فصل: تفسير الآيات (40- 41):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (40- 41):

{إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41)}
قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بئَايَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَآءِ} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أي لا تفتح لأرواحهم لأنها تفتح لروح الكافر وتفتح لروح المؤمن، قاله ابن عباس، والسدي.
والثاني: لا تفتح لدعائهم، قاله الحسن.
والثالث: لا تفتح لأعمالهم، قاله مجاهد، وإبراهيم.
والرابع: لا تفتح لهم أبواب السماء لدخول الجنة لأن الجنة في السماء، وهذا قول بعض المتاخرين.
والخامس: لا تفتح لهم أبواب السماء لنزول الرحمة عليهم، قاله ابن بحر.
{وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يِلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} فيه قولان:
أحدهما: سم الخياط: ثقب الإبرة، قاله ابن عباس، الحسن، ومجاهد، وعكرمة، والسدي.
والثاني: أن سم الخياط هو السم القاتل الداخل في مسام الجسد أي ثقبه.
وفي {الْجَمَلِ} قراءتان:
إحداهما: وعليها الجمهور، الجَمَل بفتح الجيم وتخفيف الميم وهو ذو القوائم الأربع.
والثانية الجُمَّل بضم الجيم وتشديد الميم وهو القلس الغليظ، وهذه قراءة سعيد بن جبير، وإحدى قراءتي ابن عباس، وكان ابن عباس يتأول أنه حبل السفينة.
ومعنى الكلام أنهم لا يدخلون الجنة أبداً كما لا يدخل الجمل في سم الخياط أبداً، وضرب المثل بهذا أبلغ في إياسهم من إرسال الكلام وإطلاقه في النفي، والعرب تضرب هذا للمبالغة، قال الشاعر:
إذا شاب الغراب أتيت أهلي ** وعاد القار كاللبن الحليب

قوله عز وجل: {لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ} قال الحسن: فراش من نار، والمهاد: الوِطَاء، ومنه أخذ مهد الصبي.
{وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} فيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها اللحف.
والثاني: اللباس.
والثالث: الظلل، قاله الحسن.
والمراد بذلك أن النار من فوقهم ومن تحتهم، فعبر عما تحتهم بالمهاد، وعما فوقهم بالغواش.

.تفسير الآيات (42- 43):

{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)}
قوله عز وجل: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم منْ غِلٍّ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: الأهواء والبدع، قاله سهل بن عبد الله.
والثاني: التباغض والتحاسد.
والثالث: الحقد.
والرابع: نزع من نفوسهم أن يتمنوا ما لغيرهم. وفي نزعه وجهان:
أحدهما: أن الله نزع ذلك من صدورهم بلطفه.
والثاني: أن ما هداهم إليه من الإيمان هو الذي نزعه من صدورهم.
وفي هذا الغل قولان:
أحدهما: أنه غل الجاهلية، قاله الحسن.
والثاني: أنهم لا يتعادون ولا يتحاقدون بعد الإيمان، وقد روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير ممن قال الله فيهم: {وَنََزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ}.
وقيل: إنها نزلت في أهل بدر.
ويحتمل قوله: {وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذا} وجهين:
أحدهما: هدانا لنزع من صدورنا.
والثاني: هدانا لثبوت الإيمان في قلوبنا حتى نزع الغل من صدورنا.
وفيه وجه ثالث: قال جويبر: هدانا لمجاوزة الصراط ودخول الجنة.

.تفسير الآيات (44- 47):

{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ كَافِرُونَ (45) وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47)}
قوله عز وجل: {وَعَلَى الأَعَرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمُ} أما الأعراف فسور بين الجنة والنار، قاله مجاهد، والسدي، وهو جَمْعٌ وَاحِدُهُ عُرْف وهو ما ارتفع عن غيره، ومنه عرف الديك وعرف الفرس، قال الراجز:
كل كتاب لجمعه موافي ** كالعلم الموفي على الأعراف.

وفي الذين على الأعراف خمسة أقاويل:
أحدها: أنهم فضلاء المؤمنين وعلماؤهم، قاله الحسن، ومجاهد، قال أمية بن أبي الصلت:
وآخرون على الأعراف قد طمعوا ** بجنة حفها الرمان والخضر.

وهذا وإن كان شعراً جاهلياً وحال الأعراف منقول عن خبر يروى فيحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون أمية قد وصل إلى علمه من الصحف الشرعية.
والثاني: أن يكون الله قد انطق به أمية إلهاماً لتصديق ما جاء به القرآن.
والثاني: أنهم ملائكة يُرَون في صور الرجال، قاله أبو مجلز.
والثالث: أنهم قوم بطأت بهم صغائرهم إلى آخر الناس، قاله حذيفة.
والرابع: أنه قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فجعلوا هنالك حتى يقضى الله من أمرهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة، قاله ابن مسعود.
والخامس: أنهم قوم قتلوا في سبيل الله وكانوا عصاة لآبائهم، قيل إنهم غزوا بغير إذنهم، وقد روى محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال:
سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال: «هُمْ قَومٌ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَعْصِيةِ آبَائِهِمْ، فَمَنَعَهُمْ قَتْلُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَنِ النَّارِ ومنعهم مَعْصِيَةُ آبَائِهِم أَنْ يَدْخُلُواْ الجَنَّةَ»
ومعنى قوله: {يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} يعني يعرفون أهل النار وأهل الجنة بعلامتهم التي يتميزون بها، وعلامتهم في وجوههم وأعينهم، قال الحسن البصري: علامة أهل النار سواد الوجوه وزرقة العيون، وعلامة أهل الجنة بياض الوجوه وحسن العيون.
فإن قيل في أصحاب الأعراف: إنهم فضلاء المؤمنين كان ذلك زيادة في ثوابهم ومبالغة في كرامتهم لأنهم يرون منازلهم في الجنة فيستمتعون بها، ويرون عذاب النار فيفرحون بالخلاص منها.
وإن قيل: إنهم المفضلون وأصحاب الصغائر من المؤمنين كان ذلك لنقص ثوابهم عن استحقاق الدخول للجنة.
وإن قيل: إنهم الملائكة، احتمل أمرهم ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يؤمروا بذلك حمداً لأهل الجنة وذماً لأهل النار وزيادة في الثواب والعقاب.
والثاني: أن يكونوا حفظة الأعمال في الدنيا الشاهدين بها عند الله في الآخرة أمروا بذلك، ما أدوه من الشهادة تبشيراً لأهل الجنة وتوبيخاً لأهل النار.
والثالث: أن يكونوا خزنه الجنة والنار، فإن من الملائكة من أفرد لخزنة الجنة، ومنهم من أفرد لخزنة النار، ويكون هؤلاء قد جمع لهم بين الأمرين، والله أعلم بغيب ذلك.
وحكى ابن الأنباري أن قوله: {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ} معناه على معرفة أهل الجنة والنار رجال، وأن قوله: {ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوفٌ عَلَيكُم} الآية من قول أصحاب الأعراف، وهو مخالف لقول جميع المفسرين.

.تفسير الآيات (48- 49):

{وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)}
وفي قوله: {وَنَادَى} وجهان:
أحدهما: أنه بمعنى ينادي، لأنه في المستقبل.
والثاني: أنه على الحذفِ وتقديره: إذا كان يوم القيامة نادى أصحاب الأعراف.

.تفسير الآيات (50- 51):

{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51)}
قوله عز وجل: {أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} فيه وجهان:
أحدهما: من ماء الرحمة ومما رزقكم الله من القربة.
والثاني: من ماء الحياة ومما رزقكم الله من النعم.

.تفسير الآيات (52- 53):

{وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (53)}
قوله عز وجل: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ} يعني القرآن.
{فصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ} فيه وجهان:
أحدهما: بيَّنَّا ما فيه من الحلال والحرام على علم بالمصلحة.
والثاني: ميزنا به الهدى من الضلالة على علم بالثواب والعقاب.
{هُدىً وَرَحْمَةً} يحتمل وجهين:
أحدهما: أن الهدى البرهان.
والثاني: أن الهدى الإرشاد، والرحمة: اللطف.
قوله عز وجل: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ} أي هل ينظرون، فعبر عن الانتظار بالنظر، {إِلاَّ تَأْوِيلَهُ} أي تأويل القرآن، وفيه وجهان:
أحدهما: عاقبته من الجزاء، قاله الحسن.
والثاني: ما فيه من البعث والنشور والحساب.
{يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} فيه وجهان:
أحدهما: القضاء به، قاله الحسن.
الثاني: عاقبة ما وعدهم الله به في الدنيا والآخرة، قال الكلبي.
{يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ} فيه قولان:
أحدهما: معنى نسوه أعرضوا عنه فصار كالمنسي، قاله أبو مجلز.
والثاني: تركوا العمل به، قاله الزجاج.
{قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} يحتمل وجهين:
أحدهما: أنبياء الله في الدنيا بكتبه المنذرة.
والثاني: الملائكة عند المعاينة بما بشروهم به من الثواب العقاب.

.تفسير الآية رقم (54):

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)}
قوله عز وجل: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَواتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} وفي ترك تعجيل خلقها في أقل الزمان مع قدرته على ذلك أربعة أوجه:
أحدها: أن إنشاءها شيئاً بعد شيء وحالاً بعد حال أبلغ في الحكمة وأدل على صحة التدبير ليتوالى مع الأوقات بما ينشئه من المخلوقات تكرار المعلوم بأنه عالم قادر يصرف الأمور على اختياره ويجريها على مشيئته.
والثاني: أن ذلك لاعتبار الملائكة، خلق شيئاً بعد شيء.
والثالث: أن ذلك ترتب على الأيام الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة وهي ستة أيام فأخرج الخلق فيها، قاله مجاهد.
والرابع: ليعلمنا بذلك، الحساب كله من ستة ومنه يتفرع سائر العدد قاله ابن بحر.
{ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} فيه قولان:
أحدهما: معناه استوى أمره على العرش، قاله الحسن.
والثاني: استولى على العرش، كما قال الشاعر:
قد اسْتَوَى بِشْرٌ على العِرَاقِ ** مِن غَيْرِ سَيْفٍ ودم مُهْرَاقٍ

وفي {الْعَرْشِ} ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه المُلْك كني عنه بالعرش والسرير كعادة ملوك الأرض في الجلوس على الأسرة، حكاه ابن بحر.
والثاني: أنه السموات كلها لأنها سقف، وكل سقف عند العرب هو عرش، قال الله تعالى: {خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا} [الكهف: 42] [الحج: 45] أي على سقوفها.
والثالث: أنه موضع في السماء في أعلاها وأشرفها، محجوب عن ملائكة السماء.
{يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} أي يغشي ظلمة الليل ضوء النهار.
{يَطْلُبُهُ حَثِيثاً} لأن سرعة تعاقب الليل والنهار تجعل كل واحد منهما كالطالب لصاحبه.
{وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} يحتمل وجهين:
أحدهما: مذللات بقدرته.
والثاني: جاريات بحكمه.
{أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه مالك الخلق وتدبيرهم.
والثاني: إليه إعادتهم وعليه مجازاتهم.