فصل: تفسير الآيات (27- 29):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (27- 29):

{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28) وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)}
{ولقد أهلكنا ما حولكم} يا أهل مكَّة {من القرى} كحجر ثمود وقرى قوم لوط {وصرَّفنا الآيات} بيَّنا الدَّلالات {لعلهم يرجعون} عن كفرهم. يعني: الأمم المهلكة.
{فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قرباناً آلهة} يعني: أوثانهم الذين اتَّخذوها آلهةَ يتقرَّبون بها إلى الله. {بل ضلوا عنهم} بطلوا عند نزول العذاب {وذلك إفكهم} أَيْ: كذبهم وكفرهم. يعني: قولهم: إنَّها تُقرِّبنا إلى الله.
{وإذْ صرفنا إليك نفراً من الجن} كانوا تسعة نفرٍ من الجنِّ من نينوى من أرض الموصل، وذلك أنَّه عليه السَّلام أُمر أن يُنذر الجنَّ، فصرف إليه نفرٌ منهم ليتسمعوا ويبلِّغوا قومهم. {فلما حضروه} قال بعضهم لبعض: {أنصتوا} أَيْ: اسكتوا {فلما قضي} أَيْ: فرغ من تلاوة القرآن رجعوا {إلى قومهم منذرين}؛ وقالوا لهم ما قصَّ الله في كتابه.

.تفسير الآية رقم (33):

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33)}
{ولم يعي بخلقهن} أَيْ: لم يضعف عن إبداعهنَّ.

.تفسير الآية رقم (35):

{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)}
{فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل} أَيْ: ذوو الرَّأي والجدِّ، وكلّهم أولو العزم إلاَّ يونس. وقيل: هم أصحاب الشَّرائع نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد منهم صلى الله عليهم أجمعين. {ولا تستعجل لهم} العذاب {كأنهم يوم يرون ما يوعدون} من العذاب في الآخرة {لم يلبثوا} في الدُّنيا {إلاَّ ساعة من نهار} لهولِ ما عاينوا، ونسوا قدر مكثهم في الدُّنيا. {بلاغ} أَيْ: هذا القرآن بلاغٌ، أَيْ: تبْليغٌ من الله تعالى إليكم على لسان محمَّد عليه السَّلام {فهل يهلك إلاَّ القوم الفاسقون} أَيْ: لا يُهلك مع رحمة الله وتفضُّله إلاَّ الكافرون.

.سورة محمد:

.تفسير الآيات (1- 8):

{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8)}
{الذين كفروا} أهل مكَّة {وصدوا عن سبيل الله} ومنعوا النَّاس عن الإيمان بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {أضلَّ أعمالهم} أحبطها، فلا يرون في ألآخرة لها جزاءً. وقوله: {كفَّر عنهم سيئاتهم} أَيْ: سترها وغفرها لهم {وأصلح بالهم} أمرهم وحالهم.
{ذلك} الإِضلال والتَّكفير لاتِّباع الكافرين الباطل، وهو الشَّيطان، واتِّباع المؤمنين الحقَّ، وهو القرآن. {كذلك يضرب الله للناس أمثالهم} أَيْ: كالبيان الذي ذُكر يُبيِّن الله للنَّاس أمثال سيئات الكافرين وحسنات المؤمنين.
{فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} فاضربوا رقابهم، أَيْ: فاقتلوهم {حتى إذا أثخنتموهم} أكثرتم فيهم القتل {فشدوا} وثاق الأسارى حتى لا يفلتوا منكم {فإمَّا منَّاً بعد} أَيْ: بعد أن تأسروهم؛ إمَّا مننتم عليهم فأطلقتموهم؛ وإمَّا أن تُفادوهم بمالٍ {حتى تَضَعَ الحرب أوزارها} أَيْ: اقتلوهم وأسروهم حتى لا يبقى كافرٌ يقاتلكم، فتسكن الحرب وتنقطع، وهو معنى قوله: {تضع الحرب أوزارها} أَيْ: يضع أهلها آلة الحرب من السِّلاح وغيره، ويدخلوا في الإِسلام أو الذِّمَّة. {ذلك} أَيْ: افعلوا ذلك الذي ذكرت {ولو يشاء الله لانتصر منهم} أهلكهم بغير قتالٍ {ولكن ليبلو بعضكم ببعض} يمحِّص المؤمنين بالجهاد، ويمحق الكافرين {والذين قتلوا في سبيل الله} وهم أهل الجهاد.
{سيهديهم} في الدُّنيا إلى الطَّاعات، وفي الآخرة إلى الدَّرجات {ويصلح بالهم} أمر معاشهم.
{ويدخلهم الجنة عرَّفها لهم} بيَّن لهم مساكنهم فيها، وعرَّفهم منازلهم.
{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله} أَيْ: رسوله ودينه {ينصركم ويثبت أقدامكم} في مواطن القتال.
{والذين كفروا فتعساً لهم} أَيْ: سقوطاً وهلاكاً {وأضلَّ أعمالهم} أبطلها؛ لأنَّها كانت للشَّيطان.

.تفسير الآيات (10- 17):

{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)}
ثمَّ توعَّدهم فقال: {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمَّر الله عليهم وللكافرين أمثالها} أَيْ: أمثال تلك العاقبة التي كانت لمَنْ قبلهم.
{ذلك} أَيْ: ذلك النَّصر للمؤمنين والهلاك للكافرين {بأنَّ الله مولى الذين آمنوا} وليُّهم وناصرهم {وأن الكافرين لا مولى لهم} لا وليَّ لهم ينصرهم من الله.
{والذين كفروا يتمتعون} في الدُّنيا {ويأكلون كما تأكل الأنعام} ليس لهم همَّةٌ إلاَّ بطونهم وفروجهم، ثمَّ يصيرون إلى النَّار.
{وكأين من قرية هي أشدُّ قوة من قريتك التي أخرجتك} يعني: مكَّة، أخرجك أهلها {أهلكناهم} بتكذيبهم الرُّسل {فلا ناصر لهم}.
{أفمن كان على بينة من ربه} وهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنون {كمَنْ زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم} وهم أبو جهل والكفَّار.
{مثل} صفة {الجنَّة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماءٍ غير آسن} غير متغيِّرِ الرَّائحة {وأنهار من خمر لذة للشاربين} لذيذة.
{ومنهم مَنْ يستمع إليك} يعني: المنافقين {حتى إذا خرجوا من عندك} كانوا يستمعون خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا خرجوا سألوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاءً وإعلاماً أنَّهم لم يلتفتوا إلى ما قال، يقولون: {ماذا قال آنفاً} أَيْ: الآن. وقوله: {وآتاهم تقواهم} أَيْ: ثواب تقواهم، ويجوز أن يكون المعنى: وألهمهم تقواهم ووفَّقهم لها.

.تفسير الآيات (18- 22):

{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)}
{فهل ينظرون} ينتظرون {إلاَّ الساعة} القيامة {أن تأتيهم بغتة} أَيْ: هم في الحقيقة كذلك؛ لأنَّه ليس الأمر إلاَّ أن تقوم عليهم السَّاعة بغتةً {فقد جاء أشراطها} علاماتها من بعث محمد صلى الله عليه وسلم وغيره {فأنى لهم إذا جاءتهم} السَّاعة {ذكراهم} أَيْ: فمن أين لهم أن يتذكَّروا أو يتوبوا بعد مجيء السَّاعة.
{فأعلم أنه لا إله إلاَّ الله} أَيْ: فاثبت على ذلك من علمك. {والله يعلم متقلبكم} مُتصرِّفكم في أعمالكم وأشغالكم. وقيل: مُتقلَّبكم من الأصلاب إلى الأرحام. {ومثواكم} مرجعكم في الدُّنيا والآخرة.
{ويقول الذين آمنوا} حرصاً منهم على الوحي إذا استبطؤوه: {لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة} غير منسوخةٍ {وذكر فيها} فُرِضَ {القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض} أَيْ: المناققين {ينظرون إليك} شزراً {نظر المغشي عليه من الموت} كنظر مَنْ وقع في سكرات الموت، كراهة منهم للقتال. {فأولى لهم}.
{طاعة وقول معروف} أَيْ: لو أطاعوا وقالوا لك قولاً حسناً كان ذلك أولى. {فإذا عزم الأمر} أَيْ: جدَّ الأمرُ ولزم فرض القتال {فلو صدقوا الله} في الإِيمان والطَّاعة {لكان خيراً لهم}.
{فهل عسيتم إن توليتم} أَيْ: لعلَّكم إن أعرضتم عمَّا جاء به محمد عليه السَّلام أن تعودوا إلى أمر الجاهليَّة، فيقتل بعضكم بعضاً، وهو قوله: {أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} أَيْ: بالبغي والظُّلم والقتل.

.تفسير الآيات (24- 27):

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27)}
{أفلا يتدبرون القرآن} فيتَّعظوا بمواعظه {أم على قلوبٍ أقفالها} فليس تفهمها.
{إنَّ الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى} يعني: كفَّار أهل الكتاب كفروا بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وهم يعرفونه {الشيطان سؤَّل لهم} زيَّن لهم {وأملى لهم} أطال لهم الأمل.
{ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزَّل الله} يعني: المشركين {سنطيعكم في بعض الأمر} في التَّظاهر على عداوة محمَّد صلى الله عليه وسلم.
{فكيف} أَيْ: فيكف يكون حالهم {إذا توفتهم الملائكة}.

.تفسير الآيات (29- 33):

{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)}
{أم حسب الذين في قلوبهم مرض} وهم المنافقون {أن لن يخرج الله أضغانهم} لن يظهر الله أحقادهم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
{ولو نشاء لأريناكهم} لعرَّفناكهم {فلعرفتهم بسيماهم} بعلامتهم {ولتعرفنهم في لحن القول} في معنى كلامهم إذا تكلَّموا معك.
{ولنبلونكم} بالجهاد {حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} العلم الذي يقع به الجزاء {ونبلوا أخباركم} أَيْ: ونكشف ما تُسرُّون.
{إنَّ الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله...} الآية. يعني: المُطعمين من أصحاب بدرٍ. وقوله: {ولا تبطلوا أعمالكم} أَيْ: بالمنِّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامكم.

.تفسير الآيات (35- 38):

{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35) إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)}
{وتدعوا إلى السلم} أَيْ: لا توادعوهم ولا تتركوا قتالهم حتى يُسلموا؛ لأنَّكم الأعلون، ولا ضعف بكم فتدعوا إلى الصُّلح {والله معكم} بالنُّصرة {ولن يتركم أعمالكم} لن ينقصكم شيئاً من ثواب أعمالكم. وقوله: {ولا يسألكم أموالكم} أَيْ: لا يسألكم محمَّد عليه السَّلام أموالكم أجراً على تبليغ الرِّسالة.
{إن يسألكموها فيحفكم} يجهدكم بالمسألة {تبخلوا ويخرج أضغانكم} ويظهر عداوتكم؛ لأنَّ في مسألة المال ظهور العداوة والحقد.
{ها أنتم هؤلاء} يا هؤلاء {تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم مَنْ يبخل} بالصَّدقة {ومَنْ يبخل فإنما يبخل عن نفسه} لأنَّ له ثواب ما أعطي، فإذا لم يعط لم يستحقَّ الثَّواب {والله الغنيُّ} عن صدقاتكم {وأنتم الفقراء} إليها في الآخرة {وإن تتولوا} عن الرَّسول {يستبدل قوماً غيركم} أطوع منكم، وهم فارس {ثم لا يكونوا} في الطَّاعة {أمثالكم} بل يكونوا أطوع منكم، وهذا الخطاب للعرب.