فصل: وفي سنة ثمان وتسعين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» **


  مقتل إبراهيم ابن الإمام

قد تقدم لنا أن مروان حبسه بحران وحبس سعيد بن هشام بن عبد الملك وابنيه عثمان ومـروان والعبـاس بـن الوليـد بن عبد الملك وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز وأبا محمد السفياني فهلـك منهـم فـي السجـن مـن وبـاء وقـع بحـران العبـاس بـن الوليـد وإبراهيـم بـن الإمـام وعبـد اللـه بـن عمر وخـرج سعيـد بـن هشـام ومـن معـه مـن المحبوسيـن بعد أن قتلوا صاحب السجن فقتلهم الغوغاء من أهل حران‏.‏ وكان فيمن قتلوه شراحيل بن مسلمة بن عبد الملك وعبد الملك بن بشر الثعلبي وبطريـق أرمينيـة واسمـه كوشـان‏.‏ وتخلـف أبـو محمـد السفياني في الحبس لم يستحل الخروج منه‏.‏ ولمـا قدم مروان منهزماً من الزاب حل عنه فيمن بقي وقيل إن شراحيل بن مسلمة كان محبوساً مـع إبراهيـم وكانـا يتـزاوران ويتهاديـان فـدس فـي بعـض الأيـام إلـى إبراهيـم ابـن الإمـام بلبن مسموم على لسان شراحيل فاستطلق بطنه‏.‏ وقيل إن شراحيل قال‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون احتيل والله عليه وأصبح ميتاً من ليلته‏.‏

  هزيمة مروان بالزاب ومقتله بمصر

قد ذكرنا أن قحطبة أرسل أبا عون عبد الملك بن يزيد الأزدي إلى شهرزور فقتل عثمان بن سفيان وأقام بناحية الموصل وأن مروان بن محمد سار إليه من حران في مائة وعشرين ألفاً وسـار أبـو عـون إلـى الـزاب ووجـه أبـو سلمـة عيينـة بـن موسـى والمنهال بن قبان وإسحق بن طلحة كـل واحـد فـي ثلاثـة آلـاف مـدداً لـه‏.‏ فلمـا بويـع أبـو العبـاس وبعـث مسلمة بن محمد في ألفين وعبد الله الطائي في ألف وخمسمائة وعبد الحميد بن ربعي الطائي في ألفين ودراس بن فضلة في خمسمائـة كلهـم مـدداً لأبـي عـون‏.‏ ثـم نـدب أهـل بيتـه إلـى المسيـر إلـى أبـي عـون فانتـدب عبـد اللـه بن علـي فسـار وقـدم علـى أبـي عـون فتحـول لـه عـن سرادقـه بمـا فيـه‏.‏ ثـم أمـر عيينـة بـن موسـى بخمسة آلاف تعبر النهـر مـن الـزاب أول جمـادى الأخيـر سنـة اثنتيـن وثلاثيـن وقاتـل عساكـر مـروان إلـى المسـاء‏.‏ ورجـع ففقـد مـروان الجسـر مـن الغـد وقدم ابنه عبد الله وعبر فبعث عبد الله بن علي المخارق بن غفار في أربعة نحو عبد الله بن مروان فسرح ابن مروان الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم فانهزم أصحاب المخارق وأسر هو وجيء به إلى مروان مع رؤوس القتلى‏.‏ فقال‏:‏ أنت المخـارق‏.‏ قـال‏:‏ لا فتعرفـه فـي هـذه الـرؤوس قـال‏:‏ نعـم قـال‏:‏ هـو ذا فخلـى سبيلـه‏.‏ وقيـل بـل أنكـر أن يكون في الرؤوس فخلى سبيله‏.‏ وعاجلهم عبد الله بن علي بالحرب قبل أن يفشوا الخبر وعلى ميمنته أبو عون وعلى ميسرته الوليـد بـن معاويـة‏.‏ وكـان عسكـره نحواً من عشرين ألفاً وقيل اثني عشر‏.‏ وأرسل مروان إليه في الموادعة فأبى وحمل الوليد بن معاوية بن مروان وهو صهر مروان على ابنته فقاتل أبا عون حتى انهزم إلى عبد الله بن علي فأمر الناس فارتحلوا‏.‏ ومشى قدماً ينادي يا لثارات إبراهيم وبالأشعار يا محمـد يـا منصـور‏.‏ وأمـر مـروان القبائـل بـأن يحملـوا فتخاذلـوا واعتـذروا حتـى صاحـب شرطتـه‏.‏ ثـم ظهـر لـه الخلـل فأبـاح الأمـوال للناس على أن يقاتلوا فأخذوها من غير قتال‏.‏ فبعث ابنه عبد الله يصدهم عن ذلك فتبادروا بالفرار وانهزموا وقطع مروان الجسر وكان من غرق أكثر ممن قتل‏.‏ وغرق إبراهيم بن الوليد المخلوع وقيل بل قتله عبد الله بن علي بالشام وممن قتل يحيى بن علي بن هشام وكان ذلك في جمادى الأخيرة سنة اثنتين وثلاثين‏.‏ وأقام عبد الله في عسكره سبعة أيام واجتاز عسكر مروان بما فيه‏.‏ وكتب بالفتح إلى أبي العبـاس السفـاح وسـار مـروان منهزمـاً إلـى مدينـة الموصل وعليها هشام بن عمر الثعلبى وابن خزيمة الأسدي فقطعا الجسـر ومنعـاه العبـور إليهـم وقيـل هـذا أميـر المؤمنيـن فتجاهلـوا وقالـوا أميـر المؤمنيـن لا يفـر‏.‏ ثـم أسمعـوه الشتـم والقبائـح فسـار إلـى حران وبها أبان ابن أخيه وسار إلى حمص وجاء عبد الله إلى حران فلقيه أبو مسعود فأمنه ولقي الجزيرة ولما بلغ مروان حمص أقام بها ثلاثـاً وارتحـل فاتبعـه أهلهـا لينهبوه فقاتلهم وهزمهم وأثخن فيهم‏.‏ وسار إلى دمشق وعليها الوليد بن عمه فأوصاه بقتال عدوه‏.‏ وسـار إلـى فلسطين فنزل نهر أبي فطرس وقد غلب على فلسطين الحكم بن ضبعان الجذامي فأرسـل إلـى عبـد اللـه بـن يزيـد بـن روح بـن زنبـاع الجذامـي فأجـاره‏.‏ ثـم سـار عبـد اللـه بـن علي في أثـره مـن حـران بعـد أن هـدم الـدار التـي حبـس فيهـا أخـوه الإمام إبراهيم‏.‏ وانتهى إلى قنج فأطاعه أهلهـا وقـدم عليـه أخـوه عبـد الصمـد بعثـه السفاح مدداً في ثمانية آلاف وافترق قواد الشيعة على أبواب دمشق فحاصروها أياماً‏.‏ ثم دخلوهما عنوةً لخمس من رمضان واقتتلوا بها كثيراً وقتل عاملها الوليد بن معاوية‏.‏ وأقام عبد الله بدمشق خمـس عشـرة ليلـة وارتحـل يريـد فلسطيـن فأجفل مروان إلى العريش‏.‏ وجـاء عبـد اللـه فنـزل نهـر أبي فطرس ووصله هناك كتاب السفاح بأن يبعث صالح بن علي في طلب مروان فسار صالح في ذي القعدة وعلى مقدمته أبو عون وعامر بن إسماعيل الحارثي فأجفل مروان إلى النيل ثم إلى الصعيد ونزل صالح الفسطاط وتقدمت عساكره فلقوا خيلاً لمروان فهزموهم وأسروا منهم ودلوهم على مكانه ببوصير‏.‏ فسار إليه أبو عون وبيته هنالك خوفـاً مـن أن يفضحه الصبح فانهزم مروان وطعن فسقط في آخر ذي الحجة الحرام وقطع رأسه وبعـث بـه طليعـة أبـي عون إليه‏.‏ فبعثه إلى السفاح وهرب عبد الله وعبيد الله ابنا مروان إلى الحبشة وقاتلوهم فقتل عبيد الله ونجا عبد الله وبقي إلى أيام المهدي‏.‏ فأخذه عامل فلسطين وسجنـه المهـدي‏.‏ وكـان طليعـة أبـي عـون عامـر بـن إسماعيـل الحارثـي فوجـد نسـاء مـروان وبناته في كنيسة بوصير قد وكل بهن خادماً يقتلهن بعده فبعث بهن صالح‏.‏ ولما دخلن عليه سألنه في الإبقـاء فلامهـن علـى قتالهـم عنـد بنـي أميـة‏.‏ ثـم عفـا عنهـن وحملهـن إلى حران يبكين‏.‏ وكان مروان يلقـب بالحمـار لحرنـه فـي مواطـن الحرب‏.‏ وكان أعداؤه يلقبونه الجعدي نسبة إلى الجعد بن درهم كان يقول بخلق القرآن ويتزندق‏.‏ وأمر هشام خالداً القسري بقتله فقتله‏.‏ ثم تتبعوا بني أمية بالقتل‏.‏ ودخل أسديف يوماً على السفاح وعنده سليمان بن هشام وقد أمنه والده فقال‏:‏ لايغرنك ماترى من رجال أن بين الضلوع داءً دويا فأمـر السفـاح بسليمـان فقتـل‏.‏ ودخـل شبـل بـن عبـد الله مولى بني هاشم على عبد الله بن علي وعنده ثمانون أو تسعون من بني أمية يأكلون على مائدته فقال‏:‏ أصبح الملك في ثبات الأسـاس بالبهاليل من بنـي العبـاس طلبـوا أمـر هاشـم فنعونـا بعد ميل من الزمان وباس لاتقيلن عبد شمس عثاراً فاقطعن كل رقلة وغراس فلنا أظهر التودد منها وبها منكم كحز المواسي فلقد غاضني وغـاض سوائـي قربهم من نمارق وكراسي أنزلوها بحيـث أنزلهـا اللـه بـدار الهـون والإتعـاس واذكروا مصرع الحسين وزيـداً وقتيلاً بجانب المهـراس والقتيـل الـذي بحـران أضحى ثاوياً رهن غربة ونعاس‏.‏ فأمر بهم عبد الله فشدخوا بالعمد وبسط من فوقهم الأنطاع فأكل الطعام عليها وأنينهم يسمع حتى ماتوا وذلك بنهر أبي فطرس‏.‏ وكان فيمن قتل محمد بن عبد الملك بن مروان والمعز بن يزيد وعبد الواحد بن سليمان وسعيد بن عبد الملك وأبو عبيدة بن الوليد بن عبد الملك‏.‏ وقيل‏:‏ إن إبراهيم المخلوع قتل معهم وقيل إن أسديفاً هو الذي أنشد هذا الشعر للسفاح وأنه الـذي قتلهـم‏.‏ ثـم قتـل سليمـان بـن علـي بـن عبـد اللـه بن العباس بالبصرة جماعة من بني أمية فأمر بأشلائهـم فـي الطـرق فأكلتهـم الكلـاب‏.‏ وقيـل‏:‏ إن عبـد اللـه بـن علـي أمـر بنبـش قبـور الخلفـاء مـن بنـي أميـة فلـم يجـدروا فـي القبـور إلا شبـه الرمـاد وخيطـاً فـي قبـر معاويـة وجمجمة في قبر عبد الملك‏.‏ وربما وجد فيها بعد الأعضاء إلا هشام بن عبد الملك فإنه وجد كما هو لم يبل فضربـه بالسـوط ثـم صلبـه وحرقـه وذراه فـي الريـح واللـه أعلـم بصحـة ذلـك‏.‏ ثـم تتبعوا بني أمية بالقتل فلم يفلـت منهـم إلا الرضعـاء أو مـن هرب إلى الأندلس مثل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام وغيرهم ممن تبعه من قرابته كما يذكر في أخبارهم‏.‏

  بقية الصوائف في الدولة الأموية

قـد انتهينـا بالصوائـف إلـى آخـر أيـام عمـر بن عبد العزيز وفي اثنتين ومائة أيام اليزيد غزا عمر بن هبيرة الروم من ناحية أرمينية وهو على الجزيرة قبل أن يلي العراق فهزمهم وأسر منهم خلقًا وقتـل منهـم سبعمائة أسير‏.‏ وغزا العباس بن الوليد الروم أيضاً ففتحها لسنة ثم غزا سنة ثلاث بعدها فافتتح مدينة رسلة‏.‏ ثم غزا الجراح الحكمي أيام هشام سنة خمس فبلغ وراء بلنجر وغنـم وغـزا فـي هـذه السنـة سعيـد بـن عبـد الملـك أرض الـروم وبعث ألف مقاتل في سرية فهلكوا جميعـاً‏.‏ وغـزا فيهـا مـروان بـن محمد بالصائفة اليمنى ففتح مدينةً قريبةً من أرض الزوكخ‏.‏ ثم غزا سعيد بن عبد الملك بالصائفة أيام هشام سنة ست‏.‏ ثم غزا مسلمة بن عبد الملك الروم من الجزيرة وهو وال عليها ففتح قيسارية‏.‏ وغزا إبراهيم بن هشام ففتح حصناً‏.‏ وغزا معاوية بن هشام في البحر قبرس وغزا سنة تسع ففتح حصناً آخر يقال له طبسة‏.‏ وغزا سنة عشر بالصائفة عبد الله بن عقبة الفهري وكان على جيش البحر عبد الرحمن بن معاوية بن خديج‏.‏ وغزا بالصائفة اليسرى سنة إحدى عشرة معاوية بن هشام وبالصائفة اليمنى سعيد بن هشام وفي البحر عبد الله بـن أبـي مريـم‏.‏ وافتتـح معاويـة فـي صائفـة ثلاثـة عشـرة سنـة خرشفـة‏.‏ وغـزا سنـة ثلاث عشرة عبد الله البطال فانهزم فثبت عبد الوهاب من أصحابه فقتل‏.‏ ودخل معاوية بن هشـام أرض الـروم مـن ناحيـة مرعـش‏.‏ ثـم غـزا سنـة أربـع عشرة بالصائفة اليسرى وأصحاب ربض أفرق‏.‏ والتقى عبد الله البطال مع قسطنطين فهزمه البطال وأسره‏.‏ وغزا سليمان بن هشام بالصائفة اليسرى فبلغ قيسارية‏.‏ وهزم مسلمة بن عبد الملك خاقان وباب الباب‏.‏ وغزا معاوية بن هشام بالصائفة سنة خمس عشرة‏.‏ وغزا سفيان بن هشام بالصائفة اليسرى سنة سبع عشرة وسليمان بن هشام بالصائفة اليمنى من ناحية الجزيرة وفرق السرايا في أرض الروم وبعث فيها مروان بن محمد من أرمينية فافتتحوا من أرض اللان أهلها أخذها قومانساه صلحـاً‏.‏ وغزا معاوية وسليمان أيضاً أرض الروم سنة ثماني عشرة‏.‏ وغزا فيها مروان بن محمد من أرمينية ودخل أرض وارقيس فهرب وارقيس إلى الحرور ونازل حصنه فحاصره‏.‏ وقتل وارقيس بعض من اجتاز به وبعث برأسه إلى مروان ونزل أهل الحصن على حكمه فقتل وسبـى‏.‏ وغـزا سنـة تسـع عشـرة مـروان بـن محمـد من أرمينية ومر ببلاد اللان إلى بلاد الخزر على بلنجر وسمندر وانتهى إلى خاقان فهرب خاقان منه‏.‏ وغزا سليمان بن هشام سنة عشرين بالصائفـة فافتتـح سنـدرة وغـزا إسحـق بـن مسلـم العقيلـي قومانسـاه وافتتـح قلاعه وخرب أرضـه‏.‏ وغـزا مـروان مـن أرمينيـة سنة إحدى وعشرين وأفنى قلعة بيت السرير فقتل وسبى ثم قلعة أخرى كذلك ودخل عزسك وهو حصن الملك فهرب منه الملك ودخل حصناً له يسمى جرج فيه سرير الذهب فنازله مروان حتى صالحه على ألف فارس كل سنة ومائـة ألـف مدني‏.‏ ثم دخل أرض أرزق ونصران فصالحه ملكها ثم أرض نومان كذلك ثم أرض حمديـن فأخرب بلاده وحصر حصناً له شهراً حتى صالحه ثم أرض مسداد ففتحها على صلح‏.‏ ثم نزل كيلان فصالحه أهل طبرستان وكيلان‏.‏ وكل هذه الولايات على شاطىء البحر من أرمينية إلى طبرستـان‏.‏ وغـزا مسلمـة بـن هشـام الـروم فـي هـذه السنـة فافتتـح بهـا مطاميـر‏.‏ وفـي سنـة اثنتيـن وعشريـن بعدهـا قتـل البطـال واسمـه عبـد اللـه بن الحسين الأنطاكي وكان كثير الغزو في بلاد الروم والإغـارة عليهـم‏.‏ وقدمـه مسلمـة على عشرة آلاف فارس فكان يغزو بلاد الروم إلى أن قتل هذه السنـة‏.‏ وفـي سنـة أربعـة وعشريـن غـزا سليمـان بـن هشـام بالصائفـة علـى عهـد أبيـه فلقـي اليـون ملك الروم فهزمه وغنم وفي سنة خمسة وعشرين خرجت الروم إلى حصن زنطره وكان افتتحه حبيـب بن مسلمة الفهري وخزينة الروم وبنى بناء غير محكم فأخربوه ثانية أيام مروان‏.‏ ثم بناه الرشيد وطرقه الروم أيام المأمون فشعبوه فأمر ببنائه وتحصينه‏.‏ ثم طرقوه أيام المعتصم وخبره معروف‏.‏ وفي هذه السنة غزا الوليد بن يزيد بالصائفة أخاه العمر وبعث الأسـود بـن بلـال المحاربـي بالجيـش فـي البحر إلى قبرس ليجير أهلها بين الشام والروم فافترقوا فريقين‏.‏ وغزا أيام مروان سنة ثلاثين بالصائفة الوليد بن هشام ونزل العمق وبنى حصن مرعش‏.‏ عمال بني أمية على النواحي استعمل معاوية أول خلافته سنة أربعين عبد الله بن عمرو بن العاصي على الكوفة ثم عزله واستعمـل المغيـرة بـن شعبـة على الصلاة واستعمل على الخراج وكان على النقباء بها شريح وكان حمـران بـن أبـان قد وثب على البصرة عندما صالح الحسن معاوية فبعث معاوية بشر بن أرطاة علـى البصـرة وأمـده فقتـل أولـاد زيـاد ابـن أبيـه وكـان عاملاً على فارس لعلي بن أبي طالب‏.‏ فقدم البصرة وقد ذكرنا خبـره مـع بنـي زيـاد فيمـا قيـل‏.‏ ثـم ولـى علـى البصـرة عبـد اللـه بـن عامـر بـن كريـز بـن حبيـب بن عبد شمس وضم إليه خراسان وسجستان فجعل على شرطته حبيب بن شهاب وعلـى القضـاء عميـرة بـن تبـرى وقـد تقـدم لنـا أخبـار قيس في خراسان‏.‏ وكان عمرو بن العاصي علـي كمـا تقـدم فولـى سنـة إحـدى وأربعيـن مـن قبلـه علـى أفريقيـة عقبـة بـن نافع بن عبد قيس وهو ابـن خالتـه فانتهـى إلـى لواتـة ومزاتـة فأطاعـوه ثـم كفـروا فغزاهـم وقتـل وسبـى‏.‏ ثم افتتح سنة اثنتين وأربعيـن بعدهـا غذامـس وقتـل وسبـى وافتتـح سنـة ثلاثة وأربعين بعدها بلدودان‏.‏ وولى معاوية بالمدينة سنة اثنتين وأربعين مروان بن الحكم فاستقضى عبد الله بن الحارث بن نوفل‏.‏ وولـى معاويـة على مكة في هذه السنة خالد بن العاصي بن هشام وكان على أرمينية حبيب بن مسلمة الفهـري وولـاه عليهـا معاويـة ومـات سنـة اثنتيـن وأربعيـن فولـى مكانـه واستعمـل ابـن عامـر فـي هذه السنة على ثغر الهند عبد الله بن سوار العبدي ويقال ولاه معاوية‏.‏ وعزل ابن عامر في هـذه السنـة قيـس بن الهيثم عن خراسان وولى مكانه الحارث بن عبد الله بن حازم‏.‏ ثم عزل معاويـة عبـد اللـه بـن عامـر عـن البصـرة سنـة أربع أربعين وولى مكانه الحارث بن عبد الله الأزدي ثـم عزلـه لأربعـة أشهـر وولـى أخـاه زيـاداً سنـة خمـس وأربعيـن‏.‏ فولـى علـى خراسـان الحكم بن عمر الغفـاري وجعـل معـه علـى الخـراج أسلـم بن زرعة الكلابي‏.‏ ثم مات الحكم فولى خليد بن عبد ثـم ولـى علـى خراسان سنة ثمان بعدها غالب بن فضالة الليثي وتولى عمرو بن العاصي سنة تسـع وأربعيـن فولـى مكانـه سعيد بن العاصي فعزل عبد الله بن الحارث عن القضاء واستقضى أبـا سلمـة بـن عبـد الرحمـن‏.‏ وفـي سنـة خمسيـن توفـي المغيـرة بـن شعبـة فضـم الكوفـة إلى أخيه زياد فجـاء إليهـا واستخلـف على البصرة سمرة بن جندب وكان يقسم السنة بين المصرين في الإقامة نصفـاً بنصف‏.‏ وفي سنة خمسين هذه اقتطع معاوية أفريقية عن معاوية بن خديج بمصر وولى عقبة بن نافع الفهري وكان مقيماً ببرقة وزويلة من وقت فتحها أيام عمرو بن العاصي فأمده بعشرة آلاف فسار إليها‏.‏ وانضاف إليه من أسلم من البربر ودوخ البلاد وبنى بالقيروان وأنزل عساكر المسلمين ثم استعمل معاوية على مصر وأفريقية مولاه أبا المهاجر فأساء عزل عقبة‏.‏ وجاء عقبة إلى الشام فاعتذر إليه معاولة ووعده بعمله ومات معاوية فولاه يزيد سنة اثنتين وستين‏.‏ وذكـر الواقـدي أن عقبـة ولـي سنـة اثنتيـن وستيـن واستعمـل أبـا المهاجـر فولي الأمصار فحبس عقبة وضيـق عليـه وأمـره يزيـد بإطلاقـه فوفد عقبة فأعاده إلى عمله‏.‏ فحبس أبا المهاجر وخرج غازياً وأثخن حتى قتله كسيلة كما يأتي فـي أخبـاره‏.‏ وفـي سنـة إحـدى وخمسيـن ولـى زيـاد علـى خراسـان الربيـع بـن زياد الحارث مكان خليد بن عبد الله الحنفي‏.‏ وفي سنة ثلاث وخمسين توفي زياد واستخلـف علـى البصرة سمرة بن جندب وعلى الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد‏.‏ ثم ولى الضحاك بن قيس سنة خمس بعدها‏.‏ وفي هذه السنة مات الربيع بن زياد عامل خراسان قبل موت زياد واستخلفه ابنه عبد الله ومات لشهرين‏.‏ واستخلف خليد بن يربوع الحنفي وكـان علـى صفابيـروز الديلمـي مـن قبـل معاويـة فمـات سنة ثلاث وخمسين‏.‏ وفي سنة أربع وخمسين عزل معاوية عن المدينة سعيد بن العاص ورد إليها مروان بن الحكم ثم عزله سنة سبعة وولى مكانه الوليد بن عقبة بن أبي سفيـان‏.‏ وعزل سنة تسعة وخمسين عن البصرة ابن جندب وولى مكانه عبد الله بن عمر بن غيلان وولى على خراسان عبيد الله بن زياد ثم ولاه سنة خمس بعدها على البصرة مكان غيلـان‏.‏ ثـم ولـى علـى خراسـان سنـة ستـة وخمسيـن سعيـد بـن عثمـان بـن عفان‏.‏ وفي سنة ثمانية وخمسين عزل معاوية عن الكوفة الضحاك بن قيس واستعمل مكانه ابن أم الحكم وهي أخته وهو عبد الرحمن بن عثمان الثقفي وطرده أهل الكوفة فولاه مصر‏.‏ فرده معاوية بن خديج وولـى مكانـه على الكوفة سنة تسعة وخمسين النعمان بن بشير وولى فيها على خراسان عبد الرحمن بن زياد‏.‏ فقدم إليها قيس بن الهيثم السلمي فحبس أسلم بن زرعة فأغرمه ثلاثمائة ألف درهم‏.‏ ثم مات معاوية سنة ستين وولاته على النواحي من ذكرناه وعلى سجستان عباد بن زياد وعلى كرمان شريك بن الأعور‏.‏ وعزل يزيد لأول ولايته الوليد بن عقبة عن المدينة والحجاز وولاهـا عمـر بـن سعيـد الأشدق‏.‏ ثم عزله سنة إحدى وستين ورد الوليد بن عقبة وولى على خراسان سالم بن زياد فبعث سالم إليها الحارث بن معاوية الحارثي وبعث أخاه يزيد إلى سجستان وكان بها أخوهما عباد فخرج عنهما‏.‏ وقاتل يزيد أهل كابل فهزموه فبعث مسلم علـى سجستـان طلحـة الطلحـات وهو طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي فبقي سنة وبعث سنة اثنتين وستيـن عقبـة بـن نافـع إلـى أفريقيـة فحبـس أبـا المهاجـر واستخلـف علـى القيـروان زهيـر بـن قيس البلوي كما نذكر في أخباره‏.‏ وتوفـي في هذه السنة مسلمة بن مخلد الأنصاري أمير مصر‏.‏ ثم هلك يزيد سنة أربع وستين واستخلـف علـى أهـل العـراق عبيـد اللـه بـن زيـاد‏.‏ وولـى أهـل البصـرة عليهـم عبـد اللـه بـن الحـارث بـن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ويلقب ببه وهرب ابن زياد إلى الشام‏.‏ وجاء إلى الكوفة عامـر بـن مسعود من قبل ابن الزبير وبلغه خلاف أهل الري وعليهم الفرخان فبعث عليهم محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب فهزموه فبعث عتاب بن ورقاء فهزمهم‏.‏ ثـم بويـع مروان وسار إلى مصر فملكها من يد عبد الرحمن بن حجام القرشي داعية ابن الزبير وولـى عليهـا عمـر بـن سعيد‏.‏ ثم بعثه للقاء مصعب بن الزبير لما بعثه أخوه عبد الله إلى الشام وولـى علـى مصـر ابنـه عبـد العزيـز فلـم يـزل عليهـا واليـاً إلـى أن هلك لسنة خمسة وثمانين فولى عبد الملك عليها ابنه عبد الله بن عبد الملك‏.‏ وخلع أهل خراسان بعد يزيد سالم بن زياد واستخلف المهلب لن أبي صفرة ثم ولى مسلم عبـد اللـه بـن حـازم فاستبـد بخراسـان إلـى حيـن‏.‏ ثـم أخرج أهل الكوفة عمر بن حريث خليفة بن زيـاد وبايعـوا لابـن الزبيـر وقدم المختار بن أبي عبيد أميراً على الكوفة من قبله بعد ستة أشهر مـن مهلـك يزيد وامتنع شريح من القضاء أيام الفتنة واستعمل ابن الزبير على المدينة أخاه مصعباً سنـة خمـس وستيـن مكـان أخيـه عبـد اللـه وثار بنو تميم بخراسان على عبد الله بن حازم فغلبه عليها بكير بن وشاح‏.‏ وغلب المختار على بن مطيع عامل ابن الزبير بالكوفة سنة ست وستين‏.‏ ثـم مـات مـروان سنـة خمـس وستيـن وولي عبد الملك‏.‏ وولى ابن الزبير أخاه مصعباً على البصرة وولـى مكانـه بالمدينـة جابـر بـن الأسـود بـن عـوف الزهـري‏.‏ ثم ملك عبد العزيز العراق سنة إحدى وسبعين واستعمل على البصرة خالد بن عبد الله بن أسد على الكوفة أخاه بشر بن مروان وكـان علـى خراسـان عبـد اللـه بـن حـازم بدعـوة ابـن الزبيـر فقـام بكيـر بـن وشـاح التميمـي بدعـوة عبد الملـك وقتلـه وولـاه عبـد الملـك خراسـان‏.‏ وكـان علـى المدينـة طلحـة بـن عبـد اللـه بـن عـوف بدعـوة ابن الزبيـر بعـد جابـر بـن الأسـود فبعـث عبـد الملـك طـارق بـن عمر مولى عثمان فغلبه عليها‏.‏ ثم قتل ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين وانفرد عبد الملك بالخلافة وولى على الجزيرة وأرمينيـة أخـاه محمداً‏.‏ وعزل خالد بن عبد الله عن البصرة وضمها إلى أخيه بشر فسار إليها واستخلف علـى الكوفـة عمـرو بـن حريـث‏.‏ وولـى على الحجاز واليمن واليمامة الحجاج بن يوسف وبعثه من الكوفة لحرب ابن الزبير‏.‏ وعزل طارقاً عن المدينة وسار من جنده‏.‏ وفـي سنـة أربـع وسبعين استقضى أبا إدريس الخولاني وأمر بشر أخاه أن يبعث المهلب بن أبي صفرة لحرب الأزارقة‏.‏ وعزل عن خراسان بكير بن وشاح وولى مكانه أمية بن عبد الله بن خالـد بن أسيد فبعث أمية ابنه عبد الله على سجستان‏.‏ وكان على أفريقية زهير بن قيس البلـوي فقتلـه البربـر سنـة تسـع وستيـن‏.‏ وشغـل عبـد الملـك بفتنـة ابـن الزبير فلما فرغ منها بعث إلى أفريقية سنة أربع وسبعين حسان بن النعمان القيساني في عساكر لم ير مثلها فأثخن فيها وافترقت جموع الروم والبربر‏.‏ وقتل الكاهنة كما يذكر في أخبار أفريقية‏.‏ ثـم ولـى عبـد الملـك سنـة خمـس وسبعيـن الحجـاج بن يوسف على العراق فقط وولى على السند سعيـد بـن أسلـم بـن زرعـة وقتـل في حروبها وكان أمر الخوارج‏.‏

  وفي سنة ست وسبعين

ولى علـى المدينـة إبـان بـن عثمـان وكـان علـى قضـاء الكوفة شريح‏.‏ وعلى قضاء البصرة زرراة بن أبي أوفـى بعـد هشـام بـن هبيـرة وعلـى قضاء المدينة عبد الله بن قشير بن مخرمة‏.‏ ثم كانت حروب الخـوارج كمـا نذكـر فـي أخبارهـم‏.‏

  وفي سنة ثمـان وسبعيـن

عـزل عبـد الملـك أمية بن عبد الله عن خراسان وسجستان وضمهما إلى الحجاج بن يوسف فبعث الحجاج على خراسان المهلب بن أبي صفرة وعلى سجستان عبد الله بن أبي بكرة وولى على قضاء البصرة موسى بن أنس واستعفـى شريـح بـن الحـارث مـن القضـاء بالكوفـة فولـى مكانـه أبـا بـردة بـن أبي موسى ثم ولى على قضـاء البصرة عبد الرحمن بن أذينة‏.‏ وخرج عبد الرحمن بن الأشعث فملك سجستان وكرمان وفارس والبصرة ثم قتل ورجعت إلى حالها وذلك سنة إحدى وثمانين‏.‏

  وفي سنة اثنتين وثمانين

مات المهلب بن أبي صفرة واستخلف ابنه يزيد على خراسان فأقره الحجاج‏.‏ وفي هذه السنة عزل عبد الملك أبان بن عثمان عن المدينة وولى مكانه هشام بن إسماعيل المخزومي فعزل هشام نوفل بن مساحق عـن القضـاء وولـى مكانـه عمـر بـن خالـد الزرقـي‏.‏ وبنـى الحجـاج مدينـة واسـط‏.‏

  وفي سنة خمـس وثمانيـن

عـزل الحجاج يزيد بن المهلب عن خراسـان وولـى مكانـه هشـام أخـاه المفضـل قليـلاً ثـم ولـي قتيبـة بـن مسلـم وتوفي عبد الملك‏.‏ وعزل الوليد لأول ولايته هشام بن إسماعيل عن المدينة وولى مكانه عمر بن عبد العزيز فولى على القضـاء أبـا بكـر بـن عمـرو بـن حزم وولى الحجاج على البصرة الجراح بن عبد الله الحكمي وولى

  وفي سنة تسـع وثمانين

ولى الوليد على مكة خالد بن عبد الله القسري وكان على ثغر السند محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي وهو ابن عم الحجاج‏.‏ ففتح السند وقتـل ملكه‏.‏ وكان على مصر عبد الله بن عبد الملك ولاه عليها أبوه ففل ملكها‏.‏ فعزله الوليد في هذه السنة وولى مكانه قرة بن شريك وعزل خالداً عن الحجاز وولى عمر بن عبد العزيز‏.‏

  وفي سنة إحدى وتسعين

عزل الوليد عمه محمد بن مروان عن الجزيرة وأرمينية وولى مكانه أخاه مسلمة بن عبد الملك وكان على طندة في قاصية المغرب طارق بن زياد عاملاً لمولاه موسى بن نصير عامل الوليد بالقيروان فأجاز البلاد والبحر إلى بلاد الأندلس وافتتحها سنة اثنتيـن وتسعيـن كمـا يذكـر في أخبارها‏.‏

  وفي سنة ثلاث وتسعين

عزل عمر بن عبد العزيز عن الحجاز وولى مكانه خالد بن عبد الله على مكة وعثمان بن حيان على المدينة‏.‏ ومات الحجاج سنة خمس وتسعين ثم مات الوليد سنة ست وتسعين وفيها قتل قتيبة بن مسلم لانتقاضه على سليمان وولاها سليمان يزيد بن المهلب‏.‏ وفيها مات قرة بن شريك وكان علـى المدينـة أبـو بكـر بـن محمـد بـن عمـر بـن حـزم وعلـى مكة عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيـد وعلى قضاء الكوفة أبو بكر بن موسى وعلى قضاء البصرة عبد الرحمن بن أذينة

  وفي سنة سبع وتسعين

عزل سليمان بن موسى بن نصير عن أفريقية وولى مكانه محمد بن يزيد القرشـي حتـى مـات سليمـان فعـزل‏.‏ واستعمـل عمـر مكانـه إسماعيـل بن عبد الله‏.‏

  وفي سنة ثمان وتسعين

كان فتح طبرستان وجرجان أيام سليمان بن عبد الملك على يد يزيد بن المهلب‏.‏

  وفي سنة تسـع وتسعيـن

استعمـل عمـر بـن عبـد العزيـز على البصرة عدي بن أرطاه الفزاري وأمره بإبقاء يزيد بن المهلب موثوقاً فولى على القضاء الحسن بن أبي الحسن البصري ثم إياس بن معاويـة وعلـى الكوفـة عبـد الحميـد بـن عبـد الرحمن بن يزيد بن الخطاب‏.‏ وولى على المدينة عبد العزيـز بـن أرطـاة وولـى علـى خراسـان الجـراح بـن عبـد اللـه الحكمـي ثـم عزل سنة مائة‏.‏ وولي عبد الرحمن بن نعيم القرشي وولى على الجزيرة عمر بن هبيرة الفزاري وعلى أفريقية إسماعيل بن عبد الله مولى بني مخزوم وعلى الأندلس السمح بن مالك الخولاني‏.‏ ثم في سنة إحدى ومائة عزل إسماعيل عن أفريقية وولاها يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج فلم يزل عليها إلى أن قتـل‏.‏

  وفي سنة اثنتيـن ومائـة

ولـى يزيـد بـن عبـد الملـك أخـاه مسلمـة علـى العـراق وخراسـان فولـى علـى خراسـان سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاصي بن أميـة ويقـال لـه سعيـد خدينـة‏.‏ ثم استحيا من مسلمة في أمر الجراح فعزله وولى مكانه ابن يزيد بن هبيرة‏.‏ فجعل على قضاء الكوفة القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود وعلى قضاء البصرة عبد الملك بن يعلى‏.‏ وكان على مصر أسامة بن زيد وليها بعد قرة بن شريك

  وفي سنة ثلاث ومائة

جمع يزيد مكة والمدينة لعبد الرحمن بن الضحاك وعزل عبد العزيز بن عبد الله بن خالد عن مكة وعن الطائف وولى مكانه عبد الواحد بن عبد الله البصري‏.‏

  وفي سنة أربـع ومائـة

ولـى يزيـد علـى أرمينيـة الجراح بن عبد الله الحكمي وعزل عبد الرحمن بن الضحاك عن مكة والمدينة لثلاث سنين من ولايته وولى عليهما مكانه عبد الواحد البصري وعـزل ابـن هبيـرة سعيـداً الحرشـي عـن خراسـان وولى عليها مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي‏.‏ وولى على قضاء الكوفة الحسين بن حسين الكندي‏.‏ ومات يزيد بن عبد الملك سنة خمس وولي هشام فعزل ابن هبيرة عن العراق وولي مكانه خالد بن عبد الله القسري واستعمل خالد على خراسان أخاه أسداً سنة سبع ومائة وعزل مسلم بن سعيد وولى على البصرة عقبة بن عبد الأعلى وعلى قضائها ثمامة بن عبد الله بن أنـس‏.‏ وولـى علـى السنـد الجنيـد بـن عبـد الرحمـن‏.‏ واستعمل هشام على الموصل الحر بن يوسف وعـزل عبـد الواحـد البصـري عـن الحجـاز وولـى مكانـه بـن هشام بن إسماعيل المخزومي واستقضى بالمدينة محمد بن صفوان الجمحي ثم عزله واستقضى الصلـت الكنـدي‏.‏ وعـزل الجراح بن عبد الله عن أرمينية وأذربيجان وولى مكانه أخاه مسلمة فولى عليها الحارث بن عمرو الطائي‏.‏ وكان على اليمن سنة ثمان يوسف بن عمر‏.‏

  وفي سنة تسع

عزل خالد أخاه أسـداً عـن خراسـان وولـى هشـام عليها أشرس بن عبد الله السلمي وأمره أن يكاتب خالداً بعد كان خالد ولى الحكـم بـن عوانـة الكلبـي مكـان أخيـه فلـم يقـر فعزلـه هشـام‏.‏ ومـات فـي سنـة تسـع عامـل القيـروان بشـر بـن صفوان فولى هشام مكانه عبيدة بن عبد الرحمن بن الأغر السلمي فعزل عبيدة يحيى بن سلمة الكلبي عن الأندلس واستعمل حذيفة بن الأخوص الأشجعي‏.‏ ثم عزل لستة أشهر ووليها عثمان بن أبي تسعة الخثعمي‏.‏

  وفي سنة عشر ومائة

خالد الصلاة والأحداث والشرط والقضـاء بالبصـرة لبلـال بـن أبـي بـردة وعـزل ثمامـة عـن القضـاء‏.‏

  وفي سنة إحدى عشرة

عزل هشام عـن خراسـان أشـرس بـن عبـد اللـه وولـى مكانـه الجنيـد بن عبد الرحمن بن الحارث بن خارجة بن سنـان بـن أبـي حارثـة المـري وولـى علـى أرمينيـة الجـراح بـن عبـد الله الحكمي وعزل مسلمة‏.‏ وفيها عـزل عبيـدة بـن عبـد الرحمـن عامـل أفريقيـة وعثمـان بن أبي تسعة عن الأندلس وولى مكانه الهيثم بن عبيد الكناني‏.‏

  وفي سنة اثنتـي عشـرة

قتـل الجـراح بـن عبـد اللـه صاحـب أرمينيـة قتلـه التركمان فولى هشام مكانه سعيداً الحرشي ومات الهيثم عامل الأندلس وولوا علـى أنفسهـم مكانـه حمـد بـن عبـد اللـه الأشجعي شهرين وبعده عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي من قبيل ابن عبد الرحمن السلمي عامل أفريقية وغزا إفرنجة فاستشهد‏.‏ فولى عبيدة مكانه عبد الملك بن قطن الفهري وعزل عبيدة عن أفريقية وولى مكانه عبيد الله بن الحبحاب وكان على مصر فسار إليها‏.‏

  وفي سنة أربع عشرة

عزل هشام مسلمة عن أرمينية وولى مكانه مروان بن محمد بن مروان وعـزل إبراهيـم بـن هشـام عـن الحجـاز وولـى مكانـه علـى المدينـة خالـد بـن عبد الملك بن الحارث بن الحكـم وعلـى مكـة والطائـف محمـد بـن هشـام المخزومـي‏.‏

  وفي سنة سـت عشرة ومائة

عزل هشام الجنيد بن عبد الرحمن المري عن خراسان وولى مكانه عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي‏.‏ وفيهـا استعمـل عبـد اللـه بـن الحبحـاب علـى الأندلـس عقبـة بـن الحجـاج القيسـي مكـان عبـد الملك بن قطـن ففتـح خليتيـه‏.‏

  وفي سنة سبع عشرة ومائة

عزل هشام عاصم بن عبد الله عن خراسان وولـى مكانـه خالـد بـن عبـد اللـه القسري فاستخلف خالد أخاه أسداً‏.‏ وولى هشام على أفريقية والأندلس عبيد الله بن الحباب وكان على مصر فسار عليها‏.‏ واستخلف على مصر ولده‏.‏ وولـى علـى الأندلـس عقبـة بـن الحجـاج وعلـى طنجـة ابنه إسماعيل‏.‏ وبعث حبيب بن أبي عبيدة بـن عقبـة بـن نافـع غازيـاً إلـى المغـرب فبلـغ السـوس الأقصـى وأرض السـودان وفتـح وغنـم‏.‏ وأغزاه إلى صقلية سنة اثنتين وعشرين ومائة ففتح أكثرها‏.‏ ثم استدعاه لفتنة ميسـرة كمـا نذكـره فـي أخبارهم‏.‏

  وفي سنة ثمـان عشـرة

عـزل هشـام عـن المدينـة خالد بن عبد الملك بن الحارث وولى مكانه محمد بـن هشـام بـن إسماعيـل‏.‏

  وفي سنة عشريـن

مـات أسـد بـن عبـد اللـه الخراسانـي وولـي مكانـه نصـر بـن سيـار‏.‏ وعـزل هشـام خالـداً القسـري عـن جميـع أعمالـه بالعراقين وخراسان وولى مكانه يوسف بن عمر الثقفي استقدمه إليها من ولاية اليمن‏.‏ فأقر نصر بن سيار على خراسان وكان على قضـاء الكوفـة ابـن شبرمـة وعلـى قضـاء البصـرة عامـر بـن عبيدة‏.‏ وولى يوسف بن عمر بن شبرمة علـى سجستـان واستقضـى مكانـه محمـد بـن عبـد الرحمن بن أبي ليلى‏.‏ وكان على قضاء البصرة إياس بن معاوية بن قرة فمات في هذه السنة‏.‏

  وفي سنة ثلاث وعشرين

قتل كلثوم بن عياض الـذي بعثـه هشام لقتال البربر بالمغرب‏.‏ وتوفي عقبة بن الحجاج أمير الأندلس وقيل بل خلعوه‏.‏ وولـي مكانـه عبـد الملـك بـن قطـن ولايته الثانية كما يذكر‏.‏

  وفي سنة أربع وعشرين

ظهر أمر أبي مسلـم بخراسـان وتلقـب بلـخ علـى الأندلس ثم مات‏.‏ وكان سار إليها من فل كلثوم بن عياض لما قتلـه البربـر بالمغـرب‏.‏ وولـى هشـام علـى الأندلـس أبـا الخطار حسام بن ضرار الكلبي فأمر حنظلة بن صفوان أن يوليه فولاه‏.‏ وكان ثعلبة بن خزامة سلامة الجرابي قد ولوه بعد بلخ فعزله أبو الخطار‏.‏ وفـي هـذه السنـة ولـي الوليد بن يزيد خالد بن يوسف بن محمد بن يوسف الثقفي على الحجاز فأسـره‏.‏ ثم قتل الوليد سنة ست وعشرين فعزل يزيد عن العراق يوسف بن عمر وولى مكانه منصور بن جمهور فبعت عامله على خراسان فامتنع نصر بن سيار من تسليم العمل له‏.‏ ثم عزل يزيد منصور بن جمهور وولى مكانه على العراق عبد الله بن عمر بن عبد العزيز وغلب حنظلـة علـى أفريقيـة عبـد الرحمـن بـن حبيـب كمـا يذكـر فـي خبرهـا‏.‏ وعزل يزيد عن المدينة يوسف بـن محمـد بـن يوسـف وولـى مكانـه عبـد العزيـز بـن عمر بن عثمان وغلب سنة سبع وعشرين عبد اللـه بـن معاويـة بـن عبـد اللـه بـن جعفـر على الكوفة وولى مروان على الحجاز عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وعلى العراق النضر بن سعيد الحرشي‏.‏ وامتنع ابن عمر من استلام العمل إليه ووقعت الفتنة بينهـم‏.‏ ولحـق ابـن عمـر بالخـوارج كمـا يذكـر فـي أخبارهـم‏.‏ واستولـى بنـو العبـاس علـى العباس‏.‏

  وفي سنة تسـع وعشريـن

ولـي يوسـف بـن عبد الرحمن الفهري على الأندلس بعد نوابة بن سلامة كمـا يأتـي فـي أخبارهـم‏.‏ وولى مروان على الحجاز عبد الواحد وعلى العراق يزيد بن عمر بن هبيرة‏.‏

  وفي سنة ثلاثين

ملك أبو مسلم خراسان وهرب عنها نصر بن سيار فمات بنواحي همذان سنة إحدى وثلاثين‏.‏ وجاء المسودة وعليهم قحطبة فطلبوا ابن هبيرة على العراق وملكـوه وبايعـوا خليفتهـم أبا العباس السفاح‏.‏ ثم غلبوا مروان على الشام ومصر وقتلوه‏.‏ وانقرض أمر بني أمية وعاد الأمر والخلافة لبني العباس‏.‏ والملك لله يؤتيه من يشاء من عباده‏.‏ وهذه أخبـار بنـي أميـة مخلصـة مـن كتـاب أبـي جعفـر الطبـري‏.‏ ولنرجـع إلـى أخبـار الخـوارج كمـا شرطنـا فـي أخبارها بالذكر‏.‏ والله المعين لارب غيره‏.‏

  الخبر عن الخوارج وذكر أوليتهم وتكرر خروجهم في الملة الإسلامية

قـد تقـدم لنـا خبـر الحكمين في حرب صفين واعتزل الخوارج علينا منكرين للتحكيم مكفرين به ولاطفهـم فـي الرجـوع عـن ذلـك وناظرهـم فيـه بوجـه الحـق فلجـوا وأبـوا إلا الحرب‏.‏ وجعلوا شعارهم النـداء بـلا حكـم إلا اللـه‏.‏ وبايعـوا عبـد اللـه بـن وهـب الراسبـي‏.‏ وقاتلهم علي بالنهروان فاستلحمهم أجمعين‏.‏ ثم خرج من فلهم طائفة بالأنبار فبعث إليهم من استلحمهم‏.‏ ثم طويفة أخرى مع هلال بن علية فبعث معقل بن قيس فقتلهم‏.‏ ثم أخرى ثالثة كذلك ثم أخرى على المدائن كذلك ثم أخرى بشهرزور كذلك‏.‏ وبعث شريح بن هانىء فهزموه فجرح واستلحمهم أجمعين واستأمن من بقي فأمنهم وكانوا نحو خمسين‏.‏ وافتـرق شمـل الخـوارج ثـم اجتمع من وجدانهم الثلاثة الذين توعدوا لقتل علي ومعاوية وعمرو بن العـاص‏.‏ فقتـل بالسهـم عبـد الرحمن بن ملجم علياً رضي الله عنه وباء بإثمه وسلم الباقون‏.‏ ثم اتفقت الجماعة على بيعة معاوية سنة إحدى وأربعين واستقل معاوية بخلافة الإسلام‏.‏ وقد كـان فـروة بـن نوفـل الأشجعـي اعتـزل عليـاً والحسـن ونـزل شهرزور وهو في خمسمائة من الخوارج‏.‏ فلمـا بويـع معاويـة قـال فـروة لأصحابـه‏:‏ قد جاء الحق فجاهدوا واقبلوا فنزلوا النخيلة عند الكوفة فاستنفر معاوية أهل الكوفة فخرجوا لقتالهم وسألوا أهل الكوفة أن يخلوا بينهم وبين معاوية فأبوا فاجتمعت أشجع على فروة فوعظوه فلم يرجع فأخذوه قهراً وأدخلوه الكوفة‏.‏ واستعمل الخوارج بعده عبد الله بن أبي الحريشي من طيىء‏.‏ وقاتلوا أهل الكوفة فقاتلوا وابن أبـي الحريشي معهم‏.‏ ثـم اجتمعـوا بعـده علـى حوثـرة بـن وداع الأسدي وقدموا إلى النخيلة في مائة وخمسين ومعهم فل بن أبي الحريشي‏.‏ وبعث معاوية إلى حوثرة أباه ليرده عن شأنه فأبى فبعث إليه عبد الله بن عـوف فـي معسكـر فقتلـه وقتـل أصحابه إلا خمسين دخلوا الكوفة وتفرقوا فيها وذلك في جمادى الأخيرة سنة إحدى وأربعين‏.‏ وسار معاوية إلى الشام وخلف المغيرة بن شعبة فعاد فروة بن نوفـل الأشجعـي إلـى الخـروج‏.‏ فبعـث إليـه المغيـرة خيـلاً عليهـا ابـن ربعي ويقال معقل بن قيس فلقيه بشهرزور فقتله‏.‏ ثم بعث المغيرة إلى شبيب بن أبجر من قتله وكان من أصحاب ابن ملجم‏.‏ وهـو الـذي أتـى معاويـة يبشـره بقتـل علـي فخافـه علـى نفسـه وأمـر بقتله‏.‏ فتنكر بنواحي الكوفة إلى أن بعث المغيرة من قتله‏.‏ ثم بلغ المغيرة أن بعضهم يريد الخروج وذكر له معن بن عبد الله المحاربي فحبسه ثم طالبه بالبيعـة لمعاويـة فأبـى فقتلـه ثـم خـرج علـى المغيـرة أبو مريم مولى بني الحارث بن كعب فأخرج معه النسـاء‏.‏ فبعـث المغيـرة مـن قتلـه وأصابـه‏.‏ ثـم حكـم أبـو ليلـى فـي المسجـد بمشهد الناس وخرج في اثنين من الموالي فأتبعه المغيرة معقل بن قيس الرياحي فقتله بسور الكوفة اثنتين وأربعين‏.‏ ثم خرج على ابن عامر فـي البصـرة سهـم بـن غانـم الجهنـي فـي سبعيـن رجـلاً منهـم الحطيـم وهـو يزيـد بـن حالك الباهلي ونزلوا بين الجسرين والبصرة‏.‏ ومر بهم بعض الصحابة منقلباً من الغزو فقتلوه وقتلوا ابنه وابن أخيه وقالوا هؤلاء كفرة‏.‏ وخرج إليهم ابن عامر فقتل منهم عدة وأمن باقيهم‏.‏ ولما أتى زياد البصرة سنة خمس وأربعين هرب منهم الحطيم إلى الأهواز وجمع ورجع إلى البصرة فافترق عنه أصحابه فاختفى وطلب الأمان من زياد فلـم يؤمنـه ثـم دل عليـه فقتلـه وصلبه بداره‏.‏ وقيل بل قتله عبد الله بعد زياد سنة أربع وخمسين‏.‏ ثـم اجتمـع الخـوارج بالكوفـة علـى المستـورد بـن عقلـة التيمـي مـن تيم الرباب وعلى حيان بن ظبيان السلمي وعلى معاذ بن جوين الطائي وكلهم من فل النهروان الذين ارتموا في القتلى ودخلوا الكوفـة بعـد مقتـل علي واجتمعوا في أربعمائة في منزل حيان بن ظبيان وتشاوروا في الخروج وتدافعـوا الإمـارة‏.‏ ثـم اتفقـوا علـى المستـورد وبايعـوه فـي جمـادى الأخيـرة‏.‏ وكبسهـم المغيـرة فـي منزلهـم فسجن حيان وأفلت المستورد فنزل الحيرة واختلف إليه الخوارج وبلغ المغيرة خبرهم فخطب الناس وتهدد الخوارج فقام إليه معقل بن قيس فقال‏:‏ ليكفك كل رئيس قومه‏.‏ وجـاء صعصعة بن صوحان إلى عبد القيس وكان عالمًا بمنزلهم عند سليم بن مخدوج العبدي إلا أنـه لا يسلـم عشيرتـه فخرجـوا ولحقـوا بالصراة في ثلاثمائة فجهز إليهم معقل بن قيس في ثلاثة آلاف وجعل معظمهم من شيعة علي وخرج معقل في الشيعة وجاء الخوارج ليعبروا النهر إلى المدائـن فمنعهـم عاملهـا سمـال بـن عبـد العبسـي ودعاهم إلى الطاعة على الأمان فأبوا فساروا إلى المذار‏.‏ وبلغ ابن عامر بالبصرة خبرهم فبعث شريك بن الأعور الحارثي فى ثلاثة آلاف من الشيعة وجاء معقل بن قيس إلى المدائن وقد ساروا إلى المذار فقدم بين يديه أبـا الـرواع الشاكري في ثلاثمائة وسار لحقهم أبو الرواع بالمذار فقاتلهم‏.‏ ثم لحقه معقل بن قيس متقدماً أصحابه عند المساء فحملت الخوارج عليه فثبت باتوا على تعبيـة وجـاء الخبـر إلـى الخـوارج بنهـوض شريـك بـن الأعور من البصرة فأسروا من ليلتهم راجعين‏.‏ وأصبـح معقـل واجتمـع بشريك وبعث أبا الرواع في أتباعهم في ستمائة فلحقهم بجرجان فقاتلهم فهزمهم إلى ساباط وهو في اتباعهم‏.‏ ورأى المستورد أن هؤلاء مع أبي الرواع حماة أصحاب معقـل فتسـرب عنهـم إلى معقل وأبو الرواع في اتباعه‏.‏ ولما لحق بمعقل قاتلهم قتالاً وأدركهم أبو الـرواع بعـد أن لقـي كثيـراً مـن أصحـاب معقـل منهزميـن فردهـم واقتتلـوا قتـالاً شديـداً وقتـل المستورد معقلاً طعنـه بالرمـح فأنفـذه وتقـدم معقـل والرمـح فيـه إلـى المستـورد فقسـم دماغـه بالسيـف وماتـا جميعـاً‏.‏ وأخـذ الرايـة عمـر بـن محـرز بـن شهاب التميمي بعهد معقل بذلك‏.‏ ثم حل الناس على الخوارج فقتلوهم ولم ينج منهم إلا خمسة أو ستة‏.‏ وعند ابن الكلبي أن المستورد من تيم من بني رياح‏.‏ خرج بالبصرة أيام زياد قريب الأزدي ورجـاف الطائـي ابنـا الخالة وعلى البصرة سمرة بن جندب وقتلوا بعض بني ضبة فخرج عليهم شبان من بني علي وبني راسب فرموهم بالنيل وقتل قريب وجاء عبد الله بن أوس الطائي برأسه واشتـد زيـاد فـي أمـر الخـوارج وسمـرة وقتلـوا منهـم خلقـاً‏.‏ ثـم خـرج سنـة اثنتيـن وخمسيـن علـى زيـاد بـن حـراش العجلـي فـي ثلاثمائـة بالسـواد فبعـث إليهـم زيـاد سعد بن حذيفة في خيل فقتلوهم وخرج أيضاً أصحاب المستورد حيان بن ظبيان ومعاذ من طيىء فبعث إليهما مـن قتلهمـا وأصحابهما‏.‏ وقيل بل استأمنوا وافترقوا‏.‏ ثـم اجتمـع بالبصـرة سنـة ثمـان وخمسيـن سبعون رجلاً من الخوارج من عبد القيس وبايعوا طواف بن على أن يفتكوا بابن زياد وكان سبب ذلك أن ابن زياد حبس جماعة من الخوارج بالبصرة وحملهم على قتل بعضهم بعضاً وخلى سبيل القاتلين ففعلوا وأطلقهم وكان منهم طواف‏.‏ ثم ندمـوا وعرضـوا علـى أوليـاء المقتوليـن القود والدية فأبوا وأفتاهم بعض علماء الخوارج بالجهاد لقوله تعالـى‏:‏ ‏"‏ ثـم إن ربـك للذيـن هاجـروا مـن بعـد مـا فتنـوا ‏"‏ الآية فاجتمعوا للخروج كما قلنا‏.‏ وسعى بهـم إلـى ابـن زيـاد فاستعجلـوا الخـروج وقتلـوا رجـلاً ومضـوا إلـى الجلحـاء كمـا قلنا‏.‏ فندب ابن زياد الشرط والمحاربة فقاتلوهم‏.‏ فانهزم الشرط أولاً ثم كثرهم الناس فقتلوا عن آخرهم واشتد ابن زياد على الخوارج وقتل منهـم جماعـة كثيـرة منهـم عـروة بـن أديـة أخـو مـرداس وأديـة أمهمـا وأبوهما جرير بن تميم‏.‏ وكـان وقـف علـى ابـن زيـاد يومـاً يعظه فقال‏:‏ أتبنون بكل ريع آية‏.‏ تعبثون الآيات‏.‏ فظن ابن زياد أن معه غيره فأخذه وقطعه وقتل ابنيه‏.‏ وكان أخوه مرداس من عظمائهم وعبادهم وممن شهد النهروان بالاستعراض‏.‏ ويحرم خروج النسـاء ولا يـرى بقتـال مـن لا يقاتلـه‏.‏ وكانـت امرأتـه مـن العابدات من بني يربوع وأخذها ابن زياد فقطعها‏.‏ وألح ابن زياد في طلب الخوارج وقتلهم وخلى سبيل مرداس من بينهم لما وصف له من عبادته ثم خاف فخرج إلى الأهواز‏.‏ وكان يأخذ مال المسلمين إذا مر به فيعطي منه أصحابه ويرد الباقي‏.‏ وبعـث ابـن زيـاد إليهـم أسلـم بـن زرعـة الكلابـي فـي ألفي رجل ودعاهم إلى معاودة الجماعة فأبوا وقاتلوهم فهزموا أسلم وأصحابه‏.‏ فسرح إليهم ابن زياد عباد بن علقمة المازني ولحقهم بتوج وهـم يصلـون فقتلهـم أجمعيـن مـا بيـن راجـع وساجـد لـم يتغيـروا عـن حالهـم‏.‏ ورجـع إلـى البصـرة برأس أبـي بلـال مـرداس فرصـده عبيـدة بـن هلـال فـي ثلاثـة نفر عند قصر الإمارة ليستفتيه فقتلوه واجتمع عليهـم النـاس فقتلـوا منهـم‏.‏ وكـان علـى البصـرة عبيـد اللـه بـن أبـي بكـرة فأمـره زيـاد بتتبـع الخوارج إلى أن تقدم فحبسهم وأخذ الكفلاء على بعضهم وأتى بعروة بن أدية فقال‏:‏ أنا كفيلك وأطلقه‏.‏ ولما جاء ابن زياد قتل المحبوسين منهم والمكفولين وطانب ابن أبي بكرة بعروة بن أدية فبحث عنه حتى ظفر به وجاء به إلى ابن زياد فقطعه وصلبه سنة ثمان وخمسين‏.‏ ثم مات يزيد واستفحـل أمـر ابـن الزبيـر بمكـة وكـان الخـوارج لما اشتد عليهم ابن زياد بعد قتل أبي بلال مرداس أشار عليهم نافع بن الأزرق منهم باللحاق بابن الزبير لجهاد عساكر يزيد لما ساروا إليه قالوا‏:‏ وإن لـم يكـن على رأينا داحضاً عن البيت وقاموا يقاتلون معه فلما مات يزيد وانصرفت العساكر كشفـوا عـن رأي ابـن الزبير فيهم وجاؤوه يرمون من عثمان ويتبرؤون منه فصرح بمخالفتهم‏.‏ وقال بعد خطبة طويلة أثنى فيها على الشيخين وعلي وعثمان واعتذر عنه فيما يزعمون وقال‏:‏ أشهدكـم ومـن حضرنـي أني ولي لابن عفان وعدو لأعدائه قالوا‏:‏ فبرىء الله منك قال بل برىء وأقبل نافع بن الأزرق الحنظلي وعبد الله بن صفار السعدي وعبد الله بن إباض وحنظلة بن بيهـس وبنـو الماخـور‏:‏ عبـد اللـه وعبيد الله والزبير من بني سليط بن يربوع وكلهم من تميم حتى أتـوا البصـرة‏.‏ وانطلـق أبـو طالـوت عـن بنـي بكـر بن وائل وأبو فديك عبد الله بن نور بن قيس بن ثعلبـة بـن الأسـود اليشكـري إلـى اليمامـة فوثبـوا بهـا مع أبي طالوت‏.‏ ثم تركوه ومالوا عنه إلى نجدة بن عامر الحنفي‏.‏ ومن هنا افترقت الخوارج على أربع فرق‏:‏ الأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق الحنفي وكان رأيـه البـراءة مـن سائـر المسلميـن وتكفيرهم والاستعراض وقتل الأطفال واستحلال الأمانة لأنه يراهم كفاراً‏.‏ والفرقة الثانية النجدية وهم بخلاف الأزارقة في ذلك كله‏.‏ والفرقة الثالثة الإباضيـة أصحاب عبد الله بن إباض المري وهم يرون أن المسلمين كلهم يحكم لهم بحكم المنافقين فلا ينتهون إلى الـرأي الـأول ولا يقفـون عنـد الثانـي ولا يحرمـون مناكحـة المسلميـن ولا موارثتهـم ولا المنافقين فيهم وهم عندهم كالمنافقيق وقول هؤلاء أقرب إلى السنة‏.‏ ومن هـؤلاء البيهسيـة أصحـاب أبـي بيهـس هيصـم بـن جابـر الضبعـي‏.‏ والفرقـة الرابعـة الصفرية وهم موافقون للإباضية إلا في العقدة فإن الإباضية أشد على العقدة منهم‏.‏ وربما اختلفت هذه الآراء من بعد ذلك واختلف في تسمية الصفرية فقيل نسبوا إلـى ابـن صفـار وقيـل اصفـروا بما نهكتهم العبادة‏.‏ وكانت الخوارج من قبل هذا الافتراق على رأي واحد لا يختلفـون إلا فـي الشـاذ مـن الفـروع‏.‏ وفـي أصـل اختلافهـم هـذا مكاتبـات بيـن نافـع بن الأزرق وأبي بيهس وعبد الله بن إباض ذكرها المبرد في كتاب الكامل فلينظر هناك‏.‏ ولما جاء نافع إلى نواحي البصرة سنة أربع وستين فأقام بالأهواز يعترض الناس وكان على البصـرة عبـد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب‏.‏ فسرح إليه مسلم عبس بن كويز بن ربيعة من أهل البصرة بإشارة الأحنف بن قيس فدافعه عن نواحي البصرة وقاتله بالأهواز وعلى ميمنة مسلم الحجاج بن باب الحميري وعلى ميسرته حارثة بن بحر الغداني‏.‏ وعلـى ميمنـة ابـن الأزرق عبيدة بن هلال وعلى ميسرته الزبير بن الماخور التميمي‏.‏ فقتل مسلم ثم قتل نافع وأفر أهل البصرة عليهم الحجاج بن باب والخوارج عبد الله بن الماخور‏.‏ ثم قتل الحجاج وعبد الله فأمر أهل البصرة ربيعة بن الأخزم والخوارج عبيد الله بن الماخور‏.‏ ثم اقتتلوا حتى أمسوا وجاء إلى الخوارج مدد فحملوا على أهل البصرة فهزموهم‏.‏ وقتل ربيعة وولوا مكانه حارثة بن بدر فقاتل وردهم على الأعقاب ونزل الأهواز‏.‏ ثم عزل عن البصرة عبد الله بن الحارث وبعث ابن الزبير عليها الحارث القباع بن أبي ربيعة فزحـف الخـوارج إلـى البصـرة وأشـار الأحنف بن قيس بتولية المهلب حروبهم وقد كان ابن الزبير ولاه خراسان فكتبوا لابن الزبير بذلك فأجاب‏.‏ واشترطوا للمسلم ما سأل من ولاية ما غلب عليه والإعانة بالأموال فاختار من الجند اثني عشر ألفاً وسار إليهم فدفعهم عـن الجسـر‏.‏ وجـاء حارثـة بـن بـدر بمـن كـان معـه فـي قتـال الخوارج فردهم الحارث إلى المهلب‏.‏ وركب حارثة البحر يريد البصرة فغرق في النهر‏.‏ وسار المهلب وعلى مقدمته ابنه المغيرة فقاتلهم المقدمة ودفعوهم عن سوق الأهواز إلى مادر‏.‏ ونزل المهلب بسولاف وقاتله الخوارج وصدقوا الحملة فكشفوا أصحاب المهلب‏.‏ ثم ترك من الغد قتالهم وقطع دجيل ونزل العقيل ثم ارتحل فنزل قريباً منهم وخندق عليه وأذكى العيون والحرس‏.‏ وجـاء منهـم عبيـدة بـن هلـال والزبيـر بـن الماخـور في بعض الليالي ليبيتوا عسكر المهلب فوجدوهم حذريـن‏.‏ وخـرج إليهـم المهلـب مـن الغـد فـي تعبيـة والـأزد وتميـم في ميمنته وبكر وعبد القيس في ميسرتـه وأهـل العاليـة فـي القلـب‏.‏ وعلـى ميمنـة الخوارج عبيدة بن هلال اليشكري وعلى ميسرتهم الزبير بن الماخور وأقتتلوا ونزل الصبر‏.‏ ثم شدوا على الناس فأجفل عسكر المهلب وانهـزم وسبـق المنهزميـن إلـى ربـوة ونـادى فيهم فاجتمع له ثلالة آلاف أكثرهم من الأزد فرجع بهم وقصد عسكر الخوارج واشتد قتالهم ورموهم بالحجـارة وقتـل عبـد اللـه بـن الماخـور وكثيـر منهـم وانكفؤوا راجعين إلى كرمان وناحية أصبهان منهزمين واستخلفوا عليهم الزبير بن الماخور وأقام وأما نجدة وهو نجدة بن عامر بن عبد الله بن سيار بن مفرج الحنفـي وكـان مـع نافـع بـن الـأزرق‏.‏ فلمـا افترقـوا سـار إلـى اليمامة ودعا أبو طالوت إلى نفسه وهو من بكر بن وائل وتابعه نجدة ونهب الحصارم بلد بني حنيفة وكان فيها رقيق كثير يناهز أربعة آلاف فقسمها في أصحابه وذلك سنة خمس وستين‏.‏ واعترض عيراً من البحرين جاءت لابن الزبير فأخذها وجاء بها إلى أبي طالوت فقسمها بمن أصحابه‏.‏ ثم رأى الخوارج أن نجدة خير لهم من أبي طالـوت فخالفـوه وبايعـوا نجدة‏.‏ وسار إلى بني كعب بن ربيعة فهزمهم وأثخن فيهم ورجع نجدة إلـى اليمامـة فـي ثلاثـة آلـاف ثـم سـار إلـى البحريـن سنـة سبـع وستيـن فاجتمـع أهـل البحرين من عبد القيس وغيرهم على محاربته‏.‏ وسالمته الأزد والتقوا بالعطيف فانهزمت عبد القيس وأثخـن فيهـم نجـدة وأصحابـه وأرسـل سريـة إلى الخط فظفروا بأهله‏.‏ ولما قدم مصعب بن الزبير البصرة سنة تسع وستين بعث عبد الله بن عمر الليثي الأعور في عشرين ألفاً ونجـدة بالعطيـف فقاتلوهـم وهزمهـم نجـدة وغنـم مـا فـي عسكرهـم‏.‏ وبعـث عطيـة بـن الأسـود الحنفـي مـن الخـوارج إلى عمان وبها عباد بن عبـد اللـه شيـخ كبيـر فقاتلـه عطيـة فقتلـه وأقـام أشهـراً وسـار عنهـا‏.‏ واستخلف عليها بعض الخوارج فقتله أهل عمان وولوا عليهم سعيداً وسليمان ابني عباد‏.‏ ثم خالف عطية نجدة وجاء إلى عمان فامتنعت منه‏.‏ فركب البحر إلى كرمان وأرسل إليه المهلب جيشاً فهرب إلى سجستان ثم إلى السند فقتله خيل المهلب بقندابيل‏.‏ ثم بعث نجدة المعرفين إلـى البـوادي بعـد هزيمـة ابـن عميـر فقاتلـوا بنـي تميـم بكاظمـة وأعانهـم أهـل طويلـع فبعـث نجـدة من استباحهم وأخذ منهم الصدقة كرهاً‏.‏ ثم سار إلى صنعاء فبايعوه وأخذ الصدقة مـن مخالفيهـا‏.‏ ثـم بعث أبا فديك إلى حضرموت فأخذ الصدقة منهم‏.‏ وحج سنة ثمان وستين في تسعمائة رجل وقيل في ألفين ووقف ناحية عن ابن الزبير على صلح عقد بينهما‏.‏ ثم سار نجدة إلى المدينة وتأهبوا لقتاله فرجع إلى الطائف وأصاب بنتاً لعبد الله بن عمر بن عثمان فضمها إليه‏.‏ وامتحنه الخوارج بسؤاله بيعها فقال‏:‏ قـد أعتقـت نصيبـي منهـا‏.‏ قالـوا فزوجها قال هي أملك بنفسها وقد كرهت الزواج‏.‏ ولما قرب من الطائف جاءه عاصم بن عـروة بـن مسعـود فبايعـه عـن قومه وولى عليهم الخازرق وعلى يبانة والسراة‏.‏ وولى على ما يلي نجـران سعـد الطلائـع ورجـع إلـى البحريـن وقطع الميرة عن الحرمين‏.‏ وكتب إليه ابن عباس أو ثمامة بـن أثـال لمـا أسلـم قطـع الميـرة عـن مكـة وهـم مشركـون فكتـب إليـه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل مكة أهل الله فلا تمنعهم الميرة فخلاها لهم وأنك قطعت الميرة ونحن مسلمون فخلاها لهم نجدة‏.‏ ثم اختلف إليه أصحابه لأن أبا سنان حيي بن وائل أشار عليه بقتل من أطاعه تقية فانتهره نجـدة وقـال‏:‏ إنمـا علينـا أن نحكـم بالظاهـر‏.‏ وأغضبه عطية في منازعة جرت بينهما على تفضيله لسرية البر علـى سريـة البحـر فـي الغنيمـة فشتمـه نجـدة فغضـب‏.‏ وسألـه فـي درء الحـد فـي الخمـر عـن رجل من شجعانهم فأبى‏.‏ وكاتبه عبد الملك في الطاعة على أن يوليه اليمامة ويهدر لهم ما أصـاب مـن الدمـاء‏.‏ فاتهموه في هذه المكاتبة ونقموا عليه أمثال هذه وفارقه عطية إلى عمان‏.‏ ثـم انحـازوا عنـه وولوا أمرهم أبا فديك عبد الله بن ثور أحد بني قيس بن ثعلبة‏.‏ واستخفى نجـدة وألـح أبـو فديـك فـي طلبـه وكـان مستخفيـاً فـي قريـة من قرى حجر‏.‏ ثم نذر به فذهب إلى أخواله من تميم وأجمع المسير إلى عبد الملك فعلم به أبو فديك وجاءت سرية منهم وقاتلهم فقتلوه‏.‏ وسخط قتله جماعة من أصحاب أبي فديك واعتمده مسلم بن جبير فطعنه اثنتي عشرة طعنة وقتل مسلم لوقته وحمل أبو فديك إلى منزله‏.‏ ثم جاء مصعب إلى البصرة سنة ثمان وستين والياً على العراقين عن أخيه وكان المهلب في حرب الأزارقة فأراد مصعب أن يوليه بلاد الموصل والجزيرة وأرمينية ليكون بينه وبين عبد الملك‏.‏ فاستقدمه من فارس وولاه وولى على فارس وحرب الأزارقة عمر بن عبد الله بن معمر‏.‏ وكان الخوارج قد ولوا عليهم بعد قتل عبد الله بن الماخور سنة خمس وستين أخاه الزبيـر فجـاؤوا بـه إلـى إصطخـر وقـدم عمـر ابنـه عبيد الله إليهم فقتلوه ثم قاتل الزبير عمر فهزمهم وقتل منهم سبعون‏.‏ وفلق قطري بن الفجاءة وشتر صالح بن مخراق وساروا إلى نيسابور فقاتلهـم عمـر بهـا وهزمهم فقصدوا أصبهان فاستحموا بها‏.‏ ثم أقبلوا إلى فارس وتجنبوا عسكر عمر ومروا على ساجور ثم أرجان فأتوا الأهواز قاصدين العراق‏.‏ وأغذ عمر السير في أثرهم وعسكر مصعب عند الجسر‏.‏ فسار الزبير والخوارج فقطع أرض صرصر وشن الغارة على أهل المدائن يقتلون الولدان والرجال ويبقرون بطون الحبالى‏.‏ وهرب صاحب المدائن عنها وانتهت جماعة منهم إلى الكرخ فقاتلهم أبو بكر بن مخنف فقتلوه وخرج أمير الكوفة وهو الحارث بن أبي ربيعة القباع حتى انتهى إلى الصراة ومعه إبراهيم بن الأشتر وشبيب بن ربعي وأسماء بن خارجة ويزيد بن الحارث ومحمد بن عمير وأشـاروا عليه بعقد الجسر والعبور إليهم فانهزموا إلى المدائن‏.‏ وأمر الحارث عبد الرحمـن بـن مخنـف باتباعهـم فـي ستـة آلـاف إلـى حـدود أرض الكوفـة فانتهـوا إلـى الـري وعليهـا يزيـد بـن الحـارث بن دويم الشيباني وما والاهم عليه أهل الري فهزموه وقتلوه‏.‏ ثم انحطوا إلى أصبهان وبها عتاب بن ورقاء فحاصروه‏.‏ أشهراً وكان يقاتلهم على باب المدينة‏.‏ ثم دعا إلى الاستماتة في قتالهم فخرجوا وقاتلوهم وانهزمت الخوارج وقتل الزبير واحتووا على معسكرهم‏.‏ ثم بايع الخوارج قطري بن الفجاءة المازني ويكنى أبا نعامة وارتحل بهم إلى كرمـان حتـى استجمعـوا فرجعـوا إلـى أصبهـان فامتنعت فأتوا الأهواز وقاموا‏.‏ وبعث مصعب إلى المهلب فرده إلى قتال الخوارج وولى على الموصل والجزيرة إبراهيم بن الأشتر وجاء المهلـب فانتجعت الناس من البصرة وسار إلى الخوارج فلقيهم بسولاف‏.‏ واقتتلوا ثمانية أشهر وبعث مصعـب إلـى عتـاب بـن ورقـاء الرياحـي عامـل أصبهـان بقتـال أهـل الـري بمـا فعلـه في ابن دويم فسار إليهم وعليهم الفرخان فقاتلهم وافتتحها عنوة وقلاعها وعاث في نواحيها‏.‏