فصل: تفسير الآية رقم (45):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (45):

{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)}
{ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا} من الجرائم {ما ترك على ظهرها} على ظهر الأرض {من دابة} من الإنس والجنِّ وكلِّ ما يعقل {ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمَّىً فإذا جاء أجلهم فإنَّ الله كان بعباده بصيراً}.

.سورة يس:

.تفسير الآيات (1- 7):

{يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)}
{يس} يا إنسان.
{والقرآن الحكيم} أقسم الله تعالى بالقرآن المحكم أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم من المرسلين، وهو قوله: {إنك لمن المرسلين}.
{على صراط مستقيم} على طريق الأنبياء الذين تقدَّموك.
{تنزيل} أَيْ: القرآن تنزيل {العزيز الرحيم}.
{لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم} في الفترة {فهم غافلون} عن الإيمان والرُّشد.
{لقد حقَّ القول} وجبت عليهم كلمة العذاب {فهم لا يؤمنون} ثمَّ بيَّن سبب تركهم الإيمان.

.تفسير الآيات (8- 14):

{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14)}
{إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً} أراد: في أعناقهم وأيديهم؛ لأنَّ الغلَّ لا يكون في العنق دون اليد {فهي إلى الأذقان} أَيْ: فأيديهم مجموعةٌ إلى أذقانهم؛ لأنَّ الغلَّ يجعل في اليد ممَّا يلي الذقن {فهم مقمحون} رافعو رؤوسهم لا يستطيعون الإطراق؛ لأنَّ مَنْ غُلَّت يده إلى ذقنه ارتفع رأسه، وهذا مَثَلٌ معناه: أمسكنا أيديهم عن النَّفقة في سبيل الله بموانعَ كالأغلال.
{وجعلنا من بين أيديهم سدَّاً ومن خلفهم سداً} هذا وصف إضلال الله تعالى إيَّاهم، فهو بمنزلة مَنْ سُدَّ طريقه من بين يديه ومن خلفه. يريد: إنَّهم لا يستطيعون أن يخرجوا من ضلالهم {فأغشيناهم} فأعميناهم عن الهدى {فهم لا يُبصرون} ه ثم ذكر أنَّ هؤلاء لا ينفعهم الإِنذار فقال: {وسواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}.
{إنما تنذر من اتبع الذكر} إنما ينفع إنذارك من اتَّبع القرآن فعمل به {وخشي الرحمن بالغيب} خاف الله تعالى ولم يره.
{إنا نحن نُحْيِ الموتى} عند البعث {ونكتب ما قدَّموا} من الأعمال {وآثارهم} ما استُنَّ به بعدهم. وقيل: خطاهم إلى المساجد {وكلَّ شيء أحصيناه} عددناه وبيَّناه {في إمام مبين} وهو اللَّوح المحفوظ.
{واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية} وهي أنطاكية {إذ جاءها المرسلون} رسل عيسى عليه السَّلام.
{إذْ أرسلنا إليهم اثنين} من الحوارييِّن {فكذبوهما فَعَزَّزْنا بثالث} قوَّينا الرِّسالة برسولٍ ثالثٍ.

.تفسير الآيات (18- 24):

{قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)}
{إنّا تطيرنا بكم} أَيْ: تشاءمنا، وذلك أنَّهم حُبس عنهم المطر، فقالوا: هذا بشؤمكم {لئن لم تنتهوا لَنَرْجُمَنَّكم} لنقتلنَّكم رجماً بالحجارة.
{قالوا طائركم معكم} شؤمكم معكم بكفركم {أَإِنْ ذكرتم} وُعظتم وخُوِّفتم تطيَّرتم {بل أنتم قوم مسرفون} مُجاوزون الحدّ بشرككم.
{وجاء من أقصى المدينة رجل} وهو حبيب النَّجار، كان قد آمن بالرُّسل، وكان منزله في أقصى البلد، فلمَّا سمع أنَّ القوم كذَّبوهم وهمُّوا بقتلهم أتاهم يأمرهم بالإيمان، فقال: {يا قوم اتبعوا المرسلين}.
{اتبعوا مَنْ لا يسألكم أَجْراً} على أداء النُّصح وتبليغ الرِّسالة {وهم مهتدون} يعني: الرُّسل، فقيل له: أنت على دين هؤلاء؟ فقال: {ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون}.
{أأتخذ من دونه إلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغنِ عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون}.
{إني إذاً لفي ضلال مبين}.

.تفسير الآيات (25- 33):

{إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33)}
{إني آمنت بربكم فاسمعون} فلمَّا قال ذلك وثبوا إليه فقتلوه، فأدخله الله تعالى الجنَّة، فذلك قوله تعالى: {قيل ادخل الجنَّة} فلمَّا شاهدها قال: {يا ليت قومي يعلمون}.
{بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} أَيْ: بمغفرة ربِّي.
{وما أنزلنا على قومه} يعني: على قوم حبيب {من جند من السماء} لنصرة الرُّسل الذين كذَّبوهم. يريد: لم نحتج في إهلاكهم إلى إرسال جند.
{إن كانت} ما كانت عقوبتهم {إلاَّ صيحة واحدة} صاح بهم جبريل عليه السَّلام، فماتوا عن آخرهم، وهو قوله: {فإذا هم خامدون} ساكنون قد ماتوا.
{يا حسرة على العباد} يعني: هؤلاء حين استهزؤوا بالرُّسل، فتحسَّروا عند العقوبة.
{ألم يروا} يعني: أهل مكَّة {كم أهلكنا قبلهم من القرون أنَّهم إليهم لا يرجعون} يعني: ألم يروا أنَّ الذين أهلكناهم قبلهم لا يرجعون إليهم.
{وإن كل} وما كلُّ مَنْ خُلق مِن الخلق إلاَّ {جميع لدينا محضرون} عند البعث يوم القيامة يحضرهم ليقفوا على ما عملوا.
{وآية لهم} على البعث {الأرض الميتة أحييناها}.

.تفسير الآيات (35- 41):

{لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35) سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36) وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41)}
{وما عملته أيديهم} أَيْ: لم تعمله ولا صنع لهم في ذلك.
{سبحان الذي خلق الأزواج كلها} أَيْ: الأجناس من النَّبات والحيوان {وممَّا لا يعلمون} ممَّا خلق الله سبحانه من جميع الأنواع والأشباه.
{وآية لهم} ودلالةٌ لهم على توحيد الله سبحانه وقدرته {الليل نسلخ} نُخرج {منه النهار} إخراجاً لا يبقى معه شيء من ضوء النَّهار، والمعنى: ننزع النَّهار فنذهب به، ونأتي باللَّيل {فإذا هم مظلمون} داخلون في الظَّلام.
{والشمس} أَيْ: وآيةٌ لهم الشَّمس {تجري لمستقرٍ لها} عند انقضاء الدُّنيا.
{والقمر قدرنا منازل} ذا منازلٍ {حتى عاد} في آخر منزله {كالعرجون القديم} وهو عود الشِّمراخ إذا يبس اعوجَّ.
{لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} فيجتمعا معاً {ولا الليل سابق النهار} يسبقه فيأتي قبل انقضاء النَّهار {وكلٌّ} من الشَّمس والقمر والنُّجوم {في فلك يسبحون}. يسيرون.
{وآية لهم أنا حملنا ذريتهم} أباهم {في الفلك المشحون} يعني: سفينة نوحٍ عليه السَّلام.

.تفسير الآيات (42- 49):

{وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)}
{وخلقنا لهم من مثله} من مثل جنس سفينة نوح {ما يركبون} في البحر.
{وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} فلا مُغيث لهم {ولا هم يُنقذون} يُنجون.
{إلاَّ رحمةً منا ومتاعاً إلى حين} أَيْ: إلا أن نَرحمهم ونُمتِّعهم إلى انقضاء آجالهم.
{وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم} العذاب الذي عُذِّب به الأمم قبلكم {وما خلفكم} يعني: عذاب الآخرة {لعلكم ترحمون} لكي تكونوا على رجاء الرَّحمة، وجواب {إذا} محذوف تقديره: وإذا قيل لهم هذا أعرضوا، ودلَّ على هذا قوله تعالى: {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلاَّ كانوا عنها معرضين}.
{وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله} كان فقراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون للمشركين: أعطونا من أموالكم ما زعمتم أنَّها لله تعالى، فكانوا يقولون استهزاءً: {أنطعم مَن لو يشاء الله أطعمه} فقال الله تعالى: {إن أنتم إلاَّ في ضلال مبين}.
{ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} أنَّا نُبعث.
{ما ينظرون} ما ينتظرون {إلاَّ صيحة واحدة} وهي نفخة إسرافيل {تأخذهم وهم يخصمون} يختصمون، يُخاصم بعضهم بعضاً. يعني: يوم تقوم الساعة وهم في غفلةٍ عنها.

.تفسير الآيات (50- 53):

{فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)}
{فلا يستطيعون} بعد ذلك أن يُوصوا في أمورهم بشيءٍ {ولا إلى أهلهم يرجعون} لا ينقلبون إلى أهليهم من الأسواق، ويموتون في مكانهم.
{ونفخ في الصور} يعني: نفخة البعث {فإذا هم من الأجداث} القبور {إلى ربهم ينسلون} يخرجون بسرعة.
{قالوا يا وليا مَنْ بعثنا من مرقدنا} أَيْ: منامنا، وذلك أنَّهم كانوا قد رُفع عنهم العذاب فيما بين النَّفختين، فيرقدون ثم يقولون: {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} أقرُّوا حين لم ينفعهم.
{إن كانت إلاَّ صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون} يريد: إنَّ بعثهم وإحياءهم كان بصيحة تُصاح بهم، وهو قول إسرافيل عليه السَّلام: أيَّتها العظام البالية.

.تفسير الآية رقم (55):

{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55)}
{إن أصحاب الجنة اليوم في شغل} بافتضاض الأبكار {فاكهون} ناعمون فرحون مُعجبون.

.تفسير الآيات (57- 60):

{لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)}
{ولهم ما يدعون} يتمنَّون.
{سلام} أَيْ: لهم سلامٌ {قولاً} يقوله الله عزَّ وجلَّ قولاً.
{وامتازوا اليوم أيها المجرمون} أَيْ: انفردوا عن المؤمنين.
{ألم أعهد إليكم} ألم آمركم {يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنَّه لكم عدوٌ مبين}.

.تفسير الآية رقم (62):

{وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)}
{ولقد أضل منكم جبلاً} خلقاً {كثيراً أفلم تكونوا تعقلون} عدوانه وإضلاله.

.تفسير الآية رقم (64):

{اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64)}
{اصلوها اليوم} اُدخلوها وقاسوا حرَّها {بما كنتم تكفرون} بكفركم.

.تفسير الآيات (66- 70):

{وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68) وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70)}
{ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} لأعميناهم وأذهبنا أبصارهم {فاستبقوا الصراط} فتبادروا إلى الطَّريق {فأنى} يبصرون حينئذٍ وقد طمسنا أعينهم؟
{ولو نشاء لمسخناهم} حجارةً وقردةً وخنازير {على مكانتهم} في منازلهم {فما استطاعوا مُضيّاً ولا يرجعون} أَيْ: لم يقدروا على ذهابٍ ولا مجيءٍ.
{ومَنْ نعمره ننكسه في الخلق} مَنْ أطلنا عمره نكَّسنا خلقه، فصار بدل القوَّة صعفاً، وبدل الشَّباب هرماً {أفلا تعقلون} أنَّا نفعل ذلك.
{وما علمناه الشعر} لم نعلِّمْ محمداً صلى الله عليه وسلم قول الشِّعر {وما ينبغي له} وما يتسهَّل له ذلك {إن هو} أَيْ: لس الذي أتى به {إلاَّ ذكرٌ وقرآن مبين}.
{لينذر مَنْ كان حيَّاً} عاقلاً، فلا يغفل ما يُخاطب به؛ لأنَّ الكافر كالميِّت {ويحق القول على الكافرين} تجب الحُجَّة عليهم.