فصل: تفسير الآيات (24- 28):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (24- 28):

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)}
قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} فيهم قولان:
أحدهما: أنهم اليهود كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم من بعدما علموا في التوراة أنه نبي، قاله قتادة وابن جريج.
الثاني: المنافقون قعدوا عن القتال من بعدما علموه في القرآن، قاله السدي.
{الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: أعطاهم سؤالهم، قاله ابن بحر.
الثاني: زين لهم خطاياهم، قاله الحسن.
{وَأَمْلَى لَهُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: أمهلهم، قاله الكلبي ومقاتل فعلى هذا يكون الله تعالى هو الذي أملى لهم بالإمهال في عذابهم.
والوجه الثاني: أن معنى أملى لهم أي مد لهم في الأمل فعلى هذا فيه وجهان:
أحدهما: أن الله تعالى هو الذي أملى لهم في الأمل، قاله الفراء والمفضل.
الثاني: أن الشيطان هو الذي أملى لهم في مد الأمل بالتسويف، قاله الحسن.
{ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعكُمْ فِي بَعْضِ الأمْرِ} وفي قائل ذلك قولان:
أحدهما: أنهم اليهود قالوا للمنافقين سنطيعكم في بعض الأمر. وفيما أرادوا بذلك وجهان:
أحدهما: سنطيعكم في ألا نصدق بشيء، من مقالته، قاله الضحاك.
الثاني: سنطيعكم في كتم ما علمنا من نبوته، قاله ابن جريج.
القول الثاني: أنهم المنافقون قالوا لليهود سنطيعكم في بعض الأمر وفيما أرادوه بذلك ثلاثة أوجه:
أحدهما: سنطيعكم في غير القتال من بغض محمد صلى الله عليه وسلم والقعود عن نصرته، قال السدي.
الثاني: سنطيعكم في الميل إليكم والمظاهر على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثالث: سنطيعكم في الارتداد بعد الإيمان.
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} يحتمل وجهين:
أحدهما: ما اسر بعضهم إلى بعض من هذا القول.
الثاني: ما أسروه في أنفسهم من هذا الاعتقاد.
قوله عز وجل: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ} يحتمل وجهين:
أحدهما: بالقتال نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: بقبض الأرواح عند الموت.
{يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارُهُمْ} يكون على احتمال وجهين:
أحدهما: يضربون وجوههم في القتال عند الطلب وأدبارهم عند الهرب.
الثاني: يضربون وجوههم عند الموت بصحائف كفرهم، وأدبارهم في القيامة عند سوقهم إلى النار.

.تفسير الآيات (29- 31):

{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)}
قوله عز وجل: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} فيه وجهان:
أحدهما: شك، قاله مقاتل.
الثاني: نفاق، قاله الكلبي.
{أَن لن يُخْرِجَ أَضْغَانَهُمْ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: غشهم، قاله السدي.
الثاني: حسدهم، قاله ابن عباس.
الثالث: حقدهم، قاله ابن عيسى.
الرابع: عدوانهم، قاله قطرب وأنشد:
قل لابن هند ما أردت بمنطق ** ساء الصديق وسر ذا الأضغان

قوله عز وجل: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} فيه وجهان:
أحدهما: في كذب القول، قاله الكلبي.
الثاني: في فحوى كلامهم، واللحن هو الذهاب بالكلام في غير جهته، مأخوذ من اللحن في الإعراب وهو الذهاب عن الصواب ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُم لَتَحْتَكِمُونَ إِليَّ، أَحَدَكُمْ أَن يَكُونَ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ» أي أذهب بها في الجهات لقوته على تصريف الكلام. قال مرار الأسدي:
ولحنت لحناً فيه غش ورابني ** صدودك ترصين الوشاة الأعاديا

قال الكلبي: فلم يتكلم بعد نزولها منافق عند النبي صلى الله عليه وسلم إلا عرفه.
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالُكُم} فيه وجهان:
أحدهما: المجاهدين في سبيل الله.
الثاني: الزاهدين في الدنيا.
{وَالصَّابِرِينَ} فيه وجهان:
أحدهما: على الجهاد.
الثاني: عن الدنيا.
{وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ} يحتمل وجهين:
أحدهما: نختبر أسراركم.
الثاني: ما تستقبلونه من أفعالكم.

.تفسير الآيات (32- 35):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)}
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} فيه وجهان:
أحدهما: أطيعوا الله بتوحيده، وأطيعوا الرسول بتصديقه.
الثاني: أطيعوا الله في حرمة الرسول، وأطيعوا الرسول في تعظيم الله.
{وَلاَ تُبْطِلُواْ أَعْمَالَكُم} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا تبطلوا حسناتكم بالمعاصي، قاله الحسن.
الثاني: لا تبطلوها بالكبائر، قاله الزهري.
الثالث: لا تبطلوها بالرياء والسمعة، وأخلصوها لله، قاله ابن جريج والكلبي.
قوله عز وجل: {وَلَن يَتِرَكُم أَعمَالَكْم} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لن ينقصكم أعمالكم، قاله مجاهد وقطرب. وأنشد قول الشاعر:
إن تترني من الإجارة شيئاً ** لا يفتني على الصراط بحقي

الثاني: لن يظلمكم، قاله قتادة، يعني أجور أعمالكم.
الثالث: ولا يستلبكم أعمالكم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله».

.تفسير الآيات (36- 38):

{إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)}
قوله عز وجل: {وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُم} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يسألكم أموالكم لنفسه.
الثاني: لا يسألكم جميع أموالكم في الزكاة ولكن بعضها.
الثالث: لا يسألكم أموالكم وإنما يسألكم أمواله، لأنه أملك بها وهو المنعم بإعطائها.
{إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الإخفاء أخذ الجميع، قاله ابن زيد وقطرب.
الثاني: أنه الإلحاح وإكثار السؤال، مأخوذ من الحفاء وهو المشي بغير حذاء، قاله ابن عيسى.
الثالث: أن معنى فيحفكم أي فيجدكم تبخلوا، قاله ابن عيينة.
{وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} يحتمل وجهين:
أحدهما: يظهر بامتناعكم ما أضمرتموه من عدوانكم.
الثاني: تظهرون عند مسألتكم ما أضمرتموه من عداوتكم.
قوله عز وجل: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَستَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: وإن تتولوا عن كتابي، قاله قتادة.
الثاني: عن طاعتي، حكاه ابن أبي حاتم.
الثالث: عن الصدقة التي أُمرتم بها، قاله الكلبي.
الرابع: عن هذا الأمر فلا تقبلونه، قاله ابن زيد.
{يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهم أهل اليمن وهم الأنصار، قاله شريح بن عبيد.
الثاني: أنهم الفرس. روى أبو هريرة قال: لما نزل {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُم ثُمَّ لاَ يَكُونُوآ أمْثَالَكُم} كان سلمان إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا يستبدلوا بنا؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان وقال: «هذا وَقَومُهُ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ الدِّينَ مُعَلَّقٌ بِالثُّرَيَّا لَنالَهُ رَِجَالٌ مِن أَبْنَاءِ فَارِس».
الثالث: أنهم من شاء من سائر الناس، قاله مجاهد.
{ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} فيه وجهان:
أحدهما: يعني في البخل بالإنفاق في سبيل الله، قاله الطبري.
الثاني: في المعصية وترك الطاعة.
وحكي عن أبي موسى الأشعري أنه لما نزلت هذه الآية فرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن الدُّنْيَا».

.سورة الفتح:

.تفسير الآيات (1- 3):

{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)}
قوله عز وجل: {إِنَّا فَتحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} فيه قولان:
أحدهما: إنا أعلمناك علماً مبيناً فيما أنزلناه عليك من القرآن وأمرناك به من الدين. وقد يعبر عن العلم بالفتح كقوله {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} [الأنعام: 59] أي علم الغيب، قاله ابن بحر. وكقوله {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ الْفَتْحُ} [الأنفال: 19] أي إن أردتم العلم فقد جاءكم العلم.
الثاني: إنا قضينا لك قضاء بيناً فيما فتحناه عليك من البلاد.
وفي المراد بهذا الفتح قولان:
أحدهما: فتح مكة، وعده الله عام الحديبية عند انكفائه منها.
الثاني: هو ما كان من أمره بالحديبية. قال الشعبي: نزلت {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} [الفتح: 1] في وقت الحديبية أصاب فيها ما لم يصب في غيرها. بويع بيعة الرضوان، وأطعموا نخل خيبر، وظهرت الروم على فارس تصديقاً لخبره، وبلغ الهدي محله، فعلى هذا في الذي أراده بالفتح يوم الحديبية، قال جابر: ما كنا نعد فتح مكة إلا يوم الحديبية.
الثاني: أنه بيعة الرضوان. قال البراء بن عازب: انتم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية.
الثالث: أنه نحره وحلقه يوم الحديبية حتى بلغ الهدي محله بالنحر.
والحديبية بئر، وفيها تمضمض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد غارت فجاشت بالرواء.
{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} فيه وجهان:
أحدهما: ليغفر لك الله استكمالاً لنعمه عندك.
الثاني: يصبرك على أذى قومك.
وفيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: ما تقدم قبل الفتح وما تأخر بعد الفتح.
الثاني: ما تقدم قبل النبوة وما تأخر بعد النبوة.
الثالث: ما وقع وما لم يقع على طريق الوعد بأنه مغفور إذا كان.
ويحتمل رابعاً: ما تقدم قبل نزول هذه الآية وما تأخر بعدها.
{وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} فيه قولان:
أحدهما: بفتح مكة والطائف وخيبر.
الثاني: بخضوع من استكبر. وطاعة من تجبر.
{وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً} يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه الأسر والغنيمة كما كان يوم بدر.
الثاني: أنه الظفر والإسلام وفتح مكة.
وسبب نزول هذه الآية، ما حكاه الضحاك عن ابن عباس أنه لما نزل قوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ} قال أهل مكة: يا محمد كيف ندخل في دينك وأنت لا تدري ما يفعل بك ولا بمن اتبعك فهلا أخبرك بما يفعل بك وبمن اتبعك كما أخبر عيسى ابن مريم؟ فاشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه حتى قدم المدينة، فقال عبد الله بن أبي بن سلول- رأس المنافقين- للأنصار: كيف تدخلون في دين رجل لا يدري ما يفعل به ولا بمن اتبعه؟ هذا والله الضلال المبين. فقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، يا رسول الله ألا تسأل ربك يخبرك بما يفعل بك وبمن اتبعك؟ فقال: إن له أجلاً فأبشرا بما يقر الله به أعينكما. إلى أن نزلت عليه هذه الآي وهو في دار أبي الدحداح على طعام مع أبي بكر وعمر فخرج وقرأها على أصحابه، قال قائل منهم: هنيئاً مريئاً يا رسول الله قد بين الله لنا ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} الآية.