فصل: تفسير الآيات (104- 105):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (104- 105):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)}
قوله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا} فيه تأويلان:
أحدهما: معناه لا تقولوا... وهو قول عطاء.
والثاني: يعني ارعنا سمعك، أي اسمع منا ونسمع منك، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد.
واختلفوا لِمَ نُهِي المسلمون عن ذلك؟ على ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها كلمة كانت اليهود تقولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه الاستهزاء والسب؛ كما قالوا سمعنا وعصينا، واسمع غير مسمع، وراعنا ليّاً بألسنتهم، فَنُهِيَ المسلمون عن قولها، وهذا قول ابن عباس وقتادة.
والثاني: أن القائل لها، كان رجلاً من اليهود دون غيره، يقال له رفاعة بن زيد، فَنُهِيَ المسلمون عن ذلك، وهذا قول السدي.
والثالث: أنها كلمة، كانت الأنصار في الجاهلية تقولها، فنهاهم الله في الإسلام عنها.
{وَقُولُوا انظُرْنَا} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: معناه أَفْهِمْنَا وبين لنا، وهذا قول مجاهد.
والثاني: معناه أَمْهِلْنا.
والثالث: معناه أَقْبِلْ علينا وانظر إلينا.
{وَاسْمَعُوا} يعني ما تؤمرون به.

.تفسير الآيات (106- 107):

{مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107)}
قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ} في (معنى) نسخها ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنه قبضها، وهو قول السدي.
والثاني: أنه تبديلها، وهو قول ابن عباس.
والثالث: أنه إثبات خطها وتبديل حكمها، وهو قول ابن مسعود.
{أَوْ نُنسِهَا} فيه قراءتان:
أحدهما: هذه، والثانية: {أو ننسأها}.
فمن قرأ: {أو ننسها} ففي تأويله أربعة أوجه:
أحدها: أنه بمعنى أو نمسكها، وقد ذكر أنها كانت في مصحف عبد الله ابن مسعود: {ما نُمْسِكُ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نَنْسَخْهَا نَجِيءُ بِخَيرٍ مِنْهَا أَو مِثْلِهَا} وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ الآية، ثم يَنْسَى وَتُرْفَعُ، وكان سعد بن أبي وقاص يقرأ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ نَنَسَهَا}، بمعنى الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون تقديره أو تنسى أنت يا محمد، وقال القاسم بن ربيعة لسعد بن أبي وقاص: فإن سعيد بن المسيب يقرأ: {أو ننسها}، فقال سعد: إن القرآن لم ينزل على ابن المسيب، ولا على آل المسيب قال الله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى} [الأعلى: 6] {وآذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] وهذا معنى قول مجاهد وقتادة.
والثاني: أن ذلك بمعنى الترك، من قوله تعالى: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُم}، أي تركوه فتركهم، فيكون تقدير الكلام: {ما ننسخ من آية} يعني نَرفَعُها ونبدِّلُها، {أو نُنْسِهَا} أي نتركها ولا نبدلها ولا ننسخها، وهذا قول ابن عباس والسدي.
والثالث: أن قوله ما ننسخ من آية أو ننسها قال: الناسخ والمنسوخ، وهذا قول الضحاك.
والرابع: أن معنى ننسها أي نَمْحُها، وهذا قول ابن زيد.
وأما من قرأ: {أو نَنْسَأُهَا} فمعناه نؤخرها، من قولهم نَسَأْتُ هذا الأمر، إذا أخرته، ومن ذلك قولهم: بعت بنسَاءٍ أي بتأخير، وهذا قول عطاء وابن أبي نجيح.
{نَأْتِ بِخَيرٍ مِّنْها أو مِثْلِهَا} فيه تأويلان:
أحدهما: أي خير لكم في المنفعة، وأرفق بكم، وهذا قول ابن عباس:
والثاني: أن معنى خير منها، أي أخف منها، بالترخيص فيها، وهذا معنى قول قتادة. فيكون تأويل الآية، ما نغير من حكم آية فنبدله، أو نتركه فلا نبدله، نأت بخير لكم أيها المؤمنون حكماً منها، إما بالتخفيف في العاجل، كالذي كان من نسخ قيام الليل تخفيفاً، وإما بالنفع بكثرة الثواب في الآجل، كالذي كان من نسخ صيام أيام معدودات بشهر رمضان.
وقوله تعالى: {أَوَ مِثْلِهَا} يعني مثل حكمها، في الخفة والثقل والثواب والأجر، كالذي كان من نسخ استقبال بيت المقدس، باستقبال الكعبة، وذلك مثله في المشقة والثواب {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٌُ قَدِيرٌ}.
{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمواتِ وَالأَرْضِ} فإن قيل: أو كان النبي صلى الله عليه وسلم غير عالم بأن الله على كل شيء قدير، وأن الله له ملك السموات والأرض؟ قيل: عن هذا ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن قوله ألم تعلم بمعنى أعلمت.
والثاني: أنه خارج مخرج التقرير، لا مخرج الاستفهام. كما قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَم أَنتَ قُلْتَ لِلْنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلهَيْنِ مِن دُونِ اللهِ} [المائدة: 116] خرج مخرج التقرير لا مخرج الاستفهام.
والثالث: أن هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد به أمته، ألا تراه قال بعد ذلك: {وَمَا لَكُم مِّنْ دُونِ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}.

.تفسير الآيات (108- 110):

{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)}
قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يرُدَّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً} سبب نزولها، ما رُوِيَ أن نفراً من اليهود، منهم فنحاص، وزيد بن قيس، دعوا حذيفة وعمار إلى دينهما، وقالوا نحن أهدى منكم سبيلاً، فقال لهم عمار: وكيف نقض العهد عندكم؟ قالوا: شديد، قال عمار: فإني عاهدت ربي ألا أكفر بمحمد أبداً، ولا أتبع ديناً غير دينه، فقالت اليهود: أما عمار فقد صبأ وضل عن سواء السبيل، فكيف أنت يا حذيفة؟ فقال حذيفة: الله ربي، ومحمد نبيي، والقرآن إمامي، أطيع ربي، وأقتدي برسولي، وأعمل بكتاب ربي. فقالا: وإلهِ موسى، لقد أُشْرِبَتْ قلوبُكُما حبَّ محمد، فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
{مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَق} يعني من بعد ما تبين لليهود، أن محمداً نبي صادق، وأن الإسلام دين حق.
{فَاْعْفُوا وَاصْفَحُوا} يعني بقوله فاعفوا، أي اتركوا اليهود، واصفحوا عن قولهم {حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ} يعني مَا أَذِنَ بِهِ في (بني قريظة)، من القتل والسبي، وفي (بني النضير) من الجلاء والنفي.

.تفسير الآيات (111- 113):

{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)}
قوله عز وجل: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنَ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} أما المساجد فهي مواضع العبادات، وفي المراد بها هنا قولان:
أحدهما: ما نسب إلى التعبد من بيوت الله تعالى استعمالاً لحقيقة الاسم.
والثاني: أنَّ كُلَّ موضع من الأرض، أقيمت فيه عبادة من بيوت الله وغيرها مسجد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «جُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مَسْجِداً». وفي المانع مساجد الله أن يُذْكَرَ فيها اسمه، أربعة أقاويل:
أحدها: أنه بُخْتَ نصر وأصحابه من المجوس الذين خربوا بيت المقدس، وهذا قول قتادة.
والثاني: أنهم النصارى الذين أعانوا (بُخْتَ نَصّر) على خرابه، وهذا قول السدي.
والثالث: أنهم مشركو قريش، منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام عام الحديبية، وهذا قول عبد الرحمن بن زيد.
والرابع: أنه عَامٌّ في كل مشرك، منع من كل مسجد.
وفي قوله تعالى: {وَسَعَى في خَرَابِهَا} تأويلان:
أحدهما: بالمنع من ذكر الله فيها.
والثاني: بهدمها.
{أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خَآئِفِينَ} فيه تأويلان:
أحدهما: خائفين بأداء الجزية، وهذا قول السدي.
والثاني: خائفين من الرعب، إن قُدر عليهم عوقبوا، وهذا قول قتادة.

.تفسير الآية رقم (114):

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)}
{لَهُمْ في الدُّنْيَا خِزْيٌ} فيه تأويلان:
أحدهما: أنه قتل الحربي وجزية الذمي.
والثاني: أنه فتح مدائنهم عمورية، وقسطنطينية، ورومية، وهذا قول ابن عباس.
{وَلَهُمْ في الأخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} هو أشد من كل عذاب، لأنهم أظلم من كل ظالم.

.تفسير الآية رقم (115):

{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)}
قوله تعالى: {وَاللهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} اختلف أهل التأويل في تأويلها، وسبب نزولها، على سبعة أقاويل:
أحدها: أن سبب ذلك، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يستقبل بصلاته بيت المقدس بعد هجرته ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، حتى قالت اليهود: إن محمداً وأصحابه، ما دروا أين قبلتهم حتى هديناهم، فأمرهم الله تعالى باستقبال الكعبة، فتكلمت اليهود، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وهذا قول ابن عباس.
والثاني: أن هذه الآية نزلت قبل أن يفرض استقبال القبلة، فأباح لهم أن يتوجهوا بصلاتهم حيث شاءوا من نواحي المشرق والمغرب، وهذا قول قتادة وابن زيد.
والثالث: أنها نزلت في صلاة التطوع للسائر حيث توجه، وللخائف حيث تمكن من مشرق أو مغرب، وهذا قول ابن عمر، روى سعيد بن جبير عنه أنه قال: لما نزلت هذه الآية {فَأَينَمَا تُولُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} أن تصلي أينما توجهت بك راحلتك في السفر تطوعاً، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجع من مكة يصلي على راحلته تطوعاً، يومئ برأسه نحو المدينة.
والرابع: أنها نزلت، فيمن خفيت عليهم القبلة، ولم يعرفوا جهتها، فَصَلُّوا إلى جهات مختلفة.
روى عاصم بن عبد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، فنزلنا منزلاً، فجعل الرجل يأخذ الأحجار، فيعمل مسجداً يصلي فيه، فلما أصبحنا إذا نحن قد صلينا إلى غير القبلة، فقلنا: يا رسول الله لقد صلينا ليلتنا هذه إلى غير القبلة، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
والخامس: أنها نزلت في النجاشي، وروى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَخَاكُم النَّجَاشِيّ قَدْ مَاتَ فَصَلُّوا عَلَيْهِ» قالوا نصلي على رجل ليس بمسلم، قال فنزلت: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم خَاشِعِينَ لِلُّه} [سورة آل عمران الآية: 199] قالوا: فإنه كان لا يصلي إلى القبلة، فأنزل الله تعالى: {وَلِلَّهِ المَشْرِقُ وَالمغْرِبُ فَأينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ}.
والسادس: أن سبب نزولها أن الله تعالى لما أنزل قوله: {ادعُوني أسْتَجِبْ لَكُم} قالوا إلى أين؟ فنزلت: {فأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [البقرة: 115].
والسابع: أن معناه وحيثما كنتم من مشرق أو مغرب، فلكم قبلة تستقبلونها، يعني جهة إلى الكعبة، وهذا قول مجاهد.
ويجيء من هذا الاختلاف في قوله: {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} تأويلان: أحدهما: معناه فثم قبلة الله.
والثاني: فثم الله تعالى، ويكون الوجه عبارة عنه، كما قال تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27].
وأما {ثَمَّ} فهو لفظ يستعلم في الإشارة إلى مكان، فإن كان قريباً قيل: (هنا زيد)، وإن كان بعيداً قيل: (هناك زيد).