فصل: استيلاء معز الدولة على الأهواز

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» **


  مسير ابن مقلة إلى الموصل واستقرارها لابن حمدان

كان ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان عاملاً على الموصل فجـاء عمه أبو العلاء سعيد فضمن الموصل وديار ربيعة سراً وسار إليها فظهر أنه في طلب المال من ابن أخيه‏.‏ وشعر ناصر الدولة بذلك فخرج لتلقيه فخالفه إلى بيته فبعث من قبله واهتم الراضي بذلك وأمر الوزير أبا علي بن مقلة بالمسير إلى الموصل فسار في العساكر من شعبان سنة ثلاث وعشرين فرحل عنها ناصر الدولة ودخل الزوران واتبعه الوزير إلى حمل السـن‏.‏ ثـم عاد عنها إلى الموصل وأقام في جبايتها وبعث ناصر الدولة إلى بغداد بعشرة آلاف دينـار لابـن الوزيـر ليستحـث أبـاه فـي القـدوم فكتـب إليه بما أزعجه فسار من الموصل واستخلـف عليهـا علـي بـن خلـف بـن طيـاب وماتـرد الديلمي من الساجية‏.‏ ودخل بغداد منتصف شوال وجمع ناصر الدولة ولقي ماترد الديلمي على نصيبين إلى الرقة وانحدر منها إلى بغداد ولحقه ابن طياب واستولى ناصر الدولة حمدان على الموصل وكتب في الرضا وضمان البلاد فأجيب وتعذرت عليه‏.‏

  نكبة ابن مقلة وخبر الوزارة

كان الوزير ابن مقلة قد بعث سنة ثلاث وعشرين إلى محمد بن رائق بواسط يطالبه بارتفاع أعمـال واسـط والبصـرة وكان قد قطع الجبل‏.‏ فلما جاءه كتاب ابن مقلة كتب إليه جوابه يغالطه وكتب إلى الراضي بالسعي في الوزارة وأنه يقوم بنفقات الدار وأرزاق الجند فجهز الوزير ابنه سنة أربع وعشرين لقصده ووري بالأهواز وأنفذ رسوله إلى ابن رائق بهذه التورية يؤنسه بها وباكر القصر لانقاذ الرسول فقبض عليه المظفر بن ياقوت والحجرية‏.‏ وكان المظفر قد أطلق من محبسه وأعيد إلى الحجبة فاستحسن الراضي فعلهم‏.‏ واختفى أبو الحسين ابن الوزير وسائر أولاده وحرمه وأصحابه وأشار إلى الحجرية والساجية بوزارة علي بن عيسى فامتنع وسار بأخيه عبد الرحمن فاستوزره الراضي وصادر ابن مقلة‏.‏ ثم عجز عن تمشية الأمور وضاقت عليه الجباية فاستعفى من الورزارة فقبض عليه الراضي وعلى أخيه على ثلاثة أشهـر مـن وزارته واستوزر أبا جعفر محمد بن القاسم الكرخي فصادر علي بن عيسى على مائة ألف دينـار‏.‏ ثـم عجـز عـن الـوزارة وضاقت الأموال وانقطعت‏.‏ وطمع أهل الأعمال فيما بأيديهم فقطع ابن رائق جمل واسط والبصرة وقطع ابن البريدي حمل الأهواز وأعمالها وانقطع حمل فارس لغلـب ابـن بويـه عليهـا ولـم يبق غير هذه الأعمال ونطاق الدولة قد تضايق إلى الغاية وأهل الدولة مستبـذون علـى الخلافـة والأحـوال متلاشية‏.‏ فتحمص أبو جعفر وكثرت عليه المطالبات وذهبت هيبته‏.‏ فاختفى لثلاثة أشهر ونصف من وزارته واستوزر الراضي مكانه أبا القاسم سليمان بن الحسن فكان حاله مثل حال من قبله في قلة المال ووقوف الحال‏.‏ ولما رأى الراضي وقوف الحال من الوزراء استدعى أبا بكر محمد بن رائق من واسط وكاتبه بأنـه قـد أجابـه إلـى مـا عـرض من السعي في الوزارة على القيام بالنفقات وأرزاق الجند فسر ابن رائـق بذلـك وشـرع يتجهـز للمسيـر‏.‏ ثـم أنفـذ إليـه الراضي الساجية وقلده إمارة الجيش وجعله أمير الأمراء وفوض إليه الخراج والدواوين والمعادن في جميع البلاد وأمـر بالخطبـة لـه علـى المنابـر وانحـدر إليـه أربـاب الدواويـن والكتـاب والحجـاب‏.‏ ولمـا جـاءه الساجيـة قبـض عليهـم بواسط في ذي الحجة من سنة أربع وعشرين ونهب رجالهم ودوابهم ومتاعهم ليوفر أرزاقهم على الحجرية فاستوحشوا لذلك وخدموا بدار الخلافة وأصعد ابن رائق إلـى بغـداد وفـوض الخليفـة إليـه أمرهم‏.‏ وأمر الحجرية بتقويض خيامهم والرجوع إلى منازلهم وأبطل الدواوين وصير النظر إليه فلم يكن الوزير ينظر في شيء من الأمور‏.‏ وبقي ابن رائق وكتابه ينظرون في جميع الأمور فبطلت الدواوين وبيـوت الأمـوال مـن يومئـذ وصارت لأمير الأمراء والأموال تحمل إلى خزانته ويتصرف فيها كما يريد ويطلب من الخليفة ما يريد‏.‏ وتغلب أصحاب الأطراف وزال عنهم الطاعة‏.‏ ولم يبق للخليفة إلا بغداد وأعمالها وابن رائق مستبد عليه‏.‏ وأما باقي الأعمال فكانت البصرة في يـد ابـن رائـق وخوزستـان والأهـواز فـي يـد ابـن البريـدي وفـارس فـي يـد عمـاد الدولـة ابن بويه وكرمان في يد علي بن الياس والري وأصبهان والجبل في يد ركن الدولة ابن بويه وشمكير أخو مرداويح ينازعه في هذه الأعمال والموصل وديار بكر ومضر وربيعة في يد حمدان ومصر والشام في يد ابن طغج والمغـرب وإفريقيـة فـي يـد العبيدييـن والأندلـس فـي يـد عبـد الرحمن بن الناصر من ولد عبد الرحمن الداخل وما وراء النهر في يد بني سامان وطبرستان في يد الديلم والبحرين واليمامة في يد أبي طاهر القرمطي‏.‏ ولـم يبـق لنـا مـن الأخبـار إلا ما يتعلق بالشلافة فقط في نطاقها المتضايق أخيرا وإن كانت مغلبة‏.‏ وهي أخبار ابن رائق والبريدي وأما غير ذلك من الأعمال التي اقتطعت كما ذكرناه فنذكر أخبارها منفردة ونسوق المستبدين دولاً كمـا شرطنـاه أول الكتـاب‏.‏ ثـم كتـب ابـن رائـق عـن الراضـي إلـى أبـي الفضـل بن جعفر بن الفرات‏.‏ وكان على الخراج بمصر والشام وظن أنه بوزارته تكون له تلك الجباية فوصل إلى بغداد وولي وزارة الراضي وابن رائق جميعاً‏.‏ وصول يحكم مع ابن رائق كان يحكم هذا من جملة مرداويح قائد الديلم ببلاد الجبل وكان قبله في جملة ماكان بن كالي ومن مواليه وهبه له وزيره أبو علي الفارض ثم فارق ماكان مع من فارقه إلى مرداويح‏.‏ وكان مرداويح قد ملك الري وأصبهان والأهـواز وضخـم ملكـه وصنـع كراسـي مـن ذهـب وفضـة للجلـوس عليهـا هـو وقـواده ووضع على رأسه تاجاً تظنه تاج كسرى وأمر أن يخاطب بشاهنشاه واعتزم على قصد العراق والاستيلاء عليه وتجديد قصور كسرى بالمدائن‏.‏ وكان فـي خدمتـه جماعـة مـن التـرك ومنهـم يحكم‏.‏ فأساء ملكهم وعسكرهم فقتلوه سنة ثلاث وعشرين بظاهـر أصبهـان كمـا نذكـره فـي أخبارهـم‏.‏ واجتمـع الديلـم والجبـل بعـده علـى أخيـه وشمكيـر بـن زيار وهـو والـد قابـوس ولمـا قتـل مرداويح افترق الأتراك فرقتين ففرقة سارت إلى عماد الدولة بن بويه بفارس والأخرى وهي الأكثر سارت نحو الجبل عند يحكم فجبوا خراج الدينور وغيرها‏.‏ ثم سـاروا إلـى النهـروان وكاتبـوا الراضـي فـي المسيـر إليـه فـأذن لهـم وارتـاب الحجرية بهم فأمرهم الوزير بالرجـوع إلـى بلـد الجبـل فغضبـوا واستدعاهـم ابـن رائـق صاحـب واسط والبصرة فمضوا إليه وقدم عليهم يحكم وكان الأتراك والديلم من أصحاب مرداويج فجاءته جماعة منهم فأحسـن إليهـم وإلى يحكم وسماه الرائقي نسبة إليه وأذن له أن يكتبه في مخاطباته‏.‏

  مسير الراضي وابن رائق لحرب ابن البريدي

ثـم اعتـزم ابـن رائـق سنـة خمـس وعشريـن على الراضي في المسير إلى واسط لطلب البريدي في المال ليكون أقرب لمناجزته فانحدر في شهر محرم وارتاب الحجرية بفعله مع الساجية فتخلفوا ثم تبعوه فاعترضهم وأسقط أكثرهم من الديوان فاضطربوا وثاروا فقاتلهم وهزمهم وقتل منهم جماعة ولجأ فلهم إلى بغداد فأوقع بهم لؤلؤ صاحب الشرطة ونهبت دورهم وقطعت أرزاقهم وقبضت أملاكهم وقتل ابن رائق من كان في حبسه من الساجية وسار هو والراضي نحو الأهـواز لإجـلاء ابـن البريـدي منهـا‏.‏ وقـدم إليـه في طلب الاستقامة وتوعده فجدد ضمان الأهواز بألـف دينـار فـي كـل شهـر ويحمـل فـي كـل يـوم قسطـه‏.‏ وأجابـه إلـى تسليـم الجيـش لمـن يسيـر إلى قتال ابـن بويـه لنفرتهـم عـن بغـداد‏.‏ وعـرض ذلـك علـى الراضـي فأشـار الحسيـن بـن علـي القونجـي وزير ابن رائـق بأن لا تقبل لأنه خداع ومكر‏.‏ وأشار أبو بكر بن مقاتل بإجابته وعقد الضمان على ابن البريدي وعاد ابن رائق والراضي إلى بغداد فدخلاها أول صفر ولم يف ابن البريدي بحمل المال وأنفذ ابن رائق جعفر بن ورقاء ليسير بالجيش إلى فارس‏.‏ ودس إليهم ابن البريدي أن يطلبوا منه المال ليتجهزوا به فاعتذر فشتموه وتهددوه بالقتل‏.‏ وأتى ابن البريدي فأشار عليه بالنجاء‏.‏ ثـم سعـى ابـن مقاتـل لابـن البريـدي فـي وزارة ابـن رائـق عوضـاً عـن الحسيـن القونجـي وبـذل عنـه ثلاثين ألف دينار فاعتذر له بسوابق القونجي عنده وسعيه له وكان مريضاً‏.‏ فقال له ابن مقاتل أنه هالك فقال ابن رائق قد أعلمني الطبيب أنه ناقه فقال الطبيب يراجيك فيه لقربه منك ولكن سـل ابـن أخيـه علـي بـن حمـدان‏.‏ وكـان القونجـي قـد استنـاب ابـن أخيـه فـي مرضه فأشار عليه ابن مقاتل أن يعرف الأمير إذا بمهلكة وأشار عليه أن يستوزره‏.‏ فلما سأله ابن رائق أيأسه منه‏.‏ فقـال ابـن رائـق عنـد ذلـك لابـن مقاتـل‏:‏ اكتـب لابن البريدي يرسل من ينوب عنه في الوزارة فبعث أحمـد بـن الكونـي واستولـى مع مقاتل على ابن رائق وسعوا لابن البريدي أبي يوسف في ضمان البصرة‏.‏ وكان عامل البصرة من قبل ابن رائق محمد بن يزداد وكان شديد الظلم والعسف بهم فخادعه ابـن البريـدي وأنفـذ أبـو عبـد اللـه مولـاه إقبالاً في ألفي رجل وأقاموا في حصن مهدي قريباً‏.‏ فعلم ابـن يـزداد أنه يروم التغلب على البصرة وأقاما على ذلك وأقام ابن رائق شأن هذا العسكر في حصـن مهدي‏.‏ وبلغه أيضاً أنه استخدم الحجريين الذين أذن لهم في الانسياح في الأرض وأنهم اتفقـوا مـع عسكـره علـى قطـع الحمل وكاتبه بطردهم عنه فلم يفعل‏.‏ فأمر ابن السكوني أن يكتب إلـى ابـن البريدي بالكتاب على ذلك‏.‏ ويأمر بإعادة العسكر من حصن مهدي فأجاب بإعدادهم للقرامطة وابن يزداد عاجز عن الحماية‏.‏ وكـان القرامطـة قـد وصلـوا إلـى الكوفـة فـي ربيـع الآخـر وخـرج ابـن رائـق فـي العساكر إلى حصن ابن هبيرة ولم يستقر بينهم أمر‏.‏ وعاد القرمطي إلى بلده وسار ابن رائق إلى واسط فكتب ابن البريـدي إلى عسكره بحصن مهدي أن يدخلوا البصرة ويملكوها من ابن يزداد وأمدهم جماعة من الحجرية فقصدوا البصرة وقاتلوا ابن يزداد فهزموه ولحق بالكوفة وملك إقبال مولى ابن البريدي وأصحابه البصرة وكتب ابن رائق إلى البريدي يتهدده ويأمره بإخراج أصحابه من البصرة فلم يفعل‏.‏

  استيلاء يحكم على الأهواز

ولما امتنع ابن البريدي من الإفراج عن البصرة بعث ابن رائق العساكر مع بدر الحريشي ويحكم مولاه وأمرهم بالمقام بالجامدة فتقدم يحكم عن بدر وسار إلى السوس وجاءته عساكر البريدي مـع غلامـه محمـد الجمـال فـي ثلاثـة آلـاف ومـع يحكم مائتان وسبعون من الترك فهزمهم يحكم ورجع حمد بن الجمال إلى ابن البريدي فعاقبه على انهزامه وحشد له العسكر فسار في ستة آلاف ولقيهـم يحكـم عنـد نهـر تستـر فانهزمـوا مـن غير قتال‏.‏ وركب ابن البريدي السفن ومعه ثلثمائة ألف دينار ففرق أصحابه رماله ونجا إلى البصرة وأقام بالأبلة وبعث غلامه إقبالاً فلقي جماعة من أصحاب ابن رائق فهزمهم وبعث ابن رائق مع جماعة من أهل البصرة يستعطفه فأبى فطلبوا وأقام ابن البريدي بالبصرة واستولى يحكم على الأهواز‏.‏ ثم بعث ابن رائق جيشه في البحر والبـر فانهـزم عسكـر البـر واستولـى عسكـر المـاء علـى الكـلأ فهـرب ابـن البريـدي فـي السفن إلى جزيرة أوال وتـرك أخـاه أبـا الحسيـن فـي عسكـر بالبصـرة فدفـع عسكـر ابـن رائق عن الكلأ فسار ابن رائق مـن واسـط‏.‏ واستولـى يحكـم علـى الأهـواز وقاتلـوا البصـرة فامتنعـت عليهـم‏.‏ وسـار أبـو عبـد اللـه بـن البريـدي مـن أوال إلـى عمـاد الدولـة بـن بويـه بفارس فأطعمه في العراق وبعث معه أخاه معز الدولة إلـى الأهـواز فسيـر إليهـا ابـن رائـق ومولـاه جكم على أن يكون له الحرب والخراج وأقام ابن البريدي على البصرة وزحفت إليه عساكرهم فأعجلوه عن تقويض خيامه فأحرقها وسار إلى الأهواز مجرداً وسبقته عساكره إلى واسط وأقام عند يحكم أياماً وأشير عليه بحبسه فلم يفعل ورجع ابن رائق الى واسط‏.‏

  استيلاء معز الدولة على الأهواز

لما سار أبو عبد الله بن البريدي من جزيرة أوال إلى عماد الدولة ابن بويه بفارس مستجيراً به مـن ابـن رائـق ويحكـم ومستنجداً عليهم طمع عماد الدولة في الاستيلاء على العراق فسير معه أخـاه معـز الدولـة أحمـد بـن بويـه فـي العسكـر ورهـن ابـن البريدي عنده ولديه أبا الحسين محمدا وأبا جعفر الفياض‏.‏ وسار يحكم للقائهم فلقيهم بأرجان‏.‏ فانهزم أمامهم وعاد إلى الأهواز وخلف جيشاً بعسكر مكرم‏.‏ فقاتلهم معز الدولة ثلاثة عشر يوماً ثم انفضوا ولحقوا بتستر وملك معز الدولـة عسكـر مكـرم وذلـك سنـة سـت وعشريـن وسـار يحكـم مـن الأهـواز إلـى تستـر وبلغ الخبر إلى ابـن رائـق بواسـط فسـار إلى بغداد وجاء يحكم من تستر إلى واسط‏.‏ ولما استولى معز الدولة وابـن البريـدي علـى عسكر مكرم ولقيهم أهل الأهواز وسار معهم إليها فأقاموا شهراً‏.‏ ثم طلب معـز الدولـة من ابن البريدي عسكره الذي في البصرة ليسير بهم إلى أخيه ركن الدولة بأصبهان لحـرب وشمكيـر فأحضـر منهـم أربعـة آلاف‏.‏ ثم طلب من عسكره الذين بحصن مهدي ليسير بهم فـي المـاء إلـى واسـط فارتـاب ابـن البريـدي وهـرب إلـى البصرة‏.‏ وبعث إلى عسكرها الذين ساروا إلى أصبهان وكانوا متوقفين بالسوس فرجعوا إليه‏.‏ ثم كتب إلى معز الدولة أن يفرج له عن الأهواز ليتمكن من الجباية والوفاء بها لأخيه عماد الدولة وكان قد ضمن له الأهواز والبصرة بثمانيـة عشـر ألـف ألـف درهـم‏.‏ فرحـل معـز الدولـة إلـى عسكـر مكرم وأنفذ ابن البريدي عامله إلى الأهواز‏.‏ ثـم بعـث إلى معز الدولة بأن يتأخر إلى السوس فأبى وعلم يحكم بحالهم فبعث جيشاً استولوا على السوس وجندي سابور وبقيت الأهواز بيد ابن البريدي ومعز الدولة بعسكر مكرم وقد ضاقـت أحـوال جنـده‏.‏ ثـم بعـث إليـه أخـوه عمـاد الدولة بالمدد فسار إلى الأهواز وملكها‏.‏ ورجع ابـن البريـدي إلـى البصـرة ويحكـم فـي ذلـك مقيـم بواسـط وقـد صـرف همـه إلى الاستيلاء على رتبة ابـن رائـق ببغـداد‏.‏ وقـد أنفـذ لـه ابـن رائـق علـي بـن خلـف بن طباب ليسيروا إلى الأهواز ويخرجوا ابـن بويه‏.‏ ويكون يحكم على الحرب وابن خلف على الخراج فلم يلتفت يحكم لذلك واستوزر علـي بـن خلـف وبحكـم فـي أحـوال واسط‏.‏ ولما رأى أبو الفتح الوزير ببغداد أدبار الأحوال أطمع ابن رائق في مصر والشام وقال أنا أجيبهما لك وعقد بينه وبين ابن طغج صهراً‏.‏ وسار أبو الفتح إلى الشام في ربيع الآخر وشعر ابن رائق بمحاولة يحكم عليه فبعث إلى ابن البريدي بالاتفاق على يحكم على أن يضمن ابن البريدي واسط بستمائة ألف فنهض يحكم إلى ابـن البريـدي قبـل ابـن رائـق وسـار إلـى البصـرة فبعـث إليـه ابـن البريدي أبا جعفر الجمال في عشرة آلاف فهزمهم يحكم وارتاع ابن البريدي لذلك ولم يكن قصد يحكم إلا الألفـة فقـط والتضـرع لابـن رائق فبعث إليه بالمسالمة وان يقلده واسط إذا تم أمره فاتفقا على ذلك وصرف نظره إلى أمر بغداد‏.‏

  وزارة أبي مقلة ونكبته

ولمـا انصـرف أبـو الفتـح بـن الفـرات إلـى الشـام استـوزر الراضـي أبـا علـي بن مقلة على سنن من قبله والأمـر لابـن رائـق وابـن مقلـة كالعاريـة‏.‏ وكتـب لـه في أمواله وأملاكه فلم يردها‏.‏ فشرع في التدبير عليه فكتب إلى ابن رائق بواسط ووشمكير بالري يطمع كلاً منهما في مكانه وكتب الراضي يشير بالقبض على ابن رائق وأصحابه واستدعى يحكم لمكانه وأنه يستخرج منهم ثلاثة آلاف ألـف دينار فأطمعه الراضي على كره‏.‏ فكتب هو إلى يحكم يستحثه‏.‏ وطلب من الراضي أن ينتقـل إلى دار الخلافة حتى يتم الأمر فأذن له وحضر متنكراً آخر ليلة من رمضان سنة ست وعشرين فأمر الراضي باعتقاله واطلع ابن رائق من الغد على كتبه فشكر ذلك له ابن رائق وأمر بابـن مقلـة فـي منتصـف شـوال فقطـع ثـم عولـج وبـريء وعـاد إلـى السعـي فـي الـوزارة والتظلـم مـن ابن رائق والدعاء عليه فأمر بقطع لسانه وحبسه إلى أن مات‏.‏

  استيلاء يحكم على بغداد

لم يزل يحكم يظهر التبعية لابن رائق ويكتب على أعلامه وتراسه يحكم الرائقي إلى أن وصلته كتـب ابـن مقلـة بـأن الراضـي قلـده إمـرة الأمراء فطمع وكاشف ابن رائق ومحا نسبه إليه من أعلامه وسلاحـه‏.‏ وسـار مـن واسـط إلـى بغـداد فـي ذي القعـدة سنـة سـت وعشرين‏.‏ وكتب إليه الراضي بالرجـوع فأبـى ووصـل إلى نهر ديالي وأصاب ابن رائق في غربيه فانهزموا وعبروا النهر سبحاً‏.‏ وسار ابن رائق إلى عكبرا ودخل يحكم بغداد منتصف في القعدة ولقي الراضي من الغد وولاه أمير الأمراء وكتب عن الراضي إلى القواد الذين مع ابن رائق بالرجوع عنه فرجعوا وعاد ابن رائق إلى بغداد فاختفى بها لسنة واحد عشر شهراً من إمارته ونزل يحكم بدار مؤنس واستقر ببغداد متحكماً في الدولة مستبداً على الخليفة‏.‏

  دخول أذربيجان في طاعة وشمكير

كان من عمال وشمكير على أعمال الجبل السيكري بن مرس‏.‏ وحشة البساسيري كان أبو الغنائم وأبو سعد ابنا المجلبان صاحبي قريش بن بدران وبعثهما إلى القائم سراً من البساسيـري بمـا فعـل بالأنبـار فانتقـض البساسيـري لذلـك واستوحـش مـن القائـم ومـن رئيـس الرؤسـاء وأسقـط مشاهرتهـم ومشاهـرة حواشيهـم وهـم بهدم منازل بني المجلبان‏.‏ ثم أقصر وسار إلى الأنبار وبها أبو القاسم بن المجلبان وجاءه دبيس بن مزيد ممداً له فحاصر الأنبار وفتحها عنـوة ونهبهـا وأسـر مـن أهلهـا خمسمائـة ومائـة مـن بني خفاجة وأسر أبا الغنائم وجاء به إلى بغداد فأدخله في جمل وشفع دبيس بن مزيد في قتله وجاء إلى مقابل التاج من دار الخليفة فقبل الأرض وعاد إلى منزله‏.‏

  وصول الغزالي الدسكرة ونواحي بغداد

وفـي شـوال مـن سنـة سـت وأربعيـن وصـل صاحب حلوان من الغز وهو إبراهيم بن إسحاق إلى الدسكـرة فافتتحهـا ونهبها وصادر النساء‏.‏ ثم سار إلى بغداد وقلعة البردان وهي لسعدي بن أبي الشوك وبها أمواله فامتنعت عليه فخرب ما حولها من القرى ونهبها وقوي طمع الغز في البلـاد وضعـف أمـر الديلـم والأتـراك‏.‏ ثـم بعـث طغرلبـك أبـا علـي بـن أبـي كاليجار الذي كان بالبصرة في جيش من الغز إلى خوزستان فاستولى على الأهواز وملكها ونهب الغز الذين معه أموال الناس ولقوا منهم عناء‏.‏

  ظهور ابن رائق ومسيره إلي الشام

وفي سنة سبـع وعشريـن وثلثمائـة سـار يحكـم إلـى الموصـل وديـار ربيعـة بسبب أن ناصر الدولة بن حمدان أخر المال الذي عليه من ضمان البلاد فأقام الراضي بتكريت وسار يحكم ولقيه ناصر الدولة على ستة فراسخ من الموصل فانهزم واتبعه يحكم إلى نصيبين ثم إلى آمد وكتب إلى الراضي بالفتح‏.‏ فسار من تكريت في الماء إلى الموصل وفارقه جماعة من القرامطة كانوا في عسكره وكان ابن رائق يكاتبهم من مكان اكتفائه فلما وصلوا بغـداد خـرج ابـن رائـق إليهـم واستولـى وطـار الخبـر إلـى الراضـي فأصعـد مـن المـاء وسار إلى الموصل وكتب إلى يحكم بذلك‏.‏ فرجع عن نصيبين بعد أن استولى عليها‏.‏ وشرع أهل العسكر يتسللون إلى بغداد فأهم ذلك يحكم‏.‏ ثم جاءت رسالة ابن حمدان في الصلـح وتعجيل خمسمائة ألف درهم فأجابوه وقرره ورجعوا إلى بغداد ولقيهم أبو جعفر محمد بـن يحيـى بـن شيـرزاد رسـولاً عـن ابـن رائق في الصلح على أن يقلده الراضي طريق الفرات وديار مضـر وحران والرها وما جاورها جندي قنسرين والعواصم‏.‏ فأجابه الراضي وقلده وسار إلى ولايته في ربيع الآخر‏.‏ وكان يحكم قد استناب بعض قواد الأتراك على الأنبار واسمه بالبان وطلب تقليد طريق الفرات فقلد وسار إلى الرحبة‏.‏ ثم انتقض وعاد لابن رائق وعصى على يحكـم فسـار إليـه غازياً وكبسه بالرحبة على حين غفلة لخمسة أيام من مسيره فظفر به وأدخله بغداد على جمل وحبسه وكان آخر العهد به‏.‏ وزارة ابن البريدي قد تقدم لنا مسير الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات إلى الشام ولما سار استناب بالحضرة عبد الله بن علـي البصـري وكـان يحكـم قـد قبـض علـى وزيـره خلـف بـن طبـاب واستـوزر أبـا جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد فسعى في وزارة ابن البريدي ليحكم حتى تم ذلـك‏.‏ ثـم ضمـن ابـن البريـدي أعمـال واسـط بستمائـة ألـف دينـار كـل سنـة‏.‏ ثـم جـاء الخبر بموت أبي الفتـح بـن الفـرات بالرملـة‏.‏ فسعـى أبـو جعفر بن شيرزاد في وزارة أبي عبد الله للخليفة فعقد له الراضي بذلك واستخلف بالحضرة عبد الله بن علي البصري كما كان مع أبي الفتح‏.‏

  مسير ركن الدولة إلي واسط ورجوعه عنها

لمـا استقـر ابـن البريـدي بواسط بعث جيشاً إلى السوس وبها أبو جعفر الظهيري وزير معز الدولة أحمد بن بويه ومعز الدولة بالأهواز‏.‏ فتحصن أبو جعفر بقلعـة السـوس وعـاث الجيـش فـي نواحها‏.‏ وكتب معز الدولة إلى أخيه ركن الدولة وهو على اصطخر قد جاء من أصبهان لما غلبـه وشمكيـر عليهـا‏.‏ فلمـا جـاء كتاب أخيه معز الدولة سار محمد إلى السوس وقد رجع عنه جيـش ابـن البريـدي‏.‏ ثـم سـار إلـى واسـط يحـاول ملكهـا فنزل في جانبها الشرقي وابن البريدي في الجانب الغربي واضطرب عسكر ابن بويه واستأمن جماعة منهم إلى ابن البريدي‏.‏ ثم سار الراضـي ويحكـم من بغداد إلى واسط للأمداد فرجع ركن الدولة إلى الأهواز ثم إلى رامهرمز‏.‏ وبلغه أن وشمكير قد أنفذ عسكره مدداً لماكان بن كالي وأن أصبهان خالية فسار إليها من رامهرمز وأخرج من بقي منها من أصحاب وشمكير وملكها فاستقر بها‏.‏

  مسير يحكم إلي بلد الجبل وعوده إلي واسط واستيلاؤه عليها

كـان يحكـم قـد أرسـل ابـن البريدي وصاهره واتفقا على أن يسير يحكم إلى بلاد الجبل لفتحها من يد وشمكير وأبو عبد الله بن البريدي إلى الأهواز لأخذها من يد معز الدولة ابن بويه فسار يحكـم إلـى حلـوان وبعـث إليـه ابـن البريـدي بخمسمائـة رجـل مدداً‏.‏ وبعث يحكم بعض أصحابه إلى ابـن البريـدي يستحثـه إلـى السـوس والأهـواز فأقـام يماطلـه ويدافعـه ويبيـن لـه أنه يريد مخالفة يحكم إلى بغداد‏.‏ فكتب إليه بذلك فرجع عن قصده إلى بغداد‏.‏ وعزل ابن البريدي من الوزارة وولى مكانـه أبـا القاسـم بـن سليمـان بـن الحسين بن مخلد وقبض على ابن شيرزاد الذي كان ساعياً له وتجهـز إلـى واسـط وانحـدر فـي المـاء آخـر ذي الحجة سنة ثمان وعشرين‏.‏ وبعث عسكراً في البر وبلغ الخبر ابن البريدي فسار عن واسط إلى البصرة واستولى عليها يحكم وملكها‏.‏

  استيلاء ابن رائق على الشام

قد تقدم لنا مسير ابن رائق إلى ديار مضر وثغور قنسرين والعواصم فلما استقر بها حدثته نفسه بملك الشام فسار إلى حمص فملكها‏.‏ ثم سار إلى دمشق وبهـا بـدر بـن عبـد اللـه الإخشيدي ويلقب بدير فملكها من يده‏.‏ ثم سار إلى الرملة ومنها إلى عريش مصر يريد ملك الديار المصرية ولقيه الإخشيذ محمد بن طغج وانهزم أولاً وملك أصحاب ابن رائق خيامه‏.‏ ثم خرج كمين الاخشيذ فانهزم ابن رائق إلى دمشق وبعث الاخشيذ في أثره أخاه أخا نصر بن طغج وسار إليهم ابن رائق من دمشق فهزمهم وقتل أبو نصر فكفنه ابن رائق وحمله مع ابنه مزاحم إلى أخيه الاخشيذ بمصر‏.‏ وكتب يعزيه ويعتذر‏.‏ فأكرم الأخشيذ مزاحماً واصطلح مع أبيه على أن تكون مصر للاخشيذ من حد الرملة وما وراءها من الشام لابن رائق ويعطي الأخشيذ عن الرملة في كل سنة مائة وأربعين ألف دينار‏.‏ الصوائف أيام الراضي

  وفي سنة اثنتيـن وعشرين

سار الدمستق إلى سميساط في خمسين ألفا من الروم ونازل ملطية وحاصرها مدة طويلة حتى فتحها بالأمان وبعثهم إلى مأمنهم مع بطريق من بطارقته‏.‏ وتنصر الكثير منهم محبة في أهليهـم وأموالهـم‏.‏ ثـم افتتحـوا سميسـاط وخربـوا أعمالهـا وأفحشـوا فـي أسطولـه فـي البحـر‏.‏ ففتحـوا بلـد جنـوة ومـروا بسردانيـة فأوقعوا بأهلها ثم مروا بقرقيسيا من ساحل الشام فأحرقوا مراكبهـا وعـادوا سالميـن‏.‏

  وفي سنة سـت وعشريـن

كـان الفـداء بيـن المسلميـن والـروم فـي ذي القعدة على يد ابن ورقاء الشيباني البريدي في ستة آلاف وثلثمائة أسير‏.‏ الولايات أيام الراضي والقاهر قبله قد تقدم لنا أنه لم يبق من الأعمال في تصريف الخلافة لهذا العهد إلا أعمال الأهواز والبصرة وواسط والجزيرة وذكرنا استيلاء بني بويه على فارس وأصبهان ووشمكير على بلاد الجبل وابن البريدي على البصرة وابن رائق على واسط‏.‏ وأن عماد الدولة ابـن بويـه علـى فـارس وركن الدولة أخوه يتنازع مع وشمكير علـى أصبهـان وهمـذان وقـم وقاشـان والكـرج والـري وقزوين‏.‏ واستولى معز الدولة أخوهما على الأهواز وعلى كرمان واستولى ابن البريدي على واسـط‏.‏ وسـار ابـن رائـق إلـى الشـام فاستولـى عليهـا‏.‏

  وفي سنة ثلـاث وعشرين

قلد الراضي أبنيه أبـا جعفـر وأبـا الفضل ناحية المشرق والمغرب‏.‏

  وفي سنة إحدى وعشرين

ورد الخبر بوفاة تكين الخاصكي بمصر وكان أميراً عليها وولى القاهر مكانه ابنه محمداً وثار به الجند فظفر بهم‏.‏ وفيهـا وقعـت الفتنـة بيـن بنـي ثعلـب وبنـي أسد ومعهم طيئ وركب ناصر الدولة الحسن بن عبد اللـه بن حمدان ومعه أبو الأعز بن سعيد بن حمدان ليصلح بينهم فوقعت ملاحاة قتل فيها أبو الأعـز علـى يـد رجـل مـن ثعلـب فحمل عليهم ناصر الدولة واستباحهم إلى الحديثة‏.‏ فلقيهم يانس غلـام مؤنس والياً على الموصل فانضم إليه بنو ثعلب وبنو أسد وعادوا إلى ديار ربيعة‏.‏

  وفي سنة أربـع وعشريـن

قلـد الراضـي محمـد بـن طغـج أعمـال مصر مضافاً إلى ما بيده من الشام وعزل عنها أحمد بن كيغلغ‏.‏ وفاة الراضي وبيعة المتقي

  وفي سنة تسـع وعشريـن وثلثمائـة

توفـي الراضـي أبـو العباس أحمد بن المقتدر في ربيع الأول منها لسبـع سنيـن غيـر شهـر مـن خلافتـه‏.‏ ولمـا مـات أحضـر يحكم ندماءه وجلساه لينتفع بما عندهم من الحكمـة فلم يفهم عنهم لعجمته‏.‏ وكان آخر خليفة خطب على المنبر وأن خطب غيره فنادر‏.‏ وآخـر خليفـة جالس السمر ووصل الندماء‏.‏ ودولته آخر دول الخلفاء في ترتيب النفقات والجوائز والجرايـات والمطابـخ والخـدم والحجـاب‏.‏ وكـان يحكـم يـوم وفاتـه غائبـاً بواسـط حين ملكها من يد ابن البريدي فانتظر في الأمور وصول مراسمه فورد كتابه مع كاتبه أبي عبد الله الكوفي يأمر فيه باجتماع الوزراء وأصحاب الدواوين والقضاة والعلويين والعباسيين ووجوه البلد عند الوزير أبي القاسـم سليمان بن الحسن ويشاورهم الكوفي فيمن ينصب للخلافة ممن يرتضي مذهبه وطريقه فاجتمعـوا وذكروا إبراهيم بن المقتدر واتفقوا عليه وأحضروه من الغد وبايعوا له آخر ربيع الأول من سنة تسع وعشرين‏.‏ وعرضت عليه الألقاب فاختار المتقي لله وأقر سليمان على وزارته كما كان والتدبير كله للكوفي كاتب يحكم وولى سلامة الطولوني على الحجبة‏.‏

  مقتل يحكم

كان أبو عبد الله البريدي بعد هربه إلى البصرة من واسط أنفذ جيشاً إلى المدار فبعث إلى لقائهم جيشاً من واسط عليهم تورون انتخب له الكرة فظفر بجيش ابن البريدي ولقي يحكم خبـره فـي الطريـق فسـر بذلـك وذهـب يتصيـد فبلغ نهر جور وعثر في طريقه ببعض الأكراد فشره لغزوهم وقصدهم في خف من أصحابه وهربوا بين يديه وهو يرشقهم بسهامه‏.‏ وجاءه غلام منهم من خلفه فطعنه فقتله‏.‏ واختلف عسكره فمضى الديلم فكانوا ألفاً وخمسمائة إلى ابن البريدي‏.‏ وقد كان عزم على الهرب من البصرة فبعث لقدومهم وضاعف أرزاقهم وأدرهـا عليهـم‏.‏ وذهـب الأتـراك إلـى واسـط وأطلقـوا بكتيـك مـن حبسـه وولـوه عليهـم‏.‏ فسـار بهـم إلـى بغداد في خدمة المتقي وحصر ما كان في دار يحكم من الأموال والدواوين فكانت ألف ألف ومائة إمارة البريدي ببغداد وعوده إلى واسط لما قتل يحكم قدم الديلم عليهم بشكوار بن ملك بن مسافر ومسافر هو ابن سلار صاحب الطـرم الـذي ملـك ولـده بعـده أذربيجـان وقاتلهم الأتراك فقتلوه فقدم الديلم عليهم مكانه كورتكيـن منهـم‏.‏ وقدم الأتراك عليهم بكتيك مولى يحكم‏.‏ وانحدر الديلم إلى أبي عبد الله بن البريـدي فقـوي بهـم واصعـدوا إلـى واسط‏.‏ وأرسل المتقي إليهم مائة وخمسين ألف دينار على أن يرجعـوا عنهـا‏.‏ ثـم قسـم في الأتراك في أجناد بغداد أربعمائة ألف دينار من مال يحكم‏.‏ وقدم عليهـم سلامـة الطولونـي وبـرز بهـم المتقـي إلى نهر ديالي آخر شعبان سنة ست وعشرين‏.‏ وسار ابـن البريـدي مـن واسـط فأشفـق أتـراك يحكـم ولحق بعضهم بابن البريدي وسار آخرون إلى الموصل منهم تورون وجحجح‏.‏ واختفى سلامة الطولوني وأبو عبد الله الطولوني ودخل أبو عبد الله البريدي بغداد أول رمضان ونزل بالشفيعي ولقيه الوزير أبو الحسين بن ميمون والكتاب والقضاة وأعيان الناس‏.‏ وبعث إليه المتقي بالتهنئة والطعام وكان يخاطب بالوزير‏.‏ ثم قبض على الوزير أبي الحسين لشهرين من وزارته وحبسه بالبصرة وطلب من المتقي خمسمائة ألف دينار للجند وهـدده بمـا وقـع للمعتـز والمستعيـن والمهتـدي فبعـث بهـا إليه ولم يلقه مدة مقامه ببغداد‏.‏ ولما وصله المال من المتقي شغـب الجنـد عليـه فـي طلبـه وجـاء الديلـم إلـى دار لأخيـه أبـي الحسيـن ثـم انضـم إليهـم الترك وقصدوا دار أبي عبد الله فقطع الجسر ووثب العامة على أصحابه وهرب هو وأخوه وابنـه أبـو القاسـم وأصحابهم وانحدروا إلى واسط وذلك سلخ رمضان لأربعة وعشرين يوماً من قدومه‏.‏

  إمارة كورتكين الديلمي

ولمـا هـرب ابـن البريـدي استولـى كورتكيـن علـى الأمـور ببغداد ودخل إلى المتقي قلده إمارة الأمراء وأحضر علي بن عيسى وأخاه عبد الرحمن فدبر الأمور ولم يسمهما بوزارة‏.‏ واستوزر أبا إسحاق محمد بن أحمد الإسكافي القراريطي وولي على الحجبة بدر الجواشيني‏.‏ ثم قبض كورتكين على بكتيك مقدم الأتراك خامس شوال وغرقه واقتتل الأتراك والديلم وقتل بينهما خلق وانفرد كورتكين بالأمر وقبض على الوزيـر أبـي إسحـاق القراريطـي لشهـر ونصـف مـن وزارته وولى مكانه أبا جعفر محمد بن القاسم الكرخي‏.‏

  عود ابن رائق إلى بغداد

قد تقدم لنا أن جماعة من أتراك يحكم لما انفضوا عن المتقي ساروا إلى الموصل ثم ساروا منهـا إلى ابن رائق بالشام وكان من قوادهم تورون وجحجح وكورتكين وصيقوان فأطمعوه في بغـداد‏.‏ ثـم جاءتـه كتـب المتقـي يستدعيـه فسـار آخر رمضان واستخلف بالشام أبا الحسن أحمد بن علي بن مقاتل وتنحى ناصر الدولة بن حمدان على طريقه‏.‏ ثم حمل إليه مائة ألف دينار وصالحه وبلغ الخبر إلى أبي عبد الله بن البريدي فبعث أخوته إلى واسط وأخرج الديلم عنها وخطبـوا له بها‏.‏ وخرج كورتكين عن بغداد إلى عكبرا فقاتله ابن رائق أياماً ثم أسرى له ليلة عرفـة فأصبح ببغداد من الجانب الغربي ولقي الخليفة وركب معه في دجلة‏.‏ ووصل كورتكين آخر النهار فركب ابن رائق لقتاله وهو مرجل واعتزم على العود إلـى الشـام ثـم طائفـة مـن عسكره ليعبروا دجلة ويأتوا من ورائهم‏.‏ وصاحت العامة مع ابن رائق بكورتكين وأصحابه ورجموهم فانهزموا واستأمن منهم نحو أربعمائة فقتلوا وقتل قواده وخلع المتقي علي ابن رائق وولاه أمير الأمراء وعزل الوزير أبا جعفر الكرخي لشهر من ولايته وولى مكانه أحمد الكوفي وظفر بكورتكين فحبسه بدار الخلافة‏.‏

  وزارة ابن البريدي واستيلاؤه علي بغداد

وفرار المتقي إلي الموصل لما استقر ابن رائق في إمارة الأمراء ببغداد أخر ابن البريدي حمل المال من اسط فانحدر إليه في العساكـر فـي عاشـوراء مـن سنـة ثلاثيـن وهـرب بنـو البريـدي إلـى البصـرة‏.‏ ثـم سعـى أبـو عبـد اللـه الكوفـي بينهـم وبيـن ابـن رائـق وضمـن واسـط بستمائـة ألـف دينار وبقاياها بمائتي ألف‏.‏ ورجع ابن رائـق إلـى بغـداد فشغبـت عليـه الجنـد وفيهـم تـورون وأصحابـه‏.‏ ثـم انفضـوا آخـر ربيـع إلـى أبـي عبد اللـه بواسـط فقـوي بهم وذهب ابن رائق إلى مداراته فكاتبه بالوزارة واستخلف عليها أبا عبد الله بن شيرزاد‏.‏ ثم انتقض واعتـزم علـى مسيـر إلـى بغـداد فـي جميـع الأتـراك والديلـم‏.‏ وعـزم ابـن رائـق على التحصن بدار الخلافة ونصب عليها المجانيق والعرادات وجند العامة فوقع الهرج وخرج بالمتقـي إلـى نهـر ديالـي منتصـف جمادى الآخرة‏.‏ وأتاهم أبو الحسين في الماء والبر فهزمهم ودخل دار الخلافة وهرب المتقي وابنه أبو منصور وابن رائق إلى الموصل لستة أشهر من إمارته‏.‏ واختفى الوزير القراريطي ونهبـت دار الخليفـة ودور الحـرم وعظـم الهـرج وأخـذ كورتكيـن مـن محبسـه فأنفـذ إلـى واسـط ولـم يتعرضـوا للقاهـر‏.‏ وكان نزل أبو الحسين بدار الخلافة وجعل تورون على الشرطة بالجانب الغربي وأخذ رهائن القواد تورون وغيره وبعث بنسائهم وأولادهم إلى أخيه عبد الله بواسط‏.‏ وعظم النهب ببغداد وتـرك النـاس دورهـم وفرضـت المكـوس فـي الأسـواق خمسـة دنانيـر على الكر فغلت الأسعار وانتهى إلى ثلثمائة دينار الكر وجاءت ميرة من الكوفة وأخذت فقيل إنها لعامل الكوفة وأخذها عامل بغداد وكان معه جماعة من القرامطة فقاتلهم الأتراك وهزموهم ووقعت الحرب بين العامـة والديلـم فقتـل خلـق مـن العامـة واختفـى العمال لمطاولة الجند إلى الضواحي ينتهبون الزرع بسنبلة عند حصاده وساءت أحوال بغداد وكثرت نقمات الله فيهم‏.‏

  مقتل ابن رائق وولاية ابن حمدان مكانه

كـان المتقـي قد بعث إلى ناصر الدولة بن حمدان يستمده على ابن البريدي عندما قصد بغداد فأمده بعسكر مع أخيه سيف الدولة فلقيه بتكريت منهزماً ورجع معه إلى الموصل‏.‏ وخرج ناصر الدولة عن الموصل حتى حلف له ابن رائق واتفقا فجاء وتركه شرقي دجلة وعبر إليه أبـو منصـور بـن المتقـي وابـن رائـق فبالغ في تكرمتهما‏.‏ فلما ركب ابن المتقي قال لابن رائق‏:‏ أقم نتحدث في رأينا مذهباً إلى الاعتذار وألح عليه ناصر الدولة فاستراب وجذب يده وقصد الركـوب فسقـط فأمـر ناصر الدولة بقتله وإلقائه في دجلة وبعث إلى المتقي بالعذر وأحسن القول وركب إليه فولاه أمير الأمراء ولقبه ناصر الدولة وذلك مستهل شعبان من سنة ثلاثين وخلع على أخيه أبي الحسن ولقبه بسيف الدولة‏.‏ فلما قتل ابن رائق سار الأخشيذ من مصر إلى دمشق وبها محمد بن يزداد من قبل ابن رائق فاستأمن إليه وملك الأخشيذ دمشق وأقر ابن عود المتقي إلي بغداد وفرار البريدي لما استولى أبو الحسين البريدي على بغداد وأساء السيرة كما مر امتلأت القلوب منه نفرة فلما قتـل ابـن رائـق أخـذ الجنـد فـي الفـرار عنـه والانتقاض عليه ففر جحجح إلى المتقي واعتزم تورون وأنـوش تكيـن والأتـراك علـى كبس أبي الحسين البريدي‏.‏ وزحف تورون لذلك في الديلم فخالفه أنـوش تكيـن في الأتراك فذهب تورون إلى الموصل فقوي بهم ابن حمدان والمتقي وانحدروا إلى بغداد وولى ابن حمدان على أعمال الخراج والضياع بديار مضر وهي الرها وحران ولقيا أبا الحسـن أحمـد بـن علي بن مقاتل فاقتتلوا وقتل ابن مقاتل واستولى ابن طباب عليها‏.‏ ولما وصل المتقـي وابـن حمـدان إلـى بغـداد هـرب أبـو الحسيـن ابـن البريـدي منهـا إلـى واسـط لثلاثـة أشهـر وعشرين يومـاً مـن دخولـه واضطربت العامة وكثر النهب ودخل المتقي وابن حمدان في العساكر في شوال مـن السنـة‏.‏ وأعـاد أبـا إسحـاق القراريطـي إلـى الـوزارة وولى تورون على الشرطة‏.‏ ثم سار إليهم أبو الحسين البريدي فخرج بنو حمدان للقائهم وانتهوا إلى المدائن فأقام بها ناصر الدولة وبعث أخـاه سيـف الدولـة وأبلـغ عمـه أبـا عبـد اللـه الحسيـن بـن سعيـد بـن حمـدان فاقتتلوا عنده أياماً وانهزم سيف الدولة أولاً‏.‏ ثم أمده ناصر الدولة بالقواد الذين كانوا معه وجحجح بالأتراك وعاودوا القتال فانهزم أبو الحسين إلى واسط وأقصر سيف الدولة عن اتباعه لما أصاب أصحابه من الوهـن والجـراح‏.‏ وعـاد ناصر الدولة إلى بغداد منتصف ذي الحجة‏.‏ ثم سار سيف الدولة إلى واسط وهرب بنو البريدي عنها إلى البصرة فملكها وأقام بها‏.‏ استيلاء الديلم على أذربيجان كانت أذربيجان بيد ديسم بن إبراهيم الكردي من أصحاب يوسف بن أبي الساج وكان أبوه مـن أصحـاب هارون الشاري من الخوارج‏.‏ ولما قتل هارون لحق بأذربيجان وشرد في الأكراد فولد له ديسم هذا فكبر وخدم ابن أبي الساج وتقدم عنده إلى أن ملك بعدهم أذربيجان‏.‏ وجـاء السيكـري خليفـة وشمكيـر فـي الجبـل سنـة ست وعشرين وغلبه على أذربيجان‏.‏ ثم سار هو إلى وشمكير وضمن له طاعة ومالاً واستمده فأمده بعسكر من الديلم وساروا معه فغلب السيكري وطرده وملك البلاد وكان معظم جيشه الأكراد فتغلبوا على بعض قلاعه فاستكثر من الديلم وفيهم صعلوك بن محمد بن مسافر بن الفضل وغيرهما فاستظهر بهم وانتـزع مـن الأكـراد مـا تغلبـوا عليـه وقبـض على جماعة من رؤسائهم‏.‏ وكان وزيره أبو القاسم علي بن جعفر قد ارتاب منه فهرب إلى الطرم وبها محمد بن مسافر من أمراء الديلم وقد انقض عليه ابناه وهشودان والمرزبان واستوليا على بعض قلاعه ثم قبضا على أبيهمـا محمـد وانتزعـا أموالـه وذخائـره وتركـاه فـي حصنـه سليباً فريداً‏.‏ فقصد علي بن جعفر المرزبان وأطمعه في أذربيجان فقلده وزارته وكانت نحلتهما في التشيع واحدة لأن علي بن جعفر كان من الباطنية والمرزبان من الديلم وهم شيعة‏.‏ وكاتب علي بن جعفر أصحاب ديسم واستمالهم واستفسدهم عليه وخصوصاً الديلم‏.‏ ثم التفتـوا للحـرب وجـاء الديلـم إلـى المرزبـان واستأمـن معهـم كثيـر من الأكراد وهرب ديسم في فل من أصحابـه إلـى أرمينيـة واستجار بجادق بن الديواني فأجاره وكرمه وندم على ما فرط في إبعاد الأكراد وهـم علـى مذهبـه فـي الخارجيـة‏.‏ وملـك المرزبـان أذربيجـان واستولـى عليهـا‏.‏ ثـم استوحـش منه علي بن جعفر وزير ديسم وتنكر له أصحاب المرزبان فأطمعه المرزبان بأخذ أموالهـم وحملهم على طاعة ديسم وقتل الديلم عندهم من جند المرزبان ففعلوا‏.‏ وجاء ديسم فملكها وفـر إليه من كان عند المرزبان حتى اشتد عليه الحصار واستصلح أثناء ذلك الوزير علي بن جعفر‏.‏ ثم خرجوا من توزير ولحق ديسم بأردبيل وجاء علي بن جعفر إلى المرزبان‏.‏ ثـم حاصر المرزبان أردبيل حتى نزل له ديسم على الأمان وملكها صلحاً‏.‏ وملك توزير كذلك ووفى له ثم طلب ديسم أن يبعثه إلى قلعته بالطرم فبعثه بأهله وولده وأقام هنالك‏.‏ لما فر بنو البريدي عن واسط إلى البصرة ونزل بها سيف الدولة أراد الانحدار خلفهم لانتزاع البصرة منهم واستمد أخاه ناصر الدولة فأمده بمال مع أبي عبد الله الكوفي‏.‏ وكان تورون وجحجح يستطيلان عليه فأراد الاستئثار بالمال فرده سيف الدولة مع الكوفي إلى أخيه وأذن لتورون في مال الجامدة ولجحجح في مال المدار‏.‏ وكان من قبل يراسل لأتراك وملك الشام ومصـر معـه فـلا يجيبونـه‏.‏ ثـم ثـاروا عليـه في شعبان من سنة إحدى وثلاثين فهرب من معسكره ونهـب سـواده وقتـل جماعـة من أصحابه‏.‏ وكان ناصر الدولة لما أخبره أبو عبد الله الكوفي بخبر أخيـه فـي واسـط بززيسيـر إلـى الموصـل وركـب إليـه المتقي يستمهله فوقف حتى عاد وأغذ السير لثلاثـة عشـر شهـراً مـن إمارتـه فثـار الديلـم والأتـراك ونهبوا داره ودبر الأمور أبو إسحاق القراريطي من غير لقب الوزارة‏.‏ وعزل أبو العباس الأصبهاني لأحد وخمسين يوماً من وزارته‏.‏ ثم تنازع الإمارة بواسط بعد سيـف الدولـة تـورون وجحجح واستقر الحال أن يكون تورون أميراً وجحجح صاحب الجيش‏.‏ ثم طمع ابن البريدي في واسط وأصعد إليها وطلب من تورون أن يضمنـه إياهـا فـرده رداً جميـلاً‏.‏ وكـان قـد سار جحجح لمدافعته فمر به الرسول في طريقه وحادثه طويلاً وسعى إلى تورون بأنه لحق بابن البريدي فأسرى إليه وكبسه منتصف رمضان فقبض عليه وجاء به إلى واسـط فسملـه وبلـغ الخبر إلى سيف الدولة وكان لحق بأخيه فعاد إلى بغداد منتصف رمضان وطلـب المـال مـن المتقـي لمدافعـة تـورون‏.‏ فبعـث أربعمائـة ألـف درهـم وفرقها في أصحابه وظهر له من كان مستخفياً ببغداد‏.‏ وجاء تورون من واسط بعد أن خلف بها كيغلغ‏.‏ فلما أحس به سيف الدولة رحل فيمن انضم إليه من أجناد واسط وفيهم الحسن بن هارون وسار إلى الموصل ولم يعاود بنو حمدان بعدها بغداد‏.‏ إمارة تورون ثم وحشته مع المتقي لما سار سيف الدولة عن بغداد دخلها تورون آخر رمضان سنة إحدى وثلاثين فولاه المتقي أمير الأمراء وجعل النظر في الوزارة لأبي جعفر الكرخي كما كان الكوفي‏.‏ ولما سار تورون عن واسط خالفه إليها البريدي فملكها‏.‏ ثم انحدر تورون أول ذي القعدة لقتل البريـدي وقـد كان يوسف بن وجيه صاحب عمان سار في المراكب إلى البصرة وحارب ابن البريدي حتى أشرفوا على الهلاك‏.‏ ثم احترقت مراكب عمان بحيلة دبرها بعض الملاحين ونهب منها مال عظيم‏.‏ ورجع يوسـف بـن وجيـه مهزومـاً فـي المحـرم سنـة اثنتيـن وثلاثيـن‏.‏ وهـرب فـي هـذه الفتنـة أبـو جعفر بن شيرزاد من تورون فاشتمل عليه وكان تورون عند اصعاده من بغداد استخلف مكانه محمد بن ينال الترجمان‏.‏ ثم تنكر له فارتاب محمد وارتاب الوزير أبو الحسن بن مقلة بمكان ابن شيرزاد من تورون وخافا غائلته وخوفا المتقي كذلك وأوهماه أن البريدي ضمنه مـن تورون بخمسمائة ألف دينار التي أخذها من تركة يحكم وأن ابن شيرزاد جاء عن البريدي ليخلعه ويسلمه فانزعج لذلك وعزم على المسير إلى ابن حمدان وكتبوا إليه أن ينفذ عسكراً يسير صحبته‏.‏