فصل: تفسير الآيات (12- 15):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (12- 15):

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15)}
قوله عز وجل: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُم قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ} في الرس وجهان:
أحدهما: أنه كل حفرة في الأرض من بئر وقبر.
الثاني: أنها البئر التي لم تطو بحجر ولا غيره.
وأما أصحاب الرس ففيهم أربعة أقاويل:
أحدها: أنها بئر قتل فيها صاحب ياسين ورسوه، قاله الضحاك.
الثاني: أنهم أهل بئر بأذربيجان، قاله ابن عباس.
الثالث: أنهم قوم باليمامة كان لهم آبار، قاله قتادة. قال الزهير:
بكرن بكوراً واستحرن بسحرة ** فهن ووادي الرس كاليد في الفم

الرابع: أنهم أصحاب الأخدود.
{وَثَمُودُ} وهم قوم صالح، وكانوا عرباً بوادي القرى وما حولها. وثمود مأخوذ من الثمد وهو الماء القليل الكدر، قال النابغة:
واحكم بحكم فتاة الحي إذ نظرت ** إلى حمام سراع وارد الثمد

{وَعَادٌ} وهو اسم رجل كان من العماليق كثر ولده، فصاروا قبائل وكانوا باليمن بالأحقاف، والأحقاف الرمال، وهم قوم هود.
{فِرْعَوْنَ} وقد اختلف في أصله فحكي عن مجاهد أنه كان فارسياً من أهل إصطخر. وقال ابن لهيعة: كان من أهل مصر وحكي عن ابن عباس أنه عاش ثلاثمائة سنة منها مائتان وعشرون سنة لا يرى ما يقذي عينه، فدعاه موسى ثمانين سنة. وحكى غيره أنه عاش أربعمائة سنة.
واختلف في نسبه فقال بعضهم هو من لخم، وقال آخرون هو من تبَّع.
{وَإِخْوَانُ لُوطٍ} يعني قومه وأتباعه، قال مجاهد: كانوا أربعمائة ألف بيت، في كل بيت عشرة مردة، فكانوا أربعة آلاف ألف.
وقال عطاء: ما من أحد من الأنبياء إلا وقد يقوم معه قوم إلا لوط فإنه يقوم وحده.
{وَأَصَحَابُ الأَيْكَةِ} والأيكة الغيضة ذات الشجر الملتف كما قال أبو داود الإيادي:
كأن عرين أيكته تلاقى ** بها جمعان من نبط وروم

قال قتادة: وكان عامة شجرها الدوم، وكان رسولهم شعيباً، وأرسل إليهم، وإلى أهل مدين، أرسل إلى أمتين من الناس، وعذبتا بعذابين، أما أهل مدين فأخذتهم الصيحة، وأما أصحاب الأيكة فكانوا أهل شجر متكاوس.
{وَقَوْمُ تُبَّعٍ} وتبع كان رجلاً من ملوك العرب من حِمير، سُمّي تبعاً لكثرة من تبعه. قال وهب: إن تبعاً أسلم وكفر قومه، فلذلك ذكر قومه، ولم يذكر تبع. قال قتادة وهو الذي حير الحيرة وفتح سمرقند حتى أخربها، وكان يكتب إذا كتب: بسم الله الذي تَسمَّى وملك براً وبحراً وضحى وريحاً.
{كُلٌّ كَذَّبَ الرَّسَلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} يعني أن كل هؤلاء كذبوا من أرسل إليهم، فحق عليهم وعيد الله وعذابه. فذكر الله قصص هؤلاء لهذه الأمة، ليعلم المكذبون منهم بالنبي صلى الله عليه وسلم أنهم كغيرهم من مكذبي الرسل إن أقاموا على التكذيب فلم يأمنوا، حتى أرشد الله منهم من أرشد وتبعهم رغباً ورهباً من تبع.
قوله عز وجل: {أَفَعِيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هَمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} أما اللبس فهو اكتساب الشك، ومنه قول الخنساء:
صدق مقالته واحذر عداوته ** والبس عليه بشك مثل ما لبسا

والخلق الجديد هو إعادة خلق ثان بعد الخلق الأول. وفي معنى الكلام تأويلان:
أحدهما: أفعجزنا عن إهلاك الخلق الأول، يعني من تقدم ذكره حين كذبوا رسلي مع قوتهم، حتى تشكوا في إهلاكنا لكم مع ضعفكم إن كذبتم، فيكون هذا خارجاً منه مخرج الوعيد.
الثاني: معناه أننا لم نعجز عن إنشاء الخلق الأول، فكيف تشكون في إنشاء خلق جديد، يعني بالبعث بعد الموت، فيكون هذا خارجاً مخرج البرهان والدليل.

.تفسير الآيات (16- 22):

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)}
قوله عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} الوسوسة كثرة حديث النفس بما لا يتحصل في حفاء وإسرار، ومنه قول رؤبة:
وسوس يدعو مخلصاً رب الفلق

{وَنَحْنُ أَقْرَبٌ إِلَيهِ مِن حَبْلِ الْوَرِيدِ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه حبل معلق به القلب، قاله الحسن. والأصم وهو الوتين.
الثاني: أنه عرق في الحلق، قاله أبو عبيدة.
الثالث: ما قاله ابن عباس، عرق العنق ويسمى حبل العاتق، وهما وريدان عن يمين وشمال، وسمي وريداً، لأنه العرق الذي ينصب إليه ما يرد من الرأس.
وفي قوله {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيهِ مِن حَبْلِ الْوَرِيدِ} تأويلان:
أحدهما: ونحن أقرب إليه من حبل وريده الذي هو منه.
الثاني: ونحن أملك به من حبل وريده، مع استيلائه عليه.
ويحتمل ثالثاً: ونحن أعلم بما توسوس به نفسه من حبل وريده، الذي هو من نفسه، لأنه عرق يخالط القلب، فعلم الرب أقرب إليه من علم القلب.
قوله عز وجل: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} الآية. قال الحسن ومجاهد وقتادة: المتلقيان ملكان يتلقيان عملك، أحدهما عن يمينك، يكتب حسناتك، والآخر عن شمالك يكتب سيئاتك.
قال الحسن: حتى إذا مت طويت صحيفة عملك وقيل لك يوم القيامة: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} عدل والله عليك من جعلك حسيب نفسك.
وفي {قَعِيدٌ} وجهان:
أحدهما: أنه القاعدة، قاله المفضل.
الثاني: المرصد الحافظ، قاله مجاهد. وهو مأخوذ من القعود.
قال الحسن: الحفظة أربعة: ملكان بالنهار وملكان بالليل.
قوله عز وجل: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ} أي ما يتكلم بشيء، مأخوذ من لفظ الطعام، وهو إخراجه من الفم.
{إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه المتتبع للأمور.
الثاني: أنه الحافظ، قاله السدي.
الثالث: أنه الشاهد، قاله الضحاك.
وفي {عَتِيدٌ} وجهان:
أحدهما: أنه الحاضر الذي لا يغيب.
الثاني: أنه الحافظ المعد إما للحفظ وإما للشهادة.
قوله عز وجل: {وَجَآءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} يحتمل وجهين:
أحدهما: ما يراه عند المعاينة من ظهور الحق فيما كان الله قد أوعده.
الثاني: أن يكون الحق هو الموت، سمي حقاً، إما لاسحقاقه، وإما لانتقاله إلى دار الحق. فعلى هذا يكون في الكلام تقديم وتأخير. وتقديره: وجاءت سكرة الحق بالموت، ووجدتها في قراءة ابن مسعود كذلك.
{ذلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه كان يحيد من الموت، فجاءه الموت.
الثاني: أنه يحيد من الحق، فجاءه الحق عند المعاينة.
وفي معنى التحيد وجهان:
أحدهما: أنه الفرار، قاله الضحاك.
(الثاني): العدول، قاله السدي. ومنه قول الشاعر:
ولقد قلت حين لم يك عنه ** لي ولا للرجال عنه محيد

فروى عاصم بن أبي بهدلة، عن أبي وائل، أن عائشة قالت عند أبيها وهو يقضي:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ** إذا حشرجت يوماً، وضاق بها الصدر

فقال أبو بكر: هلا قلت كما قال الله: {وَجَآءَتْ سَكْرَتُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ}.
قوله عز وجل: {وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ} أما السائق ففيه قولان:
أحدهما: أنه ملك يسوقه إلى المحشر، قاله أبو هريرة وابن زيد.
الثاني: أنه أمر من الله يسوقه إلى موضع الحساب، قاله الضحاك.
وأما الشهيد ففيه أربعة أقاويل:
أحدها: أنه ملك يشهد عليه بعمله، وهذا قول عثمان بن عفان والحسن.
الثاني: أنه الإنسان، يشهد على نفسه بعمله، رواه أبو صالح.
الثالث: أنها الأيدي والأرجل تشهد عليه بعمله بنفسه، قاله أبو هريرة.
ثم في الآية قولان:
أحدهما: أنها عامة في المسلم والكافر، وهو قول الجمهور.
الثاني: أنها خاصة في الكافر، قاله الضحاك.
قوله عز وجل: {لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّن هَذَا} فيه وجهان:
أحدهما أنه الكافر، كان في غفلة من عواقب كفره، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه النبي صلى الله عليه وسلم، كان في غفلة عن الرسالة مع قريش في جاهليتهم، قاله عبد الرحمن بن زيد.
ويحتمل ثالثاً: لقد كنت أيها الإنسان في غفلة عن أن كل نفس معها سائق وشهيد لأن هذا لا يعرف إلا بالنصوص الإلهية.
{فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: أنه إذا كان في بطن أمه فولد، قاله السدي.
الثاني: إذا كان في القبر فنشر، وهذا معنى قول ابن عباس.
الثالث: أنه وقت العرض في القيامة، قاله مجاهد.
الرابع: أنه نزول الوحي وتحمل الرسالة، وهذا معنى قول ابن زيد.
{فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} وفي المراد بالبصر هنا وجهان:
أحدهما: بصيرة القلب لأنه يبصر بها من شواهد الأفكار، ونتائج الاعتبار ما تبصر العين ما قابلها من قبلها من الأشخاص والأجسام، فعلى هذا في قوله: {حَدِيدٌ} تأويلان:
أحدهما: سريع كسرعة مور الحديد.
الثاني: صحيح كصحة قطع الحديد.
الوجه الثاني: أن المراد به بصر العين وهو الظاهر، فعلى هذا في قوله: {حَدِيدٌ} تأويلان:
أحدهما: شديد، قاله الضحاك.
الثاني: بصير، قاله ابن عباس.
وماذا يدرك البصر؟ فيه خمسة أوجه:
أحدها: يعاين الآخرة، قاله قتادة.
الثاني: لسان الميزان، قاله الضحاك.
الثالث: ما يصير إليه من ثواب أو عقاب، وهو معنى قول ابن عباس.
الرابع: ما أمر به من طاعة وحذره من معصية، وهو معنى قول ابن زيد.
الخامس: العمل الذي كان يعمله في الدنيا، قاله الحسن.

.تفسير الآيات (23- 29):

{وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)}
قوله عز وجل: {وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} أما قرينه ففيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه الملك الشهيد عليه، قاله الحسن وقتادة.
الثاني: أنه قرينه الذي قيض له من الشياطين، قاله مجاهد.
الثالث: أنه قرينه من الإنس، قاله ابن زيد في رواية ابن وهب عنه.
وفي قوله: {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} وجهان:
أحدهما: هذا الذي وكلت به أحضرته، قاله مجاهد.
الثاني: هذا الذي كنت أحبه ويحبني قد حضر، قاله ابن زيد.
قوله عز وجل: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارِ عَنِيدٍ} في ألقيا ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن المأمور بألقيا كل كافر في النار ملكان.
الثاني: يجوز أن يكون واحد ويؤمر بلفظ الاثنين كقول الشاعر:
فإن تزجراني يابن عفان أنزجر ** وإن تدعاني أحم عرضاً ممنعاً

الثالث: أنه خارج مخرج تثنية القول على معنى قولك ألق ألق، قف قف، تأكيداً للأمر. والكفار [بفتح الكاف] أشد مبالغة من الكافر.
ويحتمل وجهين: أحدهما: أنه الكافر الذي كفر بالله ولم يطعه، وكفر بنعمه ولم يشكره.
الثاني: أنه الذي كفر بنفسه وكفر غيره بإغوائه.
وأما العنيد ففيه خمسة أوجه:
أحدها: أنه المعاند للحق، قاله بعض المتأخرين.
الثاني: أنه المنحرف عن الطاعة، قاله قتادة.
الثالث: أنه الجاحد المتمرد، قاله الحسن.
الرابع: أنه المشاق، قاله السدي.
الخامس: أنه المعجب بما عنده المقيم على العمل به، قاله ابن بحر.
فأما العاند ففيه وجهان:
أحدهما: أنه الذي يعرف بالحق ثم يجحده.
الثاني: أنه الذي يدعى إلى الحق فيأباه.
قوله عز وجل: {مَنَّاعٍ لِّلْخير} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه منع الزكاة المفروضة، قاله قتادة.
الثاني: أن الخير المال كله، ومنعه حبسه عن النفقه في طاعة الله، قاله بعض المتأخرين.
الثالث: محمول على عموم الخير من قول وعمل.
{مُعْتَدٍ مُرِيبٍ} في المريب ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه الشاك في الله، قاله السدي.
الثاني: أنه الشاك في البعث، قاله قتادة.
الثالث: أنه المتهم. قال الشاعر:
بثينة قالت يا جميل أربتنا ** فقلت كلانا يا بثين مريب

وأريبنا من لا يؤدي أمانة ** ولا يحفظ الأسرار حين يغيب

قال الضحاك: هذه الآية في الوليد بن المغيرة المخزومي حين استشاره بنو أخيه في الدخول في الإسلام فمنعهم.
قوله عز وجل: {قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ} فيه وجهان:
أحدهما: أن اختصامهم هو اعتذار كل واحد منهم فيما قدم من معاصيه، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه تخاصم كل واحد مع قرينه الذي أغواه في الكفر، قاله أبو العالية.
فأما اختصامهم في مظالم الدنيا، فلا يجوز أن يضاع لأنه يوم التناصف.
أحدها: أن الوعيد الرسول، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه القرآن، قاله جعفر بن سليمان.
الثالث: أنه الأمر والنهي، قاله ابن زيد.
ويحتمل رابعاً: أنه الوعد بالثواب والعقاب.
قوله عز وجل: {مَا يُبَدَّلُ الْقَولُ لَدَيَّ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: فيما أوجه من أمر ونهي، وهذا معنى قول ابن زيد.
الثاني: فيما وعد به من طاعة ومعصية، وهو محتمل.
الرابع: في أن بالحسنة عشر أمثالها وبخمس الصلوات خمسين صلاة، قاله قتادة.
{وَمَآ أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} فيه وجهان:
أحدهما: ما أنا بمعذب من لم يجرم، قاله ابن عباس.
الثاني: ما أزيد في عقاب مسيء ولا أنقص من ثواب محسن، وهو محتمل.