فصل: تفسير الآيات (71- 72):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (71- 72):

{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (71) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72)}
{ولو اتبع الحق} القرآن الذي يدعو إلى المحاسن {أهواءَهم} التي تدعو إلى المقابح، أي: لو كان التَّنزيل بما يُحبُّون {لفسدت السموات والأرض} وذلك أنَّها خُلقت دلالةً على توحيد الله، فلو كان القرآن على مرادهم كان يدعو إلى الشِّرك، وذلك يُؤدِّي إلى إفساد أدلة التَّوحيد، وقوله: {ومَنْ فيهنَّ} لأنَّهم حينئذٍ يُشركون بالله تعالى {بل أتيناهم بذكرهم} بشرفهم في الدُّنيا والآخرة.
{أم تسألهم} أنت يا محمَّد على ما جئت به {خرجاً} جُعلاً وأجراً {فخراجُ ربك} فعطاء ربِّك وثوابه {خير}.

.تفسير الآيات (74- 77):

{وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75) وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77)}
{لناكبون} أَيْ: عادلون مائلون.
{ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضرّ} جدبٍ وقحطٍ {للجوا} لتمادوا {في طغيانهم يعمهون} نزلت هذه الآية حين شكوا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقالوا: قتلْتَ الآباء بالسَّيف، والأبناء بالجوع.
{ولقد أخذناهم بالعذاب} بالجوع {فما استكانوا لربهم} ما تواضعوا.
{حتى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد} يوم بدرٍ. وقيل: عذاب الآخرة {إذا هم فيه مبلسون} آيسون من كلِّ خيرٍ.

.تفسير الآية رقم (80):

{وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)}
{وله اختلاف الليل والنهار} أَي: هو الذي جعلهما مختلفين.

.تفسير الآيات (88- 91):

{قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)}
{ملكوت كل شيء} أَيْ: ملكه. يعني: مَنْ يملك كلَّ شيء؟ {وهو يجير} يُؤمن من يشاء {ولا يجار عليه} لا يُؤمَنُ مَنْ أخافه. وقوله: {فأنى تسحرون} تُخدعون وتُصرفون عن توحيده وطاعته.
{بل أتيناهم بالحق} يعني: القرآن {وإنهم لكاذبون} أنَّ الملائكة بنات الله.
{ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق} ينفرد بمخلوقاته فيمنع الإله الآخر عن الاستيلاء عليها {ولعلا بعضهم على بعض} بالقهر والمزاحمة كالعادة بين الملوك {سبحان الله} تنزيهاً له {عما يصفون} من الكذب.

.تفسير الآيات (93- 94):

{قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94)}
{قل رب إما تريني ما يوعدون} ما يُوعَدُ المشركون من العذاب.
{فلا تجعلني} معهم أَيْ: إنْ أنزلت بهم النِّقمة فاجعلني خارجاً منهم.

.تفسير الآيات (96- 101):

{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101)}
{ادفع بالتي هي أحسن} من الحلم والصَّفح {السيئة} التي تأتيك منهم من الأذى والمكروه {نحن أعلم بما يصفون} فنجازيهم به، وهذا كان قبل الأمر بالقتال.
{وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين} نزغاتها ووساوسها.
{وأعوذ بك رب أن يحضرون} في شيءٍ من أموري. وقوله: {رب ارجعون} أي: ارددني إلى الدُّنيا.
{لعلي أعمل صالحاً} أَيْ: أشهد بالتَّوحيد {فيما تركت} حين كنت في الدُّنيا {كلا} لا يرجع إلى الدُّنيا {إنها كلمة هو قائلها} عند الموت، ولا يُجاب إلى ذلك، {ومن ورائهم} أمامهم {برزخ} حاجزٌ بينهم وبين الرُّجوع إلى الدُّنيا.
{فإذا نفخ في الصور} النَّفخة الأخيرة {فلا أنساب بينهم يومئذ} لا يفتخرون بالأنساب {ولا يتساءلون} كما يتساءلون في الدُّنيا من أيِّ قبيلةٍ ونَسبٍ أنت.

.تفسير الآيات (104- 106):

{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106)}
{تلفح} تحرق. {وهم فيها كالحون} عابسون لتقلُّص شفاههم بالانشواء، فيقال لهم: {ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون}.
{قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا} التي قضيتَ علينا {وكنا قوماً ضالين} أقرُّوا على أنفسهم بالضَّلال.

.تفسير الآية رقم (108):

{قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)}
{اخسؤوا} أي: تباعدوا تباعد سخطٍ عليكم.

.تفسير الآيات (110- 118):

{فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111) قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)}
{فاتخذتموهم سخرياً} أَيْ: سخرتم منهم، واستهزأتم {حتى أنسوكم ذكري} لاشتغالكم بالاستهزاء منهم.
{إني جزيتهم اليوم} قابلتُ عملهم بما يستحقُّون من الثَّواب {بما صبروا} على أذاكم {أنهم هم الفائزون} النَّاجون من العذاب والنَّار.
{قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين} قال الله تعالى لمنكري البعث إذا بعثهم من قبورهم: كم لبثتم في قبوركم؟ وهذا سؤال توبيخٍ لهم؛ لأنَّهم كانوا يُنكرون أن يُبعثوا من قبورهم.
{قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم} وذلك أنَّ العذاب رُفع عنهم فيما بين النَّفختين، ونسوا ما كانوا من العذاب، فاستقصروا مدَّة لبثهم، فلذلك قالوا: {لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين} أي: فاسأل الملائكة الذين يحفظون عدد ما لبثنا.
{قال إن لبثتم} ما لبثتم {إلاَّ قليلاً} وإن طال لبثكم؛ في طول لبثكم في النَّار {لو أنكم كنتم تعلمون} مقدار لبثكم في القبر، وذلك أنَّهم لم يعلموا ذلك حيث قالوا: {لبثنا يوماً أو بعض يوم} فقيل لهم: لو كنتم تعلمون ذلك كان قليلاً عند طول لبثكم في النَّار.
{أفحسبتم أنَّما خلقناكم عبثاً} أَيْ: للعبث لا لحكمة من ثوابٍ للمطيع، وعقابٍ للعاصي. وقيل: عبثاً للعبث، حتى تعبثوا وتغفلوا وتلهوا.
{رب العرش الكريم} أي: السَّرير الحسن.
{ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به} لا حجَّة له بما يفعل من عبادته غير الله {فإنما حسابه عند ربه} جزاؤه عند الله تعالى، فهو يجازيه بما يستحقُّه {إنه لا يفلح الكافرون} لا يسعد المُكذِّبون، ثمَّ أمره رسوله أن يستغفر للمؤمنين، ويسأل لهم الرَّحمة فقال: {وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين}.

.سورة النور:

.تفسير الآيات (1- 3):

{سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)}
{سورة أنزلناها} أَيْ: هذه سُورةٌ أنزلناها {وفرضناها} ألزمنا العمل بما فُرض فيها.
{الزانية والزاني} إذا كانا حُرَّين بالغين غير محصنين {فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة} رقَّةٌ ورحمةٌ فَتُعطِّلوا الحدود، وتخفِّفوا الضَّرب حتَّى لا يُؤلم، وقوله: {في دين الله} أَيْ: في حكم الله. {وليشهد} وليحضر {عذابهما} جلدهما {طائفة} نفرٌ {من المؤمنين}.
{الزاني لا ينكح إلاَّ زانية...} الآية. نزلت في قومٍ من فقراء المهاجرين همُّوا أن يتزوَّجوا بغايا كنَّ بالمدينة لِعَيْلَتِهم، فأنزل الله تعالى تحريم ذلك؛ لأنهنَّ كنَّ زانياتٍ مشركاتٍ، وبيَّن أنَّه لا يتزوَّج بهنَّ إلاَّ زانٍ أو مشركٌ، وأنَّ ذلك حرامٌ على المؤمنين.

.تفسير الآيات (4- 8):

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8)}
{والذين يرمون} بالزِّنا {المحصنات} الحرائر العفائف {ثمَّ لم يأتوا} على ما رموهنَّ به {بأربعة شهداء} أَيْ: يشهدون عليهنَّ بذلك {فاجلدوهم} أَي: الرَّامين {ثمانين جلدة} يعني: كلَّ واحدٍ منهم {ولا تقبلوا لهم شهادةً أبداً} لا تُقبل شهادتهم إذا شهدوا؛ لأنَّهم فسقوا برمي المحصنات إلاَّ أن يرجعوا ويُكذِّبوا أنفسهم ويتركوا القذف، فحينئذٍ تُقبل شهادتهم لقوله تعالى: {إلاَّ الذين تابوا من بعد ذلك}.
{والذين يرمون أزواجهم} يقذفونهنَّ بالزِّنا {ولم يكن لهم شهداء إلاَّ أنفسهم} يشهدون على صحَّة ما قالوا إلاَّ هم {فشهادة أحدهم أربع شَهاداتٍ بالله} أربع مرات أنَّه صادقٌ فيما قذفها به، يُسقط عنه الحدَّ، ثم يقول في الخامسة: لعنةُ الله عليه إنْ كان من الكاذبين، فإذا فعل الزَّوج هذا وجب الحدُّ على المرأة، ويسقط ذلك عنها بأن تقول: أشهد بالله إنَّه لمن الكاذبين فيما قذفني به، أربع مرات، وذلك قوله تعالى: {ويدرأ عنها العذاب} أَيْ: يدفع عنها عقوبة الحدِّ، والخامسة تقول: عليَّ غضب الله إنْ كان من الصَّادقين.

.تفسير الآيات (10- 12):

{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10) إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)}
{ولولا فضل الله عليكم ورحمته} جواب {لولا} محذوفٌ، على تقدير: لفضحكم بارتكاب الفاحشة، ولعاجلكم بالعقوبة، ولكنَّه {توابٌ} يقبل التَّوبة، ويرحم مَنْ رجع عن السَّيئة {حكيم} فيما فرض من الحدود.
{إنَّ الذين جاؤوا بالإِفك} بالكذب على عائشة رضوان الله عليها وصفوان {عصبة} جماعة {منكم} يعني: حسَّان بن ثابت، ومسطحاً، وعبد الله ابن أُبيّ المنافق، وحمنة بنت جحش {لا تحسبوه} لا تحسبوا ذلك الإفك {شرّاً لكم بل هو خيرٌ لكم} لأنَّ الله تعالى يأجركم على ذلك، ويُظهر براءتكم {لكلِّ امرئ منهم ما اكتسب من الإِثم} جزاء ما اجترح من الذَّنب {والذي تولَّى كبره} تحمَّل معظمه فبدأ بالخوض فيه، وهو عبد الله ابن أُبيّ.
{لولا} هلاَّ {إذ سمعتموه} يعني: الإِفك {ظنَّ المؤمنون والمؤمنات} رجع من الخطاب إلى الخبر، والمعنى: ظننتم أيُّها المؤمنون بالذين هم كأنفسهم {خيراً} والمؤمنون كلُّهم كالنَّفس الواحدة، وقلتم: {هذا إفك مبين} كذبٌ ظاهرٌ.

.تفسير الآيات (14- 17):

{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17)}
{ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسّكم} لأصابكم {فيما أفضتم} خضتم {فيه} من الإفك {عذاب عظيم}.
{إذ تلقونه بألسنتكم} تأخذونه ويرويه بعضكم عن بعض {وتحسبونه هيناً} وتظنُّونه سهلاً، وهو كبيرٌ عند الله سبحانه.
{ولولا} هلاَّ {إذ سمعتموه} سمعتم هذا الكذب {قلتم ما يكون لنا أن نتكلَّم بهذا سبحانك} تعجُّباً من هذا الكذب {هذا بهتان} كذبٌ نتحيَّر من عظمه، والمعنى: هلا أنكرتموه وصنتم ألسنتكم عن الخوض فيه؟.
{يعظكم الله أن تعودوا} كراهة أن تعودوا لمثل هذا الإِفك أبداً.