فصل: سورة العنكبوت:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.سورة العنكبوت:

.تفسير الآيات (1- 5):

{الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5)}
{الم}.
{أحسب الناس أن يتركوا...} اية. نزلت في الذين جزعوا من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين. معناه: أحسبوا أن يُقنع منهم بأن يقولوا: إنَّا مؤمنون فقط، ولا يُمتحنون بما يُبيِّن حقيقة إيمانهم.
{ولقد فتنا الذين من قبلهم} اختبرنا وابتلينا {فليعلمنَّ الله} صِدقَ {الذين صدقوا} في قولهم: آمنَّا، بوقوعه منهم، وهو الصَّبر على البلاء {وليعلمنَّ} كذب {الكاذبين} في قولهم: آمنَّا، بارتدادهم إلى الكفر عن الدِّين عند البلاء، ومعنى العلم ها هنا العلم به موجوداً كائناً.
{أم حسب الذين يعملون السيئات} الشِّرك {أن يسبقونا} يفوتونا {ساء ما يحكمون} بئس حكماً يحكمون لأنفهسم بهذا الظَّنِّ.
{من كان يرجو لقاء الله} يخشى البعث {فإنَّ أجل الله} وعده بالثَّواب والعقاب {لآتٍ} لكائن.

.تفسير الآيات (7- 13):

{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)}
{ولنجزينَّهم أحسن الذي كانوا يعملون} أَيْ: بأحسن أعمالهم، وهو الطَّاعة.
{ووصينا الإِنسان بوالديه حسناً} أمرناه أن يُحسن إليهما {وإن جاهداك} اجتهدا عليك {لتشرك بي ما ليس لك به علم} أنَّه لي شريك {فلا تطعهما} أُنزلت في سعد بن أبي وقَّاص لمَّا أسلم، حلفت أمُّه أن لا تأكل ولا تشرب، ولا يظلُّها سقف بيت حتى يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويرجع إلى ما كان عليه، فأُمر أن يترضَّاها ويُحسن إليها، ولا يُطيعها في الشِّرك. وقوله: {لندخلنَّهم في الصالحين} أَيْ: في زمرتهم وجملتهم، ومعناه: لنحشرنَّهم معهم. وقوله: {جعل فتنة الناس} أَيْ: أذاهم وعذابهم {كعذاب الله} جزع من ذلك كما يجزع من عذاب الله، ولا يصبر على الأذيَّة في الله. {ولئن جاء} المؤمنين {نصرٌ من ربك ليقولنَّ} هؤلاء الذين ارتدُّوا حين أُوذوا: {إنا كنَّا معكم} وهم كاذبون، فقال الله تعالى: {أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين} يعني: إنَّه علامٌ بإيمان المؤمن وكفر الكافر.
{وليعلمنَّ الله الذين آمنوا وليعلمنَّ المنافقين} هذا إخبارٌ عن الله تعالى أنَّه يعلم إيمان المؤمن ونفاق المنافق.
{وقال الذين كفروا} من أهل مكَّة {للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا} الطَّريق الذي نسلكه في ديننا {ولنحمل خطاياكم} أَيْ: إن كان فيه إثمٌ فنحن نحمله، قال الله تعالى: {وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء} يخفِّف عنهم العذاب {إنهم لكاذبون} في قولهم؛ لأنَّهم في القيامة لا يحملون عنهم خطاياهم، ثمَّ أعلم الله عزَّ وجلَّ أنَّهم يحملون أوزار أنفسهم، وأثقالاً أخرى بسبب إضلالهم مع أثقال أنفسهم؛ لأنَّ مَنْ دعا إلى ضلالةٍ فاتُّبع فعليه مثل أوزار الذين اتَّبعوه، ثمَّ ذكر أنَّه يُوبِّخهم على ما قالوا فقال: {وليسألنَّ يوم القيامة عما كانوا يفترون} أَيْ: سؤال توبيخٍ.

.تفسير الآية رقم (17):

{إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)}
{وتخلقون إفكاً} أَيْ: تقولون كذباً: إنَّ الأوثان شركاء الله.

.تفسير الآيات (19- 20):

{أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}
{أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده} كما بدأ، وليس المعنى: على أو لم يروا كيف يعيده؛ لأنَّهم لم يروا الإِعادة.
{قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق} يعني: الأمم الماضية، كيف قدر الله سبحانه على خلقهم ابتداءً {ثمَّ الله ينشئ النشأة الآخرة} أيْ: يبعثهم ثانيةً بإنشائه إيَّاهم.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (22)}
{وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء} لو كنتم فيها، ثمَّ عاد الكلام إلى قصَّة إبراهيم عليه السَّلام.

.تفسير الآيات (24- 27):

{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)}
{فما كان جواب قومه} حين دعاهم إلى الله سبحانه {إلاَّ أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه...} الآية.
{وقال} لهم إبراهيم: {إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم} أَيْ: ليتوادُّوا بها، فهي مودَّة بينكم ما دمتم في هذه الدَّنيا، ثمَّ تنقطع ولا تنفع في الآخرة، وهو قوله تعالى: {ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض} تتبرَّأُ الأوثان من عابديها. وقوله تعالى: {فآمن له لوط} هو أوَّل مَنْ آمن بإبراهيم عليه السَّلام {وقال إني مهاجر إلى ربي} هاجر من سواد الكوفة إلى الشَّام.
{وآتيناه أجره في الدنيا} قيل: هو الذِّكر الحسن. وقيل: هو الولد الصَّالح.

.تفسير الآية رقم (29):

{أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29)}
{وتقطعون السبيل} أَيْ: سبيل الولد. وقيل: يأخذون النَّاس من الطُّرق لطلب الفاحشة {وتأتون في ناديكم} مجلسكم {المنكر} كان بعضهم يُجامع بعضاً في مجالسهم {فما كان جواب قومه إلاَّ أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصَّادقين} أنًّه نازلٌ بنا.

.تفسير الآية رقم (35):

{وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35)}
{ولقد تركنا منها} من قرية قوم لوط {آية بينة} عبرةً ظاهرةً، وهي خرابها وآثارها.

.تفسير الآية رقم (38):

{وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38)}
{وكانوا مستبصرين} أَيْ: في ضلالتهم معجبين بها. وقيل: حسبوا أنَّهم على الهدى، وهم علىالباطل. وقيل: أتوا ما أتوه وقد بيِّن لهم أنَّ عاقبته العذاب.

.تفسير الآيات (40- 41):

{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)}
{فكلاً} من الكفَّار {أخذنا} عاقبنا {بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً} وهم قوم لوط {ومنهم من أخذته الصيحة} قوم ثمود {ومنهم مَنْ خسفنا به الأرض} قارون وقومه {ومنهم من أغرقنا} قوم نوح وفرعون {وما كان الله ليظلمهم} لأنَّه قد بيَّن لهم بإرسال الرَّسول {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} بكفرهم.
{مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء} يعني: الأصنام في قلَّة غنائها عنهم {كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً} لا يدفع عنها حراً ولا برداً {وإنَّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت} وذلك أنَّه لا بيت أضعف منه فيما يتَّخذه الهوامُّ. {لو كانوا يعلمون} موضعَه عند قوله: مثلُ الذين اتخذوا من دونه أولياء لو كانوا يعلمون كمثل العنكبوت، فهو مؤخَّر معناه التَّقديم.

.تفسير الآيات (45- 49):

{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)}
{إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} يعني: إنَّ في الصَّلاة منهاةً ومزدجراً عن معاصي الله تعالى، فمن لم تنهه صلاته عن المنكر فليست صلاته بصلاةٍ {ولذكر الله أكبر} من كلِّ شيء في الدُّنيا وأفضل.
{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاَّ بالتي هي أحسن} وهو الجميل من القول بالدُّعاء إلى الله عزَّ وجلَّ، والتَّنبيه على الحجج {إلاَّ الذين ظلموا منهم} أَيْ: إلاَّ الذين ظلموكم بالقتال ومنع الجزية.
{وكذلك} أَيْ: وكما آتيناهم الكتاب {أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به} بمحمد صلى الله عليه وسلم. يعني: مَنْ كانوا قبل عصره كانوا يؤمنون به لما يجدونه من نعته في كتابهم {ومن هؤلاء} الذين هو بين ظهرانيهم {مَنْ يؤمن به}.
{وما كنت تتلو من قبله} من قبل هذا الكتاب الذي أنزلناه إليك {من كتابٍ ولا تخطُّه} ولا تكتبه {بيمينك إذاً لارتاب المبطلون} لشكُّوا فيك واتَّهموك لو كنت تكتب. وأراد بالمبطلين كفَّار قريش، يعني: لقالوا: إنَّه كتبه وتعلَّمه من كتاب.
{بل هو} يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم والعلم بأنَّه أُمِّيٌّ {آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} من أهل الكتاب، قرؤوها من التَّوراة وحفظوها.

.تفسير الآيات (50- 51):

{وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)}
{وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربِّه} كما أُنزل على مَنْ قبله من الأنيباء {قل إنما الآيات عند الله} إذا شاء أرسلها، وليست بيدي.
{قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً} يشهد على صديقي وعلى تكذيبكم.

.تفسير الآيات (55- 58):

{يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55) يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58)}
{ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون} أَيْ: جزاءه من العذاب.
{يا عبادي الذين آمنوا إنَّ أرضي واسعة} نزلت في حثِّ مَنْ كانوا بمكَّة لا يقدرون على إظهار دينهم على الهجرة.
{كلُّ نفس ذائقة الموت} أينما كانت، فلا تُقيموا بدار الشِّرك. وقوله: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ من الجنة غرفاً} أَيْ: ولننزلنَّهم منها قصوراً.

.تفسير الآية رقم (60):

{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)}
{وكأين} وكم {من دابَّة لا تحمل رزقها} فتخبئه لغدٍ {الله يرزقها} يوماً بيوم {وإياكم} وذلك أنَّ الذين كانوا بمكَّة من المؤمنين إذا قيل لهم اخرجوا إلى المدينة قالوا: فمَنْ يُطعمنا بها، ولا مال لنا هنالك، فأنزل الله تعالى: {الله يرزقها وإياكم}.

.تفسير الآيات (63- 67):

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)}
{ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولنَّ الله قل الحمد لله} على إنزاله الماء لإِحياء الأرض {بل أكثرهم لا يعقلون} العقل الذي يعرفون به الحقَّ من الباطل.
{وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب} لنفادها عن قريب {وإنَّ الدار الآخرة لهي الحيوان} الحياة الدَّائمة {لو كانوا يعلمون} أنَّها كذلك، ولكنَّهم لا يعلمون.
{فإذا ركبوا في الفلك} وخافوا الغرق {دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون}.
{ليكفروا بما آتيناهم} أَيْ: ليجحدوا بما أنعمنا عليهم من إنجائهم، والظَّاهر أنَّ هذ لام الأمر، أمر التَّهديد، ويدلُّ عليه قوله تعالى: {وليتمتعوا فسوف يعلمون}.
{أَوَلَمْ يروا} يعني: أهل مكَّة {أنا جعلنا حرماً آمناً} ذا أمنٍ لا يُغار على أهله {ويتخطف الناس من حولهم} بالقتل والنَّهب والسَّبي {أفبالباطل يؤمنون} يعني: الأصنام {وبنعمة الله} يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم والقرآن {يكفرون}.