخراجها بعد العمارة، قاله مجاهد.
الثالث: بنقصان بركتها وتمحيق ثمرتها، قاله الكلبي والشعبي.
الرابع: بموت فقهائها وخيارها، قاله ابن عباس.
ويحتمل خامساً: أنه بجور ولاتها.

.تفسير الآيات (42- 43):

{وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)}
قوله عز وجل: {ويقول الذين كفروا لست مُرْسلاً} قال قتادة: هم مشركو العرب.
{قلْ كفى بالله شهيداً بيني وبينكم} أي يشهد بصدقي وكذبكم.
{ومن عنده علم الكتاب} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهم عبدالله بن سلام وسلمان وتميم الداري، قاله قتادة.
الثاني: أنه جبريل، قاله سعيد بن جبير.
الثالث: هو الله تعالى، قاله الحسن ومجاهد والضحاك.
وكانوا يقرأون {ومِن عنده علم الكتاب} أي من عِنْد الله علم الكتاب، وينكرون على من قال هو عبد الله بن سلام وسلمان لأنهم يرون السورة مكية، وهؤلاء أسلموا بالمدينة، والله تعالى أعلم بالصواب.

.سورة إبراهيم:

.تفسير الآيات (1- 3):

{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)}
{الر كتاب أنزلناه إليك} يعني القرآن.
{لتُخرِجَ الناسَ مِن الظلماتِ إلى النُّور} فيه أربعة أوجه:
أحدها: من الشك إلى اليقين.
الثاني: من البدعة إلى السنّة.
الثالث: من الضلالة إلى الهدى.
الرابع: من الكفر إلى الإيمان.
{بإذن ربهم} فيه وجهان:
أحدهما: بأمر ربهم، قاله الضحاك.
الثاني: بعلم ربهم.
{إلى صراط العزيز الحميد} فروى مِقْسم عن ابن عباس قال: كان قوم آمنوا بعيسى، وقوم كفروا به، فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم آمن به الذين كفروا بعيسى، وكفر به الذين آمنوا بعيسى، فنزلت هذه الآية.
قوله عز وجل: {الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة} فيه وجهان:
أحدهما: يختارونها على الآخرة، قاله أبو مالك.
الثاني: يستبدلونها من الآخرة، ذكره ابن عيسى، والاستحباب هو التعرض للمحبة.
ويحتمل ما يستحبونه من الحياة الدنيا على الآخرة وجهين:
أحدهما: يستحبون البقاء في الحياة الدنيا على البقاء في الآخرة.
الثاني: يستحبون النعيم فيها على النعيم في الآخرة.
{ويصدون عن سبيل الله} قال ابن عباس: عن دين الله.
ويحتمل: عن محمد صلى الله عليه وسلم.
{ويبغونها غِوَجاً} فيه وجهان:
أحدهما: يرجون بمكة غير الإسلام ديناً، قاله ابن عباس.
الثاني: يقصدون بمحمد صلى الله عليه وسلم هلاكاً، قاله السدي.
ويحتمل وجهاً ثالثاً: أن معناه يلتمسون الدنيا من غير وجهها لأن نعمة الله لا تستمد إلا بطاعته دون معصيته.
والعِوَج بكسر العين: في الدين والأمر والأرض وكل ما لم يكن قائماً. والعوج بفتح العين: في كل ما كان قائماً كالحائط والرمح.

.تفسير الآيات (4- 5):

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)}
قوله عز وجل: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا} أي بحُججنا وبراهيننا وقال مجاهد هي التسع الآيات.
{أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور} يحتمل وجهين:
أحدهما: من الضلالة إلى الهدى. الثاني: من ذل الاستعباد إلى عز المملكة. {وذكِّرهم بأيام الله} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: معناه وعظهم بما سلف من الأيام الماضية لهم، قاله ابن جرير.
الثاني: بالأيام التي انتقم الله فيها من القرون الأولى، قاله الربيع وابن زيد.
الثالث: أن معنى أيام الله أن نعم الله عليهم، قاله مجاهد وقتادة، وقد رواه أبيّ بن كعب مرفوعاً. وقد تسمَّى النعم بالأيام، ومنه قول عمرو بن كلثوم:
وأيام لنا غُرٍّ طِوالٍ ** عصينا الملْك فيها أن نَدِينا

ويحتمل تأويلاً رابعاً: أن يريد الأيام التي كانوا فيها عبيداًَ مستذلين لأنه أنذرهم قبل استعمال النعم عليهم.
{إنَّ في ذلك لآيات لكُلِّ صبَّارٍ شكورٍ} الصبار: الكثير الصبر، والشكور: الكثير الشكر، قال قتادة: هو العبد إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر. وقال الشعبي: الصبر نصف الإيمان، والشكر نصف، وقرأ {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور}.
وتوارى الحسن عن الحجاج تسع سنين، فلما بلغه موته قال: اللهم قد أمته فأمت سنته وسجد شكراً وقرأ {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور}.
وإنما خص بالآيات كل صبار شكور، وإن كان فيه آيات لجميع الناس لأنه يعتبر بها ويغفل عنها.

.تفسير الآيات (6- 8):

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)}
قوله عز وجل: {وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: نعمة من ربكم، قاله ابن عباس والحسن.
الثاني: شدة البلية، ذكره ابن عيسى.
الثالث: اختبار وامتحان، قاله ابن كامل.
قوله عز وجل: {وإذ تأذن ربُّكم} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: معناه وإذ سمع ربكم، قاله الضحاك.
الثاني: وإذا قال ربكم، قاله أبو مالك.
الثالث: معناه وإذ أعلمكم ربكم، ومنه الأذان لأنه إعلام، قال الشاعر:
فلم نشعر بضوء الصبح حتى ** سَمِعْنا في مجالِسنا الأذينا

{لئن شكرتم لأزيدنكم} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: لئن شكرتم إنعامي لأزيدنكم من فضلي، قاله الربيع.
الثاني: لئن شكرتم نعمتي لأزيدنكم من طاعتي، قاله الحسن وأبو صالح.
الثالث: لئن وحّدتم وأطعتم لأزيدنكم، قاله ابن عباس.
ويحتمل تأويلاً رابعاً: لئن آمنتم لأزيدنكم من نعيم الآخرة إلى نعيم الدنيا.
وسُئِل بعض الصلحاء على شكر الله تعالى، فقال: أن لا تتقوى بنِعَمِهِ على معاصيه. وحكي أنَّ داود عليه السلام قال: أي ربِّ كيف أشكرك وشكري لك نعمة مجددة منك عليّ؟ قال: «يا داود الآن شكرتني».
{ولئن كفرتم إن عذابي لشديدٌ} وعد الله تعالى بالزيادة على الشكر، وبالعذاب على الكفر.

.تفسير الآية رقم (9):

{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)}
قوله عز وجل: {والذين من بعدهم لا يَعْلمُهم إلا الله} فيها وجهان:
أحدهما: يعني بعد من قص ذكره من الأمم السالفة قرون وأمم لم يقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلمهم إلا الله عالم ما في السموات والأرض.
الثاني: ما بين عدنان وإسماعيل من الآباء. قال ابن عباس: بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أباً لا يعرفون.
وكان ابن مسعود يقرأ: لا يعلمهم إلا الله كذب النسّابون.
{جاءَتهم رسلهم بالبينات} أي بالحجج.
{فردُّوا أيديهم في أفواههم} فيه سبعة أوجه:
أحدها: أنهم عضوا على أصابعهم تغيظاً عليهم، قاله ابن مسعود واستشهد أبو عبيدة بقول الشاعر:
لو أن سلمى أبصرت تخدُّدي ** ودقةً في عظم ساقي ويدي

وبعد أهلي وجفاءَ عُوَّدي ** عضت من الوجد بأطراف اليد

الثاني: أنهم لما سمعوا كتاب الله عجبوا منه ووضعوا أيديهم على أفواههم، قاله ابن عباس.
الثالث: معناه أنهم كانوا إذا قال لهم نبيهم إني رسول الله إليكم، أشاروا بأصابعهم إلى أفواههم بأن اسكت تكذيباً له ورداً لقوله، قاله أبو صالح. الرابع: معناه أنهم كذبوهم بأفواههم، قاله مجاهد.
الخامس: أنهم كانوا يضعون أيديهم على أفواه الرسل رداً لقولهم، قاله الحسن.
السادس: أن الأيدي هي النعم، ومعناه أنهم ردوا نعمهم بأفواههم جحوداً لها.
السابع: أن هذا مثل أريد به أنهم كفوا عن قبول الحق ولم يؤمنوا بالرسل، كما يقال لمن أمسك عن الجواب رَدّ في فيه.

.تفسير الآيات (10- 12):

{قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)}
قوله عزوجل: {قالت رسلهم أفي الله شك} فيه وجهان:
أحدهما: أفي توحيد الله شك؟ قاله قتادة.
الثاني: أفي طاعة الله شك؟
ويحتمل وجهاً ثالثاً: أفي قدرة الله شك؟ لأنهم متفقون عليها ومختلفون فيما عداها.
{فاطر السموات والأرض} أي خالقهما، لسهوهم عن قدرته.
{يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم} أي يدعوكم إلى التوبة ليغفر ما تقدمها من معصية.
وفي قوله تعالى: {من ذنوبكم} وجهان:
أحدهما: أن {من} زائدة، وتقديره، ليغفر لكم ذنوبكم، قاله أبو عبيدة.
الثاني: ليست زائدة، ومعناه أن تكون المغفرة بدلاً من ذنوبكم، فخرجت مخرج البدل.
{ويؤخركم إلى أجل مسمى} يعني إلى الموت فلا يعذبكم في الدنيا.
قوله عز وجل: {قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشرٌ مثلكم} يحتمل وجهين:
أحدهما: أن ينكر قومهم أن يكونوا مثلهم وهم رسل الله إليهم.
الثاني: أن يكون قومهم سألوهم معجزات اقترحوها.
وفي قوله تعالى: {ولكن الله يمنّ على مَنْ يشاء من عباده} ثلاثة أوجه:
أحدها: بالنبوة.
الثاني: بالتوفيق والهداية.
الثالث: بتلاوة القرآن وفهم ما فيه، قاله سهل بن عبدالله. {وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: بكتاب.
الثاني: بحجة.
الثالث: بمعجزة.