فصل: تفسير الآيات (71- 72):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (71- 72):

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72)}
{أَوَلَمْ يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً} أَيْ: عملناه من غير واسطةٍ ولا توكيلٍ، ولا شريكٍ أعاننا {أنعاماً فهم لها مالكون} ضابطون.
{وذللناها} سخَّرناها {لهم فمنها ركوبهم} ما يركبون.

.تفسير الآيات (74- 83):

{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76) أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)}
{واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون} يُمنعون من عذاب الله تعالى.
{لا يستطيعون نصرهم} لا تنصرهم آلهتهم {وهم لهم جند محضرون}. في النار؛ لأنَّ أوثانهم معهم فيها.
{فلا يحزنك قولهم} فيك بالسُّوء والقبيح. {إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون} فنجازيهم بذلك.
{أَوَلَمْ ير الإِنسان أنا خلقناه من نطفة} يعني: العاص بن وائل. وقيل: أُبيّ بن خلف {فإذا هو خصيم مبين} جَدِلٌ بالباطل، خاصم النبيَّ صلى الله عليه وسلم في إنكار البعث، وهو قوله: {وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه} وهو أنَّه قال: متى يُحيي الله العظيم البالي المتفتِّت؟ ونسي ابتداء خلقه؛ لأنَّه لو علم ذلك ما أنكر الإِعادة، وهذا معنى قوله: {قال مَنْ يُحْيِ العظام وهي رميم} أَيْ: باليةٌ.
{قل يحييها الذي أنشأها} خلقها {أول مرة وهو بكلّ خلق} من الابتداء والإِعادة {عليم}.
{الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً} يعني: المرخ والعفار، ومنهما زنود الأعراب {فإذا أنتم منه توقدون} تورون النَّار، ثمَّ احتجَّ عليهم بخلق السَّموات والأرض، فقال: {أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم} ثمَّ ذكر كمال قدرته فقال: {إنما أمره إذا أراد شيئاً} أَيْ: خلق شيءٍ {أن يقول له كن فيكون} ذلك الشَّئ.
{فسبحان} تنزيهاً لله سبحانه من أن يُوصف بغير القدرة على الإعادة {الذي بيده ملكوت كلِّ شيء} أَيْ: القدرة على كلِّ شيء {وإليه ترجعون} تُردُّون في الآخرة.

.سورة الصافات:

.تفسير الآيات (1- 7):

{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7)}
{والصافات صفاً} يعني: صفوف الملائكة في السَّماء.
{فالزاجرات زجراً} يعني: الملائكة تزجر السَّحاب وتسوقه.
{فالتاليات ذكراً} جماعة قرَّاء القرآن.
{إن إلهكم لواحد} أقسم الله سبحانه بهؤلاء أنَّ إلهكم لواحد.
{وربّ المشارق} مطالع الشمس.
{إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب} بضوئها، {و} حفظناها.
{حفظاً من كلِّ شيطان مارد} متمرِّدٍ خبيثٍ.

.تفسير الآيات (8- 12):

{لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (11) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12)}
{لا يَسَّمَّعون إلى الملأ الأعلى} يعني: الملائكة. {ويقذفون من كلّ جانب} ويُرمون.
{دحوراً} يُدحرون دحوراً، أَيْ: يُباعدون {ولهم عذاب واصب} دائم.
{إلاَّ من خطف الخطفة} سمع الكلمة من الملائكة فأخذها بسرعةٍ {فأتبعه} لقحه {شهاب ثاقب} كوكبٌ مضيءٌ.
{فاستفتهم} فسلهم. يعني: أهل مكَّة {أهم أشد خلقاً أم من خلقنا} من الأمم السَّالفة قبلهم، وغيرهم من السَّموات والأرض {إنا خلقناهم من طين لازب} لاصقٍ لازمٍ.
{بل عجبت} يا محمَّد من تكذيبهم إيَّاك {و} هم {يسخرون} من تعجُّبك.

.تفسير الآيات (14- 15):

{وَإِذَا رَأَوْا آَيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14) وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (15)}
{وإذا رأوا آية} معجزةً سخروا.
{وقالوا إن هذا إلاَّ سحر مبين}.

.تفسير الآيات (18- 29):

{قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (18) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (19) وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (25) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28) قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29)}
{قل نعم} تبعثون {وأنتم داخرون} صاغرون أذلاَّء.
{فإنما هي} يعني: القيامة {زجرة} صيحةٌ {واحدة فإذا هم} أحياءٌ {ينظرون} سوء أعمالهم. وقيل: ما كذَّبوا به.
{وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين} يوم نُجازى فيه بما عملنا.
{هذا يوم الفصل} بين الحقِّ والباطل. {الذي كنتم به تكذبون}.
{احشروا الذين ظلموا} كفروا {أزواجهم} قرناءهم من الشَّياطين وأوثانهم.
{فاهدوهم} دلُّوهم إلى النار.
{وقفوهم} احبسوهم {إنهم مسؤولون} عن أقوالهم وأفعالهم.
{مالكم لا تناصرون} لا ينصر بعضكم بعضاً.
{بل هم اليوم مستسلمون} مُنقادون.
{وأقبل بعضهم على بعض} يعني: الأتباع والرُّؤساء {يتساءلون} يتخاصمون.
{قالوا} يعني: الأتباع للرُّؤساء {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} تقهروننا بالقوَّة من قبل الدِّين، فتضلُّونا عنه.
{قالوا بل لم تكونوا مؤمنين} أَيْ: إنَّما الكفر من قِبَلِكم.

.تفسير الآية رقم (31):

{فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31)}
{فحق علينا} جميعاً {قول ربنا} كلمة العذاب.

.تفسير الآيات (40- 41):

{إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (40) أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41)}
{إلاَّ عباد الله المخلصين} المؤمنين لكن عباد الله المخلصين.
{أولئك لهم رزق معلوم} بكرةً وعشياً.

.تفسير الآيات (45- 56):

{يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (47) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56)}
{بكأس من معين} خمرٍ تجري على وجه الأرض.
{بيضاء لذة للشَّاربين} ذات لذَّةٍ.
{لا فيها غولٌ} داءٌ ولا وجعٌ {ولا هم عنها ينزفون} لا تذهب بعقولهم.
{وعندهم قاصرات الطرف} نساء لا ينظرن إلى غير أزواجهنَّ {عين} نُجْل العيون.
{كأنهن بيض} في صفاء لونها {مكنون} يستره ريش النَّعام.
{فأقبل بعضهم} يعني: أهل الجنَّة {على بعض يتساءلون} عمَّا مرَّ بهم.
{قال قائل منهم إني كان لي قرين} يعني: الذين قصَّ الله خبرهما في سورة الكهف، كان يقول له قرينه: {أَإِنّك لمن المصدقين} ممَّن يصدِّق بالبعث والجزاء؟ وقوله: {أإنَّا لمدينون} أَيْ: مجزيون.
{قال} الله سبحانه لأهل الجنَّة: {هل أنتم مطلعون} إلى النَّار.
{فاطلع} المسلم فرأى قرينه الكافر {في سواء الجحيم} وسطه، فقال له: {تالله إن كدت لَتُرِديْنَ} تهلكني وتضلُّني.

.تفسير الآيات (57- 65):

{وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65)}
{ولولا نعمة ربي} عصمته ورحمته {لكنت من المحضرين} في النَّار.
{أفما نحن بميتين}. {إلاَّ موتتنا الأولى} يقوله أهل الجنَّة للملائكة حين يُذبح الموت، فتقول الملائكة: لا، فيقولون: {إنَّ هذا لهو الفوز العظيم}. {لمثل هذا فليعمل العاملون}.
{أذلك} الذي ذكرتُ من نعيم أهل الجنَّة {خيرٌ نُزُلاً أم شجرة الزقوم}.
{إنا جعلناها فتنة للظالمين} افتتنوا بها، وكذَّبوا بكونها فصارت فتنةً لهم، وذلك أنَّهم أنكروا أن يكون في النَّار شجرة. قال الله تعالى: {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم} أصلها في قعر جهنَّم.
{طلعها} ثمرها {كأنَّه رؤوس الشياطين} في القبح وكراهية المنظر.

.تفسير الآيات (67- 68):

{ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)}
{ثمَّ إنَّ لهم عليها} على شجرة الزَّقوم {لشوباً} خلطاً ومزاجاً {من حميم} ماءٍ حارٍ.
{ثم إنَّ مرجعهم} مرجع الكفَّار {لإِلى الجحيم} الذي يجمع هذه الأشياء.

.تفسير الآية رقم (70):

{فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70)}
{يهرعون} أَيْ: يزعجون إلى أتباعهم.

.تفسير الآيات (75- 79):

{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ (78) سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79)}
{ولقد نادانا نوح} يعني: قوله: {إنِّي مغلوبٌ فانتصر} {فلنعم المجيبون} نحن.
{ونجيناه وأهله من الكرب العظيم} يعني: الغرق.
{وجعلنا ذريته هم الباقين} لأنَّ الخلق كلَّهم أُهلكوا إلاَّ مَنْ كان معه في سفينته، وكانوا من ذرِّيَّته.
{وتركنا عليه في الآخرين} فيمن يأتي بعده ثناءً حسناً، وهو أن يُصلَّى عليه ويُسلَّم، وهو معنى قوله: {سلام على نوح في العالمين}.

.تفسير الآيات (83- 84):

{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84)}
{وإن من شيعته} أهل دينه وملَّته {لإِبراهيم}.
{إذ جاء ربه بقلب سليم} من الشِّرك.

.تفسير الآيات (87- 91):

{فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَرَاغَ إِلَى آَلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91)}
{فما ظنكم برب العالمين} قال إبراهيم عليه السَّلام لقومه وهم يعبدون الأصنام: أَيُّ شيءٍ ظنُّكم بربِّ العالمين وأنتم تعبدون غيره؟
{فنظر نظرة في النجوم} وذلك أنَّه كان لقومه من الغد عيدٌ يخرجون إليه، ويضعون أطعمتهم بين يدي أصنامهم لتبرِّك عليها زعموا، فقالوا لإِبراهيم: ألا تخرج معنا إلى عيدنا؟ فنظر إلى نجم وقال: {إني سقيم} وكانوا يتعاطون علم النُّجوم، فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه، واعتلَّ في التَّخلُّف من عيدهم بأنَّه يعتلُّ، وتأوَّل في قوله: {سقيم} سأسقم.
{فتولوا عنه مدبرين} أدبروا عنه إلى عيدهم وتركوه.
{فراغ} فمال {إلى آلهتهم فقال} إظهاراً لضعفها وعجزها {ألا تأكلون} من هذه الأطعمة.

.تفسير الآيات (93- 107):

{فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)}
{فراغ} فمال {عليهم} يضربهم {ضرباً باليمين} بيده اليمنى.
{فأقبلوا إليه} من عيدهم {يزفون} يسرعون. فقال لهم إبراهيم محتجاً.
{أتعبدون ما تنحتون}. {والله خلقكم وما تعملون} من نحتكم وجميع أعمالكم.
{قالوا ابنوا له بنياناً} حظيرة واملؤوه ناراً، وألقوا إبراهيم في تلك النَّار.
{فأرادوا به كيداً} حين قصدوا إحراقه بالنَّار {فجعلناهم الأسفلين} المقهورين، لأنَّه علاهم بالحجَّة والنُّصرة.
{وقال إني ذاهب إلى ربي} إلى المكان الذي أمرني بالهجرة إليه {سيهدين} يثبتني على الهدى.
{رب هب لي} ولداً {من الصالحين}.
{فبشرناه بغلام حليم} سيِّدٍ يُوصف بالحلم.
{فلما بلغ} ذلك الغلام {معه السعي} أَيْ: أدرك معه العمل {قال يا بنيَّ إني أرى في المنام أني أذبحك} وذلك أنَّه أُمر في المنام بذبح ولده {فانظر ماذا ترى} ما الذي تراه فيما أقول لك، هل تستسلم له؟ فاستسلم الغلام و{قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}.
{فلما أسلما} انقادا لأمر الله {وتلَّه للجبين} صرعه على أحد جنبيه.
{وناديناه أن يا إبراهيم}. {قد صدَّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين}.
{إنّ هذا لهو البلاء المبين} الاختيار الظاهر. يعني: حين اختبره بذبح ولده، فانقاد وأطاع.
{وفديناه بذبحٍ} بكبشٍ {عظيم} لأنَّه رعى في الجنَّة أربعين خريفاً، وكان الكبش الذي تُقبِّل من ابن آدم عليه السَّلام.