فصل: تفسير الآيات (5- 9):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (5- 9):

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)}
قوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} يعني القرآن.
{مِنْهُ ءَايَاتٌ مُّحْكَمَاتُ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} اختلف المفسرون في تأويله على سبعة أقاويل:
أحدها: أن المحكم الناسخ، والمتشابه المنسوخ، قاله ابن عباس، وابن مسعود.
والثاني: أن المحكم ما أحكم الله بيان حلاله وحرامه فلم تشتبه معانيه، قاله مجاهد.
والثالث: أن المحكم ما لم يحتمل من التأويل إلا وجهاً واحداً، والمتشابه ما احتمل أوجهاً، قاله الشافعي ومحمد بن جعفر بن الزبير.
والرابع: أن المحكم الذي لم تتكرر ألفاظه، والمتشابه الذي تكررت ألفاظه، قاله ابن زيد.
والخامس: أن المحكم الفرائض والوعد والوعيد، والمتشابه القصص والأمثال.
والسادس: أن المحكم ما عرف العلماء تأويله وفهموا معناه وتفسيره، والمتشابه ما لم يكن إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه، كقيام الساعة، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج عيسى ونحوه، وهذا قول جابر بن عبد الله.
والسابع: أن المحكم ما قام بنفسه ولم يحتج إلى استدلال.
ويحتمل ثامناً: أن المحكم ما كانت معاني أحكامه معقولة، والمتشابه ما كانت معاني أحكامه غير معقولة، كأعداد الصلوات، واختصاص الصيام بشهر رمضان دون شعبان.
وإنما جعله محكماً ومتشابهاً استدعاء للنظر من غير اتكال على الخبر، وقد روى معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «القرآن على ثلاثة أجزاء: حلال فاتبعه، وحرام فاجتنبه، ومتشابه يشكل عليك فَكِلْه إلى عالمه».
وأما قوله تعالى: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَاِب}. ففيه وجهان:
أحدهما: أصل الكتاب.
والثاني: معلوم الكتاب.
وفيه تأويلان:
أحدهما: أنه أراد الآي التي فيها الفرائض والحدود، قاله يحيى بن يعمر.
والثاني: أنه أراد فواتح السُّوَر التي يستخرج منها القرآن، وهو قول أبي فاختة.
ويحتمل ثالثاً: أن يريد به أنه معقول المعاني لأنه يتفرع عنه ما شاركه في معناه، فيصير الأصل لفروعه كالأم لحدوثها عنه، فلذلك سماه أم الكتاب.
{فَأََمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} فيه تأويلان:
أحدهما: ميل عن الحق.
والثاني: شك، قاله مجاهد.
{فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنه الأجل الذي أرادت اليهود أن تعرفه من الحروف المقطعة من حساب الجُمّل في انقضاء مدة النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنه معرفة عواقب القرآن في العلم بورود النسخ قبل وقته.
والثالث: أن ذلك نزل في وفد نجران لمَّا حاجّوا النبي صلى الله عليه وسلم في المسيح، فقالوا: أليس كلمة الله وروحه؟ قال: «بلى» فقالوا: حسبنا، فأنزل الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وابْتَغَآءَ تَأْوِيلِهِ} وهو قول الربيع.
وفي قوله تعالى: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} أربعة تأويلات:
أحدها: الشرك، قاله السدي.
والثاني: اللّبْس، قاله مجاهد.
الثالث: الشبهات التي حاجّ بها وفد نجران.
والرابع: إفساد ذات البَيْن.
{وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} في التأويل وجهان:
أحدهما: أنه التفسير.
والثاني: أنه العاقبة المنتظرة.
{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: تأويل جميع المتشابه، لأن فيه ما يعلمه الناس، وفيه ما لا يعلمه إلا الله، قاله الحسن.
والثاني: أن تأويله يوم القيامة لما فيه من الوعد والوعيد، كما قال الله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَومَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الأعراف: 53] يعني يوم القيامة، قاله ابن عباس.
والثالث: تأويله وقت حلوله، قاله بعض المتأخرين.
{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} فيه وجهان:
أحدهما: يعني الثابتين فيه، العاملين به.
والثاني: يعني المستنبطين للعلم والعاملين، وفيهم وجهان:
أحدهما: أنهم داخلون في الاستثناء، وتقديره: أن الذي يعلم تأويله الله والراسخون في العلم جميعاً.
روى ابن أبي نجيح عن ابن عباس أنه قال: أنا ممن يعلم تأويله.
الثاني: أنهم خارجون من الاستثناء، ويكون معنى الكلام: ما يعلم تأويله إلا الله وحده، ثم استأنف فقال: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}.
{يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا} يحتمل وجهين:
أحدهما: علم ذلك عند ربنا.
والثاني: ما فصله من المحكم والمتشابه، فنزل من عند ربنا.

.تفسير الآيات (10- 11):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11)}
قوله عز وجل: {كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ} فيه وجهان:
أحدهما: أن الدأب: العادة، (أي) كعادة آل فرعون والذين من قبلهم.
والثاني: أن الدأب هنا الاجتهاد، مأخوذ من قولهم: دأبت في الأمر، إذا اجتهدت فيه.
فإذا قيل إنه العادة ففيما أشار إليه من عادتهم وجهان:
أحدهما: كعادتهم في التكذيب بالحق.
والثاني: كعادتهم من عقابهم على ذنوبهم.
وإذا قيل إنه الاجتهاد، احتمل ما أشار إليه من اجتهادهم وجهين:
أحدهما: كاجتهادهم في نصرة الكفر على الإِيمان.
والثاني: كاجتهادهم في الجحود والبهتان.
وفيمن أشار إليهم أنهم كدأب آل فرعون قولان:
أحدهما: أنهم مشركو قريش يوم بدر، كانوا في انتقام الله منهم لرسله والمؤمنين، كآل فرعون في انتقامه منهم لموسى وبني إسرائيل، فيكون هذا على القول الأول تذكيراً للرسول والمؤمنين بنعمة سبقت، لأن هذه الآية نزلت بعد بدر استدعاء لشكرهم عليها، وعلى القول الثاني وعداً بنعمة مستقبلة لأنها نزلت قبل قتل يهود بني قينقاع، فحقق وعده وجعله معجزاً لرسوله.

.تفسير الآيات (12- 13):

{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13)}
قوله عز وجل: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرواْ سَتُغْلَبُونَ} الآية. في سبب نزول هذه الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها نزلت في قريش قبل بدر بسنة، فحقق الله قوله، وصدق رسوله، وأنجز وعده بمن قتل منهم يوم بدر، قاله ابن عباس، والضحاك.
والثاني: أنها نزلت في بني قينقاع لمَّا هلكت قريش يوم بدر، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وحذرهم مثل ما نزل بقريش، فأبوا وقالوا: لسنا كقريش الأغمار الذين لا يعرفون الناس، فأنزل الله فيهم هذه الآية، قاله قتادة، وابن إسحاق.
والثالث: أنها نزلت في عامة الكفار.
وفي الغلبة هنا قولان:
أحدهما: بالقهر والاستيلاء، إن قيل إنها خاصة.
والثاني: بظهور الحجة، إن قيل إنها عامة.
وفي {وَبِئْسَ الْمِهَادُ} قولان:
أحدهما: بئس ما مهدوا لأنفسهم، قاله مجاهد.
والثاني: معناه بئس القرار، قاله الحسن.
وفي بئس وجهان: أحدهما: أنه مأخوذ من البأس، وهو الشدة.
والثاني: أنه مأخوذ من البأساء وهو الشر.
قوله عز وجل: {قَدْ كَانَ لَكُمْ ءَايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ} يعني المؤمنين من أهل بدر.
{وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} يعني مشركي قريش.
{يَرَونَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} وفي مثليهم قولان:
أحدهما: أنهم مثلان زائدان على العدد المُتَحَقِّق، فيصير العدد ثلاثة أمثال، قاله الفراء.
والثاني: هو المزيد في الرؤية، قاله الزجاج.
اختلفوا في المخاطب بهذه الرؤية على قولين:
أحدهما: أنها الفئة المؤمنة التي تقاتل في سبيل الله، بأن أراهم الله مشركي قريش يوم بدر مثلي عدد أنفسهم، لأن عدة المسلمين كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، وعدة المشركين في رواية عليٍّ وابن مسعود ألف، وفي رواية عروة، وقتادة، والربيع ما بين تسعمائة إلى ألف، فقلَّلهم الله في أعينهم تقوية لنفوسهم، قاله ابن مسعود، والحسن.
والثاني: أن الفئة التي أراها الله ذلك هي الفئة الكافرة، أراهم الله المسلمين مثلي عددهم مكثراً لهم، لتضعف به قلوبهم. والآية في الفئتين هي تقليل الكثير في أعين المسلمين، وتكثير القليل في أعين المشركين، وما تقدم من الوعد بالغلبة، فتحقق، قتلاً، وأسراً، وسبياً.
{وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ} يعني من أهل طاعته. وفي التأييد وجهان:
أحدهما: أنه المعونة.
والثاني: القوة.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأبْصَارِ} فيه وجهان:
أحدهما: أن في نصرة الله لرسوله يوم بدر مع قلة أصحابه عبرة لذوي البصائر والعقول.
والثاني: أن فيما أبصره المشركون من كثرة المسلمين مع قلتهم عبرة لذوي الأعين والبصائر.

.تفسير الآيات (14- 15):

{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)}
قوله عز وجل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} معنى زين: أي حُسِّن حب الشهوات، والشهوة من خَلْق الله في الإنسان، لأنها ضرورة لا يقدر على دفعها.
وفي المُزّيِّن لحب الشهوات ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه الشيطان، لأنه لا أحد أشد ذَمًّا لها من الله تعالى الذي خَلَقَها، قاله الحسن.
الثاني: تأويل أن الله زين حب الشهوات لِمَا جعله في الطبائع من المنازعة كما قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَّهَا} [الكهف: 7]، قاله الزجاج.
والثالث: أن الله زين من حبها ما حَسُن، وزين الشيطان من حبها ما قَبُح. {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} اختلفوا في مقدار القنطار على سبعة أقاويل:
أحدها: أنه ألف ومائتا أوقية، وهو قول معاذ بن جبل، وأبي هريرة ورواه زر بن حبيش عن أُبيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القِنْطَارُ أَلفٌ وَمِائَتا أُوقِيَّةٍ».
والثاني: أنه ألف ومائتا دينار، وهو قول الضحاك، والحسن، وقد رواه الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثالث: أنه اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار، وهو قول ابن عباس.
والرابع: أنه ثمانون ألفاً من الدراهم، أو مائة رطل من الذهب، وهو قول سعيد بن المسيب، وقتادة.
والخامس: أنه سبعون ألفاً، قاله ابن عمر، ومجاهد.
والسادس: أنه ملء مسك ثور ذهباً، قاله أبو نضرة.
والسابع: أنه المال الكثير، وهو قول الربيع.
وفي {المُقَنْطَرَةِ} خمسة أقاويل:
أحدها: أنها المضاعفة، وهو قول قتادة.
والثاني: أنها الكاملة المجتمعة.
والثالث: هي تسعة قناطير، قاله الفراء.
والرابع: هي المضروبة دراهم أو دنانير، وهو قول السدي.
والخامس: أنها المجعولة كذلك، كقولهم دراهم مدرهمة.
ويحتمل وجهاً سادساً: أن القناطير المذكورة مأخوذة من قنطرة الوادي، إما لأنها بتركها مُعَدَّة كالقناطر المعبورة، وإما لأنها معدة لوقت الحاجة، والقناطير مأخوذة من عقد الشيء وإحكامه كالقنطرة.
{وَالْخَيلِ الْمُسَوَّمَةِ} فيها خمسة تأويلات:
أحدها: أنها الراعية، قاله سعيد بن جبير، والربيع، ومنه قوله تعالى: {وفيه تسيمون} أي ترعون.
والثاني: أن المسومة الحسنة، قاله مجاهد، وعكرمة، والسدي.
والثالث: أنها المعلَّمة، قاله ابن عباس، وقتادة.
والرابع: أنها المعدة للجهاد، قاله ابن زيد.
والخامس: أنها من السيما مقصورة وممدود، قاله الحسن، قال الشاعر:
غلامٌ رماه اللهُ بالحُسْن يافعاً ** له سيمياء لا تَشُقُّ على البصر

{والأنْعَامِ} هي الإِبل، والبقر، والغنم من الضأن والمعز، ولا يقال النعم لجنس منها على الإِنفراد إلا للإِبل خاصة.
{والْحَرْثِ} هو الزرع.
ويحتمل وجهاً ثانياً: أن يريد أرض الحرث لأنها أصل، ويكون الحرث بمعنى المحروث.