فصل: تفسير الآية رقم (25):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (25):

{أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25)}
{ألا يسجدوا} أَيْ: لأنْ لا يسجدوا لله {الذي يخرج الخبء في السموات والأرض} القطر من السَّماء، والنَّبات من الأرض.

.تفسير الآيات (28- 38):

{اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)}
{ثمَّ تولَّ عنهم} أَيْ: استأخر غير بعيدٍ {فانظر ماذا يرجعون} ما يردُّون من الجواب، فمضى الهدهد، وألقى إليها الكتاب، ف
{قالت يا أيها الملأ إني ألقي إليَّ كتاب كريم} حسنٌ ما فيه، ثمَّ بيَّنت ما فيه فقالت: {إنَّه من سليمان وإنَّه بسم الله الرحمن الرحيم}.
{ألا تعلوعليَّ} أَيْ: لا تترفَّعوا عليَّ وإن كنتم ملوكاً {وأتوني مسلمين} طائعين مُنقادين.
{قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري} بيِّنوا لي ما أعمل {ما كنت قاطعة} قاضيةً وفاصلةً {أمر حتى تشهدون} حتى تحضرون، أَيْ: لا أقطع أمراً دونكم.
{قالوا} مُجيبين لها: {نحن أولو قوَّة} في القتال {وأولو بأس شديد} عند الحرب {والأمر إليك} أيَّتها الملكة {فانظري ماذا تأمرين} نُطِعْك.
{قالت إنَّ الملوك إذا دخلوا قرية} عنوةً وغلبةً {أفسدوها} خرَّبوها {وجعلوا أعزَّة أهلها أذلة} أهانوا أشرافها بها؛ ليستقيم لهم الأمر، أشارت إلى أنَّها لو جاءت سليمان محاربةً احتاجت إلى التَّخريب والإِفساد، وصدَّقها الله سبحانه في قولها فقال: {وكذلك يفعلون}.
{وإني مرسلة إليهم بهدية} أُصانعه بها وأختبره أملكٌ هو أم نبيٌّ؟ فإن كان ملكاً قبلها، وإن كان نبيّاً لم يقبلها {فناظرة بِمَ} بأيِّ شيءٍ {يرجع المرسلون} من عنده.
{فلما جاء} البريد أو الرَّسول {سليمان قال أتمدونني بمالٍ فما آتاني الله} من الدِّين والنُّبوَّة والحكمة {خيرٌ مما آتاكم} من الدُّنيا {بل أنتم بهديتكم تفرحون} لأنَّهم أهل مكاثرة بالدُّنيا، ثمَّ قال للرَّسول: {ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم} لا طاقة لهم {بها ولنخرجنَّهم منها} من أرضهم {أذلة}، فجاءها الرَّسول وأخبرها بما رأى وشاهد، فتجهَّزت للمسير إلى سليمان، فلمَّا علم سليمان عليه السَّلام بمسيرها إليه.
{قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها} سريرها {قبل أن يأتوني مسلمين} لأنَّه حينئذٍ لا يحلُّ أخذ ما في أيديهم.

.تفسير الآيات (39- 42):

{قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42)}
{قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها} سريرها {قبل أن يأتوني مسلمين} لأنَّه حينئذٍ لا يحلُّ أخذ ما في أيديهم.
{قال عفريت من الجن} وهو المارد القويُّ: {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} من مجلسك الذي جلستَ فيه للحكم {وإني عليه} على حمله {لقويٌّ أمين} على ما فيه من الجواهر، فقال سليمان عليه السَّلام: أريد أسرع من هذا، ف
{قال الذي عنده علم من الكتاب} وهو آصف بن برخيا، وكان قد قرأ كتب الله سبحانك {أنا آتيك به قبل أن يرتدَّ إليك طرفك} قبل أن يرجع إليك الشَّخَص من منتهى طرفك {فلما رآه} رأى سليمان عليه السَّلام العرش {مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر} نعمته {أم أكفر} ها {ومَنْ شكر فإنما يشكر لنفسه} لأَنَّ نفع ذلك يعود إليه، حيث يستوجب المزيد {ومَنْ كفر فإنَّ ربي غنيٌّ} عن شكره {كريم} بالإٍفضال على مَنْ يكفر النِّعمة.
{قال نكروا} غيِّروا لها {عرشها} بتغيير صورته {ننظر أتهتدي} أتعلم أنَّه عرشها فتعرفه.
{فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنّه هو} شبَّهته به؛ لأنَّه كان مُغيَّراً، وأراد سليمان أن يختبر عقلها؛ لأنَّه قيل له: إنَّ في عقلها شيئاً، ثمَّ قالت: {وأوتينا العلم} بصحَّة نبوَّة سليمان {من قبلها} من قبل هذه الآية التي رأيتُها في إحضار العرش {وكنا مسلمين} منقادين له قبل مجيئنا.

.تفسير الآيات (43- 46):

{وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46)}
{وصدَّها} ومنها عن الإيمان {ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين} فنشأت فيهم، ولم تعرف إلاَّ قوماً يعبدون الشَّمس.
{قيل لها ادخلي الصرح} وذلك أنَّه قيل لسليمان عليه السَّلام: إنَّ قدميها كحافر الحمار، فأراد سليمان أن يرى قدميها، فاتَّخذ له ساحةً من زجاجٍ تحته الماء والسَّمك، وجلس سليمان في صدر الصَّرح، وقيل لها: ادخلي الصَّرح {فلما رأته حسبته لجة} ماءً، وهي معظمه {وكشفت عن ساقيها} لدخول الماء، فرأى سليمان قدمها وإذا هي أحسن النَّاس ساقاً وقدماً، و{قال} لها: {إنَّه صرح ممرَّد} أملس {من قوارير}، ثمَّ إنَّ سليمان عليه السَّلام دعاها إلى الإِسلام فأجابت و{قالت رب إني ظلمت نفسي} بالكفر {وأسلمت مع سليمان لله ربّ العالمين}. وقوله: {فإذا هم فريقان} فإذا قوم صالحٍ فريقان مؤمنٌ وكافرٌ {يختصمون} يقول كلُّ فريقٍ: الحقُّ معي، وطلبت الفرقة الكافرة على تصديق صالح عليه السَّلام العذاب، فقال: {يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة} أَي: لمَ قلتم: إنْ كان ما أتيت به حقاً فأْتنا بالعذاب {لولا} هلاَّ {تستغفرون الله} بالتَّوبة من الكفر {لعلكم ترحمون} لكي ترحموا.

.تفسير الآيات (47- 52):

{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)}
{قالوا اطيرنا بك} تشاءمنا بك {وبمن معك} وذلك إنَّهم قُحطوا بتكذيبهم، فقالوا: أصابنا القحط بشؤمك وشؤم أصحابك، فقال صالح عليه السَّلام: {طائركم عند الله} أَيْ: ما أصابكم من خيرٍ وشرٍّ فمن الله {بل أنتم قوم تفتنون} تختبرون بالخير والشرِّ.
{وكان في المدينة} مدينة ثمود {تسعة رهط} كانو عتاةَ قومِ صالحٍ.
{قالوا تقاسموا} احلفوا {بالله لنبيتنَّه وأهله} لنأتينَّ صالحاً ليلاً، ولنقتلنَّه وأهله {ثم لنقولنَّ} لوليِّ دمه: {ما شهدنا مهلك أهله} ما حضرنا إهلاكهم {وإنا لصادقون} في قولنا.
{ومكروا مكراً} لتبييت صالحٍ {ومكرنا مكراً} جازيناهم على ذلك. وقوله: {إنَّا دمرناهم} وذلك أنَّهم لمَّا خرجوا ليلاً لإِهلاك صالحٍ دَمَغتهم الملائكة بالحجارة من حيث لا يرونهم فقتلوهم، وقوله: {وقومهم أجميعن} إهلاك قوم ثمود بالصَّيحة.
{فتلك بيوتهم} مساكنهم {خاوية} ساقطةً خاليةً {بما ظلموا} بكفرهم بالله سبحانه.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54)}
{أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون} تعلمون أنَّها فاحشة، فهو أعظم لذنوبكم.

.تفسير الآيات (56- 62):

{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62)}
{إنَّهم أناس يتطهرون} يتنزَّهون عن أدبار الرِّجال، يقولونه استهزاءً. وقوله: {قدرناها من الغابرين} أَيْ: قضينا عليها أنَّها من الباقين في العذاب.
{وأمطرنا عليهم} على شُذَّاذهم ومَنْ كان منهم في الأسفار {مطراً} وهو الحجارة.
{قل} لهم يا محمد: {الحمد لله} أَيْ: على إهلاك الكفَّار من الأمم الخالية {وسلامٌ على عباده الذين اصطفى} اصطفاهم لرسالته {آلله خير أم ما يشركون} به من الأصنام، وقوله: {حدائق ذات بهجة} أَيْ: بساتين ذات حسنٍ {ما كان لكم أن تنبتوا شجرها} أَيْ: ما قدرتم عليه {بل هم قومٌ يعدلون} يشركون.
{أم من جعل الأرض قراراً} لا تتحرَّك {وجعل خلالها أنهاراً} وسطها أنهاراً جاريةً {وجعل لها رواسي} جبالاً ثوابت {وجعل بين البحرين} العذب والمالح {حاجزاً} مانعاً من قدرته حتى لا يختلطا.
{أم من يجيب المضطر} المجهود ذا الضرورة {ويكشف السوء} الضُّرَّ {ويجعلكم خلفاء الأرض} سكَّانها بإهلاك مَنْ قبلكم.

.تفسير الآية رقم (64):

{أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64)}
{ومن يرزقكم من السماء} المطر {و} من {الأرض} النَّبات.

.تفسير الآية رقم (66):

{بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآَخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66)}
{بل أدرك علمهم في الآخرة} أَيْ: لحقهم علمهم بأنَّ السَّاعة والبعث حقٌّ في الآخرة حين لا ينفعهم ذلك، ومَنْ قرأ: {ادَّارك} فمعناه: تدارك، أَيْ: تكامل علمهم يوم القيامة؛ لأنَّهم يبعثون ويشاهدون ما وعدوا. {بل هم في شك منها} في الدُّنيا {بل هم منها} من علمها {عمون} جاهلون.

.تفسير الآيات (70- 72):

{وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (70) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (71) قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (72)}
{ولا تحزن عليهم} أَيْ: على تكذيبهم وإعراضهم عنك {ولا تكن في ضيق مما يمكرون} ولا تضيّق قلبك بمكرهم.
{ويقولون متى هذا الوعد} أَيْ: وعد العذاب {إن كنتم صادقين} أنَّ العذاب نازلٌ بالمكذِّب.
{قل عسى أن يكون ردف لكم} أَي: ردفكم، والمعنى: تبعكم ودنا منكم {بعض الذي تستعجلون} من العذاب، وكان ذلك يوم بدرٍ.

.تفسير الآيات (75- 76):

{وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75) إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)}
{وما من غائبة} أَيْ: جملةٍ غائبةٍ عن الخلق {إلاَّ في كتاب مبين} وهو اللَّوح المحفوظ.
{إنَّ هذا القرآن يقصُّ على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} وذلك أنَّ بني إسرائيل اختلفوا حتى لعن بعضهم بعضاً، فقال الله سبحانه: إنَّ هذا القرآن ليقصُّ عليهم الهدى ممَّا اختلفوا فيه لو أخذوا به.

.تفسير الآية رقم (78):

{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78)}
{إنَّ ربك يقضي بينهم} بين المختلفين في الدِّين {بحكمه} يوم القيامة {وهو العزيز} القويُّ فلا يردُّ له أمرٌ {العليم} بأحوالهم.

.تفسير الآيات (80- 86):

{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81) وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86)}
{إنك لا تسمع الموتى} الكفَّار {ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} يعني: الكفَّار الذين هم بمنزلة الصُّمِّ لا يسمعون النِّداء إذا أعرضوا.
{وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم} يريد: إنَّه أعماهم حتى لا يهتدوا، فكيف يهدي النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ضلالتهم قوماً عمياً. {إن تُسمع} ما تُسمع سماع إفهام {إلاَّ مَنْ يؤمن بآياتنا} بأدلَّتنا {فهم مسلمون} في علم الله سبحانه.
{وإذا وقع القول عليهم} وجب العذاب والسُّخط عليهم، وذلك حين لا يقبل الله سبحانه من كافرٍ وإيمانه، ولم يبق إلاَّ مَنْ يموت كافراً في علم الله سبحانه {أخرجنا لهم دابة من الأرض} وخروجها من أوَّل أشراط القيامة {تكلمهم} تُحدِّثهم بما يسوءهم {أنَّ الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون} تخبر الدَّابَّة مَنْ رآها أنَّ أهل مكَّة كانوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن لا يوقنون، ومَنْ كسر {إنَّ النَّاس} كان المعنى: تقول لهم: إنَّ الناس.
{ويوم نحشر} نجمع {من كلِّ أمة فوجاً} جماعةً {ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون} يحبس أوَّلهم على آخرهم ليجتمعوا.
{حتى إذا جاؤوا قال} الله تعالى لهم: {أكذَّبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماً} ولم تعرفوها حقَّ معرفتها، وهذا توبيخٌ لهم {أم ماذا كنتم تعملون} حين لم تتفكَّروا فيها.
{ووقع القول} وجبت الحُجَّة {عليهم بما ظلموا} بإشراكهم {فهم لا ينطقون} بحجَّةٍ وعذرٍ، ثمَّ ذكر الدَّليل على قدرته وإلهيتَّه سبحانه وتعالى، فقال: {ألم يروا أنا جعلنا اليل ليسكنوا فيه والنهار مبصراً إنَّ في ذلك لآيات لقوم يؤمنون}.