فصل: تفسير الآيات (10- 12):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (10- 12):

{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12)}
قوله عز وجل: {للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ} فيه وجهان:
أحدهما: معناه، للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة في الآخرة، وهي الجنة.
الثاني: للذين أحسنوا في الدنيا حسنة في الدنيا فيكون ذلك زائداً على ثواب الآخرة.
وفيما أريد بالحسنة التي لهم في الدنيا أربعة أوجه:
أحدها: العافية والصحة، قاله السدي.
الثاني: ما رزقهم الله من خير الدنيا، قاله يحيى بن سلام.
الثالث: ما أعطاهم من طاعته في الدنيا وجنته في الآخرة، قاله الحسن.
الرابع: الظفر والغنائم، حكاه النقاش.
ويحتمل خامساً: إن الحسنة في الدنيا الثناء وفي الآخرة الجزاء.
{وأرض الله واسعة} فيها قولان:
أحدهما: أرض الجنة رغبهم في سعتها، حكاه ابن عيسى.
الثاني: هي أرض الهجرة، قاله عطاء.
ويحتمل ثالثاً: أن يريد بسعة الأرض سعة الرزق لأنه يرزقهم من الأرض فيكون معناه. ورزق الله واسع، وهو أشبه لأنه أخرج سعتها مخرج الامتنان بها.
{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} فيه أربعة أوجه:
أحدها: يعني بغير مَنٍّ عليهم ولا متابعة، قاله السدي.
الثاني: لا يحسب لهم ثواب عملهم فقط ولكن يزدادون على ذلك، قاله ابن جريج.
الثالث: لا يعطونه مقدراً لكن جزافاً.
الرابع: واسعاً بغير تضييق قال الراجز:
يا هند سقاك بلا حسابه ** سقيا مليك حسن الربابة

وحكي عن علي كرم الله وجهه قال: كل أجر يكال كيلاً ويوزن وزناً إلا أجر الصابرين فإنه يحثى حثواً.

.تفسير الآيات (13- 16):

{قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)}
قوله عز وجل: {قل إن الخاسرين الَّذِينَ خَسِروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: خسروا أنفسهم بإهلاكها في النار، وخسروا أهليهم بأن لا يجدوا في النار أهلاً، وقد كان لهم في الدنيا أهل، قاله مجاهد وابن زيد.
الثاني: خسروا أنفسهم بما حرموها من الجنة وأهليهم من الحور العين الذين أعدوا لهم في الجنة، قاله الحسن وقتادة.
الثالث: خسروا أنفسهم وأهليهم بأن صاروا هم بالكفر إلى النار، وصار أهلوهم بالإيمان إلى الجنة وهو محتمل.

.تفسير الآيات (17- 20):

{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)}
قوله عز وجل: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} فيه قولان:
أحدهما: أن الطاغوت الشيطان، قاله مجاهد وابن زيد.
الثاني: الأوثان، قاله الضحاك والسدي.
وفيه وجهان:
أحدهما: أنه اسم أعجمي مثل هاروت وماروت.
الثاني: عربي مشتق من الطغيان.
{وأنابوا إلى الله} فيه وجهان:
أحدهما: أقبلوا الى الله، قاله قتادة.
الثاني: استقاموا إلى الله، قاله الضحاك.
ويحتمل ثالثاً: وأنابوا الى الله من ذنوبهم.
{لهم البشرى} فيه وجهان:
أحدهما: أنها الجنة، قاله مقاتل ويحيى بن سلام.
الثاني: بشرى الملائكة للمؤمنين، قاله الكلبي.
ويحتمل ثالثاً: أنها البشرى عند المعاينة بما يشاهده من ثواب عمله.
قوله عز وجل: {فبشر عبادِ الذين يستمعون القول} فيه قولان:
أحدهما: أن القول كتاب الله، قاله مقاتل ويحيى بن سلام.
الثاني: أنهم لم يأتهم كتاب من الله ولكن يستمعون أقاويل الأمم، قاله ابن زيد.
{فيتبعون أحسنَه} فيه خمسة أوجه:
أحدها: طاعة الله، قاله قتادة.
الثاني: لا إله إلا الله، قاله ابن زيد.
الثالث: أحسن ما أمروا به، قاله السدي.
الرابع: أنهم إذا سمعوا قول المسلمين وقول المشركين اتبعوا أحسنه وهو الإسلام، حكاه النقاش.
الخامس: هو الرجل يسمع الحديث من الرجل فيحدث بأحسن ما يسمع منه، ويمسك عن أسوإه فلا يتحدث به، قاله ابن عباس.
ويحتمل سادساً: أنهم يستمعون عزماً وترخيصاً فيأخذون بالعزم دون الرخص.
{أولئك الذين هداهم الله} الآية. قال عبد الرحمن بن زيد: نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها في جاهليتهم، واتبعوا أحسن ما صار من العقول إليهم.

.تفسير الآيات (21- 22):

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21) أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22)}
قوله عز وجل: {أفمن شرح الله صدره للإسلام} فيه وجهان:
أحدهما: وسع صدره للإسلام حتى يثبت فيه، قاله ابن عباس والسدي.
الثاني: وسع صدره بالإسلام بالفرح به والطمأنينة إليه، فعلى هذا لا يجوز أن يكون الشرح قبل الإسلام، وعلى الوجه الأول يجوز أن يكون الشرح قبل الإسلام.
{فهو على نور من ربه} فيه وجهان:
أحدهما: على هدى من ربه، قاله السدي.
الثاني: أنه كتاب الله الذي به يأخذ وإليه ينتهي، قاله قتادة.
وروى عمرو بن مرّة عن عبد الله بن سدر قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فقالوا: يا رسول الله ما هذا الشرح؟ فقال: «نور يقذف به في القلب» قالوا: يا رسول الله هل لذلك من أمارة؟ قال: «نعم» قالوا: ما هي؟ قال: «الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت»
وفي من نزلت فيه هذه الآية ثلاثة أقاويل:
أحدها: في رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله الكلبي.
الثاني: في عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حكاه النقاش.
الثالث: في عمار بن ياسر، قاله مقاتل.
{فويل للقاسية قلوبُهم من ذِكر الله} قيل أنه عنى أبا جهل وأتباعهُ من كفار قريش، وفي الكلام مضمر محذوف تقديره، فهو على نور من ربه كمن طبع الله على قلبه فويل للقاسية قلوبهم.

.تفسير الآية رقم (23):

{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)}
قوله عز وجل: {الله نزّل أحسن الحديث} يعني القرآن، ويحتمل تسميته حديثاً وجهين:
أحدهما: لأنه كلام الله، والكلام يسمى حديثاً كما سمي كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً.
الثاني: لأنه حديث التنزيل بعدما تقدمه من الكتب المنزلة على من تقدم من الأنبياء.
ويحتمل وصفه بأحسن الحديث وجهين:
أحدهما: لفصاحته وإعجازه.
الثاني: لأنه أكمل الكتب وأكثرها إحكاماً.
{كِتاباً متشابها} فيه قولان:
أحدهما: يشبه بعضه بعضاً من الآي والحروف، قاله قتادة.
الثاني: يشبه بعضه بعضاً في نوره وصدقه وعدله، قاله يحيى بن سلام.
ويحتمل ثالثاً: يشبه كتب الله المنزلة على أنبيائه لما يتضمنه من أمر ونهي وترغيب وترهيب، وإن كان أعم وأعجز. ثم وصفه فقال: {مثاني} وفيه سبعة تأويلات:
أحدها: ثنى الله فيه القضاء، قاله الحسن وعكرمة.
الثاني: ثنى الله فيه قصص الأنبياء، قاله ابن زيد.
الثالث: ثنى الله فيه ذكر الجنة والنار، قاله سفيان.
الرابع: لأن الآية تثنى بعد الآية، والسورة بعد السورة، قاله الكلبي.
الخامس: يثنى في التلاوة فلا يمل لحسن مسموعه، قاله ابن عيسى.
السادس: معناه يفسر بعضه بعضاً، قاله ابن عباس.
السابع: أن المثاني اسم لأواخر الآي، فالقرآن اسم لجميعه، والسورة اسم لكل قطعة منه، والآية اسم لكل فصل من السورة، والمثاني اسم لآخر كل آية منه، قاله ابن بحر.
{تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها تقشعر من وعيده وتلين من وعده، قال السدي.
الثاني: أنها تقشعر من الخوف وتلين من الرجاء، قاله ابن عيسى.
الثالث: تقشعر الجلود لإعظامه، وتلين عند تلاوته.

.تفسير الآيات (24- 26):

{أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (26)}
{أفمن يتقي بوجهه سوءَ العذَاب يومَ القيامة} فيه وجهان:
أحدهما: أن الكافر يسحب على وجهه إلى النار يوم القيامة.
الثاني: لأن النار تبدأ بوجهه إذا دخلها.
قوله عز وجل: {فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} فيه وجهان:
أحدهما: من مأمنهم، قاله السدي.
الثاني: فجأة، قاله يحيى.

.تفسير الآيات (27- 31):

{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)}
قوله عز وجل: {قرآناً عربياً غير ذي عوج} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: غير ذي لبس، قاله مجاهد.
الثاني: غير مختلف، قاله الضحاك.
الثالث: غير ذي شك، قاله السدي.
قوله عز وجل: {ضرب الله مثلاً رجلاً} يعني الكافر.
{فيه شركاء} أي يعبد أوثاناً شتى.
{متشاكسون} فيه أربعة أوجه:
أحدها: متنازعون، قاله قتادة.
الثاني: مختلفون، قاله ابن زياد.
الثالث: متعاسرون.
الرابع: متظالمون مأخوذ من قولهم: شكسني مالي أي ظلمني.
{ورَجُلاً سَلَماً لرجُلٍ} يعني المؤمن سلماً لرجل أي مخلصاً لرجل، يعني أنه بإيمانه يعبد إلهاً واحداً.
{هل يستويان مثلاً} أي هل يستوي حال العابد لله وحده وحال من يعبد آلهة غيره؟ فضرب لهما مثلاً بالعبدين اللذين يكون أحدهما لشركاء متشاكسين، لا يقدر أن يوفي كل واحد منهم حق خدمته، ويكون الآخر لسيد واحد يقدر أن يوفيه حق خدمته.
{الحمد لله} يحتمل وجهين:
أحدهما: على احتجاجه بالمثل الذي خَصم به المشركين.
الثاني: على هدايته التي أعان بها المؤمنين.
{بل أكثرهم لا يعلمون} يحتمل وجهين:
أحدهما: لا يعلمون المثل المضروب.
الثاني: لا يعلمون بأن الله هو الإله المعبود.
قوله عز وجل: {إنك ميت وإنهم ميتون} هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بموته وموتهم، فاحتمل خسمة أوجه: أحدها: أن يذكر ذلك تحذيراً من الآخرة.
الثاني: أن يذكره حثاً على العمل.
الثالث: أن يذكره توطئة للموت.
الرابع: لئلا يختلفوا في موته كما اختلفت الأمم في غيره حتى إن عمر لما أنكر موته احتج أبو بكر بهذه الآية فأمسك.
الخامس: ليعلمه أن الله تعالى قد سوى فيه بين خلقه مع تفاضلهم في غيره لتكثر فيه السلوى وتقل الحسرة. ومعنى إنك ميت أي ستموت، يقال ميت بالتشديد للذي سيموت، وميت بالتخفيف لمن قد مات.
قوله عز وجل: {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} فيه أربعة أوجه:
أحدها: في الدماء، قاله عكرمة.
الثاني: في المداينة، قاله الربيع بن أنس.
الثالث: في الإيمان والكفر، قاله ابن زيد، فمخاصمة المؤمنين تقريع، ومخاصمة الكافرين ندم.
الرابع: ما قاله ابن عباس يخاصم الصادق الكاذب، والمظلوم الظالم، والمهتدي الضال، والضعيف المستكبر. قال إبراهيم النخعي: لما نزلت هذه الآية جعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون ما خصومتنا بيننا.
ويحتمل خامساً: أن تخاصمهم هو تحاكمهم إلى الله تعالى فيما تغالبوا عليه في الدنيا من حقوقهم خاصة دون حقوق الله ليستوفيها من حسنات من وجبت عليه في حسنات من وجبت له.