فصل: تفسير الآيات (58- 59):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (58- 59):

{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)}
{فإنما يسرناه} سهَّلنا القرآن {بلسانك لعلهم يتذكرون} يتَّعظون.
{فارتقب} فانتظر الفتح والنَّصر {إنهم مرتقبون} مُنتظرون قهرك وهلاكك.

.سورة الجاثية:

.تفسير الآيات (1- 3):

{حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3)}
{حم}.
{تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم}.
{إنَّ في السموات والأرض} أَيْ: إنَّ في خلقهما {لآيات} لدلالاتٍ على قدرة الله وتوحيده.

.تفسير الآيات (6- 11):

{تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آَيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9) مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10) هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)}
{فبأيِّ حديث بعد الله} أَيْ: بعد حديث الله وكتابه {يؤمنون}.
{ويلٌ لكلِّ أفاك أثيم} كذَّاب صاحب إثمٍ.
{يسمع آيات الله تتلى عليه ثمَّ يصرُّ} يُقيم على كفره {مستكبراً} مُتعظِّماً عن الإيمان به.
{وإذا علم من آياتنا شيئاً اتخذها هزواً} استهزأ بها.
{ومن ورائهم} أمامهم {جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا} من الأموال {شيئاً}.
{هذا هدى} أَيْ: هذا القرآن هدىً. {والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذابٌ من رجز أليم} مُؤلمٌ مُوجعٌ.

.تفسير الآيات (13- 14):

{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}
{جميعاً منه} أيْ: كلُّ ذلك تفضُّلٌ منه وإحسانٌ.
{قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} نزلت قبل الأمر بالقتال يقول: قل لهم يصفحوا عن المشركين الذين لا يخافون عقوبته الله وعذابه {ليجزي قوماً} أَيْ: ليجزيهم {بما كانوا يكسبون} من سوء أعمالهم.

.تفسير الآيات (16- 21):

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) وَآَتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)}
{ورزقناهم من الطيبات} أَيْ: المنِّ والسَّلوى.
{وآتيناهم بينات من الأمر} يعني: أحكام التَّوراة، وبيان أمر النبيِّ عليه السَّلام {فما اختلفوا} في نبوَّته {إلاَّ من بعد ما جاءهم العلم} يعني: ما علموه من شأنه. {بغياً بينهم} حسداً منهم له.
{ثم جعلناك على شريعة} مذهبٍ وملَّةٍ {من الأمر} من الدِّين {فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون} مراد الكافرين.
{إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً} لن يدفعوا عنك عذاب الله إن اتَّبعت أهواءهم.
{هذا} إشارةٌ إلى القرآن {بصائر} معالم {للناس} في الحدود والأحكام يبصرون بها.
{أم حسب الذين اجترحوا السيئات} اكتسبوا الكفر والمعاصي {أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم} مُستوياً حياتهم وموتهم، أَيْ: المؤمنُ مؤمنٌ حياً وميتاً، والكافر كافرٌ حياً وميتاً، فلا يستويان {ساء ما يحكمون} بئس ما يقضون إذ حسبوا أنَّهم كالمؤمنين، نزلت هذه الآية حين قال المشركون: لئن كان ما تقولون حقاً لنفضلنَّ عليكم في الآخرة، كما فضلنا عليكم في الدُّنيا.

.تفسير الآيات (23- 26):

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (26)}
{أفرأيت من اتخذ إله هواه} أَيْ: الكافر اتَّخذ دينه ما يهواه، فلا يهوى شيئاً إلاَّ ركبه. {وأضله الله على علم} على ما سبق في علمه قبل أن يخلقه أنَّه ضالٌّ. وباقي الآية مُفسَّر في أوَّل سورة البقرة.
{وقالوا} يعني: منكري البعث: {ما هي إلاَّ حياتنا الدنيا} أَيْ: ما الحياة إلاَّ هذه الحياة في دار الدُّنيا {نموت} نحن {ونحيا} أولادنا {وما يهلكنا إلاَّ الدهر} أَيْ: ما يفنينا إلاَّ مرُّ الزَّمان. {وما لهم بذلك من علم} أَيْ: الذين يقولون. {إن هم إلاَّ يظنون} ما هم إلاَّ ظانِّين ما يقولون.
{وإذا تتلى عليهم آياتنا} أَدلَّتنا في قدرتنا على البعث {بينات} واضحاتٍ {وما كان حجَّتهم إلاَّ أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين} أنَّا نُبعث بعد الموت. وقوله: {ثمَّ يجمعكم إلى يوم القيامة} أَيْ: مع ذلك اليوم.

.تفسير الآيات (28- 29):

{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)}
{وترى كلَّ أمة} كلَّ أهلِ دينٍ {جاثية} مُجتمعةً للحساب. وقيل: جالسةً على الرُّكَب من هول ذلك اليوم.
{هذا كتابنا ينطق} أَيْ: ديوان الحفظة {إنا كنا نَستنسِخُ} نأمر بنسخ {ما كنتم تعملون}.

.تفسير الآيات (34- 35):

{وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35)}
{وقيل اليوم ننساكم} نترككم في العذاب كما تركتم الإيمان والعمل ليومكم هذا وقوله: {ولا هم يستعتبون} أَيْ: لا يُلتمس منهم عمل ولا طاعة.

.تفسير الآية رقم (37):

{وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)}
{وله الكبرياء} العظمة {في السموات والأرض} أَيْ: إنَّه يُعظَّم بالعبادة في السموات والأرض {وهو العزيز الحكيم}.

.سورة الأحقاف:

.تفسير الآيات (1- 6):

{حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6)}
{حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلاَّ بالحق} أَيْ: للحقِّ، ولإِقامة الحقِّ {وأجل مسمَّى} تفنى عند انقضاء ذلك الأجل {والذين كفروا عما أنذروا معرضون} أعرضوا بعدما قامت عليهم الحجَّة بخلق الله السَّموات والأرض، ثمَّ طالبهم بالدَّليل على عبادة الأوثان، فقال: {قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات} أَيْ: مشاركةٌ مع الله في خلقهما لذلك أشركتموهم في عبادته {ائتوني بكتاب من قبل هذا} أَيْ: من قَبْلِ القرآن فيه بيان ما تقولون {أو أثارة من علم} روايةٍ عن الأنبياء أنَّهم أَمروا بعبادة غير الله، فلمَّا قامت عليهم الحجَّة جعلهم أضلَّ الخلق، فقال: {ومَنْ أضلُّ ممن يدعو من دون الله مَنْ لا يستجيب له إلى يوم القيامة...} أَيْ: أبداً. الآية.
{وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً} عادوا معبوديهم؛ لأنَّهم بسببهم وقعوا في الهلكة، وجحد المعبودون عبادتهم، وهو قوله: {وكانوا بعبادتهم كافرين} كقوله: {تبرَّأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون.}

.تفسير الآيات (8- 12):

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8) قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12)}
{قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً} أَيْ: عذَّبني على افترائي لم تملكوا دفعه، وإذا كنتم كذلك لم أفتر على الله من أجلكم {هو أعلم بما تفيضون فيه} تخوضون فيه من الإفك. {وهو الغفور} لمَنْ تاب {الرحيم} به.
{قل ما كنت بدعاً} بديعاً {من الرسل} أَيْ: لستُ بأوَّل مرسل فتنكروا نبوَّتي، {وما أدري ما يفعل بي} إلى إيش يصير أمري معكم، أتقتلونني أم تخرجونني {ولا بكم} أَتُعذِّبون بالخسف أم الحجارة، والمعنى: ما أدري إلى ماذا يصير أمري وأمركم في الدُّنيا.
{قل أرأيتم إن كان} القرآن {من عند الله وكفرتم به وشهد شاهدٌ من بني إسرائيل} يعني: عبد الله بن سلام {على مثله} على مثل ما شهد عليه القرآن من تصديق محمَّد عليه السَّلام {فآمن} ذلك الرَّجل {واستكبرتم} عن الإيمان.
{وقال الذين كفروا} من اليهود: {لو كان} دين محمَّدٍ {خيراً ما سبقونا إليه} يعنون: عبد الله بن سلام وأصحابه {وإذ لم يهتدوا به} بالقرآن كما اهتدى به أهل الإيمان {فسيقولون هذا إفكٌ قديم} كما قالوا: أساطير الأوَّلين.
{ومن قبله} ومن قبل القرآن {كتاب موسى} التَّوراة {إماماً ورحمة وهذا كتاب} أَيْ: القرآن {مصدق} أَيْ: مصدِّقٌ لما بين يديه لما تقدَّم من الكتب {لساناً عربياً} نصب على الحال.

.تفسير الآية رقم (15):

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)}
{حملته أمه كرهاً} على مشقَّةٍ {ووضعته كرهاً} أَيْ: على مشقَّةٍ {وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} أقلُّ الحمل ستة أشهر، والفِصال: الفِطام، ويكون ذلك بعد حولين {حتى إذا بلغ أشده} غاية شبابه، وهي ثلاثٌ وثلاثون سنةً {وبلغ أربعين سنةً قال ربِّ أوزعني...} الآية. نزلت في أبي بكر رضي الله عنه، وذلك أنَّه لمَّا بلغ أربعين سنةً آمن بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وآمن أبواه، فذلك قوله: {أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي} أَيْ: بالإِيمان {وأصلح لي في ذريتي} بأن تجعلهم مؤمنين، فاستجاب الله له في أولاده فأسلموا، ولم يكن أحدٌ من الصَّحابة أسلم هو وأبواه وبنوه وبناته إلاَّ أبو بكر رضي الله عنه.

.تفسير الآيات (17- 26):

{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20) وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26)}
{والذي قال لوالديه} نزلت في كافرٍ عاقٍّ قال لوالديه: {أَتَعِدانِني أن أخرج} من قبري حيَّاً {وقد خلت القرون من قبلي} فلم يُبعث منهم أحدٌ {وهما يستغيثان الله} يعني: والديه يستغيثان بالله على إيمان ولدهما، ويقولان له: {ويلك آمن إنَّ وعد الله حق فيقول ما هذا} الذي تدعونني إليه {إلاَّ أساطير الأولين}.
{أولئك الذين} أَيْ: مَنْ كان بهذه الصِّفة فهم الذين {حق عليهم القول} وجب عليهم العذاب {في أمم} كافرةٍ. {من الجن والإِنس}.
{ولكلٍّ} من المؤمنين والكافرين {درجات} منازل ومراتب من الثَّواب والعقاب {ممَّا عملوا}.
{ويوم يعرض الذين كفروا على النار} فيقال لهم: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها} وذلك أنَّهم يفعلون ما يشتهون، لا يَتَوَقَّوْن حراماً، ولا يجتنبون مأثماً {فاليوم تجزون عذاب الهون} الهوان. الآية.
{واذكر أخا عاد} يعني: هوداً {إذ أنذر قومه بالأحقاف} أَيْ: منازلهم {وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه} أَيْ: قد أُنذروا بالعذاب أنْ عَبَدوا غيرَ الله قبل إنذار هود وبعده.
{قالوا أجئتنا لتأفكنا} لتصرفنا {عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا} من العذاب {إن كنت من الصادقين}.
{قال إنما العلم عند الله} هو يعلم متى يأتيكم العذاب، {و} إنما أنا مُبلِّغٌ {أبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوماً تجهلون} مراشدكم حين أدلُّكم على الرَّشاد وأنتم تُعرضون.
{فلما رأوه} أَيْ: السَّحاب {عارضاً} قد عرض في السماء {مستقبل أوديتهم} يأتي من قبلها. {قالوا هذا عارض ممطرنا} سحابٌ يمطر علينا. قال الله تعالى: {بل هو ما أستعجلتم به} من العذاب.
{تدمّر} تُهلك {كلَّ شيء} مرَّت به من الرِّجال والدَّوابِّ. {فأصبحوا لا يُرى} أشخاصهم {إلاَّ مساكنهم} لأنَّ الرِّيح أهلكتهم وفرَّقتهم، وبقيت مساكنهم خاليةً.
{ولقد مكَّناهم} من القوَّة والعمر والمال {فيما إن مكَّناكم فيه} في الذي ما مكَّنَّاكم فيه.